الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 10 مايو 2013

الطعن 1321 لسنة 19 ق جلسة 2/ 1/ 1950 مكتب فني 1 ق 75 ص 215

جلسة 2 من يناير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: حسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

----------------

(75)
القضية رقم 1321 سنة 19 القضائية

أ - نقض. 

التقرير به في الميعاد. تقديم الأسباب في الميعاد ولو مقصورة على عدم ختم الحكم في خلال الثمانية الأيام التالية لصدوره. حق الطاعن في أن يمنح مهلة لتقديم أسباب طعنه على الحكم. ليس لخصمه أن يحرمه من ذلك بإعلانه بالحكم.
ب - حكم. تسبيبه. 

مثال للقصور.

----------------
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى قرر الطاعن النقض في الميعاد وشفع ذلك بتقرير بالأسباب مؤداه عدم ختم الحكم في خلال ثمانية الأيام التالية لصدوره فقد حق له أن يحصل على مهلة عشرة أيام لإعداد أسباب طعنه وتقديمها،
على أن تبدأ هذه المهلة من اليوم التالي للجلسة التي ينظر فيها الطعن أمام المحكمة بعد ختم الحكم، وعلى أن المهلة المذكورة لا تبدأ من يوم العلم به بأية وسيلة يقينية،
وإنما هي جزء من النظام الذي انتهت إليه محكمة النقض، لتكفل للطاعنين فسحة من الوقت لإعداد طعونهم، وتتجنب المحكمة الجدل الذي ينفتح بابه إذا ما سمح بالبحث فيما إذا كان الطاعن قد علم بصورة يقينية أو كان في استطاعته أن يعلم بالحكم وأسبابه قبل الجلسة المشار إليها. وإذن فلا يمنع من إعطاء هذه المهلة أن يكون المدعى بالحقوق المدنية قد أعلن الطاعن بصورة الحكم المشتملة على أسبابه فلم يقدم أسباب الطعن في مدى عشرة أيام من تاريخ إعلانه بهذه الصورة.
2 - إذا كان الحكم حين أدان المتهم بالقتل المقترن بالسرقة وطبق عليه المادة 234/2 ع قد حدد الأشياء التي أسند إلى المتهم سرقتها بأنها نقود المصروف الشهري ومصوغات, وكان قد أخذ في بيان هذه المصوغات بكشف مقدم من ابن المجني عليها الذي قرر أنه هو نفسه لا يعرف شيئاً عنها وأحاله في بيانها إلى شقيقاته اللاتي لم يسمع لهن قول لا في التحقيقات ولا بالجلسة ولم يبين الحكم سبب إغفال سماعهن، وكان ما أورده من أقوال لباقي الشهود في صدد الاستدلال على حصول السرقة ليس إلا خاصاً بما قيل عن سرقة النقود والقليل التافه من المصوغات، ولم يكن بالحكم ما يبين أن تلك المصوغات لم تكن توجد في الخزانة الحديدية ولا في غيرها من أماكن الحفظ التي أثبت وجودها في غرفة المجني عليها وذكر أنها كانت تحمل مفتاحها، وكانت شهادة ابن المجني عليها التي اعتمد عليها في السرقة منقولة عن الغير، ومع استمساك الدفاع بسماع من نقلت عنه هذه الشهادة فإن المحكمة لم تسمعه وكان سماعه ممكناً - إذا كان ذلك وكان الحكم قد قطع بأن المتهم لم يترك دار المجني عليها من وقت وقوع الجريمة لحين القبض عليه وأن شخصاً آخر غيره لم يدخلها، كما أثبت أن جميع معالم القتل قد كشفت أمرها بإرشاد الخادم الآخر المرافق له والذي كان شاهد الرؤية الوحيد عليه وأن هذا الخادم لم يذكر شيئاً عن السرقة وأن شيئاً من المسروقات لم يضبط، ومع ذلك لم يبين كيف كان الميسور للمتهم أن يخفي ما سرقه، وكان رده على دفاع المتهم في هذا الخصوص مبنياً على فروض وتقريرات لا تصلح سنداً في مقام الإدانة، فهذا الحكم يكون فيما قرره عن السرقة، وبما أغفله من الرد على دفاع للمتهم له صلته بالواقعة المطروحة على المحكمة قاصراً قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه قتل السيدة جوليا دوس عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها وفاجأها أثناء نومها وكتم فاها وضغط عنقها بيده قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر سرق مصوغات المجني عليها المذكورة والأشياء الأخرى الموضحة الوصف والقيمة بالمحضر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها والذي ترك بها أثر الإصابات سالفة الذكر الأمر المنطبق على المادة 314 / 2 من قانون العقوبات، وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 230 و231 و234 / 2 من قانون العقوبات، فقرر بذلك.
وادعى حضرة صاحب السعادة توفيق دوس باشا بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
سمعت محكمة جنايات مصر الدعوى وقضت حضورياً عملا بالمادة 234 / 3 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية قرشاً صاغاً تعويضاً مؤقتاً مع المصاريف المدنية الخ الخ. وذلك على اعتبار أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل عمداً السيدة جوليا دوس بأن انتوى قتلها وفاجأها في فراشها وهي نائمة وضغط بيديه على عنقها ومسالك تنفسها وتسبب عن ذلك خنقها وكتم نفسها فتوفيت باسفكسيا الخنق وكتم التنفس وكان قاصداً من ذلك سرقة نقودها ومصوغاتها المبينة في المحضر.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض يوم صدوره، وقدم تقريراً في 25 يونيه سنة 1949 مفاده أن الحكم المطعون فيه لم يختم في الميعاد القانوني أرفق به شهادة رسمية تؤيد ذلك وطلب فيه أجلا ليقدم خلاله الأسباب التفصيلية لطعنه.
وبجلسة يوم الاثنين 24 أكتوبر سنة 1949 المحددة لنظر الطعن حضر المدعى المدني ودفع بعدم إجابة الطاعن لطلبه مهلة ليقدم فيها الأسباب التكميلية للطعن على الحكم ذاته، وقال إنه وقد أعلن الطاعن بالحكم المطعون فيه بتاريخ 6 يوليه سنة 1949 فقد كان واجباً عليه أن يقدم هذه الأسباب في فترة العشرة الأيام التي تبدأ من اليوم التالي لتاريخ إعلانه هذا، أما وهو لم يقدمها في هذه الفترة فقد سقط حقه في ذلك، وبما أن الأسباب الحالية المقدمة منه هي كما سار عليه قضاء النقض لا يوءبه لها ولا تصلح مطعناً على الحكم ذاته، فيكون طعنه واجب الرفض، والنيابة من جانبها عارضت هذا النظر، وطلبت إلى المحكمة تقرير منح الطاعن لهذه المهلة لأن الأجل مثار دفع المدعي بالحقوق المدنية إنما يبدأ ميعاده من اليوم التالي لصدور قرار محكمة النقض به لا من اليوم التالي لتاريخ هذا الإجراء الذي اتخذه المدعى المدني في حق الطاعن. والطاعن من جهته صمم على طلب المهلة.
والمحكمة بعد سماعها لما تقدم قررت إعطاء الطاعن أجلا مداه عشرة أيام كاملة ليقدم خلاله ما يرى تقديمه من أسباب، فقدمها الخ الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن قرر الطعن في الميعاد القانوني، وقدم في هذا الميعاد تقريراً بأسباب طعنه بناه على أن الحكم المطعون فيه لم يختم في ميعاد الثمانية الأيام التالية لصدوره ودعمه بشهادة استند إليها في طلب مهلة عشرة أيام يقدم فيها أسباب طعنه على الحكم بعد أن ختم.
ومن حيث إن المدعى بالحقوق المدنية دفع بعدم قبول هذا الطعن شكلا وقال في بيان ذلك إنه لما كان الغرض من منح المهلة هو أن يكون للطاعن عشرة أيام كاملة بعد ختم الحكم يتمكن في خلالها من بحث أسبابه وإعداد تقرير بأسباب طعنه، وكان هو قد سبق من مدة قبل الجلسة أن أعلن الطاعن بصورة من الحكم المطعون فيه مشتملة على أسبابه (وقدم أصل الحكم معلناً إلى الطاعن في 16 من يولية سنة 1949 مخاطباً مع مأمور السجن) وكان الطاعن لم يقدم تقرير الأسباب في خلال عشرة الأيام التالية لتاريخ هذا الإعلان الذي تحقق به الغرض من إعطاء المهلة، فإنه يكون بذلك قد فوت على نفسه الميعاد المقرر بالقانون لتقديم الأسباب، مما يتعين معه قبول الدفع.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى قرر الطاعن النقض في الميعاد وشفع ذلك بتقرير الأسباب ولو كانت مقصورة على مجرد عدم ختم الحكم في خلال ثمانية الأيام التالية لصدوره، فقد حق له أن يحصل على مهلة عشرة أيام لإعداد أسباب طعنه وتقديمها، على أن تبدأ هذه المهلة من اليوم التالي للجلسة التي ينظر فيها الطعن أمام المحكمة بعد ختم الحكم، وعلى أن المهلة المذكورة ليست امتداداً لميعاد الطعن القانوني بسبب مانع حال بين الطاعن وبين العلم بصدور الحكم عليه حتى يقال إنها يجب أن تبدأ من يوم العلم به بأية وسيلة يقينية وإنما هي جزء من النظام الذي انتهت إليه محكمة النقض، والذي يكفل للطاعنين فسحة من الوقت لإعداد طعونهم ويجنب المحكمة الجدل الذي ينفتح بابه إذا ما سمح بالبحث فيما إذا كان الطاعن قد علم بصورة يقينية بالحكم وأسبابه أو كان في استطاعته أن يعلم قبل الجلسة المشار إليها.
وحيث إنه متى تقرر ذلك، وكان الطاعن قد قدم الأسباب التكميلية لطعنه في خلال المهلة الممنوحة له، فإن ما دفع به المدعى بالحقوق المدنية يكون في غير محله.
وحيث إن مما بنى عليه هذا الطعن أن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات على أساس أنه قتل المجني عليها عمداً بقصد السرقة، في حين أن جريمة السرقة المسندة إليه لا تقوم على أساس من وقائع الدعوى ولا أصل لها في تحقيقاتها. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن ما قطع به الحكم من أن السرقة جاءت تالية للقتل وإنها كانت الباعث عليه، وإن الطاعن لم يترك دار المجني عليها منذ وقوع الجريمة لوقت القبض عليه وهو لا يزال فيها، وإن شخصاً غريباً عن الدار لم يغشها - ما قطع به الحكم من كل ذلك وانتهى منه إلى اعتبار السرقة واقعة من الطاعن كان من شأنه أن يؤدي إلى وجود المسروقات بالدار، وهي قد جرى تفتيشها عدة مرات متواليات كما فتشت حقيبة الطاعن وأشياؤه وفتش البدروم فلم يعثر على شيء مما قيل بسرقته وإنما عثر على اللفافة المحتوية معالم جريمة القتل مخبأة في غرفة البدروم مما اتخذه الحكم دليلاً على مقارفة الطاعن للقتل، وكان يلزم عنه لو أنه كان مقارفاً للسرقة أيضاً أن يخفي المسروقات في نفس المكان، كما أن الغلام يحيى محمد حسين الذي أخذت المحكمة بأقواله في ثبوت القتل على الطاعن وتصوير الطريقة التي ارتكبه بها لم يذكر شيئاً مطلقاً عن السرقة، ثم أن المصوغات وهي الشطر الأعظم مما أسند إلى الطاعن سرقته واقتراف القتل من أجله لم يحصل التبليغ عنها إلا بعد الحادث بثلاثة عشر يوماً وقد شارف التحقيق نهايته وهيئت الدعوى للمحاكمة، وكذلك فالنيابة بدورها لم تأخذ دعوى السرقة مأخذ الجد، فهي لم تقم بأي عمل من أعمال التحقيق في بلاغ سرقة المصوغات سالف الذكر من نحو سؤال الوارد ذكره فيه ولا هي عاينت المكان الذي قيل إن المصوغات كانت به أو يحتمل أنها كانت موجودة فيه. ثم إن الحكم إذ قرر بوقوع السرقة وبأن الطاعن هو السارق قد قصر في الأسباب، وأخل بحق الدفاع وجاء متخاذلا مضطرباً، ذلك أن النيابة قد حددت تهمة السرقة بالجلسة في المصوغات والنقود، ودافع الحاضر عن الطاعن بانتفاء واقعة السرقة مستنداً في ذلك إلى أدلة مفصلة بينها وهي منبتة بمحضر الجلسة فأغفل الحكم الرد على معظمها، وقصر وتخاذل فيما رد عليه منها، فقد قال الدفاع إن الأستاذ فيليب ابن المجني عليها قال بأنه رأى الخاتمين والساعة في يد والدته قبل مغادرته المنزل يوم الحادث، ومع ذلك فهو لم يستطع أن يصف الخاتمين أو يذكر في أي اليدين كان الخاتمان، كما قرر هو ووالده أن المجني عليها تلبس هذه المصوغات منذ عشر سنين، ومع ذلك فقد قرر الأطباء الشرعيون عند سؤالهم أمام المحكمة أن لبس الخواتم مدة طويلة من شأنه أن يترك بالأصابع أثراً وأن هذا الأثر لم يذكر شيء عن وجوده بأصابع المجني عليها وأنه قد وجد بأذني المجني عليها بعد الحادث قرط أصفر وبأصبع يدها دبلة من الذهب، فلو أن الطاعن سرق الخاتمين والساعة لما أغفل انتزاع القرط والدبلة أيضاً، وأن الطاعن ما كان بحاجة إلى القتل من أجل السرقة وسبيلها مهيأ له بحكم وجوده في الدار كخادم مستديم، وبخاصة وقد ثبت في التحقيقات وجاء بالحكم أن المجني عليها كانت قبيل الحادث في أسيوط حيث أقامت أكثر من أسبوعين. فكان للطاعن لو أنه أراد السرقة أن يفعل والمنزل خلو من الرجلين الوحيدين به أثناء النهار، وكذلك ما كان الطاعن بحاجة إلى كسر درج "البوريه" وقد ثبت وجود مفتاحه ومفتاح الخزانة فوقه فلو أنه انتوى السرقة لاستعمل المفتاح بدلا من العنف الذي كان ثقيلا يكشف أمره بل ولفتح الخزانة أيضاً، ولاستلزم انتزاع قفل الدرج ترك أثر أو بصمة تدل عليه الأمر الذي نفاه عامل تحقيق الشخصية، وأنه مما لا يقبل عقلا أن تودع المجني عليها نقوداً أو مصوغات في هذا الدرج الذي تبين من المعاينة امتلاؤه بأشياء غير ذات قيمة في حين توجد بنفس الغرفة خزانة من الحديد ومع المجني عليها مفتاحها، بل أن هذه الخزانة لم يفتحها أحد من المحققين ليتبين إن كانت النقود والمصوغات المقول بسرقتها موجودة بها أم غير ذلك فيحصل التحقق من وقوع السرقة، وبخاصة أن زوج المجني عليها ونجلها لم يجيبا في التحقيقات ولا أمام المحكمة بما يقطع بأنها كانت تضع في الدرج المذكور نقوداً، ثم يضيف الطاعن أن الأستاذ فيليب بشارة نجل المجني عليها إذ سئل في بلاغه المتأخر عن بيان المصوغات المقول بسرقتها أجاب بأنه لا يعرف شيئاً عنها وأن أخواته هن اللاتي يعرفنها، فوجه الدفاع نظر المحكمة إلى أن هؤلاء السيدات شقيقات المبلغ لم تسمع لهن أقوال، بل إنه لم يجر أي تحقيق في موضوع السرقة، ولم يعرف كنه هذه المسروقات، ولكن المحكمة أخذت بواقعة السرقة وأغفلت تحقيقها التحقيق الذي تستأهله فتسد النقص الذي تركته النيابة وتركه البوليس في شأنها، فجاء لذلك حكمها مشوباً بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعن بأنه "قتل السيدة جوليا دوس عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهي أنه في الزمان والمكان ذاتهما سرق مصوغات المجني عليها المذكورة والأشياء الأخرى الموضحة الوصف والقيمة بالمحضر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على المجني عليها والذي ترك بها أثر الإصابات سالفة الذكر الأمر المنطبق على المادة 314 / 2 من قانون العقوبات" وقدمته النيابة للإحالة بالمواد 230 و231 و234/ 2 من قانون العقوبات، فأحاله قاضي الإحالة بالمواد المذكورة إلى محكمة الجنايات، فقضت بحكمها المطعون فيه بمعاقبته عملا بالمادة 234 /3 من قانون العقوبات بالإعدام وبالتعويض المدني، ولم تأخذ بظرف سبق الإصرار واعتبرت الفعل الواقع من الطاعن فعلا عمداً مقصوداً منه ارتكاب جنحة سرقة مال المجني عليها ومصوغاتها، وهو ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 234 المذكورة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "ومن حيث إن وقائع الدعوى التي ثبتت للمحكمة من أوراق القضية والتحقيقات التي أجريت فيها ومن المعاينة والتقارير الطبية تتحصل في أنه في يوم 14 من نوفمبر سنة 1948 الموافق 13 من محرم سنة 1368 حضر سعادة توفيق دوس باشا إلى مكتب سعادة النائب العام وأبلغه بأن شقيقته السيدة جوليا دوس حرم حضرة بشارة حنا بك المقيمة بشارع الظاهر رقم 51 التابع لقسم الوايلي وجدت مقتولة على سريرها صباح اليوم المذكور ووجد بعض مصوغاتها مسروقا، كما وجد بعض الأدراج بغرفتها والغرف الأخرى مكسوراً، وطلب تحقيق ذلك، فأحال سعادة النائب العام هذا البلاغ إلى نيابة شمال القاهرة لتحقيقه، فانتقل أحد وكلائها إلى منزل المجني عليها ولحق به بعض الأطباء الشرعيين للكشف على الجثة لمعرفة سبب الوفاة، فتبين من المعاينة التي تولاها حضرة وكيل النيابة المحقق بأن المنزل رقم 51 المذكور مكون من طابقين وتحوطه حديقة من جميع الجهات ويسكن الطابق الأول حضرة بشارة حنا بك وأسرته ويسكن الأستاذ بركات بركات الموظف بوزارة الداخلية في الطابق الثاني، ويرتفع الدور الأول عن أرض الحديقة بعشر درجات، ويقع سلم هذا الطابق في مواجهة الباب العمومي للحديقة، ويبعد عنه بحوالي اثنى عشر متراً، ويصل هذا السلم إلى فرندة تفتح على حجرة الصالون ويلي غرفة الصالون صالة يفتح بابها في مواجهة الفرندة ويوجد على يسار الداخل لهذه الصالة باب حجرة المجني عليها المخصصة لنومها، وتبلغ مساحة هذه الحجرة حوالي الخمسة أمتار طولا ومثلها عرضاً، وفيها سريران الأول على بعد مترين من باب الحجرة والثاني بجواره، وبينهما دولاب صغير (كومودينو) ووجد أثاث الغرفة مرتباً، وقال بشارة بك إنه كان على كل سرير غطاء (كوفرتة) ولحاف وإنه لم يجد على سرير زوجته غطاءه ولحافه، كما لم يجد غطاء السرير الآخر، ووجد بالغرفة من الأثاث عدا ما ذكر دولابان كبيران (ولافومانو) وخزنة حديد وشماعة للملابس وأخرى للفوط، ووجد قفل الدرج الأعلى للبوريه منزوعاً من مكانه ولسانه بارزاً مما يدل على أن هذا الدرج قد فتح بالضغط، وتبين أن لهذه الغرفة نافذتين تطلان على الحديقة إحداهما في الحائط البحري والأخرى في الحائط الشرقي وترتفعان عن أرض الحديقة بحوالي المتر ولم يظهر أي أثر على أن أحداً تسلق من الحديقة إلى داخل الحجرة عن طريق هاتين النافذتين ووجدت أواني الفطور وأباريق الشاي في حوض المطبخ بدون غسل ووجدت المجني عليها مسجاة على ظهرها على السرير الداخلي ورأسها فوق وسادتين للجهة الغربية من الحجرة وقدماها للجهة الشرقية وتبدو في مظهرها كما لو كانت نائمة نوماً طبيعياً، وشاهد المحقق بظهر يدها اليمنى إصابة عضية طولها حوالي أربعة سنتمترات وحوافيها مجلوطة، وقد سالت منها بعض الدماء كما شاهد بالجزء الأيسر من الرقبة تسلخات طولها حوالي عشرة سنتيمترات وأثر دماء في فتحتي الأنف يدل على حصول نزيف منهما وندب حضرة الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على الجثة وتشريحها لبيان ما بها من إصابات وسببها وسبب الوفاة وكشف على خادم المنزل عبد المحسن إسماعيل حسين بمعرفة حضرة الطبيب الشرعي فوجد بجسمه ووجهه إصابات وأسفر تفتيش البوليس في مكان الحادث عن العثور على بعض خرق بالية ملوثة بالدماء في غرفة البواب أثبت المحقق أنها دماء جافة، وقال البواب عنها إن هذه التلوثات الدموية هي من طمث زوجته، وتبين في التحقيق أن بشارة بك حنا وأسرته يقطنون هذا المنزل من سنين عدة، ويقوم على خدمتهم عبد المحسن إسماعيل حسين (المتهم) ويعاونه ابن أخته الغلام يحي محمد حسين وأنه في يوم الحادث اجتمعت الأسرة على مائدة الإفطار وبعد أن فرغوا من طعامهم بارح المنزل الأستاذ فيليب بشارة لعمله ثم خرج والده بشارة بك قاصداً الكنيسة وبقيت السيدة المجني عليها بمفردها مع الخادمين، وقد طلبت إليهما أن يبدأ بتنظيف غرفتها لتستريح، ففعلا ما أمرتهما به وأوت السيدة إلى مخدعها ورقدت على سريرها وتركتهما يقومان على غسيل أواني الإفطار ثم الاستعداد لطهي طعام الغداء وحوالي الساعة 10 ونصف صباحاً حضر إلى المنزل من يدعى سيد عبد الرحمن عبد العزيز الذي كان مكلفاً من قبل حضرة بشارة بك بشراء قفص من البلح وشحنه ليخبر بشارة بك بما فعله وليعطيه ما تبقى من النقود، وكذلك بوليصة الشحن، ولما قرع جرس الباب خرج له الغلام يحيى فسأله عن سيده فأجابه بأنه خرج، ثم سأله عن سيدته فدخل الغلام واستدعى خاله المتهم الذي حضر بعد فترة طويلة وكان مضطرباً ولقي سيد المذكور على باب المنزل وأخبره بأن سيدته خرجت هي الأخرى، فأعطاه باقي النقود وبوليصة الشحن ليسلمها لسيده عند عودته وانصرف، وأغلق المتهم الباب خلفه، وبعد قليل فتح المتهم إحدى نوافذ حجرة الصالون ونادى بواب المنزل والجنايني وأخبرهما بأنه دخل على سيدته في حجرتها ليعطيها النقود والبوليصة، ولما أن نادى عليها مرارا فلم ترد عليه، وطلب إليهما أن يدخلا المنزل ليريا ما بها، فدخل الجنايني الحجرة إلى مقربة من السرير، فوجد المجني عليها متوفاة، فخرج وامتنع البواب عن الدخول، ثم أرسل المتهم الغلام يحيى ليدعو بعض أقارب سيدته، وبعد ذلك حضر عزيز فلتس أفندي ابن عمة بشارة بك ليقدم العزاء للمجني عليها في وفاة قريبة لها ودق جرس الباب ففتح له الخادم، وعقب دخوله أخبره بأن سيدته نائمة في غرفتها ولا ترد جواباً، ولاحظ عليه الارتباك، وعلى أثر ذلك حضرة الست ماتيلدة نخلة ودخلت على المجني عليها فوجدتها راقدة في فراشها ومتوفاة، ولاحظت بوجهها إصابات وبيدها اليمنى أثر العض، وتفقدت خاتمين وساعة يد كانت تلبسها فلم تجدها، فخرجت إلى عزيز أفندي فلتس وأسرت إليه بما رأت فعمل على استدعاء بشارة بك، ولما حضر وعلم بوفاة زوجته استدعى طبيب العائلة وهو الدكتور فرنسيس الياس وكشف على الجثة فاشتبه في وفاتها مقرراً أنها جنائية، ووصل نبأ الحادث إلى ابن المجني عليها الأستاذ فيليب بشارة وشقيقها سعادة توفيق دوس باشا فحضر إلى المنزل ولما تحققت لديهما الجريمة من استحالة وصول أجنبي للمنزل لاقتراف الجريمة ومن الإصابات التي وجدت بالجثة ومن فقد الخاتمين والساعة ومن مشاهدة درج البوريه مكسوراً عنوة ومن سرقة النقود التي كانت المجني عليها تضعها فيه للمصروف الشهري بادر سعادة توفيق دوس باشا بإبلاغ الحادث إلى النيابة وانحصرت الشبهة في الخادمين حيث ثبت بالدليل القاطع أن أحداً لم يدخل المنزل من وقت خروج بشارة بك ونجله واستدعاء الخادم للجنايني والبواب وأن جميع نوافذ المسكن وأبوابه كانت مغلقة إغلاقاً تاماً ولأنهما أهملا غسيل أواني الفطور وتركاها بمكانها الأمر الذي يدل على أنهما كانا مشغولين بعمل آخر ألهاهما عن غسلها ولأنه وجدت إصابات بالخادم الكبير (المتهم) قرر حضرة الطبيب الشرعي أنها تحدث من المقاومة، وبعد انتهاء التحقيق في صباح اليوم الأول من أيامه أمرت النيابة بحبس الخادم عبد المحسن إسماعيل حسين احتياطيا والتحفظ على ابن أخته وآخرين ريثما يستكمل التحقيق في اليوم التالي، فسيق المتهم إلى السجن وأخذ الضابطان أحمد سليمان أفندي ومحمد سيف اليزل أفندي الغلام يحيى إلى دار المحافظة، وفي طريقهما إليها أخذا يسديان إليه النصح بأن يفضى إليهما بحقيقة الحادث ولما وصلا به إلى دار المحافظة أخبرهما بأن حقيقة الواقعة هي أن خاله المتهم دخل على سيدته وهي نائمة في فراشها وقتلها بأن خنقها وكتم نفسها حتى أزهق روحها وأن الدماء نزفت منها ولوثت ملاءة الفرش وغطاء السرير (الكوفرته) فاستبدلهما بغيرهما وأخفاهما في إحدى غرف البدروم وأظهر استعداده للإرشاد عن مكانهما فانتقل الضابطان يصحبهما الغلام إلى المنزل للإرشاد وهناك أيقظا مخدومه الأستاذ فيليب بشارة من نومه، وبحضوره أرشدهم الغلام عن المكان الذي أخفى فيه هذه الأشياء وإذا به إحدى غرف البدروم ولها باب من حديد مقفل بقفل ولها باب آخر يصلها بغرفة أخرى مثبت عليه ألواح خشبية كسرها الضابطان ودخلا الغرفة فعثرا على لفافة كبيرة عبارة عن ملفحة قد لف فيها غطاء السرير وملاية الفرش الملوثتان بالدماء وجلباب للغلام وقطعة من قماش مبللة بالماء وسروال للمجني عليه وكانت موضوعة بين أشياء مهملة، فألقيا هذه اللفافة في مكانها واتصلا برئيسهما مفتش المباحث وأبلغاه الأمر، فاتصل حضرة المفتش بدوره بوكيل النيابة المحقق وأبلغه ما عمله من الضابطين فحضر النائب إلى دار المحافظة، وسأل الغلام، فقرر ما سبق أن ذكره للضابطين ثم انتقل إلى بدروم المنزل وعاين البدروم والغرفة التي فيها اللفافة وأثبت حالتها وسأل الخادم عما اعترف به ابن أخته فأصر على الإنكار، كما أنكر ملكيته للملفحة، وجيء بأحد الكلاب البوليسية وشم الملفحة وعرض عليه الخادم بين آخرين فتعرف عليه غير مرة، ودلت معاينة النيابة لغرفة البدروم على أن لها شباكين يطلان على الحديقة مثبتاً على فتحتيهما قضيبان من الحديد كل منهما إطار من السلك الشبكي، وبأنه يستحيل أن تلقى اللفافة إلى داخل الغرفة من إحدى هاتين النافذتين، وعثر في حقيبة ملابس المتهم على مفتاح صغير اعترف المتهم بملكيته له وصار تجربته على القفل المركب على باب الغرفة بمعرفة وكيل النيابة ففتحه بصعوبة. وفي يوم 27 نوفمبر سنة 1948 قدم الأستاذ فيليب بشارة بلاغاً للنيابة يذكر فيه أنه قد سرق من المنزل مصوغات للسيدة والدته بينها تفصيلا كانت موضوعة في درج البوريه الذي وجد مكسوراً ومسدس له كان يضعه في غرفة نومه وأنه لم يتبين سرقة هذه الأشياء إلا بعد أن حضرت شقيقاته وبحثن عنها ولم يجدنها واتهم الخادم بسرقتها أيضاً". وذكر الأدلة التي استند إليها في ثبوتها، ثم تعرض لدفاع الطاعن المبين بوجه الطعن فقال: "وحيث إن دفاع المتهم انحصر في التدليل على عدم وجود باعث يدعوه إلى ارتكاب هذه الجناية، ونفى حصول السرقة..." وحيث إن الباعث على الجريمة هو السرقة، ولا شك في ذلك سواء كان القاتل هو خادم المنزل أو شخص غريب عنه لأن المجني عليها وهي سيدة طاعنة في السن عرف عنها البر بالفقراء، والعطف على الكافة فلا يقتلها إلا طامع في مالها... والدليل على حصول السرقة مستمد من كسر درج البوريه وفقدان نقود المصروف الشهري التي كانت فيه، وفقدان خاتمي وساعة المجني عليها التي كانت تلبسها دائماً، كما شهد بذلك ابنها وزوجها في التحقيق وبالجلسة، وكما شهد به الدكتور فرنسيس الياس والسيدة ماتيلدة في الجلسة، وفقدان باقي المصوغات التي أبلغ عنها الأستاذ فيليب بشارة. وحيث إنه عن سرقة النقود والمصوغات فإن الدفاع دلل على نفي حصولها مما تلمسه من التحقيق في أقوال الشهود حسب ما عن له من تجريح هذه الأقوال كما هو مدون في محضر الجلسة... وعلى أن المفاتيح وجدت فوق البوريه أي أنها كانت في متناول يد الجاني، وكان من السهل عليه أن يفتح بها ما يشاء من أدراج الخزنة الحديدية، وعلى أن التأخير في التبليغ عن سرقة باقي المصوغات مدعاة إلى الشك في صحة القول بسرقتها، وعلى عدم معقولية وضع هذه المصوغات في درج البوريه مع وجود خزنة حديدية في الغرفة، وعلى أنه لم يضبط مع المتهم وقت تفتيشه شيء من هذه المسروقات، وعلى أنه لم يرد في تقرير الصفة التشريحية ما يفيد أنه وجد بيدي المجني عليها أثر للبسها الخاتمين والساعة على وجه الاستمرار. وحيث إن ما تلمسه الدفاع من ثنايا أقوال أقارب المجني عليها في التحقيق أو الجلسة وما عن له من تجريح لا يمس جوهر شهادتهم بالنسبة لحصول السرقة ولا يضعف من الدليل المادي المستمد من كسر درج البوريه ونزع قفله عنوة ذلك الكسر الذي شاهده كل من دخل غرفة المجني عليها قبل معاينة النيابة والذي ورد ذكره صراحة في تبليغ سعادة توفيق دوس باشا لسعادة النائب العام مع سرقة المصاغ، وأن من ينظر إلى مركز عائلة المجني عليها نظرة الاعتبار والتقدير كما استبان ذلك من ثنايا الدفاع نفسه لا يساوره شك في صحة ما قرره أفرادها عن السرقة، والقول بغير ذلك جناية على الواقع، ومن يقدر فظاعة الجريمة وشدة وقعها في نفوس أفراد هذه العائلة، وأنهم كانوا يدلون بمعلوماتهم في التحقيق وهم مأخوذون بهول فجيعتهم في سيدة من أعز الناس لديهم لا يؤاخذهم بما أخطأوا فيه سهواً عن ذكره ثم ذكروه فيما بعد، أما القول بأن المفاتيح كانت فوق البوريه في متناول الجاني، فإن ظروف وضعها في هذا المكان لم تعرف، وكذلك الظروف التي أحاطت بالجاني عند كسره درج البوريه، أما تأخير بلاغ الأستاذ فيليب بشارة عن سرقة باقي المصوغات، فذلك لا يؤثر على صحة ما ورد في هذا البلاغ ما دامت أسباب هذا التأخير قد توضحت وهي أسباب مقبولة، وهي أن المسروقات من صميم ما يعرفه السيدات، والطبيعي ألا يعرف أمرها إلا شقيقاته، وأما وضع المصوغات في درج البوريه وعدم معقولية ذلك، فإن مرجعه تصرف صاحبه هذا المصاغ، ولا ضير عليها إن هي حفظته في هذا الدرج مادامت تحتفظ بمفتاحه. أما القول بأنه لم يضبط مع المتهم شيء من المسروقات، فذلك لا ينهض دليلا على نفي السرقة لأنه كان منفرداً بالمنزل وقتاً طويلا، ومن الميسور له أن يخفي ما سرقه ولا يحمل معه دليل إجرامه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات محكمة الموضوع وعلى أوراق القضية التي ضمت تحقيقاً لوجه الطعن أن محامي الطاعن قد دفع تهمة السرقة بما ورد في وجه الطعن وبما له أصل في التحقيقات.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه، إذ دان الطاعن بالقتل العمد المقصود به السرقة، قد حدد المسروقات بأنها نقود المصروف الشهري والمصوغات، وكان ما أورده من أقوال للشهود، واستدل به على حصول سرقه، إنما جاء خاصاً بما قيل عن سرقة النقود والخاتمين والساعة وهي البعض القليل من المسروقات، فلم يتناول شيئاً عن سرقة الجزء الأكبر منها وهو المصوغات المبينة بالكشف المقدم من ابن المجني عليها أخيراً والذي قرر هو نفسه أنه لا يعرف شيئاً عنها، بل أحال الأمر كله إلى شقيقاته، وهؤلاء لم يسمع لهن قول لا في التحقيقات ولا بالجلسة، ولم يبين الحكم سبب إغفال سماعهن، كما لم يبين أن الخزانة الحديدية وباقي أماكن الحفظ التي أثبت وجودها في غرفة المجني عليها وذكر أنها كانت تحمل مفاتيحها - لم يبين أن هذه المصوغات لم توجد فيها، وكانت المحكمة قد استندت في إثبات سرقتها إلى شهادة ابن المجني عليها السالف ذكرها، وكانت هذه الشهادة بحالتها التي أوردتها غير منتجة في هذا الشأن، لأنها شهادة منقولة عن الغير، وقد أثار الدفاع في شأنها ما يفيد استمساكه بسماع أقواله، وكان سماع هذا الأصيل ممكناً لتبين وجه الحق في الدعوى، وكان من جهة أخرى جائزاً أن يكون لهذا الذي أخذت به المحكمة واطمأنت إليه من شهادة هذا الناقل أثره في تكوين عقيدتها بسرقة باقي المنقولات، وكان محتملا أن يختلف النظر الذي انتهت إليه في شأن السرقة بأسرها إذا ما استبان لها عدم حصول سرقة في المصوغات - لما كان ذلك، وكان الحكم، إذ قطع بأن الطاعن لم يترك دار المجني عليها من وقت وقوع الجريمة لوقت القبض عليه وأن شخصاً غريباً عن الدار لم يدخلها، وكان ثابتاً به أن ما أخفاه الطاعن من معالم جريمة القتل قد كشف أمره بإرشاد الخادم الآخر المرافق له والذي كان شاهد الرؤية الوحيد عليه وأن الخادم المذكور لم يقل إن سرقة وقعت، أو إن الطاعن قد أخفى شيئاً مما قيل بسرقته، وكان الثابت أن شيئاً من المسروقات لم يضبط - إذ قرر الحكم ما تقدم - لم يبين كيف كان من الميسور على الطاعن أن يخفي ما سرقه، وكان رده على أوجه دفاع الطاعن في هذا الخصوص قد قام على فروض وتقريرات لا تصلح سنداً في مقام الإدانة. لما كان كل ذلك فإن الحكم المطعون فيه بما قرره من ثبوت السرقة استناداً إلى ما أورده من أدلة، وبما أغفله عن الرد على دفاع للطاعن له صلته بالواقعة المطروحة، يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه من أجل ما تقدم، ويتعين قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه، وذلك من غير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق