جلسة أول نوفمبر سنة 1949
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حسن بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
-------------------
(10)
القضية رقم 888 سنة 19 القضائية
أ - حكم. تسبيبه.
بناء الإدانة على أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق. معاينة أجريت في الدعوى. ورود بعض وقائع فيها تخالف ما أخذت به المحكمة من تلك الأدلة. لا يهم.
ب - وصف التهمة.
إسناد المحكمة إلى المتهم أنه لم يتخذ الحيطة اللازمة في قيادة السيارة. استظهار ذلك من ذات الوقائع المسندة إليه ومن عبارة الاتهام. هذا ليس إسناداً لواقعة جديدة إلى المتهم.
2 - إذا كانت المحكمة قد أسندت إلى المتهم أنه لم يتخذ الحيطة اللازمة في قيادته السيارة، مستظهرة ذلك من ذات الوقائع المسندة إليه وفي ضوء ما ورد بوصف التهمة من أنه كان مخالفاً للوائح، ومن بينها لائحة السيارات التي تقضي بأن يتخذ السائق الحيطة اللازمة للمحافظة على حياة الجمهور، فإنها لا تكون قد أسندت إليه واقعة جديدة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه قتل حنا جرجس خطأ بغير قصد ولا تعمد بأن كان ذلك ناشئاً عن عدم احتياطه ومخالفته اللوائح بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور وبكيفية تخالف أحكام اللوائح إذ سار بها إلى يسار الطريق وعلى خطوط الترام فصدم المجني عليه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أدت إلى وفاته.
وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات.
وقد ادعى كل من أسعد حنا جرجس ونصيف حنا جرجس وهلال حنا جرجس ومريم حنا جرجس وحكمت حنا جرجس ورفقه عبد الملك سيدهم بحق مدني قدره 1000 جنية على سبيل التعويض قبل المتهم.
ومحكمة الوايلي الجزئية بعد أن نظرت الدعوى قضت فيها حضورياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها بالمصاريف.
فاستأنفت النيابة هذا الحكم كما استأنفه المدعون بالحق المدني.
ومحكمة مصر الابتدائية "بهيئة استئنافية" بعد أن أتمت سماعه قضت فيه حضورياً عملاً بمادة الاتهام بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم 100 جنيه مائة جنيه وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني مبلغ 300 جنيه ثلاثمائة جنية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن الوجه الأول من وجهي الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بإدانة الطاعن إلى أسباب تخالف الثابت بالأوراق وتخالف الوقائع الثابتة بوصف التهمة فضلا عن تناقض بعض هذه الأسباب مع البعض الآخر، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أورد في صدر أسبابه أن واقعة الحادث تجمل فيما يقرره المتهم وشاهده من أن المتهم اضطر إلى الانحراف يساراً بسبب وجود عربات نقل تشغل الجانب الأيمن من الطريق إلا أن الحكم عاد فيما بعد ينقض هذا التصوير مقرراً أن المتهم انحرف إلى اليسار بدون مبرر وهذا الذي استخلصه الحكم رغم تناقضه مع ما أجمله من وقائع فإنه لا سند له من الأوراق إذ الثابت في محضر المعاينة أن عربات النقل كانت واقفة وموجودة بالفعل تسد الجانب الأيمن من الطريق ولم يبين الحكم سنده في نقض هذا الدليل المستمد من المعاينة، ويضيف الطاعن أن الحكم أسند إليه وقائع لم ترد في وصف التهمة إذ أن النيابة حصرت الوقائع التي تكون منها خطأ المتهم في أنه قاد سيارته في وسط الطريق وفي المكان المخصص لسير الترام بغير استعمال آلة التنبيه وبسرعة فصدم المجني عليه في حين أن الحكم أسند إلى الطاعن أن الخطأ ثابت أيضاً من عدم اتخاذه الحيطة اللازمة للمحافظة على حياة الجمهور لأنه مر من مكان مسموح للمارة بالعبور منه ومحظور عليه المرور فيه وأنه استمر في سيره مع رؤيته للمجني عليه ولم يوقف سيارته في الوقت المناسب أو ينأى بها عن ذلك الطريق.
وحيث إن الحكم وإن بدأ بتصوير الحادث حسب دفاع المتهم إلا أنه عاد فبين الواقعة التي أدانه بها حسبما استظهره من وقائع الدعوى. ومتي كان الأمر كذلك فلا تناقض بين ما أورده الحكم من أسباب ولا أهمية بعدئذ إذا كان ما ورد بالمعاينة من بعض الوقائع يخالف ما أخذت به المحكمة من أدلة لها أصل ثابت في أوراق الدعوى إذ أن للمحكمة أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
وحيث إنه عن قول الطاعن بأن الحكم استند إلى أسباب تخالف الوارد بوصف التهمة إذ أسند إليه عدم اتخاذه الحيطة في قيادته للسيارة دون أن ترد هذه الواقعة بوصف النيابة فهذا القول مردود بأن المحكمة استظهرت ذلك من ذات الوقائع المسندة إليه وفي ضوء ما ورد بالوصف من أنه فعل ذلك مخالفا اللوائح ومن بينها لائحة السيارات التي تقضي بأن يتخذ السائق الحيطة اللازمة للمحافظة على حياة الجمهور، فإذا ما أثبت الحكم أن الطاعن ارتكب خطأ بعدم اتخاذه الحيطة فإنه لم يتجاوز في ذلك الحقيقة ولم يسند إليه وقائع جديدة، ولذا كان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له.
وحيث إن محصل الوجه الآخر هو أن صلة السببية بين الحادث والقتل الخطأ غير متوافرة، ذلك لأن مسير الطاعن بسيارته على خط الترام لا يمكن وحده أن يكون ركناً من أركان جريمة القتل الخطأ، إذ لا يكفي للإدانة مجرد وقوع حادث وارتكاب خطأ بل يقتضي أن يكون الخطأ متصلا بواقعة القتل اتصال السبب المباشر بالنتيجة التي وقعت.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة على أن الطاعن قاد سيارته وسار بها في المكان المخصص من الطريق لسير الترام ودون أن يتخذ الحيطة اللازمة للمحافظة على حياة الجمهور وأن الحادث قد وقع نتيجة لذلك. ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليه فإن قول الطاعن بانعدام السببية لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق