جلسة 6 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يوسف قايد ، إبراهيم فؤاد وأسامة محمود نواب رئيس المحكمة وهيثم مصطفى .
-----------------
(91)
الطعن رقم 15741 لسنة 92 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
امتداد ميعاد الطعن بالنقض وتقديم الأسباب إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة . أساس ذلك ؟
مثال .
(2) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
(3) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
مثال .
(4) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إشارة الحكم لمواد القانون التي آخذ الطاعنين بها . كفايته بياناً لها .
مثال .
(5) إتلاف . إرهاب " ارتكاب عمل إرهابي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات الحكم إتلاف الطاعنَين لخط من خطوط البترول مما ترتب عليه تعطيل أعمال ذات منفعة عامة ومعاقبتهما بالمادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 . صحيح . النعي عليه بعدم انطباق مواد قانون الإرهاب على الواقعة . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(6) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاتفاق . ماهيته ؟
للقاضي الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه .
إثبات الحكم اتفاق الطاعنين وباقي المحكوم عليهم على ارتكاب الوقائع المنسوبة إليهم . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين فيها . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(7) إتلاف . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جرائم التخريب والإتلاف العمدي الموجهة لمصالح الدولة ذات النفع العام . مناط تحققه ؟
إثبات الحكم سائغاً توافر أركان جرائم الإتلاف العمدي لخط أنابيب البترول وترتب على ذلك تعطيل أعمال ذات منفعة عامة وسرقة المواد البترولية والقيام بأعمال حفر في جزء من خط أنابيب المواد البترولية بدون ترخيص . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(8) إتلاف . نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " .
نعي الطاعنين بقصور الحكم في استظهار القصد الخاص في جريمة سرقة المواد البترولية . غير مجد . متى عاقبهم بالعقوبة المقررة لجريمة الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول باعتبارها الأشد . أساس ذلك ؟
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع ببطلان القبض " .
اطراح الحكم سائغاً دفع الطاعن ببطلان القبض لضبطه متلبساً بحيازة السيارات الناقلة للمواد البترولية المسروقة . كفايته رداً عليه .
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . متى عرضت على بساط البحث . المنازعة في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(13) إتلاف . إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جرائم الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول المترتب عليه تعطيل أعمال ذات منفعة عامة وسرقة المواد البترولية وحفر في جزء من جانبي خط أنابيب المواد البترولية دون ترخيص . غير لازم . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(15) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته والرد عليه . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد طلباً جازماً .
(16) إرهاب " ارتكاب عمل إرهابي " . عقوبة " تطبيقها " . ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .
معاقبة الطاعنين بالسجن المشدد سبع سنوات عن الجريمة المؤثمة بنص الفقرة الثانية من المادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب باعتبارها الأشد دون الإشارة لإعمال المادة 17 عقوبات . صحيح . علة ذلك ؟
(17) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مادة العقاب المطبقة . لا يرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(18) إخفاء أشياء مسروقة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العلم في جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جريمة . مسألة نفسية . استخلاص توافره . موضوعي .
دفع الطاعنين بانتفاء أركان جريمة إخفاء المواد البترولية لانتفاء علمهما بكونها متحصلة من جريمة سرقة . غير مقبول . ما دام الحكم قد اطرحه بأسباب سائغة . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(19) دفوع " الدفع ببطلان القبض " . نقض " المصلحة في الطعن " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان القبض . غير مجد . متى لم يستند في الإدانة لدليل مستمد منه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 23 من مايو سنة 2022 ، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 22 من يوليو سنة 2022 ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم - يوم الجمعة - هو عطلة رسمية ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي وهو 23 من الشهر ذاته وهو عطلة رسمية أيضاً ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي وهو 24 من الشهر ذاته وهو الذي أودع فيه الطاعن الرابع / .... مذكرة أسباب طعنه ، ومن ثم تكون قد قدمت في الميعاد ، ويكون طعنه وطعن باقي الطاعنين الذين قرروا بالطعن وأودعوا أسباب طعنهم في الميعاد المقرر قانوناً قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بيَّن الدور الذي أسهم به الطاعنون والمصلحة ذات المنفعة العامة التي تعطلت من جراء مقارفتهم للجرائم التي دينوا بها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب .
3- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وأبرز ما جاء به من تواجد عدد اثنين محبس مثبتين أعلى خط الأنابيب داخل حفرة بأرضية الشونة محل الواقعة ، وأن السرقة حدثت من خط البترول الخام ، فإن ما ينعاه الطاعن الثالث بعدم إيراد مضمون تقرير الأدلة الجنائية لا يكون له محل ؛ لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .
4- لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين وصف الجريمة المسندة إلى الطاعنين أشار إلى النص الذي آخذهم به بقوله : ( الأمر الذي يتعين معه إدانتهم بالمواد 162/1 ، 317/ ثانياً ، خامساً ، ٣٦١/3،2،1 من قانون العقوبات والمادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن الإرهاب ، والمواد ۲ ، ۳ ، ٧ من القانون ٤ لسنة ۱۹۸۸ بشأن خطوط أنابيب البترول ) ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون ، ويكون النعي في هذا الصدد على غير أساس .
5- من المقرر بنص المادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب أنه : ( يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنين كل من أتلف عمداً أو خرب أو دمر أو عطل أو قطع أو كسر شبكة أو برجاً أو خطاً من خطوط الكهرباء أو البترول أو الغاز الطبيعي أو المباني أو المنشآت اللازمة لأي منها ، أو استولى بالقوة على أي من تلك المنشآت فإذا استخدم الجاني القوة أو العنف في ارتكاب أي من الأفعال المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة أو تعمد منع المختصين من إصلاح شيء مما ذكر أو ترتب على الجريمة توقف أو انقطاع إمداد أو تعطيل الكهرباء أو المنتجات البترولية أو الغاز الطبيعي ولو بصفة مؤقتة تكون العقوبة السجن المؤبد فإذا ترتب على ارتكاب الجرائم المشار إليها بالفقرتين السابقتين من هذه المادة وفاة شخص تكون العقوبة الإعدام وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة بمصادرة الآلات والأدوات المستخدمة في الجريمة وبإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقة المحكوم عليه وبإلزامه بأداء قيمة التلفيات ) ، وكان البين أن النص المتقدم عاقب كل من أتلف خطاً من خطوط البترول بالعقوبات المتقدمة ، وكان الثابت أن الطاعنين اقترفوا جريمة الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول وترتب على ذلك تعطيل أعمال ذات منفعة عامة ، ومن ثم فإن إشارة الحكم المطعون فيه إلى المادة سالفة الذكر ومعاقبتهم بها يكون إعمالاً لصحيح القانون ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد لا محل له .
6- من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، وكان ما أثبته الحكم سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو إيراده لمؤدى أدلة الإثبات كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين وباقي المحكوم عليهم على ارتكاب الوقائع المنسوبة إليهم من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقاً للمادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبار الطاعنين مع باقي المحكوم عليهم فاعلين أصليين في الجريمة ، ومن ثم يكون منعاهم في هذا الشأن غير سديد .
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين أتلفوا عمداً خط أنابيب البترول التابع للهيئة المصرية العامة للبترول وترتب على ذلك توقف العمل به وتسريب كميات كبيرة منه كما سرقوا المواد البترولية والمملوكة لتلك الجهة وقاموا بأعمال الحفر في جزء من جانبي خط أنابيب المواد البترولية ، فإنه يكون قد أثبت توافر هذه الجرائم في حقهم ومسئوليتهم عنها ، وإذ كان من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم التخريب والإتلاف العمدية الموجهة لمصالح الدولة ذات النفع العام ينحصر في ارتكاب الفعل المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون مع اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث الإتلاف أو التخريب ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين توافر أركان الجرائم المسندة إليهم ، ودانهم من أجل ذلك بجريمة الإتلاف والتخريب تطبيقاً للمادة ٣٦١ من قانون العقوبات والمادة ٢٥ من القانون ٩٤ لسنة ۲۰۱٥ ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد .
8- لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها عملاً بالمادة ٣٢/٢ من قانون العقوبات - الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول بالمادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 - فإنه لا جدوى مما يثيرونه بشأن القصد الخاص في السرقة .
9- لما كان الحكم المطعون فيه قد تصدى للدفع ببطلان القبض على الطاعن الثالث واطرحه على سند أنه تم ضبطه متلبساً بارتكابه الجريمة وبحوزته السيارات الناقلة للمواد البترولية وهو ما يكفي رداً عليه ويسوغ به اطراحه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
10- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة وأقوال مجريها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان التحريات أو عدم جديتها في ذاتها هو دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها ولا يتطلب رداً صريحاً منها ، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تعويل الحكم على تحريات الشرطة وشهادة مجريها وجديتها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض ، ويكون النعي بشأنه لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير لجنة الفحص ، فإن الدليل على إدانة الطاعنين لم يقتصر على التحريات وحدها ، ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد غير سديد .
11- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - وهو ما لم يخطئ الحكم تقديره - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الجرائم على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
12- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق ، واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة ، وهو ما لا شأن لمحكمة النقض به .
13- من المقرر أن القانون لم يشترط لإثبات الجرائم التي دين الطاعنون بها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل جعل القانون من سلطة القاضي أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ولا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعنين على محل الواقعة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الخامس في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
14- من المقرر أن الدفع بعدم التواجد على مسرح الحادث وانتفاء الصلة بالواقعة وعدم معقولية تصويرها مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
15- لما كان البين من محضر جلسة المرافعة الختامية بتاريخ .... أن الدفاع عن الطاعن الأول اختتم مرافعته طالباً الحكم ببراءته دون أن يتمسك بالطلبات التي سبق له التمسك بها بجلسات ماضية ، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إن لم تجبه لطلباته أو ترد عليها ، لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته والرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، فلا يعيب الحكم من بعد قضاؤه في الدعوى دون استجابة لطلبه لعدم تمسكه به في ختام مرافعته مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته ، فإن ما يثيره بهذا الشأن يكون غير سديد .
16- من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة ١٧ من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم إذ عاقب الطاعنين من الأول حتى الخامس بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ، فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذهم بالرأفة ومعاملتهم بالمادة ١٧ من قانون العقوبات - وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها - ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة ، حيث إن العقوبة المقررة بنص الفقرة الثانية من المادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب هي السجن المؤبد .
17- من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ، ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم تشكل الجناية المعاقب عليها بالمواد 162/ 1 ، 317/ ثانياً ، خامساً ، 361 /3،2،1 من قانون العقوبات والمادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن الإرهاب ، والمواد ۲ ، ۳ ، ٧ من القانون ٤ لسنة ۱۹۸۸ بشأن خطوط أنابيب البترول ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم تدخل في نطاق عقوبة المادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 والتي دين الطاعنون بها باعتبارها الأشد ، فإن إطلاق الحكم نص المادة سالفة الذكر دون تخصيصها بالفقرات الأولى والثانية والرابعة منها لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه وذلك بتخصيص الفقرات الأولى والثانية والرابعة من المادة سالفة الذكر عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ .
18- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بانتفاء علمهما بأن المواد البترولية متحصلة من جريمة سرقة واطرحه استناداً إلى توافر أركانها من عنصر مفترض وهو وقوع جريمة السرقة وركن مادي يتحقق بفعل الإخفاء وتسلم الشيء المسروق ودخوله في حيازة المتهم وتوافر الركن المعنوي من العلم بأن الشيء المخفي مسروق أو متحصل من سرقة ، ثم عرض لاطمئنانه لتحريات المباحث وضبط مبلغ نقدي بحوزة أحدهما قرر أنها حصيلة بيع المواد البترولية وانتهى لرفض الدفع ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في استخلاص علم الطاعنين بأن المواد البترولية التي دينا بإخفائها متحصلة من جناية سرقة ، ذلك بأن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة بعينها عن بينة بظروفها المشددة لا يخرج عن كونه مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود ومن اعترافات المتهمين بل لمحكمة الموضوع أن تتبينه من ظروف الواقعة وما توحي به ملابساتها ، كما أنه لا عبرة بنفي الطاعنين علمهما بمصدر الأشياء التي دينا بإخفائها ، لأن ذلك لا يقيد المحكمة بما لها من سلطة مطلقة في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه وفي أن تستخلص العلم بالجريمة وظروفها من قرائن الأحوال في الدعوى - وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره - ومن ثم يكون منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بانتفاء علمهما بأن المواد البترولية متحصلة من جريمة سرقة للأساس الذي يتحدثان عنه بوجه طعنهما – عدم ضبط مواد بترولية لديهما – فإنه لا يجوز لهما أن يثيراه لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تنحسر عن تحقيقها وظيفة محكمة النقض .
19- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في إدانة الطاعنين السادس والسابع على دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه ، فلا مصلحة لهما في تعييب الحكم في هذا الشأن ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ( طاعن ) 2- .... ( طاعن ) 3- .... ( طاعن ) 4- .... ( طاعن ) 5- .... ( طاعن ) 6- .... 7- .... 8- .... ( طاعن ) 9- .... ( طاعن ) بأنهم :-
المتهمون من الأول حتى السابع :
1- أتلفوا عمداً خطاً من خطوط البترول وهو خط أنابيب البترول بقطر ثماني بوصات والمملوك لشركة أنابيب البترول .... التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول بأن ثقبوا جسم ذلك الخط المار داخل الأرض الزراعية بالشونة الكائنة بـ .... وقاموا بتركيب محبس ( كليبس ) به مرتكبين الجريمتين محل التهمتين الثانية والثالثة وقد ترتب على ذلك ضرر تمثل في توقف إمداد المنتجات البترولية به وتسريب كميات كبيرة من تلك المواد البترولية إلى مستفيديها على النحو المبين بالتحقيقات .
2- سرقوا المواد البترولية التي يتم ضخها من خلال أنابيب البترول قطر ثماني بوصات وهي المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لشركة أنابيب البترول بـ .... التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول بأن قاموا بتركيب محبس ( كليبس ) بماسورة خط الأنابيب المار بيانها ونقلوا المسروقات باستخدام إحدى السيارات وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات .
3- قاموا بأعمال حفر في جزء من جانبي خط أنابيب المواد البترولية السائلة قطر ثمانيبوصات المبين وصفاً بالأوراق بدون ترخيص من الهيئة العامة للبترول على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهمان الثامن والتاسع :
- أخفيا المواد البترولية المتحصلة من الجريمة المار بيانها مع علمهما بكونها متحصلة من جريمة سرقة على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى وكيل الشركة المجني عليها مدنياً قبل المتهمين الحاضرين بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهمين من الأول حتى الخامس والثامن والتاسع وغيابياً للسادس والسابع عملاً بالمواد ٤٤ مكرراً/۱ ، 162 /1 ، ۳۱۷ / ثانياً ، خامساً ، 361/ 3،2،1 من قانون العقوبات ، والمادة ٢٥ من القانون رقم ٩٤ لسنة 2015 بشأن الإرهاب ، والمواد ۲ ، ۳ ، ۷ من القانون رقم 4 لسنة ١٩٨٨ بشأن خطوط أنابيب البترول ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، المادة 309 /2 من قانون الإجراءات الجنائية ، أولاً : بمعاقبة كل من المتهمين من الأول حتى السابع بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات عما أسند إليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية وأمرت بمصادرة الأدوات والمضبوطات ، ثانياً : بمعاقبة كل من المتهمين الثامن والتاسع بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وألزمتهم المصاريف الجنائية ، ثالثاً : بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهم حضورياً في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 23 من مايو سنة 2022 ، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 22 من يوليو سنة 2022 ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم - يوم الجمعة - هو عطلة رسمية ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي وهو 23 من الشهر ذاته وهو عطلة رسمية أيضاً ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي وهو 24 من الشهر ذاته وهو الذي أودع فيه الطاعن الرابع مذكرة أسباب طعنه ، ومن ثم تكون قد قدمت في الميعاد ، ويكون طعنه وطعن باقي الطاعنين الذين قرروا بالطعن وأودعوا أسباب طعنهم في الميعاد المقرر قانوناً قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعنين من الأول حتى الخامس :
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه – بمذكرات أسباب طعنهم - أنه إذ دانهم بجرائم الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول وترتب على ذلك تعطيل أعمال ذات منفعة عامة وسرقة المواد البترولية والقيام بأعمال حفر في جزء من جانبي خط أنابيب المواد البترولية بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن حررت أسبابه في صورة عامة مجملة دون بيان الأفعال المادية التي قارفها الطاعنون ، ولم يورد مضمون تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية ، ولم يشر لنص القانون الذي دانهم بموجبه ، ودانهم بمواد قانون الإرهاب رغم عدم انطباقها ، واستخلص حدوث اتفاق بينهم بما لا ينتجه ، ولم يبين أركان الجرائم المسندة إليهم لا سيما القصد الخاص ، والتفت عن الرد على الدفع ببطلان القبض ، واتخذ من التحريات دليلاً أساسياً على ارتكاب الواقعة رغم عدم جديتها وبطلانها ، واستند لأقوال الشهود على الرغم من عدم صحتها وتناقضها معولاً في الإدانة على أدلة احتمالية ، كما وقد خلت الأوراق من شاهد رؤية ، وعدم وجود سيطرة مادية على الأرض محل الواقعة ، وعدم تواجدهم على مسرحها وانتفاء صلتهم بالواقعة وعدم معقولية تصويرها ، وأضاف الأول بالتفات الحكم عن طلباته الثابتة بمحضر الجلسة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنون بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بيَّن الدور الذي أسهم به الطاعنون والمصلحة ذات المنفعة العامة التي تعطلت من جراء مقارفتهم للجرائم التي دينوا بها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وأبرز ما جاء به من تواجد عدد اثنين محبس مثبتين أعلى خط الأنابيب داخل حفرة بأرضية الشونة محل الواقعة ، وأن السرقة حدثت من خط البترول الخام ، فإن ما ينعاه الطاعن الثالث بعدم إيراد مضمون تقرير الأدلة الجنائية لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين وصف الجريمة المسندة إلى الطاعنين أشار إلى النص الذي آخذهم به بقوله : ( الأمر الذي يتعين معه إدانتهم بالمواد 162/1 ، 317/ ثانياً ، خامساً ، ٣٦١ /3،2،1 من قانون العقوبات والمادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن الإرهاب ، والمواد ۲ ، ۳ ، ٧ من القانون ٤ لسنة ۱۹۸۸ بشأن خطوط أنابيب البترول ) ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون ، ويكون النعي في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر بنص المادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب أنه : ( يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنين كل من أتلف عمداً أو خرب أو دمر أو عطل أو قطع أو كسر شبكة أو برجاً أو خطاً من خطوط الكهرباء أو البترول أو الغاز الطبيعي أو المباني أو المنشآت اللازمة لأي منها ، أو استولى بالقوة على أي من تلك المنشآت فإذا استخدم الجاني القوة أو العنف في ارتكاب أي من الأفعال المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة أو تعمد منع المختصين من إصلاح شيء مما ذكر أو ترتب على الجريمة توقف أو انقطاع إمداد أو تعطيل الكهرباء أو المنتجات البترولية أو الغاز الطبيعي ولو بصفة مؤقتة تكون العقوبة السجن المؤبد فإذا ترتب على ارتكاب الجرائم المشار إليها بالفقرتين السابقتين من هذه المادة وفاة شخص تكون العقوبة الإعدام وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة بمصادرة الآلات والأدوات المستخدمة في الجريمة وبإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقة المحكوم عليه وبإلزامه بأداء قيمة التلفيات ) ، وكان البين أن النص المتقدم عاقب كل من أتلف خطاً من خطوط البترول بالعقوبات المتقدمة ، وكان الثابت أن الطاعنين اقترفوا جريمة الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول وترتب على ذلك تعطيل أعمال ذات منفعة عامة ، ومن ثم فإن إشارة الحكم المطعون فيه إلى المادة سالفة الذكر ومعاقبتهم بها يكون إعمالاً لصحيح القانون ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، وكان ما أثبته الحكم سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو إيراده لمؤدى أدلة الإثبات كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين وباقي المحكوم عليهم على ارتكاب الوقائع المنسوبة إليهم من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقاً للمادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبار الطاعنين مع باقي المحكوم عليهم فاعلين أصليين في الجريمة ، ومن ثم يكون منعاهم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين أتلفوا عمداً خط أنابيب البترول التابع للهيئة المصرية العامة للبترول وترتب على ذلك توقف العمل به وتسريب كميات كبيرة منه ، كما سرقوا المواد البترولية والمملوكة لتلك الجهة وقاموا بأعمال الحفر في جزء من جانبي خط أنابيب المواد البترولية ، فإنه يكون قد أثبت توافر هذه الجرائم في حقهم ومسئوليتهم عنها ، وإذ كان من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم التخريب والإتلاف العمدية الموجهة لمصالح الدولة ذات النفع العام ينحصر في ارتكاب الفعل المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون مع اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث الإتلاف أو التخريب ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين توافر أركان الجرائم المسندة إليهم ، ودانهم من أجل ذلك بجريمة الإتلاف والتخريب تطبيقاً للمادة ٣٦١ من قانون العقوبات والمادة ٢٥ من القانون ٩٤ لسنة ۲۰۱٥ ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهم بالعقوبة المقررة لأشدها عملاً بالمادة ٣٢/٢ من قانون العقوبات - الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول بالمادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 - فإنه لا جدوى مما يثيرونه بشأن القصد الخاص في السرقة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى للدفع ببطلان القبض على الطاعن الثالث واطرحه على سند أنه تم ضبطه متلبساً بارتكابه الجريمة وبحوزته السيارات الناقلة للمواد البترولية ، وهو ما يكفي رداً عليه ويسوغ به اطراحه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة وأقوال مجريها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، كما أنه من المقرر أن الدفع ببطلان التحريات أو عدم جديتها في ذاتها هو دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها ولا يتطلب رداً صريحاً منها ، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تعويل الحكم على تحريات الشرطة وشهادة مجريها وجديتها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض ، ويكون النعي بشأنه لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير لجنة الفحص ، فإن الدليل على إدانة الطاعنين لم يقتصر على التحريات وحدها ، ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلصمن أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصهاسائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - وهو ما لم يخطئ الحكم تقديره - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلةالتي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،وكان الحكمقد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الجرائم على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق ، واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذاالشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة ، وهو ما لا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يشترط لإثبات الجرائم التي دين الطاعنون بها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل جعل القانون من سلطة القاضي أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ولا ينظر إلى دليل معين لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعنين على محل الواقعة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الخامس في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم التواجد على مسرح الحادث وانتفاء الصلة بالواقعة وعدم معقولية تصويرها مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المرافعة الختامية بتاريخ .... أن الدفاع عن الطاعن الأول اختتم مرافعته طالباً الحكم ببراءته دون أن يتمسك بالطلبات التي سبق له التمسك بها بجلسات ماضية ، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إن لم تجبه لطلباته أو ترد عليها ؛ لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته والرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، فلا يعيب الحكم من بعد قضاؤه في الدعوى دون استجابة لطلبه لعدم تمسكه به في ختام مرافعته مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته ، فإن ما يثيره بهذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة ١٧ من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم إذ عاقب الطاعنين من الأول حتى الخامس بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ، فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذهم بالرأفة ومعاملتهم بالمادة ١٧ من قانون العقوبات - وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها - ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة ، حيث إن العقوبة المقررة بنص الفقرة الثانية من المادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب هي السجن المؤبد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم تشكل الجناية المعاقب عليها بالمواد 162/1 ، 317 / ثانياً ، خامساً ، 361 /3،2،1 من قانون العقوبات والمادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 بشأن الإرهاب ، والمواد ۲ ، ۳ ، ٧ من القانون ٤ لسنة ۱۹۸۸ بشأن خطوط أنابيب البترول ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم تدخل في نطاق عقوبة المادة 25 من القانون 94 لسنة 2015 والتي دين الطاعنون بها باعتبارها الأشد ، فإن إطلاق الحكم نص المادة سالفة الذكر دون تخصيصها بالفقرات الأولى والثانية والرابعة منها لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه وذلك بتخصيص الفقرات الأولى والثانية والرابعة من المادة سالفة الذكر عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ . لما كان ما تقدم ، فإن طعن الطاعنين من الأول حتى الخامس يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعنين السادس والسابع :
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بإخفاء المواد البترولية المتحصلة من جريمة سرقة مع علمهما بذلك قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن رد برد غير سائغ على الدفع بانتفاء أركان جريمة الإخفاء لانتفاء العلم وعدم ضبط مواد بترولية لديهما ، والتفت عن الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بدلالة البرقية التلغرافية المقدمة ، ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بانتفاء علمهما بأن المواد البترولية متحصلة من جريمة سرقة واطرحه استناداً إلى توافر أركانها من عنصر مفترض وهو وقوع جريمة السرقة وركن مادي يتحقق بفعل الإخفاء وتسلم الشيء المسروق ودخوله في حيازة المتهم وتوافر الركن المعنوي من العلم بأن الشيء المخفي مسروق أو متحصل من سرقة ، ثم عرض لاطمئنانه لتحريات المباحث وضبط مبلغ نقدي بحوزة أحدهما قرر أنها حصيلة بيع المواد البترولية وانتهى لرفض الدفع ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في استخلاص علم الطاعنين بأن المواد البترولية التي دينا بإخفائها متحصلة من جناية سرقة ، ذلك بأن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة بعينها عن بينة بظروفها المشددة لا يخرج عن كونه مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود ومن اعترافات المتهمين بل لمحكمة الموضوع أن تتبينه من ظروف الواقعة وما توحي به ملابساتها ، كما أنه لا عبرة بنفي الطاعنين علمهما بمصدر الأشياء التي دينا بإخفائها ، لأن ذلك لا يقيد المحكمة بما لها من سلطة مطلقة في تقدير أدلة الدعوى والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه وفي أن تستخلص العلم بالجريمة وظروفها من قرائن الأحوال في الدعوى - وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره - ومن ثم يكون منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بانتفاء علمهما بأن المواد البترولية متحصلة من جريمة سرقة للأساس الذي يتحدثان عنه بوجه طعنهما – عدم ضبط مواد بترولية لديهما – فإنه لا يجوز لهما أن يثيراه لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تنحسر عن تحقيقها وظيفة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في إدانة الطاعنين السادس والسابع على دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه ، فلا مصلحة لهما في تعييب الحكم في هذا الشأن ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق