الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 مايو 2013

الطعن 42 لسنة 58 ق جلسة 14/ 4/ 1988 مكتب فني 39 ق 91 ص 607

جلسة 14 من إبريل سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وصلاح عطيه وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

----------------

(91)
الطعن رقم 42 لسنة 58 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه.
(3) تزوير "أوراق رسمية". إثبات "بوجه عام".
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
(5) جريمة "أركانها". تزوير. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بيانات التسبيب".
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمتي التقليد والتزوير. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(6) قصد جنائي. تزوير. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جرائم التزوير. موضوعي. تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال. غير لازم. ما دام قد أورد ما يدل عليه.
(7) تزوير "تزوير المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة". موظفون عموميون. أوراق رسمية. ضرر. إثبات "بوجه عام".
عدم اشتراط صدور التزوير من موظف مختص فعلاً. كفاية أن تعطى الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها. ولو لم تذيل بتوقيع. افتراض الضرر في هذه المحررات لما في هذا التزوير من تقليل الثقة بها.
(8) تزوير. ضرر. تقليد. إثبات "بوجه عام".
كفاية تغيير الحقيقة في محرر بما يؤدي إلى انخداع البعض به لقيام جريمة التزوير. إتقان في هذه الحالة. ليس بلازم لتحقيق الجريمة.
(9) تزوير. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة التي يعتمد عليها الحكم. يكفي أن تكون في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
عدم التزام محكمة الموضوع ببيان سبب إعراضها عن أقوال شهود النفي.
المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(11) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إقرار الطاعن بتسليم المحرر لشخص مع تنصله من تزويره. لا يعد اعترافاً بجريمتي التزوير والتقليد. خطأ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً. لا تأثير له على سلامة الحكم. طالما أنه تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى. وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
(12) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تزوير.
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه. خطأ الحكم فيما نقله من تقرير المضاهاة من أن أرقام الموتور والشاسية مزورة حالة أن التقرير خلا من الإشارة إليهما. لا جدوى من النعي به.

------------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها.
2 - الأصل في المحاكمات الجنائية هو باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
3 - إن القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى.
4 - الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمتي التقليد والتزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
6 - إن القصد الجنائي في جرائم التزوير من المسائل المتعلقة بواقع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
7 - لما كان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية - شأن المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة لشأنها - أن تصدر فعلاً من الموظف بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطى هذه الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو لم تذيل بتوقيع، وكان من المقرر أيضاً أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما فيها.
8 - لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس.
9 - لما كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركان الجريمتين في حقه لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان ما انتهى إليه الحكم من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي لا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصها سائغاً. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم ببيان سبب إعراضها عن أقوال شهود النفي وكان ما ساقه الطاعن في شأن إطراح المحكمة لأقوال شاهد النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض.
11 - لما كان إقرار الطاعن بتسليم المحرر لشخص آخر مع تنصله من تزويره وإن كان لا يعد اعترافاً بجريمتي التزوير والتقليد إلا أنه تضمن في ذاته إقرار بتسليم المحرر المزور للمتهم الآخر الذي قضى ببراءته فإن خطأ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً لا يقدح في سلامة الحكم طالما تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود.
12 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير المضاهاة من أن أرقام الموتور والشاسيه مزورة حالة أن التقرير خلا من الإشارة إليهما ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثره في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخر حكم ببراءته....... أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو الخطاب ذات المطبوع..... والمنسوب صدوره إلى شركة....... بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بطريق الاصطناع بأن أنشأ المحرر سالف الذكر على غرار المحررات الصحيحة بتدوين بياناته وشفعه بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بإدارة....... وبصمه ببصمة خاتم مقلد لخاتم عزاه زوراً للجهة سالفة الذكر. ثانياً: قلد ختم جهة حكومية هو خاتم شركة........ وبصم به على المحرر سالف الذكر مع علمه بتقليده. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً........ عملاً بالمواد 206، 206 مكرراً، 214 مكرراً من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 30، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه ومصادرة المحرر المزور المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لم يبين الواقعة وأدلة الثبوت التي استخلص منها الإدانة بياناً كافياً ولم يبين المحرر المقول بتزويره ولم يورد بياناته ولم تفطن المحكمة إلى أن الشركة التي نسب إليها المحرر قد درجت على تحرير خطابات إلى إدارات المرور لإجراء تراخيص الجرارات الزراعية خالية من بيان اسم المشتري مما ينفي وقوع جريمة التزوير واعتبرت المحكمة المحرر من الأوراق الرسمية التي يعتبر التغيير الحاصل فيها تزويراً في أوراق رسمية مع أنها لا تعتبر كذلك لخلوها من توقيع الموظف المنسوب إليه المحرر. ويضاف إلى ذلك أن الشركة التي نسب إليها المحرر قد أوقفت بيع الجرارات الزراعية للأفراد منذ عام 1985 وأخطرت إدارات المرور بذلك مما يجعل المحرر عرضه للفحص والتمحيص فضلاً عن أن تزوير المحرر وتقليد الخاتم قد وقعا مفضوحين ولا ينخدع بهما أحد. هذا إلى أن الحكم جاء قاصراً في التدليل على توافر أركان الجريمتين المسندتين إلى الطاعن. كما أن الطاعن قد دفع التهمتين المسندتين إليه بأنه تسلم المحرر بحالته من شخص آخر باع له جراراً زراعياً باعتباره من سندات ملكيته له وأن أقوال شاهد النفي أمام المحكمة قاطعة في الدلالة على صحة هذا الدفاع غير أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع وعولت في إدانة الطاعن على ما أسند إليه من اعتراف مع أنه لا يعد نصاً في اقتراف الجريمة. وأخيراً فإن الحكم أورد أن الطاعن زور جميع بيانات المحرر ومن بينها أرقام الشاسيه والموتور - رغم أن أحد لم يقل بتزوير هذين البيانين مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله أنها "تتحصل في أن التحريات التي قام بها الرائد...... رئيس قسم مكافحة جرائم الأموال العامة دلت على قيام بعض مالكي الجرارات الزراعية باستخراج رخص تسييرها من قسم مرور الشرقية بموجب خطابات مزورة منسوبة إلى شركة........ إحدى شركات القطاع العام وبفحص ملف الجرار المملوك لـ....... تبين أن رخصة تسييره قد استخرجت بناء على خطاب مزور منسوب إلى الشركة سالفة الذكر يفيد بيعها للجرار المذكور إلى المتهم....... الذي قام بدوره ببيعه إلى مالكه المرخص له وأفادت شركة...... أن الخطاب مزور من حيث بياناته وتوقيعاته وأختامه وأنها لم تقم ببيع الجرار إلى المتهم الذي اعترف بإعادة بيع الجرار إلى........ وسلمه الخطاب المزور سالف الذكر والذي ثبت من تقرير المعمل الجنائي أن بيانات الخطاب المزور سالف الذكر والمنسوب إلى شركة........ والمؤرخ....... حررت بخط يد المتهم....... وبصمة الخاتم المبصوم به عليه لم تؤخذ من قالب الخاتم الصحيح وأنه مزور بطريق النقل باستخدام ورقة كربونية بنفسجية اللون". ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً. كما أوردت مضمون المحرر المزور مما يكون معه منعى الطاعن في شأن عدم بيان الواقعة وأدلة الثبوت ومستندات الدعوى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمتي التقليد والتزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وأن القصد الجنائي في جرائم التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية - شأن المحررات الخاصة بالشركات المملوكة للدولة - أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطى هذه الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو لم تذيل بتوقيع، وكان من المقرر أيضاً أن الضرر في تزوير المحررات الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما فيها، وأنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن قد زور الخطاب المنسوب صدوره إلى شركة....... الموجه إلى إدارة المرور لترخيص جرار زراعي بطريق الاصطناع وأن التزوير شمل جميع بياناته كما بصمه بخاتم مقلد وسلمه لآخر باع له الجرار باعتباره من مستندات الملكية وقدمه الأخير لقسم المرور المختص واستصدر بموجبه ترخيصاً للجرار باسمه، ولما كان ذلك، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في التدليل على توافر أركان الجريمتين في حقه لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن في دفاعه من أنه استلم المحرر خالياً من اسم المشتري وأطرح هذا الدفاع بقوله "وحيث إنه إزاء أدلة الثبوت التي ساقتها المحكمة وتطمئن إليها فإنه لا تعول على إنكار المتهم بارتكاب التزوير لثبوت أنه مرتكبه حسبما ورد بأدلة الثبوت التي تطمئن إليها كما لا تعول على دفاعه بعدم علمه بالتزوير لاستلامه المحرر خلو من اسم المشتري فقط ذلك أن الثابت من تقرير المضاهاة تزوير المحرر لجميع بياناته وهي اسم المشتري وأرقام الموتور والشاسيه والأختام والتوقيعات" وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستخلصه ما دام استخلاصها سائغاً. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم ببيان سبب إعراضها عن أقوال شهود النفي وكان ما ساقه الطاعن في شأن إطراح المحكمة لأقوال شاهد النفي لا يعدو المجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل اعتراف المتهم بقوله "واعترف المتهم بأن سلم الخطاب المزور إلى....... لتقديمه لمرور الشرقية" لما كان ذلك وكان إقرار الطاعن
بتسليم المحرر لشخص آخر مع تنصله من تزويره وإن كان لا يعد اعترافاً بجريمتي التزوير والتقليد إلا أنه تضمن في ذاته إقرار بتسليم المحرر المزور للمتهم الآخر الذي قضى ببراءته فإن خطأ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافاً لا يقدح في سلامة الحكم طالما تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - من خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير المضاهاة من أن أرقام الموتور والشاسيه مزورة حالة أن التقرير خلا من الإشارة إليهما ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثره في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق