جلسة 3 يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار عثمان مهران الزيني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار، وحسن جمعة، ومحمد عبد الخالق النادي؛ وحسين كامل حنفي.
--------------
(3)
الطعن رقم 1318 لسنة 49 ق
(1 - 3) ضرب أفضى إلى موت: جريمة. "أركانها". مسئولية جنائية. رابطة السببية. خطأ. إثبات "بوجه عام". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1، 2) جريمة الضرب أو إحداث الجرح عمداً. تحققها بإتيان فعل الضرب أو الجرح عمداً. عن علم بأن من شأنه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته. مساءلة الجاني عن فعله ومضاعفاته ولو لم يقصد إليها. مأخوذاً في ذلك بقصده الاحتمالي. ما لم تتداخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية بينه وبين النتيجة التي ترتبت عليه.
(3) تقدير توافر رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. موضوعي. متى كان سائغاً.
إسهام المجني عليه بخطئه في إحداث الوفاة. لا ينفي مسئولية المتهم. ما دامت فعلته هي العامل الأساسي في وقوعها. مثال في وفاة نتيجة صعق تيار كهربائي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جرح....... عمداً بأن صدم جسمه بتيار كهربائي فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الإصابتين سالفتي الذكر أفضنا إلى موته وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأن الوصف الصحيح لواقعة الدعوى كما أثبتها الحكم - بفرض صحتها - هو القتل الخطأ، وقد وقع الحادث بخطأ المجني عليه الذي استغرق خطأ الطاعن بما يقطع رابطة السببية بينه وبين النتيجة التي حدثت. فضلاً عن أن الحكم تساند إلى أقوال شاهد الإثبات "......." رغم تناقضها وأعرض عن أقوال شاهد النفي دون أن يتناولها بالرد. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن ضاق بزحام جمهور المشترين على "شباك" صرف البونات بالجمعية التعاونية التي يعمل بها فصاح فيهم بالابتعاد عنه وأحضر سلكاً ربط طرفه بحديد "الشباك" وأوصله بالتيار الكهربائي الذي ما أن سرى حتى صعق المجني عليه الذي كان ممسكاً بكلتا يديه بذلك الحديد، وقد أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومحضر المعاينة وتقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكانت جرائم الضرب وإحداث الجروح عمداً تتحقق كلما ارتكب الجاني فعل الضرب أو إحداث الجرح عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته، متى ثبتت عليه جريمة إحداث الجرح العمد تحمل قانوناً مسئولية تغليظ العقاب على حسب نتيجة الجرح الذي أحدثه ومضاعفاته، ولو كان لم يقصد هذه النتيجة مأخوذاً في ذلك بقصده الاحتمالي إذ كان يجب عليه أن يتوقع إمكان حصول النتائج التي قد تترتب على فعلته التي قصدها. ولما كان ما أثبته الحكم من وقائع - على النحو المقدم بيانه - يتوافر به عناصر جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها فإنه يكون بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الجاني في جريمة الضرب أو إحداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتداخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بينه وبين النتيجة وكان قيام رابطة السببية بين الإصابات والوفاة في جريمة الضرب المفضي إلى الموت من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع، ومتى فصلت في شأنها - إثباتاً أو نفياً - فلا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه - كما هي الحال في الدعوى الماثلة - ولا يؤثر في ذلك خطأ المجني عليه - بفرض وجوده - ما دامت فعلة الطاعن كانت هي العامل الأول الذي لولاه لما حصلت الوفاة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة في تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها، وفي اطمئنانها لأقوال الشاهد "......." ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه أغفل الإشارة إلى أقوال شاهد النفي يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق