بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 01-10-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 1104 و1122 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
م. ع. ا. ش. ا.
مطعون ضده:
ب. م. أ. ج. أ. س.
ب. ا. ش.
ش. ب. س. د. ك. ل. ا. ذ. و. ا. م. ع. ا. ا. ا.
د. م. م. ل. م.
ص. ت. ا. ا. ب. ا. ا. ل. ا. ع. ا.
أ. ك. ل. ا. ذ.
ب. د. ا. ش. ف.
أ. ك. ل. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/809 استئناف تجاري بتاريخ 16-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسه المرافعة السيد القاضي المقرر دكتور/ محسن إبراهيم وبعد المداولة
حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية
و حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 1104 لسنه 2025 تجارى محمد علي اسد شريف العمادي أقام على المطعون ضدهم السته الأول 1-أوربان كابيتال للوساطة التجارية 2-أوربان كابيتال لوساطة التمويل ذ.م.م 3-ديباك مادان مدن لال مادان 4-بنك موغان أو جيه أس سي 5-بنك المشرق ش.م.ع 6- بنك دبي التجاري ش.م.ع فرع الدعوى رقم 1137 لسنة 2023 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية، وأدخل المطعون ضدهما السابع والثامنة فيها - بطلب الحكم ?بحسب طلباته الختامية- بفسخ اتفاقيتي الاستثمار المؤرختين 29-7-2022، 25-8-2022 وبإلزامهم بالتضامن والتضامم بأن يؤدوا إليه مبلغ 2,375,000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي مبلغ 8,732,875 درهماً، وبأن يؤدوا إليه تعويضا تكميليا مقداره 500,000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي مبلغ 1,840,000 درهم، عما حاق به من أضرار مادية وأدبية والربح الفائت جراء إخلالهم بتنفيذ التزاماتهم، والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد ، وقال بياناً لذلك، إنه بتاريخي 29-7-2022، 25-8-2022 أبرم مع المطعون ضده الثالث بصفته الممثل القانوني للمطعون ضدها الأولى اتفاقيتي استثمار، الأولى برقم (( URBN-MAAM-500K-INV-290722 بموجبها اتفق الطرفان على أن يستثمر لديها مبلغ 500,000 دولار أمريكي على أن تلتزم المطعون ضدها الأولى برد ذلك المبلغ مضافاً إليه الأرباح على ثلاث دفعات بإجمالي مبلغ 3,000,000 دولار خلال أحد عشر أسبوعاً من تاريخ سداد مبلغ الاستثمار، وعقب سداد الدفعة المقدمة من مبلغ الاستثمار تستصدر المطعون ضدها الأولى خطاب اعتماد مستندي لصالحه بقيمة مبلغ الاستثمار، من البنك المطعون ضده الرابع، وبموجب اتفاقية الاستثمار الثانية رقم ( URBN-MAAM-2M-INV-220822) اتفق مع المطعون ضده الثالث بصفته الممثل القانوني للمطعون ضدها الأولى، على أن يستثمر لديها مبلغ 2,000,000 دولار أمريكي على أن تلتزم المطعون ضدها الأولى برد ذلك المبلغ مضافاً إليه الأرباح على أربع دفعات بإجمالي مبلغ 12,000,000 دولار خلال أربعة عشر أسبوعاً من تاريخ سداد مبلغ الاستثمار، وعقب سداد الدفعة المقدمة من مبلغ الاستثمار تستصدر المطعون ضدها الأولى خطاب اعتماد مستندي لصالحه بقيمة مبلغ الاستثمار من البنك المطعون ضده الرابع، وإذ نفذ التزاماته وسدد مبالغ الاستثمار، إلا أن المطعون ضدها الأولى أخلّت بالتزاماتها ولم ترد إليه مبلغ الاستثمار مضافاً إليه الأرباح المتفق عليها، كما رفض البنك مصدر خطابي الضمان تسيلهما ، ومن ثم فقد أقام الدعوى بما سلف من طلبات ، ندبت المحكمة خبيراً مصرفياً وبعد أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي، حكمت بتاريخ 27-2-2025 ببطلان اتفاقيتي الاستثمار موضوع الدعوى وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد وبإلزام المطعون ضدهم بالتضامن بأن يؤدوا إلى الطاعن مبلغ 250.000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي، استأنف البنك المطعون ضده الخامس هذا الحكم بالاستئناف رقم 778 لسنة 2025 تجاري، كما استأنفه المطعون ضدهما الأولى والثالث بالاستئناف رقم 801 لسنة 2025 تجاري، واستأنفته المطعون ضدها الثانية بالاستئناف رقم 804 لسنة 2025، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 809 لسنة 2025، واستأنفه البنك المطعون ضده السادس بالاستئناف رقم 847 لسنة 2025 وبعد أن ضمت المحكمة تلك الاستئنافات للارتباط، قضت بتاريخ 16-7-2025 بتعديل الحكم المستأنف، بإلزام المطعون ضدهما الأولى والثالث في الطعن رقم 1104 لسنه 2025 تجارى بأن يؤديا إلى الطاعن مبلغ 2,250,000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي، والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد ، طعن المدعى في هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم1104 لسنه 2025 بموجب صحيفة أودعت الكترونيا لدى مكتب إدارة الدعوى بتاريخ11-08-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه والتصدي والقضاء له بطلباته في الدعوى ، قدم محامى المطعون ضدة السادس مذكرة بالرد طلب فيها رفض الطعن ، كما قدم محامى المطعون ضدة الخامس مذكرة بالرد طلب فيها رفض الطعن ، كما طعن المدعى عليهما 1-أوربان كابيتال للوساطة التجارية 2-أوربان كابيتال لوساطة التمويل ذ.م.م في ذات الحكم بالتمييز بالطعن رقم 1122 لسنه 2025 تجارى بطلب نقض الحكم المطعون فيه والاحالة ، قدم محامى المطعون ضدة الرابع ( بنك المشرق ) مذكرة بالرد طلب فيها رفض الطعن ،كما قدم محامى المطعون ضدة الأول مذكرة بالرد طلب فيها رفض الطعن ، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرات انهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها امرت بضمهما للارتباط وحجزهما للحكم لجلسة اليوم
أولا الطعن رقم 1104 لسنه 20215 تجارى
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفه القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى ببطلان اتفاقيتي الاستثمار المؤرختين 29-7-2022، 25-8-2022 سند الدعوى بمقوله مخالفة المطعون ضدها الأولى لشروط الترخيص الصادر لها والذي لم يتضمن نشاط استثمار الأموال، في حين أنه تمسك بانه متعاقد حسن النية وانه قام بتحويل مبلغ 2,625,000 دولار أمريكي للمطعون ضدها الأولى ، بموجب تحويلات بنكية من حسابه لدى بنك الإمارات دبي الوطني إلى حساب الاخيرة لدى بنك دبي التجاري، وانه لم يكن يعلم بعدم احقيتها في الاستثمار في الأموال ، وان المطعون ضدها الثانية أقرت صراحة بمسئوليتها عن تنفيذ التزامات المطعون ضدهما الأولى والثالث الناشئة عن اتفاقيتي الاستثمار محل الدعوى، وانه جرى تعديل شكل الأولى القانوني من مؤسسة فردية مملوكة للمطعون ضده الثالث إلى شركة ذات مسئولية محدودة مما يجعل الأخيرة ملتزمة بتنفيذ جميع الاتفاقيات المالية ومن ضمنها اتفاقيتا الاستثمار محل النزاع، وتُعد مسئولة عن الإخلال بهما ، وأن المطعون ضدهما الأولى والثالث قد أخلا بالتزاماتهما التعاقدية في اتفاقيتي الاستثمار ولم ينفذا الاستثمار المتفق عليه، وامتنعا عن رد مبلغ الاستثمار كما امتنع المطعون ضده الرابع -بصفته مُصدراً لخطابي الاعتماد- في تنفيذ التزامه بسداد قيمة الخطابين له رغم طلبه بذلك مما ترتب عليه الاضرار به - وأن مخالفة شروط الترخيص لا يترتب عليها البطلان وانما يترتب عليها جزاءات إدارية توقعها دائرة التنمية الاقتصادية، كالغرامة أو الإغلاق أو إلغاء الترخيص، دون أن يمتد ذلك الى بطلان العقود التي تبرمها المنشأة المخالفة مع الغير حسن النية ، وان الحكم حرمه من حقه في التعويض ، بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه القضاء بإجابته الى طلباته في الدعوى والقضاء بالزام المطعون ضدهم بالتضامن بالمبلغ المطالب به والتعويض ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام المطعون ضدها الأولى شركة أوربان كابيتال للوساطة التجارية ومالكها ديباك مادان مدن لال مادان فقط بأن يؤديا اليه " مبلغ 2,250,000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي ...،، حال أن البنك المطعون ضده الرابع -ضامن- للمطعون ضدهما الأولى والثالث في تنفيذ الاتفاقيتين سندى الدعوى وبرد مبلغ الاستثمار وانه اصدر خطابي اعتماد مستندي غير قابلين للإلغاء، كضمان بنكي يحق له تسييلهما حال إخلال المطعون ضدها الأولى بالتزاماتها التعاقدية وان الأخيرة قد اخلت بتلك الالتزامات وطالب البنك بتسييل الخطابين لصالحه، فامتنع عن ذلك دون مبرر ، بما كان يتعين إلزامه بقيمة خطابي الضمان، وان البنكين المطعون ضدهما الخامس والسادس متضامنين مع المطعون ضدهما الأولى والثالث في سداد المبلغ المحكوم به، بحسبان أن البنك المطعون ضده الرابع قد أصدر لصالحه -بصفته المستفيد- خطابي اعتماد مستندي غير قابلين للإلغاء، أحدهما بمبلغ 500,000 دولار أمريكي، والآخر بمبلغ 2,000,000 دولار أمريكي، ضماناً لتنفيذ التزامات المطعون ضدها الأولى الناشئة عن اتفاقيتي الاستثمار وقد جرى تبليغ هذين الخطابين له عبر البنكين العاملين داخل الدولة المطعون ضدهما الخامس والسادس ، بما ينشئ علاقة قانونية مباشرة بينهما وبين الطاعن، بما كان يتعين الزامها بالتضامن بالمبلغ المحكوم به ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزمه برسوم ومصاريف الاستئناف رغم قضائه بتعديل الحكم المستأنف بزيادة المبلغ المحكوم به بجعله 2,250,000 دولار، والفائدة وهو مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
ثانيا الطعن رقم 1122 لسنه 2025 تجارى
وحيث ان حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ، اذ قضى ببطلان اتفاقيتي الاستثمار موضوع الدعوى وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد وبإلزام الطاعنان بأن يؤديا للمطعون ضده الاول مبلغ 2,250,000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي، والفوائد حال انهما تمسكا بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وأن اتفاقيتي الاستثمار -سند الدعوى- تضمنتا اتفاقاً صريحاً على اختصاص محاكم لندن بنظر النزاع ، مما يسلب الاختصاص عن محاكم دولة الإمارات، وأن القانون لا يمنع المتعاقدين من الاتفاق على إسناد الاختصاص إلى محكمة دولية للنظر أو الفصل في النزاع مثلما يجوز لهما الاتفاق على اختصاص التحكيم بنظر أي نزاع ، وببطلان الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 27-2-2025 بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام، وذلك لتناقضه في أسبابه ومنطوقه مع الحكم الأول الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 12-12-2024، والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، في حين أنه لا يجوز للمحكمة أن تسلط على قضائها ، وان الطاعن الثاني انكر توقيعه على اتفاقيه الاستثمار وأن ممثل الشركة المطعون ضدها الثانية أقر بأنه هو من وقع عليهما وأنه المسئول عن الالتزامات الناشئة عنهما وبعدم إخلال الطاعنين بالتزاماتهما الناشئة عن اتفاقيتي الاستثمار موضوع الدعوى، إذ قدما إلى المطعون ضده الأول خطابي ضمان صادرين عن البنك المطعون ضده الثالث بقيمة مبلغ الاستثمار، ومن ثم يقع على عاتق المطعون ضده الأول الرجوع إلى هذا البنك بطلب تسييل خطابي الضمان لاستيفاء حقه عن الاتفاقيتين، بحسبان انه إذ أصدر البنك خطاب ضمان فإن مُفاد ذلك أن العميل قد سدد قيمة خطاب الضمان وتغطيته لدى البنك، وبذلك تبرأ ذمة العميل من أي مديونية لكونها أصبحت في ذمة البنك وليست في ذمة المدين ولا يجوز الرجوع على العميل في ظل وجود خطاب الضمان لدى البنك، وبعدم صحه ما انتهى اليه الخبير في تقريره من الزامهما بالمبلغ المقضي به بما كان يتعين على الحكم المطعون فيه القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وهو مما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إن النعي في كلا الطعنين غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقاً لنص المادة(33) من قانون الإجراءات المدنية رقم (42) لسنة 2022 أنة يكون الاختصاص في المواد التجارية للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها، وأنه إذا توافر في النزاع المعروض على محاكم دبي أي من الحالات المحددة لاختصاصها بنظر النزاع على النحو المتقدم بيانه فإنه لا يجوز لها التخلي عن هذا الاختصاص لأنه أمر متعلق بالنظام العام، وأن مُفاد نص المادة 20 من قانون الإجراءات المدنية رقم (42) لسنة 2022 أن الاختصاص الدولي للمحاكم هو من النظام العام، وأنه إذا توافر في النزاع المعروض على محاكم دبي أي من الحالات المحددة لاختصاصها بنظر النزاع على النحو المتقدم بيانه فإنه لا يجوز لها التخلي عن هذا الاختصاص لأنه أمر متعلق بالنظام العام، وأن استخلاص دواعي اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى وتوافر شروط هذا الاختصاص سواء من حيث كون النزاع المعروض عليها متعلقاً بمادة تجارية أو من حيث شروط الموطن أو مركز الإدارة بالنسبة للشركات ذات الشخصية الاعتبارية أو مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه كله أو بعضه هو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بغير معقب متى كان استخلاصها سائغاً مستمداً مما لها أصل ثابت في الأوراق ، وأن العقد شريعة المتعاقدين ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر، والعقد يكون صحيحاً وفق ما تقضي به المادة 209 من قانون المعاملات المدنية، متى كان مشروعاً بأصله ووصفه بأن يكون صادراً من ذي صفة مضافاً إلى محل قابل لحكمه وله غرض قائم وصحيح ومشروع وأوصافه صحيحة دون أن يقترن به شرط مفسد له، أما العقد الباطل، وفق ما تقضي به المادة 210 من ذات القانون فهو ما ليس مشروعاً بأصله ووصفه بأن اختل ركنه أو محله أو الغرض منه أو الشكل الذي فرضه القانون لانعقاده ولا يترتب عليه أي أثر ولا ترد عليه الإجازة، ويترتب على ذلك أنه متى كان محل العقد مخالفاً للنظام العام أو الآداب فإن العقد يكون باطلاً حسبما تقضي به المادة 205 من ذات القانون، وهذا البطلان متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به أي من الخصوم في الدعوى، وأن مُفاد نص المادتين 210، و274 من ذات القانون أنه إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام والآداب كان العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً لا تلحقه الإجازة ومؤدى البطلان هو إعدام العقد إعداماً يستند إلى وقت إبرامه فلا يصلح سنداً للمطالبة بالحقوق والوفاء بالالتزامات الثابتة به طالما أن القانون لا يجيز التعامل في المال محل التصرف الباطل ، وأن القواعد القانونية التي تُعتبر من النظام العام هي قواعد يُقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد، فيجب على جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها، ولا يجوز لهم أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصلحة فردية، باعتبار أن المصلحة الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة سواء ورد في القانون نص يجرمها أم لم يرد، وبالتالي فإنه في حالة الحكم ببطلان عقد الاستثمار لا يجوز للمستثمر المطالبة بالتعويض، وان النص في المادة 11/1 و3 من قانون الشركات رقم 32 لسنة 2021 أنه " 1- يجب على الشركة أن تحصل على كافة الموافقات والتراخيص التي يتطلبها النشاط الذي ستمارسه في الدولة قبل البدء في ممارسة نشاطها ، 2- ... ، 3- لا يجوز لغير شركات المساهمة العامة مزاولة أعمال المصارف وأعمال التأمين ما لم تقرر القوانين الخاصة المنظمة لهذه الأنشطة أو القرارات الصادرة بموجبها خلاف ذلك "وأن مفُاد نص المادة الثانية من القرار رقم 25 لسنة 2008 ، والمادة الثالثة من القرار رقم 1 لسنة 2000 الصادرين من مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع أنه يشترط لمزاولة الأشخاص الاعتبارية نشاط بيع وشراء الأوراق المالية والتداول بالهامش في سوق الإمارات للأوراق المالية والسلع الحصول على ترخيص بذلك من تلك الجهة ، وأن النص في المواد (1/13/19) من القرار رقم (3) لسنة 2001م في شأن النظام الخاص بعمل سوق الامارات للأوراق المالية والمادة (18) من القرار رقم (1) لسنة 2000م الصادر عن مجلس إدارة هيئه الأوراق المالية والسلع بشأن التزامات الوسطاء في سوق الإمارات للأوراق المالية والسلع أن الوسيط هو الشخص الاعتباري المصرح له وفقاً لأحكام القانون القيام بأعمال الوساطة في السوق وأن الوسطاء من أعضاء السوق ولا يجوز لأي وسيط مزاولة مهنة الوساطة ما لم يصدر له ترخيص بذلك من الهيئة وفق الشروط التي يحددها السوق الذي عليه الاحتفاظ بسجل لقيد الوسطاء العاملين فيه، وأن عقد الشركة وكذلك رخصتها التجارية يجب أن يشتملا إلى جانب اسمها وعنوانها واسمها التجاري ( إن وجد) على الغرض من إنشائها وأنه يترتب على الشخصية المعنوية للشركة أن تكون لها أهلية في حدود الغرض الذي انشئت من أجله فلها أن تكسب أموالا جديدة وأن تتصرف في أموالها القائمة وأن تتعامل مع الغير فتصبح دائنة ومدينة بشرط أن تتقيد في كل ذلك بالحدود التي يعينها عقد الشركة والغرض الذي انشئت من أجله تطبيقاً لقاعدة تخصيص الشخص المعنوي ومؤداها أن الشخص المعنوي ليس له من الحقوق إلا ما يتفق مع غرضه فإذا نص في عقد الشركة على نوع معين من التجارة تباشره امتنع عليها أن تباشر نوعاً آخر إلا بتعديل عقد الشركة بإضافة أغراض مكملة أو مرتبطة أو قريبة من غرض الشركة الأصلي لأن من شأن السماح بتجاوز الغرض الوارد بعقد الشركة والذي عبرت عنه رخصتها التجارية اشاعة الفوضى في الحياة الاقتصادية والتجارية والخروج على الضوابط والملائمات التي راعتها السلطة المختصة عند موافقتها على تأسيس الشركة وقد يفضى الى تأسيس شركات تتضمن في جوهرها عدة شركات متنافرة دون أن يكون لذلك صدى في عقود تأسيسها وتراخيصها التجارية مما يضر باقتصاد الدولة ، وأن بطلان العقد لمخالفة قاعدة أمرة متعلقة بالنظام العام يترتب عليه انعدام التصرف منذ صدوره ولا يترتب عليه أثر ولا ترد عليه الإجازة الصريحة أو الضمنية ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه ولو لم يتمسك به أي من الخصوم في الدعوى ، وأن من مقتضى إعمال الأثر الكاشف للحكم ببطلان العقد بطلانا مطلقاً والذي يرتد بهذا البطلان إلى يوم صدور العقد ، أن يزيل العقد في خصوص التزامات طرفيه التعاقدية منذ إبرامه ويعاد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ، وأن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تقتنع به منها واطراح ما عداه وتقدير عمل الخبير والأخذ بما انتهى إليه من نتيجة متى اطمأنت إلى سلامة ابحاثه ورأت أنه بحث كافة نقاط النزاع في الدعوى وأنها غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات ولا بالتحدث عن كل قرينه غير قانونية يدلون بها ولا بأن تتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالا على كل منها مادام في الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، وكان الحكم المطعون فضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة دوليا بنظر الدعوى وببطلان اتفاقيتي الاستثمار موضوع الدعوى وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد وبإلزام المدعى عليهما الأولى والثالث بأن يؤديا للمدعى مبلغ 2,250,000 دولار أمريكي أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي، تأسيسا على ان الثابت من أوراق الدعوى أن جميع المدعى عليهم في الدعوى لهم محل إقامة في إمارة دبى ، ومن ثم تكون محاكم دبى مختصة بنظر النزاع الماثل وإن تضمن عقدي الإستثمار موضوع التداعي خلاف ذلك ، الأمر الذى يكون معه الدفع مفتقرا لسنده القانوني ترفضه المحكمة ، وانه عن الدفع ببطلان الحكم المستأنف لإستنفاد محكمة أول درجه ولايتها بإصدارها حكما منه للنزاع بتاريخ 12/12/2024 ، فلما كان المقرر وفقا لنص المادة 137 من قانون الإجراءات المدنية أنه " 1- يجوز للمحكمة بقرار تصدره بناء على طلب أحد الخصوم أو من تلقاء نفسها بغير مرافعة تصحيح ما يقع في قرارها أو حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية ويجرى التصحيح على القرار أو الحكم محل التصحيح ويوقع من رئيس الجلسة ، 2- يعد من قبيل الأخطاء المادية إدراج القرار أو الحكم وإصداره بصورة غير صحيحة في النظام الإلكترونى ، 3- إذا صدر القرار برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه إلا مع الطعن في القرار أو الحكم نفسه ، أما القرار الذى يصدر بالتصحيح فيجوز الطعن فيه على إستقلال بطرق الطعن الجائزة في القرار أو الحكم موضوع التصحيح " . وكان الثابت من مطالعة الأوراق أنه بتاريخ 12/12/2024 أصدرت محكمة أول درجة حكما إنتهى في منطوقه إلى عدم إختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى ، إلا أنه أورد بأسبابه المرتبطة بمنطوقه( أن المصرف المدعى لم يقدم ما يفيد أن العقد أبرم أو نفذ في إمارة دبى ، وهى جهة قضائية مستقلة عن القضاء في إمارة أبوظبي المختصة مكانيا بنظر الدعوى ومن ثم ينحسر الاختصاص عن محاكم دبى )، ولما كان ما أورده الحكم على نحو ما سلف غير ذي صلة بموضوع النزاع المطروح ، فإن المحكمة ترى أن الحكم قد جرى إدراجه وإصداره بصورة غير صحيحة في النظام الإلكترونى ، وهو ما إعتبره المشرع من قبيل الأخطاء المادية الجائز تصحيحها ، وإذ تداركت محكمة أول درجة هذا الخطأ وصححت حكمها بتاريخ 19/12/2024 بإعادة الدعوى إلى الخبير لبحث اعتراضات الخصوم على التقرير المودع ملف الدعوى ، ولم يطعن أي من الخصوم على هذا التصحيح في الميعاد وفقا للفقرة الأخيرة من المادة 137 من قانون الإجراءات المدنية سالفة البيان ، فإن الدفع في هذا الخصوص يكون مفتقرا لسنده وتقضى المحكمة برفضه ، وأن الثابت من الأوراق أنه بموجب العقدين المؤرخين 29/7/2022 و 25/8/2022 تعاقد المستأنف في الإستئناف رقم 809 لسنة 2025 تجارى( الطاعن في الطعن رقم 1104 لسنه 2025 تجارى مع الشركة المستأنفة في الإستئناف رقم 801 لسنة 2025 تجارى( الطاعنة في الطعن رقم 1122 لسنه 2025 تجارى على إعطائها مبلغ إجمالي قدره مليوني وخمسمائة ألف دولار أمريكي بقصد قيامها باستثماره لصالحه ، ثم إعادته إليه بالإضافة إلى الأرباح المحققة بالنسبة المتفق عليها ، وكان الثابت من رخصة شركة أوربان للوساطة التجارية الصادرة من دبى للإقتصاد والسياحة أنها مؤسسة فردية مملوكة للمستأنف / ديباك مادان مدن لال مادان وتمارس نشاط الوساطة التجارية ، ولما كان نشاط الوساطة التجارية المصرح به لهذه الشركة لا يتضمن إدارة أموال الغير أو إستثمارها لصالحهم ، وهو نشاط منظم وخاضع لرقابة صارمة من هيئة الأوراق المالية والسلع والبنك المركزي الإماراتى ، فإن تعاقدها مع المستأنف / محمد على أسد شريف العمادى على إستلام أمواله بقصد إستثمارها لصالحه وتحقيق أرباحا بنسبة محددة ، يمثل نشاطا خارجا عن نطاق رخصتها ، لا يجوز لها ممارسته دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة ، ومن ثم يكون العقدان المبرمان بينهما باطلين بطلانا مطلقا لتعلقه بالنظام العام ، ومن ثم بطلان كل تصرف ترتب عليهما سواء إنعقد بينهما أو بين أحدهما أو كلاهما وأي من البنوك المختصمة ، وهو ما يترتب عليه إعادة طرفى العقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد لإنعدام التصرف منذ صدوره ، فلا يترتب عليهما أية إلتزامات في حق طرفيه ، ولا يتبقى لصاحب المال إلا إسترداده دون أن يكون له الحق في المطالبة بالتعويض عن ضرر تسبب في حدوثه بمخالفته للقانون الذى لا يعذر بجهله له ، وأن الثابت من تقرير الخبرة التكميلي المودع ملف الدعوى أن شركة أوربان كابيتال للوساطة التجارية تسلمت من محمد على أسد شريف العمادى مبلغ 2,500,000 دولار أمريكى قيمة المبالغ المتفق عليها بموجب عقدى الإستثمار ، وأنها قامت برد مبلغ 250 ألف دولار أمريكى إليه ، فإن ذمتها تكون مشغولة لصالحه بمبلغ 2,250,000 دولار أمريكى ، الأمر الذى تنتهى معه المحكمة إلى بطلان عقدى الإستثمار المؤرخين 29/7/2022 و 25/8/2022 ، وإلزام شركة أوربان كابيتال للوساطة التجارية ومالكها ديباك مادان مدن لال مادان " لإتحاد ذمتهما المالية كونها مؤسسة فردية " بأن يؤديا للمستأنف / محمد على أسد شريف العمادى مبلغ 2,250,000 دولار أمريكى أو ما يعادله بالدرهم الإماراتى ، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد ، ورفض ما عدا ذلك من طلبات ، وكان ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه واقام عليه قضائه سائغا وصحيحا وله أصل ثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة ، وكان لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو ألزم الطاعن في الطعن رقن 1104 لسنه 2025 تجارى مصاريف استئنافه بحسبان أن للمحكمة عندما تصدر الحكم المنهي للخصومة في الدعوى أن تقضي بإلزام الخاسر لها بتحمل المصروفات، ويعتبر الخصم قد خسر الدعوى إذا كان مدعياً وقضي برفض طلباته أو مدعى عليه وقضي عليه بطلبات المدعي، أو الخصم الذي كسب الدعوى إذا تبين لها أنه قد تسبب في نفقات لا جدوى منها أو ترك خصمه على جهل بما لديه من مستندات قاطعة في الدعوى، وأن مؤدى المادتين 133 (2،1) ، 135 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بشأن الإجراءات المدنية أنه يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها في مصروفات الدعوى، وأن من خسر الدعوى من الخصوم هو الذي يتحمل مصروفاتها كاملة بما في ذلك الرسوم المستحقة عليها، أما إذا أخفق كل من طرفي الخصومة في بعض طلباته في الدعوى فإن المحكمة لها الخيار إما بتحميل كل خصم ما دفعه وإما بتقسيم المصروفات بين كل منهما بالنسبة التي تقدرها في حكمها أو الحكم بالمصروفات جميعها على أحد الخصوم ولو كان قد أخفق فحسب في بعض طلباته وقضي له بالبعض الآخر، مما مُفاده أن الأمر جوازي لمحكمة الموضوع في هذه الحالة الأخيرة تقضي حسبما تراه هي مناسباً لظروف الحال دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز، وتسري هذه القواعد على الاستئناف عملاً بنص المادة 170 من ذات القانون. بما يضحى معه النعي برمته في كلا الطعنين قائما على غير أساس
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة في الطعنين رقمي 1104 و1122 لسنه 2025 تجارى برفضهما وبإلزام الطاعنين فيهما بالمصروفات والمقاصة في أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين فيهما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق