جلسة 6 من فبراير سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس
المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / محمد طلعت الرفاعي ، عادل الشوربجي ، ممدوح يوسف وعادل
الحناوي نواب رئيس المحكمة .
--------------
(13)
الطعن 15620 لسنة 70 ق
(1) قانون
" سريانه " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إقامة الدعوى العمومية على المتهم الذى
قضت المحكمة الأجنبية ببراءته أو قضت نهائيا بإدانته واستوفى عقوبته . غير جائز . أساس
ذلك ؟
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة
الفصل فيها لصدور حكم على المتهم من دولة أجنبية عن واقعة معاقب عليها بالقانون
المصري . شرطه ؟
نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من
قانون العقوبات . مفاده؟
صدور عفو عن العقوبة من دولة أجنبية .
لا يتحقق به القيد المانع من إعادة محاكمة المتهم في مصر . أساس ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم
جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لصدور حكم على المتهم من محكمة أجنبية .
(2) أسباب الإباحة
وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . نقض" أسباب
الطعن . مالا يقبل منها " .
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي لأول
مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(3) إثبات "
بوجه عام " محكمة الموضوع
. " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى .
موضوعي . مادام سائغاً .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . مالا يقبل
منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير
جائز أمام محكمة النقض .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . حكم "
مالا يعيبه فى نطاق التدليل" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة .
لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟
تعييب التحقيق الذى أجرته النيابة . لا تأثير
له على سلامة الحكم . علة ذلك ؟
(6) إثبات " خبرة
" . محكمة الموضوع " سلطتها تقدير الدليل " . نقض " أسباب
الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير القوة
التدليلية لتقرير الخبير . موضوعي . المجادلة في ذلك . غير جائزة .
مثال .
(7) إثبات " بوجه عام
" . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " .
لمحكمة الموضوع
أن تعول على الصورة الضوئية لتقرير الطب الشرعي . علة ذلك وشرطه ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1
-
لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في
الدعوى رقم ... لسنة .... جنايات دير العلا بالملكة الأردنية الهاشمية فأورد شرحاً لمؤدى نص المادتين الثالثة الرابعة من
قانون العقوبات ثم خلص إلى اطراح الدفع بقوله : " وحيث إنه لما كان ما تقدم ،
وبإنزاله على واقعات الدعوى ، وكان
الثابت أن المتهم مصري ، وأن الجريمة وقعت خارج البلاد على أرض ......وتعد جناية
في القانون المصري معاقب عليها بمقتضى نص
المادة 240 عقوبات فضلاً عن أنها معاقب عليها بمقتضى قانون العقوبات الأردني
المادة 335 جناية إحداث عاهة دائمة ، وقد عاد إلى
مصر دون أن يحاكم على جريمته فلم يثبت أنه صدر عليه حكم نهائي بشأنها بالدولة التي
وقعت الجريمة فيها وأن المدة التي تقرر توقيف المتهم خلالها بمركز الإصلاح
والتأهيل .... تعدو أن تكون حبساً احتياطياً على ذمة القضية وليست عقوبة صدر بها
حكم حتى شمله قانون العفو العام رقم 6 لسنة 1999 الصادر ....فأسقطت عنه الدعوى
إعمالاً لحكم المادة 130/أ من قانون الأصول الجزائية الأردني وقد تولت النيابة
العامة إقامة الدعوى الجنائية ضده ولم تقر العفو الذى يتعلل به المتهم لصدوره من
الملك الأردني الجديد ، ومن ثم لا يعدو قيداً على تحريكها للدعوى الجنائية ولا
يحول دون محاكمته عن جريمته التي وقعت منه في الخارج وقد عاد إلى مصر " . لما كان ذلك ، وكانت
المادة الرابعة من قانون العقوبات تنص فى الفقرة الثانية منها على أنه " لا
يجوز إقامة الدعوى العمومية على من يثبت أن المحكمة الأجنبية برأته مما أسند إليه
أو أنها حكمت عليه نهائياً واستوفى عقوبته " . ومفاد ذلك أنه يشترط لتوافر شروط صحة الدفع سالف
الذكر فضلاً عن صدور حكم بات أي غير قابل للطعن فيه بأي طريقة من طرق الطعن
العادية أو غير العادية المقررة في الإقليم الذي أصدرت
محاكمه هذا الحكم ، أن يكون المحكوم عليه الذى صدر الحكم بإدانته قد
نفذ العقوبة المقضي بها عليه تنفيذاً كاملاً ، فإذا لم تنفذ فيه العقوبة أو لم
ينفذ فيه سوى جزء منها فلا يتحقق القيد المانع من إعادة محاكمته في مصر ، ولما كان
الشارع قد حصر في النص المتقدم القيود المانعة من إعادة تحريك الدعوى ضد المتهم في
حالتي البراءة أو الإدانة المتبوعة بتنفيذ العقوبة فإن ذلك يعنى استبعاد ما عداهما من الأسباب الأخرى كتقادم الدعوى أو
العقوبة طبقاً للقانون الأجنبي أو صدور عفو شامل أو عفو عن العقوبة لمصلحة المتهم
أو حفظ سلطات التحقيق للدعوى ، فهذه الأسباب كافة لا تحول دون تحريك الدعوى
الجنائية فى مصر . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في مذكرة أسباب طعنه أن
العقوبة المقضي بها عليه من محاكم ...... - بفرض صحة صدور حكم منها ضد الطاعن - قد
نفذت عليه تنفيذاً كاملاً بل يسلم بأنه لم يستوف تنفيذها لصدور عفو ملكي عنه وهو
ما لا يتحقق به القيد المانع من إعادة محاكمته في مصر ، فإن الحكم المطعون فيه إذ
انتهى إلى رفض الدفع سالف الذكر
فإنه يكون قد التزم صحيح القانون . ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
2
-
لما كان لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد الواقعة على نحو يرشح لقيام
حالة الدفاع الشرعي ولم يثبت أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بتوافرها
، ومن ثم فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض .
3
- من
المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة
أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن
تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان الحكم قد كشف عن
اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه واقتناعه بوقوع
الحادث على الصورة التي شهد بها ، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان
كيفية حدوث الواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول صورة الواقعة واطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما
تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام
محكمة النقض .
5 -
من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن
على الحكم إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذى تجريه المحكمة بنفسها ، ومن ثم
فإن تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم ، لأن العبرة
في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ومادامت
المحكمة قد استخلصت من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث
اقتناعها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان تحقيقات
النيابة وقرار الإحالة غير قويم .
6 - لما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن
وحده هو الذي طعن المجنى عليه بالسكين وأحدث إصابته التي تخلف لديه من جرائها عاهة
مستديمة وهي استئصال عينه اليمنى وتقدر نسبتها
بحوالي 35 ٪ أخذاً بما جاء بتقرير الطب الشرعي الذي اطمأن إليه في حدود سلطته
التقديرية، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير
القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها ، ومادامت قد اطمأنت إلى ما جاء بها فلا يجوز مجادلتها .
7 - من المقرر أنه لا محل لما يثيره
الطاعن من أن المحكمة عولت في قضائها على صورة ضوئية للتقرير الطب الشرعي لما هو
مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات في الدعوى
مادامت مطروحة للبحث أمامها ، وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة ، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أولاً : ضرب .... عمداً فأحدث به
الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق والتي تخلف لديه من جرائها عاهة
مستديمة يستحيل برؤها وهي إصابته بالعين اليمنى ويقدر نسبتها بوصفها 35 ٪ وكان ذلك حال استخدامه لأداة "سكين
" . ثانياً : أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "
سكين " . وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة وادعى المجنى عليه مدنياً قبله بمبلغ ألفين وواحد جنيه على
سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمادة 240 /1 من قانون
العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرر من القانون 394 لسنة 1954 المعدل و البند
11 من القسم الأول من الجدول الأول الملحق بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وإلزامه
بأن يؤدي للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ..... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون
فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد
في الاستدلال . والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى
لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 173 لسنة 1998 جنايات دير العلا بـ .... برد
قاصر وغير سائغ وأغفل بحث مدى
توافر حالة الدفاع الشرعي لدى الطاعن رغم أن ما قرره المجنى عليه من أنه كان في
حالة شجار مع الطاعن وأنه أمسك به من كتفه ترشح لقيامها ، وعول في قضائه بإدانته
على أقوال المجنى عليه رغم عدم معقوليتها
ومجافاتها للحقيقة والواقع ، وأخيراً فقد التفت الحكم إيراداً ورداً عن دفعه
ببطلان تحقيقات النيابة العامة وأمر الإحالة ، وتقرير الطب الشرعي لابتنائها على
صور ضوئية غير معتمدة قدمها المجنى عليه ، وادعى على غير الحقيقة أنها تماثل أصلها المودع بملف الدعوى بمحكمة
.... كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب
نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وساق على ثبوتها في حقه أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدي الى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفع
الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الدعوى رقم ... لسنة ....
جنايات دير العلا بالمملكة الأردنية الهاشمية فأورد شرحاً
لمؤدى نص المادتين الثالثة الرابعة من قانون العقوبات ثم خلص الى إطراح الدفع
بقوله : " وحيث إنه لما كان ما تقدم ، وبإنزاله
على واقعات الدعوى ، وكان الثابت أن المتهم مصري ، وأن الجريمة وقعت خارج البلاد
على أرض ......وتعد جناية في القانون المصري معاقب عليها بمقتضى نص
المادة 240 عقوبات فضلاً عن أنها معاقب عليها بمقتضى قانون العقوبات الأردني
المادة 335 جناية إحداث عاهة دائمة ، وقد عاد إلى
مصر دون أن يحاكم على جريمته فلم يثبت أنه صدر عليه حكم نهائي بشأنها بالدولة التي
وقعت الجريمة فيها وأن المدة التي تقرر توقيف المتهم خلالها بمركز الإصلاح
والتأهيل ..... تعدو أن تكون حبساً احتياطياً على ذمة القضية وليست عقوبة صدر بها
حكم حتى شمله قانون العفو العام رقم 6 لسنة 1999 الصادر .....فأسقطت عنه الدعوى
إعمالاً لحكم المادة 130/أ من قانون الأصول الجزائية الأردني وقد تولت النيابة
العامة إقامة الدعوى الجنائية ضده ولم تقر العفو الذى يتعلل به المتهم صدوره من
الملك الأردني الجديد ، ومن ثم لا يعدو قيداً على تحريكها للدعوى الجنائية ولا
يحول دون محاكمته عن جريمته التي وقعت منه في الخارج وقد عاد إلى مصر " . لما كان ذلك ، وكانت
المادة الرابعة من قانون العقوبات تنص في الفقرة الثانية منها على أنه " لا
يجوز إقامة الدعوى العمومية على من يثبت أن المحكمة الأجنبية برأته مما أسند إليه
أو أنها حكمت عليه نهائياً واستوفى عقوبته " . ومفاد ذلك أنه يشترط لتوافر شروط صحة الدفع سالف
الذكر فضلاً عن صدور حكم بات أي غير قابل للطعن فيه بأي طريقة من طرق الطعن
العادية أو غير العادية المقررة في الإقليم الذي أصدرت
محاكمه هذا الحكم ، أن يكون المحكوم
عليه الذى صدر الحكم بإدانته قد نفذ العقوبة المقضي بها عليه تنفيذاً كاملاً ،
فإذا لم تنفذ فيه العقوبة أو لم ينفذ فيه سوى جزء منها فلا يتحقق القيد المانع من
إعادة محاكمته في مصر ، ولما كان الشارع قد حصر في النص المتقدم القيود المانعة من
إعادة تحريك الدعوى ضد المتهم في حالتي البراءة أو الإدانة المتبوعة بتنفيذ
العقوبة فإن ذلك يعنى استبعاد ما عداهما
من الأسباب الأخرى كتقادم الدعوى أو العقوبة طبقاً للقانون الأجنبي أو صدور عفو
شامل أو عفو عن العقوبة لمصلحة المتهم أو حفظ سلطات التحقيق للدعوى ، فهذه الأسباب
كافة لا تحول دون تحريك الدعوى الجنائية في مصر . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا
ينازع في مذكرة أسباب طعنه أن العقوبة المقضي بها عليه من محاكم ..... بفرض صحة
صدور حكم منها ضد الطاعن قد نفذت عليه
تنفيذاً كاملاً بل يسلم بأنه لم يستوف تنفيذها لصدور عفو ملكي عنه وهو ما لا يتحقق
به القيد المانع من إعادة محاكمته في مصر ، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض
الدفع سالف الذكر فإنه يكون قد التزم صحيح
القانون . ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا
يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد الواقعة على نحو يرشح لقيام حالة
الدفاع الشرعي ولم يثبت أن المدافع عن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بتوافرها ، ومن
ثم فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال
الشهود وسائر العناصر المطروحة
أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن
تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذى تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان الحكم قد كشف عن
اطمئنانه إلى أقوال المجنى عليه واقتناعه بوقوع
الحادث على الصورة التي شهد بها ، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان
كيفية حدوث الواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول صورة الواقعة ، واطمئنان المحكمة لأقوال المجنى عليه
ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما
تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام
محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن
يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذى تجريه
المحكمة بنفسها ، ومن ثم فإن تعييب التحقيق الذى أجرته النيابة لا تأثير له على
سلامة الحكم ، لأن العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل
أمام المحكمة ومادامت المحكمة قد استخلصت من
مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها
على بساط البحث اقتناعها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن
بطلان تحقيقات النيابة وقرار الإحالة يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد
أثبت أن الطاعن وحده هو الذى طعن المجنى عليه بالسكين وأحدث إصابته التي تخلف لديه
من جرائها عاهة مستديمة وهي استئصال عينه اليمنى وتقدر نسبتها بحوالي 35 0/0 أخذاً بما جاء بتقرير
الطب الشرعي الذي اطمأن إليه في حدود سلطته التقديرية، وكان لمحكمة الموضوع كامل
الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء
المقدمة إليها ، ومادامت قد اطمأنت إلى
ما جاء بها فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا محل لما يثيره الطاعن من أن المحكمة عولت
في قضائها على صورة ضوئية لتقرير الطب الشرعي لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن
تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات في الدعوى مادامت مطروحة للبحث أمامها ،
وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة ، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون
على غير أساس متعيناً رفضه موضوع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ