جلسة الاثنين 20 فبراير 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان وأحمد عبد الله حسين.
------------------
(10)
الطعن رقم 60 لسنة 2017 "جزاء"
(1 ، 2) غش "غش أغذية". قصد جنائي. جريمة "أركانها".
(1) الغش وفقا للقانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية. مناط تحققه. الغش في أغذية الإنسان. شموله حالتي انتهاء مدة صلاحيتها أو إخفاء مدة صلاحيتها. م 15 من القرار الوزاري رقم 26 لسنة 1985 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه.
(2) جريمة الغش عن طريق وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة أو إخفاء مدة صلاحيتها. توافر أركانها ولو كانت السلعة التي يوضع البيان عليها غير مغشوشة. القصد الجنائي فيها. توافره بمجرد وضع البيان غير الحقيقي مع العلم بعدم مطابقته للحقيقة وبقصد إخفاء انتهاء مدة صلاحية المواد الغذائية. اختلافه عن الغش الذي يتحقق بخلط الشيء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة. مثال.
(3) بطلان "بطلان الإجراءات". مأمور الضبط القضائي. غش "غش أغذية". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية. قصد تنظيم الإجراءات عن طريق إرشادات موجهة إلى موظفين ليسوا من مأموري الضبط القضائي بمقتضى القانون العام. عدم إتباع أي إجراء من الإجراءات الواردة به. لا بطلان. علة ذلك. الإدانة بناء على أي دليل يقدم في الدعوى. صحيح متى اقتنع القاضي بصدقه.
(4 ، 5) إثبات "مسائل عامة" "الأدلة في المواد الجزائية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
(4) المحاكمات الجنائية. العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. له أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما دام أن له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى.
(5) جواز إثبات الجرائم على اختلاف أنواعها بكافة الطرق القانونية. مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين. غير جائز. نعي الطاعن بخلو الأوراق من تقرير فني لإثبات الجرائم التي دين بها. غير مقبول. الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز إثارته أمام محكمة التمييز.
(6) دفوع "الدفوع الموضوعية: الدفع بتلفيق التهمة". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
(7) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الاعتراف".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الدعوى. تقدير حجيته وقيمته. من سلطة محكمة الموضوع. لها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح ما سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك. الاعتراف. لا يلزم فيه أن يرد على الواقعة بكامل تفاصيلها. كفاية أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات الفعلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
(8) إثبات "شهود". تمييز "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
النعي بالتفات المحكمة عن أقوال شهود النفي. وارد على غير محل. طالما أن قضاءها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوالهم.
(9) تمييز "أسباب الطعن: السبب المجهل".
وجه الطعن. شرط قبوله. أن يكون واضحا ومحددا مبينا أهميته في الدعوى. تخلف ذلك وعدم بيان الطاعن أوجه الدفاع أو الدفوع وورودها مرسلة ومجهلة. أثره. عدم قبول النعي.
(10) عقوبة "تقديرها" "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة وموجبات الرأفة. من سلطة محكمة الموضوع. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
----------------------
1 - الغش وفقا للقانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية قد يقع بإضافة مادة غريبة إلى السلعة، أو بانتزاع شيء من عناصرها النافعة، كما يتحقق أيضا بإخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأنه غش المشتري ويتحقق كذلك بالخلط أو بالإضافة بمادة مغايرة لطبيعة البضاعة أو من نفس طبيعتها ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن الخليط لا شائبه فيه، أو بقصد إخفاء رداءة البضاعة وإظهارها في صورة أجود مما هي عليه في الحقيقة، وقد نصت المادة 15 من القرار الوزاري رقم 26 لسنة 1984 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية على أنه: ((لا يجوز بيع أية مواد غذائية أو عرضها للبيع أو حيازتها بقصد البيع إذا انتهت مدة صلاحيتها للاستهلاك، وعلى كل من يتعامل في صنع أو تجارة أو تخزين المواد الغذائية إخطار دائرة البلدية المختصة عن المواد الغذائية الموجودة في حوزته وانتهت مدة صلاحيتها للاستهلاك لإعدامها بمعرفتها)) وكان نائب حاكم دبي رئيس البلدية في حدود سلطته التشريعية المخولة له قد أصدر الأمر المحلي رقم 11 لسنة 2003 ونص في المادة السابعة منه على أن تعتبر المواد الغذائية مغشوشة إذا قصد إخفاء فسادها أو تلفها أو انتهاء مدة صلاحيتها بأية طريقة كانت. لما كان ذلك، وكان جماع ما تقدم، أن الغش في أغذية الإنسان يشمل حالتي انتهاء مدة صلاحيتها للاستهلاك أو إخفاء مدة صلاحيتها.
2 - جريمة الغش عن طريق وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة أو إخفاء مدة صلاحيتها تقع وتتوافر أركانها ولو كانت السلعة التي يوضع البيان عليها غير مغشوشة ويتوافر القصد الجنائي فيها بمجرد وضع البيان غير الحقيقي مع العلم بعدم مطابقته للحقيقة وبقصد إخفاء انتهاء مدة صلاحية المواد الغذائية، وهي تختلف عن الغش الذي يتحقق بخلط الشيء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة. لما كان ذلك، وكان الثابت من صورة الواقعة كما أوردها الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد حاز مواد غذائية رغم انتهاء صلاحيتها كما قام بإخفاء تاريخ الصلاحية لمواد غذائية أخرى ووضع عليها ملصق جديد بتاريخ صلاحية مصطنع ولم يقم بإخطار البلدية عن انتهاء مدة صلاحيتها للاستهلاك بل الثابت بأقوال شاهد الإثبات ---------- أنه شاهد أحد عماله يقوم بتقطيع شرائح اللحم لوضعها داخل أكياس منفصلة لتسليمها إلى أحد المحلات، الأمر الذي تكون معه جريمة الغش متوافره في حقه ويضحي كل ما يثيره بشأن انتفائها لعدم أخذ عينات من المضبوطات وعدم توافر القصد الجنائي لانتوائه إتلافها وسداده الغرامة غير سديد.
3 - القانون الاتحادي رقم 4/1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية إذ نص في المادة السابعة منه على أنه (إذا وجدت لدى الموظفين المشار إليهم في المادة السابعة أسباب قوية تحملهم على الاعتقاد بأن ثمة مخالفة لأحكام هذا القانون جاز لهم ضبط المواد المشتبه فيها بصفة مؤقتة وفي هذه الحالة يدعى أصحاب الشأن للحضور وتؤخذ ثلاث عينات على الأقل من المواد المضبوطة لتحليلها....) فقد دل بذلك على أنه إنما قصد تنظيم الإجراءات عن طريق إرشادات موجهة إلى موظفين ليسوا من مأموري الضبط القضائي بمقتضى القانون العام، ولم يرتب البطلان على عدم إتباع أي إجراء من الإجراءات الواردة به، ولم يكن من غرض الشارع أن يخضع أحكام هذا القانون إلى قواعد إثبات خاصة بها وإذن فيصح الحكم بالإدانة بناء على أي دليل يقدم في الدعوى متى اقتنع القاضي بصدقه.
4 - العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينه يرتاح إليها ما دام أن الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى.
5 - الجرائم على اختلاف أنواعها، إلا ما استثني بنص خاص جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين، فإن منعي الطاعن بخلو الأوراق من تقرير فني لإثبات الجرائم التي دين بها لا يكون مقبولا وينحل إلى مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
6 - المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
7 - الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكامل تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
8 - إذ كان لا محل لما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عن أقوال شهود النفي إذ إن قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، مما يكون معه النعي في هذا الصدد غير سديد.
9 - إذ كان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادا له وردا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلا مجهلا فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول.
10 - تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
------------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: ------ لأنه بتاريخ 4/9/2013 وسابق عليه بدائرة مركز شرطة الراشدية.
أولا: غش في أغذية للإنسان ((لحوم وأسماك ودجاج المبينة وصفا بمحضر الضبط الصادر من بلدية دبي)) وذلك بأن غير ملصق تاريخ صلاحيتها على أنها صالحة خلافا للحقيقة مع علمه بفسادها، على النحو المبين والثابت في الأوراق.
ثانيا: حاز الأغذية المشار إليها في البند أولا ((لحوم وأسماك ودجاج)) تحمل بطاقة غذائية غير مناسبة على المواد الغذائية وأغذية ثبت وجود مخالفات ببطاقتها الغذائية، على النحو الثابت في الأوراق.
ثالثا: حاز منتجات حيوانية ((لحوم وأسماك ودجاج)) لا تحمل أي تاريخ يبين صلاحيتها على النحو الثابت في الأوراق.
وطلبت عقابه بالمواد (2/1، 3/1، 9، 10) من القانون رقم 4 لسنة 1979 بشأن قمع الغش والتدليس.
وبجلسة 17/5/2016 حكمت محكمة الجنح حضوريا بحبس المتهم لمدة شهرين عن التهم المسندة إليه للارتباط وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف درهم وبمصادرة المضبوطات وإعدامها وغلق المستودع محل المضبوطات لمدة شهر ونشر ملخص الحكم في إحدى الجرائم المحلية على نفقة المحكوم عليه.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالاستئناف رقم 3609 لسنة 2016.
وبجلسة 22/12/2016 حكمت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف ومصادرة مبلغ التأمين.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل المقيد برقم 60 لسنة 2017 بموجب تقرير مؤرخ 19/1/2017 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ----- وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون ذلك أن القانون رقم 4/ 1979 بشأن قمع الغش والتدليس قد أوجب أخذ ثلاث عينات من المواد المضبوطة لتحليلها ووضعها داخل حرز يختم بالشمع الأحمر ويوضع عليه تاريخ أخذ العينة ونوعها ومقدارها واسم صاحبها واسم الموظف الذي أخذ العينة ووظيفته إلا أن مفتش البلدية الذي قام بضبط الواقعة لم يتبع تلك الإجراءات التي رسمها القانون مما يقطع بأنه قصد تلفيق الاتهام، وقضى الحكم بالإدانة رغم خلو الأوراق من دليل فني بشأن تحليل المضبوطات، وأن الطاعن كان بصدد إتلاف المضبوطات المنتهية الصلاحية وقام بسداد الغرامات الموقعة عليه من بلدية دبي مما ينتفي معه القصد الجنائي في حقه، وعول الحكم على اعتراف الطاعن بشأن وجود مواد منتهية الصلاحية واجتزأ من ذلك الاعتراف قوله بأنه كان بصدد إتلافها وأن آلة الطباعة المضبوطة لم يثبت استخدامها في تغيير صلاحية المضبوطات فضلا عن أنها لا تستخدم في تواريخ صلاحية اللحوم، والتفت الحكم عن أقوال شاهدي النفي رغم دلالتها في نفي الاتهام ولم يعرض لكافة دفوع الطاعن والتي تمسك بها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها، وأخيرا فإن ظروف الطاعن الأسرية والاجتماعية وعدم وجود سوابق جنائية له تستدعي أخذه بالظروف المخففة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من شهادة كل من مفتش البلدية ----- ومدير حماية حقوق الملكية الفكرية بدائرة التنمية الاقتصادية ----- بتحقيقات النيابة العامة ومن إقرار المتهم في التحقيقات ذاتها بضبط المواد الغذائية منتهية الصلاحية بثلاجات مستودعه وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الغش وفقا للقانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية قد يقع بإضافة مادة غريبة إلى السلعة، أو بانتزاع شيء من عناصرها النافعة، كما يتحقق أيضا بإخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأنه غش المشتري ويتحقق كذلك بالخلط أو بالإضافة بمادة مغايرة لطبيعة البضاعة أو من نفس طبيعتها ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن الخليط لا شائبه فيه، أو بقصد إخفاء رداءة البضاعة وإظهارها في صورة أجود مما هي عليه في الحقيقة، وقد نصت المادة 15 من القرار الوزاري رقم 26 لسنة 1984* باللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية على أنه: ((لا يجوز بيع أية مواد غذائية أو عرضها للبيع أو حيازتها بقصد البيع إذا انتهت مدة صلاحيتها للاستهلاك، وعلى كل من يتعامل في صنع أو تجارة أو تخزين المواد الغذائية إخطار دائرة البلدية المختصة عن المواد الغذائية الموجودة في حوزته وانتهت مدة صلاحيتها للاستهلاك لإعدامها بمعرفتها) وكان نائب حاكم دبي رئيس البلدية في حدود سلطته التشريعية المخولة له قد أصدر الأمر المحلي رقم 11 لسنة 2003 ونص في المادة السابعة منه على أن تعتبر المواد الغذائية مغشوشة إذا قصد إخفاء فسادها أو تلفها أو انتهاء مدة صلاحيتها بأية طريقة كانت. لما كان ذلك، وكان جماع ما تقدم، أن الغش في أغذية الإنسان يشمل حالتي انتهاء مدة صلاحيتها للاستهلاك أو إخفاء مدة صلاحيتها لما كان ما تقدم، وكانت جريمة الغش عن طريق وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة أو إخفاء مدة صلاحيتها تقع و تتوافر أركانها ولو كانت السلعة التي يوضع البيان عليها غير مغشوشة ويتوافر القصد الجنائي فيها بمجرد وضع البيان غير الحقيقي مع العلم بعدم مطابقته للحقيقة وبقصد إخفاء انتهاء مدة صلاحية المواد الغذائية، وهي تختلف عن الغش الذي يتحقق بخلط الشيء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة. لما كان ذلك، وكان الثابت من صورة الواقعة كما أوردها الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد حاز مواد غذائية رغم انتهاء صلاحيتها كما قام بإخفاء تاريخ الصلاحية لمواد غذائية أخرى ووضع عليها ملصق جديد بتاريخ صلاحية مصطنع ولم يقم بإخطار البلدية عن انتهاء مدة صلاحيتها للاستهلاك بل الثابت بأقوال شاهد الإثبات ------ أنه شاهد أحد عماله يقوم بتقطيع شرائح اللحم لوضعها داخل أكياس منفصلة لتسليمها إلى أحد المحلات، الأمر الذي تكون معه جريمة الغش متوافره في حقه ويضحي كل ما يثيره بشأن انتفائها لعدم أخذ عينات من المضبوطات وعدم توافر القصد الجنائي لانتوائه إتلافها وسداده الغرامة غير سديد، فضلا عن أن القانون الاتحادي رقم 4/1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية إذ نص في المادة السابعة منه على أنه (إذا وجدت لدى الموظفين المشار إليهم في المادة السابقة* أسباب قوية تحملهم على الاعتقاد بأن ثمة مخالفة لأحكام هذا القانون جاز لهم ضبط المواد المشتبه فيها بصفة مؤقتة وفي هذه الحالة يدعى أصحاب الشأن للحضور وتؤخذ ثلاث عينات على الأقل من المواد المضبوطة لتحليلها....) فقد دل بذلك على أنه إنما قصد تنظيم الإجراءات عن طريق إرشادات موجهة إلى موظفين ليسوا من مأموري الضبط القضائي بمقتضى القانون العام، ولم يرتب البطلان على عدم إتباع أي إجراء من الإجراءات الواردة به، ولم يكن من غرض الشارع أن يخضع أحكام هذا القانون إلى قواعد إثبات خاصة بها وإذن فيصح الحكم بالإدانة بناء على أي دليل يقدم في الدعوى متى اقتنع القاضي بصدقه. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ استدل على نسبة الجرائم إلى الطاعن من أقوال شاهدي الإثبات وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة فإن استدلاله يكون سائغا ولا يقبل من الطاعن ما يثيره في أسباب طعنه من عدم إتباع مفتش البلدية الإجراءات التي رسمها القانون بعدم أخذ عينات من المواد المضبوطة وخلو الأوراق من دليل على ارتكاب ما أسند إليه.
لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينه يرتاح إليها ما دام أن الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى فالجرائم على اختلاف أنواعها، إلا ما استثني بنص خاص جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين، فإن منعي الطاعن بخلو الأوراق من تقرير فني لإثبات الجرائم التي دين بها لا يكون مقبولا وينحل إلى مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكامل تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة- كما هو الحال في الدعوى الماثلة- فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
لما كان ذلك، وكان لا محل لما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عن أقوال شهود النفي إذ إن قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، مما يكون معه النعي في هذا الصدد غير سديد.
لما كان ذلك، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادا له وردا عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلا مجهلا فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول.
لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابا عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ومن ثم يكون منعي الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق