الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

الطعن 22031 لسنة 86 ق جلسة 24 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 117 ص 934

 جلسة 24 من ديسمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / محمد محمود محاميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / على سليمان ومحمود عبد الحفيظ نائبي رئيس المحكمة وليد عثمان وأحمد الخولي .
-----------

(117)

الطعن رقم 22031 لسنة 86 القضائية

(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.

 عدم رسم القانون شكلاً معيناً يصوغ فيه الحكم الواقعة بأركانها وظروفها . متي كان ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) ارتباط . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن ".

 لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جرائم إحراز الذخيرة والإصابة الخطأ وإطلاق أعيرة نارية . ما دام الحكم اعتبر الجرائم المسندة إليه جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري بوصفها الأشد .

(3) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

إيراد الحكم مضمون تقرير الطب الشرعي الذي عوّل عليه . كفايته .

عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .

(4) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .

تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات . موضوعي . المجادلة في ذلك . غير جائزة .

التقارير الطبية لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم . الاستناد إليها كدليل مؤيد لأقوال الشاهد . جائز . المجادلة في ذلك . غير مقبولة .

(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .

(6) إثبات " قرائن " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

النعي بشأن تحريات الشرطة التي لم يستند إليها الحكم في الإدانة . غير مقبول .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .

حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

(7) إصابة خطأ . ضرر . رابطة السببية . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " .

تقدير توافر رابطة السببية أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .

رابطة السببية . مناط توافرها ؟

عدم تدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية . أثره : مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتملة نتيجة فعله الإجرامي .

الخطأ المشترك . لا يخلي المتهم من مسئوليته الجنائية .

النعي بانقطاع رابطة السببية وأن إصابة المجني عليه تعزو لخطئه . غير مقبول. ما دام استخلاص الحكم أنه لولا خطأ المتهم لما وقع الضرر .

(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة من التحقيقات . لا بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة . تأخر الشاهد في أداء شهادته . لا يمنع المحكمة من الأخذ بها . الجدل بشأنه . موضوعي . التفات الحكم عن الرد عليه . لا عيب . علة ذلك ؟

(9) إثبات " أوراق رسمية " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟

الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(10) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

عدم كشف الطاعن عن أوجه الدفاع التي أمسكت المحكمة عن التعرض لها ومواطن التناقض بين أقوال من سئلوا بالأوراق . غير مقبول .

(11) وصف التهمة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . نقض " المصلحة في الطعن " .

تغيير محكمة الجنايات وصف التهمة من الشروع في القتل العمد إلى الإصابة الخطأ . تعديل يتضمن إسناد واقعة لم يشملها أمر الإحالة . وجوب لفت نظر الدفاع إليه . نعي الطاعن في هذا الصدد . غير مجد . علة ذلك ؟

(12) سلاح . إصابة خطأ . ارتباط . عقوبة " تطبيقها " " عقوبة الجريمة الأشد " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " المصلحة في الطعن " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " .

اختلاف جريمة إحراز السلاح الناري عن جريمة الإصابة الخطأ . أثر ذلك : وجوب توقيع عقوبة مستقلة عن كلٍ منهما . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة الإصابة الخطأ . ما دامت المحكمة دانته بجريمة إحراز سلاح ناري بوصفها الأشد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الإصابة الخطأ وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتهم في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له .

  2- لمّا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة ، وعاقبه بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة إحراز سلاح ناري " فرد خرطوش " بغير ترخيص ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جرائم إحراز ذخيرة بغير ترخيص والإصابة الخطأ وإطلاق أعيرة نارية داخل القرية ، ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله .

  3- لمّا كان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الطب الشرعي كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عوّل عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .

 4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما وجه إليه من اعتراضات ، وما دامت اطمأنت إلى ما جاء به ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ، فضلاً عن أنه من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم ، إلَّا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشاهد في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم استناده إليها ، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في أنها عولت على التقارير الطبية في نسبة إحداث إصابات المجنى عليه إليه لا يكون لها محل .

 5- لمّا كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وأن تناقض أقوال الشهود - بفرض حدوثه - لا يعيب الحكم ، ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجنى عليه وصحة تصويره للواقعة ، واطرحت للأسباب السائغة التي أوردتها ما دفع به الطاعن في هذا الصدد ، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهــــو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .

 6- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى تحريات الشرطة ، ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في خصوص تحريات الشرطة لا يكون له محل ، فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فلا يعيب الحكم إغفاله لتحريات الشرطة ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد .

 7 - لمّا كان تقدير رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هي من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق ، وكان يكفى لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من واقع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر ، وكان الأصل مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمـــل حدوثها نتيجة فعله الإجرامي ، ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية، وأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض حدوثه - لا يخلي المتهم من المسئولية . لمّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته يتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة ، وهي الإصابة الخطأ للمجني عليه التي دين الطاعن بها ، فإن ما يثيره الطاعن من انقطاع رابطة السببية وأن إصابات المجني عليه تعزو إلى خطأ منه ، يكون لا محل له .

 8- من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة ، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما اســـــتخلصته من التحقيقات ، كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله .

 9- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملتها أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن من انتفاء صلته بالواقعة ، مردودُ بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول .

        10- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان دفاع الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها والرد عليها ، كما لم يكشف عن مواطن التناقض بين أقوال من سئلوا بالأوراق ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .

11- لمّا كان التغيير الذي تجريه المحكمة في التهمة من شروع في قتل إلى جنحة إصابة خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى المتهم في أمر الإحالة ، مما تملك محكمة الجنايات إجراءه ، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن موجودة في أمر الإحالة ، وهى واقعة الإصابة الخطأ التي قد يثير المتهم جدلاً في شأنها ، مما كان يقتضى من المحكمة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل ، إلَّا أنه لا مصلحة للطاعن في التمسك بهذا الوجه من الطعن ، ما دام الحكم قد عاقبه على جريمتي الإصابة الخطأ وإحراز السلاح الناري بعقوبة واحدة داخلة في حدود العقوبة المقررة للجريمة الثانية الواجب معاقبته عليها .

12- من المقرر أن جرائم إحراز السلاح الناري والذخيرة بغير ترخيص وحمل السلاح وإطلاقه داخل القرية قد نشأت عن فعل واحد يختلف عن جريمة إصابة المجني عليه خطأ التي نشأت عن فعل إطلاق النار المستقل تمام الاستقلال عن الفعل الذي أنتج الجرائم سالفة البيان ، مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة لجريمة الإصابة الخطأ . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وأوقع عليه عقوبة جريمة إحراز السلاح الناري باعتبارها الجريمة الأشد دون جريمة الإصابة الخطأ التي يجب توقيع عقوبة مستقلة عنها ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، ممّا كان يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، إلَّا أنه لا محل لذلك ، لأنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الإصابة الخطأ ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحراز السلاح الناري ، وأوقعت عليه العقوبة بوصف أنها الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الإصابة الخطأ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- شرع في قتل المجني عليه .... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد ، وأعدّ لهذا الغرض السلاح الناري تالي الوصف ، وما إن ظفر به حتى أطلق صوبه عدة أعيرة نارية من السلاح الناري آنف البيان قاصداً من ذلك قتله ، فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الطي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات .

2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً " مسدس فردى الإطلاق " .

3- أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه .

4- أطلق أعيرة نارية داخل قرية .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى المجنى عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على تعويضاً مدنياً مؤقتاً .

 والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 244/1 ، 2 ، 377/6 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1981 ، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ألف جنيه عمّا أسند إليه عن جميع التهم للارتباط وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة . وذلك بعد أن عدلت القيد والوصف في شقه الأول من جناية الشروع في القتل إلى جنحة الإصابة الخطأ ، وفي شقه الثاني باعتبار أن السلاح الناري غير مششخن .

 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الإصابة الخطأ وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى ، قد شابه القصور في التسبيب ، والخطأ في تطبيق القانون ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الحكم صيغ في عبارات عامة مجملة ، وجاء قاصراً في بيان واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها ، وأركان جريمة الإصابة الخطأ بعنصريها ، وتوافر علاقة السببية بشأنها التي دانه بها ، وعوّل على تقرير الطب الشرعي دون أن يورد مضمونه أو مؤداه في بيان جلّى ومفصّل وكونه دليل إصابة وليس إدانة ، كما عوّل على شهادة شاهد الإثبات وحدها رغم عدم معقوليتها وتناقضها مع ما توصلت إليه تحريات الشرطة بنفيها ارتكاب الطاعن للواقعة واختلاف نوع السلاح المستخدم فيها ، ولاستغراق خطأ المجني عليه لخطأ الطاعن بتواجده بمكان المشاجرة ، والتفت عن دفعه بعدم ارتكاب الواقعة بدلالة عدم اتهامه إلَّا بعد مضى خمسة شهور من ارتكابها والمحرر عنها الشكوى المؤرخة في 9/11/2013 ورغم أنها لا تتعلق بشخصه أو الاتهام محل الواقعة ، وكذا لتناقض وتضارب أقوال من سئل بالواقعة ، هذا إلى أن المحكمة عدلت وصف تهمة شروع الطاعن في القتل وإحرازه لسلاح ناري مششخن إلى تهمة الإصابة الخطأ وإحرازه لسلاح ناري غير مششخن دون أن تنبه الدفاع عن الطاعن ، ممّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الإصابة الخطأ وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته وإطلاق أعيرة نارية داخل القرى التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتهم في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له . لمّا كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة ، وعاقبه بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهى جريمة إحراز سلاح ناري " فرد خرطوش " بغير ترخيص ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جرائم إحراز ذخيرة بغير ترخيص والإصابة الخطأ وإطــلاق أعــيرة نارية داخــل القرية ، ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لمّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الطب الشرعي كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عوّل عليه في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيـــم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما وجه إليه من اعتراضات ، وما دامت اطمأنت إلى ما جاء به ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ، فضلاً عن أنه من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهم ، إلَّا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشاهد في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم استناده إليها ، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في أنها عولت على التقارير الطبية في نسبة إحداث إصابات المجني عليه إليه لا يكون لها محل . لمّا كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وأن تناقض أقوال الشهود - بفرض حدوثه - لا يعيب الحكم ، ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة ، واطرحت للأسباب السائغة التي أوردتها ما دفع به الطاعن في هذا الصدد ، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لمّا كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى تحريات الشرطة ، ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في خصوص تحريات الشرطة لا يكون له محل ، فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فلا يعيب الحكم إغفاله لتحريات الشرطة ، ويضحى النعي في هذا الصدد غير سديد . لمّا كان ذلك ، وكان تقدير رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هي من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق ، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من واقع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، وكان الأصل مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمل حدوثها نتيجة فعله الإجرامي ، ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية ، وأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض حدوثه - لا يخلي المتهم من المسئولية . لمّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته يتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة ، وهى الإصابة الخطأ للمجنى عليه التي دين الطاعن بها ، فإن ما يثيره الطاعن من انقطاع رابطة السببية وأن إصابات المجنى عليه تعزو إلى خطأ منه يكون لا محل له . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة ، وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات ، كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن من انتفاء صلته بالواقعة ، مردودُ بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - بحسب الأصل - رداً خاصاً ، طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان دفاع الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أمسكت محكمة الموضوع عن التعرض لها والرد عليها ، كما لم يكشف عن مواطن التناقض بين أقوال من سئلوا بالأوراق ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لمّا كان ذلك ، وكان التغيير الذي تجريه المحكمة في التهمة من شروع في قتل إلى جنحة إصابة خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى المتهم في أمر الإحالة ، مما تملك محكمة الجنايات إجراءه ، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن موجودة في أمر الإحالة ، وهى واقعة الإصابة الخطأ التي قد يثير المتهم جدلاً في شأنها ، مما كان يقتضي من المحكمة أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل ، إلَّا أنه لا مصلحة للطاعن في التمسك بهذا الوجه من الطعن ، ما دام الحكم قد عاقبه على جريمتي الإصابة الخطأ وإحراز السلاح الناري بعقوبة واحدة داخلة في حدود العقوبة المقررة للجريمة الثانية الواجب معاقبته عليها . لمّا كان ذلك ، وكان من المقرر أن جرائم إحراز السلاح الناري والذخيرة بغير ترخيص وحمل السلاح وإطلاقه داخل القرية قد نشأت عن فعل واحد يختلف عن جريمة إصابة المجنى عليه خطأ التي نشأت عن فعل إطلاق النار المستقل تمام الاستقلال عن الفعل الذي أنتج الجرائم سالفة البيان ، مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة لجريمة الإصابة الخطأ . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وأوقع عليه عقوبة جريمة إحراز السلاح الناري باعتبارها الجريمة الأشد دون جريمة الإصابة الخطأ التي يجب توقيع عقوبة مستقلة عنها ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، ممّا كان يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، إلَّا أنه لا محل لذلك ، لأنه لا يصح أن يضار الطاعن بطعنه ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الإصابة الخطأ ، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحراز السلاح الناري ، وأوقعت عليه العقوبة بوصف أنها الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الإصابة الخطأ . لمّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8125 لسنة 88 ق جلسة 18 / 2 / 2019 مكتب فني 70 ق 36 ص 273

جلسة 18 من فبراير سنة 2019

برئاسة السيد القاضى / يحيى جلال نائب رئيس الـمحكمـة وعضوية السادة القضاة / مجدي مصطفى، وائل رفاعي، رفعـت هيبة وياسر فتح الله العكازي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(36)

الطعن رقم 8125 لسنة 88 القضائية

(2،1) أحوال شخصية " مسائل الولاية على المال و النفس : مسائل الولاية على النفس : الحضانة : مسكن الحضانة " .

(1) مسكن الحضانة . توفير مسكن ملائم للصغار . التزام الزوج المطلق تخييريا بين محلين . تهيئة مسكن مستقل أو استمرارهم فى شغل مسكن الزوجية دونه مدة الحضانة . أسقاط الزوج المطلق خياره . أثره . انقلاب الالتزام التخييرى . مقتضاه . استقلال المطلقة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى طلبت ذلك من تاريخ الطلاق . علة ذلك . تعلقه بالنظام العام. لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها . التصرف فى مسكن الزوجية لطرد الصغار وحاضنتهم دون توفير مسكن مناسب . أثره . لا يسرى ولاينفذ متى كان لاحقا على ثبوت حقهم فى شغله وعلم المتصرف إليه وقت التصرف بهذا الحق . جواز أثبات التحايل بكافة طرق الأثبات. م 18 مكرر ثالثا ق 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 بشأن الأحوال الشخصية.

(2) تمسك الطاعنة فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بإقامتها فى شقة النزاع المملوكة لمطلقها المطعون ضده الثانى حتى تاريخ طلاقها واستمرار إقامتها مع محضونها كمسكنٍ للحضانة وبتواطئ مطلقها مع والدته المطعون ضدها الأولى بأن حرر لها تنازلًا صوريًّا عن ملكية شقة التداعى سابق على تاريخ الطلاق لطرد الأولى منها . دفاع جوهرى . التفات الحكم المطعون فيه عن ذلك الدفاع وقضاؤه بطرد الطاعنة استنادًا لذلك التنازل دون بحث ما إذا كان له تاريخ ثابت بوجه رسمي طبقًا للمادة 15 إثبات . قصور .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- إن النص فى المادة 18 مكررًا ثالثًا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه "على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل خلال فترة العدة، استمروا فى شغل مسكن الزوجية دون المطلق مدة الحضانة. وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء العدة. ويخير القاضى الحاضنةَ بين الاستقلال بمسكن الزوجية ، وبين أن يقرر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها ..." يدل على أنه لما كانت نفقة الصغار بأنواعها وبالقدر اللازم منها لضمان كفايتهم على ضوء ما يليق بأمثالهم مسئولية الأب لا يشاركه فيها غيره ولا تسقط عنه ولو كان معسرًا مادام قادرًا على الكسب وإن امتنع عن أدائها حُبس بخلاف سائر الديون، وكان هذا الالتزام على عاتق الأب من الأصول الثابتة شرعًا التى لا تحتمل الجدال أو التأويل باعتبار أن فى إنفاقه على صغاره إحياءً لهم وفى إحيائهم إحياء لنفسه لتحقق الجزئية والعصبية، وكان توفير مسكن ملائم للصغار حقًا لهم على أبيهم لأنه جزء من نفقتهم، لذلك حرص المشرع على تأكيد وتنظيم هذا الحق بوصفه من الحاجات الضرورية التى لا غنى عنها اللازمة لصيانة وحفظ الصغار وذلك بالنص فى المادة 18 مكررًا ثالثًا سالفة البيان على الضوابط التى تكفل لهم استيفاء ذلك الحق فأنشأ بهذا النص التزامًا تخييريًّا وجعل الخيرة للزوج المطلق بين محلين أحدهما أن يهيئ لصغاره من مطلقته وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب والثانى استمرارهم فى شغل مسكن الزوجية دونه مدة الحضانة، فإذا أسقط الزوج المطلق خياره بعدم إعداد المسكن المناسب المستقل لصغاره وحاضنتهم انقلب ذلك الالتزام التخييرى إلى التزام بسيط غير موصوف، له محل واحد هو استقلال المطلقة الحاضنة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى طلبت ذلك، ولا يثبت لهم هذا الحق من تاريخ إسقاط الزوج المطلق لخياره بل من تاريخ الطلاق، ذلك أن ما يترتب على هذا الإسقاط من قصر محل الالتزام على الاستمرار فى مسكن الزوجية يكون له أثر رجعى بحيث يعتبر الالتزام بسيطًا منذ نشوئه، له محل واحد هو مسكن الزوجية لأن حق الخيار يعد بمثابة شرط واقف متى تحقق انصرف أثره إلى الماضى، وذلك الحق للصغار وحاضنتهم فى الاستمرار فى شغل مسكن الزوجية مصدره المباشر نص القانون فى المادة 18 مكررًا ثالثًا سالفة البيان وهو من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام باعتبار أن الأحكام التى تنظم الأحوال الشخصية فى مجموعها تتعلق بالنظام العام، لما للشخص ولأسرته من اتصال وثيق بكيان الجماعة ويهدف المشرع من تنظيم أحكامها تحقيق المصلحة العامة ومن أخص هذه الأحكام تلك التى تتعلق بالحقوق والواجبات التى تنشأ من الأبوة ومنها النفقة بمختلف أنواعها لأنها تستند إلى نصوص قاطعة فى الشريعة الإسلامية، فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها، ومن ثم لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف إسقاط حق الصغار وحاضنتهم فى شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة بعد ثبوته لهم عن طريق التصرف بأى صورة للغير فى هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب، فإن هذا التصرف لا يسرى ولا ينفذ فى حق الصغار وحاضنتهم متى كان لاحقًا على ثبوت حقهم فى شغل مسكن الزوجية، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن.

2-  إذ كانت الطاعنة قد تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنها كانت تشغل والمطعون ضده الثانى شقة النزاع المملوكة له كمسكن زوجية حتى تاريخ تطليقه لها خلال سنة 2012واستمرت فى الإقامة فيها بعد الطلاق مع محضونها – ابنها منه - باعتبارها مسكنًا للحضانة، وبأن المطعون ضده الثانى تواطأ مع أمه المطعون ضدها الأولى لطردها منه فحرر لها تنازلًا صوريًّا عن ملكية شقة النزاع أرجعا تاريخه إلى 24/2/2008 ليكون سابقاً على تاريخ الطلاق، مما مفاده تمسكها بصورية هذا التنازل صورية مطلقة وبصورية تاريخه، وإذ عول الحكم المطعون فيه فى قضائه بطرد الطاعنة على ذلك التنازل برغم خلو الأوراق مما يفيد إعداد المطعون ضده الثانى المسكن المستقل المناسب للحاضنة ومحضونها ودون الرد على دفاع الطاعنة السالف البيان برغم أنه دفاع جوهرى ودون أن يبحث ما إذا كان التنازل الذى تساند إليه فى قضائه له تاريخ ثابت بوجه رسمى طبقًا لنص المادة 15 من قانون الإثبات بحيث تحاج الطاعنة به باعتبارها من الغير بالنسبة لهذا المحرر العرفى بما يعيبه بالقصور فى التسبيب.

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقـرر،  والمرافعة، وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2016 القاهرة الجديدة الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضده الثانى بطلب الحكم بطرد الطاعنة من الشقة المبينة بالأوراق للغصب. وجهت الطاعنة إلى المطعون ضدهما دعوى فرعية بطلب الحكم بأحقيتها فى الشقة موضوع التداعى ومنع تعرضهما لها إذ إنها تقيم فى شقة النزاع بوصفها حاضنة لصغيرها من مطلقها المطعون ضده الثانى، وبتاريخ 11/7/2017حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية والفرعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 21 ق القاهرة، كما استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم... لسنة 21 ق القاهرة، وبعد ضم الاستئنافين قضت فى 21/2/2018 بإلغاء الحكم المستأنف فى الدعوى الأصلية وبالطلبات. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون، إذ تمسكت فى دفاعها بأنها أقامت فى شقة النزاع المملوكة لمطلقها المطعون ضده الثانى منذ زواجها فى 2007حتى تاريخ تطليقه لها خلال سنة 2012واستمرت فى الإقامة فيها مع ابنها بوصفها مسكنًا للحضانة، وبأن مطلقها تواطأ مع أمه المطعون ضدها الأولى فحرر لها تنازلًا صوريًّا عن ملكيتها أرجع تاريخه إلى تاريخ سابق على الطلاق بهدف طردها من مسكن الحضانة تحايلًا على القانون الذى تستمد منه حقها فى شغل عين النزاع، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بطردها منها بمقولة أن يدها على العين أصبحت يد غاصب بعد إنهاء المطعون ضدها الأولى استضافتها دون أن يعرض لدفاعها السالف بيانه مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك بأنه لما كان النص فى المادة 18 مكررًا ثالثًا من القانون رقم 25 لسنة 1929المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه "على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، فإذا لم يفعل خلال فترة العدة، استمروا فى شغل مسكن الزوجية دون المطلق مدة الحضانة. وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء العدة. ويخير القاضى الحاضنةَ بين الاستقلال بمسكن الزوجية، وبين أن يقرر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها..." يدل على أنه لما كانت نفقة الصغار بأنواعها وبالقدر اللازم منها لضمان كفايتهم على ضوء ما يليق بأمثالهم مسئولية الأب لا يشاركه فيها غيره ولا تسقط عنه ولو كان معسرًا مادام قادرًا على الكسب وإن امتنع عن أدائها حُبس بخلاف سائر الديون، وكان هذا الالتزام على عاتق الأب من الأصول الثابتة شرعًا التى لا تحتمل الجدال أو التأويل باعتبار أن فى إنفاقه على صغاره إحياءً لهم وفى إحيائهم إحياء لنفسه لتحقق الجزئية والعصبية، وكان توفير مسكن ملائم للصغار حقًا لهم على أبيهم لأنه جزء من نفقتهم، لذلك حرص المشرع على تأكيد وتنظيم هذا الحق بوصفه من الحاجات الضرورية التى لا غنى عنها اللازمة لصيانة وحفظ الصغار وذلك بالنص فى المادة 18مكررًا ثالثًا سالفة البيان على الضوابط التى تكفل لهم استيفاء ذلك الحق فأنشأ بهذا النص التزامًا تخييريًّا وجعل الخيرة للزوج المطلق بين محلين أحدهما أن يهيئ لصغاره من مطلقته وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب والثانى استمرارهم فى شغل مسكن الزوجية دونه مدة الحضانة، فإذا أسقط الزوج المطلق خياره بعدم إعداد المسكن المناسب المستقل لصغاره وحاضنتهم انقلب ذلك الالتزام التخييرى إلى التزام بسيط غير موصوف له محل واحد هو استقلال المطلقة الحاضنة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى طلبت ذلك، ولا يثبت لهم هذا الحق من تاريخ إسقاط الزوج المطلق لخياره بل من تاريخ الطلاق، ذلك أن ما يترتب على هذا الإسقاط من قصر محل الالتزام على الاستمرار فى مسكن الزوجية يكون له أثر رجعى بحيث يعتبر الالتزام بسيطًا منذ نشوئه له محل واحد هو مسكن الزوجية لأن حق الخيار يعد بمثابة شرط واقف متى تحقق انصرف أثره إلى الماضى، وذلك الحق للصغار وحاضنتهم فى الاستمرار فى شغل مسكن الزوجية مصدره المباشر نص القانون فى المادة 18 مكررًا ثالثًا سالفة البيان وهو من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام باعتبار أن الأحكام التى تنظم الأحوال الشخصية فى مجموعها تتعلق بالنظام العام، لما للشخص ولأسرته من اتصال وثيق بكيان الجماعة ويهدف المشرع من تنظيم أحكامها تحقيق المصلحة العامة ومن أخص هذه الأحكام تلك التى تتعلق بالحقوق والواجبات التى تنشأ من الأبوة ومنها النفقة بمختلف أنواعها لأنها تستند إلى نصوص قاطعة فى الشريعة الإسلامية فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها، ومن ثم لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف إسقاط حق الصغار وحاضنتهم فى شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة بعد ثبوته لهم عن طريق التصرف بأى صورة للغير فى هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب، فإن هذا التصرف لا يسرى ولا ينفذ فى حق الصغار وحاضنتهم متى كان لاحقًا على ثبوت حقهم فى شغل مسكن الزوجية، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن. لمَّا كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنها كانت تشغل والمطعون ضده الثانى شقة النزاع المملوكة له كمسكن زوجية حتى تاريخ تطليقه لها خلال سنة 2012 واستمرت فى الإقامة فيها بعد الطلاق مع محضونها – ابنها منه - باعتبارها مسكنًا للحضانة، وبأن المطعون ضده الثانى تواطأ مع أمه المطعون ضدها الأولى لطردها منه فحرر لها تنازلًا صوريًّا عن ملكية شقة النزاع أرجعا تاريخه إلى 24/2/2008 ليكون سابقًا على تاريخ الطلاق، مما مفاده تمسكها بصورية هذا التنازل صورية مطلقة وبصورية تاريخه، وإذ عول الحكم المطعون فيه فى قضائه بطرد الطاعنة على ذلك التنازل برغم خلو الأوراق مما يفيد إعداد المطعون ضده الثانى المسكن المستقل المناسب للحاضنة ومحضونها ودون الرد على دفاع الطاعنة السالف البيان برغم أنه دفاع جوهرى ودون أن يبحث ما إذا كان التنازل الذى تساند إليه فى قضائه له تاريخ ثابت بوجه رسمى طبقًا لنص المادة 15من قانون الإثبات بحيث تحاج الطاعنة به باعتبارها من الغير بالنسبة لهذا المحرر العرفى بما يعيبه بالقصور فى التسبيب، ولا يغير من ذلك ما ورد بأسباب الحكم الابتدائى من القضاء للطاعنة بالحكم فى الدعوى رقم... لسنة 2009 بنفقة زوجية بأنواعها بما فيها أجر مسكن واعتبارها نفقة عدة من تاريخ الطلاق، إذ هى نفقة مقررة للطاعنة وموقوتة بمدة العدة، ومن ثم يتعين نقضه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 589 لسنة 71 ق جلسة 8 / 5 / 2013

برئاسة السيد المستشار / إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / هشام قنديل ، الدسوقى أحمد الخولى محمد الاتربى و عادل فتحى نواب رئيس المحكمة

---------------

(1) تأمينات اجتماعية " الاشتراك في التأمين : معاش " . تقادم " تقادم مسقط " . حكم " عيوب التدليل : الخطأ في تطبيق القانون : مخالفة القانون " .

المؤمن عليه المشترك في التأمين وفقاً لأحكام القانون ١١٢ لسنة ١٩٨٠ . حقه في صرف المعاش المستحق اعتباراً من أول الشهر الذى تحققت فيه واقعة الاستحقاق . حالة عدم الاشتراك . استحقاقه له اعتباراً من أول الشهر الذى تقدم فيه بطلب الصرف . مؤداه . اشتراك المطعون ضده في التأمين وفقاً للقانون سالف البيان وبلوغه سن الخامسة والستين في ١٣ / ٦ / ١٩٨٧. استحقاقه المعاش من ذلك التاريخ . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .

 (2) تأمينات اجتماعية " الاشتراك في التأمين : معاش " . تقادم " تقادم مسقط " . حكم " عيوب التدليل : الخطأ في تطبيق القانون : مخالفة القانون " .

التقادم الخمسي . مناطه . تكرار الالتزام ودوريته واستمراره . م ٣٧٥ مدنى . التزام الهيئة بأداء المعاشات للمستحقين كل شهر . اتصافه بالدورية والتجدد . خضوعه للتقادم الخمسي . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ ومخالفة للقانون .

---------------

1 - مفاد النص في المادة ١٨ من القانون رقم ١١٢ لسنة ١٩٨٠ بإصدار قانون نظام التأمين الاجتماعى الشامل على أن المؤمن عليه المشترك في التأمين طبقاً لأحكام هذا القانون الحق في صرف المعاش المستحق له اعتباراً من أول الشهر الذى تحقق فيه واقعة استحقاق المعاش ، ويستحق في الحالات التى لم يتم فيها الاشتراك اعتباراً من أول الشهر الذى تقدم فيه بطلب الصرف . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد اشترك في التأمين وفق أحكام القانون رقم ١١٢ لسنة ١٩٨٠ تحت رقم تأمينى – ٠٥١٠٩٠٦٠٨ اعتباراً من ١ / ١ / ١٩٧٦ وقد بلغ سن الخامسة والستين في ١٣ / ٦ / ١٩٨٧ وهى تاريخ تحقق واقعة استحقاقه المعاش وليس من تاريخ تقديم طلبه بصرف المعاش ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب على ذلك قضاءه بأحقيته في صرف المعاش اعتباراً من ١ / ٧ / ١٩٨٧ فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .

2 - النص في الفقرة الأولى من المادة ٣٧٥ من القانون المدني على أن يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى ولو أقر به المدين كأجرة المبانى والأراضي الزراعية ومقابل الحكر والفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات " يدل على أن الضابط في هذا النوع من التقادم الخمسى هو كون الالتزام مما يتكرر ويستحق الأداء في مواعيد دورية وأن يكون الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع مما ينوء الملتزم بحمله لو ترك بغير مطالبة مدة تزيد على خمس سنوات ، وكانت المعاشات بحكم التزام الهيئة الطاعنة بأدائها إلى المؤمن عليهم أو المستحقين عنهم كل شهر طوال مدة استحقاقهم لها تتصف بالدورية والتجدد ، فإنها تكون خاضعة لحكم هذه المادة فتتقادم بخمس سنوات لا سيما وأن القانون ١١٢ لسنة ١٩٨٠ بشأن التأمين الاجتماعى الشامل قد جاء خلواً من نص ينظم تقادم صرف المعاش وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده في متجمد المعاش بالتقادم الخمسى بمقولة إن هذا المعاش لا يخضع للتقادم الخمسى ورتب على ذلك قضائه بإلزام الطاعنة بأن تؤدى له متجمد المعاش اعتباراً من ١ / ٧ / ١٩٨٧ حتى ١ / ٩ / ١٩٩٧ بالرغم من سقوط حقه في صرف المعاش فيما زاد عن الخمس سنوات السابقة على ١ / ١٠ / ١٩٩٧ تاريخ قيام الطاعنة بصرفه إليه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .

--------------

الوقائع
فى يوم 11/4/2010 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف بنى سويف الصادر بتاريخ 21/2/2010 في الاستئناف رقم 1502 لسنة 38 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودعت الطاعنة مذكرة شارحة .
وفى 26/4/2010 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقضه .
عُرِض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 8/5/2013 للمرافعة . وبها سُمِعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مُبين بمحضر الجلسة - حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها - والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر/ عادل فتحى " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 899 لسنة 1999 عمال ببا الابتدائية على الطاعنة – الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى – بطلب الحكم بإلزام الطاعنة أن تؤدى إليه الفروق المالية ومتجمد المعاش وفقاً للقانون رقم 112 لسنة 1980 اعتباراً من 1/7/1987 حتى 1/9/1997 ، وقال بياناً لها إنه مشترك لدى الطاعنة طبقاً لقانون نظام التأمين الاجتماعى الشامل رقم 112 لسنة 1980 وقام بسداد كامل الأقساط حتى بلوغه سن المعاش في عام 1987 وإذ قامت الطاعنة بصرف المعاش له اعتباراً من 1/10/1997 بالرغم من أحقيته في الصرف اعتباراً من 1/7/1987 فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 21/8/2000 بإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده
مبلغ 2831 جنيهاً متجمد معاش اعتباراً من 1/7/1987 حتى 1/9/1997. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف بنى سويف بالاستئناف رقم 1502 لسنة 38 ق ، وبتاريخ 21/2/2001 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض . وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه ، عُرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأحقية المطعون ضده في متجمد المعاش اعتباراً من 1/7/1987 حتى 1/9/1997 باعتباره الشهر الذى نشأ فيه سبب الاستحقاق ببلوغه سن المعاش في 1/7/1987 – الخامسة والستين – في حين إنه لم يسبق له الاشتراك طبقاً للقانون 112 لسنة 1980 قبل هذه السن ومن ثم لا يستحق هذا المعاش إلا من تاريخ تقديم طلب الصرف عملاً بالمادة 18 من القانون المذكور ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في غير محله ، ذلك أن النص في المادة 18 من القانون رقم 112 لسنة 1980 بإصدار قانون نظام التأمين الاجتماعى الشامل على أنه " يصرف المعاش اعتباراً من أول الشهر الذى تحققت فيه واقعة الاستحقاق واستثناء من حكم الفقرة السابقة يبدأ استحقاق المعاش بالنسبة للمؤمن عليه الذى لم يقم بالاشتراك في هذا التأمين حتى تاريخ تحقق واقعة الاستحقاق أو المستحقين عنه بحسب الأحوال اعتباراً من أول الشهر الذى يتقدم فيه بطلب الصرف .... " يدل على أن المؤمن عليه المشترك في التأمين طبقاً لأحكام هذا القانون الحق في صرف المعاش المستحق له اعتباراً من أول الشهر الذى تحقق فيه واقعة استحقاق المعاش ، ويستحق في الحالات التى لم يتم فيها الاشتراك اعتباراً من أول الشهر الذى تقدم فيه بطلب الصرف . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد اشترك في التأمين وفق أحكام القانون رقم 112 لسنة 1980 تحت رقم تأمينى – 051090608 اعتباراً من 1/1/1976 وقد بلغ سن الخامسة والستين في 13/6/1987 وهى تاريخ تحقق واقعة استحقاقه
المعاش وليس من تاريخ تقديم طلبه بصرف المعاش ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب على ذلك قضاءه بأحقيته في صرف المعاش اعتباراً من 1/7/1987 فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويضحى النعى عليه بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ رفض الدفع المبدى منها بسقوط حق المطعون ضده في متجمد المعاش بالتقادم الخمسى المنصوص عليه بالمادة 375 من القانون المدنى بمقولة إن هذا المعاش لا يخضع لهذا التقادم وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 375 من القانون المدنى على أن يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى ولو أقر به المدين كأجرة المبانى والأراضى الزراعية ومقابل الحكر والفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات " يدل على أن الضابط في هذا النوع من التقادم الخمسى هو كون الالتزام مما يتكرر ويستحق الأداء في مواعيد دورية وأن يكون الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع مما ينوء الملتزم بحمله لو ترك بغير مطالبة مدة تزيد على خمس سنوات ، وكانت المعاشات بحكم التزام الهيئة الطاعنة بأدائها إلى المؤمن عليهم أو المستحقين عنهم كل شهر طوال مدة استحقاقهم لها تتصف بالدورية والتجدد ، فإنها تكون خاضعة لحكم هذه المادة فتتقادم بخمس سنوات لا سيما وأن القانون 112 لسنة 1980 بشأن التأمين الاجتماعى الشامل قد جاء خلواً من نص ينظم تقادم صرف المعاش وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده في متجمد المعاش بالتقادم الخمسى بمقولة إن هذا المعاش لا يخضع للتقادم الخمسى ورتب على ذلك قضائه بإلزام الطاعنة بأن تؤدى له متجمد المعاش اعتباراً من 1/7/1987 حتى 1/9/1997 بالرغم من سقوط حقه في صرف المعاش فيما زاد عن الخمس سنوات السابقة على 1/10/1997 تاريخ قيام الطاعنة بصرفه إليه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص .
وحيث إن الموضوع في خصوص ما تم نقضه من الحكم صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 1502 لسنة 38 ق بنى سويف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من أحقية المطعون ضده في متجمد المعاش عن الفترة السابقة على الخمس سنوات السابقة على صرفه إليه اعتباراً 1/10/1997 وتأييده فيما عدا ذلك .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من متجمد المعاش فيما زاد عن الخمس سنوات السابقة على 1/10/1997 وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 1502 لسنة 38 ق بنى سويف بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من إلزام الطاعنة بأن تؤدى المطعون ضده متجمد المعاش عن الفترة السابقة على الخمس سنوات السابقة على صرفه إليه في 1/10/1997 . وتأييده فيما عدا ذلك ، وألزمت المطعون ضده بالمناسب من مصروفات الطعن ودرجتى التقاضى ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأعفته من الرسوم القضائية .

الطعن 23147 لسنة 85 ق جلسة 26 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 118 ص 945

 جلسة 26 من ديسمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / ربيع لبنة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين ، حازم بدوي ، وائل شوقي وهاني المليجي نواب رئيس المحكمة .
-----------

(118)

الطعن رقم 23147 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) إهانة محكمة قضائية . قصد جنائي . باعث. حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".

القصد الجنائي في جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 عقوبات . مناط تحققه ؟

تدليل المحكمة صراحة أن الجاني قصد الإساءة أو الإهانة . غير لازم . متى أثبتت صدور الألفاظ المهينة منه .

(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة الشاهد . مفاده ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .

(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . أأ

إغفال الحكم تحصيل مرافعة النيابة العامة . لا يقدح في سلامته . ما دام لم يكن لها أثر في قضائه . علة ذلك ؟

(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " .

انعقاد محكمة الجنايات في ذات المبنى الذي تجرى فيه جلسات المحكمة الابتدائية . غير لازم . المادة الثامنة من القرار بقانون 46 لسنة ١٩٧٢ بشأن السلطة القضائية .

(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". محضر الجلسة .

 تقييد دخول قاعة الجلسة بتصريح . لا يتنافى مع العلانية . ما دام أن الثابت بمحضر الجلسة صدور الحكم وتلاوته علنًا . علة ذلك ؟

(7) تقرير التلخيص . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها ".

عدم التزام محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص . اقتصار ذلك على الدوائر الاستئنافية . أساس ذلك ؟

(8) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . بطلان .

عدم سؤال المتهم عن تهمته . لا يرتب البطلان . علة وأساس ذلك ؟

(9) إهانة محكمة قضائية . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محاماة .

حضور محام مع متهم بجنحة معاقب عليها بالحبس أو الغرامة . غير لازم .

سكوت المتهم أو محاميه عن الترافع بجنحة إهانة محكمة قضائية المعاقب عليها بالحبس جوازًا . لا إخلال بحق الدفاع . حد ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية .

2- من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة ١٣٣ من قانون العقوبات تعمد الجاني توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف بغض النظر عن الباعث على توجيهها ، فمتى ثبت للمحكمة صدور هذه الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .

3- من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهد ، فإن هذا الوجه من النعي ينحل إلى مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع دون معقب .

4- من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله تحصيل مرافعة النيابة والتحدث عنها لأنها لم تكن ذات أثر في قضاء المحكمة ولم تعوّل عليها ، والأصل أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة .

5- لما كانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة ١٩٧٢ بشأن السلطة القضائية لم تشترط أن تنعقد محكمة الجنايات في ذات المبنى الذي تجري فيه جلسات المحكمة الابتدائية ، وكانت محكمة الجنايات التي نظرت الدعوى الراهنة وفصلت فيها قد انعقدت في مدينة ....- وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإن انعقادها يكون صحيحًا .

6- لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة وعلى مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت بها أن المحاكمة جرت في جلسة علنية وأن الحكم صدر وتُلي علنًا ، فإن ما يثيره الطاعن من تقييد دخول قاعة الجلسة بتصاريح لا يتنافى مع العلانية ، إذ إن المقصود من ذلك هو تنظيم الدخول .

7- من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص ، ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب ، فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .

8- من المقرر أن ما تتطلبه المادة 271 من قانون الإجراءات الجنائية من سؤال المتهم عن تهمته هو من قبيل تنظيم سير الإجراءات بالجلسة ، فلا يترتب على مخالفتها بطلان .

9- لما كانت التهمة التي دين بها الطاعن في الحكم المطعون فيه تشكل جنحة الإهانة المعاقب عليها – بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 133 من قانون العقوبات – بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه ، وكان القانون لا يستوجب حضور محام مع متهم بجنحة معاقب عليها بالحبس جوازًا ، وأنه لا يجوز أن ينبني على سكوت المتهم أو محاميه عن المرافعة في مثل تلك الجنحة الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع ، ما دام لا يدعي أن المحكمة قد منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة ، ومن ثم فإن الطعن بالإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

حرَّكت محكمة الجنايات الدعوى الجنائية ضد الطاعن وآخر بوصف أنهما :

1- أهانا بالقول محكمة قضائية " ممثل النيابة الحاضر بالدائرة .... جنايات .... " وأهان الثاني رئيس المحكمة أثناء انعقاد الجلسة لنظر الدعوى رقم .... جنايات .... المقامة ضدهما وآخرين بأن وجها لهما العبارات المبينة بالأوراق .

2- أخلا بمقام وكيل النيابة الحاضر مع دائرة محكمة الجنايات ورئيس المحكمة سالفة الذكر بأن وجَّه للأول العبارات المبينة بالأوراق بينما وجَّه الثاني لرئيس المحكمة العبارة المبينة بالأوراق وهما بصدد نظر دعوى مقامة ضدهما وآخرين .

والمحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 133/2 ، 171 ، 186/1 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليهما .

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إهانة محكمة قضائية والإخلال بمقام قاض حال كونه عائدًا قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، وران عليه البطلان ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بيانًا كافيًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ولم يورد مؤدى أدلة الثبوت التي آخذه بها ، كما لم يستظهر توفر قصد الإهانة لدى الطاعن ، وعوَّل في قضائه على أقوال شاهد الإثبات رغم ما يحيط بها من شكوك ، كما أغفل تحصيل مرافعة النيابة أثناء المحاكمة وما ورد بها من عبارات ماسة باعتبار الطاعن ، هذا إلى أن انعقاد الجلسة التي نظرت فيها الدعوى جاء باطلاً لحصوله في معهد أمناء الشرطة ، مما لا محل معه لعقاب الطاعن طبقًا لحكم الفقرة الثانية من المادة 133 من قانون العقوبات ، كما وأن إجراءات المحاكمة وقعت باطلة لعدم توافر العلانية في تلك الجلسة ؛ ذلك لأن الدخول إلى قاعتها لم يكن مسموحًا به إلَّا بتصاريح ، هذا فضلاً عن أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير تلخيص لوقائعها ، وأخيرًا فإن المحكمة لم تواجه الطاعن بالتهمة المسندة إليه ، كما أصدرت حكمها دون سماعه أو محاميه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة ١٣٣ من قانون العقوبات تعمد الجاني توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف بغض النظر عن الباعث على توجيهها ، فمتى ثبت للمحكمة صدور هذه الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال الشاهد ، فإن هذا الوجه من النعي ينحل إلى مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع دون معقب . لما كان ذلك ، وكان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله تحصيل مرافعة النيابة والتحدث عنها ، لأنها لم تكن ذات أثر في قضاء المحكمة ولم تعوّل عليها ، والأصل أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثامنة من القرار بقانون رقم 46 لسنة ١٩٧٢ بشأن السلطة القضائية لم تشترط أن تنعقد محكمة الجنايات في ذات المبنى الذي تجري فيه جلسات المحكمة الابتدائية ، وكانت محكمة الجنايات التي نظرت الدعوى الراهنة وفصلت فيها قد انعقدت في مدينة .... - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإن انعقادها يكون صحيحًا . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة وعلى مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت بها أن المحاكمة جرت في جلسة علنية وأن الحكم صدر وتُلي علنًا ، فإن ما يثيره الطاعن من تقييد دخول قاعة الجلسة بتصاريح لا يتنافى مع العلانية ، إذ إن المقصود من ذلك هو تنظيم الدخول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص ، ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب ، فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن ما تتطلبه المادة 271 من قانون الإجراءات الجنائية من سؤال المتهم عن تهمته هو من قبيل تنظيم سير الإجراءات بالجلسة ، فلا يترتب على مخالفتها بطلان . لما كان ذلك ، وكانت التهمة التي دين بها الطاعن في الحكم المطعون فيه تشكل جنحة الإهانة المعاقب عليها – بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 133 من قانون العقوبات – بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه ، وكان القانون لا يستوجب حضور محام مع متهم بجنحة معاقب عليها بالحبس جوازًا ، وأنه لا يجوز أن ينبني على سكوت المتهم أو محاميه عن المرافعة في مثل تلك الجنحة الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع ما دام لا يدعي أن المحكمة قد منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة ، ومن ثم فإن الطعن بالإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ