باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يوليو سنة 2025م، الموافق العاشر من المحرم سنة 1447ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 138 لسنة 31 قضائية "دستورية"
المقامة من
محمود شكري محمود عبد الفتاح
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الشورى (الشيوخ حاليًّا)
4- رئيس مجلس الوزراء
5- رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة كهرباء جنوب القاهرة
6- مدير إدارة كهرباء الهرم
---------------
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من يونيو سنة 2009، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (7 و8 و10 و11 و12 و19) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أن المدعي أقام أمام محكمة الجيزة الابتدائية الدعوى رقم 177 لسنة 2007 تعويضات كلي، ضد المدعى عليهما الخامس والسادس، طالبًا الحكم بإلزامهما أن يؤديا إليه مبلغ مائة وثمانين ألف جنيه، عن الوحدة المستولى عليها، ومبلغ ستمائة ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، على سند من أنه يمتلك عقار التداعي، وطلبت منه الشركة المدعى عليها الخامسة أن يُخصص لها فيه حجرة مساحتها عشرون مترًا مربعًا، لتضع بها محولات توزيع شبكات الجهود المتوسطة لتغذية العقار بالتيار الكهربائي، ولغرض المنفعة العامة، تسلمتها الشركة في 25/7/2007، دون أن تؤدي ثمنًا أو تعويضًا عنها؛ فأقام دعواه. ندبت المحكمة خبيرًا أودع تقريرًا أورد فيه أن الحجرة خُصصت للمنفعة العامة كحجرة محولات كهرباء، وأن المدعي لم يتقدم للشركة لطلب التعويض عنها. وفي أثناء نظر الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية المواد (7 و8 و10 و11 و12 و19) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على النصوص المطعون فيها العدوان على الملكية الخاصة؛ بمصادرتها دون تعويض، والإخلال بالمساواة بين أصحاب العقارات، وتقييد حق مالك البناء في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويضات المكافئة لما أصابه من ضرر، وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (34 و40 و68) من دستور سنة 1971.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء - قبل إلغائه بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 87 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون الكهرباء – تنص على أنه "يُقصد بمنشآت قطاع الكهرباء في تطبيق أحكام هذا القانون:
1-.... 7- أكشاك وحجرات محولات التوزيع لشبكات الجهود المتوسطة".
وتنص المادة (7) من القانون ذاته على أنه "في حالة إقامة أي من المنشآت المشار إليها في المادة (1) من هذا القانون يستحق الملاك وأصحاب الحقوق تعويضًا عما يصيبهم من أضرار نتيجة لذلك.
فإذا لم يلحق بالملاك وأصحاب الحقوق ضرر بسبب إقامة المنشآت سالفة الذكر فلا يستحق لهم أي تعويض ويقوم رئيس منطقة أو مدير مديرية الكهرباء المختص بإعلانهم بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول".
وتنص المادة (8) منه -المستبدل بها القانون رقم 204 لسنة 1991 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء- على أن "يتولى تقدير التعويض المستحق لجنة تشكل بقرار من المحافظ المختص برئاسة ممثل لقطاع الكهرباء بالمحافظة يختاره وزير الكهرباء والطاقة وعضوية ممثل عن كل من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي والهيئة المصرية العامة للمساحة والمحافظة والمجلس الشعبي المحلى بها.
وللجنة أن تدعو من ترى من ذوي الخبرة لحضور اجتماعاتها دون أن يكون له صوت معدود.
وتدعو اللجنة الملاك وأصحاب الحقوق للحضور للاتفاق على قيمة التعويض خلال شهر على الأكثر من تاريخ تقديم طلب التعويض وذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول.
ولا يكون انعقاد اللجنة صحيحًا إلا بحضور رئيسها وعضوين على الأقل من أعضائها، ويصدر قرار اللجنة خلال شهر من تاريخ أول جلسة بأغلبية أصوات الحاضرين وعند التساوي يرجح رأى الجانب الذي منه الرئيس".
وتنص المادة (10) منه على أنه "إذا تم الاتفاق على التعويض أديت قيمته لأصحاب الحقوق ويحرر بذلك محضر يودع مكتب الشهر العقاري المختص ويترتب على إيداعه الآثار التي تترتب على شهر العقد".
وتنص المادة (11) منه على أنه "إذا لم يتم الاتفاق على مقدار التعويض أو إذا لم يجب أحد من الملاك أو أصحاب الحقوق الدعوة لحضور جلسات اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) تودع قيمة التعويض خزانة منطقة أو مديرية الكهرباء المختصة مع إعلانهم بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول.
ويصدر رئيس منطقة أو مديرية الكهرباء المختص بعد اطلاعه على الشهادة المثبتة للإيداع قرارًا يحدد التاريخ الذي يبدأ فيه تنفيذ الأعمال".
وتنص المادة (12) منه على أن "للمالك أو صاحب الشأن خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إعلانه بقرار عدم استحقاق تعويض طبقًا للفقرة الثانية من المادة (7) من هذا القانون أن يعترض على هذا القرار بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول يوجه إلى رئيس منطقة أو مدير مديرية الكهرباء المختص، وفى هذه الحالة يعرض الاعتراض على اللجنة المشار إليها في المادة (8).
فإذا قبلت اللجنة الاعتراض تتبع أحكام المادتين (10 و11) من هذا القانون أما إذا رفضته اللجنة فيصدر رئيس المنطقة أو مدير مديرية الكهرباء المختص قرارًا يحدد التاريخ الذي يبدأ فيه تنفيذ الأعمال مع إخطار ذوي الشأن بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول".
وتنص المادة (19) منه على أنه "مع مراعاة أحكام المواد من (7 إلى 13) من هذا القانون يلزم أصحاب المباني أو المصانع أو الأراضي المقسمة والمعدة للبناء بإنشاء حجرات لتخصيصها لمحولات التوزيع لشبكات الجهود المتوسطة وذلك طبقًا للقواعد والقرارات التي تصدر من المؤسسة المصرية العامة للكهرباء في هذا الشأن وتبين فيها الأحوال والمواصفات والشروط المنظمة لذلك.
وعلى الجهات المختصة بإصدار تراخيص البناء مراعاة ذلك قبل إصدار التراخيص.
فإذا لم يقم الأشخاص المشار إليهم في الفقرة السابقة بهذا الالتزام خلال شهر من تاريخ إخطارهم بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول، قامت المؤسسة المذكورة بإنشاء حجرة على نفقتهم أو بالاستيلاء على إحدى حجرات العقار بالطريق الإداري وتخصيصها لهذا الغرض".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة –وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية– مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية المطروحة على هذه المحكمة لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وكان من المقرر كذلك أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، ومؤداه: ألا تُقبل الخصومة إلا من هؤلاء الذين أُضيروا من سريان النص المطعون عليه في شأنهم، سواءً أكان هذا الضرر يتهددهم أم كان قد وقع فعلًا، وبشرط أن يكون هذا الضرر مستقلًّا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه؛ دلَّ ذلك على انتفاء مصلحته الشخصية المباشرة؛ ذلك أن إبطال النص القانوني في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إن إلغاء النص التشريعي لا يحول دون النظر والفصل في دستوريته؛ ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين القانونيتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين –القديم والجديد– تخضع لحكمه، فما نشأ منها وترتبت آثاره في ظل القانون القديم يظل خاضعًا له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره في ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده.
وحيث إنه ترتيبًا على ما تقدم، فإن أحكام القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء تكون هي السارية على النزاع الموضوعي الذي نشأ المركز القانوني للمدعي واكتمل في ظل العمل بأحكامه.
وحيث إن المشرع أورد تنظيمًا خاصًّا بمنشآت قطاع الكهرباء بموجب القانون رقم 63 لسنة 1974؛ إذ أورد في المادة (1) منه المقصود بهذه المنشآت، وأفرد في المادة (19) منه حكم إنشاء أكشاك وحجرات محولات التوزيع لشبكات الجهود المتوسطة المنصوص عليها في البند رقم (7) من المادة (1) سالفة الذكر، مراعيًا أحكام المواد (7 إلى 13) المشار إليها، حين ألزم أصحاب المباني أو المصانع أو الأراضي المعدة للبناء بإنشاء حجرات لتخصيصها لهذا الغرض، وذلك طبقًا للقواعد والقرارات التي تصدر من الشركة القابضة في هذا الشأن، وبيَّن الأحوال والمواصفات والشروط المنظمة لذلك، وناط بالجهات المختصة بإصدار تراخيص البناء مراعاة ذلك قبل إصدار التراخيص، مانحًا السلطة المختصة بشركة توزيع الكهرباء تقدير مناسبة المكان لوضع المحولات، ثم وضَع قاعدة عامة في شأن حقوق الملاك وأصحاب الحقوق في التعويض عما يصيبهم من أضرار جراء هذا الالتزام، وأحقيتهم في التعويض عن نزع ملكيتهم لهذه العقارات، سواء اتبعت الإجراءات التي نص عليها القانون السالف، في شأن المطالبة بالتعويض عن إقامة هذه المنشآت، أم لم تتبع؛ إذ تكون أحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، وأحكام المسئولية المدنية – في الحالة الأخيرة – مصدرين للالتزام بالتعويض، بحسبان النصوص المطعون عليها لم تضع قيدًا أو ترتب جزاءً على رفع دعوى التعويض مباشرة دون اللجوء إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة (8) – المستبدلة – من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن منشآت قطاع الكهرباء، وبما لا خروج فيه على ما تقرره الفقرة الأولى من المادة (7) من القانون ذاته من استحقاق الملاك وأصحاب الحقوق تعويضًا عما يصيبهم من أضرار نتيجة لإقامة أي من المنشآت المشار إليها في المادة (1) من هذا القانون. متى كان ما تقدم، فإن ما يدعيه المدعي من ضرر لا يعود إلى النصوص المطعون فيها، وإنما تُحقق هذه النصوص مبتغاه من الدعوى الموضوعية، وبلوغ ما ينشده منها بشأن التعويض عن الملكية ومقابل الانتفاع -حال إثبات الضرر الموجب للتعويض– الأمر الذي يكون معه القضاء في دستورية النصوص المطعون فيها غير لازم للفصل في النزاع الموضوعي؛ ومن ثم تغدو هذه الدعوى قمينة بعدم القبول.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق