الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 3 أكتوبر 2025

الطعن 5436 لسنة 86 ق جلسة 18 / 10 / 2023 مكتب فني 74 ق 103 ص 704

جلسة 18 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، راغب عطية، الحسين صلاح، ود. محمد عصام الترساوي " نواب رئيس المحكمة ".
----------------
(103)
الطعن رقم 5436 لسنة 86 القضائية
(1) قانون "تفسير القانون: قواعد التفسير".
تفسير القانون. النصوص المختلفة في القانون الواحد كأصل عام. ارتباط وتوضيح بعضها البعض. تفسير إحداها. وجوب تقريبه من سائر النصوص الأخرى لإمكان استخلاص دلالته الحقيقية معها وفي غير معزل عنها.
(3،2) قانون "القوانين الإجرائية: قانون المرافعات: تغليب صحة الإجراءات".
(2) التشريعات الإجرائية. غايتها. الوصول لعدل لا يغرق في الشكليات. مؤداه. الحكم بعدم صحة الإجراء. لازمه. النص عليه صراحة. الاستثناء. أن يشوب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه.
(3) قانون المرافعات. أساس القوانين الإجرائية. قوامه. شمولية ودقة ومرونة نصوصه. مقتضاه. الإتاحة للقاضي تغليب صحة الإجراءات.
(5،4) بطلان "بطلان الإجراءات: تصحيح الإجراء الباطل أمام ذات الدرجة القضائية". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: انعقاد الخصومة، انعدام الخصومة فيها: تصحيح شكل الدعوى".
(4) انعقاد الخصومة. شرطه. أن تكون بين الأحياء. تخلف ذلك. أثره. انعدام الخصومة.
(5) اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بصحيفة مستوفية لشرائطها القانونية. تحقيقه مبدأ المواجهة في الخصومة. شرطه. إجراؤه في ذات درجة التقاضي ومراعاة المواعيد المقررة للخصومة الجديدة. علة ذلك.
(7،6) دعوى "إجراءات رفع الدعوى: صحيفة افتتاح الدعوى، صحيفة تصحيح شكل الدعوى: بياناتها". محكمة الموضوع "إلمام المحكمة بمضمون الدعوى".
(6) اشتمال صحيفة الدعوى على البيانات المنصوص عليها وفقًا م 63 مرافعات. غايته. معرفة المدعى عليه بالمطلوب منه وإعداد دفاعه وإلمام المحكمة بمضمون الدعوى ومرماها. علة ذلك.
(7) صحيفة تصحيح شكل الدعوى. قيامها مقام صحيفة افتتاح الدعوى. شرطه. اشتمالها جميع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى وبذات الطلبات والأسانيد وإعلان الخصم بها في الموعد المحدد أو حضور ذلك الخصم بالجلسة بعد التصحيح. أثره. تحقق اختصامه في الدعوى.
(9،8) بطلان "بطلان الإجراءات: تصحيح الإجراء الباطل أمام ذات الدرجة القضائية". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: انعقاد الخصومة".
(8) تمكين الخصم من توقي الجزاء المترتب على عدم انعقاد الخصومة. من موجبات القاضي قبل إقراره بذلك الجزاء. شرطه. ثبوت أن الخصم لم يتسبب فيه وتمامها في توقيتها الصحيح أمام ذات الدرجة القضائية. علة ذلك.
(9) إقامة البنك الطاعن دعواه بصحيفة مختصمًا فيها مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع بعد وفاتهم. ثبوت جهله بتلك الوفاة. أثره. للبنك الطاعن الحق في تصحيح شكل الدعوى المبتدئة باختصام ورثتهم. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بانعدام الخصومة بالنسبة لهم وعدم اعتداده بطلب التصحيح. خطأ.
(11،10) إثبات "ندب الخبراء: سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لندب الخبراء". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال: ما يعد كذلك". خبرة "ندب الخبير: سلطة محكمة الموضوع في ندب الخبراء".
(10) أسباب الحكم. اعتبارها مشوبة بالفساد في الاستدلال. مناطه. انطواؤها على عيب يمس سلامة الاستنباط. تحققه. باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة موضوعيًا للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية الثابتة لديها أو وقوع تناقض بينها. من حالات التناقض. عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهى إليها الحكم بناء على تلك العناصر.
(11) المسائل الفنية البحتة. وجوب استنفاد المحكمة كل ما لها من سلطة تحقيق لاستجلائها سواء بندب خبير أو أي إجراء آخر يعينها في تحقيقها وأن تبين ذلك في حكمها. علة ذلك.
(12- 16) بنوك "العلاقة بين البنوك وعملائها" "عمليات البنوك: القرض المصرفي". عرف "العرف التجاري". عقد "آثار العقد: أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين". فوائد " فوائد العمليات المصرفية".
(12) العقد شريعة المتعاقدين. مؤداه. التزام عاقديه بما تم الاتفاق عليه. أثره. عدم استقلال أي من طرفيه بنقضه أو تعديله.
(13) العلاقة بين البنوك وعملائها. خضوعها لمبدأ سلطان الإرادة.
(14) العمليات المصرفية. استثناؤها من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه م 227 مدني. مجلس إدارة البنك المركزي المصري. له سلطة تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي يقوم بها. م ٧/ د ق ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ المعدل بق 37 لسنة ١٩٩٢ بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي.
(15) القروض التي تعقدها البنوك. اعتبارها عملًا تجاريًا ولو اختلفت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذي خصص له القرض. مؤداه. خضوعها للقواعد والعادات التجارية. جواز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة الفوائد لرأس المال.
(16) قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت المديونية المقضي بها والفوائد حتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به استنادًا لما ورد بكشفي الحساب المعولين على عقدي الاعتماد ملتفتًا عن الدفاع بشأن عقد التسوية النهائية المقدم بالأوراق والثابت به المديونية الختامية محل المطالبة وإغفاله ندب خبير مصرفي لبحث المسائل الفنية المصرفية المتنازع بشأنها. خطأ ومخالفة للقانون.
(18،17) محاكم اقتصادية "الطعن بالنقض في الطعون الاقتصادية". نقض "تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى" "دور محكمة النقض في الطعون الاقتصادية".
(17) تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى الاقتصادية. فقرة أخيرة من م 12 ق 120 لسنة 2008. شرطه. سبق تصدي الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للموضوع. قصر قضاء المحكمة الاقتصادية على إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي دون الموضوع. أثره. عدم جواز تصدي محكمة النقض للموضوع. علة ذلك.
(18) إقامة البنك الطاعن دعواه قبل مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع الثابت وفاتهم قبل رفعها وعدم الفصل موضوعيًا في شأنهم. لازمه. وجوب إحالة الدعوى للمحكمة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في موضوعها دون تصدي محكمة النقض. علة ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن المسلم به في قواعد تفسير القانون أن النصوص المختلفة في القانون الواحد – كأصلٍ عام – مرتبطة بعضها ببعض وتوضح بعضها بعضًا فينبغي في تفسير أحداها تقريب هذا النص من سائر النصوص الأخرى لإمكان استخلاص دلالة النص الحقيقية وتحديد نطاقه بما يتفق مع سائر النصوص وفي غير معزل عنها.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه، فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية، إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات- باعتبار أن الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد إطار يحجب العدالة عن تقصي الحقيقة، فحرص المشرع على ألا يحكم بعدم صحة الإجراء – إلا إذا نص صراحة عليه فلا تكفي العبارة الناهية أو النافية، فإذا لم يوجد مثل هذا النص الصريح فلا يحكم به إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه.
3- المقـرر- في قضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض – أن قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير.
4- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء، فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة.
5- المقـرر- في قضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض - أنه تيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها.
6- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن الغاية من البيانات التي أوجب المشرع في المادة 63 من قانون المرافعات أن تشتمل عليها صحيفة الدعوى، هي أن تتاح الفرصة للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه، تمكنه من إعداد دفاعه فضلًا عن تمكين المحكمة من أن تلم بمضمون الدعوى ومرماها، وذلك تنظيمًا للتقاضي من ناحية، وتوفيرًا لحق الدفاع من ناحية أخرى.
7- صحيفة تصحيح شكل الدعوى التي تشتمل على بيانات صحيفة افتتاح الدعوى تقوم مقام تلك الصحيفة في الغاية المبتغاة منها، إذا ما ثبت أنها اشتملت على جميع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى وبذات الطلبات والأسانيد الواردة بها، فإن صحيفة التصحيح على هذا النحو تقوم مقام صحيفة افتتاح الدعوى، وإذ أُعلن الخصم بها في الموعد المحدد – أو حضر بالجلسة بعـد التصحيح- فإن الغاية من الإجراء- اختصامه في الدعوى- تكون قد تحققت.
8- يتعين على القاضي قبل إقرار عدم صحة الإجراءات المترتبة على عدم انعقاد الخصومة طبقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات - المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - أن يمكن الخصم من توقي هذا الجزاء بالغ الأثر طالما لم يثبت لديه أنه كان سببًا فيه، ومتى تمت في توقيتها الصحيح أمام ذات الدرجة القضائية، ذلك أن دلالة هذا النص يجب أن لا تكون في معزل عن نص المادة 63 من ذات القانون تحقيقًا لأهداف وغايات المشرع سالفة البيان وخاصة إن كان مؤدى ذلك هو تقطيع أوصال الدعوى الواحدة أو التي يجمعها سبب قانوني واحد أو مرتبط أمام أكثر من محكمة، وهي الغاية الأسمى التي حرص المشرع على تجنبها لمنع تضارب الأحكام أو تعارضها.
9- إذ كان البين من الأوراق أن البنك الطاعن أقام دعواه مختصمًا فيها مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم بعد أن أثبت المحضر القائم بالإعلان برفضهم جميعًا استلام صحيفة الدعوى، وتم إعلانهم جميعًا في مواجهة النيابة - وخلت الأوراق مما يدل على ثبوت العلم بالوفاة قبل رفع الدعوى– وبجلسة المرافعة الأخيرة مثل المطعون ضدهما الأول والثامن وقررا بوفاة كل من مورث المطعون ضده الثاني في تاريخ 15/9/2008 والمطعون ضده الثالث في 25/10/2009 والمطعون ضده السابع في 24/2/2013 وذلك قبل رفع الدعوى الحاصل في 7/9/2015، وطلب أجلًا لتصحيح شكل الدعوى واختصام ورثتهم لجهله بتلك الوفاة - والتي خلت أوراق المحضرين من ثبوتها - وقد حجزت المحكمة الدعوى للحكم ملتفتة عن طلب تصحيح ذلك الإجراء إلى أن قضت بحكمها المتقدم بانعدام الخصومة بالنسبة لسالفي الذكر والقضاء بالدين المطالب به بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وكان البين من جماع ما تقدم فقد تحقق ثبوت جهل البنك الطاعن بتلك الوفاة قبل رفع الدعوى لاسيما بعد ما وردت إجابة قلم المحضرين حال الإعلان بصحيفة الدعوى المبتدئة برفضهم للاستلام وإعلانهم في مواجهة النيابة والذي يعد عذرًا يبيح له جواز تصحيح ذلك الإجراء المعيب باختصام سالفي الذكر أمام ذات المحكمة، بموجب صحيفة تصحيح لشكل الخصومة- تقوم مقام صحيفة الدعوى المبتدئة في الغاية المبتغاة- تستوفى فيها كافة الشرائط القانونية نحو إيداعها قلم الكتاب وسداد الرسم المستحق عليها واختصام الورثة بأسمائهم وصفاتهم ومحال إقاماتهم ومواطنهم وتوجيه الطلبات إليهم، والتي تنتج تلك الصحيفة آثارها من تاريخ انعقاد الخصومة الجديدة إيداعًا وإعلانًا، ويراعى فيها المواعيد المقررة قانونًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع ولم يعتد بطلب البنك بتصحيح شكل الخصومة واختصامه ورثة سالفي الذكر، فإنه يكون معيبًا (بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب).
10- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بفساد الاستدلال إذ انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.
11- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كانت المسألة المتنازع فيها من المسائل الفنية البحتة التي يتعذر على المحكمة أن تشق طريقها بنفسها لإبداء الرأي فيها، فإن ذلك يوجب عليها أن تستنفد كل ما لها من سلطة تحقيق لاستجلائها سواء بندب خبير متخصص أو أي إجراء آخر يعينها في تحقيقها، وأن تبين ذلك في حكمها حتى يطمئن المطلع عليه إلى أنها أحاطت بالحالة الفنية المطروحة عليها ووقفت على كنهها وتعرفت على حقيقتها قبل إبداء الرأي فيها، وأنها بذلت في هذا السبيل كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى ذلك.
12- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن العقد شريعة المتعاقدين، ويلتزم عاقداه بما يتم الاتفاق عليه فيه دون استقلال أي من طرفيه بنقضه أو تعديله.
13- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة.
14- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، وأن المشرع قد حرم بنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني – في غير عمليات البنوك - زيادة سعر الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره ٧٪ ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، غير أن المشرع في المادة ٧(د) من القانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي المعدلة بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي - المنطبق على العقود سند دعوى البنك - منح مجلس إدارة البنك المركزي المصري سلطة تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها، وذلك بما نص عليه من أنه للمجلس في سبيل تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وطبقًا للسياسة العامة للدولة اتخاذ الوسائل الآتية: "(د) تحديد أسعار الخصم ومعدلات العائد عن العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقًا لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر، وللمجلس تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها."، وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه في المادة ٢٢٧ من القانون المدني.
15- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن القروض التي تعقدها البنوك في نطاق نشاطها التجاري المعتاد تعتبر عملًا تجاريًا مهما كانت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذي خصص من أجله القرض، وتبعًا لذلك تخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة مجموع الفوائد لرأس المال.
16- إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى ثبوت المديونية المقضي بها والفوائد عليها حتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به - بالمخالفة للقانون وتعليمات البنك المركزي - استنادًا إلى ما ورد بكشفي الحساب المعولين على عقدي الاعتماد سالفي الذكر فقط ملتفتًا عما قدم من دفاع جوهري بشأن عقد التسوية النهائية المقدم بالأوراق وثابت بها المديونية الختامية المطالب بها، والذي لم يتعرض إليه إيرادًا أو ردًا للوصول إلى حقيقة المديونية ولم تعمل المحكمة سلطتها في ندب خبير مصرفي في الدعوى لبحث المسائل الفنية المصرفية المتنازع بشأنها مثار نعي البنك الطاعن، فإنه يكون معيبًا ( بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه).
17- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن النص في الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أنه " .... واستثناءً من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وأحكام الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة ."، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إعداده سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ولاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري واستعان لتحقيق هذا الغرض بآليات متعددة، ومنها أنه أخرج من الأصل العام الوارد في المادة 269 من قانون المرافعات بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى إذا ما قضت بنقض الحكم المطعون فيه بأن أوجبت على محكمة النقض التصدي لهذا النزاع حتى ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل وقد أوجب على محكمة النقض القيام بهذا الإجراء أن تكون المحكمة الاقتصادية الاستئنافية قد تصدت لموضوع النزاع، وقالت كلمتها بشأنه، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة لم يتجاوز حد الفصل في أحد إجراءات رفع الدعوى، فإنها لا تكون قد أدلت بقولها في الموضوع وبالتالي فإن تصدي محكمة النقض للموضوع في هذه الحالة تكون قد اختزلت إجراءات التقاضي في مرحلة تصدي محكمة النقض للدعوى بعد أن قضت بنقض الحكم وهو أمر لا يجوز لأنه يعد مخالفًا تمامًا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية.
18- إذ كان موضوع الطعن الراهن ثابت أنه مقام من البنك الطاعن قبل المطعون ضدهم جميعًا ومنهم المدين الأصلي والكفلاء المتضامنين - ومنهم مورثو المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع سالفي البيان والتي لم تقل كلمتها بشأنهم، ولا يجوز اختصامهم لأول مرة أمام هذه المحكمة - وهو ما يستلزم معه بحث المديونية وكافة العقود المتعلقة بها وخاصة عقد التسوية المتعلق بها أمام محكمة واحدة – ومن ثم تقضي المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في موضوعها، دون إخلال بقواعد العدالة وألا يضار الطاعن بطعنه بالمبلغ المقضي به سلفًا لصالحه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع وشكل الطعن سبق وأن أحاطت بهما المحكمة في الحكم الصادر بجلسة 3/5/2023 إلا أن المحكمة توجزه بالقدر اللازم لحمل منطوق هذا الحكم والتي تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن البنك الطاعن أقام على مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم .... لسنة 7 ق القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأداء مبلغ 14,695,801 (أربعة عشر مليونًا وستمائة وخمسة وتسعين ألفًا وثمانمائة وجنيه واحد)، ومبلغ 24,697,739,98 ( أربعة وعشرين مليونًا وستمائة وسبعة وتسعين ألفًا وسبعمائة وتسعة وثلاثين جنيهًا وثمانية وتسعين قرشًا) حتى 30/8/2015 بخلاف ما يستجد من عائد مركب بواقع 12,25% سنويًا وعمولة 01,5% تحتسب على الحد الأعلى للرصيد المدين خلال كل شهر حتى تمام السداد والمصاريف وعائد تأخير بواقع 14,25% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، على سند من أن الشركة المطعون ضدها الأولى حصلت بموجب عقدي اعتماد بحساب جارٍ من البنك الطاعن على مبلغ أربعة ملايين جنيه بضمان باقي المطعون ضدهم، والتي نشأت عنها المديونية المطالب بها، وبتاريخ 9/2/2016 قضت المحكمة أولًا:- بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع. ثانيًا:- بإلزام باقي المطعون ضدهم بالتضامن بأداء مبلغ 3,083,240,11 (ثلاثة ملايين جنيه وثلاثة وثمانين ألفًا ومائتين وأربعين جنيهًا وأحد عشر قرشًا) سنويًا من تاريخ 13/10/2015 وحتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على الدائرة التجارية والاقتصادية بالمحكمة - في غرفة مشورة - ورأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وقد ارتأت الدائرة إحالة الطعن على الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية للعدول عن الاتجاه الذي ذهبت به بعض الدوائر في أحكامها إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة أو إدخال ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى لأن الخصومة ولدت منعدمة، والأخذ بالمبدأ الذي ذهبت به بعض دوائر المحكمة إلى جواز اختصام ورثة المتوفى - الذي ثبت وفاته قبل رفع الدعوى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي، ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. وقد قررت الهيئة بتاريخ 30/5/2023 بإقرار الاتجاه الأخير وإحالة الطعن إلى ذات الدائرة المحيلة وقد حددت المحكمة جلسة اليوم لنظر الطعن وبها التزمت النيابة رأيها بمذكرتها الأخيرة المقدمة للهيئة العامة.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان الوجه الأول من السبب الأول يقول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بانعدام الخصومة في الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع بناء على الدفع المُبدى من المطعون ضدهما الأول والثامن اللذين ليس لهما الحق في إبدائه لأن هذا الدفع شرع لمصلحة خلفاء المتوفين دون غيرهم، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد؛ ذلك لما كان من المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أن المسلم به في قواعد تفسير القانون أن النصوص المختلفة في القانون الواحد – كأصلٍ عام – مرتبطة بعضها ببعض وتوضح بعضها بعضًا فينبغي في تفسير إحداها تقريب هذا النص من سائر النصوص الأخرى لإمكان استخلاص دلالة النص الحقيقية وتحديد نطاقه بما يتفق مع سائر النصوص وفي غير معزل عنها؛ ولما كانت التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه، فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية، إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات - باعتبار أن الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد إطار يحجب العدالة عن تقصي الحقيقة، فحرص المشرع على ألا يحكم بعدم صحة الإجراء – إلا إذا نص صراحة عليه فلا تكفي العبارة الناهية أو النافية، فإذا لم يوجد مثل هذا النص الصريح فلا يحكم به إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه- وإذ كان قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير، ولما كان من المقرر- أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء - فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة، إلا أنه وتيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها، وكان من المقرر- أنه لما كانت الغاية من البيانات التي أوجب المشرع في المادة 63 من قانون المرافعات أن تشتمل عليها صحيفة الدعوى، هي أن تتاح الفرصة للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه تمكنه من إعداد دفاعه فضلًا عن تمكين المحكمة من أن تلم بمضمون الدعوى ومرماها، وذلك تنظيمًا للتقاضي من ناحية، وتوفيرًا لحق الدفاع من ناحية أخرى، فإن صحيفة تصحيح شكل الدعوى التي تشتمل على بيانات صحيفة افتتاح الدعوى تقوم مقام تلك الصحيفة في الغاية المبتغاة منها، إذا ما ثبت أنها اشتملت على جميع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى وبذات الطلبات والأسانيد الواردة بها، فإن صحيفة التصحيح على هذا النحو تقوم مقام صحيفة افتتاح الدعوى، وإذ أُعلن الخصم بها في الموعد المحدد – أو حضر بالجلسة بعد التصحيح - فإن الغاية من الإجراء - اختصامه في الدعوى - تكون قد تحققت، لذا فإنه يتعين على القاضي قبل إقرار عدم صحة الإجراءات المترتبة على عدم انعقاد الخصومة طبقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات - المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - أن يمكن الخصم من توقي هذا الجزاء بالغ الأثر طالما لم يثبت لديه أنه كان سببًا فيه، ومتى تمت في توقيتها الصحيح أمام ذات الدرجة القضائية، ذلك أن دلالة هذا النص يجب أن لا تكون في معزل عن النصوص سالفة البيان تحقيقًا لأهداف وغايات المشرع سالفة البيان وخاصة إن كان مؤدى ذلك هو تقطيع أوصال الدعوى الواحدة أو التي يجمعها سبب قانوني واحد أو مرتبط أمام أكثر من محكمة، وهي الغاية الأسمى التي حرص المشرع على تجنبها لمنع تضارب الأحكام أو تعارضها؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن البنك الطاعن أقام دعواه مختصمًا فيها مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم بعد أن أثبت المحضر القائم بالإعلان برفضهم جميعًا استلام صحيفة الدعوى، وتم إعلانهم جميعًا في مواجهة النيابة - وخلت الأوراق مما يدل على ثبوت العلم بالوفاة قبل رفع الدعوى– وبجلسة المرافعة الأخيرة مثل المطعون ضدهما الأول والثامن وقررا بوفاة كل من مورث المطعون ضده الثاني في تاريخ 15/9/2008 والمطعون ضده الثالث في 25/10/2009 والمطعون ضده السابع في 24/2/2013 وذلك قبل رفع الدعوى الحاصل في 7/9/2015، وطلب أجلًا لتصحيح شكل الدعوى واختصام ورثتهم لجهله بتلك الوفاة - والتي خلت أوراق المحضرين من ثبوتها - وقد حجزت المحكمة الدعوى للحكم ملتفتة عن طلب تصحيح ذلك الإجراء إلى أن قضت بحكمها المتقدم بانعدام الخصومة بالنسبة لسالفي الذكر والقضاء بالدين المطالب به بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وكان البين من جماع ما تقدم فقد تحقق ثبوت جهل البنك الطاعن بتلك الوفاة قبل رفع الدعوى لاسيما بعد ما وردت إجابة قلم المحضرين حال الإعلان بصحيفة الدعوى المبتدئة برفضهم للاستلام وإعلانهم في مواجهة النيابة والذي يعد عذرًا يبيح له جواز تصحيح ذلك الإجراء المعيب باختصام سالفي الذكر أمام ذات المحكمة، بموجب صحيفة تصحيح لشكل الخصومة - تقوم مقام صحيفة الدعوى المبتدئة في الغاية المبتغاة - تستوفى فيها كافة الشرائط القانونية نحو إيداعها قلم الكتاب وسداد الرسم المستحق عليها واختصام الورثة بأسمائهم وصفاتهم ومحال إقامتهم ومواطنهم وتوجيه الطلبات إليهم، والتي تنتج تلك الصحيفة آثارها من تاريخ انعقاد الخصومة الجديدة إيداعًا وإعلانًا ويراعى فيها المواعيد المقررة قانونًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع ولم يعتد بطلب البنك بتصحيح شكل الخصومة واختصامه ورثة سالفي الذكر، فإنه يكون معيبًا.
وكان حاصل ما ينعاه بالوجه الثاني والثالث والشق الثاني من الوجه الرابع والخامس والسادس من السبب الأول والسبب الثاني والثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لمسائل حسابية مصرفية منتهيًا إلى قضائه في الدعوى مستندًا لما ورد بكشفي الحسابين المقدمين من البنك الطاعن والذي أفرغ فيهما المديونية المتحققة بعقدي الاعتماد سندا الدعوى والمنتهيين في 20/10/1999 وكانت المديونية بالكشف الأول بلغت مبلغ 53‚034‚928‚4 مليون جنيه، والثاني بقيمة بلغت 5,419,275,35 مليون جنيه، وتم إجراء مقاصة بين المبلغين مع ما تم سداده بقيمة مبلغ 2,336,35,24 مليون جنيه بعد انتهاء المدة لتصبح المبلغ المقضي به وفائدة بواقع 14,25% سنويًا من تاريخ 13/10/2015 حتى تمام السداد – بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به -، ملتفتًا عما جاء بعقد التسوية المقدم أمام المحكمة بجلسة 12/11/2015 والثابت فيه الإقرار بالمديونية المطالب بها ولم يعن لهذا المستند إيرادًا أو ردًا مما يترتب عليه المغايرة في حساب المديونية والعائد والعمولات والمصاريف المقرر لها رغم جوهريته، فإنه يكون معيبًا.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن المقرر– في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بفساد الاستدلال إذ انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها، كما أن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت المسألة المتنازع فيها من المسائل الفنية البحتة التي يتعذر على المحكمة أن تشق طريقها بنفسها لإبداء الرأي فيها، فإن ذلك يوجب عليها أن تستنفد كل ما لها من سلطة تحقيق لاستجلائها سواء بندب خبير متخصص أو أي إجراء آخر يعينها في تحقيقها، وأن تبين ذلك في حكمها حتى يطمئن المطلع عليه إلى أنها أحاطت بالحالة الفنية المطروحة عليها ووقفت على كنهها وتعرفت على حقيقتها قبل إبداء الرأي فيها وأنها بذلت في هذا السبيل كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى ذلك، وكان من المقرر أيضًا - في قضاء هذه المحكمة - أن العقد شريعة المتعاقدين ويلتزم عاقداه بما يتم الاتفاق عليه فيه دون استقلال أي من طرفيه بنقضه أو تعديله، وأن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة، وأنه ولئن كان الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، وأن المشرع قد حرم بنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني – في غير عمليات البنوك - زيادة سعر الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره ٧٪ ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، غير أن المشرع في المادة ٧(د) من القانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي المعدلة بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي - المنطبق على العقود سند دعوى البنك- منح مجلس إدارة البنك المركزي المصري سلطة تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها، وذلك بما نص عليه من أنه للمجلس في سبيل تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وطبقًا للسياسة العامة للدولة اتخاذ الوسائل الآتية: "(د) تحديد أسعار الخصم ومعدلات العائد عن العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقًا لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر، وللمجلس تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها."، وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه في المادة ٢٢٧ من القانون المدني، وكان من المقرر- أن القروض التي تعقدها البنوك في نطاق نشاطها التجاري المعتاد تعتبر عملًا تجاريًا مهما كانت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذي خصص من أجله القرض، وتبعًا لذلك تخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة مجموع الفوائد لرأس المال؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى ثبوت المديونية المقضي بها والفوائد عليها حتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به - بالمخالفة للقانون وتعليمات البنك المركزي- استنادًا إلى ما ورد بكشفي الحساب المعولين على عقدي الاعتماد سالفي الذكر فقط ملتفتًا عما قدم من دفاع جوهري بشأن عقد التسوية النهائية المقدم بالأوراق وثابت بها المديونية الختامية المطالب بها والذي لم يتعرض إليه إيرادًا أو ردًا للوصول إلى حقيقة المديونية ولم تعمل المحكمة سلطتها في ندب خبير مصرفي في الدعوى لبحث المسائل الفنية المصرفية المتنازع بشأنها مثار نعي البنك الطاعن، فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.
وحيث إن حاصل ما ينعاه بالشق الأول من الوجه الرابع من السبب الأول بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى باحتساب الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية وليس من تاريخ الاستحقاق، فذلك مردود بأن الثابت من الأوراق أن البنك الطاعن طالب العائد عن المديونية من تاريخ المطالبة وليس من تاريخ الاستحقاق بما يضحى ما ينعاه في هذا الشأن غير صحيح.
وحيث إنه لما كان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أنه " ... واستثناءً من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأحكام الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة." وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إعداده سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ولاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري واستعان لتحقيق هذا الغرض بآليات متعددة، ومنها أنه أخرج من الأصل العام الوارد في المادة 269 من قانون المرافعات بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى إذا ما قضت بنقض الحكم المطعون فيه بأن أوجبت على محكمة النقض التصدي لهذا النزاع حتى ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل وقد أوجب على محكمة النقض القيام بهذا الإجراء أن تكون المحكمة الاقتصادية الاستئنافية قد تصدت لموضوع النزاع، وقالت كلمتها بشأنه، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة لم يتجاوز حد الفصل في أحد إجراءات رفع الدعوى، فإنها لا تكون قد أدلت بقولها في الموضوع وبالتالي فإن تصدي محكمة النقض للموضوع في هذه الحالة يكون قد اختزل إجراءات التقاضي في مرحلة تصدي محكمة النقض للدعوى بعد أن قضت بنقض الحكم وهو أمر لا يجوز لأنه يعد مخالفًا تمامًا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية؛ وكان موضوع الطعن الراهن ثابت أنه مقام من البنك الطاعن قبل المطعون ضدهم جميعًا ومنهم المدين الأصلي والكفلاء المتضامنون - ومنهم مورثو المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع سالفو البيان والتي لم تقل كلمتها بشأنهم، ولا يجوز اختصامهم لأول مرة أمام هذه المحكمة - وهو ما يستلزم معه بحث المديونية وكافة العقود المتعلقة بها وخاصة عقد التسوية المتعلق بها أمام محكمة واحدة – ومن ثم تقضي المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في موضوعها، دون إخلال بقواعد العدالة وألا يضار الطاعن بطعنه بالمبلغ المقضي به سلفًا لصالحه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق