بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 17-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 963 ، 1075 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ت. ا. ا. ا. ل. ا. ش.
مطعون ضده:
ا. م. ك.
ف. ك. م. ك. ك.
و. ش. ل. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2375 استئناف تجاري بتاريخ 09-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه السيد القاضي المقرر / احمد ابراهيم سيف و بعد المداولة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل في ان المطعون ضدها في الطعن بالتمييز رقم 963/2025 تجاري أقامت على الطاعنة واخرين غير مختصمين في الطعن الدعوى رقم 3804 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم أصليًا: بإلزامهم بالتكافل والتضامن برد مبلغ 5,805,691 درهمًا بالإضافة إلى الفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا على مبلغ 5,046,347 درهمًا من تاريخ الصرف الحاصل في 24-3-2019 وعلى مبلغ 759,344 درهمًا من تاريخ الصرف الحاصل في 15-7-2019 وحتى تمام السداد. واحتياطيًا: بندب خبير شحن بحري وآخر محاسبي من أصحاب الدور بالجدول تكون مهمتهما الاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها وما عسى أن يقدمه الخصوم من مستندات لتحديد مواطن الغش والتدليس من جانب المدعى عليهم وتحديدًا الثاني والثالث في توجيه الشركة الطاعنة لتنفيذ الحكم الصادر لها ضد ملاك السفينة لويزا (مدينها) وذلك على الأموال المتحصلة من بيع شحنة الوقود المملوكة للمطعون ضدها وتقدير قيمة الأضرار المادية التي حاقت بها. وذلك تاسيسا على إنها بتاريخ 10-11-2014 تعاقدت مع شركة كرون شيبينغ مانجمنت مالكة السفينة لويزا -سابقًا ماريا- لنقل شحنة نفط بكمية 21,261 طن من ميناء بندر الإمام الخميني بجمهورية إيران إلى ميناء الفجيرة بدولة الإمارات ، إلا أن الأخيرة ماطلت في تسليم الشحنة وتفريغها، فاستصدرت بتاريخ 25-2-2015 أمرًا بالحجز التحفظي على السفينة والشحنة العائدة إليها، ثم أقامت الدعوى رقم 1149 لسنة 2015 تجاري على ملاك السفينة بطلب الحكم بصحة وتثبيت الحجز التحفظي وبتسلم شحنة الوقود أو قيمتها بالدرهم الإماراتي وندب الخبرة لتقدير الأضرار التي حاقت بها، وقد صرح قاضي الأمور المستعجلة ببيع شحنة النفط وإيداع ثمنها خزينة المحكمة لصالحها حيث تم بيعها بمبلغ 02/ 34.332.266 درهمًا وأُودع خزينة المحكمة لصالحها، فعدلت طلباتها في الدعوى سالفة البيان إلى الحكم بتثبيت الحجز التحفظي على المبلغ المشار إليه، وبتاريخ 28-2-2022 صدر الحكم في تلك الدعوى بإثبات ملكيتها لشحنة النفط وأحقيتها في استلام حصيلة بيعها بالمبلغ سالف البيان وأصبح ذلك الحكم نهائيًا وباتًا بفوات ميعاد الطعن عليه، فقَيَدَّت ملف التنفيذ رقم 2736 لسنة 2022 الشارقة لاستلام قيمة شحنة النفط المودعة لحسابها، إلا أنها فوجئت بقيام الطاعنة التي يديرها المدعى عليهما الثاني والثالث بتنفيذ الحكم الصادر لمصلحتها في الدعوى رقم 1058 لسنة 2016 تجاري كلي الشارقة ضد ملاك السفينة على المبلغ سالف البيان والذي قَيَدَّت بشأنه ملف التنفيذ رقم 2640 لسنة 2016 الشارقة رغم أن ذلك الحكم لا يخص شحنة النفط المملوكة للمطعون ضدها ، وبتاريخ 24-3-2019 صرفت الطاعنة مبلغ 5,046,347 درهمًا مقابل أصل الدين المقضي به لها ضد شركة كرون شيبينغ مانجمنت مالكة السفينة لويزا، كما صرفت بتاريخ 15-7-2019 مبلغ 759,344 درهمًا مقابل فوائد قانونية حسبما هو مبين من تقرير الحركة على ملف الحجز التحفظي رقم 803 لسنة 2015 الشارقة وملف التنفيذ رقم 2640 لسنة 2016 الشارقة، ولما كانت الطاعنة قد تحصلت بلا سبب قانوني أو مشروع على المبلغين سالفي البيان من حصيلة بيع شحنة النفط المملوكة للمطعون ضدها بدلًا من التنفيذ على السفينة أو ممتلكات مدينها -ملاك السفينة لويزا- مما أثر على ذمة المطعون ضدها المالية، فتكون مُلزمة بردهما إليها، ومن ثم فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 26-11-2024 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2375 لسنة 2024 تجاري ، وبتاريخ 26-2-2025 قضت المحكمة -في غرفة المشورة- بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بالتمييز رقم 369/2025 تجاري وبتاريخ 28/5/2025 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضى فيها من جديد تاسيسا على ان المطعون ضدها تمسكت بأنها المالكة لشحنة النفط محل التداعي والمستحقة لحصيلة بيعها وأن المدين المُنفذ عليه ليس مالكًا لها وأن شروط الإثراء بلا سبب متوافرة في دعواها الا ان الحكم المنقوض لم يبحث دفاعها الجوهري فانه يكون معيبا مما يوجب نقضه . وبعد إحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف قضت بتاريخ 9/7/2025 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام الطاعنة ( وايلس شيبينغ لاين ش.ذ.م.م ) بأن ترد للمطعون ضدها مبلغ 5,805,691 درهم وبالفائدة القانونية بواقع 5 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل في 06-09-2024 وحتى تمام السداد ، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز رقم 963/2025 تجاري بصحيفة اودعت مكتب ادارة الدعوى بتاريخ 17/7/2025 طلبت فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن . كما طعنت المطعون ضدها في الحكم بالتمييز رقم 1075/2025 تجاري بصحيفة اودعت مكتب ادارة الدعوى بتاريخ 5/8/2025 طلبت فيها نقضه ، قدم محامي الطاعنة مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن ، وبعد أن عرض الطعنين على المحكمة في غرفة مشورة وتراءى لها انهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما وبها قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد
وحيث ان الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكلية
أولا/ الطعن رقم 963/2025 تجاري
وحيث ان الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعَى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة النظام العام بمخالفة قواعد الاختصاص ومخالفة قواعد حجية الأحكام، اذ خالف قاعدة من قواعد النظام العام بقبوله الدعوى على الرغم من عدم اختصاص المحكمة بنظرها لصدور الحكم المستند إليه من قِبل المطعون ضدها من إمارة أخرى وذلك بالمخالفة لنص المادة 104 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ إن المطعون ضدها قد أقامت دعواها بزعم أن الطاعنة نفذت على أموال تخصها -أي المطعون ضدها- ولا تخص مدينها -السفينة لويزا-، ولما كانت الطاعنة قد صدر لها قرار من قاض التنفيذ المختص بمحكمة الشارقة بإشراكها بمحضر الحجز التحفظي وكانت المطعون ضدها لم تطعن في هذا القرار بالطريق الذي رسمه القانون عملاً بنص المادتين 209، 239 من قانون المعاملات المدنية، ومن ثم يكون القرار الصادر للطاعنة من قاض التنفيذ قد حاز الحجية المانعة من إعادة طرح النزاع مرة أخرى، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف القانون بقبول الدعوى المطعون ضدها على قرار صادر من قاضي التنفيذ بإمارة الشارقة بالمخالفة للطريق الذي رسمه القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي غير سديد ذلك انه من المقرر في قضاء هذه المحكمة انه وفقًا لما تقضى به المادة 104 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة أن لكل إمارة قضاء مستقل عن الإمارة الأخرى فيما عدا المسائل القضائية التي يُعهد بها إلى القضاء الاتحادي، وأن القضاء في إمارة دبى يشكل جهة قضائية مستقلة عن القضاء الاتحادي وعن القضاء المحلى الخاص بكل إمارة على حدة، مما مقتضاه ولازمه أن على جميع المحاكم في الدولة كل في حدود نطاقه الجغرافي أن تلتزم حدود اختصاصها ولا تخالفها إيجابًا أو سلبًا فلا تتنازل عن اختصاصها ولا تنزع اختصاص محكمة وطنية أخرى، وأن هذا الاختصاص يعد من النظام العام وعلى المحاكم أن تعرض لـه من تلقاء نفسها وصولًا إلى اختصاصها أو عدم اختصاصها بالفصل في النزاع المعروض عليها ومن المقرر وفقًا لنص المادة 33/4،1 من قانون الإجراءات المدنية أن القاعدة الأساسية في الاختصاص المحلي للمحاكم هي أن يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم ومن المقرر أن استخلاص توافر دواعي اختصاص محاكم دبي بنظرِ الدعوى وانتفاء وجود هذه الدواعي، وتوافر شروط هذا الاختصاص سواء من حيث كون النزاع المعروض متعلقاً بمادةِ تجارية أو من حيث شروط الموطن أو مكان إبرَّام العقد أو مكان تنفيذه كله أو بعضه، هو من مسائل الواقع التي تستقلُ محكمةُ الموضوع بتقديرها بِما لها من سلطةٍ في تقديرِ الأدلة والمستندات المطروحة عليها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحِه كما أن البندَ (د) من الفِقرة الثانية من المادةِ 93 من قانون المعاملات المدنية قد نَص على أنه يعتبر موطن الشخص الاعتباري المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته، وقد أكدَّت هذا المعنى ما أوردته المادة 35 من قانون الإجراءات المدنية من أن الاختصاص بالنسبةِ للدعاوى المتعلقة بالشركات يكون للمحكمة التي يقعُ في دائرتها مركز إدارتها لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة -المدعى عليها في الدعوى- مقرها إمارة دبي ومن ثم توافرت شروط اختصاص محاكم دبي بنظر الدعوى ، فضلاً عن أن قضاء الحكم الناقض يعتبر قضاءً ضمنياً بتوافر الاختصاص ومن ثم يكون النعي على الحكم بما سلف على غير أساس .
وحيث ان الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك انها تمسكت بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم عملاً بنص المادة 136 من القانون البحري التجاري التي جرى نصها على أن تسقط دعاوى استرداد ما دفع بغير وجه حق بعد مضي سنة من اليوم الذي يعلم فيه المسترد بحقه في الاسترداد، وكانت الطاعنة قد تحصلت على حكم لصالحها في غضون عام 2016، بينما الحكم القضائي الذي تستند إليه المطعون ضدها صدر في غضون عام 2022، ثم قامت الأخيرة بقيد الدعوى الراهنة في غضون شهر يوليو 2024، مما يكون حقها قد سقط لمرور أكثر من عام عملاً بنص المادة سالفة البيان بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي في غير محله، ذلك ان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العبرة في تكييف الدعوى هي بحقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذي ترتكز عليه، وأن على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني السليم غير مقيدة في تكييف الطلبات المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من وقائع الدعوى وتطبيق القانون عليها ومن المقرر أيضا أن الدفع بعدم سماع الدعوى بمضي الزمان الذى يتمسك به صاحب المصلحة ليس لمحكمة الموضوع بحثه إلا في نطاق النص الذى يستند إليه الخصم ومن المقرر أيضا أن العبرة في تحديد مدة عدم سماع الدعوى بمضي الزمان هو بالتكييف الصحيح لواقع النزاع الذى يتمسك الخصم بعدم سماع الدعوى بشأنه ومن المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن دفاع لا يستند إلى أساس قانوني سليم ، لما كان ذلك وكان الثابت بالاوراق أن سبب الدعوى وموضوعها هو مطالبة الطاعنة برد الأموال التي أثرت بها بلا سبب على حساب الشركة المطعون ضدها وهو ما يخرج عن نطاق تطبيق نصوص القانون البحري عملاً بنص المادتين الأولى والثالثة من القانون رقم43 لسنة 2023 ومن ثم فان النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
وحيث ان الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بباقي أسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه اذ فسر حكم محكمة التمييز الناقض ذلك ان الحكم الناقض أعاد الدعوى إلى محكمة الاستئناف لوجود قصور في تسبيب الحكم المنقوض لعدم تطرقه لدفاع حاصله بحث ومناقشة مدى انطباق شروط الإثراء بلا سبب، إلا أن الحكم المطعون فيه فسد في تفسير الحكم الناقض بأن اعتبر أن الحكم الناقض قد فصل في مسألة قانونية وهي توافر شروط الإثراء بلا سبب، لا سيما أن الطاعنة تمسكت بعدم انطباق شروط الإثراء بلا سبب عملا بنص المادتين 318، 319/1 من قانون المعاملات المدنية لانعدام أحد شروط الإثراء الواردة بالمادتين سالفتي البيان بانعدام السبب المشروع للإثراء، وكان الثابت أن تحصل الطاعنة على الأموال محل التداعي كان بسبب صدور حكم قضائي يحوز الحجية صادر من قاضي التنفيذ المختص بمحكمة الشارقة، فيكون حصولها على الأموال صادر بسبب تصرف قانوني بما ينعدم معه تطبيق قاعدة الإثراء بلا سبب، كما أنها تمسكت بان سند الشحن البحري لا يعتد به دليلاً على ملكية المطعون ضدها للشحنة البحرية طالما دارت حوله منازعة ولم يصدر حكماً يثبت تلك الحجية أو نفيها، فضلاً عن تمسكها بأنها شركة تعمل في مجال الوكالة البحرية وقد تم تكليفها بواسطة محكمة الشارقة بالإشراف على السفينة وما عليها من حمولة وليس على السفينة فقط حال كون الحجز لم يكن على السفينة وإنما شمل حمولتها أيضاً ومن ثم يكون الحكم معيبا بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مُفاد نص الفِقرة الأخيرة من المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية أنه إذ نُقض الحكم وأحُيلت الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته لتقضي فيها من جديد فإنه يتحتم على محكمة الإحالة أن تلتزم بحكم محكمة التمييز في المسألة القانونية التي فصل فيها الحكم بحيث يمتنع عليها عند إعادة النظر في الدعوى المساس بهذه الحجية، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة إلى ما كانت عليه قبل إصدار الحكم المطعون فيه، وأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نُقض سلفاً لقصور في التسبيب أو لإخلال بحق الدفاع فيجوز لمحكمة الإحالة -في هذه الحالة- أن تقضي بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض شريطة أن تكون قد استدركت العيوب التي شابت إجراءات الحكم المذكور أو تسبيبه ومن المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- وفقاً لنصوص المواد ( 256- 257-266)من القانون التجاري البحري إن عقد النقل البحري هو عقد يتعهد فيه الناقل بنقل بضاعة من ميناء إلى آخر مقابل أجر يلتزم بأدائه الشاحن ويثبت هذا العقد بسند شحن يصدره الناقل أو نائبه بناء على الشاحن ويعتبر هذا السند حجة في إثبات البيانات التي يشتمل عليها بين الناقل والشاحن وبالنسبة للغير ودليلا على ملكية المرسل اليه أو المظهر له أو المتنازل له أو الحامل له للبضاعة المشار اليها فيه ومن المقرر أن مُفاد نص المادة 318 من قانون المعاملات المدنية الواردة في الفصل الرابع الخاص بالفعل النافع أنه لا يسوغ لأحد أن يأخذ مال غيره بلا سبب شرعي فإن أخذه فعلية رده، وعليه فإن الإثراء بلا سبب لا يتحقق إلا بتوافر ثلاثة شروط أولها إثراء المدين أو اغتناؤه ولا يكون ذلك إلا بدخول قيمة ما يُثرى به في ذمته المالية والثاني أن يقابل هذا الإثراء افتقار الدائن بسبب انتقال عين أو قيمة أداها والثالث ألا يكون للإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهما ومن المقرر ان مفاد نص المادة 318 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون وجرى به قضاء هذه المحكمة - ان الأصل ان مال الشخص لا ينتقل إلى شخص آخر الا في حالتين اثنتين هما اتفاق الشخصين على ذلك أو إذا كان القانون قد قضى بانتقال ذلك المال. فإذا انتقل المال في غير هاتين الحالتين وجبت إعادته إلى صاحبه، وهذه هي قاعدة الإثراء بلا سبب. وإن على صاحب المال الذي يدعى انتقاله إلى شخص آخر في غير إحدى الحالتين المذكورتين ان يثبت مدعاه بان يقيم الدليل أولاً:- على انتقال ماله للشخص الآخر، وثانياً:- ان انتقال ماله إلى ذلك الشخص تم بدون سبب شرعي وهو ما تستخلص وجوده من عدمه محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدرك العيب الذي شاب تسبيب الحكم المنقوض في شأن بحث توافر وانطباق شروط قاعدة الإثراء بلا سبب على موضوع الدعوى، وقد خلص الحكم بأسبابه إلى أن الطاعنة كانت قد تحصلت على الحجز التحفظي رقم 899 لسنة 2016 أمر على عريضة الشارقة والصادر لصالحها ضد شركة "كرون شيبينغ مانجمت" بصفة الأخيرة مالكة السفينة "لويزا" وذلك إنفاذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 1058لسنة 2016 تجاري دبي، القاضي بالزام الشركة الأخيرة بأن تؤدي إلى الطاعنة مبلغ 5,011.246.57 درهماً، وفائدة قانونية بواقع 5% سنوياً على المبلغ، وأن الثابت أيضاً من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها كانت قد تحصلت بتاريخ 25-2-2015، على أمر بالحجز التحفظي على السفينة "لويزا" وكذلك على شحنة النفط المملوكة لها -أي المطعون ضدها- بموجب الأمر على عريضة رقم 803 لسنة 2015 حجز التحفظي الشارقة حفاظاً على أموالها، فأقامت الدعوى رقم 1149لسنة 2015 تجاري ضد الشركة مالكة السفينة "لويزا" بطلب صحة وتثبيت الحجز التحفظي وتسليم شحنة النفط البالغ كميتها 21261 طن متري، أو ما يعادل تلك الكمية بالدرهم الإماراتي، وقد صرح قاضي الأمور المستعجلة ببيع شحنة النفط المملوكة لها -بموجب سند الشحن البحري- تجنباً لتضرر الشحنة داخل السفينة أو تعرضها للخسارة في القيمة نظراً لتقلبات الأسعار، وقد تم بيع الشحنة وإيداع ثمنها مبلغ 34,332,266 درهماً، خزينة المحكمة لصالح ملف الأمر على عريضة المقام منها، فعدلت الشركة المطعون ضدها طلباتها في الدعوى الموضوعية رقم 1149لسنة 2015 تجاري إلى طلب تثبيت الحجز التحفظي على المبلغ المودع من ثمن شحنة النفط سالفة البيان، وقد صدر حكم في تلك الدعوى بتثبيت ملكيتها وأحقيتها في استلام حصيلة بيع شحنة النفط بمبلغ 34,332,266 درهماً المودع خزينة محكمة الشارقة الابتدائية على ذمة الحجز التحفظي، إلا أن الشركة الطاعنة قامت بصرف مبلغ 5,046,347 درهماً مقابل أصل الدين المحكوم به لصالحها ضد شركة "كرون شيبينغ مانجمت-مالكة السفينة لويزا" كما صرفت مبلغ 759,344 درهماً مقابل فوائد قانونية، وكان ما قامت الطاعنة بصرفه مأخوذ من حصيلة بيع شحنة النفط سالفة البيان، وقد رتب الحكم على ذلك أن تنفيذ الشركة الطاعنة على قيمة شحنة النفط المملوكة للمطعون ضدها بموجب سند الشحن والحكم الصادر في الدعوى رقم 1149لسنة 2015 تجاري الشارقة بأحقية الأخيرة في استلام حصيلة بيعها بمبلغ 34,332,266 درهماً المودع خزينة محكمة الشارقة الابتدائية على ذمة الحجز التحفظي يعد إثراء بلا سبب، بما يلزمها برد ما قبضته دون وجه حق، وأنه لا يحول دون توافر شروط الإثراء بلا سبب ما تمسكت به الطاعنة من أنها تحصلت على المبلغ محل المنازعة بموجب تصرف قانوني تمثل في القرار الصادر من قاضي التنفيذ بإشراكها في ملف الحجز التحفظي، إذ أن حصولها على المبلغ وإن كان بناءً على قرار قاضى التنفيذ لا ينشئ حقاً موضوعياً لصالحها في مال لا يخص مدينها -مالك السفينة-، ومن ثم لا يُعفى المُثري من رد ما قبضه بغير حق متى تبين أن المال الذى قبضه لا يعود لمدينه بل لغيره، ويعد قبضها للمبلغ المودع خزينة المحكمة على ذمة الحجز التحفظي رقم 803 لسنة 2015 قد تم بغير وجه حق. وانتهى الحكم إلى إلزام الطاعنة برد المبلغ المقضي به، فإنه بقضائه يكون قد التزم بأحكام القانون وطبقه تطبيقاً صحيحاً وقام على أسباب سائغة وكافية لحمله قضائه، و لا يجدي الطاعنة تمسكها بما أثارته من مخالفة الحكم المطعون فيه لحجية قرار قاضي التنفيذ الصادر في الحجز التحفظي رقم 899 لسنة 2016 أمر على عريضة الشارقة، إذ إن قرارات قاضي التنفيذ وإن كانت تتمتع بالحجية المؤقتة إلا أن الشركة المطعون ضدها لا تحاج بها لكونها لم تكن طرفاً في إجراءات التنفيذ ولم تعُلن بها. ومن ثم يكون النعي على الحكم بما سلف على غير أساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن
ثانيا / الطعن رقم 1075/2025 تجاري
وحيث ان الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك إن المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما مديرين للشركة المطعون ضدها الأولى قد ارتكبا أعمال غش وتدليس تمثلت في تقدمهما إلى قاضي التنفيذ بطلب باسم الشركة لاستصدار قرار بصرف جزء من قيمة الحمولة المودعة بخزينة المحكمة، بزعم استحقاقها لمبالغ ضد ملاك السفينة، وذلك على الرغم من علمهم المسبق بأن تلك المبالغ لا تخص هؤلاء المدينين، وإنما تمثل حصيلة بيع شحنة مملوكة للطاعنة بموجب حكم قضائي نهائي، وقد أكد الحكم المطعون فيه ذلك حين قضى بعدم أحقية الشركة المطعون ضدها الأولى في صرف المبالغ المودعة بخزينة المحكمة، باعتبارها تمثل قيمة الشحنة العائدة للطاعنة، مما يثبت أن المبالغ التي تحصلت عليها الشركة المطعون ضدها الأولى كانت بطريق غير مشروع، بما ينطوي على غش وتدليس يبرران مساءلة المطعون ضدهما الثاني والثالث، إلا أن الحكم خالف هذا النظر ورفض إلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بالتضامن مع الشركة الطاعنة الأولى لانتفاء مسئوليتهما بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ويلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها، وأن استخلاص الصفة في الدعوى من عدمه مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع وفق سلطاتها في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق وتكفي لحمله. ومن المقرر أنه إذا أخل المدير في الشركة ذات المسئولية المحدودة بواجب من واجبات الإدارة أو خالف القانون أو نصوص عقد الشركة ونظامها الأساسي فإنه يكون مسئولاً عن أخطائه الشخصية أو أية أعمال تنطوي على الغش والتدليس أو الخطأ الجسيم، وأن استخلاص مسئولية المدير في هذه الحالة من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانتفاء مسئولية المطعون ضدهما الثاني والثالث استناداً إلى ما اطمأن إليه سائر أوراق في الدعوى، من أن الشركة المطعون ضدها الأولى -التي يمثلاها- كانت قد تحصلت ضد مالك السفينة على الحكم رقم 1058 لسنة 2016 تجاري الشارقة، ولم يكن المطعون ضدهما الثاني والثالث طرفاً فيه، وأن الشركة هي التي تقدمت بموجب ذلك الحكم إلى قاضي التنفيذ بطلب صرف المبلغ المطلوب رده، بما مؤداه انتفاء مسئوليتهما الشخصية عن صرف هذا المبلغ بصفتيهما الممثلين القانونيين للشركة المطعون ضدها الأولى، وقد رتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله معينه الثابت بالأوراق ويدخل في حدود سلطته التقديرية في فهم الواقع وتقدير الأدلة، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يُقبل التحدي به أمام محكمة التمييز.
وحيث ان الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال اذ احتسب الفوائد التأخيرية المستحقة لها اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية، وليس من تاريخ صرف المطعون ضدها الأولى جزءاً من قيمة الشحنة العائدة إليها دون وجه حق، على الرغم من أن الدين محل المطالبة معلوم المقدار وواجب الأداء، وأن واقعة صرف المبلغ قد رتبت ضرراً محققاً لها منذ تاريخ تقدم المطعون ضدها الأولى بطلب صرفه ، بما تستحق معه الفوائد اعتباراً من ذلك التاريخ بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن الفائدة التأخيرية التي يقضي بها للدائن بناء على طلبه لا تعدو أن تكون تعويضاً له عن الضرر الذي لحق به من جراء مطل المدين رغم يساره في الوفاء بالدين وحلول أجله والحيلولة بينه وبين الانتفاع به وهو ضرر مفترض لا يقبل إثبات العكس ويتعين تعويضه عنه بنسبة معينة مقابل خطأ التأخير في حد ذاته وتحتسب اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية إذا كان الدين غير تجاري معلوم المقدار ولا يخضع لتقدير القضاء ، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها بطلب إلزام المطعون ضدهم برد المبلغ محل المطالب الذي تسلمته المطعون ضدها الأولى دون وجه حق، استناداً إلى قرار صادر من قاضي التنفيذ، فإن مطالبتها بالفائدة القانونية عن ذلك المبلغ لا تنشأ عن علاقة تجارية بين الطرفين، ومن ثم يُعد ديناً مدنياً محدد المقدار ويكون احتساب الفائدة عنه من تاريخ المطالبة وليس قبل ذلك، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للطاعنة بالفائدة اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية، فإنه يكون قد التزم بأحكام القانون وطبقه تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن
وحيث إن الطاعنة سبق لها الطعن بطريق التمييز في ذات الدعوى ، ومن ثم فإنه لا يستوفى منها رسم التمييز في طعنها الماثل وذلك عملاً بالمادة 33 من القانون رقم 21 لسنة 2015 بشأن الرسوم القضائية في محاكم دبي المعدل. ولا محل لإلزامها برسومه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:- برفض الطعنين والزام الطاعنة في الطعن 963/2025 تجاري بمصروفات طعنها مع مصادرة مبلغ التامين ، وامرت بالمقاصة في اتعاب المحاماة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق