بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 354 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ن. ا. ا.
مطعون ضده:
ا. ا. ا. ا. ل. ا.
ن. ا. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/43 بطلان حكم تحكيم بتاريخ 20-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائـع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن (نادي الشارقة الرياضي) أقام الدعوى رقم 43 لسنة 2024 بطلان حكم تحكيم أمام محكمة الاستئناف بدبي قبل المطعون ضدهما الأول (نادي الوصل الرياضي) والثاني (اتحاد الامارات العربية المتحدة لألعاب القوى) بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر عن مركز الإمارات للتحكيم الرياضي بدبي في القضية رقم (1/7/2024) بتاريخ 10 أكتوبر 2024، وقال بيانًا لذلك أن المطعون ضده الأول أقام قبل المطعون ضده الثاني القضية التحكيمية المشار إليها على سند من أن الطاعن خالف لائحة المسابقات الخاصة بألعاب القوى بتصعيد اللاعب (جنرال برهانو هيرانا اينسا) من فئة الشباب إلى فئة العموم (الرجال) والذي حصل بتاريخ 2024/5/19 على الميدالية الذهبية في مسابقة 1500 متر جري رجال من الاتحاد المطعون ضده الثاني، فتقدم الطاعن بطلب قبول تدخله في القضية التحكيمية، ووافق مركز التحكيم الرياضي على طلب تدخله في 2024/9/9 بموجب خطاب لم يتضمن أسماء المحكمين، وصدر الحكم لصالح المطعون ضده الأول، فأقام الطاعن دعواه ببطلان ذلك الحكم استنادًا إلى تشكيل هيئة التحكيم على وجه مخالف لأحكام القانون باعتبار أن أحد أعضائها هو الممثل القانوني لنادي النصر في الدعوى رقم 2/5 /2024 والتي تم نظرها بالتزامن مع القضية الصادر فيها الحكم محل دعوى البطلان، وكذا مجاوزة هيئة التحكيم لما هو محال إليها، مما حدا به لرفع دعواها الراهنة، وبتاريخ 2025/2/20 حكمت المحكمة برفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/3/19 طلب فيها نقضه، قدم وكيل المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، فيما أحجم المطعون ضده الثاني عن تقديم دفاعه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ رفض دعواه ببطلان حكم التحكيم لتشكيل هيئة التحكيم على وجه مخالف لأحكام القانون تأسيسًا على أن الطاعن مثل أمام تلك الهيئة دون أن يعترض على تشكيلها ولم يطلب رد المحكم (دكتور عبد القادر سلفو) وأن ذلك يُعد نزولًا ضمنيًا عن حقه في هذا الاعتراض، على الرغم من أن المحكم قد أخل بواجبه بالافصاح عن أنه كان ممثلًا لنادي النصر الرياضي في القضية رقم (2/5/ 2024) التي صدر فيها الحكم بتاريخ 2024/7/19 باعتبار أن ذلك من شأنه أن يثير الشكوك حول حياده واستقلاله، كما أنه لا يصح افتراض تنازل الطاعن عن الاعتراض لمجرد عدم تقديمه لطلب برد ذلك المحكم، خصوصًا أنه لم يكن يعلم باسم ذلك المحكم، لعدم إبلاغه وهو طرف متدخل في القضية التحكيمية بأسماء هيئة التحكيم، سيما وأن المحكم كان يعمل موظفًا متفرغًا لدى نادي النصر الرياضي في قضية أخرى كان الطاعن خصمًا مدخًلا فيها وقد نُظرت وصدر فيها حكم لصالح الطاعن في وقت معاصر لتقديم المطعون ضده الأول لطلب التحكيم بتاريخ 9-7-2024 في القضية الصادر فيها الحكم من هيئة التحكيم، كما جاوزت هيئة التحكيم ما هو محال إليها، بأن تطرقت إلى مدى صحة التسجيل فيما يتعلق بسن اللاعب وهو أمر خارج عن نطاق القضية الأصلية بشأن مسألة صحة تصعيد اللاعبين المقيمين، على الرغم من اختلاف مسألة صحة التصعيد من عدمه عن مسألة صحة التسجيل ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مركز الإمارات للتحكيم الرياضي يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الرياضية إما بعرض المنازعة عليه مباشرة، أو بعد استنفاد كافة إجراءات التقاضي داخل الجهات الرياضية، وأنه يجوز الطعن على أحكام وقرارات المركز أمام القضاء العادي في إمارة دبي وفقًا للاجراءات والضوابط المنصوص عليها في قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم، كما من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المؤهل الأساسي للمُحَكم يكون بتوافر عنصري استقلاله عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما، وأن غياب أحدهما تترجح معه مخاطر عدم الحكم بغير ميل، وهو ما يوجب على المُحَكم أن يُفصح عن أية علاقات يمكن أن تعطي انطباعًا بوجود احتمال انحيازه لأحد الأطراف، ويظل هذا الواجب القانوني بالافصاح قائمًا على عاتقه -لما قد يُستجد من ظروف لم تكن قائمة عند قبوله التحكيم- حتى صدور حكم التحكيم. ومن ثم فإن كتمان المُحَكم لهذه الظروف أو العلاقات وعدم إفصاحه عنها لطرفي التحكيم يؤثر على مظهر الاجراءات والثقة في عدالتها، ومن هنا كان الحرص من جانب التشريعات الوطنية وقواعد مراكز التحكيم المعتبرة على النص على وجوب التزام المُحَكم الحياد والاستقلال. وكان المقصود باستقلال المُحَكم، هو عدم ارتباطه بأية رابطة تبعية، أو مادية، أو اجتماعية، أو مهنية مع أحد أطراف النزاع أو وكلائهم من شأنها أن تؤثر في قراراته. أما المقصود بحياد المحكم فهو عدم انحيازه إلى جانب طرف أو ضد طرف، بما يشكل خطرًا حقيقيًا يتمثل في احتمال الميل تجاه أحد الطرفين ?the real danger of bias? ، أو يثير شكوكًا مبررة ?justifiable doubts? في هذا الشأن. ولا يكفي في المُحَكم أن يكون مستقلًا ومحايدًا وإنما يتعين أن يسود الاعتقاد لدى طرفي التحكيم أن الحكم الذي سيصدره سوف يتسم بالعدل. والحكمة من التزام المُحَكم بالافصاح كتابة هي تحقق الدليل على علم أطراف التحكيم بالوقائع المُفصَح عنها، مما ينفي عنهم قرينة عدم العلم بها، أما كتمان المُحَكم لتلك الوقائع التي قد تنال من حيدته واستقلاله، يرفع عنهم عبء إثبات عدم العلم بتلك الوقائع. وكان الالتزام بالحيدة والاستقلال مبدأ أساسيًا من مبادئ التحكيم، فينطبق واجب الحيدة والاستقلال على حدٍ سواءُ على المحكمين المعينين من قِبَل الأطراف، أو من قِبَل مركز التحكيم، أو بحكم من المحكمة، وينطبق كذلك على رؤساء هيئات التحكيم. ويترتب على ما تقدم، أن التزام المُحَكم بالافصاح عن أية أمور يجب الافصاح عنها يعد -بلا جدال- واجبًا قانونيًا لازمًا لضمان سير العملية التحكيمية بنزاهة وحياد، إلا أن تقصير المُحَكم في أداء هذا الواجب لا يترتب عليه بمجرده بطلان حكم التحكيم، وإنما يخضع لتقدير المحكمة -وفي سياق ظروف القضية التحكيمية ذاتها- ما إذا كان الظرف غير المُفصح عنه يبرر في حد ذاته أو يؤدي بشكل معقول إلى استنتاج وجود حقيقي للتحيز أم لا، بمعنى أن تقدير مدى وجود تحيز حقيقي، هو تقدير موضوعي تُراعى فيه حقائق ووقائع القضية التحكيمية المطروحة، والتي تختلف من قضية إلى أخرى، وتقدر المحكمة المرفوع أمامها دعوى بطلان حكم التحكيم ما إذا كان المحكم قد فقد أحد العنصرين، الاستقلال والحياد أم لا بما تتبينه من وقائع الدعوى المطروحة عليها، دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز متى كان استخلاصها سائغًا، ومن المقرر بقضاء هذه المحكمة أيضاً أن إرادة المشرع في التحكيم تتجه إلى الاقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة العمل الاجرائي على أسباب بطلانه أو قصوره باعتبار أن الغاية من الاجراء هي وضعه في خدمة الحق، وأن الاجراء لا يكون باطلًا إلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه ، ومن المقرر وفق نص المادة 25 من القانون رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم إذا استمر أحد الأطراف في إجراءات التحكيم مع علمه بوجود مخالفة لاتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته، ولم يقدم اعتراضًا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو خلال سبعة أيام من تاريخ تحقق العلم عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك منه نزولًا عن حقه في الاعتراض، كما من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن دعوى بطلان حكم التحكيم طبقًا لأحكام المادة 53 من القانون رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم إنما توجه إلى حكم المحَكم بوصفه عملًا قانونيًا وتنصب على الخطأ في الاجراءات دون الخطأ في التقدير، وأن العيوب التي يجوز لمدعي البطلان أن يتمسك بها قد وردت على سبيل الحصر، بحيث لا يتوسع في تفسيرها ولا يقاس عليها، وهي جميعًا تتعلق بالاتفاق على التحكيم أو بخصومة التحكيم؛ وأن العيوب التي تتعلق بخصومة التحكيم وتكون سببًا في بطلان حكم التحكيم فهي صدور الحكم من محكمين لم يعينوا طبقًا للقانون أو صدوره من بعضهم دون أن يكونوا مأذونين بإصداره في غيبة البعض الآخر، أو إخلال هيئة التحكيم بأسس التقاضي، أو وقوع بطلان في الاجراءات أثر في الحكم أو استبعاد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى على ما أورده بأسبابه من أنه ((وكان البين من أسباب الدعوى ومحضر إجراءات التحكيم المطعون على حكمه أن المدعي قد مثل أمام هيئة التحكيم وأبدى دفاعه أمام الهيئة ولم يعترض على تشكيل الهيئة التحكيمية مصدرة الحكم في حينه و قد باشر إجراءات التحكيم أمام الهيئة التحكيمية التي تم تشكيلها بواسطة إدارة المركز وتقدم بمذكراته أمامها و قد خلت أوراق الدعوى التحكيمية من طلب للمدعي برد المحكم دكتور/ عبد القادر سلفو بما مفاده نزوله ضمنا عن الاعتراض على تشكيل الهيئة ورد المحكم المذكور بما يكون الدفع بالبطلان سندا لما ذكر من سبب على غير سند من القانون متعين رفضه , فضلا عن رفض السبب المبدئ من المدعية بشأن فصل الحكم المطعون عليه في مسألة تسجيل اللاعب المشكو بخصوصه إذ أن تقرير الحكم المطعون عليه في هذا الشأن يعد من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير المحكم والتي تخرج من دائرة الرقابة القضائية وبما ترى معه المحكمة رفض الدعوى لعدم توفر أي حالة من حالات البطلان)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه في حدود سلطته الموضوعية سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون، ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ولا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى غير مقبول.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن، وبإلزام الطاعن بالمصروفات وألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضده الأول مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق