جلسة 5 من يونيه سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سرى صيام وأحمد عبد الرحمن وإبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان نواب رئيس المحكمة.
------------------
(104)
الطعن رقم 29722 لسنة 59 القضائية
(1) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
تحدث الحكم صراحة عن القصد الجنائي في جريمة التزوير غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع والأدلة ما يشهد لقيامه.
(2) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. والرد على كل جزئية يثيرها.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات لحملها على عدم الأخذ بها. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائزة.
(4) تزوير "أوراق رسمية".
رسمية الورقة مناط تحققها؟
(5) تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور وكونه صاحب المصلحة فيه غير كاف لثبوت ارتكاب التزوير والعلم به. ما دام ينكر ارتكابه ويجحد علمه به.
إغفال الحكم المطعون فيه التدليل على اشتراك الطاعنة في التزوير وتعويله في إدانتها على مجرد توافر القصد الجنائي لدى متهم آخر. قصور.
2 - لما كانت المحكمة غير ملزمة بتعقب الطاعن في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعية، فإن منعى الطاعن على الحكم أنه أطرح برد غير سائغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي المؤسس على أوجه دفاع موضوعية، يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات التي عولت عليها في الإدانة، فلا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن مناط رسمية الورقة هو صدورها من موظف عام مختص بتحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته أو في بيان جوهري متعلق بها.
5 - من المقرر أن مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور، وكونه صاحب المصلحة في التزوير لا يكفي بذاته في ثبوت اقترافه التزوير أو اشتراكه فيه والعلم به ما دام ينكر ارتكابه له ويجحد علمه به - كالحال في هذه الدعوى - فإن الحكم إذ لم يدلل على قيام الطاعنة بالاشتراك في ارتكاب التزوير وعول في إدانتها على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن، يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال متعيناً نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهمان: اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو......... الموثق بمكتب مرور الشرقية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عقد بيع السيارة رقم..... ملاكي الشرقية والمسجل برقم.... لسنة 1985 توثيق مرور الشرقية حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن أقر المتهم الثاني أمام الموظف سالف الذكر ببيع السيارة موضوع العقد للمتهمة الأولى على خلاف الحقيقة بصفته وكيلاً عن المالك بالتوكيل رقم.... لسنة 1985 مع علمه بوفاة موكله وضبط عقد البيع بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمة الأولى: استعملت المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمته إلى إدارة مرور الشرقية مع علمها بتزويره. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع تطبيق نص المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليها وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضى بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم على أن يكون الوقف شاملاً.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.
المحكمة
عن الطعن المقدم من.........
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد شابه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أطرح برد غير سائغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي المؤسس على حصول البيع قبل وفاة موكله وعدم علمه بواقعة الوفاة عند التوجه إلى الشهر العقاري لإقامته في بلد بعيد عن بلد هذا الموكل، وعول في إثبات العلم بالوفاة على أقوال شهود الإثبات وكلهم من ورثة موكله وأردوا باتهامه إجباره على إرشادهم عن عناصر تركة مورثهم ومساعدتهم في تقسيمها، وانتهى إلى قيام جريمة التزوير في عقد البيع مع أنه لا يشتمل على بيان وجود البائع على قيد الحياة أو وفاته مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي التي دان بها الطاعن وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد الدفع المبدى من الطاعن بعدم توافر القصد الجنائي لديه، وبعد أن أفصح من اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات، أطرح الدفع ذاك في قوله: "وحيث إنها (المحكمة) تطمئن إلى أن المتهم الأول (الطاعن) كان يعلم علماً يقينياً بوفاة موكله قبل إتمام البيع وإجراءات التوثيق بالشهر العقاري وذلك لما اطمأنت إليه من أقوال الشهود في هذا الخصوص" وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة عن القصد الجنائي في جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع والأدلة ما يشهد لقيامه - وهو الحال في الدعوى - ومع ذلك فقد تناول الحكم توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ودلل عليه تدليلاً سائغاً ومقبولاً، وكانت المحكمة غير ملزمة بتعقب الطاعن في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعية، فإن منعى الطاعن على الحكم أنه أطرح برد غير سائغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي المؤسس على أوجه دفاع موضوعية، يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد دل ذلك على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات التي عولت عليها في الإدانة، فلا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض، ويكون لا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم إلى هذه الأقوال برغم ما يبديه من أوجه التشكيك فيها. لما كان ذلك، وكان مناط رسمية الورقة هو صدورها من موظف عام مختص بتحريرها ووقوع تغيير الحقيقة فيما أعدت الورقة لإثباته أو في بيان جوهري متعلق بها، وكان إثبات صفة المتعاقد في عقد البيع الذي يقوم بتوثيقه الموظف المختص هو من البيانات الجوهرية المتعلقة بما أعد المحرر لإثباته، فإن مثول الطاعن أمام الموثق باعتباره وكيلاً للبائع الذي كان قد توفى وإقراره أمامه بهذه الصفة وتوثيق العقد على هذا الأساس يقوم به تغيير الحقيقة في بيان من البيانات الجوهرية المشار إليها، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
عن الطعن المقدم من..........
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يدلل على إسهامها في التزوير بأي فعل من أفعال الاشتراك، وافترض علمها به من مجرد تمسكها بالمحرر المزور، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد في بيان واقعة الدعوى أن الطاعن......... - دون الطاعنة هو الذي أقر أمام الموثق المختص قيام موكله ببيع سيارته إليها مع علمه بوفاته، وقد تم توثيق عقد البيع بناء على هذا الإقرار، وأن الطاعنة استعملت المحرر المزور ذلك بأن قدمته إلى إدارة مرور الشرقية مع علمها بتزويره، وقد انصب تدليل الحكم على إثبات واقعة وفاة الموكل قبل توثيق عقد البيع وعلم الطاعن بتلك الواقعة، وأسس إدانة الطاعنة بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله على مجرد القول بتحقق القصد الجنائي لدى الطاعن. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يستظهر في حق الطاعنة قيام أية صورة من صور الاشتراك في التزوير ولم يعن بإيراد ما يدل على علمها بارتكاب الطاعن له، وكان من المقرر أن مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور، وكونه صاحب المصلحة في التزوير لا يكفي بذاته في ثبوت اقترافه التزوير أو اشتراكه فيه والعلم به ما دام ينكر ارتكابه له ويجحد علمه به - كالحال في هذه الدعوى - فإن الحكم إذ لم يدلل على قيام الطاعنة بالاشتراك في ارتكاب التزوير وعول في إدانتها على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن، يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة إليها، وذلك بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن.