الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 12 أكتوبر 2025

الطعن 13540 لسنة 89 ق جلسة 5 / 7 / 2023 مكتب فني 74 ق 93 ص 633

جلسة 5 من يوليو سنة 2023
برئاسة السيـد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، راغـب عطية، عمر السعيد غانم ود. محمد عصام الترساوي "نواب رئيس المحكمة".
----------------
(93)
الطعن رقم 13540 لسنة 89 القضائية
(1- 6) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في استخلاص توافر عناصر الابتكار في المصنف". ملكية فكرية "المصنفات السمعية البصرية: حق المؤلف في استغلال المصنف" "حق المؤلف: الحماية القانونية لحق المؤلف".
(1) إسباغ الحماية القانونية على المصنف. شرطه. انطواؤه على شيء من الابتكار بإضفاء المؤلف شيئًا من شخصيته وإفراغه في صورة مادية. الفكرة المجردة وإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات. انتفاء الحماية القانونية لها. المواد 138، 141، 171 ق 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية.
(2) حقوق الملكية الفكرية. جوهرها.
(3) الإبداع والابتكار. ماهيتهما.
(4) الدلالة الاصطلاحية لابتكار الشيء في اللغة. ماهيته.
(5) الابتكار في نطاق الحماية القانونية لحق المؤلف. مقصوده.
(6) الابتكار المطلق والابتكار النسبي. ماهيتهما. توافر شرط الابتكار في الحالتين. لازمه. وجود خلق ذهني جديد. علة ذلك. إضافة المؤلف إلى فكرة سابقة ما يجعل لها طابعًا جديدًا تختلف به عما كانت عليه من قبل. كاف لتوافر شرط الابتكار.
(7 -9) ملكية فكرية "ماهيتها" "نطاق الحماية القانونية لحق المؤلف" "براءة الاختراع: شروط منحها". تعويض.
(7) حقوق الملكية الفكرية. ماهيتها. حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته. علة ذلك.
(8) براءة الاختراع. شروط منحها. انطواؤه على خطوة إبداعية وقابليته للاستغلال الصناعي وألا يكون فيه مساس بالأمن القومي أو إخلال بالآداب أو النظام العام أو البيئة. المواد 1، 2، 3 ق 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية.
(9) استناد الهيئة الطاعنة في طلب التعويض على الاعتداء على مصنفاتها لكونها عبارة عن تجميع لمقتطفات من نشرات إخبارية تتضمن أحداثًا جارية ولقاءات مع المسئولين بالدولة ومواد إعلامية أغلبها تحمل شارة القنوات التابعة لها. خروجه عن نطاق الحماية المقررة بق 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية. علة ذلك. عدم تقديم الطاعنة دليلًا على قيامها بخلق ذهني جديد أو إضافة فكرة مبتكرة. أثره. حق الغير في بثها وإعادة نشرها في سياق التغطية الإخبارية للأحداث الجارية دون إذن منها. سبق أداء المطعون ضدها للطاعنة مبالغ مالية عما قامت بنشره. لا أثر. موافقة الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. النعي عليه. على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة ۱۳۸ من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 8٢ لسنة ٢٠٠٢ وضع تعريفًا للمصنف بأنه " كل عمل مبتكر أدبي أو فني أو علمي أيًا كان نوعه أو طريقة التعبير عنه أو أهميته أو الغرض من تصنيفه."، كما عرف الابتكار بأنه "الطابع الإبداعي الذي يسبغ الأصالة على المصنف."، ثم عرف المؤلف بأنه " الشخص الذي يبتكر المصنف، ويعد مؤلفًا للمصنف من يذكر اسمه عليه أو ينسب إليه عند نشره باعتباره مؤلفًا له ما لم يقم الدليل على غير ذلك ...." والنص في المادة 140 من القانون رقم 8٢ لسنة ٢٠٠٢ على أن " تتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية والفنية، وبوجه خاص المصنفات الآتية: .... ٧- المصنفات السمعية والبصرية..."، والنص في المادة ١٤١ من ذات القانون على أنه " لا تشمل الحماية مجرد الأفكار والإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات، ولو کان معبرًا عنها أو موصوفة أو موضحة أو مدرجة في مصنف، كذلك لا تشمل ما يلي: أولًا- .... ثانيًا- أخبار الحوادث والوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية. ومع ذلك تتمتع مجموعات ما تقدم بالحماية إذا تميز جمعها بالابتكار في الترتيب والعرض أو بأي مجهود شخصي جدير بالحماية."، والنص في المادة ١٤٧ منه على أن " يتمتع المؤلف وخلفه العام من بعده، بحق استئثاري في الترخيص أو المنع لأي استغلال لمصنفه بأي وجه من الوجوه..."، والنص في المادة ١٧٢ من ذات القانون على أنه " مع عدم الإخلال بحقوق المؤلف الأدبية طبقًا لأحكام هذا القانون فليس للمؤلف أو خلفه أن يمنع الصحف أو الدوريات أو هيئات الإذاعة، في الحدود التي تبررها أغراضها مما يلي:... ثالثًا- نشر مقتطفات من مصنف سمعي أو بصري أو سمعي بصري متاح للجمهور وذلك في سياق التغطية الإخبارية للأحداث الجارية."، يدل على أن المشــــــــرع أفصح بجــــــــلاء على أن القانون لا يحمي صاحب الفكرة المجردة التي لم تخرج منه إلى حيز الوجود، كما لا يحمي القانون الإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات، وسبب استبعاد الحماية هو انتفاء عنصر الابتكار في مثل هذه الأعمال، وقد استخدم القانون المصري في هذا الخصوص ذات العبارات التي استخدمها البند الثاني من المادة التاسعة من اتفاقية (تربس) والتي تنص على أن " تسري حماية حقوق المؤلف على النتاج وليس على الأفكار أو إجراءات أو أساليب العمل ...."، وأسبغ القانون الحماية الواردة بهما على مؤلفي المصنفات أيًا كان نوعها أو طريقة التعبير عنها أو أهميتها أو الغرض منها، بشرط أن يكون هذا المصنف قد انطوى على شيء من الابتكار، بحيث يبين منه أن المؤلف أضفى عليه شيئًا من شخصيته، وأن يتم إفراغه في صورة مادية يبرز فيها إلى الوجود، وبغير ذلك لا يرقى إلى مرتبة المصنف الجدير بالحماية.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن جوهر حقوق الملكية الفكرية أنها ثمرة الابتكار ونتاج الإبداع في شتى مناحي النشاط الإنساني.
3- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الإبداع والابتكار يعدان نمطًا من أنماط التفكير، ومستوى متقدمًا في سلم القدرات الذهنية للإنسان يتميز به عن غيره ويتسم بالخروج عن المألوف.
4- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الدلالة الاصطلاحية (لابتكار الشيء) في اللغة هي الاستيلاء على باكورته، بمعنى أن يكون وليد أفكار المرء بالمبادرة إليه وإدراك أوله متسمًا بالحداثة والإبداع وبطابعه الشخصي.
5- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أنه يقصد بالابتكار- في نطاق الحماية القانونية لحق المؤلف - الطابع الشخصي الذي يعطيه المؤلف لمصنفه، والذي يسمح بتمييز المصنف عن سواه من المصنفات التي تنتمي إلى ذات النوع، حيث تبرز شخصية المؤلف إما في مقومات الفكرة التي عرضها، أو في الطريقة التي اتخذها لعرض الفكرة، فالجوهري في الأمر هو تميز الإنتاج الذهني بطابع معين يبرز شخصية صاحبه سواء في جوهر الفكرة المعروضة أو في مجرد طريقة العرض، أو التعبير أو الترتيب أو التبويب أو الأسلوب.
6- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الابتكار إما أن يكون مطلقًا وإما أن يكون نسبيًا، فيكون مطلقًا إذا لم يكن المصنف يستند إلى إنتاج سابق، ويكون نسبيًا إذا ما كان المصنف - كمصنف مشتق من مصنف سابق عليه – يقتبس عناصر شكلية من هذا الإنتاج السابق ولكن في كلتا الحالتين لابد من خلق ذهني جديد في جملته لكي يكون شرط الابتكار متوافرًا ليتقرر بذلك حق المؤلف على مصنفه، ولكي يتمتع بالحماية أو ليستحق صاحبه الاعتراف بملكيته الفكرية وما يترتب عليها من حقوق، إذ يكفي في ذلك أن يضيف المؤلف إلى فكرة سابقة ما يجعل للفكرة طابعًا جديدًا تختلف به عما كانت عليه من قبل، فإذا ما اتضح أن ما تحققه الفكرة لا يعدو أن يكون عاديًا وطبيعيًا للقدر القائم أو مألوفًا لأهل الاختصاص، فعندئذ يتخلف عنصر الابتكار.
7- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان المقصود بعبارة حقوق الملكية الفكرية هو تأكيد أن حق المؤلف أو المخترع يستحق الحماية كما يستحقها المالك - لأن الحقين من ثمرات الفكر والابتكار فهو صحيح، إلا أنه لتنافي طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر فإنه ليس حق ملكية، بل هو حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته التي ترجع إلى أنه يقع على شيء غير مادي، فهو إذن حق عيني أصلي منقول.
8- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد المواد 1، 2، 3 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن إصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية أن الشروط الواجب توافرها في الاختراع لمنح براءة تحميه هي أن ينطوي الاختراع على ابتكار يستحق الحماية أي يكون جديدًا، أي ينطوي على خطوة إبداعية تجاوز تطور الفن الصناعي المألوف، وأنه لم يكن معروفًا من قبل بأن يكون المخترع الذي يطلب براءة الاختراع قد سبق غيره في التعريف بهذا الاختراع وألا يكون قد سبق النشر عنه في أي بلد فشرط الجدة المطلقة الذي يجب توافره في الابتكار محل الاختراع ليس شرطًا في الابتكار كأساس تقوم عليه حماية القانون للمصنف، ويشترط أن يكون الاختراع قابلًا للاستغلال الصناعي، والمقصود به استبعاد الأفكار المجردة والابتكارات النظرية البحتة وهي ما تعرف بالملكية العلمية، لكن يلزم أن يتضمن الاختراع تطبيقًا لهذه الابتكارات فالبراءة تمنح للمنتج الصناعي، ويشترط أخيرًا ألا يكون في الاختراع مساس بالأمن القومي أو إخلال بالآداب أو بالنظام العام أو البيئة.
9- إذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من تقرير اللجنة الثلاثية المنتدبة والذي اطمأن إليه، وبما له من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة أن الفكرة التي تستند إليها الطاعنة في شأن طلب التعويض وفقًا لما وصفته بمصنفها عبارة عن تجميع لمقتطفات من نشرات إخبارية تتضمن أحداثًا جارية ولقاءات مع المسئولين بالدولة ومواد إعلامية أغلبها تحمل شارة القنوات التابعة للهيئة الطاعنة، وبما يخرج عن نطاق الحماية المقررة قانونًا على ما سبق بيانه فلا على القناة المطعون ضدها أن تناقلتها في سياق التغطية الإخبارية للأحداث الجارية دون إذن من الطاعنة التي ليس لها منع الغير من بثها وإعادة نشرها، كما لم تقدم الطاعنة الدليل على قيامها بخلق ذهني جديد أو إضافة فكرة مبتكرة تختلف عما هو مستخدم في المجال الإعلامي للقنوات الفضائية لاسيما وهي المكلفة بإثبات دعواها، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدعوى، ولا ينال من ذلك سبق أداء المطعون ضدها للطاعنة لمبالغ مالية عما قامت بنشره، وكان ما خلص إليه الحكم سائغًا ويتفق وصحيح القانون، فإن ما تنعاه الطاعنة يضحى على غير أساس متعينًا رفضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الهيئة الطاعنة أقامت على المطعون ضدها الدعوى رقم .... لسنة 9 ق اقتصادي القاهرة بطلب الحكم أن تؤدي لها مبلغ 000‚515 دولار أمريكي والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا تعويضًا ماديًا وأدبيًا عما لحقها من أضرار ناشئة عن الاعتداء على مصنفاتها وذلك بإذاعتها واستغلالها على النحو المبين بصحيفة دعواها، على سند من أنها المؤلف والمالك والمسئول الوحيد عن إنتاج المواد الإخبارية ولقاءات المسئولين بالدولة والتي تقوم ببثها على شاشاتها حصريًا، إلا أن المطعون ضدها دأبت على إذاعة فقرات من تلك المصنفات التي قامت الطاعنة بإنتاجها وبثها عبر شاشاتها والمحمية بالقانون دون الحصول على موافقة كتابية منها ودون سداد مقابل هذا الاستغلال، فكانت دعواها، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره عدلت الطاعنة طلباتها إلى التعويض الذي تقدره المحكمة عما أصابها من أضرار، وبتاريخ 7/5/2019 حكمت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة في الطعن أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى برفض دعواها رغم تكبدها نفقات بالدولار الأمريكي نظير نقل الأحداث، فضلًا عن سبق سداد المطعون ضدها المقابل النقدي نظير نقل هذه الأحداث، فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة ۱۳۸ من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 8٢ لسنة ٢٠٠٢ وضع تعريفًا للمصنف بأنه " كل عمل مبتكر أدبي أو فني أو علمي أيًا كان نوعه أو طريقة التعبير عنه أو أهميته أو الغرض من تصنيفه."، كما عرف الابتكار بأنه " الطابع الإبداعي الذي يسبغ الأصالة على المصنف."، ثم عرف المؤلف بأنه " الشخص الذي يبتكر المصنف، ويعد مؤلفًا للمصنف من يذكر اسمه عليه أو ينسب إليه عند نشره باعتباره مؤلفًا له ما لم يقم الدليل على غير ذلك ...." والنص في المادة 140 من ذات القانون على أن " تتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية والفنية وبوجه خاص المصنفات الآتية: .... ٧- المصنفات السمعية والبصرية ..."، والنص في المادة ١٤١ من ذات القانون على أنه " لا تشمل الحماية مجرد الأفكار والإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات، ولو کان معبرًا عنها أو موصوفة أو مدرجة في مصنف. كذلك لا تشمل ما يلي: أولًا- .... ثانيًا- أخبار الحوادث والوقائع الجارية التي تكون مجرد أخبار صحفية، ومع ذلك تتمتع مجموعات ما تقدم بالحماية إذا تميز جمعها بالابتكار في الترتيب والعرض أو بأي مجهود شخصي جدير بالحماية."، والنص في المادة ١٤٧ منه على أن "يتمتع المؤلف وخلفه العام من بعده بحق استئثاري في الترخيص أو المنع لأي استغلال لمصنفه بأي وجه من الوجوه..."، والنص في المادة ١٧٢ من ذات القانون على أنه " مع عدم الإخلال بحقوق المؤلف الأدبية طبقًا لأحكام هذا القانون فليس للمؤلف أو خلفه أن يمنع الصحف أو الدوريات أو هيئات الإذاعة في الحدود التي تبررها أغراضها مما يلي: ... ثالثًا- نشر مقتطفات من مصنف سمعي أو بصري أو سمعي بصري متاح للجمهور وذلك في سياق التغطية الإخبارية للأحداث الجارية."، يدل على أن المشرع أفصح بجلاء على أن القانون لا يحمي صاحب الفكرة المجردة التي لم تخرج منه إلى حيز الوجود، كما لا يحمي القانون الإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات، وسبب استبعاد الحماية هو انتفاء عنصر الابتكار في مثل هذه الأعمال، وقد استخدم القانون المصري في هذا الخصوص ذات العبارات التي استخدمها البند الثاني من المادة التاسعة من اتفاقية (تربس) والتي تنص على أن " تسري حماية حقوق المؤلف على النتاج وليس على الأفكار أو إجراءات أو أساليب العمل ...."، وأسبغ القانون الحماية الواردة بهما على مؤلفي المصنفات أيًا كان نوعها أو طريقة التعبير عنها أو أهميتها أو الغرض منها، بشرط أن يكون هذا المصنف قد انطوى على شيء من الابتكار، بحيث يبين منه أن المؤلف أضفى عليه شيئًا من شخصيته، وأن يتم إفراغه في صورة مادية يبرز فيها إلى الوجود، وبغير ذلك لا يرقى إلى مرتبة المصنف الجدير بالحماية، ذلك أن جوهر حقوق الملكية الفكرية أنها ثمرة الابتكار ونتاج الإبداع في شتى مناحي النشاط الإنساني، وكلاهما - الإبداع والابتكار - يعدان نمطًا من أنماط التفكير، ومستوى متقدمًا في سلم القدرات الذهنية للإنسان يتميز به عن غيره ويتسم بالخروج عن المألوف، فالدلالة الاصطلاحية (لابتكار الشيء) في اللغة هو الاستيلاء على باكورته، بمعنى أن يكون وليد أفكار المرء بالمبادرة إليه وإدراك أوله متسمًا بالحداثة والإبداع وبطابعه الشخصي، ويقصد بالابتكار - في نطاق الحماية القانونية لحق المؤلف - الطابع الشخصي الذي يعطيه المؤلف لمصنفه، والذي يسمح بتمييز المصنف عن سواه من المصنفات التي تنتمي إلى ذات النوع، حيث تبرز شخصية المؤلف إما في مقومات الفكرة التي عرضها، أو في الطريقة التي اتخذها لعرض الفكرة، فالجوهري في الأمر هو تميز الإنتاج الذهني بطابع معين يبرز شخصية صاحبه سواء في جوهر الفكرة المعروضة أو في مجرد طريقة العرض أو التعبير أو الترتيب أو التبويب أو الأسلوب، والابتكار إما أن يكون مطلقًا وإما أن يكون نسبيًا، فيكون مطلقًا إذا لم يكن المصنف يستند إلى إنتاج سابق، ويكون نسبيًا إذا ما كان المصنف- كمصنف مشتق من مصنف سابق عليه – يقتبس عناصر شكلية من هذا الإنتاج السابق ولكن في كلتا الحالتين لابد من خلق ذهني جديد في جملته لكي يكون شرط الابتكار متوافرًا ليتقرر بذلك حق المؤلف على مصنفه، ولكي يتمتع بالحماية أو ليستحق صاحبه الاعتراف بملكيته الفكرية وما يترتب عليها من حقوق، إذ يكفي في ذلك أن يضيف المؤلف إلى فكرة سابقة ما يجعل للفكرة طابعًا جديدًا تختلف به عما كانت عليه من قبل، فإذا ما اتضح أن ما تحققه الفكرة لا يعدو أن يكون عاديًا وطبيعيًا للقدر القائم أو مألوفًا لأهل الاختصاص، فعندئذ يتخلف عنصر الابتكار، وكان من المقرر- أنه إذا كان المقصود بعبارة حقوق الملكية الفكرية هو تأكيد أن حق المؤلف أو المخترع يستحق الحماية كما يستحقها المالك - لأن الحقين من ثمرات الفكر والابتكار فهو صحيح، إلا أنه لتنافي طبيعة الملكية مع طبيعة الفكر فإنه ليس حق ملكية، بل هو حق عيني أصلي يستقل عن حق الملكية بمقوماته التي ترجع إلى أنه يقع على شيء غير مادي، فهو إذن حق عيني أصلي منقول، وكان مفاد المواد 1، 2، 3 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن إصدار قانون حماية حقوق الملكية الفكرية أن الشروط الواجب توافرها في الاختراع لمنح براءة تحميه هي أن ينطوي الاختراع على ابتكار يستحق الحماية أي يكون جديدًا، أي ينطوي على خطوة إبداعية تجاوز تطور الفن الصناعي المألوف، وأنه لم يكن معروفًا من قبل بأن يكون المخترع الذي يطلب براءة الاختراع قد سبق غيره في التعريف بهذا الاختراع وألا يكون قد سبق النشر عنه في أي بلد فشرط الجدة المطلقة الذي يجب توافره في الابتكار محل الاختراع ليس شرطًا في الابتكار كأساس تقوم عليه حماية القانون للمصنف، ويشترط أن يكون الاختراع قابلًا للاستغلال الصناعي، والمقصود به استبعاد الأفكار المجردة والابتكارات النظرية البحتة وهي ما تعرف بالملكية العلمية، لكن يلزم أن يتضمن الاختراع تطبيقًا لهذه الابتكارات فالبراءة تمنح للمنتج الصناعي، ويشترط أخيرًا ألا يكون في الاختراع مساس بالأمن القومي أو إخلال بالآداب أو بالنظام العام أو البيئة؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من تقرير اللجنة الثلاثية المنتدبة والذي اطمأن إليه، وبما له من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة أن الفكرة التي تستند إليها الطاعنة في شأن طلب التعويض وفقًا لما وصفته بمصنفها عبارة عن تجميع لمقتطفات من نشرات إخبارية تتضمن أحداثًا جارية ولقاءات مع المسئولين بالدولة ومواد إعلامية أغلبها تحمل شارة القنوات التابعة للهيئة الطاعنة، وبما يخرج عن نطاق الحماية المقررة قانونًا على ما سبق بيانه فلا على القناة المطعون ضدها أن تناقلتها في سياق التغطية الإخبارية للأحداث الجارية دون إذن من الطاعنة التي ليس لها منع الغير من بثها وإعادة نشرها، كما لم تقدم الطاعنة الدليل على قيامها بخلق ذهني جديد أو إضافة فكرة مبتكرة تختلف عما هو مستخدم في المجال الإعلامي للقنوات الفضائية لاسيما وهي المكلفة بإثبات دعواها، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدعوى، ولا ينال من ذلك سبق أداء المطعون ضدها للطاعنة لمبالغ مالية عما قامت بنشره، وكان ما خلص إليه الحكم سائغًا ويتفق وصحيح القانون، فإن ما تنعاه الطاعنة يضحى على غير أساس متعينًا رفضه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق