جلسة 3 من نوفمبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وسمير مصطفى نواب رئيس المحكمة.
-------------------
(163)
الطعن رقم 21539 لسنة 64 القضائية
(1) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص. توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل في جريمة قتل عمد.
(2) قتل عمد. إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(3) قتل عمد. إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال.
(4) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ما دامت عرضت على بساط البحث.
(5) فاعل أصلي. اشتراك. قصد جنائي. جريمة "أركانها". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الفاعل الأصلي في حكم المادة 39 عقوبات؟
الفاعل مع غيره. شريك بالضرورة. يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده.
قصد المساهمة في الجريمة. أمر باطني. يضمره الجاني. العبرة بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه.
مثال.
(6) دفوع "الدفع ببطلان القبض" "الصفة والمصلحة في الدفع".
لا صفة لغير من وقع في حقه القبض. للدفع ببطلانه. علة ذلك؟
(7) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(8) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع بأن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال الضابط يغاير المكان الذي عاينته النيابة. غير لازم. ما دامت مدوناته تضمنت الرد على ذلك.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
2 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
3 - لما كان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد أورد أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم...... بما مؤداه أن المتهمين جميعاً اتفقوا على سرقة السيارات بالإكراه وتوجهوا لمكان الحادث ومع كل منهم سلاحاً نارياً وقاموا بوضع دابة على الطريق العام لإعاقة السيارة بغية سرقتها وقام المتهم........ - الطاعن - بإطلاق عياراً نارياً على السيارة التي كان يستقلها المجني عليهم فقتل المجني عليه الأول وأصاب المجني عليه الثاني وأحدث تلفيات بالسيارة...... ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه إن إصابات المجني عليه نشأت من إصابته بعيارين ناريين معمر كل منهما بمقذوف مفرد ويجوز حدوثها من عيار ناري واحد بشرط أن يكون العضد الأيمن في مسار العيار الناري الذي أصاب الصدر وباتجاه أساسي من الخلف واليمين إلى الأمام واليسار. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله على الدليل الفني فيما تقدم فإن ما يثيره الطاعن من قالة جمع الحكم بين دليلين متناقضين يكون على غير أساس.
4 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث.
5 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه: "يعد فاعلاً للجريمة (أولاً) من يرتكبها وحده أو مع غيره. (ثانياً) من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها" والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي إن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها - ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قَصَدَ قَصْد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها حسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه، فإن العبرة هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه ولما كانت نية تدخل الطاعن والمتهمين الآخرين في اقتراف جرائم القتل العمد المقترن بجريمة الشروع في السرقة والشروع في القتل والإتلاف العمدي وحيازة أسلحة نارية وذخيرة بدون ترخيص تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره.
6 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لا صفة لغير من وقع في شأنه أن يدفع به ولو كان يستفيد منه، لأن تحقق المصلحة من الدفع لاحق لوجود الصفة فيه.
7 - لما كان الواضح من جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن بطلان اعتراف المتهم...... لكونه وليد قبض باطل ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال ضابط الواقعة يغاير المكان الذي عاينته النيابة ما دام ما أورده في مدوناته تضمن الرد على ذلك، إذ المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر منازعة لدى محكمة الموضوع بشأن تناقض أقوال......... مع التقرير الفني وأن الواقعة حدثت ليلاً ولم يطلب من المحكمة تحقيق دفاعه بشأن وجود خصومة بينه وبين المتهم سالف الذكر، فليس له - من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخرين سبق الحكم عليهم أولاً: "أ" قتلوا...... عمداً بأن أطلقوا صوبه عدة أعيرة نارية من الأسلحة النارية التي كانوا يحملونها فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي البيان شرعوا في قتل .... و..... و..... و..... عمداً بأن أطلقوا صوبهم عدة أعيرة نارية من الأسلحة آنفة الذكر فأحدثوا بـ..... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لهم فيه هو مداركته بالعلاج - أتلفوا عمداً أموالاً منقولة لا يملكونها "السيارة رقم.... أجرة قنا" بأن أطلقوا صوبها الأعيرة النارية مما ترتب عليه جعل حياة ركابها وصحتهم وأمنهم في خطر. "ب" شرعوا في سرقة المجني عليهم سالفي الذكر بالطريق العام بإحدى وسائل النقل البرية حالة كونهم أكثر من شخصين ويحملون أسلحة نارية وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو تمكن قائد السيارة من الفرار. ثانياً: المتهم الطاعن أ - حاز سلاحاً نارياً مششخناً مما لا يجوز الترخيص بحمله "مدفع رشاش". ب - حاز ذخيرة طلقة مما تستعمل في السلاح الناري. جـ - حاز جزءاً رئيسياً من سلاح ناري مششخن لا يجوز الترخيص به. وأحالته إلى محكمة جنايات قنا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 234/ 1 - 3، 315/ ثالثاً، 361 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1 - 2 - 5، 30، 35 مكرراً من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والجدولين رقمي 2، 13 الملحقين بالقانون الأول مع إعمال المادة 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات ومصادرة السلاح والذخيرة وأجزاء السلاح المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجريمة الشروع في السرقة والشروع في القتل والإتلاف العمدي وحيازة سلاح ناري وجزء رئيسي من سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حقه وما ساقه في هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا يستقي منها أن الطاعن ابتغى إزهاق روح المجني عليه، وعول الحكم في الإدانة على نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد مضمونه، كما عول الحكم على الدليلين القولي والفني رغم تناقضهما، وعول على تحريات الشرطة رغم أنها لا تصلح دليلاً بذاتها، كما خلت مدونات الحكم مما يفيد توافر الاتفاق بين المتهمين، كما أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض على المتهم..... وببطلان اعترافه القائم على القبض الباطل إلا أن المحكمة لم تعرض للدفع الأول إيراداً له أو رداً عليه وأطرحت الدفع الثاني بما لا يسوغ به إطراحه، كما أطرح دفاع الطاعن القائم على عدم صحة واقعة ضبط السلاح بدلالة أن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال ضابط الواقعة يغاير المكان الذي عاينته النيابة العامة، هذا إلى أن الحكم اطرح دفاع الطاعن القائم على تناقض أقوال..... مع التقرير الفني الذي انتهى إلى أن السيارة بها ثلاث طلقات من الأمام، وأخيراً لم يعني الحكم بتحقيق دفاع الطاعن القائم على أن الواقعة حدثت في الظلام ووجود خصومة بين الطاعن و......، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من اعتراف المتهم...... ومن أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير الطب الشرعي ومن معاينة النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحبس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله "...... وحيث إن الثابت من مطالعة المدونات أن المتهم الماثل وآخرين قد عقدوا العزم على قتل المجني عليهم وإزهاق روحهم بغية سرقة أموالهم وأمتعتهم وأنهم أعدوا لذلك بنادق آلية حشوها بطلقات نارية حية وما أن شاهد المتهم........ السيارة التي تقل المجني عليهم تحاول الفرار من الكمين المنصوب لها من قبلهم حتى صوب إلى المجني عليهم ومن مسافة قريبة للغاية وفي مواضع القتل عياراً نارياً أصاب المجني عليهما فقتل الأول وأصاب الثاني وفقاً للثابت تفصيلياً بتقرير الصفة التشريحية وأن المتهمين صمموا على قتل المجني عليهم تسهيلاً لسرقتهم مستغلين في ذلك ظروف فراغ الطريق من المارة وأنهم لو كانوا يقصدون السرقة فقط لأطلقوا العيار الناري على إطارات السيارة دون ركابها وهو ما يجبرهم على التوقف ومن ثم يكون قد وقر في وجدان المحكمة توافر نية القتل لدى المتهمين وفقاً للتصوير الوارد آنفاً الذي تستظهره المحكمة من ماديات وقائع الدعوى المطروحة". وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقدير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن إصابات المجني عليه بالعضد الأيمن والصدر نارية حيوية حديثة نشأت من إصابته بعيارين ناريين معمر كل منهما بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوعهما ونوع السلاح المطلق لأي منهما لعدم استقرار أي منهما بالجسم ويجوز حدوث الإصابة من عيار ناري واحد بشرط أن يكون العضد الأيمن في مسار العيار الناري الذي أصاب الصدر وباتجاه أساسي من الخلف واليمين إلى الأمام واليسار" فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان الحكم قد أورد أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم........ بما مؤداه أن المتهمين جميعاً اتفقوا على سرقة السيارات بالإكراه وتوجهوا لمكان الحادث ومع كل منهم سلاحاً نارياً وقاموا بوضع دابة على الطريق العام لإعاقة السيارة بغية سرقتها وقام المتهم.......... - الطاعن - بإطلاق عياراً نارياً على السيارة التي كان يستقلها المجني عليهم فقتل المجني عليه الأول وأصاب المجني عليه الثاني وأحدث تلفيات بالسيارة........ ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن إصابات المجني عليه نشأت من إصابته بعيارين ناريين معمر كل منهما بمقذوف مفرد ويجوز حدوثها من عيار ناري واحد بشرط أن يكون العضد الأيمن في مسار العيار الناري الذي أصاب الصدر وباتجاه أساسي من الخلف واليمين إلى الأمام واليسار. وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن الدليل الفني فيما تقدم فإن ما يثيره الطاعن من قالة جمع الحكم بين دليلين متناقضين يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه "يعد فاعلاً للجريمة (أولاً) من يرتكبها وحده أو مع غيره. (ثانياً) من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها" والبين من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها - ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قَصَدَ قَصْد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدوره في تنفيذها حسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه، فإن العبرة هي بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد بقيامه ولما كانت نية تدخل الطاعن والمتهمين الآخرين في اقتراف جرائم القتل العمد المقترن بجريمة الشروع في السرقة والشروع في القتل والإتلاف العمدي وحيازة أسلحة نارية وذخيرة بدون ترخيص تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصر الحكم في استظهاره، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض لا صفة لغير من وقع في شأنه أن يدفع به ولو كان يستفيد منه، لأن تحقق المصلحة من الدفع لاحق لوجود الصفة فيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الواضح من جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن بطلان اعتراف المتهم....... لكونه وليد قبض باطل ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن مكان ضبط السلاح كما جاء بأقوال ضابط الواقعة يغاير المكان الذي عاينته النيابة ما دام ما أورده في مدوناته تضمن الرد على ذلك، إذ المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر منازعة لدى محكمة الموضوع بشأن تناقض أقوال.... مع التقرير الفني وأن الواقعة حدثت ليلاً ولم يطلب من المحكمة تحقيق دفاعه بشأن وجود خصومة بينه وبين المتهم سالف الذكر، فليس له - من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها، ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق