جلسة 8 من ديسمبر سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.
----------------
(197)
الطعن رقم 206 لسنة 36 القضائية
(أ) مسئولية. "المسئولية العقدية". تعويض. "عناصر الضرر".
المدين في المسئولية العقدية يلتزم بتعويض الضرر المتوقع عادة وقت التعاقد. الضرر المتوقع يقاس بمعيار موضوعي لا شخصي.
(ب) نقل بحري. "مسئولية الناقل". تعويض. "تقدير التعويض". مسئولية. "مسئولية عقدية".
إخلال الناقل بالتزامه بتسليم البضاعة للمرسل إليه بميناء الوصول. يوجب تعويض المرسل إليه عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب.
(ج) تعويض. "عناصر الضرر". نقض. "سلطة محكمة النقض".
تعيين عناصر الضرر من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة التموين (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 117 سنة 1962 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها وشركة مصر للتجارة الخارجية وطلبت الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 1600 ج، وقال بياناً لدعواها إنها تعاقدت مع شركة مصر للتجارة الخارجية على استيراد 1300 طن من البن البرازيلي وشحن من هذه الكمية 6272 جوالاً على السفينة الجزائر المملوكة للمطعون عليها، وإذ وصلت هذه الشحنة إلى ميناء الإسكندرية في يوم 25/ 10/ 1962 وتبين عند استلامها وجود عجز بها مقداره 2.458 طناً فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 17 مايو سنة 1964 قضت المحكمة برفض الدعوى.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 348 سنة 20 ق وبتاريخ 15 فبراير سنة 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لشركة مصر للتجارة الخارجية وإلغائه بالنسبة للمطعون عليها، وبإلزامها بأن تدفع إلى الطاعنة مبلغ 108 ج و990 مليماً. قررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وتقول في بيان ذلك إن الحكم قصر حقها في التعويض على أساس ثمن العجز في البن في ميناء الشحن أخذاً بسعره المبين في فاتورة الشراء وذهب الحكم في تبرير ذلك إلى أن هذا السعر هو الذي كان يمكن أن تتوقعه الطاعنة وقت إبرام عقد النقل أما السعر الذي تفرضه وزارة التموين في ميناء الوصول فيمثل ضرراً غير متوقع لا يلتزم المدين بتعويضه. هذا في حين أن المعيار في تقدير التعويض وفقاً لنص المادة 221 من القانون المدني هو معيار موضوعي العبرة فيه بما يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف التي يوجد فيها المدين مما كان يتعين معه على الحكم أن يدخل في حساب التعويض كل الأضرار التي كان يجب أن يتوقعها الناقل البحري عادة والتي تشمل فوق ما يلحق المرسل إليه من خسارة بسبب فقد البضاعة أو تلفها، ما يفوته من كسب يتمثل في حد معقول من الأرباح التي كان يمكن أن يحصل عليها المرسل إليه فيما لو قام الناقل البحري بتسليم الشحنة كاملة في ميناء الوصول، غير أن الحكم المطعون فيه قدر التعويض على أساس السعر في ميناء الشحن مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان المدين في المسئولية العقدية يلزم طبقاً لنص المادة 221/ 1 - 2 من القانون المدني بتعويض الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد ويشمل تعويض الضرر ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، وكان الضرر المتوقع إنما يقاس بمعيار موضوعي لا بمعيار شخصي، بمعنى أنه ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف التي يوجد بها المدين لا الضرر الذي يتوقعه هذا المدين بالذات. وكانت مسئولية الناقل البحري تتمثل في أن يقوم بتسليم البضاعة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول طبقاً للبيان الوارد بشأنها في سند الشحن وإلا يلزم بتعويض المرسل إليه عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، طبقاً لما يتوقعه الشخص المعتاد. وإذ قصر الحكم المطعون فيه التعويض عن العجز في الرسالة على ثمنها بسعر شرائها في ميناء الشحن، ولم يقم اعتباراً لما عسى أن يكون قد فات الطاعنة من كسب بسبب الزيادة في سعر البضاعة الفاقدة وفقاً لقيمتها السوقية في ميناء الوصول على سعر شرائها في ميناء الشحن فلم يضع حداً معقولاً لما كان يمكن أن تحصل عليه الطاعنة من أرباح تتناسب وسع التكلفة لهذه السلعة. وكان هذا من الحكم خطأ في تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض المستحق للطاعنة بتفويت عنصر منها هو ما فاتها من كسب، وكان تعيين العناصر المكونة للضرر، والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان لا عبرة بما تسوقه الشركة المطعون عليها في المذكرة المقدمة منها رداً على سبب الطعن من أن سند الشحن قد حوى نصاً يحصر بموجبه قيمة التعويض فيما لا يتجاوز ثمن البضاعة الواردة به أو بفاتورة الشراء أيهما أقل، ذلك أنه طالما أن المطعون عليها لم تقدم ما يفيد تمسكها بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتعرض له ولم يتخذ منه دعامة لقضائه، فإنه لا يجوز للمطعون عليها إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف النظر المتقدم وقدر التعويض الذي تستحقه وزارة التموين الطاعنة بما لحقها من خسارة على أساس سعر البن في ميناء الشحن ولم يقدر لها التعويض المناسب عما فاتها من كسب، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
(1) نقض 12 يونيه سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 939.
(2) نقض 12 يونيه سنة 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 929.
(3) نقض 24 إبريل سنة 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 837.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق