باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الخميس ( د ) المدنية
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد الراضي عياد الشيمي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / ناصر السعيد مشالي ، خالد إبراهيم طنطاوي عمر الفاروق عبد
المنعم منصور و محمد إبراهيم سمهان نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة السيد / عمرو عماد.
وأمين السر السيد / إبراهيم محمد عبد المجيد.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة
القاهرة.
في يوم الخميس 17 من ذي القعدة سنة 1443 ه الموافق 16من يونيو سنة
2022 م.
أصدرت الحكم الآتي: -
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 5689 لسنة 91 ق.
المرفوع من
- ...... .المقيم/
قرية الشراقوة - مركز الحامول - محافظة كفر الشيخ.
حضر عنه الأستاذ/ ..... المحامي .
ضد
- .........
المقيم/ ...... - مركز أهناسيا - محافظة بني سويف.لم يحضر أحد عنه.
----------------
" الوقائع "
في يوم 31/3/2021 طُعِنَ بطريق النقض في حكم محكمة استئناف طنطا
مأمورية كفر الشيخ الصادر بتاريخ 27/1/2021 في الاستئناف رقم 754 لسنة 53 ق وذلك
بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون
فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن حافظتي مستندات.
وفي 11/4/2021 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا وفي
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 17/3/2022 عُرِضَ الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه
جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 2/6/2022 سُمِعَ الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر
الجلسة حيث صمم الطاعن والنيابة كلٌ على ما جاء بمذكرته والمحكمة أرجأت إصدار
الحكم إلى جلسة اليوم.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المُقرِر / مُحَمَّد إِبْرَاهِيم سَمْهَان نائب رئيس المحكمة ، والمُرافعة، وبعد
المُداولة:
حيثُ إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيثُ إنَّ الواقعات - على ما يبين من الحُكم المطعون فيه وسائر
الأوراق - تتحصَّل في أنَّ المطعون ضده أقام على الطاعن - بعد رفض طلب أمر الأداء
- الدعوى رقم 305 لسنة 2018 مدني كُلي الحامول، بطلب الحُكم بإلزامه بأنْ يُؤدي
إليه مبلغ ثمانمائة وثلاثين ألف جُنيه. وقال بيانًا لدعواه إنَّه يُداينه بهذا
المبلغ بمُوجب إيصال أمانة، وإذ لم يُؤده إليه، رغم إنذاره، فقد أقام الدعوى. حكمت
المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحُكم بالاستئناف رقم 754 لسنة 53 ق طنطا
مأمورية كفر الشيخ . أحالت المحكمة الاستئناف للتحقيق، وبعد أنْ استمعت لشُهود
الطرفين، قضت بتاريخ 27/1/2021م بتأييد الحُكم المُستأنف. طعن الطاعن في هذا
الحُكم بطريق النقض. وأودعت النيابة مُذكرة، أبدت فيها الرأي بنقض الحُكم المطعون
فيه. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غُرفة مشورة - حدَّدت جلسة لنظره، وفيها
التزمت النيابة رأيها.
وحيثُ إنَّ ممَّا ينعاه الطاعن على الحُكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون، والقُصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع. وفي
بيان ذلك يقول إنَّه تمسَّك أمام محكمة الموضوع بدفاع جوهري، حاصله أنَّه لم يتسلم
المبلغ المُدوَّن بإيصال الأمانة سند الدعوى، وأنَّ هذا الإيصال قد حُرر ووُقِّع
منه على بياض، كما تمسَّك بصُورية سبب الالتزام الوارد به، وبأنَّ الطرف المُودع
لديه هذا الإيصال قد خان الأمانة، وسلَّمه إلى المطعون ضده، الذي قام بملء
البيانات الواردة به. إلا أنَّ الحُكم المطعون فيه التفت عن تمحيص هذا الدفاع،
وقضى بتأييد الحُكم الابتدائي، تأسيسًا على أنَّه قام بتسليم ذلك الإيصال تسليمًا
اختياريًا، وأنَّه لم يُثبت براءة ذمته من المبلغ المُدوَّن به بدليل كتابي، ممَّا
يعيب الحُكم ويستوجب نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعي في مَحَلِه، ذلك أنَّه من المُقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أنَّه وإنْ كان التوقيع على بياض هُو توقيع صحيح، من شأنه أنْ يُكسب
البيانات التي ستُكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حُجية الورقة العُرفية، المُستمدة
من التوقيع لا من الكتابة، إلا أنَّ شرط ذلك أنْ يكون المُوقِّع قد قصد أنْ يرتبط
بالبيانات التي سترد في الورقة، وأنْ يُسلِّمها اختيارًا، فإذا كان من استولى على
الورقة قد حصل عليها خِلسة أو نتيجة غِش أو طُرق احتيالية أو بأيَّة طريقة أُخرى
خِلاف التسليم الاختياري، فعندئذ يُعد تغيير الحقيقة فيها تزويرًا، يجوز إثباته
بطُرق الإثبات كافة. كما أنَّه من المُقرر أنَّ إنشاء مُحرر كاذب فوق توقيعٍ صحيح
أو تغيير البيانات التي انصب عليها يتساوى في أثره مع عدم صِحة التوقيع ذاته، ففي
الحالتين يُعد تزويرًا، يترتب على ثُبوته نفي صُدور المُحرر المُصطنع أو البيانات
الكاذبة المُدَوَّنة فيه ممَّن نُسب إليه، لأنَّ التوقيع على الورقة في هذه الحالة
لا ينفصل عن صُلبها وبياناتها، ولا يحتملان غير حلٍ واحد؛ إذ إنَّ المُحرر يستمد
حُجيته في الإثبات من ارتباط التوقيع بما ورد بصُلب المُحرر ومن بيانات تتصل به
وتتعلق بالعمل القانوني موضوع المُحرر. وكان من المُقرر أيضًا أنَّه على محكمة
الموضوع التحقُّق من استيفاء الشُروط والاعتبارات المُتفق عليها بين الدائن
والمدين والأمين - في حالة ثُبوت تسليم سند الدَين إلى شخص آخر مُؤتمن -، فإذا
تبين أنَّ المُحرر إنَّما سُلِّم للأخير لحين استيفاء أُمور وتحقُّق شُروط مُعينة،
فإنَّ حُجية السند تقف إلى حين تحقُّق ذلك أو تسليم الورقة المُثْبتة للدَين إلى
الدائن باختيار المدين. فإذا تحقَّقت هذه الشُروط وتم تسليم الورقة إلى الدائن
اختيارًا، استردت الورقة حُجيتها في الإثبات. أمَّا إذا لم تتحقَّق هذه الشُروط
والاعتبارات المُتفق عليها، وتمكن الدائن من الحُصول على الورقة دُون إرادة المدين
أو مُوافقته، انتفت عنها الحُجية، ولم يكن من الجائز الاحتجاج بها على من وقَّعها.
كما أنَّ المُقرر أنَّ إغفال الحُكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بُطلان
الحُكم، إذا كان هذا الدفاع جوهريًا، ومُؤثرًا في النتيجة التي انتهى إليها. وأنَّ
أسباب الحُكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة
الاستنباط، ويتحقَّق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من
الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي ثَبَتَت
لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة
التي انتهت إليها المحكمة، بناءً على تلك العناصر التي ثبتت لديها، بأنْ كانت
الأدلة التي قام عليها الحُكم ليس من شأنها أنْ تُؤدي عقلًا إلى ما انتهى إليه أو
استخلص من الأوراق واقعة لا تُنتجها. لمَّا كان ذلك، وكان الحُكم المطعون فيه قد
خلص من أوراق الدعوى إلى أنَّ إيصال الأمانة سندها قد وقَّعه الطاعن على بياض،
وسلَّمه إلى ياسر محمد عبد الستار ، لحين عقد قرانه رسميًا على ابنة الأخير، حيث
كان قد تزوجها عُرفيًا قبل بلوغها السن القانونية للزواج الرسمي، وأنَّ المُؤتمن
(المُودع لديه) سالف الذكر قد سلَّم هذا الإيصال إلى المطعون ضده - الذي أقام
الدعوى الراهنة بطلب إلزام الطاعن بأنْ يُؤدي إليه المبلغ الذي دُوِّن في الإيصال
- وانتهى الحُكم إلى أنَّ الطاعن قد سلَّم الإيصال للمُودع لديه طواعيةً
واختيارًا، فتكون ذمته مشغولة بالمبلغ المُدوَّن به. وإذ كان هذا الذي ذهب إليه
الحُكم لا يدل بذاته على أنَّ الطاعن قصد الارتباط بالبيانات التي كُتبت على ذلك
الإيصال، وأنَّه قَبَضَ المبلغ المُدوَّن به، ولا يدل على صِحة وجِدية سبب
الالتزام، ولا يصلح دليلًا على نفي صُوريته؛ ومِن ثَمَّ فإنَّه لا يتضمن الرد على
الدفاع الجوهري الذي تمسَّك به الطاعن أمام محكمة الاستئناف من أنَّ الطرف المُودع
لديه ذلك الإيصال قد خان الأمانة، وسلَّمه إلى المطعون ضده، الذي قام بملء
بياناته، ممَّا يعيب الحُكم بالفساد في الاستدلال، والقُصور في التسبيب، بما يُوجب
نقضه، دُون حاجة لبحث بقية أوجه سبب الطعن، على أنْ يكون مع النقض الإحالة.
لذلك
نقضت المحكمة الحُكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصاريف، ومبلغ
مائتي جُنيه مُقابل أتعاب المُحاماة، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا
مأمورية كفر الشيخ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق