بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 09-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1146 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ب. ل. ل.
مطعون ضده:
ا. س. ل. ا. ف. م. د. ا. ا. ش. ذ. م. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/978 استئناف تجاري بتاريخ 16-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر د/ سيف الحداد الحازمي وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 1498 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بتنفيذ الاتفاقية المؤرخة 14-1-2021 بما يضمن عدم تعطل الخدمات والمرافق والمصاعد وأجهزة التكييف وعدم تعريض روادها وعملائها للخطر، مع إلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 10,000,000 درهم على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها . وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب الاتفاقية المؤرخة 14-1-2021 التزمت المطعون ضدها بتوفير المرافق والخدمات الأساسية اللازمة لتشغيل الملهى الليلي، "BLU? ، وبإجراء صيانة دورية لمصعدين مخصصين حصرياً لعملاء وزوار الملهى، إلا أن المطعون ضدها قد أخلّت بالتزاماتها التعاقدية، مما ألحق بها خسائر مالية جسيمة وأضر بسمعتها التجارية، إذ ظل أحد المصعدين المخصصين لها معطّلاً لأكثر من عام، وخلال الأشهر الستة الأخيرة تعطّل المصعد الثاني. هذا فضلاً عن بعض الأعطال والمشكلات المتكررة التي لحقت بمكيفات الهواء وبعض المرافق الأخرى، ورغم المراسلات المتبادلة ومحاولات إصلاح تلك الأعطال، لم تلتزم المطعون ضدها بتنفيذ التزاماتها التعاقدي، فكانت الدعوى . ندب القاضي المشرف خبيراً هندسياً وبعد أن أود تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 12-3-2025 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 978 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 16-7-2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالتمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة اشتملت على أسباب الطعن طلبت في ختامها نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بالرد. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة للفصل فيه.
وحيث ان الطعن أقيم على ثلاثة أسباب, تنعي الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، تأسيساً على أن الثابت من بنود الاتفاقية المؤرخة 14-1-2021 أن المطعون ضدها مكنت الطاعنة من تقديم خدمات الملهى الليلي (خدمات مطاعم وأطعمة ومشروبات متنوعة) للعملاء والمستفيدين من المقيمين بالفندق أو المساكن المحيطة أو غيرهم من رواد الملهى، وذلك مقابل مبلغ سنوي قدره 11,000,000.00 درهم لمدة عشرة سنوات وقد نص في الاتفاقية على تحمل الطاعنة وحدها المسئولية الإدارية والمالية الكاملة عن تشغيل المنطقة محل التعاقد، وكذا تكاليف التشغيل والصيانة، وبالتالي فإن حقيقة هذا الاتفاق أنه عقد إيجار لمدة لا تتجاوز عشرة سنوات مما ينعقد الاختصاص بنظره لمركز فض المنازعات الإيجارية، غير أن ما انتهت إليه المحكمة من تكييف للاتفاقية جاء مخالفاً لبنودها، إذ إن الاتفاقية هي في حقيقتها اتفاقية امتياز تجاري تضمنت التزامات وبنوداً لا ترد في عقود الإيجار، ومن ضمنها ما ورد في البند السادس بعنوان "الشئون المالية" من التزامات تقع على عاتقها وهي التزامات لا يتحملها المستأجر في عقود الإيجار، بما يؤكد أن الاتفاقية ليست إيجاراً وإنما هي عقد تجاري غير مسمى، اتفق الطرفان على تسميته "اتفاقية امتياز" ويخضع لشروط خاصة، كما ورد في البند العاشر من الاتفاقية التزامها بسداد المبالغ المتفق عليها نظير قيام المطعون ضدها بإدارة وتقديم الخدمات إلى الملهى الليلي، فضلاً عن نص البند الخامس عشر منها على التزام المطعون ضدها بتقديم بعض الخدمات إليها وإلى عملائها، وكل ذلك يدل على أن الاتفاقية ليست عقد إيجار، إذ لا يعقل أن يلتزم المؤجر بتقديم خدمات للمستأجر وعملائه، لا سيما أنه قد نص صراحة في البند الثاني والعشرين على أن هذه الاتفاقية لا تنشئ علاقة إيجارية وبين الطرفين، ومن ثم فلا يجوز مخالفة إرادة المتعاقدين في ظل هذا النص الصريح، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي في غير محله. ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن المناط في تكييف العقود هي بحقيقة ما عناه العاقدون منها وتَعَرُف هذا القصد من سلطة محكمة الموضوع، ومتى تبيت تلك المحكمة إرادة العاقدون على حقيقتها فإن عليها أن تكيفها بعد ذلك التكييف القانوني الصحيح غير مُقيدة في ذلك بتكييف العاقدان، وإنزال حكم القانون على العقد وهو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة التمييز، وأن العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة الواقع وليس بما يسبغه الخصوم عليه من أوصاف غير صحيحة، ومن المقرر أن عقد الإيجار هو العقد الذى يلتزم المؤجر بمقتضاه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعقار لغرض مُعين مدة معينة لقاء بدل مُعين وأن صفة المؤجر تثبت لمن يقوم بتمليك المستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء أجر معلوم. ومن المقرر أيضاً أن المحاكم هي في الأصل صاحبة الولاية العامة بنظر جميع المنازعات أياً كان نوعها غير أنه يجوز لصاحب السمو حاكم دبي أن يُخرج بعضها من ولايتها بإسنادها إلى جهة أخرى بماله من سلطة تخصيص القضاء بالزمان والمكان والحادثة وأن ما جاء في نص المادة السادسة من المرسوم رقم 36 لسنة 2013 بشأن مركز فض المنازعات الإيجارية في إمارة دبي على أن " أ - يختص المركز دون غيره بما يلي 1- الفصل في جميع المنازعات الإيجارية التي تنشأ بين مؤجري ومستأجري العقارات الواقعة في الإمارة أو في المناطق الحرة بما في ذلك الدعاوى المتقابلة الناشئة عنها وكذلك طلب اتخاذ الإجراءات الوقتية أو المستعجلة التي يتقدم بها أي من طرفي عقد الإيجار ب - ولا يختص المركز بنظر المنازعات الناشئة عن عقود الإيجار طويلة الأمد المشمولة بأحكام القانون رقم 7 لسنة 2006 والنص في القرار رقم 134 لسنة 2013 الصادر من دائرة الأراضي والأملاك بحكومة دبي بتاريخ 2-4-2014 على أنه يُعتبر إيجار طويل الأمد وفق أحكام القانون رقم 7 لسنة 2006 بشأن التسجيل العقاري في إمارة دبي كل إيجار لا تقل مدته عن عشر سنوات ولا تتجاوز 99 سنة وأن كل إيجار لا تتجاوز مدته عن 10 سنوات يُعتبر إيجار عادي وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر طبقاً لأحكام القانون رقم 26 لسنة 2008 وتعديلاته بشأن بتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين في إمارة دبي وكان مؤدى ما تقدم انعقاد الاختصاص للدائرة الابتدائية بمركز فض المنازعات الايجارية لدى دائرة الأراضي والأملاك بإمارة دبي لكافة المنازعات التي تنشأ بين مؤجري ومستأجري العقارات الواقعة في إمارة دبي -أياً كانت طبيعتها- والتي لا تتجاوز مدة الإيجار فيها عن 10 سنوات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه -المؤيد لحكم محكمة أول درجة- قد التزم بالقواعد القانونية الواردة في المساق المتقدم، وأقام قضاءه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى ما خلص إليه من سائر الأوراق، من أنه بموجب اتفاقية امتياز مؤرخة 14-1-2021 منحت المطعون ضدها الطاعنة حق تشغيل وإدارة ملهى ليلي بالفندق، بغرض تنظيم إطار التعاون بين الطاعنة والمطعون ضدها بصفتها وكيلة مالك الفندق، لتمكين الطاعنة من تقديم خدمات الملهى الليلي "خدمات مطاعم وأطعمة ومشروبات متنوعة" للعملاء والمستفيدين من المقيمين في الفندق أو المساكن المحيطة أو غيرهم من رواد الملهى، إلا أن حقيقة هذا العقد تتمثل في كونه عقد إيجار متكامل الأركان التزمت فيه المطعون ضدها وفق ما ورد في الفقرة الثالثة من البند الثالث من النسخة المترجمة من العقد موضوع الدعوى بتمكين الطاعنة من الانتفاع بالملهى محل التداعي لمدة عشر سنوات, وحسبما جاء في البند العاشر من التزامها بسداد اجرة سنوية وفق ما ورد بالبند العاشر من العقد بمبلغ مقداره 11,000,000 درهم سنويا "غير شامل الضريبة" طوال مدة العشر سنوات. وان ما جاء بالفقرة الثالثة من البند الثالث من النسخة المترجمة من العقد من عبارة " غالبا عشر سنوات", فان الثابت ان كلمة غالبا لم ترد في النسخة الإنجليزية الموقعة بين الخصوم. ولا ينال من ذلك أن العقد معنون "اتفاقية امتياز" أو أن النص في المادة 22 منه تضمن أن تلك الاتفاقية لا تُعد عقد إيجار، ذلك أن العبرة في تكييف العقد هي بحقيقته وواقع مضمونه، وليس بما يسبغه الخصوم عليه من أوصاف مخالفة لحقيقته، ويؤكد ذلك ما ورد في المادة الخامسة من الاتفاقية من التزام الطاعنة بتحمل كافة المسئوليات الإدارية والمالية الناشئة عن التشغيل، وما تضمنته المادة 5/ 6 من التزامها بدفع جميع الضرائب والرسوم المستحقة بشأن المكان، ومبالغ التأمين المقررة لضمان حسن التنفيذ والتزاماتها المتعلقة برواتب العاملين وسداد المبالغ المستحقة للجهات المختصة، ومن ثم فإن الثابت من مجمل بنود الاتفاقية أن الغرض منها هو تمكين المؤجر "المطعون ضدها" للمستأجر "الطاعنة" من الانتفاع بالملهى الليلى -محل التداعي- لمدة محددة مقابل أجرة متفق عليها، وهو ما ينطبق عليه وصف عقد الإيجار، وبذلك ينعقد الاختصاص بنظر المنازعة محل الدعوى للمحكمة الابتدائية بمركز فض المنازعات الإيجارية، باعتبار أن العقد محل التداعي -على نحو ما سلف- هو عقد إيجار مدته لا تتجاوز عشر سنوات، وهو ما تختص تلك المحكمة بنظر جميع المنازعات الناشئة عنه، وكانت هذه الأسباب سائغة ولها معينها الثابت في الأوراق وتتفق وصحيح الواقع والقانون وكافيه لحمل قضاء الحكم، فإن كافة ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل الواقع في الدعوى وتفسير وتكييف العقد وتقدير الأدلة المقدمة فيها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز. كما تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان السبب الثاني تقول إنها اعترضت على تقرير الخبير فيما انتهى إليه من عدم ثبوت تخصيص مصعدين للطاعنة لخلو الاتفاقية من نص صريح على ذلك، في حين أن هذا الشرط قد ورد في ملحق الاتفاقية، إلا أن المطعون ضدها امتنعت عن تقديمه للحيلولة دون تمكين الطاعنة من إثبات حقها، ويؤكد ذلك ما تضمنته المراسلات المتبادلة بين الطرفين من التزام المطعون ضدها بتوفير مصعدين مخصصين لعملاء وزبائن الملهى، وقد شاب المصعدين أعطال متكررة طالبت بإصلاحها أو توفير مصاعد بديلة، ولم تنكر المطعون ضدها تلك المراسلات، كما أثبتت الخبرة المنتدبة أثناء المعاينة وجود مصعدين يتم توجيه الزوار لاستخدامهما من قبل رجال الأمن، مع وجود أحدهما معطلاً، الاعتماد على الآخر في صعود ونزول رواد الملهى، مما أدى إلى تكدس الزوار في منطقة انتظار المصعد، وهو ما يثبت التزام المطعون ضدها بتوفير مصعدين أحدهما معطل، ولا ينال من ذلك ما قررته الخبرة من أن المطعون ضدها توفر مصعداً بديلاً، إذ ثبت من المعاينة أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز خمسة أو ستة أشخاص، في حين أن سعة المصعدين المخصصين تزيد على خمسين شخصاً لكل منهما، بما لا يجعل ذلك المصعد بديلاً صالحاً للمصعد المعطل، كما اعترضت على ما انتهت إليه الخبرة بشأن صلاحية أجهزة التكييف، إذ أثبتت المعاينة وجود أجهزة تكييف صحراوية بالملهى، هو ما يؤكد أن أجهزة التكييف الرئيسية لا تعمل بالصورة الطبيعية وإلا لما كان ثمة حاجة لتلك الأجهزة، ويؤيد ذلك ما تضمنته المراسلات بين الطرفين من وجود أعطال متكررة بأجهزة التكييف، ولا ينال من ذلك ما قررته الخبرة من أن ارتفاع درجة الحرارة يعود إلى كثرة أعداد الزوار، إذ إن المطعون ضدها كانت على علم بالغرض من استغلال المكان وبأنه مرخص لاستقبال أعداد كبيرة من الرواد، فضلاً عن أن الحسابات الإلكترونية للمنتفع السابق بالملهى -المقدم بالأوراق- تبين أن عدد الزوار كان دائماً يتجاوز ألف شخص، ومع ذلك لم تواجه أجهزة التبريد ذات الأعطال الحالية، مما يؤكد بأن السبب في قصور التبريد يرجع إلى عدم صيانة المطعون ضدها للأجهزة مما ألحاق أضراراً بها، كما تمسكت بأن المطعون ضدها ملزمة بتمكينها من الانتفاع بالملهى وفقاً للغرض المرخص لها به، واعترضت كذلك على ما انتهى إليه الخبير من إثبات الأضرار التي لحقت بها نتيجة إخلال المطعون ضدها بالتزاماتها، إلا أن الحكم قد أرض عن بحث اعتراضاتها على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وقضى بعدم الاختصاص الولائي على تكييف خاطئ للاتفاقية, مما يعيبه ويستوجب نقضه. وفي بيان السبب الثالث تقول إنها تمسكت أمام المحكمة بطلب إدخال خصم جديد في الدعوى وهو مالك الفندق الكائن به الملهى محل التداعي وذلك استناداً إلى ما أثبته الخبير المنتدب في تقريره المودع بالأوراق، بغية إلزامه بالتضامن مع المطعون ضدها، إلا أن الحكم أرض عن هذا الطلب مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير مقبول. ذلك أن المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه لكي يكون سبب النعي مقبولاً أن يكون قد ورد على محل من قضاء الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد وقف عند حد القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، دون أن يتعرض لموضوعها، فإن ما تثيره الطاعنة بشأن اعتراضاتها على تقرير الخبير وطلب إدخال خصم جديد للحكم عليه في موضوع الدعوى يكون غير مقبول لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات وبمبلغ الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التامين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق