جلسة الأول من ديسمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني نائبي رئيس المحكمة وأسامة توفيق وعبد الرحمن هيكل.
----------------
(201)
الطعن رقم 11605 لسنة 65 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها". محاماة.
توقيع مذكرة أسباب الطعن من محام غير مقبول أمام محكمة النقض. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إضرار عمدي. قصد جنائي.
القصد الجنائي في جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً عقوبات. مناط تحققه؟
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص واقعة الدعوى".
لمحكمة الموضوع استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة. شرطه؟
(4) حكم "بيانات التسبيب". نقض "أثر الطعن".
وجوب بناء الأحكام على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى.
استناد الحكم إلى ما لا أساس له في الأوراق. يعيبه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة توجبان امتداد أثر نقض الحكم للطاعن الذي لم يقبل طعنه شكلاً.
2 - من المقرر أن جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا يتحقق القصد الجنائي فيها إلا باتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة المعهودة إلى الموظف.
3 - من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك وأن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى.
4 - لما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى، وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم المطعون فيه إذا استند في قضائه - ضمن ما استند إلى ما لا أصل له في الأوراق وهو ما يعيبه بما يبطله، ولا يؤثر في ذلك ما أوره الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى أنه غير قائم.
لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة إلى الطاعن الثاني وإلى الطاعن الأول كليهما وكذا ورثة.... وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم أولاً: - المتهمان الأول والثاني: - بصفتهما موظفين عموميين الأول مدير فرع بنك الشركة..... (إحدى الوحدات الاقتصادية التي تساهم فيهما الدولة) والثاني مدير مساعد بذات الفرع - أضرا عمداً بأموال البنك سالف الذكر بأن أصدرا للمتهم الثالث أربعة خطابات ضمان رغم علمهما بعدم وجود موافقة بها من المركز الرئيسي وعدم توافر شروط إصدارها مما أدى إلى سداد البنك مبلغ ثلاثة ملايين جنيه بست شيكات مصرفية أرقامها....، .....، .....، .....، .....، ...... لبنك..... الدولي فرع..... عندما طلب الأخير تسييل خطاب الضمان المؤرخ..... وكذلك مبلغ 43320.67 فوائد عن خطاب الضمان الصادر في..... ثانياً: المتهم الأول أيضاً: أ - بصفته السابقة سهل للمتهم الثالث الاستيلاء على مبلغ 3708080 جنيه ثلاثة ملايين وسبعمائة وثمانية آلاف وثمانين جنيهاً من أموال البنك المذكور بأن اشترى منه شيكات بالمخالفة للتعليمات المصرفية بالقيمة المبينة آنفاً. ب - ارتكب تزويراً في محررات للبنك سالف البيان هي أصول الشيكات المصرفية وصورها أرقام...، ...، ...، ...، ...، ... بالإضافة إلى صورة الشيك رقم... وكان ذلك بتغيير المحررات بأن عدل تواريخ أصول هذه الشيكات لتكون.... بدلاً من.... وتغيير تواريخ الصور إلى.... ج - اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الثالث في ارتكاب جريمة التزوير بأن اتفق معه على وضع عبارة مقبول الدفع على الشيكين وأخذهما منه لإيهام إدارة البنك بأن مديونيته مغطاة بضمانات فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم الثالث لوفاته، كما قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41/ 1، 113/ 1، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً/ 1، 119/ 1، 119/ 1 مكرراً 1/ هـ/ 214 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون. أولاً: - بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه 3708080 (ثلاثة ملايين وسبعمائة وثمانية آلاف وثمانون جنيهاً) وإلزامه برد مبلغ مساو لمبلغ الغرامة المقضى بها بالتضامن مع ورثة المتهم الثالث..... في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم وبعزله من وظيفته عما أسند إليه. ثانياً: - بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبعزله من وظيفته لمدة سنتين. ثالثاً: - إلزام ورثة المتهم الثالث بالتضامن من فيما بينهم في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم برد مبلغ 3708080 (ثلاثة ملايين وسبعمائة وثمانية وثمانين جنيهاً) بالتضامن مع المتهم الأول. رابعاً: - بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني وكذا ورثة المتهم الثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مذكرة أسباب الطعن المقدمة من ورثة.... موقعة من محام غير مقبول أمام محكمة النقض، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً ومصادرة الكفالة.
من حيث إن الطعن المقدم من كل من المحكوم عليهما استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني.... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإضرار العمدي بالمال العام قد شابه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في إثبات القصد الجنائي على ما نسبه إلى الشهود - دون أصل في الأوراق - قولاً أن قصد الطاعن اتجه إلى الإضرار بأموال بنك الشركة.... الذي يعمل به وتساهم الدولة فيه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعن الثاني بجناية الإضرار العمدي بأموال بنك الشركة.... الذي تساهم فيه الدولة ويعمل الطاعن ذلك مديراً مساعداً لفرعه بـ..... وأورد من بين أدلة الثبوت التي استند إليها شهادة كل من.... المحامي بالبنك سالف الذكر و.... مدير إدارة الائتمان به و..... مساعد مدير عام البنك. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا يتحقق القصد الجنائي فيها إلا باتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة المعهودة إلى الموظف، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إثبات هذا القصد بالنسبة إلى الطاعن الثاني - من بين ما استند إليه - أن كلاً من الشهود الثلاثة سالفي الذكر علل الواقعة في التحقيقات وبجلسة المحاكمة بقصد الطاعن ذاك تسهيل الاستيلاء على أموال البنك إضراراً به، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة وتحقيقات النيابة العامة بالمفردات المضمومة أن أقوال هؤلاء الثلاثة قد خلت مما نسبه إليهم الحكم مما سلف بيانه. وإذ كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى، وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى، وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم المطعون فيه إذا استند في قضائه - ضمن ما استند إلى ما لا أصل له في الأوراق وهو ما يعيبه بما يبطله، ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى أنه غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة إلى الطاعن الثاني وإلى الطاعن الأول كليهما وكذا ورثة..... وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ودون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، ووجوه طعن الطاعن الآخر.