جلسة 10 من أكتوبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ورضا القاضي.
------------------
(140)
الطعن رقم 20942 لسنة 64 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
(3) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره. لا يعيب الحكم. ما دام. استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الأخذ بأقوال ينقلها شخص عن آخر. متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة عنه وتمثل الواقع في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(5) إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا يشترط في الشهادة أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة باستنتاج سائغ.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام النقض. غير مقبول.
(6) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أنتزع منه بطريق الإكراه أو صدوره إثر إجراء باطل. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بحسب الحكم كيما يستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: إطراحها.
(9) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
للمحكمة التعويل على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(10) سرقة "سرقة بإكراه". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن في توافر ظرف الإكراه في السرقة استناداً لاختلاف مكان إصابة الشاهد التي أثبتها المحقق بالتحقيقات عما أثبت بمدونات الحكم. جدل موضوعي. غير جائز أمام النقض.
(11) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم. استفادة الرد عليه ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(12) استعراف. دفوع "الدفع ببطلان عملية الاستعراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعى الطاعن على الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان عملية التعرف عليه. غير مقبول. ما دام لم يعول على أي دليل مستمد منها.
(13) اختصاص "الاختصاص النوعي". قانون "تفسيره".
توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية. أساسه؟
المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو الوصف القانوني للواقعة كما ترفع بها الدعوى.
(14) جريمة "نوعها". عقوبة "تطبيقها". سرقة "سرقة بإكراه". اختصاص "الاختصاص النوعي". محكمة الجنايات "اختصاصها".
العبرة في تحديد نوع الجريمة هو بمقدار العقوبة التي رصدها الشارع لها.
اختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة المتهم في جريمة السرقة مع آخر بالإكراه في الطريق العام المنصوص عليها في المادتين 314، 315/ أولاً، ثانياً من قانون العقوبات. أساس ذلك؟
(15) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام النقض.
2 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - لما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شاهد الإثبات، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
4 - لما كان لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة عمن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة استناد الحكم إلى أقوال باقي الشهود ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد وبالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يقبل التمسك به أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه أو صدر منه على أثر إجراء باطل بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن أمام النيابة لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عن طواعية واختيار في غير رهبة من رجال الشرطة واطمأنت إلى صحته وسلامته باعتباره دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم إطراحه الشهادة الرسمية التي تساند إليها الطاعن للتدليل على أنه اشترى سيارته قبل وقوع الحادث بفترة ذلك أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً بنفي التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - من المقرر أنه حسب الحكم كيما يستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
9 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
10 - لما كان الطاعن لا يماري في أن ما أثبته الحكم بمدوناته من أن أحد المتهمين طعن الشاهد....... بالمدية في يده اليسرى للفرار بالمسروقات، له مأخذه الصحيح من أقوال هذا الشاهد الثابتة بالأوراق، وكانت المحكمة قد ركنت في إثبات توافر ظرف الإكراه في حق الطاعن إلى أقواله بعد أن أفصحت عن اقتناعها بشهادته، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما أثبته المحقق في التحقيقات من وجود إصابة في ذقن الشاهد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام بفرض إثارته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
12 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بعدم رده على دفعه ببطلان عملية التعرف عليه - مردوداً بأن الحكم قد بني قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها، ولم يعول على أي دليل مستمد من عملية العرض ولم يشر إليها في مدوناته، ومن ثم فإنه ينحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
13 - لما كان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء عن التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة وكان المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما ترفع بها الدعوى.
14 - لما كانت العبرة في تحديد نوع الجريمة حسبما تقضي به المواد 9، 10، 11، 12 من قانون العقوبات هي بمقدار العقوبة التي رصدها الشارع لها وكانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة مع آخر بالإكراه في الطريق العام المنصوص عليها في المادتين 314، 315/ أولاً، ثانياً من هذا القانون - والتي رفعت بها الدعوى قبل الطاعن - هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، فإن هذه الجريمة تكون عملاً بنص المادة العاشرة من القانون ذاته من جرائم الجنايات، وهو ما يقتضي في الأصل أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم فيها هي محكمة الجنايات، ومن ثم فإن ما أورده الحكم يكفي رداً على الدفع بعدم الاختصاص ويسوغ به رفضه.
15 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بأنهما سرقا وآخر مجهول المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق المملوك لـ.... وآخرين في طريق عام بطريق الإكراه الواقع على...... والذي ترك به أثر جروح بأن توجه المتهم السابق الحكم عليه والآخر المجهول نحو سيارة المجني عليه...... حال وقوفها بالطريق وسرقوا منها المبلغ النقدي سالف الذكر ولاذوا بالفرار وإذ تتبعهم...... للإمساك بهم حتى ضربه المتهم السابق الحكم عليه بالمديه للفرار بالمسروقات فأحدث به الجروح المبينة بالأوراق فشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من سرقة المبلغ النقدي المبين بالأوراق. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 314، 315/ أولاً، ثانياً من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم - الطاعن - بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول على أقوال المجني عليه...... دون أن يساندها دليل وبالرغم من تعدد رواياته وتناقضها ولم يرد الحكم على ما أثاره الطاعن من الشواهد على كذب المجني عليه واستحالة حصول الواقعة طبقاً للتصوير الوارد بأقواله، كما عول الحكم على أقوال باقي الشهود بالرغم من أن شهادتهم سماعية ولم يقرر أي منهم أنه شاهد الطاعن حال ارتكابه الجريمة، كما أن الطاعن تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو إليه صدر وليد إكراه وتهديد واحتجاز بديوان مديرية الأمن لمدة عشرة أيام إلا أن الحكم لم يعن بمناقشة هذا الدفاع الجوهري كما قدم شهادة رسمية صادرة من الشهر العقاري لإثبات أن السيارة التي قيل بأنه اعترف بشرائها من متحصلات السرقة قد بيعت له قبل وقوع السرقة بخمسة عشر يوماً، إلا أن الحكم رد على ذلك بما لا يسوغ إطراحه، وعول على تحريات المباحث مع أنها لا تصلح دليلاً، وركن الحكم في تدليله على توافر ظرف الإكراه لدى الطاعن إلى شهادة.... بالرغم مما شابها من تناقض في بيان سبب الإصابة ومكانها في جسده وأورد الحكم بمدوناته أن المتهم الآخر - طعن الشاهد في يده حال أن الثابت بالتحقيقات أنه مصاب في أسفل ذقنه - كما التفت الحكم عن دفاع الطاعن بتلفيق التهمة ضده من قبل ضابط الواقعة وأغفل إيراداً ورداً دفعه ببطلان عملية العرض التي أجراها الضابط كما أطرح الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى لسبق قيد الواقعة جنحة سرقة، والدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات بما لا يسوغ إطراحهما. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن في تحقيقات النيابة والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شاهد الإثبات، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك. وكان لا مانع في القانون من أن تأخذ المحكمة بالأقوال التي ينقلها شخص عن آخر متى اطمأنت إليها ورأت أنها صدرت حقيقة عمن رواها وكانت تمثل الواقع في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة استناد الحكم إلى أقوال باقي الشهود ينحل في حقيقته إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد وبالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يقبل التمسك به أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في قضائه على اعتراف الطاعن بمحضر الشرطة وإنما استند إلى اعترافه بتحقيقات النيابة ورد على دفاع الطاعن ببطلان اعترافه بقوله "وحيث إنه عن الدفاع ببطلان اعتراف المتهم (الطاعن) لحدوثه تحت وطأة إكراه وحبسه أكثر من عشر أيام سابقة على عرضه على النيابة فهو قول مرسل لا يسانده دليل ويتعين رفضه". لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه انتزع منه بطريق الإكراه أو صدر منه على أثر إجراء باطل بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن أمام النيابة لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عن طواعية واختيار في غير رهبة من رجال الشرطة واطمأنت إلى صحته وسلامته باعتباره دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه الشهادة الرسمية التي تساند إليها الطاعن للتدليل على أنه اشترى سيارته قبل وقوع الحادث بفترة ذلك أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً بنفي التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وبحسب الحكم كيما يستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة وكان الحكم قد حصل أقوال الملازم أول........ بما مؤداه أن التحريات السرية دلت على أن المتهمين يكونان تشكيلاً عصابياً لسرقة السيارات فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما، وبضبطهما ومواجهتهما بما ورد بالتحريات أقرا له بارتكابهما للواقعة محل الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أن ما أثبته الحكم بمدوناته من أن أحد المتهمين طعن الشاهد...... بالمدية في يده اليسرى للفرار بالمسروقات، له مأخذه الصحيح من أقوال هذا الشاهد الثابتة بالأوراق. وكانت المحكمة قد ركنت في إثبات توافر ظرف الإكراه في حق الطاعن إلى أقواله بعد أن أفصحت عن اقتناعها بشهادته، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما أثبته المحقق في التحقيقات من وجود إصابة في ذقن الشاهد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق الاتهام بفرض إثارته من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم بعدم رده على دفعه ببطلان عملية التعرف عليه مردوداً بأن الحكم قد بني قضاءه على من اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها، ولم يعول على أي دليل مستمد من عملية العرض ولم يشر إليها في مدوناته، ومن ثم فإنه ينحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في رفض اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى في قوله "..... وإذ تبين بعد ضبط المتهمين وتحقيق النيابة العامة للواقعة أن الواقعة تشكل جناية سرقة بالإكراه في الطريق العام فإن الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً يكون على غير سند صحيح من الواقع أو القانون متعين الرفض". وكان مفاد المواد 215، 216، 382 من قانون الإجراءات الجنائية بخاصة وسياسة التشريع الإجرائي بعامة أن توزيع الاختصاص بين محاكم الجنايات والمحاكم الجزئية يجرى على أساس نوع العقوبة التي تهدد الجاني ابتداء عن التهمة المسندة إليه بحسب ما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة وكان المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما ترفع بها الدعوى، وكانت العبرة في تحديد نوع الجريمة - حسبما تقضي به المواد 9، 10، 11، 12 من قانون العقوبات - هي بمقدار العقوبة التي رصدها الشارع لها وكانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة مع آخر بالإكراه في الطريق العام المنصوص عليها في المادتين 314، 315/ أولاً، ثانياً من هذا القانون - والتي رفعت بها الدعوى قبل الطاعن - هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، فإن هذه الجريمة تكون عملاً بنص المادة العاشرة من القانون ذاته من جرائم الجنايات، وهو ما يقتضي في الأصل أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المتهم فيها هي محكمة الجنايات، ومن ثم فإن ما أورده الحكم يكفي رداً على الدفع بعدم الاختصاص ويسوغ به رفضه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الضبط والتفتيش الصادر من النيابة لعدم جدية التحريات فإنه مردود بأنه ورد بمحضر التحريات ما يحدد شخص المتهم المطلوب الإذن بتفتيشه وعنوانه وهو ما يكفي في نظر هذه المحكمة لتأييد سلطة الاتهام فيما اقتنعت به من جدية التحريات ويكون الدفع أيضاً جديراً بالرفض". وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق