القضية رقم 40 لسنة 30 ق " دستورية ".
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يونيو سنة 2017م، الموافق الثامن من
رمضان سنة 1438 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى
إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة
30 قضائية " دستورية ".
المقامة من
.........
ضد
1 - رئيس الجمهوريــــــــــــــــة
2 - رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس الشعب ( النواب حاليًّا )
4 - وزير العـــــــــــدل
الإجراءات
بتاريخ الثامن والعشرين من يناير سنة 2008، أودع
المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم
دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (327)، والفقرة الأولى من المادة (398) من
قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المعدل بالقانون رقم
74 لسنة 2007.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها
بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن
النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى فى القضية رقم 604 لسنة 2006 مخالفات الدخيلة
بأنه بتاريخ 14/1/2006 امتنع عن تنفيذ قرار إزالة أعمال البناء غير المرخص بها فى
العقار المبين بالأوراق، رغم إعلانه بالطريق الإدارى، بالمخالفة لنص المادة (24)
من القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون
رقم 101 لسنة 1996، وبتاريخ 3/4/2006 أصدر وكيل نيابة الدخيلة أمرًا جنائيًّا
بتغريم المدعى جنيهًا واحدًا عن كل يوم امتنع فيه عن التنفيذ لحين تمامه، وقد تقدم
المدعى بطلب إلى رئيس نيابة الدخيلة لتمكينه من الاعتراض على الأمر الجنائى المشار
إليه، الذى أشر بتمكينه من ذلك، وبتاريخ 3/12/2007 اعترض المدعى على هذا الأمر
بتقرير بالقلم الجنائى بمحكمة الدخيلة، وقيد برقم 28 لسنة 2008 مستأنف غرب، أمام
محكمة الدخيلة والبرج للجنح المستأنفة، وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية
نص الفقرة الأولى من المادة (327)، والفقرة الأولى من المادة (398) من قانون
الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 المعدل بالقانون رقم 74
لسنة 2007، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية،
أقام دعواه المعروضة، وبجلسة 29/1/2008 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة
شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة
النص التشريعي المطعون عليه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص بتطبيقه على
المدعى - قد أخل بأحد الحقوق الدستورية على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون
شرط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار
المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ولا يجوز بالتالي
الطعن على النص التشريعي إلا بعد توافر شرطين أوليين، أولهما : أن يقيم المدعى -
وفى حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا
واقعيًّا اقتصاديًّا أو غيره قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاًّ
بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا
أو مجهلاً أو منتحلاً، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا
لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم
المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدافعها، وثانيهما : أن يكون مرد الأمر فى
هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينها،
وتحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا من هذا النص مترتبًا عليه، فإذا لم يكن النص
التشريعي المطعون عليه قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه
أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن
المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي فى هذه الصور
جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد
الفصل فى الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الخطأ فى تأويل أو تطبيق النصوص القانونية
لا يوقعها فى دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة فى ذاتها، وأن الفصل فى
دستورية النصوص المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا
بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها
على أحكامه إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعًا.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة كذلك، أنه متى كان الضرر المدعى به ليس
مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق
غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة فى الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (327) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر
بالقانون رقم 150 لسنة 1950، المعدل بالقانونين رقمي 74 لسنة 2007 و153 لسنة 2007،
تنص على أن "للنيابة العامة أن تعلن عدم قبولها للأمر الجنائي الصادر من القاضي،
ولباقي الخصوم أن يعلنوا عدم قبولهم للأمر الصادر من القاضي أو من النيابة العامة،
ويكون ذلك بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة فيما يتعلق بالأمر الصادر من القاضي
طبقًا للمادة (323 مكررًا) من هذا القانون، وبتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح فى غير
هذه الحالات، وذلك كله خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالنسبة للنيابة
العامة، ومن تاريخ إعلانه بالنسبة لباقى الخصوم". والواضح من هذا النص أن
المشرع كفل لكل من النيابة العامة ولباقي الخصوم الحق فى الاعتراض على الأمر الجنائي،
وذلك بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المستأنفة، إذا صدر الأمر الجنائي من القاضي من
تلقاء نفسه طبقًا لنص المادة (323 مكررًا) من قانون الإجراءات الجنائية، فإذا صدر
الأمر من النيابة العامة أو من القاضي فى غير الحالة المتقدمة، يكون الاعتراض عليه
بتقرير بقلم كتاب محكمة الجنح المختصة، وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر
بالنسبة للنيابة العامة، ومن تاريخ إعلان الأمر بالنسبة لباقي الخصوم.
وحيث إن المدعى قد عين الضرر الذى لحقه من جراء النص المطعون فيه، والمتمثل فى
اضطراره إلى الالتجاء إلى النيابة العامة لتمكينه من الاعتراض على الأمر الجنائي
الصادر من النيابة العامة ضده بتاريخ 3/4/2006 فى القضية رقم 604 لسنة 2006
مخالفات الدخيلة، والتي مكنته من الاعتراض على هذا الأمر، وما ينعاه المدعى على
ذلك من أن إعطاء النيابة العامة الحق فى تمكين ذوى الشأن من الاعتراض على الأمر أو
رفض ذلك، إنما يتضمن سلبًا للحق فى اللجوء مباشرة إلى القاضي الطبيعي، واعتداء على
السلطة القضائية. متى كان ذلك، وكان الضرر المدعى به - على النحو المتقدم - هو فى
حقيقته ضررًا متوهمًا لا يعود إلى النص المطعون فيه، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ
والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة الشخصية المباشرة
للمدعى فى الطعن على هذا النص، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه
المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 تنص على أن "تقبل المعارضة فى الأحكام
الغيابية الصادرة فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، وذلك من المتهم أو
من المسئول عن الحقوق المدنية فى خلال الأيام العشرة التالية لإعلانه بالحكم الغيابي
خلاف ميعاد المسافة القانونية، ويجوز أن يكون هذا الإعلان بملخص على نموذج يصدر به
قرار من وزير العدل، وفى جميع الأحوال لا يعتد بالإعلان لجهة الإدارة".
وحيث إن المشرع قد أجاز بمقتضى أحكام النص المتقدم للمتهم أو المسئول عن الحقوق
المدنية المعارضة فى الحكم الغيابي الصادر فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة
للحرية، هذا وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 5/3/2016 فى
القضية رقم 56 لسنة 32 قضائية "دستورية" بعدم دستورية هذا النص فيما
تضمنه من قصر قبول المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح على تلك المعاقب
عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة الغرامة، ونشر هذا الحكم فى
الجريدة الرسمية بالعدد رقم 10 (مكرر) بتاريخ 14/3/2016. متى كان ذلك، وكان مجال
إعمال أحكام هذا النص قاصر على المعارضة فى الأحكام الغيابية التى تصدر فى الجنح،
ولا شأن له بواقع الحال فى الدعوى الموضوعية بشأن اعتراض المدعى على الأمر الجنائي
الصادر ضده من النيابة العامة، طبقًا لنص المادة (327) من قانون الإجراءات
الجنائية المشار إليه، الأمر الذى تنتفى معه مصلحته الشخصية المباشرة فى الطعن على
نص المادة (398) من قانون الإجراءات الجنائية سالف الذكر، بحسبان أن القضاء فى مدى
دستوريته لن يكون ذا أثر أو انعكاس على النزاع الموضوعي، والطلبات المطروحة به،
وقضاء محكمة الموضوع فيها، متعينًا لذلك القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة له.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن اتصال الخصومة الدستورية بها وفقًا
للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا
يجوز بعد انعقادها، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً أو تصدر حكمًا يحول دون الفصل فى
الدعوى الدستورية، بل عليها أن تتربص قضاء المحكمة فيها، غير أنه وقد انتهت هذه
المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فلا تثريب على محكمة الموضوع إذا
استمرت في نظر الدعوى، وقضت فيها بجلسة 29/1/2008 بعدم جواز نظر الاستئناف، إذ لا
ينهض ذلك مبررًا لإسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لمعاودة نظر الدعوى
الموضوعية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى
المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق