الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 مايو 2015

الطعن 13855 لسنة 65 ق جلسة 8 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 157 ص 1054

  برئاسة السيد المستشار / محمد احمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد اللطيف على ابو النيل ويحيى محمود خليفه ومحمد على رجب نواب رئيس المحكمة وابراهيم العربى عبد المنعم .
---------------
1 - من المقرر ان الجريمة لا تعد مستحيلة الا اذا لم يكن فى الامكان تحقيقها مطلقا ، كأن تكون الوسيلة التى استخدمت فى ارتكابها غير صالحة البتة للغرض الذى يقصده الفاعل ، اما اذا كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها ولكن الجريمة لم تتحقق بسبب ظروف خارجة عن ارادة الجانى فانه لا يصح القول بالاستحالة ، ولما كان الحكم قد اثبت فى حق الطاعن - بما لا يمارى فى ان له اصله فى الاوراق - وانه كلف المتهم الذى قضى ببراءته بدفع الارضية وسداد حافظة بالخزينة بمبلغ جنيه واحد ومائتى مليم ، وطلب منه احضار تأشيرة صرف ثم سلمه إذن الافراج وفاتورة الارضية واذن التسليم ، واذ توجه المتهم المذكور الى باب المصرف بمجمع البضائع للافراج عن مشمول الرسالة الجمركية ، اكتشف مأمور الجمرك المختص تزوير التوقيعات على اذن الافراج وقسيمة سداد الضرائب الجمركية ، فعاد الى الطاعن وابلغه بما حدث ، فان الوسيلة تكون صالحة بطبيعتها لتحقق الغرض الذى قصده الطاعن ، الامر الذى يغدو معه دفاعه باستحالة الجريمة دفاعا قانونيا ظاهر البطلان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه .

2 - من المقرر انه لا يلزم فى التزوير المعاقب عليه ان يكون متقنا بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوى ان يكون واضحا لا يستلزم جهدا فى كشفه او متقنا يتعذر على الغير ان يكشفه ما دام ان تغيير الحقيقة فى الحالتين يجوز ان ينخدع به بعض الناس .

3 - حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ان يورد الادلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة اليه ولا عليه ان يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لان مفاد التفاته عنها انه اطرحها .

4 - الاصل ان تقدير اراء الخبراء والفصل فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه الى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها فى ذلك شأن سائر الادلة لتعلق الامر بسلطتها فى تقدير الدليل وانها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد اخذت بما جاء فيها ، لان مؤدى ذلك انها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق التفاتها اليه .

5 - من المقرر ان المضاهاة لم تنظم فى قانون الاجراءات الجنائية او فى قانون المرافعات المدنية بنصوص امره يترتب البطلان على مخالفتها اذ العبرة فى المسائل الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بأن اجراء من الاجراءات يصح او لا يصح ان يتخذ اساسا لكشف الحقيقة ، وكانت المحكمة قد افصحت عن اطمئنانها الى ما انتهى اليه تقرير شعبة فحص التزوير والتزيف بالمعمل الجنائى من ان الطاعن حرر بخط يده بيانات إذن الافراج المضبوط والتوقيع المنسوب للشاهده الثالثة عليه فان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يعدو فى حقيقته ان يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعة فيه والرد عليه .

6 - اذ كان البين من الحكم انه اورد مضمون تقرير الخبير الذى عول عليه ، فان هذا حسبه كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم ايراده نص تقرير الخبير بكل فحواه واجزائه ، ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور فى هذا المنحى .

7 - من المقرر ان وزن اقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على اقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزله التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمن اليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تكوين عقيدتها مما ترتاح اليه من اقوال الشهود ومتى اخذت بشهادة شاهد فان ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها ، فان ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على اقوال شهود الاثبات لا يعدو ان يكون جدلا موضوعيا فى حق محكمة الموضوع فى تقدير القائمة فى الدعوى  وهو ما لا يقبل اثارته لدى محكمة النقض .

8 - من المقرر ان لمحكمة الموضوع ان تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من ادلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان مجرد الخطأ فى بيان مهنة المتهم لا يقطع بذاته فى جدية التحرى ، ومن ثم ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد .

9 - من المقرر ان تقدير الادلة بالنسبة الى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها اليها بالنسبة الى متهم وعدم اطمئنانها الى الادلة ذاتها بالنسبة لمتهم اخر ، وكانت المحكمة قد خلصت فى حدود سلطتها الى تبرئة المتهم الثانى لانتفاء الدليل الذى يقيم اقتناعها لادانته ، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز اثارته او الخوض فيه امام محكمة النقض .

10 - من المقرر انه لا يعيب الحكم الخطأ فى الاسناد الذى لا يؤثر فى منطقه ، فانه لا يجدى الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم فيما نقله عن الشاهد الاول فى مقام تبريره لقضائه ببراءة المتهم الثانى لانه - بفرض صحته - لم يكن له اثر فى منطقه ولا فى النتيجة التى انتهى اليها فى ادانة الطاعن ، كما ان ما اورده الحكم فى مدوناته من ان الطاعن سبق الحكم عليه ، انما ورد فى صدد بيانه الاتهام المنسوب الى المتهم الثانى الذى قضى ببراءته وبعد ان خلص الى إدانة الطاعن ، ومن ثم يكون منعاه بخطأ الحكم فى هذا الخصوص فى غير محله .
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة بدائرة .... محافظة .... الطاعن الأول والثانى ، أولا : بصفتهم موظفين عموميين الأول مأمور جمرك بـ ..... والثانى مراجع بالجهة ذاتها شرعا فى تسهيل استيلاء الثالث بغير حق على مشمول الرسالة الجمركية المبينة وصفا باستمارات الجرد أرقام .... و .... و .... المملوكة لـ .... وذلك بأن قدم الثانى إلى المختص بجمرك القطاع الخاص إذن إفراج وقسمية سداد رسوم جمركية مزورين عن مشمول الرسالة سالفة الذكر سلمهما الأول وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتيهما فيه هو اكتشاف تزوير مستندى الإفراج عن الرسالة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتى تزوير في محررين رسميين واستعمالهما مع العلم بتزويرهما ارتباطا لا يقبل التجزئة هما إنهما فى الزمان والمكان سالفى الذكر وبصفتهما آنفتى البيان ارتكبا تزويرا فى محررين رسميين هما اذن الافراج الجمركى وقسيمة سداد الرسوم الجمركية سالفتى البيان بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة وتقليد التوقيعات وتغيير البيانات بان حرر الاول بيانات اذن الافراج الجمركى عن مشمول تلك الرسالة ومهره بتويقعات نسبها زورا للمختصين بالتوقيع عليه وعدل الثانى بالزيادة فى بيانات قسيمة سداد الرسوم الجمركية لتصبح 103,500 جنيه بدلا من 1,200 جنيه واستعمل هذين المحررين المزورين بان قدمهما للمختصين بجمرك القطاع الخاص للافراج عن مشمول الرسالة مع علمه بتزويرها . ثانيا : بصفتهما سالفة الذكر شرعا فى الاضرار عمدا باموال جهة عملهما وذلك بان زورا  المحريين سالفى الذكر واستعملا هما مع العلم بتزويرهما قاصدين من ذلك اضاعة قيمة الرسوم الجمركية المستحقة على الرسالة انفة البيان ومقدارها تسعة  الاف وثلاثمائة وعشرون جنيها وستمائة وخمسون مليما وقد اوقف اثر الجريمة لسبب لادخل لارادتهما  فيه هو  اكتشاف تزوير مستندى الافراج عن الرسالة . واحالتهم  الى محكمة امن  الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بامر الاحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للاول والثانى وغيابيا للثالث فى 20 من نوفمبر سنة 1994 عملا 45 , 46 , 113/2 , 4 , 116 مكررا /1 , 118 , 118 مكررا , 119/أ , 119 مكررا/أ من قانون العقوبات مع اعمال المادة 32/2  من القانون ذاته بمعاقبة كل من الاول والثالث بالاشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وعزل الاول  من وظيفته وببراءة الثانى مما اسند اليه . 
فطعن المحكوم عليه الاول فى هذا الحكم بطريق النقض ....الخ .
-------------
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الشروع في تسهيل الاستيلاء على مال خاص تحت يد جهة عمله المرتبطة بتزوير محررين رسميين واستعمالهما مع علمه بتزويرهما والشروع في الإضرار عمدا بأموال تلك الجهة, قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد, ذلك بأن لم يعرض لدفاعه باستحالة وقوع الجريمة وبأن التزوير مفضوح, وببطلان محضر الضبط الجمركي, وإجراءات المضاهاة وأوجه اعتراضه على تقرير الخبير الذي عول عليه دون أن يورد الأسانيد التي أقيم عليها, كما لم يمحص واقعة الدعوى ويورد الأدلة الكافية على ثبوتها في حق الطاعن, واستند إلى أقوال شهود الإثبات التي خلت مما يفيد أنه الذي ارتكب الواقعة, وإلى تحريات الشرطة التي أخطأت  في تحديد عمله, دون أن يفطن إلى ما تضمنته من اشتراك المتهم الثاني في الواقعة, وقضي ببراءته تأسيسا على طلب الشاهد الأول منه الرجوع إلى الطاعن لشكه في تزوير الأوراق وهو ما لم يقل به الشاهد المذكور, وأثبت على خلاف الواقع سبق الحكم على الطاعن, كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير شعبة فحص التزييف والتزوير وتحريات الشرطة, وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الجريمة لا تعد مستحيلة إلا إذا لم يكن في الإمكان تحققها مطلقا, وكأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البتة للغرض الذي يقصده الفاعل, أما إذا كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها ولكن الجريمة لم تتحقق بسبب ظروف خارجة عن إرادة الجاني, فإنه لا يصح القول بالاستحالة, ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن بما لا يمارى في أن له أصله في الأوراق - أنه كلف المتهم الذي قضى ببراءته بدفع الأرضية وسداد حافظة بالخزينة بمبلغ جنيه واحد ومائتي مليم. وطلب منه إحضار تأشيرة صرف ثم سلمه إذن الإفراج وفاتورة الأرضية وإذن التسليم, وإذ توجه المتهم المذكور إلى المصرف بمجمع البضائع للإفراج عن مشمول الرسالة الجمركية اكتشف مأمور الجمرك المختص تزوير التوقيعات على إذن الإفراج وقسيمة سداد الضرائب الجمركية. فعاد إلى الطاعن وأبلغه بما حدث, فإن الوسيلة تكون صالحة بطبيعتها لتحقق الغرض الذي قصده الطاعن, الأمر الذي يغدو معه دفاعه باستحالة الجريمة دفاعا قانونيا ظاهر البطلان لا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقنا بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحا لا يستلزم جهدا في كشفه أو متقنا يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع  به بعض الناس. وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بأن التزوير مفضوح للأسباب السائغة التي أوردها. فلا محل للنعي عليه في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها, فإن منعى الطاعن على الحكم بدعوى التفاته عما أثاره من بطلان محضر الضبط الجمركي لا يكون سديدا لما كان ذلك وكان الأصل أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وإنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء فيها, لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه, كما أن المضاهاة لم تنظم في قانون الإجراءات الجنائية أو في قانون المرافعات المدنية بنصوص آمرة يترتب البطلان على مخالفتها إذ العبرة في المسائل الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بأن إجراء من الإجراءات يصح أو لا يصح أن يتخذ أساسا لكشف الحقيقة, وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى ما انتهى إليه تقرير شعبة فحص التزوير والتزييف بالمعمل الجنائي من أن الطاعن حرر بخط يده بيانات إذن الإفراج المضبوط والتوقيع المنسوب للشاهدة الثالثة عليه, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل المستمد من ذلك التقرير لا تلتزم المحكمة بمتابعته فيه والرد عليه. لما كان وذلك وكان البين من الحكم أنه أورد مضمون تقرير الخبير الذي عول عليه, فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه, ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك وكانت مدونات الحكم تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وجاء استعراضها لأدلتها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يدل على أنها قامت بما ينبغي عليه من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة, فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها, وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنه أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمه الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث, وكان مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى الأدلة ذاتها بالنسبة لمتهم آخر, وكانت المحكمة قد خلصت في حدود سلطتها إلى تبرئة المتهم الثاني لانتفاء الدليل الذي يقيم اقتناعها لإدانته, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه, فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من خطأ الحكم فيما نقله عن الشاهد الأول في مقام تبريره لقضائه ببراءة المتهم الثاني لأنه - بفرض صحته - لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها في إدانة الطاعن، كما أن ما أورده الحكم في مدوناته من أن الطاعن سبق الحكم عليه, إنما ورد في صدد بيانه الاتهام المنسوب إلي المتهم الثاني الذي قضي ببراءته وبعد أن خلص إلى إدانة الطاعن، ومن ثم يكون منعاه بخطأ الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق