برئاسة
السيد المستشار / فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /
جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوي.
------------------------
1
- لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من
استجوابهما بمحضر الضبط , فإنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الشأن.
2
- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض على الطاعنين لانتفاء حالات
التلبس ورد عليه في قوله " أن ضابط الواقعة النقيب ....... والذي تطمئن
المحكمة إلى شهادته إنما ضبط المتهمين جميعا وكانت الجريمة في حالة تلبس إذ
وقع الضبط حال خروج السيارة بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة
للاتصالات "السلكية واللاسلكية وعليه , فإن هذا الدفع بدوره مفتقر إلى ما
يسانده قانونا حريا بعدم النظر إليه " . لما كان ذلك , وكان من المقرر
قانونا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها , وأنه يكفى
لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن
تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت
اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا أو غير متلبس بها موكول إلى
محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على
ما دفع به الطاعنين من عدم توافرهما ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغا
في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون , فإن ما يثيره الطاعنان في هذا
الخصوص يكون غير مقبول , ولا يغير من ذلك قول الحكم بأن السيارة ضبطت حال
خروجها بالمسروقات من بوابة مخازن الهيئة العامة للاتصالات السلكية
واللاسلكية , لأن ذلك لا يفيد عدم تمام خروجها بالفعل لأنه حصل الحكم لنفسه
في بيان الواقعة أنها عبرت الباب الخارجي , ومن ثم تتحمل عبارة " حال
خروجها " على أن ضبط السيارة كان عقب تمام الجريمة ببرهة يسيرة , وهو ما
تتوافر به حالة التلبس في القانون وفقا للمادة 30 من قانون الإجراءات
الجنائية.
3
- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما لم
يثرا شيئا عن وجود نقص بتحقيقات النيابة العامة لعدم معاينة مكان الضبط ,
ولم يطلبا من محكمة الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من نقص ,
فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعيبا للإجراءات السابقة على
المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم .
4
- المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل
شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم . كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية, ما دام
يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر
الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن
هي أعرضت عن دفاع الطاعن الأول بانعدام سيطرته على مكان الضبط ودفاع
الطاعن الثاني بنفي التهمة استنادا إلى أن مثله لا يرتكبها.
5
- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر
المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى , وأن تطرح
ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في
العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .
6 - من المقرر أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله.
7
- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم
وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي
تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم , فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها , فإن ما يثيره
الطاعنان من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو
ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه
أمام محكمة النقض .
8
- لما كانت المادة 119 مكررا من قانون العقوبات قد نصت على أنه يقصد
بالموظف العام في حكم هذا الباب ( الباب الرابع , اختلاس المال العام
والعدوان عليه والغدر ) أ - القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في
الدولة ووحدات الإدارة المحلية, وكان قانون العقوبات إذ عاقب - بمقتضى
المادة 113 منه - الموظف العام أو من في حكمه إذ استولى بغير حق على مال
مملوك للدولة ووحدات الإدارة المحلية أو سهل ذلك لغيره فقد أراد معاقبة
جميع فئات العاملين في الحكومة أو الجهات التابعة لها فعلا والملحقة بها
حكما أيا كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة وأيا كان نوع
العمل المكلف به , ولما كان الطاعن الأول بحكم كونه خفيرا وهو ما يسلم به
الطاعن في أسباب طعنه . في هيئة مملوكة للدولة يعد في حكم الموظفين
العموميين , وكان الحكم قد حصل في مدوناته أن عمله ينحصر في مسئولية تأمين
المخازن وهو ما لا يخرج عن معنى الحراسة المكلف بها - فإن ما ورد بعد ذلك
في وصف التهمة التي تمت الإدانة عنها من أنه مسئول " أمين " مخازن الهيئة
القومية لا يعدو أن يكون خطأ ماديا أضاف فيه الكاتب نقطتين أسفل الكلمة "
أمين" هذا بالإضافة إلى أنه بفرض خطأ الحكم في تسميته أمين مخزن , فإن ذلك
لا يغير حكم القانون في الواقعة التي يكفى فيها أنه موظف عام وهي صفة تتحقق
أيضا من كونه خفيرا ومن ثم يضحى النعي على الحكم بخصوص ذلك غير مجد , لأنه
لا يؤثر في جوهر الجريمة وسلامة الاستدلال عليها .
9
- لما كانت جريمة الاستيلاء بغير حق على المال تتم بمجرد إخراج الموظف
العمومي أو المستخدم للمال في المكان الذي يحفظ فيه بنية تملكه , وكانت
واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن الكابلات موضوع الجريمة ضبطت
محملة في السيارة بعد خروجها من باب المخزن , فإن الجريمة تكون قد تمت .
ومتى كان ذلك , وكان الحكم قد أثبت انصراف نية الطاعنين إلى تملك المال
الذي استوليا عليه فقد أضحى ما ينعاه الطاعن الثاني من عدم جواز توقيع
عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات
بوصفها شروعا في جناية الاستيلاء على المال العام غير سديد .
10
- لما كان الطاعنان لما يكشفا بأسباب طعنهما عن باقي أوجه دفاعهما التي
التفتت المحكمة عنهما حتى يتضح مدى أهميتهما في الدعوى , فإن ما يثيراه في
هذا الصدد لا يكون مقبولا .
11
- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان
الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وفى استدلاله
أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه
وإنما أقام قضائه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وكتاب الإدارة
العامة للمشتريات بالهيئة وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف والاستجواب , ومن ثم
فإن مات يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه , ولا وجه لما يثيره
الطاعن من عدم كفاية إطراح الاستجواب والاعتراف كمبرر لعدم الرد عليهما
بدعم أن في عدم الرد مصادرة لحق الدفاع , لأن مناط المصادرة أن تكون
المحكمة قد عولت على الدليلين المدعى ببطلانهما أما وهي لم تفعل فإنها ليست
بحاجة إلى الرد عليهما أو تحقيق الأمر بخصوصهما - ولا يقاس نعي الطاعن في
هذا الخصوص بحالة إطراح الحكم للشهادة قبل سماعها - لأن سماع الشاهد أصل من
أصول المحكمة واجب وسابق على تقدير الشهادة كدليل من أدلة الدعوى .
12
- لما كان الحكم المطعون فيه صدر من محكمة الجنايات على الرغن من أن جناية
تسهيل الاستيلاء على مال عام المنسوبة للطاعن الثاني تجعل الاختصاص بنظر
الدعوى برمتها معقودا لمحكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملا بنص المادة
الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 مما قد يثير مسألة تدخل محكمة النقض
عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أن تصدي محكمة النقض من
تلقاء نفسها - في هذه الحالة - عملا بنص المادة 35 سالفة الإشارة . فضلا عن
أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين - أولهما أن يكون الحكم صادرا من محكمة
لا ولاية لها بالفصل في الدعوى , وهو أمر غير متوفر في الواقعة موضوع
الطعن الماثل , ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل
بتحديد الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها عن
الأخرى في نظامها ولا تنخرط في إطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد
المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية وتلك التي يختص بها مجلس
الدولة أو القضاء العسكري , ولا كذلك توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء
الواحدة كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة القضائية على اختلاف أنواعها كما
هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم الأحداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة
بالقانون رقم 105 لسنة 1980 التي تعتبر جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية ,
والشرط الثاني أن يكون نقض محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم
وهو شرط غير متوافر بدوره في الواقعة المطروحة , إذ لا ريب في أن ما أجاز
القانون رقم 105 لسنة 1980 في المادة الثانية من اشراك عناصر غير قضائية في
تشكيل محاكم أمن الدولة ليس من شأنه أن يوفر للمتهم مصلحة في أن يحاكم
أمامها تزيد على تلك التي توفرها له محاكمته أمام محكمة الجنايات .
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعنين - وآخر - بوصف أنهما شرعا في سرقة المهمات
المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمعدة للاستعمال والمملوكة للهيئة القومية
للاتصالات السلكية واللاسلكية وقد أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهما
فيه وهو ضبطهما والجريمة متلبساً بها وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة
لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة
قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/2-3, 41, 113, 118 من قانون العقوبات بمعاقبة
كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما - والمتهم الآخر - مبلغ
وقدره 111300 جنيه "مائة وإحدى عشر ألفاً وثلاثمائة جنيه" وبعزل ........
من وظيفته بعد أن عدلت الوصف بالنسبة للمتهم ......... الطاعن الأول إلى
تسهيل الاستيلاء على مال عام وبالنسبة للمتهم ........ الطاعن الثاني إلى
الاشتراك في تسهيل الاستيلاء على مال عام.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ............ إلخ.
المحكمة
من
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما .... بجريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام ودان ثانيهما .... بجريمة
الاشتراك في التسهيل, قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
والخطأ في الإسناد وتطبيق القانون، ذلك بأن الحكم رد بما لا يصلح ردا على
دفاع الطاعنين ببطلان استجوابهما بمحضر الضبط وببطلان القبض عليهما لانتفاء
حالة التلبس، ولم يأبه لدفاعهما بصدد عدم معاينة النيابة العامة لمكان حفظ
مفاتيح المخزن وعدم سيطرة الطاعنة الأولى عليه، كما أعرض عن دفاعهما
لانفراد ضابط الواقعة بالشهادة وحجبه باقي أفراد القوة المرافقة عنها، وأنه
بالنسبة للطاعن .... عدلت النيابة وصف التهمة بالنسبة له إلى تسهيل
الاستيلاء والاشتراك فيه استنادا إلى أنه أمين مخزن على خلاف الثابت
بالأوراق من أنه .... مع أن التكييف الصحيح للواقعة، لا يعدو أن يكون
مجرد شروع في الجريمة لأن السيارة ضبطت حال خروجها من البوابة، ومن ثم فلا
يجوز معه للمحكمة أن تقضي بالغرامة النسبية المقررة في المادة 118 من قانون
العقوبات للجريمة التامة.هذا إلى أن للواقعة أكثر من صورة ولم يعرض الحكم
للمستندات الرسمية الدالة على أن مثله لا يرتكب الجريمة. وأخيرا فإن
المحكمة ردت بما لا يصلح ردا على بطلان اعترافه في محضر الشرطة - ولا يكفي
قولها بعدم تعويلها على هذا الاعتراف ولا على الاستجواب المدفوع ببطلانه -
لأن في قولها مصادرة لحق الطاعن في حق الدفاع ما يعيب الحكم بما يستوجب
نقضه, وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في
أن المتهم 00 الطاعن الأول اتفق مع المتهمين 000 الطاعن الثاني .... و....
على أن يسهل لهما الاستيلاء على بعض الكابلات المملوكة للهيئة القومية
للاتصالات السلكية واللاسلكية من مخازن الهيئة المذكورة التي يتولى هو
مسئولية تأمينها ونفاذا لهذا الاتفاق حضر المتهمان المذكوران إلى مخازن
الهيئة الواقعة بشارع ... بالمعادي يستقلان سيارة نصف نقل وكان ذلك في حوالي
الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم 2/10/1996 حيث كان ينتظرهما وفتح لهم
باب المخازن, وقاموا ثلاثتهم بتحميل عدد 65 خمسة وستين لفة من كابلات
التليفونات طول كل لفة 160 مترا على السيارة وبعد أن عبرت الباب الخارجي
للمخازن تم ضبطها وضبط المتهمين الثاني والثالث واللذان كان بداخلها
والمتهم الأول الذي كان قد فتح لهما بوابة الخروج من المخازن, وقد تبين أن
هذه المضبوطات ملك الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية ، وأنها
غير متداولة بالأسواق، وإن ثمنها مائة وأحد عشر ألفا وثلاثمائة جنيه، وقد
استدل الحكم على صحة الواقعة وثبوتها في حق المتهمين من شهادة النقيب .....
ضابط مباحث المعادي .... و.... أمين مخزن الهيئة القومية للاتصالات السلكية
واللاسلكية ... مراقب عام مخازن المشروعات بالهيئة القومية للاتصالات
السلكية واللاسلكية وما قرره ..... بالتحقيقات وما جاء بكتاب الإدارة
العامة للمشتريات بالهيئة, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه
الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة
الطاعنين على دليل مستمد من استجوابهما بمحضر الضبط, فإنه لا جدوى من النعي
على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان
القبض على الطاعنين لانتفاء حالة التلبس ورد عليه في قوله إن ضابط الواقعة
النقيب ..... والذي تطمئن المحكمة إلى شهادته إنما ضبط المتهمين جميعا
وكانت الجريمة في حالة تلبس إذ وقع الضبط حال خروج السيارة بالمسروقات من
بوابة المخازن الهيئة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية وعليه, فإن هذا
الدفع بدوره مفتقر لما يسانده قانونا حريا بعدم النظر إليه.". لما كان ذلك،
وكان من المقرر قانونا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها
وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن يكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع
الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها
إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا بها أو غير متلبسا
بها موكول إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضائها على
أسباب سائغة. وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلا على توافر حالة
التلبس وردا على ما دفع به الطاعنين من عدم توافرها وبطلان القبض والتفتيش
كاف وسائغا في الرد على الدفع ويتفق مع صحيح القانون، فإن ما يثيره
الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير مقبول، ولا يغير من ذلك قول الحكم بأن
السيارة ضبطت حال خروجها بالمسروقات من بوابة المخازن بالهيئة العامة
للاتصالات السلكية واللاسلكية لأن ذلك يفيد عدم خروجها بالفعل لأنه حصل
لنفسه في بيان الواقعة أنها عبرت الباب الخارجي ومن ثم تتحمل عبارة خروجها
على أن ضبط السيارة كان عقب تمام الجريمة ببرهة يسيرة وهو ما تتوافر به
حالة التلبس في القانون وفقا للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية. لما
كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين أو المدافع عنهما
لم يثيرا شيئا من وجود نقص في تحقيقات النيابة العامة لهم معاينة مكان
الضبط ولم يطلبا من محكم الموضوع تدارك ما شاب تحقيقات النيابة العامة من
نقص، فإن ما يثيرانه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات
السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم. لما كان
ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة
والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت
التي أودرها الحكم كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته على
أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت
إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها- كالحال في
الدعوى الماثلة والتي تكفي لحمل قضائها- وم ثم فلا على المحكمة إن هي
أعرضت عن دفاع الطاعن أو لعدم سيطرتها على مكان الضبط ودفاع الطاعن الثاني
بنفي التهمة استنادا إلى أن مثله لا يرتكبها. لما كان ذلك, وكان من المقرر
أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة
أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وأن تطرح ما يخالفها
من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل
والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء
القوة المرافقة المصاحبة له، لا ينال من سلامة أقواله. لما كان ذلك, وكان
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على
أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى
أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع
لحلمها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى
جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز
مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت
المادة 119 مكررا من قانون العقوبات قد نصت على أنه يقصد بالموظف العام في
حكم هذا الباب (الباب الرابع. اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر) أ-
القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة ووحدات الإدارة
المحلية، وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة 113 منه الموظف العام
أو من في حكمه إذا استولى بغير حق على ما هو مملوك للدولة ووحدات الإدارة
المحلية أو سهل لغيره فقد أراد معاقبة جميع الفئات العاملين في الحكومة أو
الجهات التابعة لها فعلا والملحقة بها حكما أيا كانت درجة الموظف أو من في
حكمه في سلم الوظيفة وأيا كان نوع العمل المكلف به، ولما كان الطاعن الأول
بحكم كونه خفيرا وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه في هيئة مملوكة
لدولة يعد في حكم الموظفين العموميين، وكان الحكم قد حصل في مدوناته أن
عمله ينحصر في مسئولية تأمين المخازن وهو ما لا يخرج عن معنى الحراسة
المكلف بها- فإن ما ورد بعد ذلك في وصف التمهة التي تمت الإدانة عنها من
أنه مسئول "أمين مخازن لهيئة قومية" لا يعدو أن يكون خطأ ماديا أضاف فيه
الكاتب نقطتين أسفل كلمة " أأتمن" هذا بالإضافة إلى أنه بفرض خطأ الحكم
فيما تسمية أمين مخزن، فإن ذلك لا يغير حكم القانون على الواقعة التي يكفي
فيها أنه موظف عام وهي صفة تتحق أيضا من كونه خفيرا. ومن ثم، يضحى النعي
على الحكم بخصوص ذلك غير مجد، لأنه لا يؤثر في جوهر الجريمة وسلامة
الاستدلال عليها. لما كان ذلك، وكانت جريمة الاستيلاء بغير حق على المال
العام تتم بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمال من المكان الذي
يحفظه فيه بنية تملكه، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم قد دلت على أن
الكابلات موضوع الجريمة ضبطت محملة في السيارة بعد خروجها من باب المخزن،
فإن الجريمة تكون قد تمت، ومتى كان ذلك، فإن الحكم قد أثبت انصراف نية
الطاعنين إلى تملك المال الذي استوليا عليه فقد أضحى ما ينعاه الطاعن
الثاني من عدم جواز توقيع عقوبة الغرامة النسبية المنصوص عليها في المادة
118 من قانون العقوبات بوصفها شروعها في جريمة الاستيلاء على المال العام
غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن م باقي
أوجه دفاعهما التي التفتت المحكمة عنها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ،
فإن ما يثيرانه في هذا الصدد لا يكون مقبولا، لما كان ذلك، وكان لا جدوى من
النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف مادام البين
من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في
الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه، وإنما أقام قضائه على
الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وكتاب الإدارة العامة للمشتريات
بالهيئة، وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف والاستجواب. ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الشأن لا يكون له وجه، ولا وجه مما يثيره الطاعن من عدم
كفاية إطراح الاستجواب والاعتراف كمبرر لعدم الرد عليها بدعوى أن عدم الرد
مصادرة لحق الدفاع، بل لأن مناط المصادرة أن تكون المحكمة قد عولت على
الدليلين المدعى ببطلانهما إما وهي لم تفعل فإنها ليست بحاجة إلى الرد
عليهما أو تحقيق الأمر بخصوصهما- ولا يقاس نعي الطاعن في هذا الخصوص بحالة
إطراح الحكم للشهادة قبل سماعها- لأن سماع الشاهد أصل من أصول المحاكمة
واجب وسابق على تقدير الشهادة كدليل من أدلة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن
الطع برمته يكون على على غير أساس متعينا رفضه موضوعا، ولا يغير من ذلك أن
يكون الحكم المحكوم فيه صدر من محكمة الجنايات على الرغم من أن جناية تسهيل
الاستيلاء على المام العام المنسوبة للطاعن الثاني تجعل الاختصاص بنظر
الدعوى برمتها معقودا لمحكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملا بنص المادة
الثالثة من القانون رقم 105 لسنة1980 مما يثير مسألة تدخل محكم النقض
عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أن تصدي محكمة النقض من
تلقاء نفسها - في هذه الحالة عملا بنص المادة 35 سالفة الإشارة- فضلا عن
أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين أولهما أن يكون الحكم صادر من محكمة لا
ولاية لها بالفصل في الدعوى وهو أمرغير متوافر في الواقعة موضوع الطعن
الماثل، ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل بتحديد
الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها عن الأخرى في
نظامها ولا تنخرط لإطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد المنازعات التي تدخل
في إختصاص السلطة القضائية وتلك التي تختص به مجلس الدولة أو القضاء
العسكري، ولا توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع
الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة
القضائية على اختلاف أنواعها- كما هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم أمن
الدولة حداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980- التي
تعتبر جزء لا يتجزأ من السلطة القضائية، ويشرط ثانيا أن يكون نقض محكمة
النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم وهو شرط غير متوافر بدوره في
الواقعة المطروحة إذ لا ريب في أن ما أجازه القانون رقم 105 لسنة 1980 في
المادة الثانية من إشراك عناصر غير قضائية في تشكيل محاكم أمن الدولة ليس
من شأنه أن يوفر للمتهم مصلحة في أن يحاكم أمامها تزيد على تلك التي توفرها
له محاكمته أمام محكمة الجنايات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق