جلسة 18 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله لبيب خلف "نائب رئيـس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ شريف فؤاد العشري، نور الدين عــبد الله جامع، محمد أمين عبد النبي وعماد الدين محمد محاريق "نواب رئيس المحكمة".
----------------
(111)
الطعن رقم 14418 لسنة 90 القضائية
(2،1) بيع "آثار عقد البيع: التزامات البائع: الالتزام بنقل الملكية: انتقال ملكية العقار بالتقادم الطويل المكسب، الالتزام بتسليم المبيع، الالتزام بضمان الاستحقاق وعدم التعرض: ضمان البائع عدم التعرض للمشتري". تقادم "التقادم المكسب للملكية: نوعا التقادم: التقادم المكسب الطويل: صور التملك: التملك بوضع اليد".
(1) التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري. التزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يُشهر. مؤداه. امتناع البائع أبدًا التعرض للمشتري. علة ذلك. أثره. انتقال ذلك الالتزام لورثة البائع قبل المشتري وورثته. الاستثناء. مفاد ذلك. وجوب امتناع الأول وورثته من دفع دعوى صحة العقد والتسليم بالتقادم المسقط وكذا بالتقادم المكسب ما لم يتم التنفيذ العيني لالتزامهم بنقل الملكية والتسليم. علة ذلك.
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بتثبيت ملكية المطعون ضدها لعقار التداعي بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية رغم ثبوت عدم قيامها ومورثها البائع للطاعنين بنقل الملكية والتسليم للأخيرين المشتريين. خطأ. علة ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن من أحكام البيع المقررة بنص المادة 439 من القانون المدني- التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وهو التزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر، فيمتنع على البائع أبدًا التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض، وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري أو ورثته - فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع - إلا إذا توافرت لديهم بعد البيع شروط وضع اليد على العقار المبيع المدة الطويلة المكسبة للملكية – وبالتالي يمتنع عليهم دفع دعوى صحة العقد والتسليم بالتقادم المسقط لأن ذلك يعد من قبيل المنازعات التي تمتنع عليهم قانونًا بمقتضى التزامهم الأبدي بالضمان، كما يمتنع عليهم للسبب ذاته دفع تلك الدعوى بالتقادم المكسب طالما لم يتم التنفيذ العيني لالتزامهم بنقل الملكية والتسليم، لأن هذا الدفع يكون في حقيقته عندئذ دفعًا بالتقادم المسقط، ومن يضمن نقل الملكية لغيره لا يجوز له أن يدعيها لنفسه، ومن ثم فإن استمرار البائع في وضع يده على العقار المبيع مهما طالت مدته لا يصح أن يكون سببًا للادعاء في مواجهة المشتري بتملك المبيع بالتقادم المكسب ولا يعتد في حساب التقادم إلا بمدته التالية للتنفيذ العيني لالتزامه وورثته من بعده بنقل الملكية وتسليم المبيع للمشتري.
2- إذ كان الثابت من تقرير الخبير ومما لا جدال فيه بين الطرفين أن البائع للطاعنين وورثته من بعده المطعون ضدها لم يقوما بالتنفيذ العيني لالتزامهما بنقل الملكية والتسليم، ومن ثم فإن استمرار وضع يدها على العقار المبيع مهما طال مدته لا يصلح لأن يكون سببًا في تملك المبيع بالتقادم المكسب في مواجهة المشتري - الطاعنين - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتثبيت ملكية المطعون ضدها، فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم .... لسنة ۲۰۰۹ مدني شبين الكوم الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم - حسب طلباتها الختامية - بعدم سريان عقد البيع المؤرخ 1/1/1990 والمبرم بين مورثها والطاعنين وبعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة ۱۹۹۰ مدني كلي شبين الكوم في مواجهتها وبتثبيت ملكيتها للعقار المبين بصحيفة الدعوى، وقالت بيانًا لذلك: إنها تمتلك عقار التداعي بالشراء بموجب العقد المؤرخ ١/١/۱۹۹۰ والمقترن بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إلا أنها فوجئت بالطاعنين يدعيان قيام مورثها ببيع العقار لهما بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 1/1/1990 مقضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم.... لسنة ١٩٩٠ مدني كلي شبين الكوم، إلا أن ذلك العقد والحكم لا ينفذان في مواجهتها كون العقد تضمن بيع ملك الغير فضلًا عن أن العقد سقط بالتقادم الطويل ولم ينفذ على الطبيعة، فأقامت الدعوى، وجه الطاعنان طلبًا عارضًا بطرد المطعون ضدها من عقار التداعي والتسليم. طعن الطاعنان على عقد البيع سند المطعون ضدها بالتزوير، ندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير، وبعد أن أودع تقريره حكمت برد وبطلان عقد البيع سالف البيان وبإعادة الدعوى للمرافعة ليتناضل الخصوم فيها، ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت بطرد المطعون ضدها من عقار التداعي والتسليم وفي الدعوى الأصلية برفضها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف .... لسنة ٥١ ق طنطا "مأمورية شبين الكوم" وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق واستمعت لشهود الطرفين حكمت بتاريخ ١٧/٣/۲۰۲۰ بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بتثبيت ملكية المطعون ضدها للعقار المبين وصفًا ومساحة بتقرير الخبير. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن مورث المطعون ضدها قد باع لهما عقار التداعي بالعقد المؤرخ 1/1/1990 والمقضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم .... لسنة ۱۹۹۰ مدني كلي شبين الكوم وتلتزم المطعون ضدها باعتبارها من الورثة بضمان عدم التعرض لهما في الانتفاع بالعين المبيعة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بتثبيت ملكيتها لعقار النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد؛ ذلك أن من أحكام البيع المقررة بنص المادة ٤٣٩ من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه، وهو التزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر، فيمتنع على البائع أبدًا التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض، وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري أو ورثته - فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع – إلا إذا توافرت لديهم بعد البيع شروط وضع اليد على العقار المبيع المدة الطويلة المكسبة للملكية - وبالتالي يمتنع عليهم دفع دعوى صحة العقد والتسليم بالتقادم المسقط لأن ذلك يعد من قبيل المنازعات التي تمتنع عليهم قانونًا بمقتضى التزامهم الأبدي بالضمان، كما يمتنع عليهم للسبب ذاته دفع تلك الدعوى بالتقادم المكسب طالما لم يتم التنفيذ العيني لالتزامهم بنقل الملكية والتسليم، لأن هذا الدفع يكون في حقيقته عندئذ دفعًا بالتقادم المسقط، ومن يضمن نقل الملكية لغيره لا يجوز له أن يدعيها لنفسه، ومن ثم فإن استمرار البائع في وضع يده على العقار المبيع مهما طالت مدته لا يصح أن يكون سببًا للادعاء في مواجهة المشتري بتملك المبيع بالتقادم المكسب، ولا يعتد في حساب التقادم إلا بمدته التالية للتنفيذ العيني لالتزامه وورثته من بعده بنقل الملكية وتسليم المبيع المشتري؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير ومما لا جدال فيه بين الطرفين أن البائع للطاعنين وورثته من بعده المطعون ضدها لم يقوما بالتنفيذ العيني لالتزامهما بنقل الملكية والتسليم، ومن ثم فإن استمرار وضع يدها على العقار المبيع مهما طال مدته لا يصلح لأن يكون سببًا في تملك المبيع بالتقادم المكسب في مواجهة المشتري - الطاعنين- وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتثبيت ملكية المطعون ضدها، فإنه يكون معيبًا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق