الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

الطعنان 912 ، 913 لسنة 2020 ق جلسة 27 / 10 / 2020 تمييز اتحادي جزائي ق 126 ص 573

جلسة 27/10/2020
برئاسة السيد القاضي/أحمد عبد الله الملا –رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة/ محمد أحمد عبد القادر وعبد الحق أحمد يمين.
---------------
(126)
الطعن رقم 912 و 913 لسنة 2020 جزائي
قاضي " سلطته التقديرية". إثبات "أدلة". جريمة. اعتراف. شهود" أقوالهم " تقدير الظروف". قانون "تطبيقه ". حكم "أسبابه ""تسبيب سائغ". نقض "ما لا يقبل من الأسباب". حيازة. إحراز. مواد مخدرة. قصد جنائي. مترجم. حكم استئناف.
- القاضي في المواد الجزائية. له سلطة واسعة وحرية كاملة في فهم الواقع في الدعوى. وتقدير أدلة الاتهام والوقوف على علاقة المتهم بالجريمة. سلطة محكمة الموضوع. في تكوين عقيدته من الأدلة قولية أو فنية أو قرائن واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية مادام استخلاصه لها سليماً ولا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. ولها الأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر الاستدلالات أو تحقيق النيابة العامة. متى اطمأنت لصدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية ولو عدل عنه فيما بعد في الجرائم التعزيرية. وتبين لها الحقيقة التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ولها وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدن فيها شهادتهم والتعويل عليها مهما وجه إليه من مطاعن.
- الحكم بالإدانة. وجوب اشتماله على الأسباب التي بني عليها الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والإشارة لنص القانون المحاكم بمقتضاه. أساس ذلك؟ المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.
- القانون لم يرسم شكلا معيناً يصوغ فيه الحكم للأسباب التي بنى عليها وبيان الوقائع المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ونص القانون الذي حكم بموجبه. متى كان ما أورده الحكم كافيا لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
- أركان الجريمة المسندة للمتهم. استخلاص توافرها. موضوعي. ومنها الحيازة والإحراز ومدى تحقق اتصال الجاني بالمادة المخدرة اتصالا مباشراً. أو غير مباشر. متى كانت سلطانه ممتدا إليها.
- القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز المواد المخدرة. شرط ذلك؟ علم الجاني بأنها مادة مخدرة.
- المترجم ماهيته؟ موظف عمومي حلف اليمين قبل توليه وظيفته. الأصل في الإجراءات الصحة وعلى من يدعي خلافها . إثبات ذلك. مؤدى ذلك. اطمئنان المحكمة لأقواله المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وما جاء بأقوالهم أمام المحكمة من فهمهم للغة الإنجليزية.
- للحكم الاستئنافي. الأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة أسبابا لما قضى به. متى كانت كافية وسليمة.
- مثال لتسبيب سائغ لقضائه في جريمة حيازة بقصد الإتجار مواد مخدرة وتعاطي مادة مخدرة بالإدانة. حال كون الحكم قد استخلص ثبوت التهم قبل المتهمين من أدلة متساندة ولها أصلها الثابت بالأوراق والرد على الدفوع الجوهرية.
--------------------
لما كان من المقرر أيضاً أن القاضي في المواد الجزائية يملك سلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير أدلة الاتهام والوقوف على علاقة المتهم ومدى صلته بالجريمة وله مطلق الحرية لتكوين عقيدته عن الصورة من الأدلة قولية أو فنية أو قرائن بل له أن يركن في تكوين عقيدته من الصورة المحيطة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصه سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، ولها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر الاستدلالات أو تحقيق النيابة العامة متى اطمأنت لصدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية ولو عدل عنه فيما بعد في الجرائم التعزيرية . ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولها وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن، إذ كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع.
كما أنه من المقرر أنه ولئن كانت المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي قد أوجبت أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بنى عليها الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً معيناً يصوغ فيه الحكم الأسباب التي بنى عليها وبيان الوقائع المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ونص القانون الذي حكم بموجبه فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به سائر الأركان القانونية للجرائم التي دان بها المتهم كان ذلك محققاً لحكم القانون.
كما أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع استخلاص توفر أركان الجريمة المسندة إلى المتهم من كافة العناصر المطروحة عليها ومنها ركن الحيازة أو الإحراز والذي يتحقق باتصال الجاني بالمادة المخدرة اتصالاً مباشراً أو غير مباشر متى كان سلطانه ممتداً إليها كما أن القصد الجنائي يثبت متى علم الجاني أن ما يحوزه أو يحرزه من المواد هو مادة مخدرة وكان استخلاص هذا العلم من صلاحية.
كما أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المترجم وهو موظف عمومي حلف اليمين قبل توليه وظيفته وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعي خلافها أن يقدم ما يثبت ادعاءه ومن ثم يقع عبء إثبات أن المترجم لم يؤد عمله بالصدق والأمانة على عاتق من يدعيه، وحيث إن الثابت أن الحكم المستأنف قد تصدى للرد على هذا الدفع الموضوعي بقوله "بطلان محضر جمع الاستدلالات ومحضر تحقيقات النيابة العامة لعدم وجود مترجم للمتهم الأول وذات الدفع من المتهم الثالث فمردود عليه بأن المحكمة بقطع النظر عن القول في محضر جمع الاستدلالات من حيث صحته أو بطلانه فإن المحكمة لم تعول عليه في ثبوت الاتهام قبل المتهمين وإنما اطمأنت إلى تحقيقات النيابة العامة وما جاء بها والتي تبين من مطالعتها أنه يوجد مترجم موقع على التحقيقات جميعها أما القول بأن المتهم الأول سريلانكي الجنسية والثاني ألماني الجنسية ولا يجيد التحدث باللغة العربية أو الإنجليزية فمردود عليه بأن المحكمة بالجلسات سألت المتهمين جميعاً من خلال مترجم إلى الإنجليزية وقد فهموا ما يوجه إليهم وقاموا بالرد عليه أمام المحكمة مقررين أنهم يفهمون اللغة الإنجليزية وليس أدل على ذلك من إنكارهم تهمة الاتجار أمام المحكمة وتفهمهم لأقوال الشاهد حال ترجمتها للغة الإنجليزية من خلال المترجم ونفيهم لتلك الأقوال مما يكون الدفع على غير حقيقة الواقع وترى وتطمئن إلى إجادة المتهمين للغة الإنجليزية وفهمهم للأسئلة التي وجهت اليهم ..".
كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا مانع من أن يتخذ الحكم الاستئنافي أسباب حكم محكمة أول درجة أسباباً لما قضى به متى كانت كافية وسليمة دون حاجة لسردها من جديد.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم المستأنف وأحال إليها وقد بين الحكم الابتدائي واقعة الدعوى بياناً كافياً تتوفر به كافة العناصر القانونية اللازمة للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من اعتراف المتهمين بمحضر الاستدلالات والنيابة العامة وأقوال شاهد الضبط وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم وأرود ذلك في أسبابه بقوله "..وحيث إن الواقعة المتقدمة التي استخلصتها المحكمة قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهمين من أدلة متساندة لها أصلها ومعينها الثابت بالأوراق والتي تأخذ بها المحكمة عماداً لقضائها، وكانت المحكمة قد أحاطت بظروف الدعوى على النحو سالف البيان وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام فقد تبين للمحكمة توفر الأركان القانونية للجريمة المسندة للمتهمين من حيازة المادة المخدرة بقصد الاتجار وقد ثبت مقارفتهما للفعل المادي للجريمة وتوفر القصد الجنائي العام والخاص لديهما والمتمثل في علمهما بأنهما يأتيان فعلاً محظوراً تعاقب عليه قوانين الدولة واتجاه إرادتهما إلى ذلك وهما عالمان بكنه الشيء هادفين التربح من ذلك الفعل وفق الثابت من اعترافهما بمحضر جمع الاستدلالات وما استخلصته المحكمة من أقوالهما واعترافهما بتحقيقات النيابة العامة وبما ثبت من تقرير الضبط وأقوال الشاهد/ ......... وأخيراً بما ثبت بتقارير فحص المضبوطات، فقد شهد ضابط الواقعة ...، وقد تأيدت تلك الشهادة بما جاء باعتراف المتهمين الأول والثالث بالتحقيقات...، وقد تأيد اعتراف المتهم الأول باعتراف صريح أيضاً للمتهم الثالث ...". كما قام الحكم المستأنف بالرد على دفوع الطاعنين المتعلقة ببطلان محضر الضبط لمخالفته نص المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية وبطلان محضر جمع الاستدلالات ومحضر تحقيقات النيابة العامة لعدم وجود مترجم، ودفع المتهم الثالث المتضمن وجود خلل في السمع في أذنه اليسرى، والدفع ببطلان القبض والتفتيش والدفع بانتفاء القصد الجنائي.
ولما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المستأنف والمؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه على عدة دعامات منها اعتراف المتهمين وشهادة رجل الضبط والذي أفاد بأن التحريات دلت على حيازة الطاعن/ .... وأنه ينوي بيعها للمصدر السري بمبلغ 1500 درهم وتم ضبطها بعد واقعة التسليم واعترف بأنه حصل عليها من الطاعن/ .....، ومن واقعة ضبط المتهمين وفي حوزتهم المواد المخدرة والتي ثبت من تقرير المختبر الجنائي من أن المضبوطات هي لمخدر الكوكايين والقنب الهندي وهي دعامات كافية بذاتها على ثبوت الاتهام في جانب الطاعنين، ويكون الحكم بهذه الدعامات مسبباً تسبيباً كافياً، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن المتهمين الطاعنين قد حازا المخدر المضبوط بغرض الاتجار ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعنين يكون قائماً على سند صحيح من الواقع والقانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بوجه النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في ما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها ويكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
--------------
المحكمة
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق- تتحصل في أن النيابة العامة أسندت للطاعنين وآخر أنهم بتاريخ سابق على 27-7-2019 بدائرة إمارة الشارقة:
المتهمون جميعاً:
1- حازوا بقصد الاتجار مواد مخدرة (كوكايين والقنب الهندي وراتنج القنب وخلاصات وصبغات القنب وبذور القنب القابلة للإنبات) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، على النحو المبين بالتحقيقات.
المتهمان الأول والثالث:
2- تعاطيا المادة المخدرة (كوكايين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت معاقبتهم طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية و بالمواد 1، 6/1، 17، 34، 39، 48/2، 56، 63، 65 من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتعديلاته والجدولين الأول والرابع الملحقين بذات القانون.
وبجلسة 5-4-2020 قضت محكمة أول درجة:
أولاً: بإدانة المتهم الأول/ .......- والمتهم الثالث/ ...... الجنسية- بالتهمة الأولى ومعاقبتهما بالسجن المؤبد. ثانياً: بإدانة المتهم الأول/ ........- والمتهم الثالث/ ......- بالتهمة الثانية ومعاقبتهما بالحبس سنتين.
ثالثاً: ببراءة المتهمة الثانية/ ......- من التهمة المنسوبة إليها.
رابعاً: بمصادرة المضبوطات وإبعاد المتهمين (الأول والثاني) عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة وإلزامهما بالرسوم الجزائية المقررة.
لم يرتض المحكوم عليهما والنيابة العامة هذا القضاء وطعنا عليه بالاستئناف، وبجلسة 27-7-2020 قضت محكمة استئناف أبوظبي في الاستئنافات أرقام 583 + 604 + 606 لسنة 2020:
أولاً: بقبول الاستئنافات شكلاً.
ثانياً: وفي موضوع الاستئناف رقم 583 لسنة 2020 برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
ثالثاً: وفي موضوع الاستئنافين رقمي 604 + 606 لسنة 2020 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وإلزامهما بالرسوم القضائية.
لم يرتض المحكوم عليهما هذا القضاء وطعنا عليه بالطعنين الماثلين.
والنيابة العامة قدمت مذكرة طلبت فيها رفض الطعنين.

أولاً: الطعن رقم 912 لسنة 2020 المقام من .................
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الثابت بالأوراق أن الطاعن يحمل الجنسية الألمانية في حين أن الترجمة كانت من الإنجليزية إلى اللغة العربية التي يفهمها الطاعن بشكل بسيط وهو ما أدى إلى عدم فهم الطاعن لعدد من الأسئلة التي وجهت له وهو ما أثر على سلامة الحكم الصادر بحقه، إضافة إلى أن الطاعن يشكو من إصابة في أذنه اليسرى مما أدى إلى ضعف في السمع وهو ما أثر على فهمه للأسئلة التي توجه له وهو ما دفع به الطاعن إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفع وردت عليه برد لا يصلح ولا يواجه هذا الدفع وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ثانياً: الطعن رقم 913/ 2020 المقام من الطاعن ..............
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، حيث خالف الحكم نص المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تستوجب أن يكون الحكم مشتملاً على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وبيان أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها وهو ما لم يرد في الحكم المطعون فيه، كما وأن الحكم أخطأ في تطبيق القانون عندما لم يرد على الدفوع المثارة من الطاعن ببطلان محضر الضبط حيث لم يعرض الطاعن خلال المدة المقررة قانوناً، كما خلا محضر جمع الاستدلالات والنيابة العامة من وجود مترجم للمتهم، إضافة إلى بطلان القبض والتفتيش وبطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، كما شاب الحكم القصور في التسبيب من جانب انتفاء قصد الاتجار بحق الطاعن وعول الحكم في إثبات ذلك على اعترافات باطلة منسوبة للطاعن لأنها ناتجة عن إجراءات باطلة ولأنها لا تتفق مع الواقع أو الثابت بالأوراق ولأنها أخذت باللغة الإنجليزية التي لا يجيدها الطاعن، وحيث إن الحكم خالف ذلك وقضى بإدانة الطاعن رغم ما شاب الإجراءات من بطلان فإنه يكون قد جاء معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن أوجه النعي في الطعنين غير سديدة، ذلك أنه من المقرر أيضاً أن القاضي في المواد الجزائية يملك سلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير أدلة الاتهام والوقوف على علاقة المتهم ومدى صلته بالجريمة وله مطلق الحرية لتكوين عقيدته عن الصورة من الأدلة قولية أو فنية أو قرائن بل له أن يركن في تكوين عقيدته من الصورة المحيطة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصه سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، ولها أن تأخذ باعتراف المتهم ولو ورد بمحضر الاستدلالات أو تحقيق النيابة العامة متى اطمأنت لصدوره عن إرادة حرة مختارة وواعية ولو عدل عنه فيما بعد في الجرائم التعزيرية. ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولها وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن، إذ كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع. كما أنه من المقرر أنه ولئن كانت المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي قد أوجبت أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بنى عليها الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً معيناً يصوغ فيه الحكم الأسباب التي بنى عليها وبيان الوقائع المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ونص القانون الذي حكم بموجبه فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به سائر الأركان القانونية للجرائم التي دان بها المتهم كان ذلك محققاً لحكم القانون.
كما أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع استخلاص توفر أركان الجريمة المسندة إلى المتهم من كافة العناصر المطروحة عليها ومنها ركن الحيازة أو الإحراز والذي يتحقق باتصال الجاني بالمادة المخدرة اتصالاً مباشراً أو غير مباشر متى كان سلطانه ممتداً إليها كما أن القصد الجنائي يثبت متى علم الجاني أن ما يحوزه أو يحرزه من المواد هو مادة مخدرة وكان استخلاص هذا العلم من صلاحية.
كما أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المترجم وهو موظف عمومي حلف اليمين قبل توليه وظيفته وأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعي خلافها أن يقدم ما يثبت ادعاءه ومن ثم يقع عبء إثبات أن المترجم لم يؤد عمله بالصدق والأمانة على عاتق من يدعيه، وحيث إن الثابت أن الحكم المستأنف قد تصدى للرد على هذا الدفع الموضوعي بقوله "بطلان محضر جمع الاستدلالات ومحضر تحقيقات النيابة العامة لعدم وجود مترجم للمتهم الأول وذات الدفع من المتهم الثالث فمردود عليه بأن المحكمة بقطع النظر عن القول في محضر جمع الاستدلالات من حيث صحته أو بطلانه فإن المحكمة لم تعول عليه في ثبوت الاتهام قبل المتهمين وإنما اطمأنت إلى تحقيقات النيابة العامة وما جاء بها والتي تبين من مطالعتها أنه يوجد مترجم موقع على التحقيقات جميعها أما القول بأن المتهم الأول سريلانكي الجنسية والثاني ألماني الجنسية ولا يجيد التحدث باللغة العربية أو الإنجليزية فمردود عليه بأن المحكمة بالجلسات سألت المتهمين جميعاً من خلال مترجم إلى الإنجليزية وقد فهموا ما يوجه إليهم وقاموا بالرد عليه أمام المحكمة مقررين أنهم يفهمون اللغة الإنجليزية وليس أدل على ذلك من إنكارهم تهمة الاتجار أمام المحكمة وتفهمهم لأقوال الشاهد حال ترجمتها للغة الإنجليزية من خلال المترجم ونفيهم لتلك الأقوال مما يكون الدفع على غير حقيقة الواقع وترى وتطمئن إلى إجادة المتهمين للغة الإنجليزية وفهمهم للأسئلة التي وجهت اليهم ..".
كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا مانع من أن يتخذ الحكم الاستئنافي أسباب حكم محكمة أول درجة أسباباً لما قضى به متى كانت كافية وسليمة دون حاجة لسردها من جديد.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم المستأنف وأحال إليها وقد بين الحكم الابتدائي واقعة الدعوى بياناً كافياً تتوفر به كافة العناصر القانونية اللازمة للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من اعتراف المتهمين بمحضر الاستدلالات والنيابة العامة وأقوال شاهد الضبط وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم وأرود ذلك في أسبابه بقوله "..وحيث إن الواقعة المتقدمة التي استخلصتها المحكمة قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهمين من أدلة متساندة لها أصلها ومعينها الثابت بالأوراق والتي تأخذ بها المحكمة عماداً لقضائها، وكانت المحكمة قد أحاطت بظروف الدعوى على النحو سالف البيان وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام فقد تبين للمحكمة توفر الأركان القانونية للجريمة المسندة للمتهمين من حيازة المادة المخدرة بقصد الاتجار وقد ثبت مقارفتهما للفعل المادي للجريمة وتوفر القصد الجنائي العام والخاص لديهما والمتمثل في علمهما بأنهما يأتيان فعلاً محظوراً تعاقب عليه قوانين الدولة واتجاه إرادتهما إلى ذلك وهما عالمان بكنه الشيء هادفين التربح من ذلك الفعل وفق الثابت من اعترافهما بمحضر جمع الاستدلالات وما استخلصته المحكمة من أقوالهما واعترافهما بتحقيقات النيابة العامة وبما ثبت من تقرير الضبط وأقوال الشاهد/ ......... وأخيراً بما ثبت بتقارير فحص المضبوطات، فقد شهد ضابط الواقعة ...، وقد تأيدت تلك الشهادة بما جاء باعتراف المتهمين الأول والثالث بالتحقيقات...، وقد تأيد اعتراف المتهم الأول باعتراف صريح أيضاً للمتهم الثالث ...". كما قام الحكم المستأنف بالرد على دفوع الطاعنين المتعلقة ببطلان محضر الضبط لمخالفته نص المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية وبطلان محضر جمع الاستدلالات ومحضر تحقيقات النيابة العامة لعدم وجود مترجم، ودفع المتهم الثالث المتضمن وجود خلل في السمع في أذنه اليسرى، والدفع ببطلان القبض والتفتيش والدفع بانتفاء القصد الجنائي.
ولما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المستأنف والمؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه على عدة دعامات منها اعتراف المتهمين وشهادة رجل الضبط والذي أفاد بأن التحريات دلت على حيازة الطاعن/ .... وأنه ينوي بيعها للمصدر السري بمبلغ 1500 درهم وتم ضبطها بعد واقعة التسليم واعترف بأنه حصل عليها من الطاعن/ .....، ومن واقعة ضبط المتهمين وفي حوزتهم المواد المخدرة والتي ثبت من تقرير المختبر الجنائي من أن المضبوطات هي لمخدر الكوكايين والقنب الهندي وهي دعامات كافية بذاتها على ثبوت الاتهام في جانب الطاعنين، ويكون الحكم بهذه الدعامات مسبباً تسبيباً كافياً، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن المتهمين الطاعنين قد حازا المخدر المضبوط بغرض الاتجار ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة الطاعنين يكون قائماً على سند صحيح من الواقع والقانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان بوجه النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في ما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها ويكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
* * *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق