الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

الطعن 5649 لسنة 88 ق جلسة 3 / 10 / 2020 مكتب فني 71 ق 83 ص 798

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / رفعت طلبة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / جمال عبد المجيد ومحمد هديب نائبي رئيس المحكمة ومحمد الحنفي ووائل الشيمي .
--------------
(83)
الطعن رقم 5649 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة .
(2) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة . حد ذلك ؟
إيراد الحكم من اعتراف المتهم ما يحقق مراد الشارع بالمادة 310 إجراءات جنائية . كفايته . النعي بشأن ذلك . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) قبض . نقض " الصفة في الطعن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
لا صفة لغير من وقع عليه القبض في أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه . علة ذلك ؟
الدفع ببطلان الدليل المستمد من القبض أو التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة . غير جائز إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم .
نعي الطاعن ببطلان القبض والتفتيش الواقعين على شخص وسيارة متهم آخر . غير مقبول . حد ذلك ؟
(4) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " . استجواب .
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي .
للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين . متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع .
حضور ضابط الواقعة استجواب المتهم بالنيابة العامة . لا يبطله . علة ذلك ؟
(5) استجواب . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغير دعوة محاميه في حالتي التلبس والسرعة . تقدير ذلك للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع . أساس ذلك ؟
وجوب استمرار المحامي في الوقوف إلى جانب موكله حتى انتهاء التحقيقات . انصرافه باختياره لأي سبب واستمرار النيابة في إجراءات التحقيق في غيابه . لا بطلان .
(6) مواد مخدرة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
انبساط سلطان الجاني على المادة المخدرة . كفايته لاعتباره حائزاً لها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز لها غيره . تحدث الحكم عن هذا الركن استقلالاً . غير لازم . كفاية ما أورده من وقائع للدلالة عليه .
الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط وانتفاء صلته بالواقعة . موضوعي . لا يستلزم رداً اكتفاءً بما تورده المحكمة من أدلة الثبوت .
(7) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " . محضر الجلسة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
مثال .
(8) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
لمحكمة الموضوع أن ترى في أقوال شاهدي الإثبات ما يكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر للطاعن دون أن ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار . لا تناقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له .
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها ، وكان ما أورده الحكم بالنسبة لاعتراف المتهم الآخر يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في بيان دليل الإثبات الذي استمده منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس .
3- من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في شأنه القبض أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه ، لأن تحقق المصلحة في الدفع لاحق لوجود الصفة فيه ، كما أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من القبض أو التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة لذلك إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم ، وكان القبض والتفتيش المدعى ببطلانه قد وقع على شخص وسيارة المتهم الآخر ولم يزعم الطاعن حيازته أو ملكيته لتلك السيارة التي جرى تفتيشها وضبطت فيها الأقراص المخدرة ، فإنه بهذه المثابة لا يمس حرمة من الحرمات المكفولة للطاعن ، ويكون النعي منه على الحكم في هذا الخصوص على غير سند .
4- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، وأن لمحكمةالموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى ىاطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، ولما كانت المحكمة قد اطرحت دفاع الطاعن ببطلان اعتراف المتهم الآخر لخلو الأوراق من دليل على صحته واستخلصت سلامة اعترافه ، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد ، هذا فضلاً على أنه لو صح ما يثيره الطاعن من أن استجواب المتهم الآخر بالنيابة العامة قد تم في حضور ضابط الواقعة لا يفيد في قيام الإكراه ، لأن مجرد حضوره وخشيته منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً .
5- من المقرر أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد ، فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة ، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع ، فما دامت هي أقرته عليه في حدود سلطتها التقديرية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن نعي الطاعن في هذا الشأن لا يكون صحيحاً ، هذا فضلاً عن أن واجب المحامي يقضي عليه بالاستمرار في الوقوف إلى جانب موكله حتى انتهاء التحقيقات ، فإذا انصرف المحامي باختياره لأي سبب كان عن الحضور مع المتهم ، فللنيابة أن تستمر في إجراءات التحقيق في غيابه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في أن هناك محامي حضر مع المتهم الآخر ، فبفرض انصرافه فور سؤال الأخير ، فإن انصراف المحامي باختياره ينحسر معه البطلان عن إجراءات التحقيق ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
6- من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وكان الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط وانتفاء صلته بالواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة وتتفق والاقتضاء العقلي ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .
7- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع التي ساقها أمام محكمة الموضوع في دفاعه المكتوب ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، خاصة أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليه تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول .
8- من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال شاهدي الإثبات ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ( طاعن ) ، 2- .... بأنهما :-
المتهم الأول :-
حاز بقصد الاتجار أقراصاً تحوي جوهراً مخدراً " عقار الترامادول " وذلك بالجوار المباشر لإحدى دور العبارة ولأحد دور العلاج الطبي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
المتهم الثاني :-
حاز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي أقراصاً تحوي جوهراً مخدراً " عقار الترامادول " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 7/1 ، 34 /1 بند (أ) ، 2 بند (4) ، 38/ 1 ، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 152 من القسم الثاني من الجدول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمعدل بالقرار رقم 125 لسنة 2012 ، بمعاقبة الأول بالسجن المؤبد وتغريمه مائة ألف جنيه ، وبمعاقبة الثاني بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر سنة وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة وألزمت كل منهما بالمصاريف الجنائية .
وإذ أُعيدت إجراءات محاكمة المتهم الأول .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 152 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصاريف الجنائية ، وذلك باعتبار أن الحيازة للمخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى - بمذكرات أسباب طعنه الثلاث - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة عقار مخدر " ترامادول " بغير قصد من القصود المسماة في القانون وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن صيغ في عبارات غامضة مجملة لا يبين منها واقعة الدعوى ومضمون أدلة الإدانة ، وعول على اعتراف المتهم السابق الحكم عليه ولم يورد مضمونه بصورة وافية ، ورد برد قاصر غير سائغ على ما تمسك به الطاعن من بطلان القبض بالنسبة للمتهم السابق الحكم عليه وتفتيش سيارته وما ترتب على ذلك لحصولهما في غير حالات التلبس ، وبطلان اعتراف ذلك المتهم لصدوره وليد إكراه مادي ومعنوي تمثل في حضور الضابط معه أثناء مباشرة التحقيق والقبض الباطل ، وببطلان إجراءات التحقيق لاستجوابه دون دعوة محاميه ، وقعد عن الرد على دفعه بانعدام سيطرته المادية على السيارة التي عثر بها على المضبوطات وانتفاء صلته بها ، ولم يعرض لدفاعه المسطور والمستندات المقدمة بجلسة المحاكمة والتي خلا محضر جلستها من إثباتها ، هذا إلى أن الحكم في تحصيله لواقعة الدعوى وفي معرض رده على الدفع ببطلان التفتيش ما يدل على اقتناع المحكمة بأن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم عاد وانتهى إلى استبعاد ذلك القصد مما يصمه بالتناقض ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها ، وكان ما أورده الحكم بالنسبة لاعتراف المتهم الآخر يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في بيان دليل الإثبات الذي استمده منها لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في شأنه القبض أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه ، لأن تحقق المصلحة في الدفع لاحق لوجود الصفة فيه ، كما أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من القبض أو التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة لذلك إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم ، وكان القبض والتفتيش المدعى ببطلانه قد وقع على شخص وسيارة المتهم الآخر ولم يزعم الطاعن حيازته أو ملكيته لتلك السيارة التي جرى تفتيشها وضبطت فيها الأقراص المخدرة ، فإنه بهذه المثابة لا يمس حرمة من الحرمات المكفولة للطاعن ، ويكون النعي منه على الحكم في هذا الخصوص على غير سند . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، وأن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، ولما كانت المحكمة قد اطرحت دفاع الطاعن ببطلان اعتراف المتهم الآخر لخلو الأوراق من دليل على صحته واستخلصت سلامة اعترافه ، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد ، هذا فضلاً على أنه لو صح ما يثيره الطاعن من أن استجواب المتهم الآخر بالنيابة العامة قد تم في حضور ضابط الواقعة لا يفيد في قيام الإكراه ، لأن مجرد حضوره وخشيته منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد ، فقد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة ، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع ، فما دامت هي أقرته عليه في حدود سلطتها التقديرية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن نعي الطاعن في هذا الشأن لا يكون صحيحاً ، هذا فضلاً عن أن واجب المحامي يقضي عليه بالاستمرار في الوقوف إلى جانب موكله حتى انتهاء التحقيقات ، فإذا انصرف المحامي باختياره لأي سبب كان عن الحضور مع المتهم ، فللنيابة أن تستمر في إجراءات التحقيق في غيابه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في أن هناك محامي حضر مع المتهم الآخر ، فبفرض انصرافه فور سؤال الأخير ، فإن انصراف المحامي باختياره ينحسر معه البطلان عن إجراءات التحقيق ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وكان الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط وانتفاء صلته بالواقعة من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة وتتفق والاقتضاء العقلي ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع التي ساقها أمام محكمة الموضوع في دفاعه المكتوب ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، خاصة أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً ، إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر ، وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليه تسجيله ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال شاهدي الإثبات ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق