برئاسة
السيد المستشار / مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /
حسن حمزة وجاب الله محمد جاب الله نائبي رئيس المحكمة وهاني حنا وعاصم
الغايش .
------------------------
1
- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا معينا أو نمطا يصوغ الحكم فيه بيان
الواقعة المستجوبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده
الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة
كان ذلك محققا لحكم القانون.
2
- لما كان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن وأطرحه في
قوله " أما عن الدفع بانتفاء جريمة الرشوة لتخلف القصد منها فمردود بما هو
مقرر من أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو
قبول الوعد والعطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع
عن عمل من الأعمال وظيفته أو الإخلال بواجباته الوظيفية وأنه ثمن لاتجاه
بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحب
العمل والامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وبكافة الممكنات العقلية , لما
كان ذلك , وكانت عناصر قصد المرتشي متصلة اتصالا وثيقا مع عناصر قصد
الراشي من حيث العلم بصفة المرتشي وباختصاصه الوظيفي بالعمل المطلوب وأن
الغرض من تقديم المقابل أنه ثمن لذلك العمل وأن تتجه الإدارة لديه إلى حمل
الموظف على القيام بالعمل الوظيفي أو الإخلال به فلما كان ما تقدم , وكانت
مجريات الواقعة وظروفها وملابستها من واقع أقوال المتهمين في التحقيقات ما
يتوافر به أركان جريمة الرشوة والقصد منها ذلك من قيام المتهم الأول وهو
القائم بتدريس مادة البحث في الخدمة الاجتماعية موضوع الامتحان ووضع أسئلة
امتحانها وتصحيح أوراق إجابتها بالتوجه إلى مسكن المتهمة الثانية بعد أن
أبعدت أولادها والعاملين لديها - ليلتقيا في المسكن منفردين ويتبادل الحديث
حول الهام من الموضوعات ثم القول منه بأن الامتحان يتضمن سؤالا واحدا ثم
طلبه معاشرتها جنسيا فوافقته على ذلك مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وأثر ذلك
وأفشى لها موضوع سؤال الامتحان وطريقة الإجابة عنها وحدد لها مشكلة خاصة
بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها , الأمر الذي تتجلى فيه إرادتها طلبا
وتقديما وأخذا أنها اتجهت إلى حمل المتهم على الإخلال بواجبات وظيفته , ومن
ثم يكون النعي بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الرشوة غير سديد لقيامه على
غير سند من الواقع ولا القانون ....." لما كان ذلك , وكان الحكم قد دلل
تدليلا سائغا - نحو ما سلف بيانه - على أن طلب الطاعن معاشرة المتهمة
الثانية جنسيا كان مقابل إخلاله بواجبات وظيفته والإفشاء لها بموضوع سؤال
الامتحان وتحديده لها خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها , وهو ما
يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون ويدل
على أن الفعل غير المشروع الذي أتاه معها إنما كان هو المقابل في جريمة
الرشوة , ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.
3
- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي
دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك , متى أطمأنت إلى صحته ومطابقته
للحقيقة والواقع .
4
- لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه
المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت
من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب
عليها , وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى
إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي
والمعنوي والوعد والوعيد وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته
للحقيقة والواقع الذي استظهر منه باقي عناصر الدعوى , وأدلتها وحصل مضمونه
في بيان كاف , فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل
موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة ووزن عناصر الدعوى مما لا
يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
5
- من المقرر أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة
بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض. لما كان ذلك, وإن كانت
المتهمة الثانية قد دفعت ببطلان اعترافها أمام المحاكمة الأولى إلا أنه
وأمام محكمة الإعادة وبجلسة الأول من ابريل 1998 تمسكت باعترافها بواقعة
الرشوة وبوجود علاقة بينها وبين المتهم الأول (الطاعن) وبما جاء بأمر
الإحالة, ومن ثم فلا يقبل أن تطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها,
ويكون ما يثيره الطاعن بشأن هذا الاعتراف على غير أساس.
6
- من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم , إلا ما كان متصلا بشخص
الطاعن وكان له مصلحة فيه , فإن نعي الطاعن على الحكم بإعفاء المتهمة
الثانية من العقاب لاعترافها يكون غير سديد.
7
- لما كان البين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن
اعتراف المتهمة الثانية بتحقيقات النيابة العامة - بأن الطاعن حضر إليها
بمسكنها وطلب معاشرتها جنسيا وأنه واقعها وكان ذلك مقابل حصولها على موضوع
الامتحان - له صداه وأصله الثابت في الأوراق ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة
الخطأ في الإسناد وتضحى منازعة الطاعن في سلامة استخلاص الحكم لأدلة
الإدانة في الدعوى مجرد جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في
الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
8
- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه - وخلافا لما يذهب إليه
الطاعن بأسباب طعنه - قد أورد مضمون اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة
الذي عول عليه في قضائه بما تتوافر به أركان الجريمة فإن هذا حسبه يتم
تدليله ويستقيم قضائه, ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص
الاعتراف كاملا بكل فحواه, ومن ثم ينتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا
المنحى.
9
- لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر
الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها
التدليلية على المعترف, فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى
صدقه وتطرح ما سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك.
10
- لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن
يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات
العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
11
- لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في
كل جزئية من جزئيات الدعوى, لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل
بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي, فلا ينظر إلى دليل بعينه
لمناقشته على حده دون باقي الأدلة, بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها
كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة
واطمئنانها إلى ما انتهيت إليه.
12
- لما كانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو
قبوله مقابل إخلال بواجبات وظيفته وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن, فإن
النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديدا.
13
- لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم, إلا ما كان متصلا
بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه, فإن نعي الطاعن بأن المحقق لم يخطر المتهمة
الثانية بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها يكون في غير محله, فضلا عن أنه
لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة
لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم, إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي
تجريه النيابة العامة, لا تأثير له على سلامة الحكم, والأصل أن العبرة عند
المحاكمة هي التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع
إليها استكمال ما قد يكون التحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن
يتخذ من ذلك سببا لمنعاه, فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد .
14
- لما كان الحكم قد عرض للدفع المبدي من الحاضر مع الطاعن ببطلان الإذن
الصادر بمراقبة تليفون المتهمة الثانية لصدوره من قاض غير مختص وببطلان إذن
القبض على المتهم وبطلان الإجراءات لأنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب
المتهمة الثانية لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم
الجمركية وأطرحه بقوله: " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن ضبط وتفتيش مسكن
المتهم , فإن الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى أنها كانت بمناسبة تحقيق
جريمة تهريب المتهمة لمشغولات ذهبية وجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم
الجمركية المستحقة عليها بناء على طلب مدير عام الجمارك في 25/6/1994 وما
تلاه من وضع تليفون المتهمة المركب بمسكنها بالعقار رقم .... تحت المراقبة
لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي وتسجيل كافة ما يدور خلاله من محادثات
إرسالا واستقبالا وما كشفت عنه تلك المراقبة لمدة شهر من وقوع جريمة رشوة
المتهم , وهي طالبة بالفرقة الأولى بقسم الماجستير بكلية ...... للمتهم
الأول بصفته عميد الكلية وقائم بالتدريس ووضع الامتحان وتصحيحه لإحدى
المواد بذات الفرقة - للإخلال بواجبات وظيفته لما ثبت من حديث مسجل بينهما
في 2/7/1994 بخصوص الامتحان وطلبه السابق طلبها منها وردها بوجود المطلوب
ودعوته لمسكنها لتسلمها . وحديث بينهما في يوم 6/7/1994 سألها عن الامتحان
وأخبارها له بكتابة عبارة بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في أول ورقة
الإجابة كإشارة للمصحح ثم دعوته لها لمقابلته بمكتبه الخاص ......... , ثم
مكالمة أخرى سألته فيها عن النتيجة والتقديرات وطمأنته لها بالامتياز , ثم
مكالمات أخرى بينهما أتفقا فيها على إخلائها المسكن . من أولادها والخدم
تمهيدا للقائهما منفردين يوم 10/7/1994 واتصاله من تليفونها المراقب بزوجته
في منزله وإبلاغها بانشغاله ووجوده في الجامعة مما حمل على الاعتقاد بوقوع
جريمة رشوة متلبس بها كشفتها مراقبة تليفون المتهمة - عرضا - بمناسبة
تحقيق جريمة التهريب الجمركي فتم القبض على المتهمة في 12 /7/1994 وصح إذن
النيابة العامة الصادر في 13/7/1994 بضبط المتهم الأول وتفتيش مكتبه ومسكنه
لما ثبت لديها من تحقق وقوع جريمة الرشوة ونسبتها إلى المتهم الذي تقره
هذه المحكمة , ومن ثم يضحى القول ببطلان إجراءات إذن مراقبة التليفون
وتسجيل المكالمات وإذن القبض والتفتيش المشار إليهما مجردا عن سنده وتلتفت
عنه المحكمة " . لما كان ذلك , وكان رد الحكم على الدفع كاف وسائغ , كما
أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن
مراقبة التليفون الخاص بالمتهمة الثانية وبطلان إذن التفتيش لمسكن المتهم
لعدم جدية التحريات , ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم
ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من التسجيل
والتفتيش المدعي ببطلانهما وإنما أقام قضائه على الدليل المستمد من اعتراف
المتهمين وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة الثانية في مادة
البحث في الخدمة الاجتماعية وهي أدلة مستقلة عن التسجيل والتفتيش . هذا
فضلا عن أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه,
ومن ثم, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
15
- لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في
حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى إغفالها بعض الوقائع
ما يفيد ضمنا إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته في الوقائع والأدلة التي
اعتمدت عليها في حكمها , ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من
إغفاله التعرض لتقرير اللجنة المشكلة لاستظهار مدى إخلال المتهم بواجبات
وظيفته . من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل
ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, فإن
النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
16
- من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً
طالما أن الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, فإن النعي
على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
17
- لما كان البين من الإطلاع على محضر جلسة 24 من يناير 1995 التي مثل فيها
الطاعن والدفاع أن المحكمة أطلعت على أوراق الامتحان الخاصة بالتهمة
الثانية وباقي الممتحنين معها. ومن ثم كانت معروضة على بساط البحث
والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الإطلاع عليها إذا ما طلب من
المحكمة ذلك, فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد.
18
- لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة
من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق,
فإن النعي على المحكمة تعويلها في القضاء بإدانة الطاعن على ورقة إجابة
المتهمة الثانية واختلافها عن باقي أوراق الممتحنين معها في مادة البحث
يكون غير مقبول.
19
- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة الأول من ابريل 1998 التي حضر فيها
الطاعن والمدافع عنه أنه استغنى عن طلب ضم دفتر الأحوال الذي سبق وأن قررت
المحكمة ضمه بجلسة الأول من فبراير 1998, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن
لا يكون سديدا, هذا فضلا عن أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز
الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قرارات تحضيريا لا تتولد عنه حقوق
للخصوم توجب حتما العمل على تنفيذه صونا لهذه الحقوق , فإن نعي الطاعن على
المحكمة استغنائها عن قرارها بضم دفتر الأحوال بإدارة مباحث الأموال العامة
عن الفترة من 12 من يوليو 1994 حتى 29 من يوليو 1994 لا يكون في محله, إذ
يجوز لها العدول عنه.
20
- لما كانت المادة 107 من قانون العقوبات تنص على أن " يكون من قبيل الوعد
أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به
ووافق عليه أيا كان أسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير
مادية ". فإن مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل عليها المرتشي ليست قاصرة
على الأمور المادية وإنما يدخل فيها أيضا - وطبقا للنص - الفائدة غير
المادية التي تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة والتي
يدخل فيها المتع الجنسية أيا كانت صورها والتي تجردت من صفة المشروعية,
يدل على ذلك أن التعبير الوارد في النص جاء مطلقا وذلك في قوله عن الفائدة
أيا كان اسمها أو نوعها " بل أضاف في وصفها قوله " سواء كانت هذه الفائدة
مادية أو غير مادية " وإذ كان الأمر كذلك , فإن طلب الطاعن من المتهمة
الثانية مواقعتها لقاء إفشائه لها بموضوع الامتحان - وقد تم ذلك - في مقابل
الرشوة يكون قد تحقق في الواقع, ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن
العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة مقابل الرشوة غير سديد.
21
- كانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على انه " كل موظف عمومي طلب
لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد
مرتشيا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا
تزيد على ما أعطي أو وعد به " كما تنص في المادة 104 من ذات القانون على
أنه " كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغير أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية
للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما
وقع منه من ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في
المادة 103 من هذا القانون " وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن
بضعف الحد الأدنى للغرامة المذكورة في المادة 103 سالفة البيان باعتباره
موظفا عاما طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته - ولم يزد الغرامة عن
حدها الأدنى الوارد بالنص والواجب توقيعه , فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم
من خطأ بقضائه بغرامة قدرها 2000 الفي جنيه رغم عدم إمكان تقدير قيمة مقابل
الرشوة يعد دفاعا قانونيا ظاهر البطلان بعيدا عن محجة الصواب.
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن وأخرى - أعفيت من العقاب - بصفته موظفاً عاماً
(عميد كلية ........... بجامعة ........ فرع .........) طلب لنفسه وأخذ
رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وقبل وأخذ من المتهمة الأخرى مشغولات
ذهبية وهدايا بلغت قيمتها حوالي ستة عشر ألفاً ومائتي جنيه وأقام معها
علاقة جنسية على سبيل الرشوة مقابل إفشائه لها بموضوعات وأسئلة امتحانات
مواد السنة الأولى بقسم الدراسات العليا بالكلية المذكورة ومنحها درجات
نجاح تزيد عما تستحقه في مادة البحث التي يتولى تدريسها وتصحيح أوراق
إجابتها. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً - عملاً
بالمواد 103, 104, 107/1 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من
ذات القانون - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسة
آلاف جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة
النقض برقم ....... لسنة 65 قضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً
وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن الدولة
العليا بالقاهرة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة (بهيئة
مغايرة) قضت حضورياً عملاً بالمواد 103, 104, 107 مكرراً من قانون العقوبات
مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة
خمس سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض - للمرة الثانية - ................ إلخ.
-----------------------
المحكمة
وحيث
إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة
للإخلال بواجبات وظيفته, قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع, ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة
الدعوى بيانا كافيا تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ولم يستظهر مدى
توافر القصد الجنائي لديه ولم يبين أن العلاقة غير المشروعة بينه وبين
المتهمة الثانية كانت هي المقابل في جريمة الرشوة, وأطرح الدفع ببطلان
الاعتراف المعزو إليه والمتهمة الثانية لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي وأنه
صدر منهما تحت الوعد والوعيد, بما لا يسوغ إطراحه وعول عليه في الإدانة,
رغم عدولهم عنه وحصل مؤداه تحصيلا مبتورا, وقضى بإعفاء المتهمة الثانية من
العقاب لاعترافها بجلسة المحاكمة, دون أن يحقق دفاعها السابق ببطلان
اعترافها بالتحقيقات لأنه كان وليد إكراه, وأقام قضائه على ما يخالف الثابت
بالأوراق, إذ نسب إلى المتهمة الثانية أنه قالت0000"أنه حضر إليها بمسكنها
وطلب معاشرتها جنسيا وأنه واقعها مقابل حصولها على موضوع الامتحان ولم
يوافق على إفشاء سر الامتحان, إلا بعد أن حصل على ما طلبه منها بمعاشرتها
جنسيا- وهو ما لم يرد بأقوالها, كما أن ما حصله الحكم من إقراره بتحقيقات
النيابة بطلب المتهمة الثانية منه إرشادها عن موضوع الامتحان ومعاشرتها
جنسيا لا يعد اعترافا بجريمة الرشوة لأنها لا يتضمن إخلاله بواجبات وظيفته
كمقابل لتلك الرشوة, فضلا عن أن النيابة العامة لم تحط المتهمة الثانية
علما بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها, هذا وقد دفع أمام المحكمة ببطلان
الإذن الصادر بوضع هاتفها تحت المراقبة لصدوره من غير قاض مختص وبطلان إذن
قبضه وتفتيش مسكنه لإبتنائه على تحريات غير جدية وخلوة من اسمه, إلا أن
الحكم رد عليه ردا غير سائغ, ولم يعرض لدفعه ببطلان الإجراءات لأنها تتعلق
أصلا بجريمة التهريب الجمركي المنسوبة إلى المتهمة الثانية لا يجوز اتخاذها
إلا بناء على طلب وزير المالية, فضلا عن التفات الحكم عن مؤدى ما انتهى
إليه تقرير اللجنة الفنية المشكلة لإستظهار مدى إخلاله بواجبات وظيفته
وأقواله بالتحقيقات التي رشح لنفي الاتهام, وعول في قضاءه بالإدانة على
الدليل المستمد من مطالعة المحكمة لورقة إجابة المتهمة الثانية واستظهر
اختلافها عن أوراق باقي الممتحنين معها, دون أن تطلع الدفاع عليها وكان
لدليل المستمد من ورقة أي اختلاف ورقة إمتحان المتهمة الثانية عن أوراق
باقي الممتحنين معها بشأن منهج الأخصائي الاجتماعي بدولة الإمارات العربية
دليل لا تعول عليه لأنها تعمل بالفعل بتلك الدولة, هذا وقد استغنت المحكمة
عن طلب ضم دفتر أحوال إدارة مباحث الأموال العامة بالرغم من أنها سبق وأن
أصدرت من تلقاء نقسها - قرارا بالضم, وأخيرا فقد قضى الحكم بغرامة نسبية
بالرغم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة ومقابلا للرشوة طبقا
للقانون ويصعب تقديرها ماديا وتحديد الفائدة المادية التي عادت عليه من
ورائها, كان ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث
إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر
القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه وصحة
إسنادها إليه أدلة استمدها من اعتراف الطاعن والمتهمة الثانية في تحقيقات
النيابة وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة في مادة البحث في
الخدمة الاجتماعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم
عليها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا معينا أو نمطا
يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها
فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها
حسبما استخلصتها المحكمة- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققا
لحكم القانون, فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان
ذلك, وكان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن وأطرحه في
قوله "أما عن الدفع بانتفاء جريمة الرشوة وتخلف القصد منها فمردود بما هو
مقرر من أن القصد الجنائي في الرشوة يتوفر بمجرد علم الراشي عند طلب أو
قبول الوعد أو العطية أو الفائدة لأنه يفعل ذلك لقاء القيام بعمل أو
الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباته وأنه من إتجاره بوظيفته
أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو
الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وبكافة الممكنات العقلية. لما كان
ذلك, وكانت عناصر قصد المرتشي متصلة اتصالا وثيقا مع عناصر قصد الراشي من
حيث العمل بصفة المرتشي وباختصاصه الوظيفي بالعمل المطلوب وأن الغرض من
تقديم المقابل أنه ثمن لذلك العمل وأن تتجه الإرادة لديه إلى حمل الموظف
على القيام بالعمل الوظيفي أو الإخلال به, فلما كان ما تقدم, وكانت مجريات
الواقعة وظروفها وملابساتها من واقع أقوال المتهمين في التحقيقات ما يتوافر
به أركان جريمة الرشوة والقصد منها ذلك من قيام المتهم الأول وهو القائم
بتدريس مادة البحث في الخدمة الاجتماعية موضوع الامتحان ووضع أسئلة
امتحانها وتصحيح أوراق إجابتها بالتوجه إلى مسكن المتهمة الثانية بعد أن
أبعدت أولادها والعاملين لديها- ليلتقيا في المسكن منفردين ويتبادلا الحديث
حول الهام من الموضوعات ثم القول منه بأنه الامتحان يتضمن سؤلا واحدا ثم
طلبه معاشرتها جنسيا فوافقته على ذلك فواقعها ومقابل إخلاله بواجبات وظيفته
وإثر ذلك أفشى لها بموضوع سؤال الامتحان وطريق الإجابة عنه وحدد لها
مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها الأمر الذي تتجلى فيه
إرادتيهما طلبا وتقديما وأنها اتجهتا على حمل المتهم على الإخلال بواجبات
وظيفته, ومن ثم يكون النعي بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الرشوة غير
سديد. لقيامه على غير سند من الواقع ولا القانون000" لما كان ذلك, وكان
الحكم قد دلل تدليلا سائغا - على نحو ما سلف بيانه - على أن طلب الطاعن
معاشرة المتهمة الثانية جنسيا كان مقابل إخلاله بواجبات وظيفته ولإفشاء لها
بموضوع سؤال الامتحان وتحدد لها مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة
إجابتها, وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في
القانون ويدل على أن الفعل غير المشروع الذي أتاه معها إنما هو المقابل في
جريمة الرشوة. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.
لما كان ذلك, وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف
المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى أطمأنت إلى
صحته ومطابقته للحقيقة والواقع, وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة
ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه ومتى
تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمئنانه إليه كان لها أن تأخذ بها
بلا معقب عليها, وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول
إلى إطراح الدفع بطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي
والمعنوي والوعد والوعيد وأفصح عن إطمئنانه لصحة هذا الاعتراف ومطابقته
للحقيقة والواقع الذي استظهر منه باقي عناصر الدعوى وأدلتها وحصل من مضمونه
في بيان كاف, فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل
موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة ووزن عن عناصر الدعوى مما لا
يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرلر أن نقض
الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوة إلى محكمة الإحالة بحالتها التي كانت
عليها قبل صدور الحكم المنقوض. لما كان ذلك, وإن كانت المتهمة الثانية قد
دفعت ببطلان اعترافها أمام المحاكمة الأولى إلا أنه أمام محكمة الإعادة
وبجلسة الأول من إبريل 1998 تمسكت باعترافها بواقعة الرشوة وبوجود علاقة
بينها وبيمن المتهم الأول( الطاعن) وبما جاء بأمر الإحالة, ومن ثم فلا يقبل
أن تطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها, ويكون ما يثيره الطاعن
بشأن هذا الاعتراف على غير أساس. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه لا يقبل
من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة
فيه.. فإن نعي الطاعن على الحكم بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب
لاعترافها يكون غير سديد.. لما كان ذلك, وكان يبين من المفردات المضمومة أن
ما نقله الحكم المطعون فيه شأن اعتراف المتهمة الثانية بتحقيقات النيابة
العامة - بأن الطاعن حضر إليها وطلب معاشرته جنسيا وأنه واقعها وكان ذلك
مقابل حصولها على موضوع الامتحان - له صداه واًصله الثابت في الأوراق, ومن
ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد وتضحى منازعة الطاعن في سلامة
استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى مجرد جدل موضوعي حول تقدير المحكمة
للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام
محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان لا بين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه-
وخلافا لما يذهب إليه الطاعن في أسباب طعنه - قد أورد مضمون اعتراف الطاعن
بتحقيقات النيابة الذي عول عليه في قضاءه بما تتوافر به أركان الجريمة,
فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه, ذلك أنه لا ينال من سلامة
الحكم عدم إيراده نص الاعتراف كاملا بكامل فحواه, ومن ثم ينتفي عن الحكم
دعوى القصور في هذا المنحى, لما كان ذلك, وكان الاعتراف في المسائل
الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع
كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف, فلها أن تجزيء
هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه, مما لا تثق به
دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك, كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على
الواقعة بكافة تفاصيلها , بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها
ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني
للجريمة, وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل
منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى,لأن الأدلة في المواد الجنائية
متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون القاضي, فلا ينظر إلى دليل
بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في
مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة
واطمئنانها إلى ما اطمأنت إليه. لما كان ذلك, وكانت جريمة الرشوة تقع تامة
بمجرد طلب الموظف الجعل او أخذه أو لقبوله مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وهو
ما أثبت الحكم في حق الطاعن, فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا
الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن
على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه, فإن نعي
الطاعنة بأن المحقق لم يخطر المتهمة الثانية بالجريمة المسندة إليها
وعقوبتها يكون في غير محله, فضلا عن أنه لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق
الذي أجري في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن على
الحكم, إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة لا تأثير
له على سلامة الحكم, والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي
تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب لدفاع إليها استكمال ما قد يكون
بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سببا لمنعاه.
فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد,. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض
للدفع المبدى من الحاضر عن الطاعن ببطلان الإذن الصادر بمراقبة تليفون
المتهمة الثانية لصدوره من قاض غير مختص وببطلان إذن القبض على المتهم
وببطلان الإجراءات لأنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة الثانية
لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد, دون سداد الرسوم الجمركية وأطرحه
بقوله : "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن ضبط وتفتيش مسكن المتهم فإن الثابت
للمحكمة من أوراق الدعوى أنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة
لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة
عنها بناء على طلب مدير عام الجمارك في 25/6/1994 وما تلاه من وضع تليفون
المتهمة المركب بمسكنها بالعقار رقم 00000 تحت المراقبة لمدة شهر بإذن
السيد القاضي الجزئي وتسجيل كافة ما يدور خلاله من محادثات إرسالا
واستقبالا وما كشفت عنه تلك المراقبة لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي من
وقوع جريمة رشوة المتهمة, وهي طالبة بالفرقة الأولى بقسم الماجستير بكلية
00000 للمتهم الأول بصفته عميد الكلية وقائم بالتدريس ووضع الامتحان
وتصحيحه لإحدى المواد بذات الفرقة- للإخلال بواجبات وظيفته لما ثبت من حديث
تم سجيل بينها وطلبه للحاجة السابق طلبها منها وردها بوجود المطلوب
ودعوته لمسكنها لتسلمها, وحديث بينهما في يوم 6/7/1994 سألها عن الامتحان
وإخبارها له بكتابة عبارة باسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في أول ورقة
الإجابة كإشارة للمصحح ثم دعوتها لمقابلتها بمكتبه الخاص0000, ثم مكالمة
أخرى سألته فيها عن النتيجة والتقديرات وطمأنته لها بامتياز,' ثم مكالمات
أخرى بينهما اتفقا فيها على إخلائها المسكن من أولادها والخدم تمهيدا
للقائهما منفردين يوم 10/7/1994 واتصاله من تليفونها المراقب بزوجته في
منزله وأخبرها بانشغاله ووجوده في الجامعة مما حمل على الاعتقاد بوقوع
جريمة رشوة متلبس بها كشفتها مراقبة تليفون المتهمة - عرضا - بمناسبة تحقيق
جريمة التهريب الجمركي فتم القبض على المتهمة في 12/7/1994 وصح إذن
النيابة العامة الصادر في 13/7/1994 بضبط المتهم الأول وتفتيش مسكنه لما
ثبت لديها من تحقق وقوع جريمة الرشوة ونسبتها إلى المتهم الذي تقره
المحكمة, ومن ثم يضحى القول ببطلان الإجراءات إذن مراقبة التليفون وتسجيل
المكالمات وإذن القبض والتفتيش المشار إليهما مجردا عن سنده وتلتفت عنه
المحكمة". لما كان ذلك, وكان رد الحكم على الدفع كاف وسائغ, كما أنه لا
جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن مراقبة
التليفون الخاص بالمتهمة الثانية وبطلان إذن التفتيش لمسكن المتهم لعدم
جدية التحريات, ما دام البين من الواقعة كما صار إثباته في الحكم ومن
استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من التسجيل والتفتيش
المدعى ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من اعتراف المتهمين
وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة الثانية في لمادة البحث في
الخدمة الاجتماعية وهي مادة مستقلة عن التسجيل والتفتيش, هذا فضلا عن أنه
لا صفة لغير من ورقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه, ومن ثم
فإن، ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان من المقرر في
أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في في حكمها إلا عن الأدلة
ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحه
واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها,
ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله التعرض لتقرير اللجنة
المشكلة لاستظهار مدى إخلال الموظف بواجبات وظيفته, فضلا عن أن نفي التهمة
من أوجه الدفاع الموضوعي التي لا تستأهل طالما كان الرد عليها مستفادا من
أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا
يكون غير سديد. لما كان البين من الإطلاع على محضر جلسة 24 من يناير 1995
التي مثل فيها الطاعن والدفاع أن المحكمة اطلعت على أوراق الامتحان الخاصة
بالمتهمة الثانية وباقي الممتحنين معها, ومن ثم كانت معروضة على بساط البحث
والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الإطلاع عليها إذا ما طلب
من المحكمة ذلك, فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك
وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي
دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق, فإن
النعي على المحكمة تعويلها في القضاء بإدانة الطاعن على ورقة إجابة المتهمة
الثانية واختلافها عن باقي أوراق الممتحنين معها في مادة البحث يكون غير
مقبول. لما كان ذلك, وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة الأول من أبريل 1998
التي حضر فيها الطاعنون المدافع عنه أنه استغنى عن طلب ضم دفتر الأحوال
الذي سبق أن قررت المحكمة ضمه بجلسة 1/2/1998, فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن لا يكون سديدا, هذا فضلا عن أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز
الدعوى ومع الأدلة لا يعدو أن يكون قرارا تحضيريا لا تتولد عنه حقوق
للخصوم توجب حتما العمل على تنفيذه صونا لهذا الحقوق, فإن نعي الطاعن على
المحكمة استغناءها عن قرارها بضم دفتر الأحوال بإدارة مباحث الأموال العامة
عن الفترة من 12من يونيو 1994 حتى 29 من يوليو 1994 لا يكون في محله, إذ
يجوز لها العدول عنه. وحيث إن المادة 107 من قانون العقوبات تنص على أنه
"يكون من قبيل الوعد أو العطية أي فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي
عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أيا كان اسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه
الفائدة مادية أو غير مادية", فإن مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل
عليها المرتشي ليست قاصرة على الأمور المادية وإنما يدخل فيه أيضا - وطبقا
للنص الفائدة غير المادية التي تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة
أو غير مشروعة والتي يدخل فيه المتع الجنسية أيا كانت صورها والتي تجردت
من صفة المشروعية, يدل على ذلك أن التعبير الوارد في النص جاء مطلقا وذلك
في قوله عن الفائدة أيا كانت اسمها أو نوعها, بل أضاف في وصفها قوله "سواء
كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية" وإذ كان الأمر كذلك, فإن طلب الطاعن
من المتهمة الثانية مواقعتها لقاء إفشاءه لها بموضوع الامتحان - وقد تم
ذلك- فإن مقابل الرشوة يكون قد تحقق في الواقع , ويكون ما ينعاه الطاعن على
الحكم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح ان تكون منفعة مقابلا للرشوة غير
سديد. لما كان ذلك, وكانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أنه "كل
موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من
أعمال وظيفته يعد مرتشيا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن
ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به" كما تنص في المادة 104 من ذات
القانون على أنه "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو
عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته
على ما وقع منه في من ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة
المذكورة في المادة 103 من هذا القانون, وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على
الطاعن بضعف الحد الأدنى للغرامة المذكورة في المادة 103سالفة البيان
باعتباره موظفا عاما طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته- ولم يزد
الغرامة عن حدها الأدنى المذكور في الوارد بالنص والواجب توقيعه', فإن ما
ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ بقضائه بغرامة قدرها 2000- ألفي جنيه- رغم
عدم إمكان تقدير قيمة مقابل الرشوة يعد دفاعا قانونيا ظاهر البطلان بعيدا
عن محاجة الصواب. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعينا رفضه موضوعا.