جلسة 5/12/2023
برئاسة السيد المستشار/ عبد العزيز يعكوبي - رئيس الدائرة وعضوية المستشارين: طارق فتحي، صبحي القدومي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعنين رقمي 208، 214 لسنة 2023 مدني)
(1) إثبات "حجية الأمر المقضي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "حجية الحكم". خطأ. دعوى جزائية. دعوى مدنية. قوة الأمر المقضي. مسؤولية مدنية.
- الحكم الصادر بالبراءة أو بالإدانة في الدعوى الجزائية. حجة أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه فصلا لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجزائية والوصف القانوني له ونسبته لفاعله. وجوب تقيد المحكمة المدنية به في دعاوى الحقوق المتصلة بها. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. أساس ذلك. مثال.
(2) إثبات "حجية الأمر المقضي". تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرر. محكمة الموضوع "سلطتها". مسؤولية مدنية.
- للقاضي. متى ثبت لديه تعدد المسؤولين عن الفعل الضار بالغير. إلزامهم بالتعويض متضامنين. أو تقسيمه بينهم بالتساوي. أو بنسبة ما ساهم فيه كل منهم. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. أساس ذلك. مثال.
(3) إجراءات "إجراءات نظر الدعوى المدنية". تقادم. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى "انقضاء الدعوى" "ما يعترض سير الخصومة في الدعوى. وقف الدعوى". دعوى جزائية "تحريكها". دفوع "الدفع بسقوط الخصومة لوقف الدعوى". نظام عام.
- المادة 110 من قانون الإجراءات المدنية. مفادها.
- الإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة. ماهيته.
- وقف مدة التقادم. مناطه.
- إقامة الدعوى الجزائية. يعد مانعاً قانونياً من متابعة إجراءات الخصومة في الدعوى المدنية. متى جمع بينهما أساس مشترك. أثر ذلك: امتناع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة المدنية قبل زوال ذلك المانع بانقضاء الدعوى الجزائية بصدور حكم بات فيها أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء. عدم احتساب الفترة التي ظلت خلالها الدعوى الجزائية قائمة من مدة انقضاء الخصومة. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفضه دفعي الطاعن بسقوط الخصومة وانقضاؤها. صحيح. علة وأساس ذلك. مثال.
(4) إثبات "حجية الأمر المقضي". تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "حجية الأحكام. حجية الحكم الجزائي". خطأ. دعوى "دعوى جزائية". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". ضرر. قوة الأمر المقضي. محكمة الموضوع "سلطتها". نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها".
- تحديد مقدار المبلغ المختلس محل الجريمة. لا يحوز الحجية أمام القضاء المدني. متى لم يكن لازماً للفصل في الدعوى الجزائية. للقاضي المدني تقدير التعويض المستحق عنها من الوقائع الثابتة في الدعوى الجزائية كدليل في الخصومة المدنية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
- لمحكمة الموضوع تحصيل فهـم الواقـع في الدعـوى وتقديـر الأدلة والمستندات المقدمة إليها واستخلاص الخطأ الموجـب للمسؤولية والضرر وعلاقة السببية بينهما. متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وفقاً لنص المادتين 88 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية و269 من قانون الإجراءات الجزائية فإن للحكم الجزائي الصادر في الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة حجية أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه فصلاً ضرورياً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجزائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، بحيث إذا فصلت المحكمة الجزائية في هذه المسائل فصلاً باتاً فإن المحكمة المدنية تتقيد بها في دعاوى الحقوق المتصلة بها ويمتنع عليها إعادة البحث فيها لما يترتب على غير ذلك من قضاء يخالف الحجية التي حازها الحكم الجزائي السابق. ولما كان ذلك، وكان البين من الأوراق وما حصله الحكم المطعون فيه منها أن الحكم الجزائي قضى بإدانة الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع بتهمة الاستيلاء على أموال المجني عليهم بالاستعانة بطرق احتيالية وباتخاذ صفة غير صحيحة من شأنها خداعهم وحملهم على التسليم بأن زعموا قدرتهم على استثمار أموال المجني عليهم التي اقترضوها مصرفياً بترويج من المتهمين بعد وعدهم بسداد القرض كاملاً خلال ثلاثة أشهر على أن يستلموا ما نسبته 70% من ذلك القرض من خلال المطعون ضده الثاني ومجهولين ويتحصل المجني عليهم على ما تبقى من القرض كفائدة له، ودعموا ذلك من خلال تسهيل إجراءات القرض بإرسال مناديب البنوك للمجني عليهم لإيهامهم بحقيقة الاستثمار ولزرع الثقة وبث الطمأنينة وتحرير المطعون ضده الثاني إيصالات أمانة ضماناً لسداد المبالغ المستولي عليها، وتمكنوا بتلك الطريقة من خداع المجني عليهم وحملهم على التسليم، وأن الحكم الجزائي الصادر بإدانة المتهمين أقام قضاءه على ثبوت ارتكابهم الواقعة المنسوبة اليهم بقيام المطعون ضده الثاني بمساعدة الطاعن والمطعون ضده الرابع بالتواصل مع مناديب البنوك لاستخراج قروض بنكية للمجني عليهم، وحمل الأخيرين على تسليم أموالهم بهذه الطريقة والاستيلاء عليها، ومن ثم فإن الحكم الجزائي - بعد تأييده وصيرورته باتاً - يكون قد فصل في واقعة استلام الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع أموال المطعون ضده الأول وباقي المجني عليهم، وهي المسألة الأولية ذاتها التي أقيمت على أساسها الدعوى الماثلة بالمطالبة بهذه المبالغ. وبصدور هذا الحكم على هذا النحو يكون ركن الخطأ قائماً في جانب المتهمين حال نظر الدعوى المدنية، وإذ كان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه التزم هذا النظر، فإن ما ينعاه الطاعن يكون على غير أساس.
2- أن النص في المادة 291 من قانون المعاملات المدنية على أنه (( إذا تعدد المسؤولون عن فعل ضار كان كل منهم مسؤولاً بنسبة نصيبه فيه وللقاضي أن يحكم بالتساوي أو بالتضامن أو التكافل فيما بينهم)) وفي المادة 297 من ذات القانون على أنه (( لا تخل المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية متى توافرت شرائطها ولا أثر للعقوبة الجنائية في تحديد نطاق المسؤولية المدنية وتقدير الضمان)) يدل على أن القاضي بما له من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة عليه فيها يحق له متى ثبت لديه تعدد الأشخاص المسؤولين عن مباشرة الفعل الضار بالغير فانهم يلتزمون جميعاً بالضمان وهو بالخيار حسبما يراه مناسباً من ظروف الواقعة وملابساتها إما أن يقضي عليهم بالتعويض متضامنين أو بتقسيمه بينهم بالتساوي أو بنسبة ما ساهم فيه كل منهم في ارتكاب الفعل الضار. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه خلص إلى تأييد حكم محكمة أول درجة استناداً إلى قيام مسؤولية الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع عن الضرر المطالب بالتعويض عنه أخذاً بحجية الحكم الجزائي، وقدر التعويض وفقاً للأضرار التي لحقت بالمجني عليهم وقضى بإلزام الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع به، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت وكافياً لحمل قضائه في هذا الشأن. فان الحكم يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس.
3- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 110 من قانون الإجراءات المدنية - المنطبق على واقعة التداعي- على أنه (1- في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي سنتين على آخر إجراء صحيح فيها، ويترتب على انقضائها ذات الآثار التي تترتب على سقوطها. 2- ولا يسري حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض.) يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة سنتين، وأن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها - دون الحق محل التداعي والذي يخضع في انقضائه للمواعيد المقررة في القانون الموضوعي، وهذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذي المصلحة، ويسقط الحق فيه بالنزول عنه صراحة أو ضمناً - وإذا كان تقادم الحقوق من شأنه أن يلغي آثارا ذات أهمية نشأت عن الإجراءات التي اتخذت فيها وقد تؤثر في حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات، فقد وجب إخضاع سريانه للوقف والانقطاع تطبيقا للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط، وهي مبادئ مقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الإجراء الذي يتخذ في الخصومة ذاتها وفي مواجهة الخصم الآخر قصدا إلى استئناف السير فيها، وأما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق إما بقيام مانع مادي يتمثل في وقوع حادث يعد من قبيل القوة القاهرة ويستحيل معه على الخصوم موالاة السير في الخصومة، أو مانع قانوني يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة ومواصلة السير فيها، وكان من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسؤولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية - سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها- يوجب على المحكمة المدنية عملا بنص الفقرة الأولى من المادة (29) من قانون الإجراءات الجزائية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يصدر حكم بات في الدعوى الجزائية، وإذا كان هذا الأمر يتعلق بالنظام العام ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجزائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ومن ثم يكون قيام الدعوى الجزائية في هذه الحالة مانعا قانونيا من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجزائية أساس مشترك، وإذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر الحكم بوقفها إعمالا لما يوجبه القانون في هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانوني، وأن القول بما يخالف ذلك يجعل الإجراء عقيما إذ سيلقى مصيره الحتمي بعدم قبول المحكمة السير في إجراءات الخصومة ما دام المانع قائما، ولهذا فلا يحسب في مدة انقضاء الخصومة تلك الفترة التي ظلت خلالها الدعوى الجزائية قائمة حتى تنقضي بصدور الحكم البات فيها أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء. وإذ كان الثابت بالأوراق أن محكمة أول درجة حكمت بتاريخ 7/12/2021 بوقف الدعوى تعليقاً لحين تقديم ما يفيد نهائية الحكم في الدعوى الجزائية 2632 و2354 و2353 لسنة 2020 نيابة الأموال الكلية بالنسبة للطاعن و .... وأن تعجيل الدعوى كان بتاريخ 5/6/2023 حيث قدم المدعون شهادة من النيابة العامة من حكم المعارضة الاستئنافية رقم 153 لسنة 2021 نيابة استئناف أبو ظبي وصورة من شهادة من النيابة العامة تفيد إعلان المتهم .... نشراً، وانه لم يستأنف الحكم الجزائي في القضية حتى تاريخ 25/5/2023، وهو ما مؤداه قيام مانع قانوني حال بين المدعين وموالاة السير في الدعوى تمثل في تتابع إجراءات الدعوى الجزائية إلى أن تحقق الغرض الذي أوقفت الدعوى من أجله باستقرار المراكز القانونية للمتهمين أمام المحكمة الجزائية وصيرورة الحكم الجزائي نهائياً بالنسبة لجميع المتهمين، وأن ذات المانع يسري أيضاً على الدفع بسقوط الخصومة وينسحب عليه ذات الأثر. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض دفعي الطاعن، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
4- المقرر -في قضاء هذه المحكمة- انه ولئن كان تحديد مقدار المبلغ المختلس محل الجريمة التي ادين عنها المتهم لا يحوز - بحسب الأصل - الحجية أمام القضاء المدني متى كان تحديد هذا المقدار لم يكن لازماً للفصل في الدعوى الجزائية، إلا أنه يحق للقاضي المدني عندما يعرض لتقدير التعويض المستحق للمجني عليه أن يستخلص هذا التقدير من الوقائع الثابتة في الدعوى الجزائية كدليل قائم في الدعوى ومطروح على بساط البحث في الخصومة المدنية، ومن المقرر - أيضاً - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهـم الواقـع في الدعـوى وتقديـر الأدلة والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، واستخلاص الخطأ الموجـب للمسؤولية والضرر وعلاقة السببية بينهما، ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض طالمـا جـاء استخلاصها سائغـاً، إذ حسبهـا أن تبيـن الحقيقـة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله. لما كان ذلك، وكان الثابت وفقاً لمدونات الحكم البات في القضية الجزائية برقم 2353 و2354 و2632 جنح نيابة الأموال الكلية الصادر بجلسة 25/11/2020 أن المحكمة الجزائية تناولت بالرد ما دفع به وكيل الطاعن بجحد الصور الضوئية وإيصالات الأمانة والطعن عليها بالتزوير، بأن الطاعن اعترف بتحقيقات النيابة العامة بأن التوقيعات صادرة عنه، وخلص الحكم المطعون فيه ،ترتيباً على ذلك، إلى أن الحكم الجزائي إذ تناول في مدوناته المبالغ محل الإيصال فإن حجيته تمتد إلى ما قرره لازماً للقضاء بالإدانة من صحة الإيصالات التي تضمنت المبالغ واجبة الأداء ونفي ما تمسك به الطاعن من عدم استيلائه على أي مبلغ وأن الإيصال مزور عليه وان الخطأ الذي ارتكبه الطاعن ثبت بالحكم الجزائي وترتب عليه الضرر بالمدعين، وقدر الحكم التعويض الذي ارتأى مناسبته إجمالاً، و كان لا يوجد في القانون ما يوجب اتباع معايير معينة في تقديره سوى تناسبه مع الضرر، وكان المبلغ المقضي به في حدود الأضرار التي لحقت بالمجني عليهم، وإذ كان تقدير التعويض متى قامت أسبابه هو من سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها فيه طالما أن الأسباب التي أوردتها المحكمة في هذا الصدد سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها في قضائها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. الأمر الذي يتعين معه، والحال كذلك، رفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــة
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثاني ..... والثالث .... والخامس ..... والسابع .... والثامن .... والحادي .... والثاني عشر .... والثالث عشر ... في الطعن رقم 208 لسنة 2023 مدني أبو ظبي أقاموا على الطاعن في ذات الطعن والمطعون ضدهم الأول .... والرابع .... والسادس .... والتاسع مصرف ... والعاشر بنك .... الدعوى - التي آل قيدها إلى - رقم 207 لسنة 2021 مدني جزئي أبو ظبي بطلب إلزامهم بأداء مبلغ 5228000 درهم للمطعون ضده الثاني ومبلغ 1350000 درهم للمطعون ضده الثالث ومبلغ 1250000 درهم للمطعون ضده الخامس والتعويض بمبلغ 500000 درهم، ومبلغ 935000 درهمً للمطعون ضده السابع والتعويض بمبلغ 500000 درهم، ومبلغ 270300 درهم المطعون ضده الثامن والتعويض بمبلغ 100000 درهم ، ومبلغ 800000 درهم للمطعون ضده الحادي عشر والتعويض بمبلغ 300000 درهم، ومبلغ 320000 درهم المطعون ضده الثاني عشر والتعويض بمبلغ 100000 درهمً ، ومبلغ 140000 درهم المطعون ضده الثالث عشر والتعويض بمبلغ 50000 درهم، تأسيساً على قيام المدعى عليهم بالاستيلاء على أموالهم بطريق الاحتيال بأن قاموا بعرض مشروع استثماري عليهم بأن يقوم كل مدع بأخذ قرض من أحد البنوك وتسليم المدعى عليهم 70% من قيمته على أن يستفيد من باقي القرض في مقابل التزام المدعى عليهم بسداد إجمالي قيمة القرض للبنك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وقاموا بتسهيل إجراءات أخذ القروض للمدعين بإرسال مناديب البنوك إليهم وتحرير إيصالات أمانة كضمان لسداد المبالغ التي استولوا عليها وتمكنوا بتلك الوسائل من الاستيلاء على أموال المدعين وتحرر عن الواقعة القضايا الجزائية أرقام 2632 و 2354 و 2353 لسنة 2020 نيابة الأموال الكلية، حيث قضت المحكمة الجزائية حضورياً بإدانة الطاعن والمطعون ضده الثاني وغيابياً على المطعون ضده الرابع بالحبس ثلاث سنوات وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. وتم استئناف الحكم بالاستئنافات 4514 و4622 و4571 لسنة 2020 نيابة استئناف أبو ظبي وقضي بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بحبس الطاعن والمطعون ضده الثاني سنة واحدة، وتأييده فيما عدا ذلك. وقضي في الطعن بالنقض رقم 110 لسنة 2021، المقام من المطعون ضده الثاني، بعدم جوازه لعدم صيرورة الحكم المطعون فيه نهائياً بالنسبة له. وفى الطعن بالنقض رقم 145 لسنة 2021 المقام من المطعون ضده الثالث بعدم جوازه. وفي الطعن رقم 149 لسنة 2021 المقام من الطاعن برفضه. كما قضي في معارضة المطعون ضده الثاني الاستئنافية برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه ولم يطعن فيه بالنقض. ولم يطعن المطعون ضده الرابع بالاستئناف على الحكم الصادر بإدانته رغم إعلانه، ومن ثم صار الحكم الجزائي بإدانتهم باتاً. وإذ أصابت المدعين أضرار جراء فعل المدعى عليهم فأقاموا الدعوى. تدخل المطعون ضدهم الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر في الدعوى بطلب إلزام المدعى عليهم بمبلغ 1004327 درهماً للمطعون ضده الرابع عشر والتعويض بمبلغ 500000 درهم، ومبلغ 375000 درهم للمطعون ضده الخامس عشر والتعويض بمبلغ 200000 درهم، ومبلغ 168000 درهم للمطعون ضده السادس عشر والتعويض بمبلغ 80000 درهم. حكمت المحكمة بإلزام الطاعن والمطعون ضدهما الأول والرابع متضامنين بأداء مبلغ 1350000 درهم للمطعون ضده الثالث، وإلزام المطعون ضده الأول بأداء مبلغ 5288000 درهم للمطعون ضده الثاني، ومبلغ 1500000 درهم للمطعون ضده الخامس، ومبلغ 1100000 درهم للمطعون ضده السابع، ومبلغ 350000 درهم للمطعون ضده الثامن، وعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لعدم سداد الرسم ورفض التدخل وما عدا ذلك من طلبات.
استأنف الطاعن الحكم لدى محكمة أبو ظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية برقم 406 لسنة 2023 مدني أبو ظبي، واستأنفه المطعون ضدهم الثاني والثالث والخامس والسابع والثامن والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بالاستئناف رقم 417 لسنة 2023 مدني أبو ظبي. واستأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 413 لسنة 2023 مدني أبو ظبي. وبعد ضم الاستئنافات، قضت المحكمة بجلسة 25/9/ 2023 برفضها وتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن (....) بطريق النقض في هذا الحكم بالطعن رقم 208 لسنة 2023 مدني أبو ظبي، وأودع المصرف المطعون ضده التاسع والمطعون ضده السادس .... والمطعون ضدهم الثاني والثالث والخامس وكذا المطعون ضده الثامن مذكرات بالرد طلبوا فيها رفض الطعن. كما طعن .... بذات الطريق بالطعن رقم 214 لسنة 2023 مدني أبو ظبي، وأودع المطعون ضدهم الأربعة الأول والمطعون ضده الخامس مذكرتين بالرد طلبوا في ختامهما رفض الطعن. وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت إنهما جديران بالنظر، فقررت ضم الثاني للأول، وحددت جلسة لنظرهما.
أولاً: الطعن رقم 208 لسنة 2023 مدني
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول والأخير منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك يقول إن الحكم استند إلى حجية الأحكام الجزائية الصادرة في القضية رقم 2632 و4514 و145 و149 لسنة 2020 استئناف أبو ظبي والطعنين بالنقض رقمي 110 و145 لسنة 2021 أبو ظبي، رغم أنها لم تفصل في مسؤولية الطاعن المدنية ولم تبحث استلامه لأي مبالغ فتنتفي حجيتها أمام القضاء المدني بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وفقاً لنص المادتين 88 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية و269 من قانون الإجراءات الجزائية فإن للحكم الجزائي الصادر في الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة حجية أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه فصلا ضروريا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجزائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، بحيث إذا فصلت المحكمة الجزائية في هذه المسائل فصلا باتا فإن المحكمة المدنية تتقيد بها في دعاوى الحقوق المتصلة بها ويمتنع عليها إعادة البحث فيها لما يترتب على غير ذلك من قضاء يخالف الحجية التي حازها الحكم الجزائي السابق. ولما كان ذلك، وكان البين من الأوراق وما حصله الحكم المطعون فيه منها أن الحكم الجزائي قضى بإدانة الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع بتهمة الاستيلاء على أموال المجني عليهم بالاستعانة بطرق احتيالية وباتخاذ صفة غير صحيحة من شأنها خداعهم وحملهم على التسليم بأن زعموا قدرتهم على استثمار أموال المجني عليهم التي اقترضوها مصرفياً بترويج من المتهمين بعد وعدهم بسداد القرض كاملاً خلال ثلاثة أشهر على أن يستلموا ما نسبته 70% من ذلك القرض من خلال المطعون ضده الثاني ومجهولين ويتحصل المجني عليهم على ما تبقى من القرض كفائدة له، ودعموا ذلك من خلال تسهيل إجراءات القرض بإرسال مناديب البنوك للمجني عليهم لإيهامهم بحقيقة الاستثمار ولزرع الثقة وبث الطمأنينة وتحرير المطعون ضده الثاني إيصالات أمانة ضماناً لسداد المبالغ المستولي عليها، وتمكنوا بتلك الطريقة من خداع المجني عليهم وحملهم على التسليم، وأن الحكم الجزائي الصادر بإدانة المتهمين أقام قضاءه على ثبوت ارتكابهم الواقعة المنسوبة اليهم بقيام المطعون ضده الثاني بمساعدة الطاعن والمطعون ضده الرابع بالتواصل مع مناديب البنوك لاستخراج قروض بنكية للمجني عليهم، وحمل الأخيرين على تسليم أموالهم بهذه الطريقة والاستيلاء عليها، ومن ثم فإن الحكم الجزائي - بعد تأييده وصيرورته باتاً - يكون قد فصل في واقعة استلام الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع أموال المطعون ضده الأول وباقي المجني عليهم، وهي المسألة الأولية ذاتها التي أقيمت على أساسها الدعوى الماثلة بالمطالبة بهذه المبالغ. وبصدور هذا الحكم على هذا النحو يكون ركن الخطأ قائماً في جانب المتهمين حال نظر الدعوى المدنية، وإذ كان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه التزم هذا النظر، فإن ما ينعاه الطاعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع إذ تمسك بعدم ثبوت الدعوى في مواجهته وخلوها من أي بينة وأن إيصالات استلام المبالغ ثابت بموجبها أنه لم يستلمها، وأن المطعون ضده الثاني هو من تسلم المبالغ، إلا أن الحكم التفت عن دفاعه ولم يقسطه حقه في الرد، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 291 من قانون المعاملات المدنية على أنه ( إذا تعدد المسؤولون عن فعل ضار كان كل منهم مسؤولاً بنسبة نصيبه فيه وللقاضي أن يحكم بالتساوي أو بالتضامن أو التكافل فيما بينهم) وفي المادة 297 من ذات القانون على أنه (لا تخل المسؤولية المدنية بالمسؤولية الجنائية متى توافرت شرائطها ولا أثر للعقوبة الجنائية في تحديد نطاق المسؤولية المدنية وتقدير الضمان) يدل على أن القاضي بما له من سلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة عليه فيها يحق له متى ثبت لديه تعدد الأشخاص المسؤولين عن مباشرة الفعل الضار بالغير فانهم يلتزمون جميعاً بالضمان وهو بالخيار حسبما يراه مناسباً من ظروف الواقعة وملابساتها إما أن يقضي عليهم بالتعويض متضامنين أو بتقسيمه بينهم بالتساوي أو بنسبة ما ساهم فيه كل منهم في ارتكاب الفعل الضار. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه خلص إلى تأييد حكم محكمة أول درجة استناداً إلى قيام مسؤولية الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع عن الضرر المطالب بالتعويض عنه أخذاً بحجية الحكم الجزائي، وقدر التعويض وفقاً للأضرار التي لحقت بالمجني عليهم وقضى بإلزام الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والرابع به، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت وكافياً لحمل قضائه في هذا الشأن. فان الحكم يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس.
الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن.
ثانياً: الطعن رقم 214 لسنة 2023 مدني
حيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور، إذ تمسك بالدفع بسقوط الخصومة لوقف الدعوى لما يزيد على ستة أشهر من وقف الدعوى تعليقاً، وكذا بانقضاء الخصومة لمرور أكثر من سنة على وقف الدعوى دون معاودة السير فيها، إذ حكمت المحكمة بجلسة 21/7/2021 بوقف الدعوى تعليقاً وظلت الدعوى معلقة حتى طلب المطعون ضدهم تعجيلها من الوقف بتاريخ 6/5/2023، مما لازمه القضاء بانقضاء الخصومة، إلا أن الحكم لم يواجه دفاعه برد سائغ. بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهيه غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 110 من قانون الإجراءات المدنية - المنطبق على واقعة التداعي- على أنه (1- في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي سنتين على آخر إجراء صحيح فيها، ويترتب على انقضائها ذات الآثار التي تترتب على سقوطها. 2- ولا يسري حكم الفقرة السابقة على الطعن بطريق النقض.) يدل على أن انقضاء الخصومة يكون بسبب عدم موالاة إجراءاتها مدة سنتين، وأن هذه المدة تعتبر ميعاد تقادم مسقط لإجراءات الخصومة ذاتها - دون الحق محل التداعي والذي يخضع في انقضائه للمواعيد المقررة في القانون الموضوعي، وهذا التقادم لا يتصل بالنظام العام بل يجب التمسك به من الخصم ذي المصلحة، ويسقط الحق فيه بالنزول عنه صراحة أو ضمناً - وإذا كان تقادم الحقوق من شأنه أن يلغي آثاراً ذات أهمية نشأت عن الإجراءات التي اتخذت فيها وقد تؤثر في حقوق للخصوم تعلق مصيرها بهذه الإجراءات، فقد وجب إخضاع سريانه للوقف والانقطاع تطبيقا للمبادئ العامة الأساسية في شأن التقادم المسقط، وهي مبادئ مقررة كأصل عام في التشريعات الإجرائية أسوة بالتشريعات الموضوعية، والإجراء القاطع لمدة تقادم الخصومة هو الإجراء الذي يتخذ في الخصومة ذاتها وفي مواجهة الخصم الآخر قصداً إلى استئناف السير فيها، وأما وقف مدة هذا التقادم فيتحقق إما بقيام مانع مادي يتمثل في وقوع حادث يعد من قبيل القوة القاهرة ويستحيل معه على الخصوم موالاة السير في الخصومة، أو مانع قانوني يحول دون مباشرة إجراءات الخصومة ومواصلة السير فيها، وكان من المقرر أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسؤولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية - سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها - يوجب على المحكمة المدنية عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة (29) من قانون الإجراءات الجزائية أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يصدر حكم بات في الدعوى الجزائية، وإذا كان هذا الأمر يتعلق بالنظام العام ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجزائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ومن ثم يكون قيام الدعوى الجزائية في هذه الحالة مانعا قانونيا من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجزائية أساس مشترك، وإذا ما رفعت الدعوى المدنية ثم صدر الحكم بوقفها إعمالا لما يوجبه القانون في هذا الصدد فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال ذلك المانع القانوني، وأن القول بما يخالف ذلك يجعل الإجراء عقيما إذ سيلقى مصيره الحتمي بعدم قبول المحكمة السير في إجراءات الخصومة مادام المانع قائماً، ولهذا فلا يحسب في مدة انقضاء الخصومة تلك الفترة التي ظلت خلالها الدعوى الجزائية قائمة حتى تنقضي بصدور الحكم البات فيها أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء. وإذ كان الثابت بالأوراق أن محكمة أول درجة حكمت بتاريخ 7/12/2021 بوقف الدعوى تعليقاً لحين تقديم ما يفيد نهائية الحكم في الدعوى الجزائية 2632 و2354 و2353 لسنة 2020 نيابة الأموال الكلية بالنسبة للطاعن و .... وأن تعجيل الدعوى كان بتاريخ 5/6/2023 حيث قدم المدعون شهادة من النيابة العامة من حكم المعارضة الاستئنافية رقم 153 لسنة 2021 نيابة استئناف أبو ظبي وصورة من شهادة من النيابة العامة تفيد إعلان المتهم .... نشراً، وأنه لم يستأنف الحكم الجزائي في القضية حتى تاريخ 25/5/2023، وهو ما مؤداه قيام مانع قانوني حال بين المدعين وموالاة السير في الدعوى تمثل في تتابع إجراءات الدعوى الجزائية إلى أن تحقق الغرض الذي أوقفت الدعوى من أجله باستقرار المراكز القانونية للمتهمين أمام المحكمة الجزائية وصيرورة الحكم الجزائي نهائياً بالنسبة لجميع المتهمين، وأن ذات المانع يسري أيضاً على الدفع بسقوط الخصومة وينسحب عليه ذات الأثر. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض دفعي الطاعن، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور، إذ قضى بإلزامه بالمبالغ المقضي بها في الدعوى استناداً إلى ادعاء المطعون ضدهم المرسل وعلى الرغم من أن الحكم الجزائي لم يحدد المبلغ محل الجريمة، وان استناده إلى صحة الإيصال المنسوب للطاعن كان بوصفه دليلاً على صحة أصل الواقعة لا على سبيل الجزم بمقدار المال، وأن هناك تعاملات مالية للمطعون ضدهم تمت بعد انتهاء علاقتهم مع الطاعن، وأن الحكم لم يبحث علاقة السببية بين الخطأ وتحقق الضرر، والتفت عن دفعه بتزوير سند المديونية وإقرار المطعون ضدهم باسترداد جزء من المبالغ المدعى بها وطلبه مخاطبة البنوك للاستعلام عن مبالغ القروض، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- انه ولئن كان تحديد مقدار المبلغ المختلس محل الجريمة التي ادين عنها المتهم لا يحوز - بحسب الأصل- الحجية امام القضاء المدني متى كان تحديد هذا المقدار لم يكن لازما للفصل في الدعوى الجزائية، إلا انه يحق للقاضي المدني عندما يعرض لتقدير التعويض المستحق للمجني عليه ان يستخلص هذا التقدير من الوقائع الثابتة في الدعوى الجزائية كدليل قائم في الدعوى ومطروح على بساط البحث في الخصومة المدنية، ومن المقرر - أيضاً- أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهـم الواقـع في الدعـوى وتقديـر الأدلة والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه واطراح ما عداه، واستخلاص الخطأ الموجـب للمسؤولية والضرر وعلاقة السببية بينهما، ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض طالمـا جـاء استخلاصها سائغـاً، إذ حسبهـا أن تبيـن الحقيقـة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله. لما كان ذلك، وكان الثابت وفقاً لمدونات الحكم البات في القضية الجزائية برقم 2353 و2354 و2632 جنح نيابة الأموال الكلية الصادر بجلسة 25/11/2020 أن المحكمة الجزائية تناولت بالرد ما دفع به وكيل الطاعن بجحد الصور الضوئية وإيصالات الأمانة والطعن عليها بالتزوير، بأن الطاعن اعترف بتحقيقات النيابة العامة بأن التوقيعات صادرة عنه، وخلص الحكم المطعون فيه ،ترتيباً على ذلك، إلى أن الحكم الجزائي إذ تناول في مدوناته المبالغ محل الإيصال فإن حجيته تمتد إلى ما قرره لازماً للقضاء بالإدانة من صحة الإيصالات التي تضمنت المبالغ واجبة الأداء ونفي ما تمسك به الطاعن من عدم استيلائه على أي مبلغ وأن الإيصال مزور عليه وان الخطأ الذي ارتكبه الطاعن ثبت بالحكم الجزائي وترتب عليه الضرر بالمدعين، وقدر الحكم التعويض الذي ارتأى مناسبته إجمالاً، و كان لا يوجد في القانون ما يوجب اتباع معايير معينة في تقديره سوى تناسبه مع الضرر، وكان المبلغ المقضي به في حدود الأضرار التي لحقت بالمجني عليهم، وإذ كان تقدير التعويض متى قامت أسبابه هو من سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها فيه طالما أن الأسباب التي أوردتها المحكمة في هذا الصدد سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها في قضائها، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. الأمر الذي يتعين معه، والحال كذلك، رفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق