الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 13 سبتمبر 2025

الطعن 73 لسنة 2017 ق جلسة 27 / 2 / 2017 تمييز دبي جزائي مكتب فني 28 ق 11 ص 86

جلسة الاثنين 27 فبراير 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان وأحمد عبد الله حسين.
--------------
(11)
الطعن رقم 73 لسنة 2017 "جزاء"
(1) مسئولية جنائية "موانع المسئولية والإعفاء عنها".
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية. ماهيته. هو الذي يعدم الإدراك أو يترتب عليه فقد القدرة على توجيه الإدراك بصفة تامة. مؤدى ذلك. سائر الأحوال النفسية التي لا تبلغ الحد الذي يفقد معه كل إدراكه أو إرادته. لا تعد سببا لانعدام المسئولية.
(2) مشروبات كحولية. قصد جنائي. مسئولية جنائية.
مسئولية السكران باختياره عن كل ما يقع منه في حالة سكره من جرائم عمدية أو غير عمدية. عقابه ولو كانت الجريمة العمدية تتطلب قصدا جنائيا. م 61 ق عقوبات.
(3) إثبات "خبرة". خبرة "تقدير تقرير الخبير". مسئولية جنائية "موانع المسئولية والإعفاء عنها". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الخبرة".
المرض الذي تنعدم به المسئولية القانونية. ماهيته. تقدير حالة المتهم وآراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات والأخذ بما ترتاح إليه وإطراح ما عداه. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.
(4) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الاعتراف".
تقدير صحة وقيمة الاعتراف في الإثبات. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(5) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في قصد القتل".
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف في الدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتي بها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص هذه النية. من سلطة محكمة الموضوع.
(6) اقتران. قتل عمد. ظروف مشددة" الاقتران". خطف "مسائل عامة". لواط. عقوبة "تشديد العقوبة". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
ظرف الاقتران. وتشديد العقوبة. شرطه. مثال لتسبيب سائغ لاقتران جرائم القتل والخطف واللواط.
-------------------
1 - المقرر أن المرض العقلي وما في حكمه الذي تنعدم به المسئولية هو الذي من شأنه أن يعدم الإدراك أو يترتب عليه فقد القدرة على توجيه الإدراك بصفة تامة أما سائر الأحوال النفسية التي تنقص أو تضعف من هاتين الملكتين بحيث لا تبلغ الحد الذي يفقد معه كل إدراكه أو إرادته فلا تعد سببا لانعدام المسئولية.
2 - المقرر وفق المادة 61 قانون العقوبات يجري نصها على أنه إذا كان فقد الإدراك أو الإرادة ناتجا عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة تناولها الجاني باختياره وعلمه عوقب على الجريمة التي وقعت ولو كانت تتطلب قصدا جنائيا خاصا كما لو كانت قد وقعت بغير تخدير أو سكر مما مفاده مسئولية السكران باختياره عن كل ما يقع منه في حالة سكره سواء كانت الجريمة التي ارتكبها عمدية أو غير عمدية وسواء كانت الجريمة العمدية مما يكتفي فيها بالقصد العام أو ما يلزم فيها قصد خاص وهو ما التزم به الحكم.
3 - المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وكما سلف بيانه- أن المرض الذي يوصف وتنعدم به المسئولية قانونا هو ذلك الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما باقي الأمراض التي لا تفقد الشعور والإدراك فلا تعد سببا لانعدام المسئولية وتقدير حالة المتهم وآراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرها من اعتراضات والأخذ بما ترتاح إليه وإطراح ما عداه من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام أن الرأي الذي انتهى إليه لا يجافي العقل والمنطق.
4 - إذ كان تقدير الاعتراف من الأمور الموضوعية التي يستقل بالفصل فيها قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة التمييز باعتبار أن الاعتراف في المسائل الجزائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ما دامت قد تحققت من الاعتراف واطمأنت إليه وارتاحت إلى صدوره بطواعية واختيار وأقامت تقدير قضائها على أسباب سائغة فلها أن تأخذ به.
5 - قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف في الدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأت بها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
6 - المقرر أنه يكفي لتوافر ظرف الاقتران ومن ثم تغليظ العقاب ثبوت استقلال الجريمة المقترفة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وإذ كان المحكوم عليه قد ارتكب جريمة القتل العمد التي استقلت تماما عن جنايتي الخطف واللواط بالإكراه واللتين سبقتها بفترة وجيزة مما يتحقق معه شرط الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر الذي ذهب إليه الحكم سديدا.
-------------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: ----- لأنه بتاريخ 20/5/2016م بدائرة مركز شرطة الراشدية.
أولا: قتل عمدا الطفل ----- (أردني الجنسية) البالغ من العمر 8 سنوات خنقا بأن أحكم قبضة كلتا يديه حول عنق الطفل المجني عليه بقصد إزهاق روحه ثم أخذ غترة حمراء اللون يستخدمها في تنظيف سيارته ولفها حول رقبة الطفل المجني عليه بقوة وربطها بإحكام وشد عليها لخمس دقائق في حين كان المجني عليه يصارع الموت بتحريك كلتا يديه ورجليه بغية الخلاص إلى أن تركه جثة هامدة متأثرا بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترن بجريمتين أخريين وهما أنه في ذات الزمان والمكان خطف بالحيلة المجني عليه الطفل سالف الذكر ولاط به بالإكراه على النحو المبين بالوصفين ثانيا وثالثا وهما الجنايتان المؤثمتان بالمادتين (344/2- 5- 6، 354) على النحو المبين والثالث بالأوراق.
ثانيا: خطف بنفسه وبطريق الحيلة الطفل المجني عليه المذكور بالوصف أولا بأن وعده بشراء لعبة (سكوتر) له في سبيل استدراجه إلى الصعود معه في سيارته بقصد الاعتداء على عرض المجني عليه (اللواط به) فأخذه من أمام مقر سكنه بالمنطقة الصناعية 8 الشارقة إلى مواقف حديقة الممزر بدبي وارتكب الجريمة المبينة بالوصف "ثالثا" على النحو المبين والثابت بالأوراق.
ثالثا: واقع بالإكراه الطفل المجني عليه المذكور بالوصف أولا البالغ من العمر 8 سنوات بأن لاط به بعد أن ألقاه على ظهره في المقعد الخلفي لسيارته ورفع رجليه إلى أعلى وأولج قضيبه في فتحة الشرج على النحو المبين والثابت بالأوراق.
رابعا: تعاطى المشروبات الكحولية (عدد 5 زجاجات فودكا من نوع إبسليوت) في غير الأحوال المنصوص عليها قانونا على النحو المبين بالأوراق.
خامسا: قاد المركبة رقم (95807 Q) خصوصي دبي وهو واقع تحت تأثير الكحول على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت معاقبته بالمواد (1- 38/1، 43، 61/1، 82، 121/1، 313/ 2 مكرر، 331، 332/ 2، 344/ 2- 5-6، 354) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لعام 1987م وتعديلاته والمواد (4/2، 10/6، 49/6، 58) من قانون السير والمرور الاتحادي رقم 21 لسنة 1995م وتعديلاته لغاية 2007م والمادتين (3- 7) من قانون مراقبة المشروبات الكحولية لسنة 1972م.
وبتاريخ 15/8/2016م حكمت محكمة أول درجة - جنايات- حضوريا وبإجماع الآراء بمعاقبة ....... بالإعدام عن الاتهامات المسندة إليه والإبعاد عن الدولة وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ (21.000) درهم على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته مصاريفها شاملة أتعاب المحاماة.
لم ترتض النيابة العامة هذا الحكم فطعنت عليه بالاستئناف رقم 5551/ 2016م.
كما لم يرتض المحكوم عليه هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف رقم 5832/ 2016م.
وبتاريخ 22/1/2017م حكمت المحكمة أولا: بقبول الاستئناف رقم 8532/ 2016م المقام من المتهم شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
ثانيا: بقبول الاستئناف رقم 5551/ 2016م المقام من النيابة العامة شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بتأييد الحكم المستأنف.
ثالثا: بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر التهمتين الرابعة والخامسة المسندتين إلى المتهم بأمر الإحالة وبإحالتهما إلى محكمة الجنح.
وحيث إن النيابة العامة بموجب الطعن رقم 73/ 2017م قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملا بنص المادتين (246، 249/ 2) من قانون الإجراءات الجزائية مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. وقدم المحكوم عليه مذكرة بالرد على طعن النيابة العامة دون أن يقرر بالطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكانت محكمة التمييز تفصل في الدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب شكلية أو موضوعية.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ---- وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل الواقعة في قوله: ((إن ثمة علاقة قد نشأت بين المتهم ---- والمدعو/ --- والد المجني عليه ----- من خلال تردد المتهم على ورشة والد المجني عليه لإصلاح السيارات والكائنة بإمارة الشارقة وخلال تردد المتهم على تلك الورشة كان المجني عليه والذي لم يتجاوز الثامنة من عمره يتردد على مكان عمل والده والذي كان يقيم مع أسرته بذات العقار الكائن به الورشة وفي خلال تلك الفترة بدأ المتهم في التقرب من المجني عليه حيث كان يعرض له بعض الفيديوهات الخاصة بألعاب الأطفال على هاتفه حتى اكتسب المتهم ثقة المجني عليه واطمأن إليه باعتباره صديق والده ثم بدأ المتهم في ترغيب المجني عليه لاقتناء لعبة السكوتر حتى تعلق بها الأخير إلا أن والده رفض إحضارها له لخطورتها عليه في هذا السن الصغير وعندئذ أدرك المتهم شدة تعلق المجني عليه بهذه اللعبة وبدأ فكره الشيطاني يخطط لاستدراج المجني عليه بعيدا عن مكان إقامته مع أسرته للواط به وفي مساء يوم 20/5/2016م طلب المتهم من المجني عليه أن ينتظره بعيدا عن ورشة والده أمام إحدى المحلات ليصطحبه في سيارته إلى إمارة دبي لشراء تلك اللعبة له ولثقة المجني عليه في المتهم ولرغبة هذا الطفل الصغير في اقتناء تلك اللعبة والتي أقنعه بها المتهم توجه إلى حيث أمره المتهم واستقل معه سيارته من نوع لكزس سوداء اللون دون علم ذويه أو موافقتهم وتوجه إلى إمارة دبي وبصحبته المجني عليه وفي تلك الأثناء كان المتهم يحتسي الخمر حتى وصل بسيارته إلى المواقف الخاصة بحديقة الممزر بدبي حيث كان المكان خاليا من المارة ولم يرفع عنه ظلمة الليل سوى إنارة بسيطة من أعمدة الإنارة الليلية ثم توقف المتهم بسيارته وطلب من المجني عليه الانتقال إلى المقعد الخلفي للسيارة فاستجاب الأخير لطلبه وانتقل إلى المقعد الخلفي لثقته فيه ولعدم وعيه وإدراكه بما يضمره له المتهم في نفسه وعقب ذلك توجه المتهم إلى المقعد الخلفي بجوار المجني عليه ونزع عنه سرواله بعنف ثم أخرج المتهم قضيبه ووضع عليه كريم كما وضع ذات المادة على دبر المجني عليه حتى يتيسر له إيلاج قضيبه في دبر المجني عليه ثم رفع رجلي المجني عليه مستغلا قوته وأولج قضيبه في دبره بقوة محدثا بفتحة الشرج كدمة خلفية وكدمة داكنة أكثر منها أثبتها الطبيب الشرعي بتقريره ولم يترك المجني عليه إلا بعد أن أشبع رغبته وقضى وطره به وعقب ذلك أخبر المجني عليه المتهم بأنه سيخبر والده عما فعله به ولخشية المتهم من افتضاح أمره أوعز له شيطانه بقتل المجني عليه فقام بالإطباق على عنق المجني عليه وخنقه ووضع يده على فمه مستغلا قوته البدنية وصغر سن المجني عليه إلا أن الأخير أخذ يقاومه بما أتيح له من قوة تتناسب مع عمره فأمسك بملابس المتهم وأحدث بها قطعا كما أحدث به بعض السحجات في جسده أثبتها التقرير الطبي الشرعي الخاص بفحص المتهم ونتيجة لتلك المقاومة ولرغبة المتهم في إزهاق روح المجني عليه أخذ قطعة من القماش كانت بالسيارة ولفها بقوة حول عنق المجني عليه ضاغطا عليها بشدة دون رحمة قاصدا من ذلك إزهاق روحه حتى تيقن من هلاكه وأنه فارق الحياة وعقب ذلك وفي حوالي الساعة السادسة والنصف من صباح اليوم التالي 21/5/2016م تخلص المتهم من جثة الطفل المجني عليه وألقاها أسفل شجرة متدلية الأغصان بجوار الطريق بالقرب من المدينة الجامعية ومبنى اتحاد الكرة بإمارة دبي ثم تخلص من متعلقات المجني عليه التي كانت بالسيارة بأن ألقاها بجوار الطريق على بعد من الجثة وفي يوم 22/5/2016م اكتشف أحد عمال النظافة جثة المجني عليه أثناء قيامه بأداء عمله فأبلغ الشرطة وقد أسفرت التحريات عن تورط المتهم في ارتكاب الواقعة فتم استصدار إذن من النيابة بضبطه وبضبط المتهم اعترف تفصيلا بارتكابه الحادث على نحو ما سلف بيانه)) وساق الحكم على ثبوت الواقعة أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها مستقاة من شهادة كل من ------- والد المجني عليه و------- عم المجني عليه والرائد -------- والوكيل ------- والملازم ------- والملازم أول -------- والملازم أول ------- و ------- عامل النظافة و------- مراقب العمال ومن اعتراف المتهم بمحضر استدلالات الشرطة وبتحقيقات النيابة العامة ومما أوردته تقارير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة - إدارة الطب الشرعي والقسم البيولوجي وإدارة الأدلة الإلكترونية ومما ثبت بمحضر الانتقال مع المتهم للإرشاد عن مكان الواقعة وما ثبت من المعاينة التصويرية التي أجريت بمعرفة النيابة العامة والمسجلة من قسم التصوير الجنائي والثابت فيها قيام المتهم بتمثيل الواقعة بالتفصيل وأضاف الحكم اعتراف المتهم أمامها والمحكمة الاستئنافية بتهمة القتل العمد ثم عرض الحكم لمدى سلامة قواه المتهم العقلية وإدراكه في تاريخ الواقعة بقوله ((وكان الثابت من التقرير الطبي الصادر عن مستشفى راشد - قسم الطب النفسي - المؤرخ 28/11/2016م أن المتهم يعاني من شخصية معادية للمجتمع مع إدمان على الكحول وهذا لا يفقده ولا ينقصه الإدراك والإرادة وبما أنه قادر على الإدراك والتمييز ولديه البصيرة الكاملة فهو مسؤول عن تصرفاته وكان المتهم لم يقدم ما يفيد أو يشير إلى إصابته بمرض عقلي أو نفسي في تاريخ الحادث بل أدلى بأقواله في التحقيقات وهو بكامل قدرته على التمييز والإدراك وأجاب على الأسئلة التي وجهت إليه ولم يلحظ المحقق عليه ما يشير إلى إصابته بمرض عقلي أو حالة نفسية تفقده الشعور والإدراك فضلا عن اعترافه التفصيلي بتلك التحقيقات والذي جاء متسقا مع ماديات الدعوى وأدلتها بالإضافة إلى أن مسلك المتهم السابق على ارتكاب الجريمة وفي أثناء ارتكابها وبعد مقارفته لها يدل بجلاء على أنه كان في حالة إدراك تام ووعي كامل وأنه كانت لديه حرية الاختيار وقت مقارفة الجريمة وبالتالي تكون مسئوليته عما وقع منه من أفعال ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد على غير سند من الواقع وصحيح القانون)) لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المرض العقلي وما في حكمه الذي تنعدم به المسئولية هو الذي من شأنه أن يعدم الإدراك أو يترتب عليه فقد القدرة على توجيه الإدراك بصفة تامة أما سائر الأحوال النفسية التي تنقص أو تضعف من هاتين الملكتين بحيث لا تبلغ الحد الذي يفقد معه كل إدراكه أو إرادته فلا تعد سببا لانعدام المسئولية، ولما كان يبين من التقرير الطبي الصادر من مستشفى راشد أن المتهم يعاني من شخصية معادية للمجتمع مع إدمان على الكحول وهو ما لا يدل على انعدام الإدراك أو يترتب عليه فقد القدرة على توجيه الإدراك بصفة تامة. لما كان ذلك، فإن المتهم كان مدركا للجريمة التي اقترفها وما يترتب عليها من نتائج بما تتوافر معه مسئوليته الجزائية عما ارتكبه وهو ما انتهى إليه الحكم صحيحا وعرض الحكم لما أثاره الطاعن أنه كان في حالة سكر وقت ارتكابه للجريمة جعلته في ظروف غير طبيعية وأطرحه بقوله: ((الثابت من اعتراف المتهم بالتحقيقات بأنه تناول المشروبات قبل ارتكابه الحادث باختياره وهو على علم بحقيقة أمرها فإن ذلك بذاته يكفي لقناعة المحكمة بمسئوليته الجنائية عما وقع منه ومن جهة أخرى فإن ملابسات الواقعة وظروفها ومسلك المتهم قبل ارتكابه الحادث وفي أثناء ارتكابه جريمة القتل العمد وبعد مقارفته لها وحتى اعترافه بالتحقيقات على ما سلف بيانه - يقطع في جلاء لا ريب فيه على أنه كان حافظا لشعوره وإدراكه وهو ما تنتهي معه المحكمة إلى سلامة إدراكه وقت ارتكابه للجرم ووقت اعترافه بالتحقيقات فإن ما انتهى إليه الحكم كافيا وسائغا في التدليل لما هو من المقرر وفق المادة (61) قانون العقوبات يجري نصها على أنه إذا كان فقد الإدراك أو الإرادة ناتجا عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة تناولها الجاني باختياره وعلمه عوقب على الجريمة التي وقعت ولو كانت تتطلب قصدا جنائيا خاصا كما لو كانت قد وقعت بغير تخدير أو سكر مما مفاده مسئولية السكران باختياره عن كل ما يقع منه في حالة سكره سواء كانت الجريمة التي ارتكبها عمدية أو غير عمدية وسواء كانت الجريمة العمدية مما يكتفي فيها بالقصد العام أو ما يلزم فيها قصد خاص وهو ما التزم به الحكم كما سلف بيانه، كما عرض الحكم بشأن تناقض التقرير الطبي الصادر عن قسم الطبي النفسي بمستشفى ------ في نتيجته النهائية حول شخصية المتهم المعادية للمجتمع وإدمانه على الكحول وأطرحه بقوله: ((وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بالتقرير الطبي عن قسم الطب النفسي بمستشفى ----- واستندت إلى ما ورد به من أن المتهم كان مدركا لأفعاله ولم يكن تحت تأثير حالة عقلية تفقده القدرة على الإدراك والتمييز أو تنقص من إدراكه وحكمه الصحيح على الأمور وكان ما ورد بالتقرير بشأن شخصية المتهم المعادية للمجتمع وإدمانه على الكحول لا يتعارض أو يتناقض مع ما انتهى إليه من نتيجة لأن هذه الأمور لا تفقده شعوره وإدراكه ولا تعد سببا لانعدام المسئولية ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن غير سديد)). لما كان ذلك، وكان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وكما سلف بيانه أن المرض الذي يوصف وتنعدم به المسئولية قانونا هو ذلك الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما باقي الأمراض التي لا تفقد الشعور والإدراك فلا تعد سببا لانعدام المسئولية وتقديره حالة المتهم وآراء الخبراء والفصل فيها يوجه إلى تقاريرها من اعتراضات والأخذ بما ترتاح إليه وإطراح ما عداه من الأمور الموضوعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ما دام أن الرأي الذي انتهى إليه لا يجافي العقل والمنطق وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية فيما استخلصته من تقرير قسم الطب النفسي بمستشفى ----- المقدم إليها ثبوت مسئولية الطاعن عما أسند إليه على النحو الذي أوردته كافيا وسائغا بما يتفق مع العقل والمنطق. لما كان ذلك، وكان تقدير الاعتراف من الأمور الموضوعية التي يستقل بالفصل فيها قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة التمييز باعتبار أن الاعتراف في المسائل الجزائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ما دامت قد تحققت من الاعتراف واطمأنت إليه وارتاحت إلى صدوره بطواعية واختيار وأقامت تقدير قضائها على أسباب سائغة فلها أن تأخذ به. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اطمأن إلى صحة وسلامة اعتراف المتهم ومطابقته للحقيقة والواقع على ضوء ما أورده من أسباب سائغة تكفي لحمل قضائه فيما خلص إليه من نتيجة. ولما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف في الدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتي بها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ولما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا في إثباتها لدى المتهم مما ساقه في معرض التدليل عليها وذلك من أقوال شهود الإثبات واعترافات المتهم التفصيلية بتحقيقات النيابة العامة واعترافاته بجلسة المحاكمة الأولى بتاريخ 20/6/2016 ومن الدليل الفني المرفق بالأوراق والمعاينة التصويرية والتي قام بها المتهم أمام النيابة العامة إن المتهم قصد إلى قتل المجني عليه وذلك باختلائه به بالسيارة وخوفا من افتضاح أمره بعد اللواط بالمجني عليه قبض على عنق الأخير بقوة وبقوته الجسمانية على الطفل الصغير قاصدا قتله ولتصميمه على قتل المجني عليه حمل قطعة من القماش كانت بالسيارة ولفها بقوة حول عنقه ضاغطا عليها بقوة ولم يترك المجني عليه والذي حاول إنقاذ نفسه بإصابات أحدثها بالمتهم إلا أن المتهم لم يتركه إلا بعد أن تأكد من إزهاق روحه وهذا ما أفصح عنه تقرير الطب الشرعي من أن وفاة المجني عليه نتيجة الخنق بالضغط اليدوي على العنق أو بقطعة من القماش وبما أحدثه من إسكابات دموية بأنسجة وعضلات جانبي العنق والظاهرة على عنق المجني عليه كل ذلك يدل بيقين لدى المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهم وتنم عما يضمره في نفسه على التخلص من المجني عليه بعد أن لاط به)) وهو تدليل سائغ على توافر نية القتل لدى المتهم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لجريمة الخطف واللواط مع ذكر يقل عمره أربعة عشر عاما وتوافر أركانها في حق المتهم بقوله: ((لما كان الثابت من الأوراق أن المتهم بطريق الخداع قام بخطف الطفل المجني عليه من محل إقامته بإمارة الشارقة إلى إمارة دبي تحت دعوى شراء سكوتر مستغلا صغر سن المجني عليه وبغيته في الحصول على لعبة السكوتر إلى أن تمكن المتهم من تحقيق غرضه ونقل المجني عليه من بين أحضان أسرته إلى مكان آخر بعيدا عنهم ليحقق مأربه الآخر مستغلا انفراده بالمجني عليه وضعف قوته وصغر سنه الذي لم يتعد الثامنة من عمره فقام بإلقائه على ظهره بالكرسي الخلفي بسيارته ونزع عنه سرواله ودون أن يراعي خوف الطفل منه وقام بإيلاج عضوه الذكري في دبر المجني عليه بعنف وقوة محدثا به إصابات في الشرج كدم خلفي وكدم آخر أكثر دكانه مما يؤكد أن اللواط بالمجني عليه كان كرها عنه ولم يتركه المتهم إلى أن قضى شهوته به والتي أثبتها تقرير الفحص البيولوجي لمسحات الشرج وحول الشرج والتي أكدت أنها عائدة إلى المتهم وقرن المتهم تلك الجنايتين بجناية أخرى فبعد إن حقق مأربه من الخطف واللواط بالمجني عليه وفي ذات الزمان وخوفا من افتضاح أمر المتهم تولدت لديه نية قتل المجني عليه على إثر أن ذكر المجني عليه إبلاغ والده عما فعله به ودون رحمة من المتهم أمسك بعنف المجني عليه بقوة بكلتا يديه ضاغطا عليه وقاصد إلى قتله ولتحقيق غرضه بالتخلص منه أمسك بقطعة من القماش ولفها حول عنق المجني عليه بقوة ضاغطا على العنق ولم يتركه إلا بعد أن تأكد من أنه قضى نحبه وهذا ما أكده تقرير الصفة التشريحية من الوفاة نتيجة الخنق)) وكان ما حصله الحكم له مأخذه من اعتراف المحكوم عليه وظروف الدعوى وما أثبتته تقارير الخبراء مما يسوغ به هذا الاستخلاص ويكون الحكم قد صادف صحيح القانون في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر ظرف الاقتران ومن ثم تغليظ العقاب أن ثبت استقلال الجريمة المقترفة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكن الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو فترة قصيرة من الزمن وإذ كان المحكوم عليه قد ارتكب جريمة القتل العمد التي استقلت تماما عن جنايتي الخطف واللواط بالإكراه واللتين سبقتها بفترة وجيزة مما يتحقق معه شرط الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر الذي ذهب إليه الحكم سديدا. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترن بجنايتي الخطف واللواط بالإكراه التي دين بها المحكوم عليه وساق عليها أوجها سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وخلا من مسألة مخالفة القانون أو الخطأ تطبيقه أو تأويله وصدر الحكم بإجماع آراء قضاء المحكمتين الابتدائية والاستئنافية ومن محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق