جلسة 23 من أكتوبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وبهيج حسن القصبجي نائبي رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب.
-----------------
(156)
الطعن رقم 63109 لسنة 59 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته. مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة. غير جائز. حد ذلك؟
(2) تزوير. إعلان شرعي. إثبات "بوجه عام". قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إثبات التزوير واستعمال المحررات المزورة. ليس له طريقاً خاصاً. الاحتجاج بأن المادة 361 من لائحة المحاكم الشرعية قد رسمت طريقاً وحيداً لإثبات عكس ما ورد في إعلام الوراثة. غير مقبول. علة ذلك وأساسه؟
(3) دعوى مدنية. دعوى جنائية. اختصاص "الاختصاص الولائي". تزوير. نقض "الحكم في الطعن".
الأصل رفع الدعوى المدنية إلى المحاكم المدنية. رفعها إلى المحاكم الجنائية. شرطه: أن تكون تابعة للدعوى الجنائية وأن يكون الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر حصل للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية.
الضرر الذي يصلح أساساً للمطالبة بالتعويض أمام المحاكم الجنائية. شرط تحققه؟
قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى المدنية مع ثبوت أن الضرر المدعى به ليس ناشئاً عن جريمتي التزوير والاستعمال المرفوعة بهما الدعوى الجنائية. فصل في أمر من اختصاص المحاكم المدنية. وجوب تصحيحه والقضاء بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظرها.
2 - لما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات التزوير واستعمال المحررات المزورة طريقاً خاصاً فإنه لا محل للاحتجاج بأن المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية قد رسمت طريقاً وحيداً لإثبات عكس ما ورد في إعلام الوراثة ذلك لأن ما نص عليه في المادة المذكورة من حكم إن هو في الحقيقة إلا استدراك عادل لما عسى أن يكون قد أدرج بالإعلام نتيجة السهو أو الخطأ مما تتأثر به حقوق الورثة الشرعيين بإضافة غير وارث إليهم أو إغفال ذكر من يستحق أن يرث شرعاً ولا شأن لحكم هذه المادة بالإثبات في الدعوى الجنائية المتعلقة بالإعلام الذي يكون قد زور بسوء القصد وتغيرت فيه الحقيقة التي كان يجب أن يتضمنها الإعلان الشرعي الصحيح، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورأت المحكمة نفسها مقيدة بغير حق بمسألة قانونية فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
3 - لما كان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق فيها ناشئاً عن ضرر حاصل من الجريمة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية، وكان الضرر الذي يصلح أساساً للمطالبة بالتعويض أمام المحاكم الجنائية يجب أن يكون ناشئاً مباشرة عن الجريمة، فإذا لم يكن إلا نتيجة ظرف لا يتصل بالجريمة إلا عن طريق غير مباشر فلا تجوز المطالبة بتعويضه بتدخل المدعى به في الدعوى الجنائية المرفوعة من النيابة العامة أو برفعها مباشرة إذ في هذه الحالة تنتفي علة الاستثناء وينتفي معها اختصاص المحاكم الجنائية لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه - وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه - أن طلب التعويض ليس ناشئاً عن جريمتي التزوير والاستعمال المرفوعة بهما الدعوى لأن سببه هو منافسة المتهمين للمدعي بالحقوق المدنية في الترشيح لمنصب عمدة القرية بتقديمهم إعلاماً شرعياً مزوراً ضمن مستندات الترشيح لإثبات ملكيتهم للنصاب المقرر قانوناً من الأراضي الزراعية، فهذا الضرر لا يصلح أساساً للحكم بالتعويض في الدعوى الجنائية إذ هذه المنافسة مهما كان اتصالها بالجريمة المرفوعة بها الدعوى فإنه أمر خارج عن موضوع الاتهام والضرر الناجم عنها لم يكن مصدره الجريمة ذاتها إذ هي لم يضر بها مباشرة إلا من حرموا من حق الإرث بمقتضى الإعلام الشرعي المذكور. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدعوى المدنية باعتبار أن المحكمة الجنائية مختصة بنظرها فإنه يكون قد فصل في أمر هو من اختصاص المحاكم المدنية وحدها ولا شأن للمحاكم الجنائية به. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية وذلك بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظرها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم أبدوا أمام السلطات المختصة أقوالاً غير صحيحة في إعلام الوراثة المبين بالأوراق واستعملوه مع علمهم بذلك في أحوال مخالفة للقانون. وطلبت عقابهم بالمادة 226 من قانون العقوبات. وادعى الطاعن قبلهم مدنياً بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح أبو تشت قضت حضورياً ببراءتهم مما نسب إليهم ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من جريمة إبداء أقوال غير صحيحة في إجراءات تحقيق وفاة ووراثة أمام السلطة المختصة واستعمال إعلام الوارثة المذكور مع علمهم بذلك ورفض دعواه المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن قصر طريق إثبات تزوير إعلان الوراثة على صدور حكم من المحكمة المختصة بإلغائه فضلاً عن انتفاء الضرر وفاته أن الطاعن وهو مرشح لمنصب عمدة القرية قد لحق به ضرر نتيجة منافسة المطعون ضدهم له في هذا المنصب رغم عدم استيفائهم شروط هذا الترشيح بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضدهم بوصف أنه أبدوا أمام السلطة المختصة أقوالاً غير صحيحة في إعلام الوراثة مع علمهم بذلك قاموا باستعمال إعلام الوراثة المذكورة في أحوال مخالفة القانون، وطلبت النيابة العامة عقابهم بالمادة 226 من قانون العقوبات وادعى الطاعن مدنياً قبل المتهمين طالباً إلزامهم بأن يؤدوا إليه تعويضاً مؤقتاً قدره مائة وواحد جنيه عن الأضرار التي لحقت به نتيجة منافستهم له في الترشيح لمنصب عمدة القرية دون أن يكتمل لهم نصاب الملكية المقرر قانوناً وتقديمهم إعلام الوراثة المذكور إلى مديرية الأمن تدليلاً على توافر هذا النصاب بغير حق، ومحكمة أول درجة قضت ببراءة المتهمين من الاتهام المسند إليهم وبرفض الدعوى المدنية. فاستأنف الطاعن، ومحكمة ثاني درجة قضت بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، ويبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أسباب حاصلها أنه لم يثبت حضور أي من المطعون ضدهم أمام قاضي الأحوال الشخصية الذي ضبط إعلام الوراثة موضوع الاتهام وأنه لم يثبت صدور إعلام وراثة آخر يثبت عكس ما ثبت بالإعلام المذكور الذي له الحجية حتى يصدر إعلام وراثة آخر يلغيه أو يثبت عكس ما ورد به ومن ثم فلا قيام لجريمة تزوير إعلام الوراثة أو استعماله، وأنه لم يثبت وقوع ضرر شخصي ومباشر أصاب المدعي بالحقوق المدنية لأنه ليس من بين الورثة الذين أغلفهم إعلام الوراثة كما أن هناك مرشحين آخرين لذات المنصب المشار إليه. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة فيما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات التزوير واستعمال المحررات المزورة طريقاً خاصاً فإنه لا محل للاحتجاج بأن المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية قد رسمت طريقاً وحيداً لإثبات عكس ما ورد في إعلام الوراثة ذلك لأن ما نص عليه في المادة المذكورة من حكم إن هو في الحقيقة إلا استدراك عادل لما عسى أن يكون قد أدرج بالإعلام نتيجة السهو أو الخطأ مما تتأثر به حقوق الورثة الشرعيين بإضافة غير وارث إليهم أو إغفال ذكر من يستحق أن يرث شرعاً ولا شأن لحكم هذه المادة بالإثبات في الدعوى الجنائية المتعلقة بالإعلام الذي يكون قد زور بسوء القصد وتغيرت فيه الحقيقة التي كان يجب أن يتضمنها الإعلام الشرعي الصحيح، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورأت المحكمة نفسها مقيدة بغير حق بمسألة قانونية فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون. لما كان ذلك، وكان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحكم فيها ناشئاً عن ضرر حاصل من الجريمة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية، وكان الضرر الذي يصلح أساساً للمطالبة بالتعويض أمام المحاكم الجنائية يجب أن يكون ناشئاً مباشرة عن الجريمة، فإذا لم يكن إلا نتيجة ظرف لا يتصل بالجريمة إلا عن طريق غير مباشر فلا تجوز المطالبة بتعويضه بتدخل المدعى به في الدعوى الجنائية المرفوعة من النيابة العامة أو برفعها مباشرة إذ في هذه الحالة تنتفي علة الاستثناء وينتفي معها اختصاص المحاكم الجنائية. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه - وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه - أن طلب التعويض ليس ناشئاً عن جريمتي التزوير والاستعمال المرفوعة بهما الدعوى لأن سببه هو منافسة المتهمين للمدعي بالحقوق المدنية في الترشيح لمنصب عمدة القرية بتقديمهم إعلاماً شرعياً مزوراً ضمن مستندات الترشيح لإثبات ملكيتهم للنصاب المقرر قانوناً من الأراضي الزراعية، فهذا الضرر لا يصلح أساساً للحكم بالتعويض في الدعوى الجنائية إذ هذه المنافسة مهما كان اتصالها بالجريمة المرفوعة بها الدعوى فإنه أمر خارج عن موضوع الاتهام والضرر الناجم عنها لم يكن مصدره الجريمة ذاتها إذ هي لم يضر بها مباشرة إلا من حرموا من حق الإرث بمقتضى الإعلام الشرعي المذكور. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى برفض الدعوى المدنية باعتبار أن المحكمة الجنائية مختصة بنظرها فإنه يكون قد فصل في أمر هو من اختصاص المحاكم المدنية وحدها ولا شأن للمحاكم الجنائية به. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى المدنية وذلك بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظرها، مع إلزام المطعون ضدهم المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق