الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 مايو 2015

الطعن 8915 لسنة 65 ق جلسة 19 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 195 ص 1293

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

---------------

(195)
الطعن رقم 8915 لسنة 65 القضائية

(1) دستور. قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس.
القيد على الحرية الشخصية. غير جائز. إلا في إحدى حالات التلبس أو بإذن من الجهة القضائية المختصة. المادة 41 من الدستور.
(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم". تلبس. قبض. تفتيش "تفتيش بغير إذن".
حالة التلبس بالجريمة. وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيامها بإحدى حواسه، تلقى نبأها عن طريق الرواية أو النقل عن شهودها أو إقرار التهم. غير كاف.
(3) تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة التلبس".
تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها. ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس. موضوعي. شرط ذلك؟
(4) رشوة "جريمة". أركانها. مأمورو الضبط القضائي.
مجرد وضع الطاعن مبلغ من المال أمام الموظف غير دال بذاته على قيام جريمة عرض الرشوة. ما دام أن مأمور الضبط لم يسمع الحديث الذي دار بينهما. قبل الضبط علة ذلك؟
(5) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟

------------------
1 - من المقرر أن الفقرة الأولى من نص المادة 41 من الدستور قد نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع. ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون". وكان مؤدى هذا النص، أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف به قانوناً، أو بإذن من جهة قضائية مختصة.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه - ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً كان أم متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها.
3 - من المقرر أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول لتقدير محكمة الموضوع دون معقب إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
4 - لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه سواء في معرض رده على الدفع ببطلان القبض أو في بيانه لواقعة الدعوى، ليس فيه ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، ولا يجزئ في ذلك مجرد ما أسفرت عنه تحريات الشرطة، كما وأن وضع الطاعن لمبلغ من المال أمام "أمين عهدة الكشك" لا يدل بذاته، على أنه عرض لرشوة ما دام الضابط لم يستمع للحديث الذي جرى بينهما، ويتبين عدم مشروعية سبب تقديم المال قبل إمساكه بالطاعن، وليس فيه ما يبرر القبض عليه. لعدم توافر المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتتوافر بها حالة التلبس التي تبيح لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش.
5 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو ما كانت تقضي به لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: (1).....، (2)...... بوصف أنهما: المتهم الأول وآخرون سبق الحكم عليهم (1) ارتكبوا تزويراً في محررات للشركة التي يعملون بها وهي أذون الإضافة المؤرخة.... أرقام...، ....، ...، .... حال تحريرها المختصين بوظيفتهم وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بوضع إمضاءات مزورة بأن أدرجوا في تلك الأذون على خلاف الحقيقة تسلمهم كميات من الأسماك من المتهمين الأربعة الأول ومهر المتهم العاشر الإذن الذي حرره بتوقيع نسبة زوراً لـ..... كما وقع المتهم الحادي عشر على الأذن الذي حرره بإمضاء نسبة زوراً لـ..... (2) استعملوا المحررات المزورة سالف البيان بأن سلموها للمتهمين الثاني والخامس والسادس للاحتجاج بها على تسليم كمية من الأسماك مع علمهم بتزويرها. (3) أخذوا عطايا للإخلال بواجبات وظيفتهم وذلك بأن أخذ المتهمان السابع والثامن من المتهم الخامس.... مبلغ مائة وعشرين جنيهاً لكل منهما مقابل تحرير إذن إضافة مزور بكمية الأسماك من الكشك الذي يعمل فيه كل منهما لتسوية ما اختلسه المتهمون الأربعة الأول كما أخذ المتهم العاشر من المتهم.... مبلغ ستين جنيهاً مقابل تحرير إذن إضافة مماثل للأذنين السابقين. المتهم الثاني وآخرون سبق الحكم عليهم: اشتركوا - بطريق الاتفاق مع المتهمين الأربعة الأول في ارتكاب جناية الاختلاس موضوع التهمة الأولى بأن اتفقوا معهم على ارتكابها والتصرف في الأسماك المختلسة بالبيع في السوق السوداء وتسوية المستندات بأذون مزورة من بعض أمناء العهد مع دفع القيمة المخفضة لهذه الأسماك لها مضافاً إليها مبلغ نقدي كمقابل لإخلالهم بواجبات وظيفتهم فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. المتهم الثاني أيضاً: عرض رشوة ولم تقبل منه بأن عرض على موظف عام هو أمين عهدة بكشك التابع لشركة.... وذلك بأن قدم له مبلغ مائة جنيه لحمله على الإخلال بواجبات وظيفته باصطناع إذن إضافة مقابل تحرير إذن إضافة مزور بكمية خمسين كرتونة من الأسماك ولكن لم يقبل هذا الموظف العام الرشوة منه. أو إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا ببنها لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهم الثاني عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41/ 1، 109 مكرراً، 110، 111/ 6، 112/ 1، 2 ب، 118، 119/ ب، 119 مكرر، 213، 214 مكرراً من قانون العقوبات أولاً: - باعتبار الحكم الغيابي لا يزال قائماً بالنسبة للمتهم الأول. ثانياً: بالنسبة للمتهم الثاني بمعاقبته بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 10569.336 جنيه فقط عشرة آلاف جنيه وخمسمائة وتسعة وستون جنيهاً و1000/ 336 وثلاثمائة وستة وثلاثون مليماً لما أسند إليه ومصادرة مبلغ الرشوة.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجنايتي اشتراك في اختلاس وعرض رشوة قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع ببطلان القبض وما ترتب عليه، لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة وفي غير الأحوال التي تجيز ذلك، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح ويخالف النظر الصحيح في القانون، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وساق مضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه، عرض للدفع ببطلان القبض وما تلاه من إجراءات ورد عليه في قوله "وحيث إنه من الدفع ببطلان القبض" على المتهم.... لحصوله على غير حالة تلبس ودون إذن من سلطة التحقيق فمردود بأن الثابت من التحقيقات أن التحريات السرية للمقدم.... دلت على أن المتهم.... و.... اتفقا مع أمينا العهدة والسائقين.... و..... العاملين بشركة..... على اختلاس كميات الأسماك المسلمة إليهم بسبب وظيفتهم لتوزيعها على منافذ التوزيع وبيعها إلى تجار القطاع الخاص مقابل سداد قيمة هذه الكميات ومبلغ جنيهين زيادة على كل كرتونة والتحصل على أذون توريد من منافذ التوزيع وإذ علم بأن المتهم.... سيحضر إلى كشك..... التابع للشركة للحصول على إذن توريد من أمين العهدة فأعد كميناً بالقرب من الكشك مساء يوم.... وفي الساعة الثامنة والنصف تقريباً حضر المتهم ودخل إلى الكشك وفي يده شنطة بلاستيك أخرج منها نقوداً وضعها أمام أمين عهدة الكشك.... وبعد التحدث معه وعندئذ دخل الضابط إلى الكشك وبمناقشة.... أبلغه بأن المتهم طلب منه تحرير إذن توريد خمسين كرتونة سمك بالمخالفة للحقيقة لقاء دفع قيمة الخمسين كرتونة ومبلغ مائة جنيه زيادة على ثمن الأسماك فرفض، الأمر الذي تضحى معه إجراءات القبض على المتهم.... صحيحة قانوناً ويكون الدفع على غير سند صحيح من الواقع أو القانون".
وكان الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - لم يستظهر ماهية الإجراءات التي اتخذت قبل الطاعن وتوقيتها وماهيتها من حيث كونها مقيدة للحرية من عدمه، والسلطة التي أمرت باتخاذها يتبين مدى حقها في الأمر بها، ثم خلص إلى أن القبض على الطاعن تم صحيحاً دون أن يورد الأسباب والاعتبارات التي تسوغ هذا التقرير، فإن الحكم في هذا يمثل مصادرة على المطلوب قبل أن ينحسم أمره، فوق قصوره في التسبيب. ذلك بأن الفقرة الأولى من نص المادة 41 من الدستور قد نصت على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة" لا تمس. وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون". وكان مؤدى هذا النص، أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف به قانوناً، أو بإذن من جهة قضائية مختصة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة - النقض - أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه - ولا يغنيه عن ذلك تلقى نبأها عن طريق الرواية أو النقل من الغير شاهداً كان أم متهماً يقر على نفسه، ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وأن تقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول لتقدير محكمة الموضوع دون معقب إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سواء في معرض رده على الدفع ببطلان القبض أو في بيانه لواقعة الدعوى، ليس فيه ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية. ولا يجزئ في ذلك مجرد ما أسفرت عنه تحريات الشرطة، كما وأن وضع الطاعن لمبلغ من المال أمام "أمين عهدة الكشك"، لا يدل بذاته، على أنه عرض لرشوة ما دام الضابط لم يستمع للحديث الذي جرى بينهما، ويتبين عدم مشروعية سبب تقديم المال قبل إمساكه بالطاعن، وليس فيه ما يبرر القبض عليه. لعدم توافر المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتتوافر بها حالة التلبس التي تبيح لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بالإدانة على الدليل المستمد من الإجراءات التالية للقبض المدفوع ببطلانه وهي الأوراق التي ضبطت مع الطاعن والمدون بها بيانات كراتين السمك ورقم سيارة النقل، فإنه يكون قاصر البيان في الرد على دفاع الطاعن بما يبطله، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. أو ما كانت تقضي به لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن، وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق