جلسة 25 من سبتمبر سنة 2023
برئاسة السيـد القاضي/ رمضان السيد عثمان "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ د. أحمد فاروق عوض، منير محمد أمين، أحمد سيد يوسف ود. أيمن الحسيني "نواب رئيس المحكمة".
-----------------
(98)
الطعنان رقما 14108، 14481 لسنة 77 القضائية
(1) بيع "آثار عقد البيع: التزامات البائع: الالتزام بتسليم المبيع: العجز أو الزيادة في المبيع".
تطبيق المادة 434 مدني. مناطه. وجود عجز أو زيادة في المبيع.
(3،2) محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطتها في تقدير جدية الدفوع المُبداة من الخصوم: الدفاع الذي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه".
(2) إغفال الحكم الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى. لا عيب.
(3) ثبوت تأسيس المطعون ضده دعواه بفسخ عقد البيع على إخلال الطاعن بالتزاماته الواردة في العقد سند الدعوى وحصوله على مبالغ تجاوزت قيمة المبيع المتفق عليها وليس على وجود عجز في المبيع. مقتضاه. عدم تطبيق م 434 مدني. إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بسقوط حق الأول في إقامة دعواه بالتقادم لرفعها بعد انقضاء سنة من وقت تسليمه المبيع. لا عيب. علة ذلك. النعي عليه في هذا الخصوص. على غير أساس.
(4- 6) تقادم "الدفع بالتقادم". نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب الجديدة". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات: سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لتقدير عمل الخبير" "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
(4) محكمة الموضوع. لها سلطة فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر والأخذ بتقرير الخبير.
(5) الدفع بالتقادم. لا يتعلق بالنظام العام. مؤداه. عدم قضاء المحكمة به من تلقاء نفسها وعدم قبول إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(6) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به استنادًا لما اطمأن إليه من الأوراق وتقرير الخبير من تحصله على ذلك المبلغ دون وجه حق. استخلاص سائغ. النعي عليه في هذا الخصوص. جدل موضوعي. عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بسقوط الدعوى بالتقادم طبقًا لنص المادتين 180، 181/1 مدني وعدم تدليله على ذلك. أثره. عدم قبول تمسكه بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
(8،7) خبرة "ندب الخبراء: سلطة محكمة الموضوع في ندب الخبراء: سلطة محكمة الموضوع في إعادة المأمورية للخبير". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات: إجراءات الإثبات: سلطة محكمة الموضوع في إعادة المأمورية للخبير".
(7) طلب إعادة المأمورية للخبير. عدم التزام محكمة الموضوع بإجابته. شرطه.
(8) التفات الحكم الطعين عن طلب الطاعن إعادة المأمورية للخبير لتقديم مستندات جديدة. لا عيب. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(9- 12) التزام "انقضاء الالتزام: الوفاء بالعملة الأجنبية". نقد "القضاء بالالتزام بالدين بعملة أجنبية" "الالتزام بالوفاء بالدين بعملة أجنبية".
(9) قضاء محكمة الموضوع بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية دون العملة الوطنية. شرطه. إجازة الشارع لذلك في الحالات المنصوص عليها في القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها.
(10) التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية. صحيح. م 111 ق 88 لسنة 2003 بشأن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد.
(11) التزام المدين بسداد دين النقود بقدر عددها دون النظر لتغير قيمتها وقت السداد. م 134 مدني. لازمه. مراعاة القاضي في قضائه عند طلب الدائن اقتضاء دينه بالعملة الوطنية بدلًا من العملة الأجنبية ما تؤول إليه قيمة هذه العملة الأجنبية عقب الفترة الزمنية التي تراخى فيها المدين عن السداد.
(12) قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضده بالمبلغ المتحصل عليه من الدفتر الدولاري للطاعن بالزيادة عن ثمن العين المبيعة مقدرًا بالعملة الوطنية وقت سحبه رغم وجوب تقديره وفق سعر الدولار بالعملة الوطنية وقت السداد. خطأ.
(14،13) فوائد "استحقاق الفوائد: بدء سريانها".
(13) سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية. شرطه. أن يكون محل الالتزام عن مبالغ معلومة المقدار وقت رفع الدعوى. م 226 مدني. مقصوده. ألا يكون للقضاء سلطة في تقديرها. عدم جواز أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال. شرطه. م 232 مدني.
(14) قضاء الحكم المطعون فيه بالفوائد من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد لكون المبلغ المطالب به معلوم المقدار وقت رفع الدعوى وتحديده قائمًا على أسس ثابتة ولا سلطة للقضاء في تقديره. صحيح. النعي عليه في هذا الخصوص. على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن المادة 434 من القانون المدني لا تنطبق إلا حيث يوجد عجز أو زيادة في المبيع.
2- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أنه لا يعيب الحكم إغفاله الرد على دفاعٍ غير مؤثر في الدعوى.
3- إذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ضده قد أسس دعواه على إخلال الطاعن بالتزاماته الواردة في العقد سند الدعوى وحصوله على مبالغ تجاوزت قيمة المبيع المتفق عليها، وليس على وجود عجز في المبيع ومن ثم لا تشملها القاعدة المقررة بنص المادة 434 من القانون المدني، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على هذا الدفع (سقوط حق المطعون ضده في إقامة دعواه بالتقادم لرفعها بعد انقضاء سنة من وقت تسليمه المبيع) الذي لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم يضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
4- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر والأخذ بتقرير الخبير المندوب فيها.
5- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن الدفع بالتقادم لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام، ولا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
6- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به استنادًا لما اطمأن إليه من الأوراق ومن تقرير الخبير من أن الطاعن تحصل على ذلك المبلغ دون وجه حق، وكان هذا الاستخلاص سائغًا وله معينه من الأوراق، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص (بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب) لا يعدو أن يكون جدلًا فيما تستقل به محكمة الموضوع، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بسقوط الدعوى بالتقادم طبقًا لنص المادتين المشار إليهما (180، 181/1) من القانون المدني ولم يقدم دليلًا على ذلك، فلا يقبل منه التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
7- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن محكمة الموضوع غير مُلزمة بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى رأت في أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
8- إذ لا يعيب الحكم الطعين التفاته عن طلب الطاعن إعادة المأمورية إلى الخبير لتقديم مستندات جديدة، ويكون نعيه في هذا الشأن غير مقبول.
9- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان الأصل في الإلزام قضاءً بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها.
10- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مؤدى نص المادة 111 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد – المُنطبقة على واقعة التداعي قبل إلغائها بالقانون رقم 194 لسنة 2020 - أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية هو التزام صحيح.
11- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادة 134 من القانون المدني أن المدين يلتزم بسداد دين النقود بقدر عددها دون النظر لتغير قيمتها وقت السداد، فإذا ارتفعت قيمتها عندئذ كان ارتفاعها لمصلحة الدائن، وإذا انخفضت كان انخفاضها لمصلحة المدين، وبناء على ذلك فإنه لزامًا على القاضي- إذا كان الدين بإحدى العملات الأجنبية وطلب الدائن في دعواه اقتضاءها بالعملة الوطنية بدلًا من العملة الأجنبية - أن يراعي في قضائه ما تؤول إليه قيمة هذه العملة الأجنبية عقب الفترة الزمنية التي تراخى فيها المدين عن السداد.
12- إذ كانت طلبات الطاعن قد تضمنت إلزام المطعون ضده بالوفاء بالمبلغ - الذي استحصل عليه من الدفتر الدولاري الخاص بالطاعن بالزيادة عن ثمن العين المبيعة - مقدرًا وفق سعر الدولار بالعملة الوطنية، وكان الثابت من مطالعة تقرير الخبير الحسابي المندوب في الدعوى أن المطعون ضده قام بسحب مبلغ من حساب الطاعن البنكي يجاوز ثمن العين المبيعة المتفق عليه بالعقد سند الدعوى، إذ قام بسحب مبلغ 2212,538 دولارًا بتاريخ 1/10/1998 ثم مبلغ 1000 دولار بتاريخ 12/9/1999 ومجموعهما 3212,538 دولارًا، قدَّر الخبير هذا المبلغ وفقًا لسعر صرف الدولار بالعملة الوطنية وقت سحبه، ولما كان سعر الدولار بالعملة الوطنية دائم التغير وتختلف قيمته بمرور الوقت، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتاريخ 8/5/2007 بإلزام المطعون ضده بالمبلغ المستحق للطاعن مقدرًا بالعملة الوطنية وقت سحبه حسب تقدير الخبير سالف البيان، في حين أنه كان يتعين أن يقضي بإلزامه بذلك المبلغ مقدرًا وفق سعر الدولار بالعملة الوطنية وقت السداد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
13- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 226 من القانون المدني أنه لا تسري الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إلا عن المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى، والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار هو أن يكون تحديد مقداره قائمًا على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، كما أن المقرر- بنص المادة 232 من ذات القانون أنه " .... لا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية.".
14- إذ كان المبلغ الذي يطالب به الطاعن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى وتحديده قائمًا على أسس ثابتة ولا سلطة للقضاء في تقديره، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفوائده من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الشق (بالخطأ في تطبيق القانون) على غير أساس ومن ثم غير مقبول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن في الطعن الأول أقام على المطعون ضده في ذات الطعن الدعوى رقم .... لسنة 2002 مدني أمام محكمة المنصورة الابتدائية، بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 18/8/1997، وإلزامه بأن يؤدي إلى الطاعن مبلغ ثلاثمائة واثنين وثلاثين ألف جنيه قيمة ما استولى عليه من دفتره الدولاري بسعر الصرف الحالي، وإلزامه بالفائدة على أساس سعر صرف الدولار وقت الحكم من تاريخ سحب المبالغ حتى السداد، وإلزامه بقيمة الشرط الجزائي الوارد بالعقد سند الدعوى، وإلزامه بقيمة العمالة وما أتلفه من مواد بناء، وإلزامه برد دفتره الدولاري. وقال بيانًا لذلك: إنه بموجب العقد المؤرخ 18/8/1997 اشترى من المطعون ضده الطابق السادس بالعقار المزمع إنشائه المبين بالأوراق مقابل مبلغ مائتين وأربعين ألف جنيه يقوم الأخير بسحبها بالدولار من حساب الطاعن البنكي بموجب توكيل من الأخير إلا أنه قام بسحب مبلغ يجاوز المتفق عليه، كما أخل بالتزامه العقدي بأن تأخر في تسليم العين المبيعة ولم يستكملها، واستولى على عدادات المياه الخاصة بها، فكانت الدعوى، ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 26/4/2006 برفض الدعوى، فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 58 ق لدى محكمة استئناف المنصورة التي قضت بتاريخ 8/5/2007 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المطعون ضده بأن يؤدي إلى الطاعن مبلغ عشرة آلاف وتسعمائة وتسعة وثلاثين جنيهًا وثمانية وسبعين قرشًا وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية في 8/6/2002 حتى تمام السداد. طعن "الطاعن في الطعن الأول" في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 14108 لسنة 77 ق، كما طعن فيه "المطعون ضده في الطعن الأول" بالطريق ذاته بالطعن رقم 14481 لسنة 77 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعنين، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة - في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظرهما، وفيها ضمت الطعن الثاني إلى الأول، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولًا: الطعن رقم 14481 لسنة 77 ق:
حيث أقيم الطعن على ثلاثة أسباب ينعى منها الطاعن بالوجهين الأولين من السببين الأول والثالث والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع حاصله سقوط حق المطعون ضده في إقامة دعواه بالتقادم لرفعها بعد انقضاء أكثر من سنة من تاريخ تسليمه المبيع طبقًا لنص المادة 434 من القانون المدني، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن ذلك الدفاع الجوهري، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أن المقرر بنص المادة 434 من القانون المدني أنه " إذا وجد في المبيع عجز أو زيادة، فإن حق المشتري في طلب إنقاص الثمن أو في طلب فسخ العقد وحق البائع في طلب تكملة الثمن يسقط كل منهما بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليمًا فعليًا."، وكان المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 434 من القانون المدني لا تنطبق إلا حيث يوجد عجز أو زيادة في المبيع، كما أن المقرر- أنه لا يعيب الحكم إغفاله الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون ضده قد أسس دعواه على إخلال الطاعن بالتزاماته الواردة في العقد سند الدعوى وحصوله على مبالغ تجاوزت قيمة المبيع المتفق عليها، وليس على وجود عجز في المبيع ومن ثم لا تشملها القاعدة المقررة بنص المادة 434 من القانون المدني، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على هذا الدفع الذي لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى؛ ومن ثم يضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث ينعى الطاعن ببقية أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم ألزمه بالمبلغ المقضي به على الرغم من قيامه بسحب هذا المبلغ من حساب المطعون ضده على دفعات في أوقات مغايرة بموجب توكيل بنكي صادر له ولم يتم إلغاؤه، فضلًا عن أن حق المطعون ضده في استرداد المبلغ الذي تحصل عليه قد سقط بالتقادم وفقًا لنص المادتين 180، 181/1 من القانون المدني، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أن المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر والأخذ بتقرير الخبير المندوب فيها، كذلك من المستقر عليه- أن الدفع بالتقادم لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها لعدم تعلقه بالنظام العام، ولا يقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به استنادًا لما اطمأن إليه من الأوراق ومن تقرير الخبير من أن الطاعن تحصل على ذلك المبلغ دون وجه حق، وكان هذا الاستخلاص سائغًا وله معينه من الأوراق، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلًا فيما تستقل به محكمة الموضوع، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بسقوط الدعوى بالتقادم طبقًا لنص المادتين المشار إليهما من القانون المدني ولم يقدم دليلًا على ذلك، فلا يقبل منه التمسك بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
ثانيًا: الطعن رقم 14108 لسنة 77 ق:
حيث أقيم الطعن على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع، إذ التفت عن طلب إعادة الدعوى إلى الخبير الحسابي والهندسي ليقدم مستندات جديدة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أنه من المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن محكمة الموضوع غير مُلزمة بإجابة طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى رأت في أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، ومن ثم لا يعيب الحكم الطعين التفاته عن طلب الطاعن إعادة المأمورية إلى الخبير لتقديم مستندات جديدة، ويكون نعيه في هذا الشأن غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الأول من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى بإلزام المطعون ضده أن يؤدي إلى الطاعن المبلغ المقضي به أخذًا من تقرير الخبير الحسابي المندوب في الدعوى الذي قدر أصل المبلغ المستحق طبقًا لسعر صرف الدولار وقت سحب المبلغ في حين أنه كان يتعين أن يقدره طبقًا لسعر صرف الدولار وقت السداد، مما يُعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك إن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان الأصل في الإلزام قضاءً بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات فلا على محكمة الموضوع إن قضت بإلزام المحكوم عليه بالوفاء بالتزامه بعملة أجنبية في الحالات التي نصت عليها القوانين الخاصة متى توافرت شروط إعمالها وطلب الخصم الحكم بها، ولما كان النص في المادة 111 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد – المنطبقة على واقعة التداعي قبل إلغائها بالقانون رقم 194 لسنة 2020 - على أنه " لكل شخص طبيعي أو اعتباري أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي، وله الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخليًا على أن تتم هذه العمليات عن طريق البنوك المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي .... ويكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراءً وبيعًا في مجال السلع والخدمات بالجنيه المصري وفقًا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية .... " مما مؤداه أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية هو التزام صحيح، ولما كان النص في المادة 134 من القانون المدني على أنه " إذا كان محل الالتزام نقودًا، التزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر." - مفاده أن المدين يلتزم بسداد دين النقود بقدر عددها دون النظر لتغير قيمتها وقت السداد، فإذا ارتفعت قيمتها عندئذ كان ارتفاعها لمصلحة الدائن، وإذا انخفضت كان انخفاضها لمصلحة المدين، وبناء على ذلك فإنه لزامًا على القاضي- إذا كان الدين بإحدى العملات الأجنبية وطلب الدائن في دعواه اقتضاءها بالعملة الوطنية بدلًا من العملة الأجنبية - أن يراعي في قضائه ما تؤول إليه قيمة هذه العملة الأجنبية عقب الفترة الزمنية التي تراخى فيها المدين عن السداد؛ ولما كانت طلبات الطاعن قد تضمنت إلزام المطعون ضده بالوفاء بالمبلغ - الذي استحصل عليه من الدفتر الدولاري الخاص بالطاعن بالزيادة عن ثمن العين المبيعة - مقدرًا وفق سعر الدولار بالعملة الوطنية، وكان الثابت من مطالعة تقرير الخبير الحسابي المندوب في الدعوى أن المطعون ضده قام بسحب مبلغ من حساب الطاعن البنكي يجاوز ثمن العين المبيعة المتفق عليه بالعقد سند الدعوى، إذ قام بسحب مبلغ 2212,538 دولارًا بتاريخ 1/10/1998 ثم مبلغ 1000 دولار بتاريخ 12/9/1999 ومجموعهما 3212,538 دولارًا، قدر الخبير هذا المبلغ وفقًا لسعر صرف الدولار بالعملة الوطنية وقت سحبه، ولما كان سعر الدولار بالعملة الوطنية دائم التغير وتختلف قيمته بمرور الوقت، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتاريخ 8/5/2007 بإلزام المطعون ضده بالمبلغ المستحق للطاعن مقدرًا بالعملة الوطنية وقت سحبه حسب تقدير الخبير سالف البيان، في حين أنه كان يتعين أن يقضي بإلزامه بذلك المبلغ مقدرًا وفق سعر الدولار بالعملة الوطنية وقت السداد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يعيبه ويوجب نقضه جزئيًا في هذا الشق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون؛ إذ قضى بإلزام المطعون ضده بالفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، في حين أنه كان يتعين أن يلزمه بها من تاريخ السحب حتى السداد، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 226 من القانون المدني أنه لا تسري الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية إلا عن المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى، والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار هو أن يكون تحديد مقداره قائمًا على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، كما أن المقرر بنص المادة 232 من ذات القانون أنه ".... لا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية."، ولما كان المبلغ الذي يطالب به الطاعن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى وتحديده قائمًا على أسس ثابتة ولا سلطة للقضاء في تقديره، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفوائده من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه في هذا الشق على غير أساس، ومن ثم غير مقبول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق