الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 21 مايو 2015

الطعن 9886 لسنة 65 ق جلسة 2 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ق 202 ص 1324

 برئاسة السيد المستشار / محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلشى نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمى .
---------------
1 - من المقرر ان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما اورده الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية .

2 - لما كان من المقرر ان مواد الاتهام التى طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التى يجب ان تشمل عليها ديباجة الحكم ، وكانت المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية لم توجب الا ان يشار فى الحكم الى نص القانون الذى حكم بموجبه وكان الثابت ان الحكم المطعون فيه بعد ان بين فى ديباجته وصف الجرائم المسندة الى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ، ومؤدى ادلة الثبوت اشار الى المواد التى اخذ الطاعنين بها بقوله " لذلك وعملا بالمادة 304 فقرة 2 من قانون الاجراءات الجنائية تعيين معاقبتهم بالمواد 40 فقرة ثانيا وثالثا ، 41 فقرة 1 ،48 فقرة 1-2 ، 112 فقرة 1 ، 113 فقرة 1 , 118 ,119 فقرة ح ، 119 مكررا فقرة هـ من قانون العقوبات " ما اورده الحكم يكفى فى بيان مواد القانون الذى حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون .

3 - لما كان قانون العقوبات اذعاقب بمقتضى المادتين 112 ،113 الموظف العام او من فى حكمه اذا اختلس شيئا مسلما اليه بحكم وظيفته ، او استولى بغير حق على مال عام او سهل ذلك لغيره بأية طريقة - فقد دل على اتجاهه الى التوسع فى تحديد مدلول الموظف العام فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات . واورد على ما عددته المادة 119 مكررا منه - معاقبة جميع العاملين فى الحكومة والجهات التابعة لها فعلا او الملحقة بها حكما مهما تنوعت اشكالها وايا كانت درجة الموظف او من فى حكمه فى سلم الوظيفة ، وايا كان نوع العمل المكلف به ، فلا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر او بغير اجر ، طواعية او جبرا . ولما كان البند "هـ " من هذه المادة قد نص على ان يقصد بالموظف العام فى حكم هذا الباب رؤساء واعضاء مجالس الادارة والمديرون وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت اموالها اموالا عامة طبقا للمادة السابقة - وكانت الفقرة "ح " من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على ان المقصود بالاموال العامة فى تطبيق احكام هذا الباب اموال اية جهة ينص القانون على اعتبار اموالها من الاموال العامة .

4 - لما كانت المادة 15 من القانون رقم 77 لسنة 1975 باصدار قانون الهيئات الاهلية لرعاية الشباب والرياضة ، وقد نصت على اعتبار الهيئات الاهلية لرعاية الشباب والرياضة - ومنها مراكز الشباب المنصوص عليها فى الباب السادس فى المواد 98 ، 99 فقرة 100 منه - من الهيئات الخاصة ذات النفع العام ، واعتبار اموالها من الاموال العامة فى تطبيق احكام قانون العقوبات . ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه ان الطاعن الاول يعمل بمركز شباب ......، وإن الخزينة التى تم اختلاسها والاستيلاء على ما بها من اموال - كانت فى عهدته وانه تسلمها بموجب إيصال مؤرخ ..... وان الاموال التى تم الاستيلاء عليها مملوكة لمركز الشباب المذكور ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن الاول الوظيفية ، وان تسلمه الخزينة كان بسبب وظيفته ، وان الاموال موضوع الاتهام المسند اليه من الاموال العامة .

5 - لما كان من المقرر انه يكفى لتوافر القصد الجنائى فى جريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات ان يكون الموظف المتهم قد تصرف فى المال الذى بعهدته على اعتبار انه مملوك له ، ومتى ثبت ذلك فى حقه ، فان لا يؤثر فى قيام الجريمة قيام المتهم من بعد بالتلخيص من المال المختلس بأى وجه ، لان الظروف التى قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها ، كما انه لا يلزم ان يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائى فى تلك الجريمة بل يكفى ان يكون فيما اورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت قيام الطاعن الاول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثانى والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بألقائها فى ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد ان ارشد عنها الطاعن الثانى ، وكان ما اورده الحكم من ذلك يكفى لتوافر القصد الجنائى لدى الطاعنين .

6 - من المقرر ان استعداد المدافع عن المتهم او عدم استعداده امر موكول الى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحى به اجتهاده وتقاليد مهنته .

7 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد ان اورد مؤدى اعتراف الطاعنين بالتحقيقات على نحو مفصل حصل ما ورد بمحضر جلسة المحاكمة من ان المتهمين سئلوا عن التهم المسندة اليهم اعترفوا جميعا بها ، وان المحكمة سألت المتهم الاول عن الخزينة فقرر انها عهدته وان ثمنها لا يزيد على اربعمائة جنيه فانه يصح الاخذ بهذا الاعتراف بأعتباره حجة على الطاعنين ما دامت المحكمة قد اطمأنت اليه .

8 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعنين لم يثيرو شيئا عما ينعوه فى اسباب طعنهم عن بطلان استجوابهم بمحضر الضبط ، فليس لهم من بعد ان يثيروا هذا الامر لاول مرة امام محكمة النقض ، اذ هو لا يعدو ان يكون تعييبا للاجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح ان يكون سببا للطعن .

9 - لما كان الطاعنون لم يدفعوا امام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الاذن بهما ، فان المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على دفاع لم يثر امامها .

10 - ومن المقرر ان الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الاذن يعد دفاعا موضوعيا يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة الى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الاذن اخذا منها بالادلة السائغة التى اوردتها .

11 - لما كان من المقرر انه اذا كان الفعل الجنائى الذى حصل الاشتراك فيه قد تغير وصفه بالنسبة للفاعل الاصلى بسبب ظرف خاص به ، فان المتهم بالاشتراك يكون مسئولا على اساس وجود هذا الظرف ما دام انه يعلم ولما كان ما اورده الحكم المطعون فيه يفيد علم الطاعن الثالث بصفة الطاعن الاول الوظيفية وان المال موضوع الاتهام المسند اليه يعتبر من الاموال العامة ، وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك فى الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام ، التى دان الطاعنين بها ، فان ما يثيره الطاعن الثالث من ان الواقعة بالنسبة له مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الاول وان المال موضوع الاتهام مال عام ، لا يعدو ان يكون منازعة فى الصورة التى اعتناقها الحكم وجدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها ، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب .

12 - من المقرر  انه ليس بلازم ان يفصح الحكم صراحة عما اذا كان المتهم فاعلا اصليا او شريكا بل يكفى ان ذلك مستفادا من الوقائع التى اثبتها الحكم ، كما انه ليس بلازم ان يحدد الحكم الافعال التى اتاها كل مساهم على حدة ودوره فى الجريمة التى دانه بها ما دام قد اثبت فى حقه اتفاقه مع باقى المتهمين على ارتكاب الجريمة التى دانهم بها ، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التى وقعت واتجاه نشاطهم الاجرامى الى ذلك - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فان هذا وحده يكفى لتضامنه فى المسئولية الجنائية باعتباره فاعلا اصليا .

13 - من المقرر انه لا مصلحة للطاعن فيما اثاره من ان الحكم لم يبين دور كل متهم وما اذا كان فاعلا ام شريكا ، لكون العقوبة المقررة للفاعل الاصلى هى بذاتها العقوبة المقررة للشريك لان من اشترك فى جريمة فعليه عقوبتها طبقا لنص المادة 41 من قانون العقوبات .

14 - لما كان من المقرر ان الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وان كان الشارع قد ربط لها حد ادنى لا يقل عن خمسمائة جنيه ، الا انها من الغرامات النسبية التى اشارت اليها المادة 44 من القانون سالف الذكر ، وبالتالى يكون المتهمون ايا كانت صفاتهم متضامنين فى الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك بأن المشرع فى المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجانى  بصفة عامة دون تخصيص ، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين او الشركاء دون تقيد بأن يكون من حكم بها عليه موظفا او من فى حكمه .

15 - لما كان من المقرر ان ضبط الاشياء المختلسة لا شأن له بالغرامة النسبية الواجب القضاء بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد المال المستولى عليه بمبلغ ..... جنيه مضافا اليه مبلغ ..... جنيه ثمن الخزينة التى تم اختلاسها لتصير جملة الغرامة النسبية مبلغ ..... جنيه وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه ، فانه لا يكون قد خالف القانون .

16 - لما كان قصارى ما اثبته المدافع عن الطاعن الثانى بمحضر جلسة المحاكمة هو طلب استعمال الرأفة اذ هو الذى ارشد عن الخزينة ولم يتمسك بطلب الاعفاء من العقاب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر ان محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصى اسباب اعفاء المتهم من العقاب فى حكمها الا اذا دفع بذلك امامها فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه فى الاعفاء من العقاب اعمالا للمادة 118 مكررا (ب) من قانون العقوبات فليس له من بعد ان يثير هذا لاول مرة امام محكمة النقض ، ولا ان ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه .
---------------
     الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم أولا : المتهم الأول والثانى والثالث : اشتركوا فى اتفاق جنائى القصد منه ارتكاب جنايات اختلاس الخزينة المملوكة لمركز شباب .... والإستيلاء وتسهيل الاستيلاء على ما بها من مبالغ على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيا : المتهم الأول : بصفته موظفا عاما "عامل بمركز شباب....." أختلس الخزينة المبينة الوصف بالأوراق والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والتى وجدت فى حيازته بسبب وظيفته . 2 - بصفته آنفة البيان استولى بغير حق على مبلغ ..... جنيه والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات . 3 - بصفته آنفة البيان سهل للمتهمين الثانى والثالث الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مبلغ .... جنيه والمملوكة لجهة عمله على النحو المبين بالتحقيقات . ثالثا : المتهمان الثانى والثالث : اشتركا بطريق الإتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة الإختلاس وتسهيل الاستيلاء بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه بأن قاما بنزع الخزينة من المكان المحصص لها ونقلاها خارج مركز شباب ..... بواسطة سيارة الثانى واقتسموا ما بها من مبالغ وألقاها الأول والثانى عقب ذلك بترعة المنصورية فتمت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة . وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا .... عملا بالمواد 40/ ثانيا وثالثا ، 41/1، 48/1 - 2 ، 112/1 ، 113/1 ، 118 ، 119 فقرة / ح ، 119 مكررا هـ من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/2 من ذات القانون بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمهم جميعا على سبيل التضامن مبلغ وقدره 88400 جنيه وإلزامهم متضامنين برد مبلغ ستين جنيها وعزل المتهم الأول من وظيفته .
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
--------------
     المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاتفاق الجنائي والاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام والاشتراك في ذلك - قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى بيانا تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها، كما خلت ديباجته من نص القانون الذي حكم بموجبه، ولم يستظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وكيف أنه تسلم الخزينة بسبب وظيفته، ولم يتحر ملكية الدولة للمال المستولى عليه، وأن الطاعن الأول لم يقصد اختلاس الخزينة ولم تتجه نيته إلى تملكها، وإنما قصد الاستيلاء على ما بها من أموال، وأن المدافعين عن الطاعنين لم يبدوا دفاعا حقيقيا في الدعوى، واكتفوا بطلب استعمال الرأفة، وعول الحكم على اعتراف الطاعنين بمحضر الجلسة ولم يورد مضمونه، كما عول على اعترافهم بمحضر الضبط رغم أنه وليد استجواب باطل، ولم يرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما، وأن الواقعة بالنسبة للطاعن الثالث مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول الوظيفية وكون المال المستولى عليه يعتبر مالا عاما، ولم يحدد الحكم دور كل من الطاعنين في الجريمة وما إذا كان فاعلا أصليا أم شريكا فيها، وقضى بتغريمهم متضامنين مبلغ 88400 جنيه على خلاف أحكام القانون، والتفت عن طلب الطاعن الثاني بإعفائه من العقاب طبقا لنص المادة 118 مكررا (ب) من قانون العقوبات، وإن ذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعترافات الطاعنين في التحقيقات وبجلسة المحاكمة، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقع بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة، ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد التي أخذ الطاعنين بها بقوله ((لذلك وعملا بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية تعين معاقبتهم بالمواد 40/ثانيا وثالثا، 41/1، 48/1-2، 112/1، 113/1، 118، 119/ح، 119مكررا/هـ من قانون العقوبات، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون، لما كان ذلك، وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادتين 112، 113 الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئا مسلما إليه بحكم وظيفته، أو استولى بغير حق على مال عام أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة - فقد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وأراد - على ما عددته المادة 119 مكررا منه - معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلا أو الملحقة بها حكما مهما تنوعت أشكالها وأيا كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة، وأيا كان نوع العمل المكلف به، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبرا، ولما كان البند ((هـ)) من هذه المادة قد نص على أن يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالا عامة طبقا للمادة السابقة - وكانت الفقرة ((ح)) من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على أن المقصود بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب - أموال أية جهة ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة، وكانت المادة 15 من القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة، قد نصت على اعتبار الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة - ومنها مراكز الشباب المنصوص عليها في الباب السادس في المواد 98، 99/100 منه - من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، واعتبار أموالها من الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات، ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول يعمل بمركز شباب ..... وأن الخزينة التي تم اختلاسها والاستيلاء على ما بها من أموال - كانت في عهدته وأنه تسلمها بموجب إيصال مؤرخ ....... وأن الأموال التي تم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء عليها مملوكة لمركز الشباب المذكور، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وأن تسلمه الخزينة كان بسبب وظيفته، وأن الأموال موضوع الاتهام المسند إليه من الأموال العامة، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، ومتى ثبت ذلك في حقه، فإنه لا يؤثر في قيام الجريمة قيام المتهم من بعد التخلص من المال المختلس بأي وجه، لأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت قيام الطاعن الأول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثاني والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بإلقائها في ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد أن أرشد عنها الطاعن الثاني، وكان ما أورده الحكم من ذلك يكفي لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان من الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين ترافعوا في موضوع التهم المسندة إليهم ولم يقصروا في إبداء أوجه الدفاع، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته، فإنه لا وجه لما يتحدى به الطاعنون من أن المحامين المدافعين عنهم لم يكونوا ملمين بوقائع الدعوى ولم يبدوا دفاعا حقيقيا فيها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مؤدى اعتراف الطاعنين بالتحقيقات على نحو مفصل حصل ما ورد بمحضر جلسة المحاكمة من أن المتهمين سئلوا عن التهم المسندة إليهم اعترفوا جميعا بها، وأن المحكمة سألت المتهم الأول عن الخزينة فقرر أنها عهدته وأن ثمنها لا يزيد عن أربعمائة جنيه، فإنه يصح الأخذ بهذا الاعتراف باعتباره حجة على الطاعنين ما دامت المحكمة قد اطمأنت إليه، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئا عما ينعوه في أسباب طعنهم على بطلان استجوابهم بمحضر الضبط، فليس لهم من بعد أن يثيروا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن، ولما كان الطاعنون لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها، هذا إلى أن المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن يعد دفاعا موضوعيا يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان الفعل الجنائي الذي حصل الاشتراك فيه قد تغير وصفه بالنسبة للفاعل الأصلي بسبب ظرف خاص به، فإن المتهم بالاشتراك يكون مسئولا على أساس وجود هذا الظرف ما دام أنه يعلم، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه يفيد علم الطاعن الثالث بصفة الطاعن الأول الوظيفية وأن المال موضوع الاتهام المسند إليه يعتبر من الأموال العامة، وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام، التي دان الطاعنين بها، فإن ما يثيره الطاعن الثالث من أن الواقعة بالنسبة له مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول وأن المال موضوع الاتهام مال عام، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلا أصليا أو شريكا بل يكفي أن يكون مستفادا من الوقائع التي أثبتها الحكم، كما أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حدة ودوره في الجريمة التي دانه بها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن هذا وحده يكفي لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلا أصليا، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن الثاني فيما أثاره من أن الحكم لم يبين دور كل متهم وما إذا كان فاعلا أم شريكا، لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها طبقا لنص المادة 41 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وأن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر، وبالتالي يكون المتهمون أيا كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلافه، ذلك بأن المشرع في المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجاني بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفا أو من في حكمه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ضبط الأشياء المختلسة لا شأن له بالغرامة النسبية الواجب القضاء بها، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد المال المستولى عليه بمبلغ .... جنيه مضافا إليه مبلغ ......... جنيه ثمن الخزينة التي تم اختلاسها لتصير جملة الغرامة النسبية مبلغ ....... جنيه وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون، لما كان ذلك، وكان قصارى ما أثبته المدافع عن الطاعن الثاني بمحضر جلسة المحاكمة هو طلب استعمال الرأفة إذ هو الذي أرشد عن الخزينة ولم يتمسك بطلب الإعفاء من العقاب، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالا للمادة 118 مكررا (ب) من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق