جلسة 2 من مايو سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.
----------------
(188)
القضية رقم 6 سنة 20 القضائية
أ - دفاع شرعي.
إيراد الواقعة على صورة ترشيح لقيام هذا الظرف يجب على المحكمة أن تبحث في قيامه فتثبته أو تنفيه ولو لم يدفع به.
ب - حكم. تسبيبه.
نية القتل. التدليل عليها بأن المتهم كان مدفوعاً للقتل بعامل الانتقام لما وقع من الاعتداء على أخيه دون ذكر ما يستند إليه في هذا القول. لا يكفي.
2 - إذا كان كل ما ذكرته المحكمة في صدد إثبات نية القتل قبل المتهمين هو أنهما كانا مدفوعين بعامل الانتقام لما وقع من الاعتداء على أخيهما، فهذا القول المرسل بغير دليل يستند إليه لا يكفي، ويكون الحكم قاصراً قصوراً يعيبه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة: 1- حسين مراد إسماعيل. 2- محمد مراد إسماعيل (الطاعنين). 3- عثمان مراد إسماعيل بأنهم (أولا) الأول والثاني قتلا علي محمود عوف عمداً بأن طعناه بآلة حادة (سكين) قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك مع سبق الإصرار. (ثانياً) المتهم الثالث اشترك مع الأولين بطريقي الاتفاق والمساعدة على ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معهما على ارتكابها وصاحبهما إلى مكان الحادث حاملا عصا فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم الأول والثاني بالمادتين 230و231 من قانون العقوبات والثالث بها وبالمادتين 40/2 و3 و41 من ذات القانون، فقرر بذلك في أول مارس سنة 1949.
وادعى محمود عوف بحق مدني وطلب الحكم له قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض.
سمعت محكمة جنايات المنيا الدعوى وقضت حضورياً (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مائة جنيه مع المصروفات وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وذلك عملا بالمادة 234/1 من قانون العقوبات، وثانياً ببراءة المتهم الثالث ما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله عملا بالمادة 50/2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه دانهما بالقتل العمد مع أن الحادث حسبما بينه وقع فور وقته وأنه كان مشاجرة بين فريقين تنافسا على ري الأرض، فتبادلا الاعتداء ولم يكن ما حصل سوى دفع أذى واقع من كليهما. ويقول الطاعنان إن ما أوردته المحكمة يفيد أن القتل إنما كان نتيجة لازمة للاعتداء الذي وقع على أخيهما، فارتبط القتل بهذا الاعتداء مما كان يتعين معه عليها أن تبحث فيما إذا كانا في حالة دفاع شرعي عن النفس، وهذا بغض النظر عن إنكارهما الواقعة أصلا أو عدم تمسكهما بقيام هذه الحالة لديهما، لأن المحكمة لا ترتبط بأقوال المتهم، ولا بمسلكه في الدفاع، بل تجري في حكمها على ما تتبينه هي من واقعة الدعوى وظروفها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين بين واقعة الدعوى قد قال في ذلك "إنها تتحصل في أنه في الصباح المبكر ذهب القتيل وأخوه الصغير محمد لري زراعتهما من ماكينة ري لأخيهما فائز مستعملين ماسورة على الترعة وذهب كل من الطاعنين لري زراعتهما من مياه الترعة باستعمال شادوف قائم على الضفة الشرقية وتوصل المياه منه إلى زراعتهما بمرورها في الماسورة المشار إليها، وهناك تقابل الفريقان، وكل منهما يرغب في استعمال الماسورة المذكورة في مرور المياه التي يريدها لتصل إلى زراعته، فتنازعا على ذلك وانطلق أفراد كل من الفريقين إلى تهيئة السبيل إلى وصول المياه لزراعته حسب رغبته، وتطور هذا النزاع إلى تبادل الاعتداء بينهما، وكان أن أصيب طه مراد بإصابة في رأسه أحدثت به عاهة مستديمة من أحد الفريق الأول. . . وما أن أصيب طه مراد هذا حتى انقض المتهمان على القتيل في المكان الذي كان يعمل فيه في تهيئة وصول المياه لزراعته وانهالا عليه طعنا كل منهما بسكين" ثم تحدث عن توفر نية القتل فقال "إن ظروف الحادث وملابساته أن المتهمين عندما وجدا أخاهما طه محمود قد أصيب إصابة خطيرة في رأسه انقضا على المجني عليه للانتقام لأخيهما منه مدفوعين في ذلك بما يحقدان به على المجني عليه وإخوته من جراء قطع المياه عن ري زراعتهما" ولما كان ما أوردته المحكمة عن واقعة الدعوى على هذا النحو يفيد أن المتهمين لم يوقعا الفعل الذي دانتهما به على المجني عليه إلا عقب إصابة أخيهما بإصابة خطيرة بالرأس مما كان يستوجب البحث في قيام حالة الدفاع الشرعي التي ترشح لها واقعة الدعوى بما يثبتها أو ينفيها وذلك لو لم يدفع الطاعنان بقيام هذه الحالة لديهما، وكان ما ذكرته بعدئذ في صدد إثبات نية القتل من أن الطاعنين كانا مدفوعين بعامل الانتقام لما وقع من الاعتداء على أخيهما قد جاء قولا مرسلا بغير دليل يستند إليه - لما كان الأمر كذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا قصورا يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق