الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 مايو 2015

الطعن 29390 لسنة 59 ق جلسة 19 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 194 ص 1281

برئاسة السيد المستشار / محمد احمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد اللطيف على ابو النيل ومحمد اسماعيل موسى ويحيى محمود خليفة ومحمد على رجب نواب رئيس المحكمة .
--------------------
1 - لما كان المحامى ...... قرر بالطعن بالنقض فى الحكم المطعون فيه بصفته وكيلا عن المدعى بالحقوق المدنية . وكان البين من التوكيل الذى تم التقرير بالطعن بمقتضاه - المرفق بالاوراق - انه صادر من وكيل المدعى بالحقوق المدنية للمحامى الذى قرر بالطعن ، وكان التوكيل الصادر من المدعى بالحقوق المدنية لوكيله لم يقدم للتعرف على حدود وكالته وما اذا كانت تجيز لصاحبها التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن موكله وتوكيل غيره فى ذلك من عدمه . لما كان ذلك ، وكان الطعن بطريق النقض فى المواد الجنائية حقا شخصيا لمن صدر الحكم ضده يمارسه او لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لاحد ان ينوب عنه فى مباشرته الا اذا كان موكلا منه توكيلا يخوله هذا الحق او كان ينوب عنه فى ذلك قانونا ، فانه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلا .

2 - لما كانت المادتان 34،35 من قانون الاجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد نصت اولهما على انه لمأمور الضبط القضائى فى احوال التلبس بالجنايات او الجنح التى يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة اشهر ، ان يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه . وثانيتهما على انه اذا لم يكن المتهم حاضرا فى الاحوال المبينة فى المادة السابقة جاز لمأمور الضبط القضائى ان يصدر امرا بضبطه واحضاره ويذكر ذلك فى المحضر ، وفى غير الاحوال السابقة اذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية او جنحة سرقة او نصب او تعد شديد او مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف ، جاز لمأمور الضبط القضائى ان يتخذ الاجراءات التحفظية المناسبة ، وان يطلب فورا من النيابة العامة ان تصدر امرا بالقبض عليه ، وفى جميع الاحوال تنفذ اوامر الضبط والاحضار والاجراءات التحفظية بواسطة احد المحضرين او بواسطة رجال السلطة العامة .

3 - من المقرر ان التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وان تلقى مأمور الضبط القضائى نبأ الجريمة عن الغير لا يكفى لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد اثرا من اثارها ينبئ بذاته عن وقوعها .

4 - لما كانت الفقرة الاولى من نص المادة 41 من الدستور قد نصت على ان الحرية الشخصية حق طبيعى ، وهى مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على احد او تفتيشه او حبسه او تقييد حريته بأى قيد او منعه من التنقل ، الا بامر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة امن المجتمع ، ويصدر هذا الامر من القاضى المختص او النيابة العامة ، وذلك وفقا لاحكام القانون ، وكان مؤدى هذا النص ، ان اى قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للانسان من حيث كونه كذلك ، ويستوى فى ذلك ان يكون القيد قبضا ام تفتيشا ام حسبا ام منعا من التنقل ام كان غير ذلك من القيود على حريته الشخصية ، لا يجوز اجراؤه الا فى حالة من حالات التلبس كما هى معرفة به قانونا ، او بإذن من جهة قضائية مختصة .

5 - لما كان الدستور فى القانون الوضعى الاسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب ان ينزل على احكامه ، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام احكام الدستور واهدار ما سواها يستوى فى ذلك ان يكون التعارض سابقا ام لاحقا على العمل بالدستور ، لما هو مقرر من انه لا يجوز لسلطة ادنى فى مدراج التشريع ان تلغى او تعدل او تخالف تشريعا صادر من سلطة اعلى فاذا فعلت السلطة الادنى ذلك تعين على المحكمة ان تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة الا وهو الدستور واهدار ما عداه من احكام متعارضة معه او مخالفة له اذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته .

6 - ان نص الفقرة الاولى من المادة 41 من الدستور قاطع الدلالة فى انه فى غير احوال التلبس لا يجوز وضع اى قيد على الحرية الشخصية والا بإذن من القاضى المختص او من النيابة العامة ، ولا يغير من ذلك عبارة " وذلك وفقا لاحكام القانون " التى وردت فى نهاية تلك الفقرة بعد ايرادها الضمان المشار اليه ، اذ انها تشير الى الاحالة الى القانون العادى فى تحديد الاحوال التى يجوز فيها صدور الامر من قاضى التحقيق والاحوال التى يجوز فيها صدوره من النيابة العامة طبقا لنص المادتين 64،199 من قانون الاجراءات الجنائية .

7 - من المقرر انه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق .

8 - لما كان ما ورد بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الاجراءات الجنائية من الاجازة لمأمور الضبط القضائى - فى غير احوال التلبس - بالجنايات او الجنح التى يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة اشهر - باتخاذ الاجراءات التحفظية المناسبة اذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية او جنحة من الجنح المحددة حصرا فى هذه الفقرة ، فإن هذه الاجراءات لا يجوز ان تستطيل الى ما يعتبر قيدا على الحرية الشخصية وفقا لصريح نص الفقرة الاولى من المادة 41 من الدستور . لما كان ذلك ، وكان مفاد ما اورده الحكم - على السياق المتقدم - ان ما اتاه مأمور الضبط القضائى من انتزاع دفتر الشيكات وهو فى حيازة الطاعن الذى لم يتخل عنه دون ان يتبين الضابط محتواه قبل قبضه هو تفتيش باطل لوقوعه فى غير حالة تلبس وبغير اذن من النيابة العامة ، ولا يغير من ذلك ما حصله الحكم من اقوال ضابط الواقعة من انه اذ انتقل الى الشركة التى يديرها الطاعن وجده يجلس امام مكتبه ولما ان احاطه علما بشخصيته اصابه ارتباك وحاول اخفاء ما كان موضوعا على المكتب ومن بينه دفتر الشيكات سالف الاشارة اليه ، وذلك لما هو مقرر من انه ليس فى مجرد ما يعترى الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر التلبس بجريمة ، ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ تصدى مأمور الضبط القضائى للطاعن وتفتيشه وعول على الدليل المستمد من هذا التفتيش وهو دفتر الشيكات المبلغ بفقده ، فانه يكون معيبا بالخطأ فى تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير ادلة الدعوى .
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه ، أولا : وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية - اشترك مع آخر مجهول بطريقى الإتفاق والمساعدة فى تزوير محررات إحدى الشركات التى تساهم الدولة في مالها ...... هى الشيكات أرقام ..... و ...... و ....... و ..... وذلك بأن اتفق مع ذلك المجهول على تزويرها بإضافة بعض البيانات وبصمها بأختام تفيد أنها اصبحت مقبولة الدفع من البنك والتوقيع عليها بإمضاءات منسوبة زورا للموظفين المختصين وساعده فى ذلك بأن قدم إليه الشيكات المذكورة وكذا البيانات المشار إليها فتمت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة . ثانيا : قلد بواسطة الغير خاتما لإحدى الشركات التى تساهم الدولة في مالها وهو خاتم مقبول الدفع الخاص ببنك .... وكان ذلك بأن اصطنع على غراره خاتما آخر واستعمل الخاتم المقلد بأن بصم به الشيكين المزورين رقمى ..... و ..... موضوع التهمة السابقة . ثالثا : استعمل المحررات المزورة موضوع التهمة الأولى فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن أطلقها للتداول بتسليمها لآخرين لصرف قيمتها على النحو المبين بالتحقيقات . رابعا : توصل بطريق الإحتيال إلى الآستيلاء على مبلغ 23100 جنيه المملوك لـ .... ومبلغ 250000 دولار أمريكى المملوك لـ ..... وكان ذلك باستعمال وسائل احتيالية من شأنها الإيهام بوجود سند دين غير صحيح بأن زعم لهما أن لديه أرصدة نقدية محلية وأجنبيه بحسابه ببنك .... وايد هذا الزعم بأن قدم لهما الشيكين المزورين رقمى .... و ..... وتسلم منهما قيمتهما بناء على ذلك . خامسا : أعطى بسوء نية للمجنى عليهما سالفى الذكر شيكين بمبلغ ..... جنيه و ...... دولار أمريكى لا يقابلهما رصيد قائم وقابل للسحب . وأدعى كل من المجنى عليهما مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/2 و 3 , 41 , 206 , 206 مكررا/2 , 211 , 212 , 214/2  من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم أولا : بحبسه مع الشغل لمدة سنتين عن التهمتين الأولى والثانية واستعمال الشيكين رقمى .... و..... ثانيا : ببراءته من تهمتى الإستيلاء على نقود .... وإعطائه الشيك رقم ..... وبرفض الدعوى المدنية المقامة منه . ثالثا : بإعادة القضية للمرافعة لدور مقبل بالنسبة لتهمتى استعمال الشيك المزور رقم .... وإعطاء هذا الشيك لـ .... والإستيلاء على نقوده بطريق الإحتيال .
فطعن كل من الأستاذ / ..... المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه والأستاذ/ .... المحامى بصفته وكيلا عن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
----------
المحكمة
من حيث إن المحامي ........ قرر بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بصفته وكيلا عن المدعي بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان البين من التوكيل الذي تم التقرير بالطعن بمقتضاه - المرفق بالأوراق - أنه صادر من وكيل المدعي بالحقوق المدنية للمحامي الذي قرر بالطعن، وكان التوكيل الصادر من المدعي بالحقوق المدنية لوكيله لم يقدم للتعرف على حدود وكالته وما إذا كانت تجيز لصاحبها التقرير بالطعن بالنقض نيابة عن موكله وتوكيل غيره في ذلك من عدمه، لما كان ذلك، وكان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقا شخصيا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلا منه توكيلا يخوله هذا الحق أو كان ينوب عنه في ذلك قانونا، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف المدنية.
ومن حيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب، وتقليد خاتمها، واستعمال محررين لها مع علمه بتزويرهما، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة تلبس، غير أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - بعد أن حصل دفع الطاعن ببطلان القبض عليه وتفتيشه - أطرحه في قوله: ((وكان الثابت بالأوراق أن العقيد شرطة ...... ويعمل مفتشا بمباحث الأموال العامة بالقاهرة قد تم إبلاغه بوقوع جرائم تزوير شيكات لبنك مصر مع استعمال لهذه الشيكات وارتباط ذلك بجرائم إعطاء شيك دون رصيد والنصب والاحتيال، وهذه وتلك من الجرائم المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر، وكان مؤدى المواد 21، 24، 29 من قانون الإجراءات الجنائية التزام مأموري الضبط بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم إجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، وأن من حقهم سماع أقوال من يكون لديهم معلومات عن تلك الوقائع ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، فإن توجه العقيد ...... للمتهم لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضا ماديا له فيه مساس بحريته الشخصية أو قبضا عليه في غير الحالات التي تجيز ذلك، لما كان ذلك، وكان ما صدر من المتهم - بعد لقائه المشروع برجل الضبط على النحو السالف بيانه من وضع يده على ما كان أمامه بمكتبه من أوراق ومحاولته من بعد إخفاء بعض هذه الأوراق وهو ما شهد به رجل الضبط وأيده فيه ...... من قبيل الدلائل على ارتكاب المتهم ما نسب إليه وسعيه لإخفاء دليل ذلك، فإن ضبط هذه الأوراق لا يتجاوز واجب رجل الضبط في اتخاذ الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة، لما كان ذلك، وكانت الإجراءات الصحيحة التي تمت حتى هذه المرحلة قد أسفرت عن ضبط دفتر الشيكات السابق إبلاغ المتهم بفقده في حوزته، وكان القبض على المتهم أثر ذلك وتفتيشه - وأيا ما كان وجه الرأي فيه - لم يسفر عن أي دليل تساندت إليه المحكمة فإن الدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون غير سديد)، لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد نصت أولاهما على أنه ((لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه))، وثانيتهما على أنه ((إذا لم يكن المتهم حاضرا في الأحوال المبينة في المادة السابقة جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره ويذكر ذلك في المحضر، وفي غير الأحوال السابقة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وأن يطلب فورا من النيابة العامة أن تصدر أمرا بالقبض عليه، وفي جميع الأحوال تنفذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد المحضرين أو بواسطة رجال السلطة العامة))، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد أثرا من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، لما كان ذلك، وكان مؤدى الواقعة - كما أوردها الحكم وحصله من أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول - ليس فيه ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الحكم قد رفض الدفع ببطلان القبض على الطاعن وتفتيشه استنادا إلى حق مأمور الضبط القضائي في اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة - على السياق السالف بسطه -، ولما كانت الفقرة الأولى من نص المادة 41 من الدستور قد نصت على أن ((الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون))، وكان مؤدى هذا النص، أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك، يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضا أم تفتيشا أم حبسا أم منعا من التنقل أم كان غير ذلك من القيود على حريته الشخصية لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هي معرفة به قانونا، أو بإذن من جهة قضائية مختصة، وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقا أم لاحقا على العمل بالدستور، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل أو تخالف تشريعا صادرا من سلطة أعلى فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته، لما كان ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور قاطع الدلالة في أنه في غير أحوال التلبس لا يجوز وضع أي قيد على الحرية الشخصية إلا بإذن من القاضي المختص أو من النيابة العامة، ولا يغير من ذلك عبارة ((وذلك وفقا لأحكام القانون)) التي وردت في نهاية تلك الفقرة بعد إيرادها الضمان المشار إليه، إذ أنها تشير إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الأحوال التي يجوز فيها صدور الأمر من قاضي التحقيق والأحوال التي يجوز فيها صدوره من النيابة العامة طبقا لنص المادتين 64، 199 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق، وكان ما ورد بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية من الإجازة لمأمور الضبط القضائي - في غير أحوال التلبس - بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر - باتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المحددة حصرا في هذه الفقرة، فإن هذه الإجراءات لا يجوز أن تستطيل إلى ما يعتبر قيدا على الحرية الشخصية وفقا لصريح نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور - لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - أن ما أتاه مأمور الضبط القضائي من انتزاع دفتر الشيكات وهو في حيازة الطاعن الذي لم يتخل عنه دون أن يتبين الضابط محتواه قبل فضه هو تفتيش باطل لوقوعه في غير حالة تلبس وبغير إذن من النيابة العامة، ولا يغير من ذلك ما حصله الحكم من أقوال ضابط الواقعة من أنه إذ انتقل إلى الشركة التي يديرها الطاعن وجده يجلس أمام مكتبه ولما أن أحاطه علما بشخصيته أصابه ارتباك وحاول إخفاء ما كان موضوعا على المكتب ومن بينه دفتر الشيكات سالف الإشارة إليه، وذلك لما هو مقرر من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر التلبس بجريمة، ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ تصدي مأمور الضبط القضائي للطاعن وتفتيشه وعول على الدليل المستمد من هذا التفتيش وهو دفتر الشيكات المبلغ بفقده، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تقدير أدلة الدعوى، بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق