بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1138 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
و. ب. ب. ت. و. ل. ف. د.
مطعون ضده:
ز. ا. ا. ب. ت. و. ل. ف. د.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1452 استئناف تجاري بتاريخ 23-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر/أحمد عبد القوي سلامة وبعد المداولة : ــ
حيث استوفى الطعن شروط قبوله الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـــ علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــ تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 373 لسنة 2022 تجاري على الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 14.985.420.5 درهم ( أربعة عشر مليون وتسعمائة وخمسة وثمانين ألف وأربعمائة وعشرين درهم وخمسة فلوس ) والفائدة بواقع 12% من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد التام ، وقالت بياناً لذلك أنه بموجب العقد المؤرخ في 29/3/2017 عهد مركز دبي التجاري العالمي بصفته صاحب العمل (مالك المشروع) للشركة الطاعنة الأعمال الخاصة ببناء الأساسات بالكامل والتصميم الملائم لصالة المعارض التابعة له والمبينة بالصحيفة ، وفي ذات التاريخ المشار إليه قامت الطاعنة بالتعاقد من الباطن مع المطعون ضدها لإنجاز الأعمال التي تخص خدمات التصميم لهذا المشروع ، وأن المطعون ضدها قامت بإنجاز 23 تغييراً ولم يتم سداد الدفعة المستحقة المتعلقة بهذه التغييرات من جانب الطاعنة ، فضلاً عن التكلفة الإضافية بسبب تعطل الخدمات من قبل الطاعنة وهو ما ترتب عليه قيام المطعون ضدها بإعادة تسلسل الخدمات والقيام بعمل إضافي كبير وفرض بعض التغييرات في التصميم والذي تم تقديمه في مرحلة متأخرة من عملية التصميم ، وقد تسبب ذلك في تحويل القوى العاملة وتأخير أو تعديل أجزاء أخرى من التصميم ليتناسب مع التغييرات المطلوبة ، وكان من شأن هذا أن أدى إلى زيادة ساعات العمل المطلوبة لجميع أجزاء التصميم وأثرت على كفاءة القوى العاملة بسبب التعامل مرة أخرى مع التصميم ، بالإضافة إلى الحاجة إلى قوة عاملة إضافية للتعامل مع التغييرات الأساسية في التصميم بسبب التعليمات المتأخرة المتكررة ، فضلا عن التكلفة الإضافية بسبب التغييرات في مسألة الإشراف على الموقع ، وأن الاتفاقية المبرمة بين الطاعنة والمطعون ضدها تضمنت اتفاق صريح على أن تقوم الطاعنة بسداد الفواتير في غضون أربعة عشر يوماً بعد استلام الأموال من العميل ــ صاحب العمل ــ فيما يتعلق بمقدار العمل المعتمد ، وإذ قامت المطعون ضدها بتنفيذ الأعمال وفقاً لاتفاقية الاستشارات من الباطن وبالفعل تم تسليم كافة الأعمال المتفق عليها في الاتفاقية إلى الطاعنة والتي قامت بدورها بتسليم المشروع لصاحب العمل (مالك المشروع) ، فيما أخلت الطاعنة بسداد مستحقات المطعون ضدها وترصد في ذمتها المبلغ المطالب به وجرى مطالبتها بالسداد دون جدوى ، ومن ثم أقامت الدعوى بما سلف من طلبات . أبدت الطاعنة دعوى متقابلة بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدى إليها مبلغ 10,665,881.00 درهم (عشرة ملايين وستمائة وخمسة وستين ألف وثمانمائة وواحد وثمانين درهم) والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وحتى السداد التام تأسيساً على خطأ وسهو المطعون ضدها أثناء عملية التصميم المسندة إليها في المشروع مما كبد الطاعنة نفقات ومصروفات إضافية ، ندبت المحكمة لجنة خبرة ، وبعد أن قدمت تقريرها ، حكمت المحكمة بتاريخ 29/4/2025 ، أولاً : ــ في الدعوي الأصلية : بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 5,517,532 درهم (خمسة ملايين وخمسمائة وسبعة عشر ألف وخمسمائة واثنين وثلاثين درهم ) والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 29/12/2022 وحتي السداد التام ، ثانياً : ــ بعدم قبول الدعوي المتقابلة لعدم سداد الرسم . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1452 لسنة 2025 تجاري ، وبجلسة 23/7/2025 قضت المحكمة في غرفة مشورة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 18/8/2025 بطلب نقضه ، قدمت المطعون ضدها مذكرة بالرد . وإذ عرض الطعن في غرفة مشورة ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم .
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ، وفي بيان ذلك تقول أن دفاعها جرى أمام محكمة الموضوع على عدم قبول الدعوي لرفعها قبل الأوان إذ أن الاتفاق بينها والمطعون ضدها بموجب عقد المقاولة المؤرخ 29/3/2017 تضمن أن الطاعنة لا تلتزم بسداد مستحقات المطعون ضدها إلا بعد استلامها من صاحب المشروع وهو ما يعرف بشرط Bak To Bak ، وأن الطاعنة ــ تمسكت بعدم استلام مستحقات المطعون ضدها التي تطالب بها من صاحب المشروع ، ودللت على ذلك برسالة البريد الإلكتروني المؤرخة 9/2/2024 الموجهة من صاحب العمل إليها والتي تثبت بصورة قاطعة عدم استلامها المبالغ المستحقة عن أعمال الاشراف الإضافية والمتضمنة مستحقات المطعون ضدها ، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذه الرسالة ولم يشر إليها في مدوناته ايراداً ورداً واعتد بتقرير الخبير الأول التكميلي الذي انتهى إلى استلامها كافة مستحقات المطعون ضدها من صاحب المشروع في حين أن هذا الذى انتهى إليه التقرير خالف قواعد الإثبات فيما يتعلق بتحقق الشرط الواقف بجعل عبء إثبات تحققه عليها رغم أن إثباته يقع على عاتق المطعون ضدها وفى حين أن التقرير التكميلي الثاني للخبير تراجع عن رأيه وقرر أن إثبات تحقق الشرط واستلام الطاعنة مستحقات المطعون ضدها من صاحب العمل يحتاج إلى خبير محاسبي ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن الحق المعلق على شرط واقف لا يكون نافذاً إلا إذا تحقق الشرط فلا يجوز للدائن تحت شرط واقف أن يتقاضى حقه قبل تحقق الشرط وعلى من يتمسك بتحققه أن يقيم الدليل على ذلك سواءً كان هو مدعي أصلاً في الدعوى أو مدعي عليه فيها لأنه يدعى خلاف الظاهر ، وأنه يترتب على اتفاق المقاول الأصلي مع المقاول من الباطن على عدم سداده لمستحقات هذا الأخير عما أنجزه من أعمال المقاولة من الباطن إلا بعد استلامه أي المقاول الأصلي لتلك المستحقات من صاحب العمل ــ أن التزام المقاول الأصلي بسداد مستحقات المقاول من الباطن يصبح معلقاً على شرط واقف يترتب عليه أن يوقف نفاذ التزام المقاول الأصلي حتى تتحقق الواقعة المشروطة بإثبات استلامه لمستحقاته من صاحب العمل بما مؤداه عدم أحقية المقاول من الباطن في مطالبته ما لم يتحقق هذا الشرط ويقع عليه هو عبء إثبات تحققه بإثبات حصول المقاول الأصلي على مستحقاته من صاحب العمل ، و أنه من المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضى بطلانه ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر إلى أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً ، وأنه يتعين على المحكمة إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها أن يشتمل حكمها على ما يطمئن المطلع عليه أنها قد محصت الأدلة والمستندات المؤثرة في الدعوى والتي تمسك الخصم بدلالتها وأن ترد على أوجه الدفاع الجوهرية المطروحة عليها بما يفيد أنها قد أحاطت بحقيقه الواقع في الدعوى عن بصر وبصيرة ، فإذا التفتت عن هذا الدفاع وما قدمه الخصم من مستندات دون أن تسعى إلى استبيان وجه الحق فيها واستندت في قضائها إلى عبارات عامة لا تؤدى بمجردها إلى ما خلص إليه الحكم ولا تصلح رداً على دفاع الخصم فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان بحسبان أن مستحقات المطعون ضدها معلقة على شرط واقف BAK TO BAK وهو حصول الطاعنة على مستحقاتها من صاحب العمل ودللت على ذلك برسالة البريد الإلكتروني المؤرخة 9/2/2024 الموجهة إليها من صاحب المشروع في هذا الخصوص ، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن تمحيص هذه الرسالة ومناقشتها برغم ما لها من دلالة مؤثرة في الدعوى ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى ما قرره تقرير الخبير الثاني التكميلي أن مسألة اقتضاء الطاعنة لمستحقات المطعون ضدها من صاحب المشروع يحتاج إلى خبير محاسبي بما يفيد إبداء رأيه الفني بشأن قبض الطاعنة مستحقاتها من مالك المشروع ، بما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتفصل فيها من جديد وألزمت المطعون ضدها المصروفات ومبلغ ألفين درهم مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق