الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 13 أكتوبر 2025

الطعن 30938 لسنة 59 ق إدارية عليا جلسة 16 / 11 / 2019

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود حسام الدين رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / مصطفى حسين السيد أبو حسين نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد محمد السعيد محمد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سامح جمال وهبه نصر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور / أحمد السيد محمد محمود عطية نائب رئيس مجلس الدولة وحضور السيد الأستاذ المستشار / رجب عبد الهادي تغيان نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة وسكرتارية السيد / وائل محمود مصطفى أمين سر المحكمة أصدرت الحكم الآتي

بالجلسة المنعقدة علنا

-----------------

" الإجراءات "

في يوم الأحد الموافق 21/ 7/ 2013 أودعت هيئة قضايا الدولة - نيابة عن الطاعنين بصفاتهم - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل، في الحكم المشار إليه، والذي قضى منطوقه " أولا : بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى الأول لزوال المصلحة وألزمته المصروفات. ثانيًا : بقبول الدعوى شكلا بالنسبة للمدعين من الثاني حتى الأخير وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من اتخاذ إجراءات تسليمهم إلى السلطات الليبية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها منع تسليمهم، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وألزمت الجهة الإدارية مصاريف هذا الطلب، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع " .
وطلب الطاعنون بصفاتهم - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، لتأمر وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مُجددًا أصليًا : بعدم اختصاص محاکم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائيًا بنظر الدعوى. واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري. ومن باب الاحتياط الكلي: برفض طلب وقف التنفيذ، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي .
وقد جرى إعلان تقرير الطعن وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعنين المصروفات .
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 15/ 10/ 2018 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا .
وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها ، وبجلسة 2/ 11/ 2019
قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
---------------

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، والمداولة قانونًا .
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المُقررة قانونًا ، فمن ثم فهو مقبول شكلا .
وحيث إن عناصر المنازعة تتلخص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 26/ 3/ 2013 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 36123 لسنة 67 ق. أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى) وطلبوا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر باتخاذ إجراءات تسليمهم إلى الحكومة الليبية ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وذكروا شرحًا لدعواهم ، أنهم جميعًا يحملون الجنسية الليبية ويقيمون بجمهورية مصر العربية ، ونظرًا للأوضاع المعيشية التي تمر بها ليبيا في المرحلة الحالية بعد ثورة 17 فبراير ۲۰۱۱ نتيجة سيطرة الميليشيات على زمام الأمور وتردي الأوضاع الأمنية وانتشار أعمال الاعتقالات والاغتيالات السياسية لرموز السياسة السابقين، قام عدد كبير من المواطنين بمغادرة البلاد هربًا من هذه الأحداث الدامية ومن بينهم المدعون الذين غادروا ليبيا إلى مصر طلبًا للجوء السياسي الذي تكفله الاتفاقيات الدولية ، إلا أنهم فوجئوا بتاريخ 24/ 3/ 2013 بصدور قرار من الإدارة المصرية بتسليمهم إلى الحكومة الليبية ، ونعى المدعون على هذا القرار مخالفته للدستور المصري، وقواعد العدالة وحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي ، فضلا عن صدوره مشوبًا بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها. واختتموا صحيفة دعواهم بطلباتهم سالفة البيان .
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 28/ 5/ 2013 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه سالف الإشارة .
وشيدت قضاءها بعد استعراضها لنصوص المواد أرقام (34) و(40) و(5۷) من الدستور ، وكذا المادتين رقمي (۱) و( 16) من القرار بقانون رقم 89 لسنة ۱۹6۰ فی شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضي الجمهورية والخروج منها ، والمواد أرقام (۳۱) و (۳۲) و (۳۳) من اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة في جنيف بتاريخ 28/ 7/ 1951 على أنه بالنسبة للمدعي الأول فقد تم تسليمه، ومن ثم فقد زالت مصلحته في نظر الدعوى، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له لزوال المصلحة، أما بالنسبة لباقي المدعين فهم يتمتعون بالحماية القانونية المُقررة للمقيمين على الأراضي المصرية لاسيما وإن كانت حياتهم ستتعرض للخطر في الدولة التي تطلب تسليمهم إليها بسبب انتمائهم إلى فصيل سياسي معين أو نظام حاکم أسقطه الشعب أو آراء سياسية ، الأمر الذي يغدو معه قرار تسليمهم إلى السلطات الليبية بحسب الظاهر من الأوراق مخالفًا لأحكام الدستور والاتفاقية الدولية المشار إليها، وهو ما يتوافر معه ركن الجدية ، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما في تسليمهم من تعرض حياتهم للخطر وهي آثار يتعذر تداركها ، الأمر الذي يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الطاعنين بصفاتهم ، فقد أقاموا الطعن المائل بالنعي عليه ، مخالفة القانون ، والخطأ في تطبيقه وتأويله ، وصدوره مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، تأسيسًا على عدم اختصاص محاکم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائيًا بنظر النزاع الماثل لتعلقه بتنفيذ اتفاقية بين مصر وليبيا بشأن تبادل المجرمين والتي تعد من أعمال السيادة ، فضلا عن انتفاء القرار الإداري محل دعوى الإلغاء ، كما أن المطعون ضدهم مطلوبون للعدالة في بلادهم لصدور العديد من الأحكام من القضاء الليبي ضدهم ، واختتم الطاعنون بصفاتهم تقرير الطعن بطلباتهم سالفة البيان .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن ولاية محاکم مجلس الدولة في وقف تنفيذ القرارات الإدارية مستمدة من ولايتها في الإلغاء وفرع منها ، ومردها الرقابة القانونية التي يبسطها القضاء الإداري على القرار وذلك بوزنه بميزان القانون وزنًا مناطه مبدأ المشروعية ، إذ يتعين على القضاء الإداري أن يوقف القرار الإداري إذ تبين له من ظاهر الأوراق ودون مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ قد توافر فيه رکنان ، أولهما: وهو ركن الجدية ويتمثل في قيام الطعن في القرار - بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب جدية من الواقع والقانون تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع. وثانيهما: وهو ركن الاستعجال بأن يكون من شأن تنفيذ القرار أو الاستمرار في تنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه .
ومن حيث إنه عن ركن الجدية، فإن المادة (40) من الدستور المصري الصادر بتاريخ 25/ 12/ 2012 والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 5۱ مكررًا (ب) باعتباره الدستور القائم وقت قيام النزاع الماثل تنص على أن: " الحياة الآمنة حق تكفله الدولة لكل مُقيم على أراضيها ، ويحمي القانون الإنسان مما يُهدده من ظواهر إجرامية " .
وتنص المادة (57) منه على أن: " تمنح الدولة حق الالتجاء للأجانب المحرومين في بلادهم من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور. ويحظر تسليم اللاجئين السياسيين. وكل ذلك وفقًا لما يُنظمه القانون".
وتنص المادة (۳۱) من اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة في جنيف بتاريخ 28/ 7/ 1951 والتي وافقت عليها مصر بقرار رئيس الجمهورية رقم ۳۳۱ لسنة ۱۹۸۰ بتاريخ 26/ 11/ 1981 على أن: "
1- تمتنع الدول المتعاقدة عن فرض عقوبات جزائية، بسبب دخولهم أو وجودهم غير القانوني، على اللاجئين الذين يدخلون إقليمها أو يوجدون فيه دون إذن، قادمين مباشرة من إقليم كانت فيه حياتهم أو حريتهم مُهددة ... "
وتنص المادة (۳۲) من ذات الاتفاقية على أن: "
1 - لا تطرد الدولة المتعاقدة لاجئًا موجودًا في إقليمها بصورة نظامية، إلا لأسباب تتعلق بالأمن الوطني أو النظام العام .
2 - لا يُنفذ طرد مثل هذا اللاجئ إلا تطبيقًا لقرار مُتخذ وفقًا للأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون.
ويجب أن يسمح للاجئ ما لم تتطلب خلاف ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني، بأن يقدم بيانات لإثبات براءته ، وبأن يُمارس حق الاستئناف ويكون له وكيل يُمثله لهذا الغرض أمام سلطة مختصة أو أمام شخص أو أكثر معينين خصيصًا من قبل السلطة المختصة ...".
وتنص المادة (۳۳) من ذات الاتفاقية على أن: "
1 - لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئًا أو ترده بأية صورة من الصور إلى حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية .
۲ - على أنه لا يسمح بالاحتجاج بهذا الحق لأي لاجئ تتوفر دواع معقولة لاعتباره خطرًا على أمن البلد الذي يوجد فيه أو لاعتباره يُمثل، نظرًا لسبق صدور حكم نهائي عليه لارتكابه جُرمًا استثنائي الخطورة ، خطرًا على مجتمع ذلك البلد."
ومن حيث إنه يستفاد من النصوص السابقة، أن الحماية التشريعية في مصر لم تقتصر على اللاجئين السياسيين، وإنما تمتد إلى اللاجئين لأسباب إنسانية ممن اضطرتهم ظروف دولهم من حرب أو نزاعات داخلية إلى النزوح من أوطانهم واللجوء إلى مصر، فقد انضمت مصر إلى اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة في جنيف بتاريخ 28/ 7/ 1951 والتي أصبح لها قوة القانون بعد التصديق عليها وصدور قرار رئيس الجمهورية رقم۳۳۱ لسنة1980 المشار إليه والتي أوجبت على الدولة العضو أن تمتنع عن فرض جزاءات على اللاجئين بسبب دخولهم أراضيها أو وجودهم فيها بشكل غير قانوني إذا كانوا قد قدموا من إقليم كانت حياتهم أو حرياتهم مُهددة فيه، كما أوجبت عدم طرد اللاجئين الموجودين على أرض الدولة العضو بصورة غير شرعية إلا إذا وجدت أسباب تتعلق بالأمن الوطني أو النظام العام، واشترطت لطرد اللاجئ أن يتم بموجب قرار يصدر وفقًا للأصول القانونية، وأن يسمح للاجئ بتقديم الأدلة علی براءته مما نُسب إليه، وأن يكون له حق مراجعة قرار الطرد أو الإبعاد أمام جهة مختصة أو أمام أحد الأشخاص المختصين مع تمكينه من توکيل وكيل للدفاع عنه، كما حظرت طرد اللاجئ أو رده إلى الحدود أو الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مُهددة فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه أو آرائه السياسية إلا إذا وجدت أسباب وجيهة تؤدي إلى اعتباره خطرًا على أمن الدولة الموجود فيها أو إذا كان قد سبق إدانته بحكم نهائي في جُرم هام يُشكل خطرًا على مجتمع الدولة الموجود بها، وعليه فإن اللاجئ يتمتع في مصر بالضمانات المشار إليها قبل إبعاده أو ترحيله، وهى ضمانات تزيد على تلك المُقررة للأجنبي العادي الذي يقيم فيها إقامة عادية أو إقامة مؤقتة ، ومرد ذلك إلى الظروف الإنسانية التي يمر بها اللاجئ والتي تُبرر منحه مزيدًا من الرعاية والحماية إعمالا لمبدأ التضامن الإنساني .
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم، ولما كان البين من الأوراق، أن المطعون ضدهم يحملون الجنسية الليبية، ونظرًا للظروف والأوضاع التي تمر بها ليبيا، فقد غادروا بلادهم إلى مصر، ووفقًا للدستور المصري واتفاقية الأمم المتحدة المشار إليها ، فإنهم يتمتعون بالحماية القانونية المُقررة للمقيمين على الأراضي المصرية، والتي كفلت للمقيم حق الإقامة بمأمن عن الملاحقة كما حظرت ترحيله أو تسليمه إلى أية دولة على غير رغبة منه أو إرادة ، لاسيما إذا كانت حياته أو حريته فيها معرضة للخطر بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية ، الأمر الذي يضحى معه القرار المطعون فيه باتخاذ إجراءات تسليمهم إلى السلطات الليبية بحسب الظاهر من الأوراق - مخالفًا للدستور والاتفاقية الدولية المشار إليها ، مُرجحًا إلغاؤه عند نظر الموضوع، وهو ما يتحقق معه ركن الجدية لطلب وقف تنفيذه، فضلا عن توافر ركن الاستعجال ، لما يترتب على القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في تعريض حياتهم وحريتهم للخطر، وحيث إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد توافر فيه ركناه ، واستقام على صحيح سنده من القانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذه الوجهة من النظر في قضائه ، فإنه يكون متفقًا وصحيح حكم الواقع والقانون ، جديرًا بالتأييد ، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن .
وحيث إن من يخسر الطعن يُلزم بمصرفاته ، عملًا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا ، ورفضه موضوعًا ، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المنعقدة يوم السبت 19من ربيع الأول سنة 1441هجرية، الموافق16 من نوفمبر لسنة2019 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق