الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 10 أكتوبر 2025

الطعنان 7913 ، 13996 لسنة 91 ق جلسة 9 / 5 / 2023 مكتب فني 74 ق 64 ص 417

جلسة 9 من مايو سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ د. مصطفى سالمان " نائب رئيس المحكمة "، وعضوية السادة القضاة/ صلاح عصمت، د. محمد رجاء، ياسر بهاء الدين إبراهيم ومحمد علي سلامة "نواب رئيس المحكمة".
---------------
(64)
الطعنان رقما 7913، 13996 لسنة 91 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. مثال.
(2) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: أشخاص الخصومة".
المدعي. له حق تحديد خصومه في الدعوى ولو كان موضوعها غير قابل للتجزئة. شرطه. ألا يوجب القانون اختصام أشخاص معينين.
(4،3) تحكيم "بطلان حكم التحكيم: دعوى بطلان حكم التحكيم: صاحب الصفة في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: إدخال خصم في الدعوى". محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطتها في الإدخال والتدخل في الدعوى".
(3) صاحب الصفة في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم. المحكوم عليه. شرطه. توافر أحد أسباب الطعن وفقًا م 53 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. تعدد المحكوم عليهم. مؤداه. لكل منهم رفع دعواه لأسباب البطلان التي تعلقت به وحده. عدم لزوم اختصام جميع المحكوم عليهم في دعوى البطلان المقامة من أحدهم. جواز نزول المحكوم عليهم أو أحدهم عن حقه في رفع دعوى البطلان. م 54/1 من القانون المذكور. دليله.
(4) دعوى بطلان حكم التحكيم. القانون لم يوجب اختصام أشخاص معينين فيها. تمسك الشركة الطاعنة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إدخال محكمة الموضوع خصومًا في الدعوى التي قامت هي برفعها. غير جائز. علة ذلك. قاعدة Estoppel. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
(6،5) شركات "الأحكام العامة للشركات: الشخصية المعنوية للشركة: انقضاء الشركة وتصفيتها: أسباب الانقضاء العامة: تقسيم الشركة".
(5) الشركات الناتجة عن تقسيم شركة خاضعة لأحكام ق 159 لسنة 1981 المعدل بق 4 لسنة 2018. خلفًا عامًا للشركة محل التقسيم. مؤداه. حلولها محلها قانونيًا فيما لها وما عليها بما لا يخل بحقوق الدائنين. أثره. اكتسابها الشخصية المعنوية. شرطه. قيدها في السجل التجاري.
(6) خلو الأوراق مما يفيد اكتساب الشركة محل التقسيم الشخصية الاعتبارية المستقلة عن طريق قيدها في السجل التجاري قبل صدور حكم التحكيم. مؤداه. عدم اكتسابها أهلية التقاضي أو التحكيم. لا عبرة ببدء إجراءات التقسيم قبل تاريخ صدور حكم التحكيم. نعي الطاعنة في هذا الخصوص. على غير أساس.
(8،7) تحكيم "أثر الاتفاق على قواعد التحكيم" "ميعاد إصدار حكم التحكيم".
(7) ترك تحديد ميعاد إصدار حكم التحكيم لإرادة طرفي التحكيم. المادتان 25، 45 ق 27 لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم. مؤداه. جواز الاتفاق على مدة أطول من المدة المنصوص عليها قانونًا سواء كان التحكيم حرًّ أو مؤسسيًّا. علة ذلك.
(8) اتفاق الأطراف في شرط التحكيم على تسوية النزاع وفق قواعد التحكيم الخاصة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. مؤداه. إخضاع إجراءات التحكيم لتلك القواعد. لجوء الطاعنة لمحكمة استئناف القاهرة واستصدارها أمرًا بإنهاء إجراءات التحكيم مع إلغائه من محكمة الطعن عليه. لا أثر له على استمرار ولاية هيئة التحكيم للفصل في الدعوى التحكيمية. علة ذلك. التزام الحكم هذا النظر. صحيح.
(9 -13) تحكيم "هيئة التحكيم: استقلال المحكم وحياده".
(9) وجوب استقلال المحكم عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما. غياب الاستقلال أو الحياد. أثره. احتمال الميل في الحكم. وجوب إفصاح المحكم عن أية علاقات يمكن أن تعطي انطباعًا بوجود احتمال انحيازه لأحد الأطراف. علة ذلك. المواد ١٦/3، 18/1، 53/ه ق التحكيم ٢٧ لسنة 1994.
(10) استقلال المحكم وحيدته. المقصود به. وجوب أن يسود الاعتقاد لدى طرفي التحكيم أن الحكم الذي سيصدر سوف يتسم بالعدل.
(11) التزام المحكم بالإفصاح كتابة. غايته. إعلام الأطراف بالوقائع المفصح عنها. إخلال المحكم بهذا الالتزام. أثره. رفع عبء إثبات عدم العلم عن الخصوم.
(12) الالتزام بالحيدة والاستقلال. مبدأ أساسيّ من مبادئ قانون التحكيم المصري. انطباقه على المحكمين المعينين ورؤساء هيئات التحكيم. ضمان النظام القضائي المصري لحياد المحكمين واستقلالهم مع رقابة محكمة النقض. مؤداه. تعزيز ثقة أطراف التحكيم الدولي في اختيار مصر مقرًا للتحكيم.
(13) التزام المحكم بالإفصاح عن أية أمور يجب الإفصاح عنها. واجب قانوني لازم لضمان سير العملية التحكيمية بنزاهة وحياد. تقصير المحكم في أداء هذا الواجب. خضوعه لتقدير المحكمة التي تنظر دعوى البطلان.
(14) تحكيم "التحكيم الاختياري: الاتفاق على التحكيم: التنازل الضمني عن بطلان الاتفاق".
استمرار أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من قانون التحكيم جائز الاتفاق على مخالفته. عدم تقديمه اعتراضًا على المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عنـد عدم الاتفاق. اعتباره نزولًا منه عن حقه في الاعتراض. م ٨ ق التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤. علة ذلك.
(16،15) قضاة "استناد القاضي في الحكم إلى العلم العام".
(15) عدم جواز حكم القاضي بعلمه الخاص وجواز حكمه بالعلم العام. الاعتداد بالبيانات والأرقام المنشورة على شبكة الإنترنت بالمواقع الرسمية للمنظمات الدولية أو الوكالات المتخصصة المرتبطة بها ومنها مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي CRCICA. اعتباره من قبيل العلم العام الذي لا يحتاج إلى دليل على قيامه. علة ذلك.
(16) بيان أسماء وصفات أعضاء هيئة التحكيم بالموقع الإلكتروني لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. علم عام. عدم تقديم الطاعنة ما يفيد تمسكها أمام هيئة التحكيم ببطلان تشكيل هيئة التحكيم للأسباب التي تتمسك بها بنعيها مع علمها السابق بوجود المخالفة التي تدعيها واستمرارها في إجراءات التحكيم. مؤداه. تنازلها عن حقها في إثارة هذا الاعتراض. علة ذلك. إنكار بعد إقرار. عدم جواز إبداء أسباب رد محكمها الذي عينته أو اشتركت في تعيينه لسبب كان سابقًا على التعيين وهي تعلمه. علة ذلك. م 18 /2 ق التحكيم.
(18،17) تحكيم "هيئة التحكيم: استقلال المحكم وحياده".
(17) جواز تعيين أعضاء اللجنة الاستشارية لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي كمحكمين من قبل أطراف التحكيم. مؤداه. عدم جواز تعييب تشكيل هيئة التحكيم لتشكيلها من عضو أو أكثر من أعضاء اللجنة الاستشارية بالمركز ومشاركة المحكم ووكيل أحد الخصوم عضوية تلك اللجنة. أثره. عدم لزوم الإفصاح. علة ذلك. م 7 من لائحة اللجنة الاستشارية لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي.
(18) القائمة الخضراء الواردة بإرشادات رابطة المحامين الدولية عن تعارض المصالح في التحكيم الدولي. عددت أمثلة لحالات ومواقف غير حصرية ليس من شأنها أن تثير شكوكًا لدى أطراف النزاع حول حياد المحكم واستقلاله. مؤداه. عدم وجوب إفصاح المحكم عند تحقق أي من هذه الحالات. مثال ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. النعي عليه في هذا الخصوص. على غير أساس.
(20،19) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية: ما يخرج من ولاية المحاكم العادية: اختصاص هيئات التحكيم: نطاقه". تحكيم "ماهية التحكيم" "سلطة هيئة التحكيم في نظر الموضوع وتحديد المسئولية".
(19) التحكيم. نظام للفصل في المنازعات. قوامه. الخروج على طرق التقاضي العادية وسلب لاختصاص جهات القضاء. مؤداه. قصر ولاية هيئة التحكيم على نظر الموضوع الذي انصرفت إليه إرادة المحتكمين. فصلها في مسألة لا يشملها هذا الموضوع أو تجاوز نطاقه. أثره. ورود قضائها على غير محل ومن جهة لا ولاية لها. لازمه. وجوب تحديد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها. مخالفة ذلك. البطلان. المادتان 10 /2، 53 /1 بند(و) ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. يستتبعه. التفسير الضيق للاتفاق من هيئة التحكيم.
(20) انتهاء هيئة التحكيم إلى إلزام المقصر في تنفيذ التزاماته العقدية بالتعويض الذي قدرته عملًا بالقانون المدني السوري وهو أحد فروع القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه دون تخصيص. مؤداه. ارتكان هيئة التحكيم في حكمها إلى المسئولية العقدية والتزامها بحدود اتفاق التحكيم. النعي عليه في هذا الخصوص. على غير أساس.
(22،21) تحكيم "التحكيم الاختياري: القانون الواجب التطبيق" "هيئة المحكمين: حكم المحكمين: تسبيبه: التجاء هيئة التحكيم إلى العرف ومبادئ العدالة".
(21) اتفاق المحتكمين على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على النزاع. مؤداه. التزام هيئة التحكيم بها مع مراعاة شروط العقد والأعراف التجارية. الاتفاق على قانون دولة معينة. لازمه. التزام الهيئة بالقواعد الموضوعية لهذا القانون دون الخاصة بتنازع القوانين. تحديد قانون الدولة دون فرع معين. لهيئة التحكيم تطبيق الفرع المتصل بموضوع النزاع. هيئة التحكيم المفوضة بالصلح. لا يجوز لغيرها استبعاد القواعد القانونية المتفق عليها وتطبيق قواعد العدالة والإنصاف. المادتان 39، 53 /1 بند (د) ق التحكيم.
(22) ورود عبارة العدالة بأسباب حكم التحكيم. لا يدل على استبعاد القانون السوري الذي اتفق الأطراف على تطبيقه. علة ذلك. القانون السوري الذي اتفق الأطراف على تطبيقه يجيز تطبيق قواعد العدالة إذا كان لها مقتضى. م 1 من ق المدني السوري. تطبيق هيئة التحكيم غير المفوضة بالصلح قواعد العدالة. خطأ في تطبيق القانون وليس استبعادًا له. مؤداه. لا تتسع له دعوى بطلان حكم التحكيم. نعي الطاعنة من تطبيق هيئة التحكيم لقواعد العدالة والإنصاف. غير صحيح.
(24،23) تحكيم "إجراءات التحكيم: المداولة ".
(23) حكم التحكيم. صدوره بأغلبية الآراء بعد مداولة أعضاء هيئة التحكيم. م 40 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. المداولة. مقصودها. سرية المداولة. سمة تتصف بها المداولات ولئن لم ينص عليها قانون التحكيم. علة ذلك. مقتضيات الأحكام وطبيعة التحكيم.
(24) عبارة هيئة التحكيم. انصرافها إلى المحكمين دون غيرهم. م 4 ق التحكيم. ورود اسم كاتب هيئة التحكيم في ديباجة الحكم. لا يدل على اشتراكه في المداولة أو إعداد الحكم. علة ذلك. سرية حدوث مداولات هيئة التحكيم بين أعضائها دون سواهم. م 40 قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. نعي الطاعنة ببطلان الحكم التحفظي بفرض صحته دون بيانها أثره على الحكم المنهي للخصومة محل دعوى البطلان. غير مقبول. م 53/ 1 بند (ز) ق التحكيم.
(25) تحكيم "التحكيم الاختياري: الاتفاق على التحكيم: ماهيته ونطاقه".
طرفا التحكيم. لهما الاتفاق على إخضاع الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في مصر أو خارجها. م 25 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم.
(26 -29) تحكيم "هيئة المحكمين: سلطة هيئة التحكيم".
(26) هيئة التحكيم. سلطتها في تقدير طلب إدخال خصوم بالدعوى التحكيمية إذا كانوا طرفًا في اتفاق التحكيم. شرطه. عدم الضرر بالأطراف. م 17/6 قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. جواز صدور قرار من المحكم الرئيس وحده فيما يتعلق بمسائل الإجراءات. شرطه. عدم توافر الأغلبية أو إجازة هيئة التحكيم لذلك. مؤداه. قابلية القرار لإعادة النظر من قبل هيئة التحكيم. م 33/2 من القواعد المذكورة.
(27) تعلق القرار الصادر من رئيس هيئة التحكيم بطلبات إجرائية متمثلة في إدخال خصم بالدعوى التحكيمية وإصدار حكم تحكيم جزئي ورفض مستندات تم تقديمها وانفراده بالتوقيع عليه. مناطه. استعماله ما تقرره قواعد مركز القاهرة الإقليمي بهذا الشأن من أحكام وتفويض المحكمين له في ذلك. مؤداه. لا يعد حكمًا يوجب توقيع أعضاء الهيئة عليه. عدم بيان الطاعنة أثر ذلك القرار على حكم التحكيم المنهي للخصومة وعدم استعمال حقها المقرر بموجب قواعد المركز في طلب إعادة النظر فيه. أثره. نعي على غير أساس.
(28) تقدير الأدلة وطلب مستندات أو أدلة من الأطراف وتقدير مدى ارتباط تلك المستندات بالدعوى. سلطة تقديرية لهيئة التحكيم. م 27 قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي.
(29) تقديم الطاعنة لمستندات أذنت هيئة التحكيم بإيداعها ملف الدعوى دون اعتراض منها. مؤداه. تنازل الطاعنة عن التمسك بتقديم تلك المستندات. م 8 ق التحكيم. نعي الطاعنة ببطلان حكم التحكيم لرفض هيئة التحكيم قبول مستنداتها الجوهرية. نعي على غير أساس.
(30) تحكيم "هيئة المحكمين: حكم المحكمين: الدعوى ببطلانه".
دعوى بطلان حكم التحكيم. ليست طعنًا عليه بالاستئناف. مؤداه. لا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه. أثره. ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير مدى ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين. علة ذلك. مثال.
(31) دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة الإجرائية". نقض "الخصوم في الطعن: من له حق الطعن".
الطعن بالنقض. وجوب أن يكون الطاعن خصمًا في النزاع الذي فصل فيه وبالصفة التي كان متصفًا بها. الصفة الإجرائية. شرط لقبول الدعوى فيمن خاصم أو خوصم. مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصمًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم من الرابعة حتى الأخير لم يكونوا خصومًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يكون اختصامهم في الطعن (بالنقض) غير مقبول.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن رافع الدعوى له مطلق الحرية في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها إلا إذا أوجب عليه القانون اختصام أشخاص معينين فيها ولا يغير من هذا النظر أن يكون موضوعها غير قابل للتجزئة.
3- الفقرة الأولى من المادة 54 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية - تدل على أن المحكوم عليه صاحب الصفة في رفع دعوى البطلان على حكم التحكيم إذا توافرت أحد أسباب البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من ذات القانون، أما إذا تعدد المحكوم عليهم كان لكل منهم رفع دعواه قبل فوات الميعاد القانوني من تاريخ إعلانه بحكم التحكيم ولأسباب البطلان التي تعلقت به وحده دون غيره من باقي الخصوم، ولم يستلزم المشرع اختصام جميع المحكوم عليهم في دعوى البطلان المقامة من أحدهم، ويظاهر ذلك ويؤكده أنه يجوز لكل منهم النزول عن حقه في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بعد صدوره، أو قبول تنفيذه، كما يجوز أن يكون توافر سبب للبطلان قِبل محكوم عليه دون غيره، أو سقط حق محكوم عليه في التمسك به عملًا بالمادة 8 من قانون التحكيم، ولم يسقط بالنسبة للباقين.
4- إذ كانت الشركة الطاعنة رافعة الدعوى لها مطلق الحرية في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها، وكانت الدعوى الحالية ليست من الدعاوى التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها ولا يغير من هذا النظر أن يكون موضوعها غير قابل للتجزئة، كما أنه ليس بمقبول ما تحتج به الطاعنة من مخالفة قاعدة إجرائية متعلقة بالأحكام العامة للطعن على الأحكام، إذ إن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف، وأن تمسك الشركة الطاعنة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إدخال محكمة الموضوع خصومًا في الدعوى التي قامت هي برفعها، يعد تمسكا بحُجة من صنع يديها هي فلا يجوز لها الاحتجاج بها - ما لم تكن متعلقة بالنظام العام- ، وهو ما بات معروفًا باسم قاعدة Estoppel أي "من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه"، أو "منع التناقض إضرارًا بالغير"؛ فقد كان في إمكان الطاعنة، قبل أي طرف آخر، أن تبادر باختصام جميع المحكوم عليهم في صحيفة دعواها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على دفع الطاعنة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويضحى النعي عليه على غير أساس.
5- مفاد نص المادتين 135 مكررًا (أ) فقرة (1) و 135 مكررًا (ج) فقرة (1) من قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2018 أن المشرع وضع قاعدة عامة بشأن تقسيم الشركات الخاضعة لأحكامه – رأسيًا كان هذا التقسيم أم أفقيًا – مؤداها أن الشركة أو الشركات الناتجة عن هذا التقسيم تكون خلفًا عامًا للشركة محل التقسيم وتحل محلها حلولًا قانونيًا فيما لها وما عليها وفي حدود ما آل إليها من الشركة محل التقسيم وفقًا لما تضمنه قرار التقسيم وذلك كله بما لا يخل بحقوق الدائنين، وتكتسب الشركة أو الشركات الناتجة عن التقسيم الشخصية المعنوية التي تُنشئ لها وجودًا قانونيًا خاصًا بمجرد القيد في السجل التجاري.
6- إذ كانت الأوراق قد خلت مما يفيد اكتساب الشركة الناتجة عن التقسيم "...." الشخصية الاعتبارية المستقلة قبل صدور حكم التحكيم في 22/2/2019، ليكون لها أهلية التقاضي أو التحكيم دونما إخلال بما سبق بيانه من حلولها القانوني محل الشركة محل التقسيم الناتجة هي عنها بما لها وما عليها، ولا عبرة بأن تكون إجراءات التقسيم التي نتجت عنها هذه الشركة قد بدئ فيها قبل تاريخ صدور حكم التحكيم سالف الذكر إذ العبرة باكتسابها الشخصية الاعتبارية وهو ما لا يكون إلا بقيدها في السجل التجاري، ويكون ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن على غير أساس.
7- النص في المادتين 25 و45 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 يدل على أن المشرع المصري قد ارتأى ترك أمر تحديد الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها لإرادة الأطراف ابتداءً وانتهاءً، وبذلك يجوز للأطراف الاتفاق على مدة أطول من المدة المنصوص عليها قانونًا لذلك، سواء كان التحكيم حرًّا - تحكيم غير مؤسسي (Ad Hoc) - أو من خلال الاتفاق على تطبيق قواعد مركز تحكيم معين، وهو ما يعرف بالتحكيم المؤسسي Institutional Arbitration ذلك أن اتفاق الأطراف في التحكيم المؤسسي مؤداه التزامهم بقواعد المركز الذي تم اللجوء إليه للفصل في خصومتهم التحكيمية ما لم تكن مخالفة للنظام العام.
8- إذ كان لا خلاف بين الطرفين على أن شرط التحكيم، الوارد كبند في العقد المبرم بينهما في 10/6/2008، تضمن أن تسوية النزاع تكون طبقًا لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ووفقًا لقواعد هذا المركز، وعليه تكون هذه القواعد هي الحاكمة لإجراءات النزاع والواجبة التطبيق إعمالًا لاتفاق الطرفين، وكانت القواعد المقررة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي المعمول بها اعتبارًا من 1/3/2011، الواردة بالمواد (12) و(17) و(25) منها أن لهيئة التحكيم سلطة تقدير المدة اللازمة لإصدار حكمها فيها وفقًا لظروف كل دعوى والطلبات فيها وبما لا يخل بحق كل من الطرفين في الدفاع مع تجنب التأخير وزيادة النفقات دون مبرر، ومتى وجدت مبررها لا معقب عليها، وإذ وجد الأطراف استحالة فعلية أو تعمد تعطيل إجراءات التحكيم على الأطراف اللجوء إلى المركز بطلب تشكيل اللجنة المنصوص عليها بالمادة (12) من قواعد المركز مراعية في ذلك منع تضارب المصالح المنصوص عليه في المادة الثامنة من لائحة اللجنة الاستشارية للمركز إذا كان المحكمون أعضاء في تلك اللجنة؛ لما كان ما تقدم، فإنه ليس للطاعنة التنصل من شرط التحكيم الوارد في عقد النزاع إذ بموجبه ارتضت إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بمركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي ومؤدى هذا القبول ولازمه قبولها لاختصاصات هذه المؤسسة وقراراتها، وما كان لها اللجوء إلى رئيس المحكمة المختصة بطلب إنهاء إجراءات التحكيم لاتفاقها على قواعد المركز التي منحت لهيئة التحكيم وضع الجدول الزمني لإجراءات التحكيم ولها أن تطيله أو تقصره، وبالتالي لا يقيدها صدور الأمر الصادر من رئيس محكمة استئناف القاهرة بإنهاء إجراءات التحكيم، ولا أثر له على استمرار ولاية هيئة التحكيم للفصل في الدعوى التحكيمية، لأن ولاية هيئة التحكيم مستمدة من اتفاق الأطراف على تطبيق قواعد المركز ولا تزول إلا وفق تلك القواعد، يضاف إلى ذلك زوال هذا الأمر بإلغائه من محكمة الطعن عليه، وإذ التزم الحكم هذا النظر يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
9- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة ١٦(٣) و١٨(١) والمادة ٥٣(ه) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية - يدل على أن المؤهل الأساسي للمحكم هو استقلاله عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما، وأن غياب أحدهما تترجح معه مخاطر عدم الحكم بغير ميل، وهو ما يوجب على المحكم أن يفصح عن أية علاقات يمكن أن تعطي انطباعًا بوجود احتمال انحيازه لأحد الأطراف، ويظل هذا الواجب القانوني بالإفصاح قائمًا على عاتقه - لما قد يُستجد من ظروف لم تكن قائمة عند قبوله التحكيم - حتى صدور حكم التحكيم، ومن ثم فإن كتمان المحكم لهذه الظروف أو العلاقات وعدم إفصاحه عنها لطرفي التحكيم يؤثر على مظهر الإجراءات والثقة في عدالتها، ومن هنا كان الحرص من جانب التشريعات الوطنية وقواعد مراكز التحكيم المعتبرة على النص بوجوب التزام المحكم الحياد والاستقلال.
10- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن المقصود باستقلال المحكم، هو عدم ارتباطه بأية رابطة تبعية أو مادية أو اجتماعية أو مهنية مع أحد أطراف النزاع أو وكلائهم من شأنها أن تؤثر في قراراته، أما المقصود بحياد المحكم فهو عدم انحيازه إلى جانب طرف أو ضد طرف، بما يشكل خطرًا حقيقيًا يتمثل في احتمال الميل تجاه أحد الطرفين “the real danger of bias”، أو يثير شكوكًا مبررة “justifiable doubts” في هذا الشأن، ولا يكفي في المحكم أن يكون مستقلًا ومحايدًا وإنما يتعين أن يسود الاعتقاد لدى طرفي التحكيم أن الحكم الذي سيصدره سوف يتسم بالعدل.
11- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الحكمة من التزام المحكم بالإفصاح كتابة هي تحقق الدليل على علم أطراف التحكيم بالوقائع المفصح عنها، مما ينفي عنهم قرينة عدم العلم بها، أما كتمان المحكم لتلك الوقائع التي قد تنال من حيدته واستقلاله، يرفع عنهم عبء إثبات عدم العلم بتلك الوقائع.
12- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الالتزام بالحيدة والاستقلال مبدأ أساسي من مبادئ قانون التحكيم المصري، فينطبق واجب الحيدة والاستقلال على حد سواء على المحكمين المعينين من قبل الأطراف، أو من قِبَل مركز التحكيم، أو بحكم من المحكمة، وينطبق كذلك على رؤساء هيئات التحكيم، كما أن ضمان النظام القضائي المصري لحياد المحكمين واستقلالهم وحرصه على مراقبة حسن تطبيق هذه المبادئ- تحت رقابة محكمة النقض- هو من بين الأسباب التي تعزز ثقة أطراف التحكيم الدولي في اختيار مصر مقرًا للتحكيم "seat of arbitration".
13- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن التزام المحكم بالإفصاح عن أية أمور يجب الإفصاح عنها يعد – بلا جدال - واجبًا قانونيًا لازمًا لضمان سير العملية التحكيمية بنزاهة وحياد إلا أن تقصير المحكم في أداء هذا الواجب لا يترتب عليه بمجرده بطلان حكم التحكيم، وإنما يخضع لتقدير المحكمة التي تنظر دعوى البطلان - وفي سياق ظروف القضية التحكيمية ذاتها - ما إذا كان الظرف غير المفصح عنه يبرر في حد ذاته أو يؤدي بشكل معقول إلى استنتاج وجود حقيقي للتحيز من عدمه بمعنى أن تقدير مدى وجود تحيز حقيقي، هو تقدير موضوعي تُراعى فيه حقائق ووقائع القضية التحكيمية المطروحة، والتي تختلف من قضية إلى أخرى.
14- المقرر- في قضاء محكمة النقض - عملًا بالمادة ٨ من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضًا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عنـد عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولًا منه عن حقه في الاعتراض، إذ تنحاز هذه القاعدة إلى حماية إجراءات التحكيم من إساءة استغلال أحد أطراف النزاع، وهو عادةً الطرف الخاسر، لحق من الحقوق التي يجوز النزول عنها بهدف إبطال حكم التحكيم لاحقًا.
15- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الخاص إلا أنه غير ممنوع من الحكم بالعِلم العام، هذا ويعد من قبيل العلم العام الذي لا يحتاج إلى دليل على قيامه، جريان العادة على الاعتداد بالبيانات والأرقام المنشورة على شبكة الإنترنت بالمواقع الرسمية للمنظمات الدولية أو الوكالات المتخصصة المرتبطة بها، ومنها مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي CRCICA كونه منظمة دولية مستقلة تحت مظلة المنظمة الاستشارية القانونية لدول آسيا وإفريقيا، باعتبارها مواقع متخصصة تعتمد على تدقيق المعلومات وتحديثها على نحو دائم.
16- إذ كان البين من الموقع الإلكتروني لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، أن كلًا من رئيس هيئة التحكيم (الأستاذ/ ....)، والمحكم الذي عينته الطاعنة (الدكتور/ ....)، ووكيل المطعون ضدها (الدكتور/ ....) أعضاء في المجلس الاستشاري بالمركز، فضلًا عن كون المحكم الذي عينته الطاعنة أحد أعضاء مجلس المحافظين بالمركز، فيعد أسماء وصفات أعضاء مجلس المحافظين وأعضاء اللجنة الاستشارية بالمركز وسيرتهم الذاتية المذكورة بموقعه الإلكتروني من قبيل العلم العام، كما قدمت الطاعنة أمام محكمة البطلان حافظة مُستندات بها صورة منسوخة على الورق من المحرر الإلكتروني المثبت بقاعدة بيانات هذا الموقع الإلكتروني تفيد عضوية المحكمين ووكيل المطعون ضدها بالمجلس الاستشاري بالمركز ثابت بها تاريخ نسخ المحرر الإلكتروني على الورق في 22/7/2018 قبل صدور حكم التحكيم في 22/2/2019، وكان البين أيضًا من مدونات حكم التحكيم أن رئيس هيئة التحكيم بتاريخ 17/7/2016 أفصح للأطراف بتوجيه الدعوة له من قبل مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ICSID لرئاسة جلسة علمية تتعلق بالطعن في أحكام التحكيم الدولي الصادرة في منازعات الاستثمار بالقاهرة في 28/9/2016، ويحاضر وكيل المطعون ضدها في تلك الجلسة، ولما كانت الطاعنة لم تقدم ما يفيد تمسكها أمام هيئة التحكيم ببطلان تشكيل هيئة التحكيم للأسباب التي تتمسك بها بنعيها، مع علمها السابق بوجود المخالفة التي تدعيها واستمرارها في إجراءات التحكيم على الرغم من ذلك، فإنها تكون قد نزلت عن حقها في إثارة هذا الاعتراض فيما بعد، ولا يجوز لها العدول عن هذا النزول لأنه يكون إنكارًا بعد الإقرار، والساقط لا يعود لاسيما وأن البطلان المتعلق بهذه الحالة هو بطلان نسبي مقرر لمصلحة الخصوم مما يجوز النزول عنه صراحةً أو ضمنًا، ولا يجوز أيضًا للطاعنة إبداء أسباب رد محكمها الذي عينته أو اشتركت في تعيينه لسبب كان سابقًا على التعيين وهي تعلمه، عملًا بمفهوم الفقرة الثانية من المادة 18 من قانون التحكيم.
17- المادة (7) من لائحة اللجنة الاستشارية لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي الملحقة بقواعد المركز المعمول بها اعتبارًا من 1/3/2011،- قواعد المركز التي اتفق الأطراف على تطبيقها- أجازت لأطراف التحكيم دون المركز تعيين أعضاء اللجنة الاستشارية كمحكمين، وكان من البديهي أنه يمكن أن يكون أحد أعضاء اللجنة الاستشارية الأخرين وكيلًا عن الخصوم أو يعمل في شركة محاماة أوكلها أحد الخصوم للدفاع عنه أمام هيئة التحكيم، ومن ثم لا يجوز تعييب تشكيل هيئة التحكيم لتشكيلها من عضو أو أكثر من أعضاء اللجنة الاستشارية بالمركز، وأن يشارك المحكم ووكيل أحد الخصوم عضوية اللجنة الاستشارية، وبالتالي لا يلزم الإفصاح باعتبارها علمًا عامًا.
18- القائمة الخضراء الواردة بإرشادات رابطة المحامين الدولية عن تعارض المصالح في التحكيم الدولي IBA Guidelines on Conflicts of Interest in International Arbitration الصادرة عام 2014 – والتي يسترشد بها القضاء في العديد من الدول- عددت أمثلة لحالات ومواقف غير حصرية ليس من شأنها أن تثير شكوكًا لدى أطراف النزاع حول حياد المحكم واستقلاله بما لا يوجب عليه الإفصاح عن أي من هذه الحالات عند تحققها، ومن بينها ما أوردته المادة (1-3-4) من أن يكون "تربط المحكم علاقة مع محكم آخر أو محامي أحد الأطراف من خلال العضوية في نفس المؤسسة المهنية." (4-3-4) كان المحكم محاضرًا أو مشرفًا أو منظمًا في مؤتمر واحد أو أكثر أو شارك في ندوات أو فرق عمل تابعة لمؤسسة مهنية أو اجتماعية أو خيرية، مع محكم آخر أو مع محامي أحد الأطراف." وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفاع الشركة الطاعنة في هذا الخصوص على سند أن ما تنعاه لا يثير شكوكًا لدى أطراف النزاع حول حياد المحكمين واستقلالهما، فإن الحكم يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، وطبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
19- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على كون التحكيم نظامًا للفصل في المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وسلبًا لاختصاص جهات القضاء أن تقتصر ولاية هيئة التحكيم على نظر موضوع النزاع الذي تنصرف إليه إرادة المحتكمين، فإذا فصلت في مسألة لا يشملها هذا الموضوع أو تجاوزت نطاقه، فإن قضاءها بشأنه يضحى واردًا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرًا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه لاختصاص جهة القضاء صاحبة الولاية العامة بنظره، الأمر الذي حدا بالمشرع أن يشترط في الفقرة الثانية من المادة 10 من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها ورتبت المادة 53(1/و) منه جزاء البطلان إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها الاتفاق أو جاوز حدوده بما يستتبع وبالضرورة أن تتولى هيئة التحكيم تفسير هذا الاتفاق تفسيرًا ضيقًا يتفق وطبيعته.
20- إذ كانت هيئة التحكيم قد انتهت في حدود سلطتها المطلقة في فهم الواقع في الدعوى التحكيمية وتقدير المستندات والأدلة المقدمة فيها ومنها تقرير الخبرة، وفي تفسير العقود والإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى لمقصود عاقديها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها، وتحديد الجانب المقصر في تنفيذ التزاماته العقدية ثبوتًا ونفيًا إلى إلزام المقصر في تلك الالتزامات بالتعويض الذي قدرته بعد أن بينت عناصره، وكان هذا التقدير فيما تضمنه من كسب فائت وتعويض أدبي يتفق مع القواعد العامة في أسس تقدير التعويض الواردة في المادتين 222 و223 من القانون المدني السوري وهو أحد فروع القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه دون تخصيص، فإن هيئة التحكيم تكون قد ارتكنت في حكمها إلى المسئولية العقدية والتزمت بحدود اتفاق التحكيم، ولا يُعد منها خروجًا عنه الاستناد إلى خطئها في تطبيق القانون بذكر نصوص قانونية أو تقريرات قانونية متعلقة بالمسئولية التقصيرية، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
21- مفاد نص المادتين 39 و53 فقرة (1) بند (د) من قانون التحكيم أنه متى اتفق المحتكمان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع تعين على هيئة التحكيم التزامها وتطبيقها، مراعية في ذلك شروط العقد والأعراف التجارية، فإذا ما اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة التزمت هيئة التحكيم أن تطبق على النزاع القواعد الموضوعية لهذا القانون دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق طرفا النزاع على غير ذلك، فإن اقتصر تحديدهما على مجرد قانون الدولة دون فرع معين كان لهيئة التحكيم تطبيق فرع القانون الذي تراه من وجهة نظرها أنه الأكثر اتصالًا بموضوع النزاع، ولا يجوز لغير هيئة التحكيم المفوضة بالصلح استبعاد القواعد القانونية المتفق عليها وتطبيق قواعد العدالة والإنصاف.
22- إذ كان شرط التحكيم الوارد بالبند 28-3 من عقد النزاع المؤرخ 10/6/2008، ثابت به اتفاق الأطراف على تطبيق أحكام القوانين السورية ذات الصلة على النزاع، وكان البين أن هيئة التحكيم أنزلت أحكام القانون السوري على النزاع، بما مؤداه أنها لم تستبعد القانون الذي اتفق الأطراف عليه، ولا يعيب حكمها من بعد ما ورد بأسبابه من عبارة العدالة والتي لا تدل بذاتها على استبعادها للقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه لاسيما وأن النص في المادة الأولى من القانون المدني السوري على أنه "1- تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها. 2- فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد، فبمقتضى العرف، وإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة." يدل على أن القانون السوري– الذي اتفق الأطراف على تطبيقه - يجيز تطبيق قواعد العدالة إذا كان لها مقتضى بخلو القواعد الحاكمة في المصادر التي سبقتها، فإن طبقت هيئة التحكيم غير المفوضة بالصلح قواعد العدالة مستمدة سلطتها من النص القانوني بغير مقتضى، فإن ذلك لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ في تطبيق القانون وليس استبعادًا له، وهو ما لا تتسع له نطاق دعوى البطلان. ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة من تطبيق هيئة التحكيم لقواعد العدالة والإنصاف غير صحيح.
23- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة ٤٠ من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ - يدل على أنه يصدر حكم التحكيم بأغلبية الآراء بعد مداولة بين أعضاء هيئة التحكيم، والمقصود بالمداولة هو الاشتراك في تبادل الرأي حول وقائع الدعوى وما أبدى فيها من طلبات أو دفوع أو أوجه دفاع وما قدم فيها من أدلة وإخضاعها لأحكام القانون واجب التطبيق وصولًا إلى رأي يحسم النزاع بشأن تلك المسائل كلها، وتجري المداولة في أي زمان ومكان يحدده المحكمون، وفي سرية ولئن لم ينص عليها قانون التحكيم غير أنها سمة تتصف بها المداولات ومن مقتضيات الأحكام وطبيعة التحكيم ذاته، وينص عليها أغلب قواعد مراكز التحكيم، فلا يجوز علانية المداولة، أو يشترك سواهم فيها.
24- إذ كانت الفقرة الثانية من المادة (40) من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي المتفق على تطبيق قواعده نصت على سرية مداولات هيئة التحكيم، وكان البين من البندين 56 و57 من الحكم الوقتي والتحفظي الصادر في 25/8/2018، أن هيئة التحكيم تداولت وانتهت من المداولة في شهر أبريل عام 2018، ثم تحرر الحكم وتولى رئيس الهيئة إرساله لباقي الأعضاء وتمت مراجعته ووافقوا بإجماع الآراء على رفض جميع الطلبات الوقتية والتحفظية، ولما كانت عبارة "هيئة التحكيم" تنصرف إلى المحكمين دون غيرهم وفقًا للفقرة الثانية من المادة 4 من قانون التحكيم، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، إذ الثابت بالحكم حدوث المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم دون سواهم، ولم تقدم الطاعنة الدليل على غير ذلك، ولا يدل ورود اسم كاتب هيئة التحكيم في ديباجة الحكم بمجرده على أنه اشترك في المداولة أو في إعداد الحكم، فضلًا أن هذا الحكم الوقتي والتحفظي انتهى برفض طلبات الأطراف فيه، ولم تبين الطاعنة أثر بطلان هذا الحكم بفرض صحته على الحكم المنهي للخصومة محل دعوى البطلان عملًا بالفقرة الأولى بند (ز) من المادة 53 من قانون التحكيم، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص غير مقبول.
25- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادة 25 من قانون التحكيم أن لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية.
26- مؤدى الفقرة السادسة من المادة 17 من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي أن لهيئة التحكيم السلطة في تقدير طلب إدخال خصوم بالدعوى التحكيمية إذا كانوا طرفًا في اتفاق التحكيم وبما لا يضر بالأطراف، وكانت الفقرة الثانية من المادة )33( من قواعد مركز التحكيم المتفق على تطبيق قواعده نصت على "فيما يتعلق بمسائل الإجراءات، يجوز أن يصدر القرار من المحكم الرئيس وحده إذا لم تتوافر الأغلبية أو أجازت هيئة التحكيم ذلك، ويكون القرار قابلًا لإعادة النظر من قبل هيئة التحكيم.".
27- إذ كان البين من البند 21 من حكم التحكيم المنهي للخصومة أن المحكمين فوضا رئيس الهيئة في اتخاذ الأوامر الإجرائية ضمانًا لحسن سير الإجراءات وسرعتها، بالتشاور مع المحكمين، ويجوز اتخاذ رئيس هيئة التحكيم أوامر إجرائية دون أخذ رأي المحكمين أو أحداهما إذا تعذر عليه الحصول على جواب منه أو منهما في الأجل المطلوب أو إذا اقتضى الظرف إصدار الأمر على وجه السرعة، وكان البين من القرار الإجرائي الصادر بتاريخ 23/8/2018 تعلقه بطلبات إجرائية تمثلت في إدخال خصم بالدعوى التحكيمية، وإصدار حكم تحكيم جزئي، وتقديم مستندات، رُفضت جميعها، وعليه يكون مضمون هذا القرار ما هو إلا رد على طلبات إجرائية، استعمل رئيس هيئة التحكيم ما تقرره قواعد المركز من أحكام في هذا الشأن وكذا تفويض المحكمين له في ذلك، وهو بهذا الحال لا يعد حكمًا يوجب توقيع أعضاء الهيئة عليه، ولا يعيبه من بعد توقيع رئيس هيئة التحكيم وحده عليه، وإذ لم تبين الطاعنة أثر ذلك على حكم التحكيم المنهي للخصومة ولم تستعمل حقها المقرر بموجب قواعد المركز في طلب إعادة النظر فيه، فإن نعيها يكون على غير أساس.
28- مؤدى ما تقرره المادة )27( من قواعد المركز أن لهيئة التحكيم السلطة التقديرية في تقدير الأدلة ولها طلب مستندات أو أدلة من الأطراف، ولها تقدير مدى ارتباط تلك المستندات بالدعوى.
29- إذ كان البين من مدونات حكم التحكيم أن الطاعنة قدمت بتاريخ 28/2/2017 المستندات التي أذنت هيئة التحكيم في إيداعها ملف الدعوى دون اعتراض منها، بل وبتاريخ 7/3/2017 وجهت الطاعنة لهيئة التحكيم رسالة شكر على تكريس مبدأ الشفافية والسماح لها بتقديم مستنداتها ذات الصلة بما يحقق هذا المبدأ، وهو ما يُعد كذلك تنازلًا منها عن التمسك بتقديم تلك المستندات عملًا بمفهوم المادة 8 من قانون التحكيم، ويضحى نعي الطاعنة ببطلان حكم التحكيم لرفض هيئة التحكيم قبول مستنداتها الجوهرية على غير أساس.
30- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى والنعي بخطئها في تكييف عقد النزاع وخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان؛ لما هو مقرر- من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين، يستوى في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد، لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سببًا لإبطال حكمهم إذ إن دعوى البطلان تختلف عن الطعن بطريق الاستئناف؛ لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن هيئة التحكيم بوصفها قاضي الموضوع قد حددت الجانب المقصر في تنفيذ التزاماته العقدية ثبوتًا ونفيًا، وبعد ما ارتكنت إلى توافر أركان المسئولية العقدية، ألزمت المقصر بالتعويض الذي قدرته بعد أن بينت عناصره، ومن ثم فإن المجادلة في اجتهادها في هذا الخصوص هي مسألة تتعلق بسلطة هيئة التحكيم في فهم الواقع في الدعوى وفي ثبوت الخطأ ونفيه وسلطتها في تقدير التعويض عن الضرر، وبالتالي فإنها - وأيًا كان وجه الرأي في مدى صحة استخلاص الأخطاء أو التعويض الجابر لها- ليست مما يتسع له نطاق دعوى البطلان حسبما تقدم بيانه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويضحى النعي عليه على غير أساس.
31- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز الطعن في الحكم إلا ممن كان خصمًا في النزاع الذي فصل فيه وبالصفة التي كان متصفًا بها، وأن توافر الصفة الإجرائية لازمة لقبول الدعوى فيمن خاصم أو خوصم؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنتين ليستا خصمتين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يكون طعنهما غير مقبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن الشركة الطاعنة في الطعن الأول أقامت على الشركات المطعون ضدها من الأولى حتى الثالثة الدعوى رقم .... لسنة 136 ق أمام محكمة استئناف القاهرة بطلب الحكم (أولًا) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم الصادر بتاريخ 22/2/2019 في القضية التحكيمية المقيدة برقم .... لسنة 2014 لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، (ثانيًا) وفي الموضوع ببطلان هذا الحكم. وبيانًا لذلك قالت إن إجراءات التحكيم شابها عيب في تشكيل هيئة التحكيم لعدم إفصاح عضو هيئة التحكيم الذي عينته أنه عضو بمجلس المحافظين وباللجنة الاستشارية بمركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي، كما لم يفصح رئيس هيئة التحكيم بعضويته باللجنة المشار إليها، على الرغم من أن وكيل الشركة المطعون ضدها يشاركهما عضوية تلك اللجنة، كما لم يفصح رئيس هيئة التحكيم عن حضوره مؤتمر علمي برعاية هذا الوكيل، مما أفقد هيئة التحكيم الحيدة، ودللت على ذلك أن هيئة التحكيم لم تساوِ بين الخصوم في حق الدفاع، إذ قبلت من خصمها مستندات ورفضت لها، وظهر ذلك في استعمال سلطتها التقديرية في تقدير التعويض على نحو ضار بها، وعدم التزامها بأمر محكمة استئناف القاهرة المقيد برقم .... لسنة 135 ق بإنهاء إجراءات التحكيم بعد أن تجاوزت المدة الزمنية المتفق عليها لإنهاء التحكيم، وتدخل إدارة المركز بإصدار خطاب لهيئة التحكيم للفصل في الدعوى، ووجود خصومة قضائية بينها وبين هيئة التحكيم في الدعوى رقم .... لسنة 2019 محكمة شمال القاهرة الابتدائية، كما شاب الحكم بطلان إجرائي أثر فيه، إذ أصدر رئيس هيئة التحكيم منفردًا بغير مداولة حكم التحكيم الجزئي الصادر في 23/2/2018 وخلا هذا الحكم من البيانات التي تطلبها القانون، فضلًا عن عدم سرية المداولة لحضور شخص ليس من المحكمين، كما استبعدت هيئة التحكيم القانون السوري الذي اتفق الأطراف على تطبيقه، وطبقت قواعد العدالة والإنصاف، كما خالف الحكم قواعد النظام العام السوري عندما قضى على الشركة بإلزامها بالمبلغ المحكوم به بالدولار الأمريكي على الرغم من طلب الشركة المطعون ضدها القضاء لها بالعملة المصرية، كما رفضت هيئة التحكيم طلبها إدخال الشركة المنقسمة من الشركة المطعون ضدها الأولى، فكانت الدعوى، وبتاريخ 8/3/2021 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الأول رقم 7913 لسنة 91 ق، كما طعنت كلٌ من مجموعة شركات ..... (شركة .....) وشركة ..... على هذا الحكم بالطعن بالنقض رقم 13996 لسنة 91 ق، وأودعت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن الأول، وبعدم قبول الطعن الثاني، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما، وفيها ضمت الطعن الثاني للأول، والتزمت النيابة رأيها.

أولًا- بالنسبة للطعن الأول رقم 7913 لسنة 91 ق المقام من شركة .....:
وحيث إنه من المقرر- أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصمًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم من الرابعة حتى الأخير لم يكونوا خصومًا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يكون اختصامهم في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ لم تأمر المحكمة باختصام المطعون ضدهم من الرابعة حتى الأخير باقي المحكوم عليهم وتصدت لموضوع دعوى البطلان التي لا تقبل التجزئة، بما تكون معه قد خالفت قاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة- أن رافـع الدعـوى له مطلق الحـرية في تحديد نـطاق الخصومة من حيث الخصـوم فيها إلا إذا أوجب عليه القانـون اختصام أشخاص معينيـن فيها ولا يغير من هذا النظر أن يكون موضوعها غير قابل للتجزئة، وكانت الفقرة الأولى من المادة 54 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية نصت على أنه "ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يومًا التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه. ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم." تدل على أن المحكوم عليه صاحب الصفة في رفع دعوى البطلان على حكم التحكيم إذا توافرت أحد أسباب البطلان المنصوص عليها في المادة 53 من ذات القانون، أما إذا تعدد المحكوم عليهم كان لكل منهم رفع دعواه قبل فوات الميعاد القانوني من تاريخ إعلانه بحكم التحكيم ولأسباب البطلان التي تعلقت به وحده دون غيره من باقي الخصوم، ولم يستلزم المشرع اختصام جميع المحكوم عليهم في دعوى البطلان المقامة من أحدهم، ويظاهر ذلك ويؤكده أنه يجوز لكل منهم النزول عن حقه في رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بعد صدوره أو قبول تنفيذه، كما يجوز أن يكون توافر سبب للبطلان قِبل محكوم عليه دون غيره، أو سقط حق محكوم عليه في التمسك به عملًا بالمادة 8 من قانون التحكيم، ولم يسقط بالنسبة للباقين؛ ولما كان ذلك، وكانت الشركة الطاعنة رافعة الدعوى لها مطلق الحرية في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها، وكانت الدعوى الحالية ليست من الدعاوى التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها ولا يغير من هذا النظر أن يكون موضوعها غير قابل للتجزئة، كما أنه ليس بمقبول ما تحتج به الطاعنة من مخالفة قاعدة إجرائية متعلقة بالأحكام العامة للطعن على الأحكام، إذ إن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف، وأن تمسك الشركة الطاعنة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم إدخال محكمة الموضوع خصومًا في الدعوى التي قامت هي برفعها، يعد تمسكا بحُجة من صنع يديها هي فلا يجوز لها الاحتجاج بها - ما لم تكن متعلقة بالنظام العام- ، وهو ما بات معروفًا باسم قاعدة Estoppel أي "من سعى في نقض ما تم على يديه فسعيه مردود عليه"، أو "منع التناقض إضرارًا بالغير"؛ فقد كان في إمكان الطاعنة، قبل أي طرف آخر، أن تبادر باختصام جميع المحكوم عليهم في صحيفة دعواها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على دفع الطاعنة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويضحى النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، إذ تمسكت ببطلان حكم التحكيم لعدم اختصام المطعون ضدها الثالثة شركة .... القابضة الشركة المنقسمة باعتبارها خلف عام للشركة القاسمة المطعون ضدها الأولى في الدعوى التحكيمية، وأن الطاعنة سبقت وأن أقامت الدعوى رقم .... لسنة 2019 شمال القاهرة على الشركة المنقسمة فدفعتها بوجود شرط التحكيم بعقد النزاع الماثل، فحكمت المحكمة بقبول دفعها بتاريخ 25/6/2020، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع إيرادًا وردًا وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مفاد نص المادتين 135 مكررًا (أ) فقرة (1) و 135 مكررًا (ج) فقرة (1) من قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 4 لسنة 2018 أن المشرع وضع قاعدة عامة بشأن تقسيم الشركات الخاضعة لأحكامه – رأسيًا كان هذا التقسيم أم أفقيًا – مؤداها أن الشركة أو الشركات الناتجة عن هذا التقسيم تكون خلفًا عامًا للشركة محل التقسيم وتحل محلها حلولًا قانونيًا فيما لها وما عليها وفي حدود ما آل إليها من الشركة محل التقسيم وفقًا لما تضمنه قرار التقسيم وذلك كله بما لا يخل بحقوق الدائنين، وتكتسب الشركة أو الشركات الناتجة عن التقسيم الشخصية المعنوية التي تُنشئ لها وجودًا قانونيًا خاصًا بمجرد القيد في السجل التجاري؛ لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد اكتساب الشركة الناتجة عن التقسيم "...." الشخصية الاعتبارية المستقلة قبل صدور حكم التحكيم في 22/2/2019، ليكون لها أهلية التقاضي أو التحكيم دونما إخلال بما سبق بيانه من حلولها القانوني محل الشركة محل التقسيم الناتجة هي عنها بما لها وما عليها، ولا عبرة بأن تكون إجراءات التقسيم التي نتجت عنها هذه الشركة قد بدء فيها قبل تاريخ صدور حكم التحكيم سالف الذكر إذ العبرة باكتسابها الشخصية الاعتبارية وهو ما لا يكون إلا بقيدها في السجل التجاري، ويكون ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم موضوع التداعي لصدور الأمر القضائي رقم .... لسنة 135 ق القاهرة بإنهاء إجراءات التحكيم قبل صدور حكم التحكيم والذي بموجبه زالت ولاية هيئة التحكيم، ورغم ذلك استمرت في إجراءات التحكيم بعد استطلاع رأي إدارة المركز، التي وجهتها بالاستمرار في عملها حتى صدور الحكم التحكيمي بالمخالفة للمادة 45(2) من قانون التحكيم، وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مخالفًا حجية الأمر القضائي، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 25 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 أنه " لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة."، وفى المادة 45 من ذات القانون على أنه "(١) على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الطرفان. فإن لم يوجد اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهرًا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم. وفي جميع الأحوال يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على ستة أشهر، ما لم يتفق الطرفان على مدة تزيد على ذلك. (٢) وإذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في الفقرة السابقة جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من رئيس المحكمة المشار إليها في المادة (٩) من هذا القانون، أن يصدر أمرا بتحديد ميعاد إضافي أو بإنهاء إجراءات التحكيم، ويكون لأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة المختصة أصلًا بنظرها." يدل على أن المشرع المصري قد ارتأى ترك أمر تحديد الميعاد اللازم لإصدار حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها لإرادة الأطراف ابتداءً وانتهاءً، وبذلك يجوز للأطــراف الاتفاق على مدة أطـول من المدة المنصوص عليها قانونًا لذلك، سـواء كـان التحكيم حرًّا - تحكيم غير مؤسسي (Ad Hoc) - أو من خلال الاتفاق على تطبيق قواعد مركز تحكيم معين، وهو ما يعرف بالتحكيم المؤسسي Institutional Arbitration ذلك أن اتفاق الأطراف في التحكيم المؤسسي مؤداه التزامهم بقواعد المركز الذي تم اللجوء إليه للفصل في خصومتهم التحكيمية ما لم تكن مخالفة للنظام العام؛ لما كان ذلك، وكان لا خلاف بين الطرفين على أن شرط التحكيم، الوارد كبند في العقد المبرم بينهما في 10/6/2008، تضمن أن تسوية النزاع تكون طبقًا لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ووفقًا لقواعد هذا المركز. وعليه تكون هذه القواعد هي الحاكمة لإجراءات النزاع والواجبة التطبيق إعمالًا لاتفاق الطرفين، وكانت القواعد المقررة بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي المعمول بها اعتبارًا من 1/3/2011، الواردة بالمواد (12) و(17) و(25) منها أن لهيئة التحكيم سلطة تقدير المدة اللازمة لإصدار حكمها فيها وفقًا لظروف كل دعوى والطلبات فيها وبما لا يخل بحق كل من الطرفين في الدفاع مع تجنب التأخير وزيادة النفقات دون مبرر، ومتى وجدت مبررها لا معقب عليها، وإذ وجد الأطراف استحالة فعلية أو تعمد تعطيل إجراءات التحكيم على الأطراف اللجوء إلى المركز بطلب تشكيل اللجنة المنصوص عليها بالمادة (12) من قواعد المركز مراعية في ذلك منع تضارب المصالح المنصوص عليه في المادة الثامنة من لائحة اللجنة الاستشارية للمركز إذا كان المحكمين أعضاء في تلك اللجنة؛ لما كان ما تقدم، فإنه ليس للطاعنة التنصل من شرط التحكيم الوارد في عقد النزاع، إذ بموجبه ارتضت إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بمركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي ومؤدى هذا القبول ولازمه قبولها لاختصاصات هذه المؤسسة وقراراتها، وما كان لها اللجوء إلى رئيس المحكمة المختصة بطلب إنهاء إجراءات التحكيم لاتفاقها على قواعد المركز التي منحت لهيئة التحكيم وضع الجدول الزمني لإجراءات التحكيم ولها أن تطيله أو تقصره، وبالتالي لا يقيدها صدور الأمر الصادر من رئيس محكمة استئناف القاهرة بإنهاء إجراءات التحكيم، ولا أثر له على استمرار ولاية هيئة التحكيم للفصل في الدعوى التحكيمية، لأن ولاية هيئة التحكيم مستمدة من اتفاق الأطراف على تطبيق قواعد المركز ولا تزول إلا وفق تلك القواعد، يضاف إلى ذلك زوال هذا الأمر بإلغائه من محكمة الطعن عليه، وإذ التزم الحكم هذا النظر يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع مؤداه بطلان تشكيل هيئة التحكيم لأنها اكتشفت أن رئيس هيئة التحكيم والمحكم الذي عينته ووكيل الشركة المطعون ضدها الأولى أعضاء باللجنة الاستشارية لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وكذلك شغل المحكم الذي عينته عضوية مجلس المحافظين بالمركز، كما حضر رئيس هيئة التحكيم مؤتمر علمي برعاية وكيل الشركة المطعون ضدها الأولى، وكان لهذا أثر في الميل لخصمها بقبول مستنداته ورفضها مستندات رغبت في تقديمها، وكذلك في تقدير دلالتها على نحو ضار بها، وإذ لم يفصح المحكمين عن تلك الوقائع التي من شأنها الإخلال بمبدأ الحيدة، كما افتقدت الهيئة لاستقلالها بتلقيها توجيهات من مدير المركز بشأن الالتفات عن الأمر الصادر بإنهاء إجراءات التحكيم، وبما يكون معه حكم التحكيم باطلًا.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر- أن النص في المادة 16(3) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن " يكون قبول المحكم القيام بمهمته كتابة، ويجب عليه أن يفصح عند قبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته."، وفى المادة 18 (1) من ذات القانون على أنه " لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكًا جدية حول حيدته أو استقلاله."، وفى المادة 53/1(ه) منه على أنه " 1- لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية: ... (ه) إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المُحَكَمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين."، يدل على أن المؤهل الأساسي للمحكم هو استقلاله عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما، وأن غياب أحدهما تترجح معه مخاطر عدم الحكم بغير ميل، وهو ما يوجب على المحكم أن يفصح عن أية علاقات يمكن أن تعطي انطباعًا بوجود احتمال انحيازه لأحد الأطراف، ويظل هذا الواجب القانوني بالإفصاح قائمًا على عاتقه - لما قد يُستجد من ظروف لم تكن قائمة عند قبوله التحكيم - حتى صدور حكم التحكيم، ومن ثم فإن كتمان المحكم لهذه الظروف أو العلاقات وعدم إفصاحه عنها لطرفي التحكيم يؤثر على مظهر الإجراءات والثقة في عدالتها، ومن هنا كان الحرص من جانب التشريعات الوطنية وقواعد مراكز التحكيم المعتبرة على النص بوجوب التزام المحكم الحياد والاستقلال، وكان المقصود باستقلال المحكم، هو عدم ارتباطه بأية رابطة تبعية أو مادية أو اجتماعية أو مهنية مع أحد أطراف النزاع أو وكلائهم من شأنها أن تؤثر في قراراته، أما المقصود بحياد المحكم فهو عدم انحيازه إلى جانب طرف أو ضد طرف، بما يشكل خطرًا حقيقيًا يتمثل في احتمال الميل تجاه أحد الطرفين “the real danger of bias”، أو يثير شكوكًا مبررة “justifiable doubts” في هذا الشأن، ولا يكفي في المحكم أن يكون مستقلًا ومحايدًا وإنما يتعين أن يسود الاعتقاد لدى طرفي التحكيم أن الحكم الذي سيصدره سوف يتسم بالعدل، والحكمة من التزام المحكم بالإفصاح كتابة هي تحقق الدليل على علم أطراف التحكيم بالوقائع المفصَح عنها، مما ينفي عنهم قرينة عدم العلم بها، أما كتمان المحكم لتلك الوقائع التي قد تنال من حيدته واستقلاله، يرفع عنهم عبء إثبات عدم العلم بتلك الوقائع، وكان الالتزام بالحيدة والاستقلال مبدأ أساسيًا من مبادئ قانون التحكيم المصري، فينطبق واجب الحيدة والاستقلال على حدٍ سواء على المحكمين المعينين من قبل الأطراف، أو من قِبَل مركز التحكيم، أو بحكم من المحكمة، وينطبق كذلك على رؤساء هيئات التحكيم، كما أن ضمان النظام القضائي المصري لحياد المحكمين واستقلالهم وحرصه على مراقبة حسن تطبيق هذه المبادئ - تحت رقابة محكمة النقض - هو من بين الأسباب التي تعزز ثقة أطراف التحكيم الدولي في اختيار مصر مقرًا للتحكيم "seat of arbitration"؛ ويترتب على ما تقدم، أن التزام المحكم بالإفصاح عن أية أمور يجب الإفصاح عنها يعد – بلا جدال - واجبًا قانونيًا لازمًا لضمان سير العملية التحكيمية بنزاهة وحياد، إلا أن تقصير المحكم في أداء هذا الواجب لا يترتب عليه بمجرده بطلان حكم التحكيم، وإنما يخضع لتقدير المحكمة التي تنظر دعوى البطلان - وفي سياق ظروف القضية التحكيمية ذاتها - ما إذا كان الظرف غير المفصح عنه يبرر في حد ذاته أو يؤدي بشكل معقول إلى استنتاج وجود حقيقي للتحيز من عدمه، بمعنى أن تقدير مدى وجود تحيز حقيقي، هو تقدير موضوعي تُراعي فيه حقائق ووقائع القضية التحكيمية المطروحة، والتي تختلف من قضية إلى أخرى، وكان من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - عملًا بالمادة ٨ من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، أنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضًا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عنـد عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولًا منه عن حقه في الاعتراض. إذ تنحاز هذه القاعدة إلى حماية إجراءات التحكيم من إساءة استغلال أحد أطراف النزاع، وهو عادةً الطرف الخاسر، لحق من الحقوق التي يجوز النزول عنها بهدف إبطال حكم التحكيم لاحقًا، وكان من المقرر أنه ولئن كان لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الخاص إلا أنه غير ممنوع من الحكم بالعِلم العام، هذا ويعد من قبيل العلم العام الذي لا يحتاج إلى دليل على قيامه، جريان العادة على الاعتداد بالبيانات والأرقام المنشورة على شبكة الإنترنت بالمواقع الرسمية للمنظمات الدولية أو الوكالات المتخصصة المرتبطة بها، ومنها مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي CRCICA كونه منظمة دولية مستقلة تحت مظلة المنظمة الاستشارية القانونية لدول آسيا وإفريقيا، باعتبارها مواقع متخصصة تعتمد على تدقيق المعلومات وتحديثها على نحو دائم؛ لما كان ذلك، وكان البين من الموقع الإلكتروني لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، أن كلًا من رئيس هيئة التحكيم (الأستاذ/ ....)، والمحكم الذي عينته الطاعنة (الدكتور/ ....)، ووكيل المطعون ضدها (الدكتور/ ....) أعضاء في المجلس الاستشاري بالمركز، فضلًا عن كون المحكم الذي عينته الطاعنة أحد أعضاء مجلس المحافظين بالمركز، فيعد أسماء وصفات أعضاء مجلس المحافظين وأعضاء اللجنة الاستشارية بالمركز وسيرتهم الذاتية المذكورة بموقعه الإلكتروني من قبيل العلم العام، كما قدمت الطاعنة أمام محكمة البطلان حافظة مستندات بها صورة منسوخة على الورق من المحرر الإلكتروني المثبت بقاعدة بيانات هذا الموقع الإلكتروني تفيد عضوية المحكمين ووكيل المطعون ضدها بالمجلس الاستشاري بالمركز ثابت بها تاريخ نسخ المحرر الإلكتروني على الورق في 22/7/2018 قبل صدور حكم التحكيم في 22/2/2019، وكان البين أيضًا من مدونات حكم التحكيم أن رئيس هيئة التحكيم بتاريخ 17/7/2016 أفصح للأطراف بتوجيه الدعوة له من قبل مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ICSID لرئاسة جلسة علمية تتعلق بالطعن في أحكام التحكيم الدولي الصادرة في منازعات الاستثمار بالقاهرة في 28/9/2016، ويحاضر وكيل المطعون ضدها في تلك الجلسة، ولما كانت الطاعنة لم تقدم ما يفيد تمسكها أمام هيئة التحكيم ببطلان تشكيل هيئة التحكيم للأسباب التي تتمسك بها بنعيها، مع علمها السابق بوجود المخالفة التي تدعيها واستمرارها في إجراءات التحكيم على الرغم من ذلك، فإنها تكون قد نزلت عن حقها في إثارة هذا الاعتراض فيما بعد، ولا يجوز لها العدول عن هذا النزول لأنه يكون إنكارًا بعد الإقرار، والساقط لا يعود ولاسيما وأن البطلان المتعلق بهذه الحالة هو بطلان نسبي مقرر لمصلحة الخصوم مما يجوز النزول عنه صراحةً أو ضمنًا، ولا يجوز أيضًا للطاعنة إبداء أسباب رد محكمها الذي عينته أو اشتركت في تعيينه لسبب كان سابقًا على التعيين وهي تعلمه، عملًا بمفهوم الفقرة الثانية من المادة 18 من قانون التحكيم، فضلًا عن أن المادة (7) من لائحة اللجنة الاستشارية لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي الملحقة بقواعد المركز المعمول بها اعتبارًا من 1/3/2011،- قواعد المركز التي اتفق الأطراف على تطبيقها- أجازت لأطراف التحكيم دون المركز تعيين أعضاء اللجنة الاستشارية كمحكمين، وكان من البديهي أنه يمكن أن يكون أحد أعضاء اللجنة الاستشارية الآخرين وكيلًا عن الخصوم أو يعمل في شركة محاماة أوكلها أحد الخصوم للدفاع عنه أمام هيئة التحكيم، ومن ثم لا يجوز تعييب تشكيل هيئة التحكيم لتشكيلها من عضو أو أكثر من أعضاء اللجنة الاستشارية بالمركز، وأن يشارك المحكم ووكيل أحد الخصوم عضوية اللجنة الاستشارية، وبالتالي لا يلزم الإفصاح باعتبارها علمًا عامًا، ويظاهر هذا النظر، أن القائمة الخضراء الواردة بإرشادات رابطة المحامين الدولية عن تعارض المصالح في التحكيم الدولي IBA Guidelines on Conflicts of Interest in International Arbitration الصادرة عام 2014– والتي يسترشد بها القضاء في العديد من الدول- عددت أمثلة لحالات ومواقف غير حصرية ليس من شأنها أن تثير شكوكًا لدى أطـراف النزاع حول حياد المحكم واستقلاله بما لا يوجب عليه الإفصاح عن أي من هذه الحالات عند تحققها، ومن بينها ما أوردته المادة (1-3-4) من أن يكون " تربط المحكم علاقة مع محكم آخر أو محامي أحد الأطراف من خلال العضوية في نفس المؤسسة المهنية." (4-3-4) كان المحكم محاضرًا أو مشرفًا أو منظمًا في مؤتمر واحد أو أكثر أو شارك في ندوات أو فرق عمل تابعة لمؤسسة مهنية أو اجتماعية أو خيرية، مع محكم آخر أو مع محامي أحد الأطراف."، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفاع الشركة الطاعنة في هذا الخصوص على سند أن ما تنعاه لا يثير شكوكًا لدى أطراف النزاع حول حياد المحكمين واستقلالهما، فإن الحكم يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، وطبق القانون تطبيقًا صحيحًا، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالشق الأول من الوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع مؤداه بطلان حكم التحكيم لتجاوزه نطاق موضوع التحكيم المعروض على هيئة التحكيم وفق اتفاق طرفيه والذي ينحصر في المسئولية العقدية الناشئة عن عقد النزاع، غير أن هيئة التحكيم انتهت إلى التعويض وفق أحكام المسئولية التقصيرية بالاستناد إلى الخطأ المشترك، والخطأ المفترض، والتعويض عن الكسب الفائت، والتعويض الأدبي، وهو ما يعد من حكم التحكيم تجاوزًا لحدود الاتفاق وفصلًا في مسألة لا يشملها يمتنع على هيئة التحكيم المضي في نظرها والفصل فيها، وإذ كان هذا الدفاع دفاعًا جوهريًا من شأن بحثه وتمحيصه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر- أنه يترتب على كون التحكيم نظامًا للفصل في المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وسلبًا لاختصاص جهات القضاء أن تقتصر ولاية هيئة التحكيم على نظر موضوع النزاع الذي تنصرف إليه إرادة المحتكمين، فإذا فصلت في مسألة لا يشملها هذا الموضوع أو تجاوزت نطاقه، فإن قضاءها بشأنه يضحى واردًا على غير محل من خصومة التحكيم وصادرًا من جهة لا ولاية لها بالفصل فيه لاختصاص جهة القضاء صاحبة الولاية العامة بنظره، الأمر الذي حدا بالمشرع أن يشترط في الفقرة الثانية من المادة 10 من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها ورتبت المادة 53 (1/و) منه جزاء البطلان إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها الاتفاق أو جاوز حدوده بما يستتبع وبالضرورة أن تتولى هيئة التحكيم تفسير هذا الاتفاق تفسيرًا ضيقًا يتفق وطبيعته؛ لما كان ذلك، وكانت هيئة التحكيم قد انتهت في حدود سلطتها المطلقة في فهم الواقع في الدعوى التحكيمية وتقدير المستندات والأدلة المقدمة فيها ومنها تقرير الخبرة، وفي تفسير العقود والإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى لمقصود عاقديها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها، وتحديد الجانب المقصر في تنفيذ التزاماته العقدية ثبوتًا ونفيًا إلى إلزام المقصر في تلك الالتزامات بالتعويض الذي قدرته بعد أن بينت عناصره، وكان هذا التقدير فيما تضمنه من كسب فائت وتعويض أدبي يتفق مع القواعد العامة في أسس تقدير التعويض الواردة في المادتين 222 و223 من القانون المدني السوري وهو أحد فروع القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه دون تخصيص، فإن هيئة التحكيم تكون قد ارتكنت في حكمها إلى المسئولية العقدية والتزمت بحدود اتفاق التحكيم، ولا يُعد منها خروجًا عنه الاستناد إلى خطئها في تطبيق القانون بذكر نصوص قانونية أو تقريرات قانونية متعلقة بالمسئولية التقصيرية، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالشق الثاني من الوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بدفاع مؤداه بطلان حكم التحكيم لاستبعاد هيئة التحكيم القانون السوري الذي اتفق الأطراف على تطبيقه، وأعملت قواعد العدالة والإنصاف في أثر القوة القاهرة وتقدير التعويض، رغم أنها غير مفوضة بالصلح.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن مفاد نص المادتين 39 و53 فقرة (1) بند (د) من قانون التحكيم أنه متى اتفق المحتكمان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع تعين على هيئة التحكيم التزامها وتطبيقها، مراعية في ذلك شروط العقد والأعراف التجارية، فإذا ما اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة التزمت هيئة التحكيم أن تطبق على النزاع القواعد الموضوعية لهذا القانون دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين ما لم يتفق طرفا النزاع على غير ذلك، فإن اقتصر تحديدهما على مجرد قانون الدولة دون فرع معين كان لهيئة التحكيم تطبيق فرع القانون الذي تراه من وجهة نظرها أنه الأكثر اتصالًا بموضوع النزاع، ولا يجوز لغير هيئة التحكيم المفوضة بالصلح استبعاد القواعد القانونية المتفق عليها وتطبيق قواعد العدالة والإنصاف؛ لما كان ذلك، وكان شرط التحكيم الوارد بالبند 28-3 من عقد النزاع المؤرخ 10/6/2008، ثابت به اتفاق الأطراف على تطبيق أحكام القوانين السورية ذات الصلة على النزاع، وكان البين أن هيئة التحكيم أنزلت أحكام القانون السوري على النزاع، بما مؤداه أنها لم تستبعد القانون الذي اتفق الأطراف عليه، ولا يعيب حكمها من بعد ما ورد بأسبابه من عبارة العدالة والتي لا تدل بذاتها على استبعادها للقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه لاسيما وأن النص في المادة الأولى من القانون المدني السوري على أنه "1- تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها. 2- فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد، فبمقتضى العرف، وإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة." يدل على أن القانون السوري – الذي اتفق الأطراف على تطبيقه - يجيز تطبيق قواعد العدالة إذا كان لها مقتضى بخلو القواعد الحاكمة في المصادر التي سبقتها، فإن طبقت هيئة التحكيم غير المفوضة بالصلح قواعد العدالة مستمدة سلطتها من النص القانوني بغير مقتضى، فإن ذلك لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ في تطبيق القانون وليس استبعادًا له، وهو ما لا تتسع له نطاق دعوى البطلان، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة من تطبيق هيئة التحكيم لقواعد العدالة والإنصاف غير صحيح.
وحيث إن الشركة تنعى بالوجه السادس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك بأنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم الوقتي والتحفظي الصادر بتاريخ 25/8/2018 لمشاركة كاتب هيئة التحكيم في التشكيل والمداولة، وكتابته للحكم مما يُعد إفشاء لسريتها، لأن من يكلف بمعاونة المحكمين لا يعتبر محكمًا، وإذ رفض الحكم المطعون فيه دفاعها، فإنه يكون معيبًا ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في المادة ٤٠ من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ على أن " يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم، ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك."، يدل على أنه يصدر حكم التحكيم بأغلبية الآراء بعد مداولة بين أعضاء هيئة التحكيم، والمقصود بالمداولة هو الاشتراك في تبادل الرأي حول وقائع الدعوى وما أبدى فيها من طلبات أو دفوع أو أوجه دفاع وما قدم فيها من أدلة وإخضاعها لأحكام القانون واجب التطبيق وصولًا إلى رأي يحسم النزاع بشأن تلك المسائل كلها، وتجري المداولة في أي زمان ومكان يحدده المحكمون، وفي سرية ولئن لم ينص عليها قانون التحكيم غير أنها سمة تتصف بها المداولات ومن مقتضيات الأحكام وطبيعة التحكيم ذاته، وينص عليها أغلب قواعد مراكز التحكيم، فلا يجوز علانية المداولة، أو يشترك سواهم فيها؛ ولما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة (40) من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي المتفق على تطبيق قواعده نصت على سرية مداولات هيئة التحكيم، وكان البين من البندين 56 و57 من الحكم الوقتي والتحفظي الصادر في 25/8/2018، أن هيئة التحكيم تداولت وانتهت من المداولة في شهر أبريل عام 2018، ثم تحرر الحكم وتولى رئيس الهيئة إرساله لباقي الأعضاء وتم مراجعته ووافقوا بإجماع الآراء على رفض جميع الطلبات الوقتية والتحفظية، ولما كانت عبارة "هيئة التحكيم" تنصرف إلى المحكمين دون غيرهم وفقًا للفقرة الثانية من المادة 4 من قانون التحكيم، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت، إذ الثابت بالحكم حدوث المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم دون سواهم، ولم تقدم الطاعنة الدليل على غير ذلك، ولا يدل ورود اسم كاتب هيئة التحكيم في ديباجة الحكم بمجرده على أنه اشترك في المداولة أو في إعداد الحكم، فضلًا أن هذا الحكم الوقتي والتحفظي انتهى برفض طلبات الأطراف فيه، ولم تبين الطاعنة أثر بطلان هذا الحكم بفرض صحته على الحكم المنهي للخصومة محل دعوى البطلان عملًا بالفقرة الأولى بالبند (ز) من المادة 53 من قانون التحكيم، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الشركة تنعى بالشق الأول من الوجه الأول للسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك بأنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 23/3/2018 لخلوه من البيانات القانونية باعتباره حكمًا وليس قرارًا إجرائيًا كما وصفه رئيس هيئة التحكيم، إذ خلا من توقيع جميع أعضاء هيئة التحكيم ولم يذكر به سبب عدم توقيعهم، على الرغم أن البين من ديباجته أنه صدر من هيئة التحكيم، وهو ما يبطل الحكم بطلانًا أثر في الحكم المنهي للخصومة، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مفاد نص المادة 25 من قانون التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية، وكان مؤدى الفقرة السادسة من المادة )17( من قواعد المركز أن لهيئة التحكيم السلطة في تقدير طلب إدخال خصوم بالدعوى التحكيمية إذا كانوا طرفًا في اتفاق التحكيم وبما لا يضر بالأطراف، وكانت الفقرة الثانية من المادة )33( من قواعد مركز التحكيم المتفق على تطبيق قواعده نصت على "فيما يتعلق بمسائل الإجراءات، يجوز أن يصدر القرار من المحكم الرئيس وحده إذا لم تتوافر الأغلبية أو أجازت هيئة التحكيم ذلك، ويكون القرار قابلًا لإعادة النظر من قبل هيئة التحكيم." وكان البين من البند 21 من حكم التحكيم المنهي للخصومة أن المحكمين فوضا رئيس الهيئة في اتخاذ الأوامر الإجرائية ضمانًا لحسن سير الإجراءات وسرعتها، بالتشاور مع المحكمين، ويجوز اتخاذ رئيس هيئة التحكيم أوامر إجرائية دون أخذ رأي المحكمين أو أحدهما إذا تعذر عليه الحصول على جواب منه أو منهما في الأجل المطلوب أو إذا اقتضى الظرف إصدار الأمر على وجه السرعة، وكان البين من القرار الإجرائي الصادر بتاريخ 23/8/2018 تعلقه بطلبات إجرائية تمثلت في إدخال خصم بالدعوى التحكيمية، وإصدار حكم تحكيم جزئي، وتقديم مستندات، رُفضت جميعها، وعليه يكون مضمون هذا القرار ما هو إلا رد على طلبات إجرائية، استعمل رئيس هيئة التحكيم ما تقرره قواعد المركز من أحكام في هذا الشأن وكذا تفويض المحكمين له في ذلك، وهو بهذا الحال لا يعد حكمًا يوجب توقيع أعضاء الهيئة عليه، ولا يعيبه من بعد توقيع رئيس هيئة التحكيم وحده عليه، وإذ لم تبين الطاعنة أثر ذلك على حكم التحكيم المنهي للخصومة ولم تستعمل حقها المقرر بموجب قواعد المركز في طلب إعادة النظر فيه، فإن نعيها يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة تنعى بالوجه السابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ تمسكت بدفاعها ببطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة لرفض هيئة التحكيم قبول مستنداتها الجوهرية وبخاصة الوثيقة رقم.... الصادرة من مجلس مدينة طرطوس إليها، بما يعد إخلالًا منها بحق الدفاع والمساواة بين الخصوم، وإذ رفض الحكم المطعون فيه دفاعها، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى ما تقرره المادة 27 من قواعد المركز أن لهيئة التحكيم السلطة التقديرية في تقدير الأدلة ولها طلب مستندات أو أدلة من الأطراف، ولها تقدير مدى ارتباط تلك المستندات بالدعوى، وكان البين من مدونات حكم التحكيم أن الطاعنة قدمت بتاريخ 28/2/2017 المستندات التي أذنت هيئة التحكيم في إيداعها ملف الدعوى دون اعتراض منها، بل وبتاريخ 7/3/2017 وجهت الطاعنة لهيئة التحكيم رسالة شكر على تكريس مبدأ الشفافية والسماح لها بتقديم مستنداتها ذات الصلة بما يحقق هذا المبدأ، وهو ما يُعد كذلك تنازلًا منها عن التمسك بتقديم تلك المستندات عملًا بمفهوم المادة 8 من قانون التحكيم، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بباقي أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك بأنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم لما انتهى إليه من تناقض الأسس التي استخلص منها ركن الخطأ واعتبار أن فسخ عقد النزاع كـان تعسفيًا، مقدرًا التعويض عن ذلك بالكثير من المغالاة والشطط وبما لا يتناسب مع الضرر بإدخال عناصر ليست منه كأرباح مفترضة في عقد الإدارة والخدمات وغيرها، وإذ رفض الحكم هذا الدفاع، فإنه يكون معيبًا ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة- أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى والنعي بخطئها في تكييف عقد النزاع وخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان، لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد، لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سببًا لإبطال حكمهم إذ إن دعوى البطلان تختلف عن الطعن بطريق الاستئناف؛ لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن هيئة التحكيم بوصفها قاضي الموضوع قد حددت الجانب المقصر في تنفيذ التزاماته العقدية ثبوتًا ونفيًا، وبعد ما ارتكنت إلى توافر أركان المسئولية العقدية، ألزمت المقصر بالتعويض الذي قدرته بعد أن بينت عناصره، ومن ثم فإن المجادلة في اجتهادها في هذا الخصوص هي مسألة تتعلق بسلطة هيئة التحكيم في فهم الواقع في الدعوى وفي ثبوت الخطأ ونفيه وسلطتها في تقدير التعويض عن الضرر، وبالتالي فإنها - وأيًا كان وجه الرأي في مدى صحة استخلاص الأخطاء أو التعويض الجابر لها- ليست مما يتسع له نطاق دعوى البطلان حسبما تقدم بيانه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويضحى النعي عليه على غير أساس.
لما تقدم، يتعين رفض الطعن.

ثانيًا- بالنسبة للطعن الثاني رقم 13996 لسنة 91 ق المقام من الطاعنتين ....، وشركة ..... "
وحيث إن مبنى الدفع المُبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة، إذ إن الطاعنتين ليستا خصمتين بالحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يجوز الطعن في الحكم إلا ممن كان خصمًا في النزاع الذي فصل فيه وبالصفة التي كان متصفًا بها، وأن توافر الصفة الإجرائية لازمة لقبول الدعوى فيمن خاصم أو خوصم؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنتين ليستا خصمتين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، ومن ثم يكون طعنهما غير مقبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق