الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 مايو 2013

الطعن رقم 18833 لسنــة 68 قضائية

برئاسة السيد المستشار / مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسن حمزة وجاب الله محمد جاب الله  نائبي رئيس المحكمة وهاني حنا وعاصم الغايش   .


------------------------
1 -  من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا معينا أو نمطا يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستجوبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون.

2 - لما كان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن وأطرحه في قوله " أما عن الدفع بانتفاء جريمة الرشوة لتخلف القصد منها فمردود بما هو مقرر من أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد والعطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من الأعمال وظيفته أو الإخلال بواجباته الوظيفية وأنه ثمن لاتجاه بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحب العمل والامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وبكافة الممكنات العقلية , لما كان ذلك , وكانت عناصر قصد المرتشي متصلة اتصالا وثيقا مع عناصر قصد الراشي من حيث العلم بصفة المرتشي وباختصاصه الوظيفي بالعمل المطلوب وأن الغرض من تقديم المقابل أنه ثمن لذلك العمل وأن تتجه الإدارة لديه إلى حمل الموظف على القيام بالعمل الوظيفي أو الإخلال به فلما كان ما تقدم , وكانت مجريات الواقعة وظروفها وملابستها من واقع أقوال المتهمين في التحقيقات ما يتوافر به أركان جريمة الرشوة والقصد منها ذلك من قيام المتهم الأول وهو القائم بتدريس مادة البحث في الخدمة الاجتماعية موضوع الامتحان ووضع أسئلة امتحانها وتصحيح أوراق إجابتها بالتوجه إلى مسكن المتهمة الثانية بعد أن أبعدت أولادها والعاملين لديها - ليلتقيا في المسكن منفردين ويتبادل الحديث حول الهام من الموضوعات ثم القول منه بأن الامتحان يتضمن سؤالا واحدا ثم طلبه معاشرتها جنسيا فوافقته على ذلك مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وأثر ذلك وأفشى لها موضوع سؤال الامتحان وطريقة الإجابة عنها وحدد لها مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها , الأمر الذي تتجلى فيه إرادتها طلبا وتقديما وأخذا أنها اتجهت إلى حمل المتهم على الإخلال بواجبات وظيفته , ومن ثم يكون النعي بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الرشوة غير سديد لقيامه على غير سند من الواقع ولا القانون ....." لما كان ذلك , وكان الحكم قد دلل تدليلا سائغا - نحو ما سلف بيانه - على أن طلب الطاعن معاشرة المتهمة الثانية جنسيا كان مقابل إخلاله بواجبات وظيفته والإفشاء لها بموضوع سؤال الامتحان وتحديده لها خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها , وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون ويدل على أن الفعل غير المشروع الذي أتاه معها إنما كان هو المقابل في جريمة الرشوة , ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول.

3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك , متى أطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع .

4 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها , وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي والوعد والوعيد وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهر منه باقي عناصر الدعوى , وأدلتها وحصل مضمونه في بيان كاف , فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة ووزن عناصر الدعوى مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.

5 - من المقرر أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض. لما كان ذلك, وإن كانت المتهمة الثانية قد دفعت ببطلان اعترافها أمام المحاكمة الأولى إلا أنه وأمام محكمة الإعادة وبجلسة الأول من ابريل 1998 تمسكت باعترافها بواقعة الرشوة وبوجود علاقة بينها وبين المتهم الأول (الطاعن) وبما جاء بأمر الإحالة, ومن ثم فلا يقبل أن تطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها, ويكون ما يثيره الطاعن بشأن هذا الاعتراف على غير أساس.

6 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم , إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه , فإن نعي الطاعن على الحكم بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب لاعترافها يكون غير سديد.

7 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم المطعون فيه بشأن اعتراف المتهمة الثانية بتحقيقات النيابة العامة - بأن الطاعن حضر إليها بمسكنها وطلب معاشرتها جنسيا وأنه واقعها وكان ذلك مقابل حصولها على موضوع الامتحان - له صداه وأصله الثابت في الأوراق ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد وتضحى منازعة الطاعن في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى مجرد جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.

8 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه - وخلافا لما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - قد أورد مضمون اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة الذي عول عليه في قضائه بما تتوافر به أركان الجريمة فإن هذا حسبه يتم تدليله ويستقيم قضائه, ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص الاعتراف كاملا بكل فحواه, ومن ثم ينتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى.

9 - لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف, فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك.

10 - لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.

11 - لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى, لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي, فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة, بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهيت إليه.

12 - لما كانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله مقابل إخلال بواجبات وظيفته وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن, فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديدا.

13 - لما كان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم, إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه, فإن نعي الطاعن بأن المحقق لم يخطر المتهمة الثانية بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها يكون في غير محله, فضلا عن أنه لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم, إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة, لا تأثير له على سلامة الحكم, والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي التحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون التحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سببا لمنعاه, فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد .

14 - لما كان الحكم قد عرض للدفع المبدي من الحاضر مع الطاعن ببطلان الإذن الصادر بمراقبة تليفون المتهمة الثانية لصدوره من قاض غير مختص وببطلان إذن القبض على المتهم وبطلان الإجراءات لأنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة الثانية لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية وأطرحه بقوله: " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن ضبط وتفتيش مسكن المتهم , فإن الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى أنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة لمشغولات ذهبية وجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها بناء على طلب مدير عام الجمارك في 25/6/1994 وما تلاه من وضع تليفون المتهمة المركب بمسكنها بالعقار رقم .... تحت المراقبة لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي وتسجيل كافة ما يدور خلاله من محادثات إرسالا واستقبالا وما كشفت عنه تلك المراقبة لمدة شهر من وقوع جريمة رشوة المتهم , وهي طالبة بالفرقة الأولى بقسم الماجستير بكلية ...... للمتهم الأول بصفته عميد الكلية وقائم بالتدريس ووضع الامتحان وتصحيحه لإحدى المواد بذات الفرقة - للإخلال بواجبات وظيفته لما ثبت من حديث مسجل بينهما في 2/7/1994 بخصوص الامتحان وطلبه السابق طلبها منها وردها بوجود المطلوب ودعوته لمسكنها لتسلمها . وحديث بينهما في يوم 6/7/1994 سألها عن الامتحان وأخبارها له بكتابة عبارة بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في أول ورقة الإجابة كإشارة للمصحح ثم دعوته لها لمقابلته بمكتبه الخاص ......... , ثم مكالمة أخرى سألته فيها عن النتيجة والتقديرات وطمأنته لها بالامتياز , ثم مكالمات أخرى بينهما أتفقا فيها على إخلائها المسكن . من أولادها والخدم تمهيدا للقائهما منفردين يوم 10/7/1994 واتصاله من تليفونها المراقب بزوجته في منزله وإبلاغها بانشغاله ووجوده في الجامعة مما حمل على الاعتقاد بوقوع جريمة رشوة متلبس بها كشفتها مراقبة تليفون المتهمة - عرضا - بمناسبة تحقيق جريمة التهريب الجمركي فتم القبض على المتهمة في 12 /7/1994 وصح إذن النيابة العامة الصادر في 13/7/1994 بضبط المتهم الأول وتفتيش مكتبه ومسكنه لما ثبت لديها من تحقق وقوع جريمة الرشوة ونسبتها إلى المتهم الذي تقره هذه المحكمة , ومن ثم يضحى القول ببطلان إجراءات إذن مراقبة التليفون وتسجيل المكالمات وإذن القبض والتفتيش المشار إليهما مجردا عن سنده وتلتفت عنه المحكمة " . لما كان ذلك , وكان رد الحكم على الدفع كاف وسائغ , كما أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن مراقبة التليفون الخاص بالمتهمة الثانية وبطلان إذن التفتيش لمسكن المتهم لعدم جدية التحريات , ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من التسجيل والتفتيش المدعي ببطلانهما وإنما أقام قضائه على الدليل المستمد من اعتراف المتهمين وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة الثانية في مادة البحث في الخدمة الاجتماعية وهي أدلة مستقلة عن التسجيل والتفتيش . هذا فضلا عن أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه, ومن ثم, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

15 - لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفى إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته في الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها , ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله التعرض لتقرير اللجنة المشكلة لاستظهار مدى إخلال المتهم بواجبات وظيفته . من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.

16 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما أن الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.

17 - لما كان البين من الإطلاع على محضر جلسة 24 من يناير 1995 التي مثل فيها الطاعن والدفاع أن المحكمة أطلعت على أوراق الامتحان الخاصة بالتهمة الثانية وباقي الممتحنين معها. ومن ثم كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الإطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك, فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد.

18 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق, فإن النعي على المحكمة تعويلها في القضاء بإدانة الطاعن على ورقة إجابة المتهمة الثانية واختلافها عن باقي أوراق الممتحنين معها في مادة البحث يكون غير مقبول.

19 - لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة الأول من ابريل 1998 التي حضر فيها الطاعن والمدافع عنه أنه استغنى عن طلب ضم دفتر الأحوال الذي سبق وأن قررت المحكمة ضمه بجلسة الأول من فبراير 1998, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدا, هذا فضلا عن أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قرارات تحضيريا لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتما العمل على تنفيذه صونا لهذه الحقوق , فإن نعي الطاعن على المحكمة استغنائها عن قرارها بضم دفتر الأحوال بإدارة مباحث الأموال العامة عن الفترة من 12 من يوليو 1994 حتى 29 من يوليو 1994 لا يكون في محله, إذ يجوز لها العدول عنه.

20 - لما كانت المادة 107 من قانون العقوبات تنص على أن " يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أيا كان أسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية ". فإن مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل عليها المرتشي ليست قاصرة على الأمور المادية وإنما يدخل فيها أيضا - وطبقا للنص - الفائدة غير المادية التي تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة والتي يدخل فيها المتع الجنسية أيا كانت صورها والتي تجردت من صفة المشروعية, يدل على ذلك أن التعبير الوارد في النص جاء مطلقا وذلك في قوله عن الفائدة أيا كان اسمها أو نوعها " بل أضاف في وصفها قوله " سواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية " وإذ كان الأمر كذلك , فإن طلب الطاعن من المتهمة الثانية مواقعتها لقاء إفشائه لها بموضوع الامتحان - وقد تم ذلك - في مقابل الرشوة يكون قد تحقق في  الواقع, ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة مقابل الرشوة غير سديد.

21 - كانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على انه " كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به " كما تنص في المادة 104 من ذات القانون على أنه " كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغير أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع منه من ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من هذا القانون " وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن بضعف الحد الأدنى للغرامة المذكورة في المادة 103 سالفة البيان باعتباره موظفا عاما طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته - ولم يزد الغرامة عن حدها الأدنى الوارد بالنص والواجب توقيعه , فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ بقضائه بغرامة قدرها 2000 الفي جنيه رغم عدم إمكان تقدير قيمة مقابل الرشوة يعد دفاعا قانونيا ظاهر البطلان بعيدا عن محجة الصواب.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى - أعفيت من العقاب - بصفته موظفاً عاماً (عميد كلية ........... بجامعة ........ فرع .........) طلب لنفسه وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وقبل وأخذ من المتهمة الأخرى مشغولات ذهبية وهدايا بلغت قيمتها حوالي ستة عشر ألفاً ومائتي جنيه وأقام معها علاقة جنسية على سبيل الرشوة مقابل إفشائه لها بموضوعات وأسئلة امتحانات مواد السنة الأولى بقسم الدراسات العليا بالكلية المذكورة ومنحها درجات نجاح تزيد عما تستحقه في مادة البحث التي يتولى تدريسها وتصحيح أوراق إجابتها. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً - عملاً بالمواد 103, 104, 107/1 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم ....... لسنة 65 قضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة (بهيئة مغايرة) قضت حضورياً عملاً بالمواد 103, 104, 107 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - ................ إلخ.
-----------------------
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته, قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع, ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بيانا كافيا تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ولم يستظهر مدى توافر القصد الجنائي لديه ولم يبين أن العلاقة غير المشروعة بينه وبين المتهمة الثانية كانت هي المقابل في جريمة الرشوة, وأطرح الدفع ببطلان الاعتراف المعزو إليه والمتهمة الثانية لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي وأنه صدر منهما تحت الوعد والوعيد, بما لا يسوغ إطراحه وعول عليه في الإدانة, رغم عدولهم عنه وحصل مؤداه تحصيلا مبتورا, وقضى بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب لاعترافها بجلسة المحاكمة, دون أن يحقق دفاعها السابق ببطلان اعترافها بالتحقيقات لأنه كان وليد إكراه, وأقام قضائه على ما يخالف الثابت بالأوراق, إذ نسب إلى المتهمة الثانية أنه قالت0000"أنه حضر إليها بمسكنها وطلب معاشرتها جنسيا وأنه واقعها مقابل حصولها على موضوع الامتحان ولم يوافق على إفشاء سر الامتحان, إلا بعد أن حصل على ما طلبه منها بمعاشرتها جنسيا- وهو ما لم يرد بأقوالها, كما أن ما حصله الحكم من إقراره بتحقيقات النيابة بطلب المتهمة الثانية منه إرشادها عن موضوع الامتحان ومعاشرتها جنسيا لا يعد اعترافا بجريمة الرشوة لأنها لا يتضمن إخلاله بواجبات وظيفته كمقابل لتلك الرشوة, فضلا عن أن النيابة العامة لم تحط المتهمة الثانية علما  بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها, هذا وقد دفع أمام المحكمة ببطلان الإذن الصادر بوضع هاتفها تحت المراقبة لصدوره من غير قاض مختص وبطلان إذن قبضه وتفتيش مسكنه لإبتنائه على تحريات غير جدية وخلوة من اسمه, إلا أن الحكم رد عليه ردا غير سائغ, ولم يعرض لدفعه ببطلان الإجراءات لأنها تتعلق أصلا بجريمة التهريب الجمركي المنسوبة إلى المتهمة الثانية لا يجوز اتخاذها إلا بناء على طلب وزير المالية, فضلا عن التفات الحكم عن مؤدى ما انتهى إليه تقرير اللجنة الفنية المشكلة لإستظهار مدى إخلاله بواجبات وظيفته وأقواله بالتحقيقات التي رشح لنفي الاتهام, وعول في قضاءه بالإدانة على الدليل المستمد من مطالعة المحكمة لورقة إجابة المتهمة الثانية واستظهر اختلافها عن أوراق باقي الممتحنين معها, دون أن تطلع الدفاع عليها وكان لدليل المستمد من ورقة أي اختلاف ورقة إمتحان المتهمة الثانية عن أوراق باقي الممتحنين معها بشأن منهج الأخصائي الاجتماعي بدولة الإمارات العربية دليل لا تعول عليه لأنها تعمل بالفعل بتلك الدولة, هذا وقد استغنت المحكمة عن طلب ضم دفتر أحوال إدارة مباحث الأموال العامة بالرغم من أنها سبق وأن أصدرت من تلقاء نقسها - قرارا بالضم, وأخيرا فقد قضى الحكم بغرامة نسبية بالرغم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح لأن تكون منفعة ومقابلا للرشوة طبقا للقانون ويصعب تقديرها ماديا وتحديد الفائدة المادية التي عادت عليه من ورائها, كان ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما  تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه وصحة إسنادها إليه أدلة استمدها من اعتراف الطاعن والمتهمة الثانية في تحقيقات النيابة وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة في مادة البحث في الخدمة الاجتماعية وهي أدلة سائغة من شأنها أن  تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا معينا أو نمطا يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققا لحكم القانون, فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعن وأطرحه في قوله "أما عن الدفع  بانتفاء جريمة الرشوة وتخلف القصد منها فمردود بما هو مقرر من أن القصد الجنائي في الرشوة يتوفر بمجرد علم الراشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة لأنه يفعل ذلك لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته والإخلال بواجباته وأنه من إتجاره بوظيفته أو استغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وبكافة الممكنات العقلية. لما كان ذلك, وكانت عناصر قصد المرتشي متصلة اتصالا وثيقا مع عناصر قصد الراشي من حيث العمل بصفة المرتشي وباختصاصه الوظيفي بالعمل المطلوب وأن الغرض من تقديم المقابل أنه ثمن لذلك العمل وأن تتجه الإرادة لديه إلى حمل الموظف على القيام بالعمل الوظيفي أو الإخلال به, فلما كان ما تقدم, وكانت مجريات الواقعة وظروفها وملابساتها من واقع أقوال المتهمين في التحقيقات ما يتوافر به أركان جريمة الرشوة والقصد منها ذلك من قيام المتهم الأول وهو القائم بتدريس مادة البحث  في الخدمة الاجتماعية موضوع الامتحان ووضع أسئلة امتحانها وتصحيح أوراق إجابتها بالتوجه إلى مسكن المتهمة الثانية بعد أن أبعدت أولادها والعاملين لديها- ليلتقيا في المسكن منفردين ويتبادلا الحديث حول الهام من الموضوعات ثم القول منه بأنه الامتحان يتضمن سؤلا واحدا ثم طلبه معاشرتها جنسيا فوافقته على ذلك فواقعها ومقابل إخلاله بواجبات وظيفته وإثر ذلك أفشى  لها بموضوع سؤال الامتحان وطريق الإجابة عنه وحدد لها مشكلة خاصة بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها الأمر الذي تتجلى فيه إرادتيهما طلبا وتقديما وأنها اتجهتا على حمل المتهم على الإخلال بواجبات وظيفته, ومن ثم يكون النعي بانتفاء القصد الجنائي في جريمة الرشوة غير سديد. لقيامه على غير سند من الواقع ولا القانون000" لما كان ذلك, وكان الحكم قد دلل تدليلا سائغا - على نحو  ما سلف بيانه - على أن طلب الطاعن معاشرة المتهمة الثانية جنسيا كان مقابل إخلاله بواجبات وظيفته ولإفشاء لها بموضوع سؤال الامتحان وتحدد لها مشكلة خاصة  بعملها كي يتعرف على ورقة إجابتها, وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في تلك الجريمة كما هو معرف به في القانون ويدل على أن الفعل غير المشروع الذي أتاه معها إنما هو المقابل في جريمة الرشوة. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك, وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى أطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع, وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمئنانه إليه كان لها أن تأخذ بها بلا معقب عليها, وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع بطلان اعتراف الطاعن لصدوره تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي والوعد والوعيد وأفصح عن إطمئنانه لصحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهر منه باقي عناصر الدعوى وأدلتها وحصل من مضمونه في بيان كاف, فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة ووزن عن عناصر الدعوى مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان من المقرلر أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوة إلى محكمة الإحالة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض. لما كان ذلك, وإن كانت المتهمة الثانية قد دفعت ببطلان اعترافها أمام المحاكمة الأولى إلا أنه أمام محكمة الإعادة  وبجلسة الأول من إبريل 1998 تمسكت باعترافها بواقعة الرشوة وبوجود علاقة بينها وبيمن المتهم الأول( الطاعن) وبما جاء بأمر الإحالة, ومن ثم فلا يقبل أن تطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها, ويكون ما يثيره الطاعن بشأن هذا الاعتراف على غير أساس. لما كان ذلك,  وكان من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه.. فإن نعي الطاعن على الحكم بإعفاء المتهمة الثانية من العقاب لاعترافها يكون غير سديد.. لما كان ذلك, وكان يبين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم المطعون فيه شأن اعتراف المتهمة الثانية بتحقيقات النيابة العامة - بأن الطاعن حضر إليها وطلب معاشرته جنسيا وأنه واقعها وكان ذلك مقابل حصولها على موضوع الامتحان - له صداه واًصله الثابت في الأوراق, ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد وتضحى منازعة الطاعن في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى مجرد جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك,  وكان لا بين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه- وخلافا لما يذهب إليه الطاعن في أسباب طعنه - قد أورد مضمون اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة الذي عول عليه في قضاءه بما تتوافر به أركان الجريمة, فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه, ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم  عدم إيراده نص الاعتراف كاملا بكامل فحواه, ومن ثم ينتفي عن الحكم  دعوى القصور في هذا المنحى, لما كان ذلك, وكان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف, فلها أن تجزيء هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه, مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك, كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها , بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية الاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة, وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى,لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون القاضي, فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة  بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما اطمأنت إليه. لما كان ذلك, وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل او أخذه أو لقبوله مقابل إخلاله بواجبات وظيفته وهو ما أثبت الحكم في حق الطاعن, فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه, فإن نعي الطاعنة بأن المحقق لم يخطر المتهمة الثانية بالجريمة المسندة إليها وعقوبتها يكون في غير محله, فضلا عن أنه لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذي أجري في المرحلة السابقة على  المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم, إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة لا تأثير له على سلامة الحكم, والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وطالما لم يطلب لدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سببا لمنعاه. فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد,. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الحاضر عن الطاعن ببطلان الإذن الصادر بمراقبة تليفون المتهمة الثانية لصدوره من قاض غير مختص وببطلان إذن القبض على المتهم وببطلان الإجراءات لأنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة الثانية لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد, دون سداد الرسوم الجمركية وأطرحه بقوله : "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن ضبط وتفتيش مسكن المتهم فإن الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى أنها كانت بمناسبة تحقيق جريمة تهريب المتهمة لمشغولات ذهبية ومجوهرات داخل البلاد دون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عنها بناء على طلب مدير عام الجمارك في 25/6/1994 وما تلاه من وضع تليفون المتهمة المركب بمسكنها بالعقار رقم 00000 تحت المراقبة لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي وتسجيل كافة ما يدور خلاله من محادثات إرسالا واستقبالا وما كشفت عنه تلك المراقبة لمدة شهر بإذن السيد القاضي الجزئي من وقوع جريمة رشوة المتهمة, وهي طالبة بالفرقة الأولى بقسم الماجستير بكلية 00000 للمتهم الأول بصفته عميد الكلية وقائم بالتدريس ووضع الامتحان وتصحيحه لإحدى المواد بذات الفرقة- للإخلال بواجبات وظيفته لما ثبت من حديث تم سجيل بينها  وطلبه للحاجة السابق طلبها منها وردها بوجود المطلوب ودعوته لمسكنها لتسلمها, وحديث بينهما في يوم 6/7/1994 سألها عن الامتحان وإخبارها له بكتابة عبارة باسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في أول ورقة الإجابة كإشارة للمصحح ثم دعوتها لمقابلتها بمكتبه الخاص0000, ثم مكالمة أخرى سألته فيها عن النتيجة والتقديرات وطمأنته لها بامتياز,' ثم مكالمات أخرى بينهما اتفقا فيها على إخلائها  المسكن من أولادها والخدم تمهيدا للقائهما منفردين يوم 10/7/1994 واتصاله من تليفونها المراقب بزوجته في منزله وأخبرها بانشغاله ووجوده في الجامعة مما حمل على الاعتقاد بوقوع جريمة رشوة متلبس بها كشفتها مراقبة تليفون المتهمة - عرضا - بمناسبة تحقيق جريمة التهريب الجمركي فتم القبض على المتهمة في 12/7/1994 وصح إذن النيابة العامة الصادر في 13/7/1994 بضبط المتهم الأول وتفتيش مسكنه لما ثبت لديها من تحقق وقوع جريمة الرشوة ونسبتها إلى المتهم الذي تقره المحكمة, ومن ثم يضحى القول ببطلان الإجراءات إذن مراقبة التليفون وتسجيل المكالمات وإذن القبض والتفتيش المشار إليهما مجردا عن سنده وتلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك, وكان رد الحكم على الدفع كاف وسائغ, كما أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إذن مراقبة التليفون الخاص بالمتهمة الثانية وبطلان إذن التفتيش لمسكن المتهم لعدم جدية التحريات, ما دام البين من الواقعة كما صار إثباته في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من التسجيل والتفتيش المدعى ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من اعتراف المتهمين وما ثبت للمحكمة من مطالعة ورقة إجابة المتهمة الثانية في لمادة البحث في الخدمة الاجتماعية وهي مادة مستقلة عن التسجيل والتفتيش, هذا فضلا عن أنه لا صفة لغير من ورقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه, ومن ثم فإن، ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في  في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحه واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها, ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله التعرض لتقرير اللجنة المشكلة لاستظهار مدى إخلال الموظف بواجبات وظيفته, فضلا عن أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعي التي لا تستأهل  طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم, فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون غير سديد. لما كان البين من الإطلاع على محضر جلسة 24 من يناير 1995 التي مثل فيها الطاعن والدفاع أن المحكمة اطلعت على أوراق الامتحان الخاصة بالمتهمة الثانية وباقي الممتحنين معها, ومن ثم كانت معروضة على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الإطلاع عليها إذا ما طلب من المحكمة ذلك, فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق, فإن النعي على المحكمة تعويلها في القضاء بإدانة الطاعن على ورقة إجابة المتهمة الثانية واختلافها عن باقي أوراق الممتحنين معها في مادة البحث يكون غير مقبول. لما كان ذلك, وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة الأول من أبريل 1998 التي حضر فيها الطاعنون المدافع عنه أنه استغنى عن طلب ضم دفتر الأحوال الذي سبق أن قررت المحكمة ضمه بجلسة 1/2/1998, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدا, هذا فضلا عن أن قرار المحكمة الذي تصدره في صدد تجهيز الدعوى ومع الأدلة لا يعدو أن يكون قرارا تحضيريا لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتما العمل على  تنفيذه صونا لهذا الحقوق, فإن نعي الطاعن على المحكمة استغناءها عن قرارها بضم دفتر الأحوال بإدارة مباحث الأموال العامة عن الفترة من 12من يونيو 1994 حتى 29 من  يوليو 1994 لا يكون في محله, إذ يجوز لها العدول عنه. وحيث إن المادة 107 من قانون العقوبات تنص على أنه "يكون من قبيل الوعد أو العطية أي فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أيا كان اسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية", فإن مفاد هذا النص أن الفائدة التي يحصل عليها المرتشي ليست قاصرة على الأمور المادية وإنما يدخل فيه أيضا - وطبقا للنص الفائدة غير المادية التي  تشمل الجوانب المعنوية سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة والتي يدخل فيه  المتع الجنسية أيا كانت صورها والتي تجردت من صفة المشروعية, يدل على ذلك أن التعبير الوارد في النص جاء مطلقا وذلك في قوله عن الفائدة أيا كانت اسمها أو نوعها, بل أضاف في وصفها قوله "سواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية" وإذ كان الأمر كذلك, فإن طلب الطاعن من المتهمة الثانية مواقعتها لقاء إفشاءه لها بموضوع الامتحان - وقد تم ذلك- فإن مقابل الرشوة يكون قد تحقق في الواقع , ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من أن العلاقة الجنسية لا تصلح ان تكون منفعة مقابلا للرشوة غير سديد. لما كان ذلك, وكانت المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أنه "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ  وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيا ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به" كما تنص في المادة 104 من ذات القانون على أنه "كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع منه في من ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من هذا القانون, وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن بضعف الحد الأدنى للغرامة المذكورة في المادة 103سالفة البيان باعتباره موظفا عاما طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته- ولم يزد الغرامة عن حدها الأدنى المذكور في الوارد بالنص والواجب توقيعه', فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ بقضائه بغرامة قدرها 2000- ألفي جنيه- رغم عدم إمكان تقدير قيمة مقابل الرشوة يعد دفاعا قانونيا ظاهر البطلان بعيدا عن محاجة الصواب. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن رقم 853 لسنــة 64 قضائية



برئاسة السيد المستشار / مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب  نواب رئيس المحكمة وهاني حنا  .

------------------------

1 - حيث أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه تعدى على أرض مملوكة للدولة بالبناء عليها , وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 372 مكررا من قانون العقوبات . لما كان ذلك , وكانت المادة سالفة الذكر والمضافة بموجب القانون رقم 34 لسنة 1984 قد جرى نصها على أنه " كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مباني أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته . فضلا عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة " , وكان البين من صريح عبارات نص المادة سالفة الذكر ووضوح لفظها أن أفعال التعدي على العقارات المملوكة للدولة والواردة حصرا بالمادة سالفة الذكر , يجب أن تكون قائمة على غصب تلك العقارات . دلالة ذلك ما نصت عليه من وجوب الحكم برد العقار المغتصب . أما إذا كانت أفعال التعدي قد وقعت ممن يحوز تلك العقارات أو يضع اليد عليها بسند قانوني , فإنه لا يعد غاصبا ولا تسري في شأنه أحكام المادة 372 مكررا سالفة الذكر ولا يعدو ما وقع منه من أفعال مخالفة لشروط وضع يده عليها أو حيازته لها وهي بهذه المثابة ليست إلا إخلالا بالتزام مدني تطبق في شأنه القواعد المقررة في القانون المدني .

2 - لما كان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اقتصر في بيان واقعة الدعوى على ذكر وصف التهمة من أن الطاعن تعدى على الأملاك العامة للدولة واكتفى في التدليل على ثبوتها بالإحالة إلى محضر الضبط وتحقيقات الشرطة دون أن يورد مؤدى أيا من ذلك ولم يستظهر شروط انطباق نص المادة 372 مكررا في حق الطاعن على النحو سالف البيان , فإنه يكون معيبا بالقصور .

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تعدى على أرض مملوكة للدولة (هيئة الإصلاح الزراعي) بالبناء عليها على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادة 372 مكرراً من قانون العقوبات. ومحكمة جنح زفتى قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم أسبوعين وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ ورد الشيء لأصله وسداد قيمة ما تم الانتفاع به, عارض. وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه, استأنف. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض, وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه والإيقاف لعقوبة الحبس فقط.
فطعن الأستاذ ........... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ................ إلخ.

المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعدي على أرض مملوكة للدولة قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة وأدلة الثبوت التي عول عليها في إدانته, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه تعدى على أرض مملوكة للدولة بالبناء عليها, وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادة 372 مكررا من قانون العقوبات. لما كان ذلك, وكانت المادة سالفة الذكر والمضافة بموجب القانون رقم 34 لسنة 1984 قد جرى نصها على أنه "كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى شركات القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص عليها القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة منشآت عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مباني أو غراس أو برده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته فضلا عن دفع قيمة ما عاد عليه من منفعة", وكان البين من صريح عبارات المادة سالفة الذكر ووضوح لفظها أن أفعال التعدي على العقارات المملوكة للدولة والواردة حصرا بالمادة سالفة الذكر, يجب أن تكون قائمة على غصب حيازة تلك العقارات. دلالة ذلك ما نصت عليه من وجوب الحكم برد العقار المغتصب" أما إذا كانت أفعال التعدي قد وقعت ممن يحوز تلك العقارات أو يضع اليد عليها بسند قانوني, فإنه لا يعد غاصبا ولا تسري في شأنه أحكام المادة 372 مكررا سالفة الذكر, ولا يعدو ما وقع منه من أفعال إلا مخالفة لشروط وضع يده عليها أو حيازته لها وهي بتلك المثابة ليست إلا إخلالا بالتزام مدني تطبق في شأنه القواعد المقررة في القانون المدني. لما كان ذلك, وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة, وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه 
قد اقتصر في بيان واقعة الدعوى على ذكر وصف التهمة من أن الطاعن تعدى على الأملاك العامة للدولة واكتفى بالتدليل على ثبوتها بالإحالة إلى محضر الضبط وتحقيقات الشرطة دون أن يورد مؤدا أيا من ذلك ولم يستظهر شروط انطباق نص المادة 372 مكررا في حق الطاعن على النحو سالف البيان, فإنه يكون معيبا بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث الوجه الآخر من وجهي النعي.

الطعن رقم 23132 لسنــة 67 قضائية



برئاسة السيد المستشار / فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي  نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوي.

------------------------

1 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من استجوابهما بمحضر الضبط , فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن.

2 -  لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض على الطاعنين لانتفاء حالات التلبس ورد عليه في قوله " أن ضابط الواقعة النقيب ....... والذي تطمئن المحكمة إلى شهادته إنما ضبط المتهمين جميعا وكانت الجريمة في حالة تلبس إذ وقع الضبط حال خروج السيارة بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة للاتصالات "السلكية واللاسلكية وعليه , فإن هذا الدفع بدوره مفتقر إلى ما يسانده قانونا حريا بعدم النظر إليه " . لما كان ذلك , وكان من المقرر قانونا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها , وأنه يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة . وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به الطاعنين من عدم توافرهما ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغا في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون , فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير مقبول , ولا يغير من ذلك قول الحكم بأن السيارة ضبطت حال خروجها بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية , لأن ذلك لا يفيد عدم تمام خروجها بالفعل لأنه حصل الحكم لنفسه في بيان الواقعة أنها عبرت الباب الخارجي , ومن ثم تتحمل عبارة " حال خروجها " على أن ضبط السيارة كان عقب تمام الجريمة ببرهة يسيرة , وهو ما تتوافر به حالة التلبس في القانون وفقا للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية.

3 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يثرا شيئا عن وجود نقص بتحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مكان الضبط , ولم يطلبا من محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص , فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعيبا للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم .

4 - المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية, ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن دفاع الطاعن الأول بانعدام سيطرته على مكان الضبط ودفاع الطاعن الثاني بنفي التهمة استنادا إلى أن مثله لا يرتكبها.

5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى , وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .

6 - من المقرر أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله.

7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم , فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها , فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .

8 - لما كانت المادة 119 مكررا من قانون العقوبات قد نصت على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب ( الباب الرابع , اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر ) أ - القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية, وكان قانون العقوبات إذ عاقب - بمقتضى المادة 113 منه - الموظف العام أو من في حكمه إذ استولى بغير حق على مال مملوك للدولة ووحدات الإدارة المحلية أو سهل ذلك لغيره فقد أراد معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلا والملحقة بها حكما أيا كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأيا كان نوع العمل المكلف به , ولما كان الطاعن الأول بحكم كونه خفيرا وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه . في هيئة مملوكة للدولة يعد في حكم الموظفين العموميين , وكان الحكم قد حصل في مدوناته أن عمله ينحصر في مسئولية تأمين المخازن وهو ما لا يخرج عن معنى الحراسة المكلف بها - فإن ما ورد بعد ذلك في وصف التهمة التي تمت الإدانة عنها من أنه مسئول " أمين " مخازن الهيئة القومية لا يعدو أن يكون خطأ ماديا أضاف فيه الكاتب نقطتين أسفل الكلمة " أمين" هذا بالإضافة إلى أنه بفرض خطأ الحكم في تسميته أمين مخزن , فإن ذلك لا يغير حكم القانون في الواقعة التي يكفى فيها أنه موظف عام وهي صفة تتحقق أيضا من كونه خفيرا ومن ثم يضحى النعي على الحكم بخصوص ذلك غير مجد , لأنه لا يؤثر في جوهر الجريمة وسلامة الاستدلال عليها .

9 - لما كانت جريمة الاستيلاء بغير حق على المال تتم بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال في المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه , وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن الكابلات موضوع الجريمة ضبطت محملة في السيارة بعد خروجها من باب المخزن , فإن الجريمة تكون قد تمت . ومتى كان ذلك , وكان الحكم قد أثبت انصراف نية الطاعنين إلى تملك المال الذي استوليا عليه فقد أضحى ما ينعاه الطاعن الثاني من عدم جواز توقيع عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات بوصفها شروعا في جناية الاستيلاء على المال العام غير سديد .

10 - لما كان الطاعنان لما يكشفا بأسباب طعنهما عن باقي أوجه دفاعهما التي التفتت المحكمة عنهما حتى يتضح مدى أهميتهما في الدعوى , فإن ما يثيراه في هذا الصدد لا يكون مقبولا .

11 - لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وفى استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضائه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وكتاب الإدارة العامة للمشتريات بالهيئة وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف والاستجواب , ومن ثم فإن مات يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه , ولا وجه لما يثيره الطاعن من عدم كفاية إطراح الاستجواب والاعتراف كمبرر لعدم الرد عليهما بدعم أن في عدم الرد مصادرة لحق الدفاع , لأن مناط المصادرة أن تكون المحكمة قد عولت على الدليلين المدعى ببطلانهما أما وهي لم تفعل فإنها ليست بحاجة إلى الرد عليهما أو تحقيق الأمر بخصوصهما - ولا يقاس نعي الطاعن في هذا الخصوص بحالة إطراح الحكم للشهادة قبل سماعها - لأن سماع الشاهد أصل من أصول المحكمة واجب وسابق على تقدير الشهادة كدليل من أدلة الدعوى .

12 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر من محكمة الجنايات على الرغن من أن جناية تسهيل الاستيلاء على مال عام المنسوبة للطاعن الثاني تجعل الاختصاص بنظر الدعوى برمتها معقودا لمحكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملا بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 مما قد يثير مسألة تدخل محكمة النقض عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أن تصدي محكمة النقض من تلقاء نفسها - في هذه الحالة - عملا بنص المادة 35 سالفة الإشارة . فضلا عن أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين - أولهما أن يكون الحكم صادرا من محكمة لا ولاية لها بالفصل في الدعوى , وهو أمر غير متوفر في الواقعة موضوع الطعن الماثل , ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل بتحديد الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها عن الأخرى في نظامها ولا تنخرط في إطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية وتلك التي يختص بها مجلس الدولة أو القضاء العسكري , ولا كذلك توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة القضائية على اختلاف أنواعها كما هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم الأحداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980 التي تعتبر جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية , والشرط الثاني أن يكون نقض محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم وهو شرط غير متوافر بدوره في الواقعة المطروحة , إذ لا ريب في أن ما أجاز القانون رقم 105 لسنة 1980 في المادة الثانية من اشراك عناصر غير قضائية في تشكيل محاكم أمن الدولة ليس من شأنه أن يوفر للمتهم مصلحة في أن يحاكم أمامها تزيد على تلك التي توفرها له محاكمته أمام محكمة الجنايات . 

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر - بوصف أنهما شرعا في سرقة المهمات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمعدة للاستعمال والمملوكة للهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية وقد أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو ضبطهما والجريمة متلبساً بها وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/2-3, 41, 113, 118 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما - والمتهم الآخر - مبلغ وقدره 111300 جنيه "مائة وإحدى عشر ألفاً وثلاثمائة جنيه" وبعزل ........ من وظيفته بعد أن عدلت الوصف بالنسبة للمتهم ......... الطاعن الأول إلى تسهيل الاستيلاء على مال عام وبالنسبة للمتهم ........ الطاعن الثاني إلى الاشتراك في تسهيل الاستيلاء على مال عام.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ............ إلخ.

المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما .... بجريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام ودان ثانيهما .... بجريمة الاشتراك في التسهيل, قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وتطبيق القانون، ذلك بأن الحكم رد بما لا يصلح ردا على دفاع الطاعنين ببطلان استجوابهما بمحضر الضبط وببطلان القبض عليهما لانتفاء حالة التلبس، ولم يأبه لدفاعهما بصدد عدم معاينة النيابة العامة لمكان حفظ مفاتيح المخزن وعدم سيطرة الطاعنة الأولى عليه، كما أعرض عن دفاعهما لانفراد ضابط الواقعة بالشهادة وحجبه باقي أفراد القوة المرافقة عنها، وأنه بالنسبة للطاعن .... عدلت النيابة وصف التهمة بالنسبة له إلى  تسهيل الاستيلاء والاشتراك فيه استنادا إلى أنه أمين مخزن على خلاف الثابت بالأوراق من أنه .... مع أن التكييف الصحيح للواقعة، لا يعدو أن يكون مجرد شروع في الجريمة لأن السيارة ضبطت حال خروجها من البوابة، ومن ثم فلا يجوز معه للمحكمة أن تقضي بالغرامة النسبية المقررة في المادة 118 من قانون العقوبات للجريمة التامة.هذا إلى أن للواقعة أكثر من صورة ولم يعرض الحكم للمستندات الرسمية الدالة على أن مثله لا يرتكب الجريمة. وأخيرا فإن المحكمة ردت بما لا يصلح ردا على بطلان اعترافه  في محضر الشرطة - ولا يكفي قولها بعدم تعويلها على هذا الاعتراف ولا على الاستجواب المدفوع ببطلانه - لأن في قولها مصادرة لحق الطاعن في حق الدفاع ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه, وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في أن المتهم 00 الطاعن الأول اتفق مع المتهمين 000 الطاعن الثاني .... و.... على أن يسهل لهما الاستيلاء على  بعض الكابلات المملوكة للهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية من مخازن الهيئة المذكورة التي يتولى هو مسئولية تأمينها ونفاذا لهذا الاتفاق حضر المتهمان المذكوران إلى مخازن الهيئة الواقعة بشارع ... بالمعادي يستقلان سيارة نصف نقل وكان ذلك في حوالي الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم 2/10/1996 حيث كان ينتظرهما وفتح لهم باب المخازن, وقاموا ثلاثتهم بتحميل عدد 65 خمسة وستين لفة من كابلات التليفونات طول كل لفة 160 مترا على السيارة وبعد أن عبرت الباب الخارجي للمخازن تم ضبطها وضبط المتهمين الثاني والثالث واللذان كان بداخلها والمتهم الأول الذي كان قد فتح لهما بوابة الخروج من المخازن, وقد تبين أن هذه المضبوطات ملك الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية ، وأنها غير متداولة بالأسواق، وإن ثمنها مائة وأحد عشر ألفا وثلاثمائة جنيه، وقد استدل الحكم على صحة الواقعة وثبوتها في حق المتهمين من شهادة النقيب ..... ضابط مباحث المعادي .... و.... أمين مخزن الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية ... مراقب عام مخازن المشروعات بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية وما قرره ..... بالتحقيقات وما جاء بكتاب الإدارة العامة للمشتريات بالهيئة, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من استجوابهما بمحضر الضبط, فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض على الطاعنين لانتفاء حالة التلبس ورد عليه في قوله إن ضابط الواقعة النقيب ..... والذي تطمئن المحكمة إلى شهادته إنما ضبط المتهمين جميعا وكانت الجريمة في حالة تلبس إذ وقع الضبط حال خروج السيارة بالمسروقات من بوابة المخازن الهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية وعليه, فإن هذا الدفع بدوره مفتقر لما يسانده قانونا حريا بعدم النظر إليه.". لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن يكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا بها أو غير متلبسا بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضائها على أسباب سائغة. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به الطاعنين من عدم توافرها وبطلان القبض والتفتيش كاف وسائغا في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير مقبول، ولا يغير من ذلك قول الحكم بأن السيارة ضبطت حال خروجها بالمسروقات من بوابة المخازن بالهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية لأن ذلك يفيد عدم خروجها بالفعل لأنه حصل لنفسه في بيان الواقعة أنها عبرت الباب الخارجي ومن ثم تتحمل عبارة خروجها على أن ضبط السيارة كان عقب تمام الجريمة ببرهة يسيرة وهو ما تتوافر به حالة التلبس في القانون وفقا للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم يثيرا شيئا من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة لهم معاينة مكان الضبط ولم يطلبا من محكم الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص، فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أودرها الحكم كما أن  لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته على أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها- كالحال في الدعوى الماثلة والتي تكفي لحمل قضائها- وم ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن دفاع الطاعن أو لعدم سيطرتها على مكان الضبط ودفاع الطاعن الثاني بنفي التهمة استنادا إلى أن مثله لا يرتكبها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة المصاحبة له، لا ينال من سلامة أقواله. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحلمها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 119 مكررا من قانون العقوبات قد نصت على أنه يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب (الباب الرابع. اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر) أ- القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة المحلية، وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة 113 منه الموظف العام أو من في حكمه إذا استولى بغير حق على ما هو مملوك للدولة ووحدات الإدارة المحلية أو سهل  لغيره فقد أراد معاقبة جميع الفئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلا والملحقة بها حكما أيا كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأيا كان نوع العمل المكلف به، ولما كان الطاعن الأول بحكم كونه خفيرا وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه في هيئة مملوكة لدولة يعد في حكم الموظفين العموميين، وكان الحكم قد حصل في مدوناته أن عمله ينحصر في مسئولية تأمين المخازن وهو ما لا يخرج عن معنى الحراسة المكلف بها- فإن ما ورد بعد ذلك في وصف التمهة التي تمت الإدانة عنها من أنه مسئول "أمين مخازن لهيئة قومية" لا يعدو أن يكون خطأ ماديا أضاف فيه الكاتب نقطتين أسفل كلمة " أأتمن" هذا بالإضافة إلى أنه بفرض خطأ الحكم فيما تسمية أمين مخزن، فإن ذلك لا يغير حكم القانون على الواقعة التي يكفي فيها أنه موظف عام وهي صفة تتحق أيضا من كونه خفيرا. ومن ثم، يضحى النعي على الحكم بخصوص ذلك غير مجد، لأنه لا يؤثر في جوهر الجريمة وسلامة الاستدلال عليها. لما كان ذلك، وكانت جريمة الاستيلاء بغير حق على المال العام تتم بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي يحفظه فيه بنية تملكه، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن الكابلات موضوع الجريمة ضبطت محملة في السيارة بعد خروجها من باب المخزن، فإن الجريمة تكون قد تمت، ومتى كان ذلك، فإن الحكم قد أثبت انصراف نية الطاعنين إلى تملك المال الذي استوليا عليه فقد أضحى ما ينعاه الطاعن الثاني من عدم جواز توقيع عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات بوصفها شروعها في جريمة الاستيلاء على المال العام غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن م باقي أوجه دفاعهما التي التفتت المحكمة عنها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، فإن ما يثيرانه في هذا الصدد لا يكون مقبولا، لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه، وإنما أقام قضائه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وكتاب الإدارة العامة للمشتريات بالهيئة، وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف والاستجواب. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه، ولا وجه مما يثيره الطاعن من عدم كفاية إطراح الاستجواب والاعتراف كمبرر لعدم الرد عليها بدعوى أن عدم الرد مصادرة لحق الدفاع، بل لأن مناط المصادرة أن تكون المحكمة قد عولت على الدليلين المدعى ببطلانهما إما وهي لم تفعل فإنها ليست بحاجة إلى الرد عليهما أو تحقيق الأمر بخصوصهما- ولا يقاس نعي الطاعن في هذا الخصوص بحالة إطراح الحكم للشهادة قبل سماعها- لأن سماع الشاهد أصل من أصول المحاكمة واجب وسابق على تقدير الشهادة كدليل من أدلة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطع برمته يكون على على غير أساس متعينا رفضه موضوعا، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم المحكوم فيه صدر من محكمة الجنايات على الرغم من أن جناية تسهيل الاستيلاء على المام العام المنسوبة للطاعن الثاني تجعل الاختصاص بنظر الدعوى برمتها معقودا لمحكمة أمن  الدولة العليا دون غيرها عملا بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة1980 مما يثير  مسألة تدخل محكم النقض عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أن تصدي محكمة النقض من تلقاء نفسها - في هذه الحالة عملا بنص المادة 35 سالفة الإشارة- فضلا عن أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين أولهما أن يكون الحكم صادر من محكمة لا ولاية لها بالفصل في الدعوى وهو أمرغير متوافر في الواقعة موضوع الطعن الماثل، ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل بتحديد الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها عن الأخرى في نظامها ولا تنخرط لإطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد المنازعات التي تدخل في إختصاص السلطة القضائية وتلك التي تختص به مجلس الدولة أو القضاء العسكري، ولا  توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة  كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة القضائية على اختلاف أنواعها- كما هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم أمن الدولة حداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980- التي تعتبر جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية، ويشرط ثانيا أن يكون نقض محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم وهو شرط غير متوافر بدوره في الواقعة المطروحة إذ لا ريب في أن ما أجازه القانون رقم 105 لسنة 1980 في المادة الثانية من إشراك عناصر غير قضائية في تشكيل محاكم أمن الدولة ليس من شأنه أن يوفر للمتهم مصلحة في أن يحاكم أمامها تزيد على تلك التي توفرها له محاكمته أمام محكمة الجنايات.
 

الطعن رقم 23107 لسنــة 67 قضائية



برئاسة السيد المستشار / فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي  نواب رئيس المحكمة وعبد التواب أبو طالب  .

------------------------

1 - الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على المرافعة التي تحصل أمام نفس القاضي الذي أصدر الحكم وعلى التحقيق الشفوي الذي أجراه بنفسه, إذ أساس المحاكمة الجنائية هي حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الشفوي الذي يجريه بنفسه ويسمع فيه الشهود ما دام سماعهم ممكنا, محصلا هذه العقيدة من الثقة التي توحي بها أقوال الشاهد أو لا توحي, ومن التأثير الذي تحدثه هذه الأقوال في نفسه , وهو ينصت إليها مما ينبني عليه أن المحكمة التي فصلت في الدعوى أن تسمع الشهادة من الشاهد نفسه ما دام سماعه ممكنا ولم يتنازل المتهم أو المدافع عنه عن ذلك صراحة أو ضمنا, لأن التفرس في حالة الشاهد النفسية وقت أداء الشهادة ومراوغاته أو اضطرابه وغير ذلك, مما يعين القاضي على تقدير أقواله حق قدرها, ولا يجوز للمحكمة الافتئات على هذا الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية , والذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت , إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب, أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا.

2 - من المقرر أن مصادرة الدفاع فيما تمسك به من طلب مناقشة المجني عليها يهدر المعنى الذي قصده الشارع إلى تحققه من المادة سالفة الذكر, لأن حق الدفاع في سماع الشاهد لا يتعلق بما أبداه في  التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود بل بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهارا لوجه الحقيقة, ولا يؤثر في ذلك أن تكون المحكمة قد أسقطت في حكمها من عناصر الإثبات شهادة المجني عليها التي تمسك الدفاع بسماعها ولم تعول عليها في إدانة الطاعن لاحتمال أن تجئ الشاهد التي تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها, بما يقنعها بغير ما اقتنعت به من الأدلة الأخرى التي عولت عليها. فضلا عن أن الدفاع لا يستطيع أن يتنبأ سلفا بما قد يدور في وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته, لأن حق الدفاع سابق في وجوده وترتيبه وأثره على مداولة القاضي وحكمه, ولأن وجدان القاضي قد يتأثر بما يبدو له أنه أطرحه عند الموازنة بين الأدلة إثباتا ونفيا. لما كان ذلك, وكان المدافع عن الطاعن قد طلب سماع ومناقشة المجني عليها, ورفضت المحكمة هذا الطلب قولا إن المحكمة لم تعول عليها, فإنها تكون قد أخلت بمبدأ شفوية المرافعة وجاء حكمها مشوبا بالإخلال بحق الدفاع. بما يوجب نقضه.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً/ سرق المصوغات الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها .......... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بأن دس لها مواد مخدرة في مشروب قدم لها فأفقدها الوعي وشل بذلك مقاومتها وتمكن بتلك الوسيلة من سرقتها على النحو المبين بالأوراق. ثانياً/ واقع المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها بأن دس لها مواد مخدرة في مشروب قدم لها فأفقدها الوعي وشل بذلك مقاومتها وتمكن بتلك الوسيلة من معاشرتها جنسياً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 267/1, 314/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس عشرة سنة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمتي مواقعة أنثى بغير رضاها وسرقة بالإكراه, قد شابه الإخلال بحق الدفاع, ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بسماع شهادة المجني عليها, إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب بما لا يسوغ رفضه, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن  حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن اكتفى في مستهلها بتلاوة أقوال المجني عليها, بيد أنه عاد فاختتم مرافعته طالبا مناقشتها, ويبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أسقطت في حكمها شهادة المجني عليها وعرضت لطلب مناقشة المجني عليها وردت عليها في قولها "وعن طلب مناقشة المجني عليها فإن المحكمة لا تعول في قضاءها على أقوالها ومن ثم تلتفت عنه000" لما كان ذلك, وكان الأصل أن الأحكام الجنائية تبنى على  المرافعة التي تحصل أمام نفس القاضي الذي أصدر الحكم وعلى التحقيق الشفوي الذي أجراه بنفسه, إذ أساس المحاكمة الجنائية هي حرية القاضي في تكوين عقيدته من التحقيق الشفوي الذي يجريه بنفسه ويسمع فيه الشهود مادام سماعهم ممكنا, محصلا هذه العقيدة من الثقة التي توحي بها أقوال الشاهد أو  توحي, ومن التأثير الذي تحدثه هذه الأوراق في نفسه وهو ينصت إليها, مما ينبني عليه أنه على المحكمة التي فصلت في الدعوى أن تسمع الشهادة من الشاهد نفسه أو المدافع عنه صراحة أو ضمنا, لأن التفرس في حالة الشهادة شاهد النفسية وقت أداء الشهادة ومراوغته أو اضطرابه وغير ذلك, مما يعين القاضي على تقدير أقواله حق قدرها, ولا يجوز للمحكمة الافتئات على هذا الأصل المقرر بالمادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية, والذي  افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب, أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا - وهو ما لم يحصل في الدعوى - ومن ثم فإن مصادرة الدفاع فيما تمسك به من طلب مناقشة المجني عليها, يهدر المعنى الذي قصده الشارع إلى تحققه من المادة سالفة الذكر, لأن حق الدفاع في سماع الشاهد لا يتعلق بما أبداه في التحقيقات بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود, بل بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته إظهارا لوجه الحقيقة, ولا يؤثر في ذلك أن تكون المحكمة قد أسقطت في حكمها من عناصر الإثبات شهادة المجني عليها التي تمسك الدفاع بسماعها ولم تعول عليه في إدانة الطاعن لاحتمال أن تجيء الشهادة التي تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بغير ما اقتنعت به من الأدلة الأخرى التي عولت عليها, فضلا عن أن الدفاع لا يستطيع أن يتنبأ سلفا بما قد يدور في وجدان قاضيه عندما يخلو إلى مداولته لأن حق الدفاع سابق في وجوده وترتيبه وأثره على مداولة القاضي وحكمه, ولأن وجدان القاضي قد يتأثر بما يبدو له أنه أطرحه عند الموازنة بين الأدلة إثباتا ونفيا. لما كان ذلك, وكان المدافع عن الطاعن قد طلب سماع ومناقشة المجني عليها, ورفضت المحكمة هذا الطلب قولا إن المحكمة لم تعول عليه، فإنها تكون قد أخلت بمبدأ شفوية المرافعة وجاء حكمها مشوبا بالإخلال بحق الدفاع, بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن رقم 15325 لسنــة 64 قضائية



برئاسة السيد المستشار / فتحي خليفة  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي  نواب رئيس المحكمة ومحمد سعيد .

------------------------

1 - لما كانت المادة الثالثة من قانون العقوبات تنص على أن " كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبه فيه . وكان مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعنين لدى عودتهما هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليهما الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج معاقبا عليها طبقا لقانون دولة العراق , وإذ ما كان الطاعنان يجحدان العقاب على الفعل المنسوب اليهما في هذه الدعوى , وكان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعي التدليل عليها , إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملا بحكم المادة الثالثة من هذا القانون, فإنه من المتعين على قاضي الموضوع وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه , أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه , وهو ما خلا منه الحكم, مما يعيب الحكم.

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهما:- أولاً/ ارتكبا وآخر حسن النية هو السيد/ ........... قاضي محكمة الأحوال الشخصية تزويراً في محرر عرفي وهو عقد زواجهما المسجل بتاريخ 4 من سبتمبر سنة 1985 بدولة العراق وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أقرا حال تحريره المختص بوظيفته خلو المتهمة الأولى من الموانع الشرعية وعدم وجودها في عصمة آخر على خلاف الحقيقة مع علمهما بتزويرها فضبط عقد زواجهما سالف البيان بناءاً على ذلك. ثانياً/ استعملا المحرر المزور سالف البيان فيما زور من أجله بأن قدماه للمسئولين بالسفارة المصرية بالعراق للاحتجاج بموجبه مع علمهما بتزويره على النحو المبين بالأوراق, وطلبت عقابهما بالمادتين 213, 215 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز المنصورة قضت غيابياً بحبس كل متهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ. عارضا. وفضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه, استأنفا. ومحكمة المنصورة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضا. وقضي بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ......... إلخ.

المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاشتراك في تزوير محرر عرفي واستعماله قد شابه القصور في التسبيب, ذلك أنه لم يعرض لدفاعهما الذي تمسكا به في مذكرة قدمت في فترة حجز الدعوى للحكم, بعدم جواز محاكمتهما استنادا إلى نص المادة الثالثة من قانون العقوبات, لأن ما نسب إليهما من تصرف وقع بالعراق وهو فعل غير معاقب عليه بها, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت المادة الثالثة من قانون العقوبات تنص على أن كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر, وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه. وكان مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعنين لدى عودتهما هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليهما الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج, معاقبا عليها طبقا لقانون دولة العراق, وإذ ما كان الطاعنان يجحدان العقاب على الحكم المنسوب إليهما في هذه الدعوى, ولما كان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعي التدليل عليها, إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملا بحكم المادة الثالثة من هذا القانون, فإنه من المتعين على قاضي الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة لديه. وأن يتحقق من أن الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه, وهو ما خلا منه الحكم, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه والإعادة.
لما كانت المادة الثالثة من قانون العقوبات تنص على أنه "كل مصري ارتكب وهو في خارج القطر, فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه, إذا عاد إلى القطر , وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه. وكان مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعنين لدى عودتهما هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليهما الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج معاقبا عليها طبقا لقانون دولة العراق, وإذ ما كان الطاعنان يجحدان العقاب على الفعل المنسوب إليهما في هذه الدعوى, وكان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعي التدليل عليها, إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملا بحكم المادة الثالثة من هذا القانون, فإنه من المتعين على قاضي الموضوع, وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه- أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه, وهو ما خلا منه الحكم, مما يعيب الحكم. ويوجب النقض والإعادة.

الطعن رقم 3459 لسنــة 64 قضائية



برئاسة السيد المستشار / فتحي خليفة  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وعمر بريك   نائبي رئيس المحكمة وعبد التواب أبو طالب ومحمد سعيد  .

------------------------

1 - من حيث أن قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 الذي صدر بعد وقوع الجريمة موضوع الدعوى وقبل الحكم فيها بحكم بات قد أجازت المادة 534 منه للقاضي توقيع عقوبة الغرامة على الجاني في جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب , خلافا لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقوبة الحبس , فإنه بهذه المثابة يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعنة في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات مما يخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم , ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة حتى تتاح للطاعنة فرصة محاكمتها من جديد على ضوء القانون الأصلح دون حاجة لبحث أوجه الطعن.

     الوقائع 

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعنة بوصف أنها أعطت له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلب عقابها بالمادتين 336, 337 من قانون العقوبات وإلزامها أن تؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة قضت حضورياً بحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامها أن تؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت. ومحكمة المنيا الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضت وقضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن. فطعن الأستاذ/ ............. عن الأستاذ/ ........... عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .............. إلخ.

المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع, ذلك أنه لم يتخلف عن حضور جلسة المعارضة الاستئنافية إلا لعذر قهري هو مرضها, هذا إلى أنه سبق محاكمتها عن ذات الشيك في الجنحة رقم 6175 لسنة 1991 ديروط, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
 ومن حيث إن قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 الذي صدر بعد وقوع الجريمة موضوع الدعوى وقبل الحكم فيها بحكم بات قد أجازت المادة 534 منه للقاضي توقيع عقوبة الغرامة على الجاني في جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب, خلافا لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقبة الحبس, فإنه بهذه المثابة يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعنة في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات بما يخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم. ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة حتى تتاح للطاعن فرصة محاكمتها من جديد على ضوء القانون الأصلح دون حاجة لبحث أوجه الطعن.

الطعن رقم 9208 لسنــة 64 قضائية



برئاسة السيد المستشار / محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسين الشافعي ومحمد حسين مصطفى   نواب رئيس المحكمة وحسن حسين الغزيري وهاني مصطفى كمال .

------------------------

1 - لما كان البين من الإطلاع على محضر جلسة المعارضة الاستئنافية والتي صدر فيها الحكم المعارض فيه أن الطاعن قد تخلف عن الحضور فيها ولم يحضر عنه محام يوضح عذره في ذلك , وقد أشار في أسباب طعنه إلى أن عذر قهري هو المرض قد حال بينه وبين الحضور بتلك الجلسة وأبدا دفاعه . وقدم شهادتين طبيتين - تدليلا على ذلك العذر -  لا تطمئن اليهما المحكمة , فإن منعاه على الحكم المطعون فيه بقالة البطلان والإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله . لما كان ذلك . لما كان ذلك وكان تخلف المتهم أو مثوله أمام محكمة الموضوع لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليه , إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه أمامها يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظرا لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها . فضلا عن أنه لا يقبل من الطاعن الادعاء في طعنه لأول مرة أمام محكمة النقض بمرضه في اليوم الذي كان محددا لنظر معارضته أمام محكمة أول درجة ويكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد .

2 - إن تحرير الحكم على نموذج لا يقتضى بطلانه ما دام الثابت أن الحكم المطعون فيه استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون .

3 - لما كان الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد , فإن منعي الطاعن عليه من إغفاله مواد العقاب يكون في غير محله , لأن هذا البيان لا يكون لازما إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة في موضوع الدعوى ولا كذلك الحكم المطعون فيه الذي يدخل في عداد الأحكام الشكلية فحسب .

     الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر قبل الطاعن أمام محكمة ......... بوصف أنه أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336, 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف, ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد.عارض وقضي باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/ ......... المحامي عن الأستاذ/ .......... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ............... إلخ.

المحكمة

لما كان البين من الإطلاع على محضر جلسة المعارضة الإستئنافية والتي صدر فيها الحكم المعارض فيه أن الطاعن قد تخلف عن الحضور فيها ولم يحضر عنه محام يوضح عذره في ذلك، وقد أشار في أسباب طعنه  إلى عذر قهري هو المرض قد حال بينه وبين الحضور بتلك الجلسة وإبداء دفاعه، وقدم شهادتين طبيتين - تدليلا على ذلك العذر- لا تطمئن إليهما المحكمة، فإن منعاه على الحكم المطعون فيه بقالة البطلان والإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان تخلف المتهم أو مثوله أمام محكمة الموضوع لإبداء دفاعه الأمر فيه مرجعه إليها، إلا أن قعوده عن إبداء دفاعه أمامها يحول بينه وبين إبداءه أمام محكمة النقض نظرا لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها فضلا عن أنه لا يقبل من الطاعن الإدعاء في طعنه لأول مرة أمام محكمة النقض بمرضه في اليوم الذي كان محددا لنظر معارضته أمام محكمة أول درجة، ويكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحرير الحكم على نموذج لا يقتضي بطلانه ما دام  الثابت أن الحكم المطعون فيه قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون على غير محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد، فإن منعى الطاعن عليه من إغفاله مواد العقاب يكون في غير محله، لأن هذا البيان لا يكون لازما إلا في أحكام الإدانة الصادرة في موضوع الدعوى, ولا كذلك الحكم المطعون فيه الذي يدخل في عداد الأحكام الشكلية فحسب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس، مما يفصح عن عدم قبوله موضوعا.

الطعن رقم 11621 لسنــة 64 قضائية



برئاسة السيد المستشار / مجدي الجندي  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / رجب فراج وعبد الفتاح حبيب ووجيه أديب نواب رئيس المحكمة وعوض خالد .

------------------------

1 - لما كان يبين من الإطلاع على محضر جلسة المعارضة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن تخلف عن الحضور فيها ولم يحضر عنه أحد يوضح عذره في ذلك فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه اعتبار معارضته كأن لم تكن , وإذ كان الطاعن يعتذر عن تخلفه عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بعذر المرض الذي قدم عنه - عند إيداع أسباب طعنه - شهادة طبية مؤرخة 16 من ديسمبر سنة 1993 ورد بها أنه بالكشف عليه وجد عنده ارتفاع بدرجة الحرارة مع التهاب روماتزمي حاد ونصح له بالراحة التامة لمدة ثمانية أيام . ولما كانت هذه المحكمة لا تطمئن إلى صحة عذر الطاعن المستند إلى هذه الشهادة , إذ أنها لا تفيد أن المرض الزمه الفراش في التاريخ الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه , هذا فضلا عن أن الثابت من الأوراق أن الطاعن تخلف عن شهود أية جلسة من جلسات المحاكمة التي نظرت فيها الدعوى ابتدائا واستئنافا مما ينم عن عدم جدية تلك الشهادة . ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون براء من عوار البطلان .

2 - لما كان الحكم المطعون فيه وقد قضى باعتبار معارضة الطاعن الاستئنافية كأن لم تكن يندمج في الحكم المعارض فيه الذي قضى غيابيا بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد , فإنه لا محل للقول بنقض الحكم المطعون فيه لصدور قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 الأصلح للمتهم لتعلق ذلك بموضوع الدعوى الذي لا يجوز التحدث فيه إلا إذا كان الاستئناف مقبولا من ناحية الشكل والا انعطف الطعن على الحكم الابتدائي الذي قضى وحده في موضوع الدعوى وهو مالا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما يشوبه بعد أن حاز قوة الأمر المقضي .

     الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح النزهة ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336, 337 من قانون العقوبات والتزامه بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وبأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. عارض وقضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/ ............... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .......... إلخ.

المحكمة

حيث إنه يبين من الإطلاع على محضر جلسة المعارضة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون  فيه أن الطاعن  تخلف عن الحضور فيها ولم يحضر عنه أحد يوضح عذره في ذلك فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه باعتبار المعارضة كأن لم تكن . وإذ كان الطاعن يعتذر عن تخلفه عن حضور الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بعذر المرض الذي قدم عنه - عند إيداع أسباب طعنه - شهادة طبية مؤرخة 16 من ديسمبر سنة 1993 ورد بها أنه بالكشف عليه وجد عنده ارتفاع بدرجة الحرارة مع التهاب روماتزمي حاد ونصح له بالراحة التامة لمدة ثمانية أيام. ولما كانت هذه المحكمة لا تطمئن إلى  صحة عذر الطاعن المستند  إلى هذه الشهادة، إذ أنه لا تفيد أن المرض ألزمه الفراش في التاريخ الذي صدر يه الحكم المطعون فيه ، هذا فضلا عن أن الثابت من الأوراق أن الطاعن  تخلف عن شهود أية جلسة من جلسات المحاكمة التي نظرت فيها الدعوى ابتدائيا واستئنافيا، مما ينم عن عدم جدية هذه الشهادة. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون براء من عوار البطلان ويضحى ما يثير ه الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى باعتبار معارضة الطاعن الاستئنافية كأن لم تكن يندمج في الحكم المعارض فيه الذي قضى غيابيا بعدم قبول الاستئناف شكلا للتقرير به بعد الميعاد، فإنه لا محل للقول بنقض الحكم المطعون فيه لصدور قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 الأصلح للمتهم لتعلق ذلك بموضوع الدعوى الذي لا يجوز التحدث فيه، إلا إذا كان الاستئناف مقبولا من ناحية الشكل  وإلا انعطف الطعن على الحكم الابتدائي الذي قضى وحده في موضوع الدعوى وهو ما لا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لما يشوبه بعد أن حاز قوة الأمر المقضي. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحا عن عدم قبوله موضوعا.

الطعن رقم 2884 لسنــة 64 قضائية



برئاسة السيد المستشار / مجدي الجندي  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / رجب فراج وعبد الفتاح حبيب ووجيه أديب نواب رئيس المحكمة وعوض خالد .

------------------------

1 - من المقرر أن مناط المسئولية الجنائية في الجريمة المسندة إلى الطاعن أن يكون الصرف أو إلقاء المخلفات مخالفا للضوابط والمعايير والمواصفات التي حددتها اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه ومن ثم فإن تلك الضوابط والمعايير تعد في خصوص هذه الدعوى هامة وجوهرية . 
لما كان الحكم المطعون فيه سواء فيما اعتنقه من أسباب الحكم الابتدائي أو ما أضاف إليه من أسباب قد خلا من بيان ماهية الضوابط والمعايير والمواصفات الخاصة بصرف المخلفات المنصوص عليها في الباب السادس من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه وكيف أنها خولفت وما إذا كان الصرف قد تم على مسطحات المياه العذبة أو غير العذبة وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور .

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه صرف مخلفات في مجرى نهر النيل على خلاف القانون وطلبت عقابه بالمواد 1, 2, 16 من القانون رقم 48 لسنة 1982. ومحكمة جنح "نجع حمادي" قضت غيابياً بتغريم المتهم مبلغ خمسمائة جنيه. عارض, وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف, ومحكمة قنا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ/ .............. المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ............. إلخ.

المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة صرف مخلفات في مجرى النيل على خلاف القانون، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه جاء مجملا في قضاؤه، لا يبين منه توافر عناصر الإدانة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 82 في شأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث - المنطبق على واقعة الدعوى - تنص على أنه "يحظر الصرف أو إلقاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية  من العقارات أو المحال أو المنشآت  التجارية والصناعية والسياحية ومن عمليات الصرف الصحي وغيرها من مجاري المياه على كل أطوالها ومسطحاتها، إلا بعد الحصول على ترخيص من وزارة الري في الحالات  ووفق الضوابط والمعايير التي يصدر به قرارا من وزير الري بناء على اقتراح وزير الصحة ويتضمن الترخيص الصادر في هذا الشأن تحديدا للمعايير المواصفات الخاصة بكل حالة على حده". وحدد الباب السادس من قرار وزير الري رقم 8 لسنة 83- باللائحة التنفيذية للقانون رقم 48 لسنة 82- الضوابط والمعايير والمواصفات الخاصة بصرف المخلفات السائلة إلى مجاري المياه، وكان مؤدى النصوص المتقدمة ، إن مناط المسئولية الجنائية في الجريمة المسندة إلى الطاعن أن يكون الصرف أو إلقاء المخلفات مخالفا للضوابط والمعايير والمواصفات التي حددتها اللائحة التنفيذية  للقانون المشار إليه، ومن ثم فإن تلك الضوابط والمعايير تعد في خصوص تلك الدعوى هامة وجوهرية، وإذ كان الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه - قضى بإدانة الطاعن تأسيسا على قوله" إن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة قبله من الوارد بمحضر الضبط ومن عدم دفعه لها بدفاع مقبول بما يتعين معه عقابه عنها طبقا لمواد الاتهام وعملا بالمادة 304/2أ ج "، ثم أضاف الحكم المطعون فيه قوله "وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل فيما أثبته محرر المحضر المؤرخ 00من أنه أثناء مروره باللنش 126 شرطة شاهد وحدة بحرية تسير من بحري إلى قبلي وعند التعرض لها وجد المدعو/0000 يعمل رئيس الوحدة وهي تحمل رقم 72 ترخيص المسماه سكر التابعة لشركة 000 وجدد أنها لا تستعمل دورة مياه للصرف الصحي الموجود بالوحدة وتستعمل دورة المياه القديمة التي ترمي في مياه النيل مباشرة وحيث إن التهمة ثابت قبل المتهم ثبوتا كافيا لإدانته ومن ثم يتعين تأييد الحكم المستأنف". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه سواء فيما اعتنقه من أسباب الحكم الابتدائي أو ما أضاف إليه  أن أسباب قد خلا من ماهية الضوابط والمعايير والمواصفات الخاصة بصرف المخلفات المنصوص عليها في الباب السادس من اللائحة التنفيذية  للقانون المشار إليه  وكيف أنها خولفت وما إذا كان الصرف قد تم على مسطحات المياه العذبة. وكان الأصل  أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وأن يبين مؤداها بيانا كافيا يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور الذي يعيبه ويعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على واقعة الدعوى وتقول كلمتها في شأن ما يثيره الطاعن في أوجه الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن رقم 4255 لسنــة 61 قضائية النقض الجنائي






برئاسة السيد المستشار / الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد على عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة وفرغلي زناتي  نواب رئيس المحكمة .

------------------------

1 - إن المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه , فصار ضمن ذمته المالية عنصرا من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون , مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة . والكسب غير المشروع أخذا من نص قانونه - رقم 62 لسنة 1975 - لا يعدو صورتين الأولى : وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهي التي يثبت فيها في حق الموظف ومن حكمه - أيا كان نوع وظيفته , استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال . والثانية : وهي المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف أو من في حكمه ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفى هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير . ويتعين على قاضى الموضوع لإعمال هذه القرينة , أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين - وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص هذا الاستغلال حتى يصح اعتباره عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة , على أن هذه الزيادة تمثل كسبا غير مشروع . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع , لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو أن نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال , وإنما اعتبر مجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته دليلا على أن ما كسبه غير مشروع , فإن الحكم يكون فوق قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون .

     الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته من الموظفين العموميين بالجهاز الإداري بالدولة (مهندس مراجع بحي شرق إسكندرية) طرأت زيادة في ثروته لا تتناسب مع موارده المالية بلغت قيمتها 89121 جنيه (فقط تسعة وثمانون ألف ومائة وواحد وعشرون جنيهاً مصرياً لا غير) وكذا مبلغ 13058 دولار أمريكي (فقط ثلاثة عشر ألف وثمانية وخمسون دولاراً أمريكياً) وعجز عن إثبات مصدر مشروع لتلك المبالغ على النحو المبين بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 1/1, 18/1 من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ 89121 جنيه تسعة وثمانون ألف ومائة وواحد وعشرين جنيهاً مصرياً ومبلغ 13058 دولار ثلاثة عشر ألف وثمانية وخمسين دولاراً أمريكياً وبرد مبلغ مساو لقيمة الغرامة المقضي بها وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ......... إلخ.

المحكمة

حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الكسب غير المشروع، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم أقام قضاءه على عجز الطاعن عن بيان مصدر الزيادة في ثروته، ولم يدلل على أنه حصل على هذه الزيادة نتيجة أستغلاله وظيفته أو مركزه الوظيفي. وهو مما يعيب الحكم، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما موجزه أنه بناء على شكوى تقدم بها 0000 لهيئة الرقابة الإدارية بالإسكندرية بأن المتهم - الطاعن - والذي يعمل مهندسا بحي شرق إسكندرية- حصل وزملاؤه من الشاكي على مبالغ نقدية- على سبيل الرشوة- بمناسبة طالب تقدم به- الأخير- لهدم العقار رقم 83 شارع 00000 وأنه نفاذا للإذن الصادر من إدارة مكافحة الكسب غير المشروع بتفتيش مسكن وشخص المتهم من ضبط مبلغ 27120 جنيه، 441 دولار وصكوك بمبلغ 20000 جنيه لدى شركة السعد للاستثمار وإيداعات باسم زوجته وأولاده القصر قد قيمتها 19010 جنيه لدى البنك الأهلي المصري فرع الإسكندرية وسندات إيداع بمبلغ 6500 دولا ر باسم الزوجة ومبلغ 5500 دولار وكشف حساب بمبلغ 617.17 دولار أمريكي باسم المتهم ببنك الإسكندرية وعقد شراء أرض بناحية أبو تلات بالعجمي قيمتها 23000 جنيه، وأن المتهم لم يثبت مصدر تلك الثروة . ثم خلص الحكم إلى الأخذ بأقوال 000 عضو هيئة الرقابة الإدارية وأطرح ما أبداه الطاعن من دفاع بشأن مصدر تلك الأموال، وعول على قضاءه في الإدانة على مجرد عجزه عن إثبات مصدرها. لما كان ذلك، وكان المقصود بالكسب غير المشروع كل ما تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصرا من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون، مما يمس ما يفترض في الموظف العام  أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة. والكسب غير المشروع أخذا من نص قانونه - رقم 62 لسن 1975- لا  يعدو صورتين الأول : وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهي التي يثبت فيها في حق الموظف - ومن في حكمه أيا كان نوع  وظيفته - استغله بالفعل لأعمال أو نفوذ  أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة هذا الاستغلال. والثانية : وهي المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون سالف الذكر وهي التي لا يثبت فيه هذا الاستغلال الفعلي عن الموظف أو من في حكمه، ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع الوظيفة للموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير. ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه  توافر هذين الأمرين وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص هذا الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسبا غير مشروع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع، لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه أو نوع وظيفته مما يتيح له فرص الاستغلال، وإنما اعتبر مجرد عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ثروته دليلا على أن ما كسبه غير مشروع ، فإن الحكم يكون فوق قصوره في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون، وهو ما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .