الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 مايو 2015

الطعن 16231 لسنة 65 ق جلسة 21 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 172 ص 1142

  برئاسة السيد المستشار / الصاوى يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وامين عبد العليم نائب رئيس المحكمة وفرحان بطران وعبد التواب ابو طالب
-------------
1 - لما كان الحكم قد اشار الى اعتراف الطاعنين بمحضر الجلسة التى نظر فيها تجديد امر حبسهما وعول عليه ضمن ادلة الثبوت فى الدعوى ولم يدع الطاعنان ان اعترافهما بمحضر تلك الجلسة كان مفصلا او جاء على خلاف ما تضمنته مدونات الحكم فان ما ورد بشأنه يعتبر كافيا ويحقق مراد الشارع الذى استوجبه فى المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية من بيان مؤدى الادلة التى يستند اليها الحكم الصادر بالادانة ،ويكون منعى الطاعنين فى هذا الشأن غير سديد .

2 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة ان المدافع عن الطاعن الثانى وان دفع بعدم جدية التحريات الا انه لم يبين اساس دفعه ومقصده ومرماه منه ، بل اطلقه فى عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان اذن التفتيش ، الذى يجب ابداؤه فى عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه ، ومن ثم فلا على المحكمة ان هى التفتت عن الرد عليه .

3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه واطراحه فى قوله : .... وليس فى اوراق الدعوى ما يشير من قريب او بعيد الى وقوع اكراه عليهما اثناء ادلائهما باعترافهما امام النيابة العامة ولا عند قيامهما بتمثيل كيفية ومراحل ارتكابهما الحادث فى المعاينة التصويرية التى اجرتها النيابة العامة ،ولا اثناء سماع اقوالهم امام قاضى المعارضات بجلسة ......، وترى المحكمة ان الاعتراف الصادر من المتهمين فى تحقيقات النيابة العامة والذى اصر عليه بجلسة سماع اقوالهما يوم .... هو اعتراف سليم صدر منهما عن طواعية واختيار بصريح عباراته فى هذا الخصوص ، وليس فى الاوراق دليل يطمأن اليه يدل على انهما تعرضا لاى نوع من انواع الاكراه المادى كما يدعيان ، كما وان مجرد الخشية والخوف من رجال الشرطة لا يعد قرينة الاكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكما ، كما ترى المحكمة فيما ادعاه المتهمان وسايرهما عليه الدفاع معهما من تعرضهما لاكراه مادى وادبى - كان بمرسل القول عاريا من دليل مقنع يطمأن اليه مما يرسخ عقيدة المحكمة الى ان الاعترافات التفصيلية التى صدرت من المتهمين فى تحقيقات النيابة واصرارهما عليها فى المعاينة التصويرية وبجلسة سماع الاقوال ..... انما جاءت متفقة مع حقيقة الواقع ، وعلى ذلك فلا تعول المحكمة على انكارهما بعد ذلك بجلسة المحاكمة ولا تقيم وزنا لادعائهما بأنهما رغبا فى ابعاد شقيقتهما - زوج المجنى عليها عن دائرة الاتهام امام الشرطة او بحدوث تهديد وضرب عليهما ، ومن ثم ترى المحكمة ان اعترافهما انما جاء منهما طواعية واختيارا غير مشوب بشائبة ما . وهو رد سائغ وكاف فى مجموعة فى اطراح هذا الدفع ، لما هو مقرر من ان الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ، ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من ان الاعتراف المعزو اليه قد انتزع منه بطريق الاكراه ، ومتى تحققت ان الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت اليه كان لها ان تأخذ به بلا معقب عليها ما دامت تقيم ذلك على اسباب سائغة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فان منعى الطاعنين فى هذا الخصوص يكون فى غير محله .

4 - من المقرر ان قصد القتل امر خفى لا يدرك بالحس الظاهر انما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخفية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل فى قولة : " وحيث انه عن قصد القتل فهو امر قد دلت على توافره لدى المتهمين الملابسات والظروف التى احاطت بالواقعة والاعمال المحسوسة التى صدرت عنهما ، فالصلة بين المتهمين بوصفهما شقيقين يقيمان معا فى منزل واحد جمعت بينهما فى المكان والزمان والتقاء اراداتهما لمقارفة الجريمة من باعث واحد هو مجرد الشك فى مسلك المجنى عليها زوجة شقيقهما والتمثيل بجثتها باشعال النار فيها داخل مسكنها واتجاه المتهمين وجهة واحدة فى تنفيذالجريمة واعدادهما ادوات ارتكابها وتحينهما الفرصة المواتية لتنفيذ جريمتهما وتحايلهما فى تنفيذها بجعلها تبدو من قبيل القضاء والقدر وانفرادهما بالمجنى عليها والتى لا حول لها ولا قوة بمفردها بمسكنها بعيدا عن اعين ومرمى وسمع الناس واعتدائهما عليها بطريقة وحشية سجلها التقرير الطبى الشرعى وتقرير الحرائق بوجود اصابات كسر شرخى بالرأس ، مستهدفين مقتلا منها نتيجة ارتطام الرأس بشدة بارضية صلبة بعد ان قاما بكتم انفاسها ومحاولة خنقها ولم يتركا فريستهما الا بعد ان صارت جثة هامدة والتأكد من انها اسلمت الروح بتحسس نبض قلبها وتردد انفاسها ، ولم يكتفيا بقتلها بل اشعلا النار فى جثتها ، كل ذلك يكشف بيقين عن ان اعتداءهما على المجنى عليها انما كان بقصد قتلها وازهاق روحها وقد كان لهما ما ابتغيا ". واذ كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف فى التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين .

5 - لما كان من المقرر ان سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج اثر محسوس يدل عليها مباشر ، وانما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج ، واذا كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الاصرار بقوله : " وحيث انه عن ظرف سبق اصرار فهو قائم فى حق المتهمين من اعدادهما خطة للانفراد بالمجنى عليها بمسكنها وتحينهما هذه الفرصة منذ أن انتويا قتلها منذ شهر سابق على الجريمة وذلك بطريقة تبدو ان وفاتها من قبيل القضاء والقدر ، وبعد اعمال الفكر فى هدوء نفس وروية وذلك خلال الفترة الزمنية التى استغرقها المتهمان حتى تنفيذ ما اقدما عليه الذى استغرق وقتا كافيا منذ ان عرضا امر الشك فى مسلكها على زوجها ثم على شقيقهما الاكبر ولم يجدا حلا ، وتحينهما الفرصة للانفراد بالمجنى عليها بمسكنها بعد اعداد ادوات الجريمة ومنها المفتاح الذى اصطنعه المتهم الاول لفتح بوابة منزل المجنى عليها والرباط الضاغط واوراق الصحف التى استخدمت فى حرقها بعد قتلها وانقضاضهما بغتة على المجنى عليها بصالة مسكنها وبوحشية خنقا وضربا رأسها بشدة عدة ضربات بأرضية الصالة التى صبت بالخرسانة المسلحة حتى قضيا عليها باحداث كسر شرخى فى راسها ثم التمثيل بجثتها حرقا بعد وفاتها ومتى تحقق ظرف سبق الاصرار على هدى ما سبق فانه يرتب بين المتهمين تضامنا فى المسئولية الجنائية ....." وما ساقة الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر سبق الاصرار حسبما هو معرف به فى القانون .

6 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما اثاره الطاعنان من منازعة فى تاريخ الحادث ومكانه واطرحته فى قولها : " ان التقرير الطبى الشرعى اثبت ان التشريع كان فى يوم ..... الساعة الحاية عشرة صباحا وانتهى الى انه كان قد مضى على وفاة المجنى عليها لحين اجراء الصفة التشريحية مدة تقدر بحوالى يوم وهى مدة تقديرية تعتمد على التغيرات الرمية المشاهدة بالجثة التى وجدت فى دور زوال التيبس الرمى ولا يمكن تمييز الرسوب الدموى لانتشار الحروق النارية بالجثة . لما كان ذلك ما تقدم جميعه يتفق مع ما اعترف به المتهمان من تحديدهما لوقت الجريمة ما بين الساعة السابعة والسابعة وخمس واربعين دقيقة من صباح يوم ........ ويكون الجدل فى وقت الوفاة فى غير محله ". واضاف الحكم فى رده على منازعة الطاعنين بشأن مكان الحادث - قوله : " انه مردود عليه بما شهد به الدكتور ....... الطبيب الشرعى الذى تطمئن اليه المحكمة لانه اجرى التشريح لجثة المجنى عليها ، بان حالة المجنى عليها الاصابية وهى ذات طبيعة رضية لا يستلزم بالضرورة وجود جروح نازفة ينشأ عنها دماء تلوث الارضية ومن ثم اضحى قول الدفاع فى هذا الصدد لا سند له . واذا كان ما اورده الحكم - ردا على دفاع الطاعنين سالف البيان - سائغا فى العقل والمنطق ومقبولا فى كيفية وقوع الحادث ، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من امكان حصوله على الصورة التى اعترف بها الطاعنان والتى تأيدت بالتقرير الفنى واقوال الطبيب الشرعى . فان ما يثيره الطاعنان من منازعة فى تاريخ الحادث ومكانه وفى صورة الواقعة ينحل الى جدل موضوعى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه او مصادرة عقيدتها فى شأنه اما محكمة النقض .

7 - لما كان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وان مرتكبها شخص اخر مردودا بان نفى التهمة من اوجة الدفاع الموضوعية التى لاتستأهل ردا طالما كان الرد عليهما مستفادا من ادلة الثبوت التى اوردها الحكم .

8 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعنين طلبا استدعاء كبير الاطباء االشرعيين لمناقشته ، فليس لهما من بعد النعى على المحكمة قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى جانبها لزوما لاجرائه بما ينحسر معه عن الحكم فى هذا الشأن قالة الاخلال بحق الدفاع . يكون النعى على الحكم فى هذا الصددد غير سديد .

9 - من المقرر ان القصد الجنائى فى جريمة الحريق العمد المنصوص عليها فى المادة 252 عقوبات والتى دين الطاعنان بها - وعول الحكم على ثبوتها فى توافر ظرف الاقتران - يتحقق بمجرد تعمد وضع الجانى النار عمدا فى المكان المسكون او المعد للسكن او فى احد ملحقاته المتصلة به ، فمتى ثبت القاضى ان الجانى تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة.

10 - من المقرر انه يكفى لتغليظ العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات ان يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بان تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد او فى فتره قصيره من الزمن ، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضى الموضوع . واذ كان ما اورده الحكم فى مدوناته يتحقق به توافر القصد الجنائى فى جناية الحريق العمد ، كما يتوفر به ظرف الاقتران كما هو معروف به فى القانون . فان هذا حسبه ، ويضحى منعى الطاعنين فى هذا الخصوص غير سديد .
--------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : قتلا ...... عمدا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا لذلك أدوات وسلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" توجها لمسكنها الذى أيقنا سلفا وجودها به وما أن ظفروا بها حتى قاما بتطويق عنقها بغطاء رأسها وقام المتهم الثانى بكتم أنفاسها بيده وأمسك برأسها ودفعها أرضا عدة مرات قاصدين من ذلك قتلها فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه فى ذات الزمان والمكان سالفى الذكر وضعا النار عمداً بمسكن المجنى عليه ..... على النحو المبين بالتحقيقات . المتهم الثانى : أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض مطواة قرن غزال وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وأدعى والد المجنى عليها مدنيا قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 230 ، 231 ، 234/2 من قانون العقوبات والمواد1/1 ،  25 مكررا/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 10 من الجدول رقم (1) المرفق مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما وبمصادرة الأدوات المضبوطة وبإلزامهما بأن يؤديا للمدعى بالحق المدنى مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
----------
المحكمة
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بجناية الحريق العمد, كما دان ثانيهما بجريمة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه عول في قضائه - ضمن ما عول عليه - على اعتراف الطاعنين بالتهمة المسندة إليهما بجلسة ..... التي نظر فيها تجديد حبسهما - دون أن يورد مضمون ذلك الاعتراف, ودفع الطاعنان بعدم جدية التحريات التي بني عليها أمر ضبطهما, بيد أن الحكم أغفل هذا الدفع إيرادا وردا وأطرح دفعهما ببطلان اعترافهما لكونه وليد إكراه بما لا يسوغ إطراحه واستظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار بما لا يسوغ توافرهما, ونازع الطاعنان في كيفية وقوع الحادث ومكانه وزمانه, ودفعا بأن مرتكبه شخص آخر، فأطرح الحكم هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه ودون أن تجري محكمة تحقيقا في هذا الشأن, وتستعين بخبير وصولا إلى وجه الحق فيه وأعملت المحكمة المادة 17 من قانون العقوبات دون أن تسبغ الوصف الصحيح على الواقعة باستبعاد ظرف سبق الإصرار, هذا إلى أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد غير متوافر مما ينفي ركن الاقتران في حق الطاعنين, وهذا كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها فضلا عن جريمة إحراز سلاح أبيض التي دان بها ثانيهما وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد أشار إلى اعتراف الطاعنين بمحضر الجلسة التي نظر فيها تجديد أمر حبسهما وعول ضمن أدلة الثبوت في الدعوى ولم يدع الطاعنان أن اعترافهما بمحضر تلك الجلسة كلا مفصلا أو جاء على خلاف ما تضمنته مدونات الحكم فإن ما ورد بشأنه يعتبر كافيا ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة, ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير سديد. 
لما كان ذلك, وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن دفع بعدم جدية التحريات إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه, بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش, الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه, ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه, ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص غير سديد. 
لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه وأطرحه في قوله: "..... وليس في أوراق الدعوى ما يشير من قريب أو بعيد إلى وقوع إكراه عليهما أثناء إدلائهما باعترافهما أمام النيابة العامة ولا عند قيامهما بتمثيل كيفية ومراحل ارتكابهما الحادث في المعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة العامة, ولا أثناء سماع أقوالهما أمام قاضي المعارضات بجلسة ........, وترى المحكمة أن الاعتراف الصادر من المتهمين في تحقيقات النيابة العامة والذي أصرا عليه بجلسة سماع أقوالهما يوم ...... هو اعتراف سليم صدر منهما عن طواعية واختيار بصريح عباراته في هذا الخصوص, وليس في الأوراق دليل يطمأن إلى يدل على أنهما تعرضا لأي نوع من أنواع الإكراه المادي كما يدعيان، كما وأن مجرد الخشية والخوف من رجال الشرطة لا يعد قرينة الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكما, كما ترى المحكمة فيما ادعاه المتهمان وسايرهما عليه الدفاع معهما من تعرضهما لإكراه مادي وأدبي - كان بمرسل القول عاريا من دليل مقنع يطمأن إليه مما يرسخ عقيدة المحكمة إلى أن الاعترافات التفصيلية التي صدرت من المتهمين في تحقيقات النيابة وإصرارهما عليها في المعاينة التصويرية وبجلسة سماع الأقوال ...... إنما جاءت متفقة مع حقيقة الواقع, وعلى ذلك فلا تعول المحكمة على إنكارهما بعد ذلك بجلسة المحاكمة ولا تقيم وزنا لادعائهما بأنهما رغبا في إبعاد شقيقيهما - زوج المجني عليها عن دائرة الاتهام أمام الشرطة أو بحدوث تهديد وضرب عليهما, ومن ثم ترى المحكمة أن اعترافهما إنما جاء منهما طواعية واختيار غير مشوب بشائبة ما وهو رد سائغ وكاف في مجموعه في إطراح هذا الدفع, لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات, ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو قد انتزع منه بطريق الإكراه, ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها مادامت تقيم ذلك على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله. 
لما كان ذلك, وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخفية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله: "وحيث إنه عن قصد القتل فهو أمر دلت على توافره لدى المتهمين الملابسات والظروف التي أحاطت بالواقعة والأعمال المحسوسة التي صدرت عنهما, فالصلة بين المتهمين بوصفهما شقيقين يقيمان معا في منزل واحد جمعت بينهما في المكان والزمان والتقاء إرادتهما لمقارفة الجريمة عن باعث واحد هو مجرد الشك في مسلك المجني عليها زوجة شقيقهما والتمثيل بجثتها بإشعال النار فيها داخل مسكنها واتجاه المتهمين وجهة واحدة في تنفيذ الجريمة وإعدادهما أدوات ارتكابها وتحينهما الفرصة المواتية لتنفيذ جريمتهما وتحايلهما في تنفيذها يجعلها تبدو من قبيل القضاء والقدر وانفرادهما بالمجني عليها والتي لا حول له ولا قوة بمفردها بمسكنها بعيدا عن أعين ومرمى وسمع الناس واعتدائهما عليها بطريقة وحشية سجلها التقرير الطبي الشرعي وتقرير الحرائق بوجود إصابات كسر شرخي بالرأس) مستهدفين مقتلا منها نتيجة ارتطام الرأس بشدة بأرضية صلبة بعد أن قاما بكتم أنفاسها ومحاولة خنقها ولم يتركا فريستهما إلا بعد أن صارت جثة هامدة والتأكد من أنها أسلمت الروح بتحسس نبض قلبها وتردد أنفاسها, ولم يكتفيا بقتلها بل أشعلا النار في جثتها, كل ذلك يكشف بيقين عن أن اعتداءهما على المجني عليها إنما كان بقصد قتلها وإزهاق روحها وقد كان لهما ما ابتغيا", وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين, فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد. 
لما كان ذلك, وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة, وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج, وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو قائم في حق المتهمين من إعدادهما خطة للانفراد بالمجني عليها بمسكنها وتحينهما هذه الفرصة منذ أن انتويا قتلها منذ شهر سابق على الجريمة وذلك بطريقة تبدو أن وفاتها من قبيل القضاء والقدر, وبعد إعمال الفكر في هدوء نفس وروية وذلك خلال الفترة الزمنية التي استغرقها المتهمان حتى تنفيذ ما أقدما عليه والذي استغرق وقتا كافيا منذ أن عرضا أمر الشك في مسلكها على زوجها ثم على شقيقهما الأكبر ولم يجدا حلا, وتحينهما الفرصة للإنفراد بالمجني عليها بمسكنها بعد إعداد أدوات الجريمة ومنها المفتاح الذي اصطنعه المتهم الأول لفتح بوابة منزل المجني عليها والرباط الضاغط وأوراق الصحف التي استخدمت في حرقها بعد قتلها وانقضاضهما بغتة على المجني عليها بصالة مسكنها وبوحشية خنقا وضربا رأسها بشدة عدة ضربات بأرضية الصالة التي صبت بالخرسانة المسلحة حتى قضيا عليها بإحداث كسر شرخي في رأسها ثم التمثيل بجثتها حرقا بعد وفاتها ومتى تحقق ظرف سبق الإصرار على هدى ما سبق فإنه يرتب بين المتهمين تضامنا في المسئولية الجنائية .......". وما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون, ومن ثم فإن نعي الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير سديد.
لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعنان من منازعة في تاريخ الحادث ومكانه وأطرحته في قولها: "أن التقرير الطبي الشرعي أثبت أن التشريح كان في يوم ...... الساعة الحادية عشرة صباحا وانتهى إلى أنه كان قد مضى على وفاة المجني عليها لحين إجراء الصفة التشريحية مدة تقدر بحوالي يوم وهي مدة تقديرية تعتمد على التغييرات الرمية المشاهدة بالجثة التي وجدت في دور زوال التيبس الرمي ولا يمكن تمييز الرسوب الدموي لانتشار الحروق النارية بالجثة, ولما كان ذلك ما تقدم جميعه يتفق مع ما اعترف به المتهمان من تحديدهما لوقت الجريمة ما ين الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة من صباح يوم ...... ويكون الجدل في وقت الوفاة في غير محله". وأضاف الحكم في رده على منازعة الطاعنين بشأن مكان الحادث - قوله أنه مردود عليه "بما شهد به الدكتور ..... الطبيب الشرعي الذي تطمئن إليه المحكمة لأنه أجرى التشريح لجثة المجني عليها, بأن حالة المجني عليها الإصابية وهي ذات طبيعة رضية لا يستلزم بالضرورة وجود جروح نازفة ينشأ عنها دماء تلوث الأرضية ومن ثم أضحى قول الدفاع في هذا الصدد لا سند له. وإذ كان ما أورده الحكم - ردا على دفاع الطاعنين سالف البيان - سائغا في العقل والمنطق ومقبولا في كيفية وقوع الحادث, ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصوله على الصورة التي اعترف بها الطاعنان والتي تأيدت بالتقرير الفني وأقوال الطبيب الشرعي. فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في تاريخ الحادث ومكانه وفي صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك, وكان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك, وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين طلبا استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته, فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع. ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أسبغ على الواقعة الوصف القانوني الصحيح - وأقر الوصف الذي رفعت به الدعوى - وكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين وساق لإثباته قبلهما من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانونا - على نحو ما سلف بيانه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله. ولما كان ذلك, وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252 عقوبات والتي دين الطاعنان بها - وعول الحكم على ثبوتها في توافر ظرف الاقتران - يتحقق بمجرد تعمد وضع الجاني النار عمدا في المكان المسكون أو المعد للسكن أو في أحد ملحقاته المتصلة به, فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة, وكان من المقرر أنه يكفي لتغليط العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن, وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع, وإذ كان ما أورده الحكم في مدوناته يتحقق به توافر القصد الجنائي في جناية الحريق العمد, كما يتوافر به ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون. فإن هذا حسبه, ويضحى منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق