بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 673 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ت. ا. ا. ك. م. ف.
مطعون ضده:
م. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1348 استئناف تجاري بتاريخ 30-04-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائـع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها (مونجيت م.م.ح) أقامت أمام المحكمة الابتدائية بدبي الدعوى رقم 1141 لسنة 2024 تجاري قبل الطاعنة (تيتان افيشينز انترناشيونال كونسلتنت-مؤسسة فردية)، بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إليها مبلغ (1،892،379,20) درهم مع الفائدة 5%، تأسيساً على أنه بموجب اتفاقيتين مؤرختين في 2022/11/29-26 اتفقت الطاعنة ممثلة بالسيد (صادق حسين) مدير العمليات الأرضية لديها مع المطعون ضدها بتقديم خدمات الطيران (طلبات عبور الأجواء الجوية والهبوط والمناولة الأرضية) طبقاً للشروط والأحكام الواردة في كلٍ من الاتفاقيتين للطائرة رقم N600LP وقد مهرت هاتين الاتفاقيتين بخاتم وتوقيع مدير العمليات الأرضية للطاعنة وعليه شرعت المطعون ضدها في تقديم خدمات الطيران المطلوبة، وقد قامت الطاعنة بسداد جزء من قيمة هذه الخدمات بواقع مبلغين الأول قدره (54،399,66) دولار أمريكي والمبلغ الثاني قدره (59،576,19) دولار أمريكي إلا أنه بعد ذلك توقفت الطاعنة عن سداد مستحقات المطعون ضدها حتى ترصد بذمتها مبلغ و قدره (515،634,60) دولار أمريكي ما يوازي مبلغ المطالبة، وبمطالبة المطعون ضدها الطاعنة بسداد المبالغ امتنعت دون مبرر مما حدا بالمطعون ضدها إلى إقامة دعواها الراهنة، مثلت الطاعنة بوكيل دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لأن المدعو (صادق حسين) قام بالتوقيع على الاتفاقية نيابة عن شركة (ايردريفين افيشن المحدودة مقرها بالولايات المتحدة الامريكية) كما طلب إدخال خصم جديد في الدعوى (تيتان للطيران ش.ذ.م.م) لإلزامها بالتضامن مع الطاعنة بأن يؤديا للمطعون ضدها مبلغ المطالبة، قضت المحكمة بتاريخ 2024/7/15 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ وقدره (1،892،379,20) والفائدة القانونية بواقع 5% اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل في 14/3/2024 وحتى تمام السداد، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1348 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 2024/10/15 حكمت المحكمة في غرفة مشورة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز رقم 1234 لسنة 2024 تجاري وبتاريخ 2025/2/19 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين للقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع لعدم الرد على دفاع الطاعنة بشأن أنها وقعت الاتفاقيتين بصفتها وكيلة عن الشركة الغير مختصمة وهو ذاته ما أثبته الخبير المنتدب في النزاع المعول عليه من المحكمة، إلى جانب أن كافة خدمات الطيران المقدمة كانت لصالح الشركة الغير مختصمة مما تنصرف كافة الآثار إلى الشركة الغير مختصمة، وإذ أعيد تداول الدعوى بذات رقم الاستئناف وبتاريخ 2025/4/30 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ? لأسباب جديدة -، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/5/26 طلبت فيها نقضه، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن حاصل ما تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع ، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أخطأ عندما اعتبر رسالة البريد الإلكتروني المؤرخة في 2023/3/3 ضمان من الطاعنة للمبالغ المستحقة للمطعون ضدها على الرغم من أن الثابت من رسالة البريد الإلكترونى المشار إليها أعلاه والمقدمة من المطعون ضدها أنها صادرة الى شركة ( air driven ) اير دريفن الامريكية الغير مختصمة بالدعوى مالكة الطائرة وليس كما جاء بالحكم المطعون فيه أنه إلى موظفي الطاعنة ونسخة إلى الشركة المالكة للطائرة والفارق واضح، وذلك إذ أن إرسال تلك الرسالة إلى موظفي الطاعنة قد يستنبط منه وجود كفالة، أما إرسالها إلى مالكة الطائرة لحثها على سداد المبالغ المطالب بها من المطعون ضدها لا يمكن أن يستفاد منه ذلك، كما أن الرسالة لم يأت بها أى ذكر أو اتفاق على ضم ذمة الطاعنة لذمة مالكة الطائرة، سيما وأن الطاعنة دفعت بخروجها من تلك الكفالة لمضي المدة عملاً بنص المادة (1092) من قانون المعاملات المدنية، إذ أن الثابت أن المطعون ضدها أقامت دعواها المبتدأة في 2024/3/11 وكان الثابت أن المديونية سابقة على تاريخ الرسالة المؤرخة 3/3/2023 بما مؤداه إقامة الدعوى بعد فوات مدة الستة أشهر، كما أن الحكم المطعون فيه استقى من مصدر غير معروف سداد الطاعنة لفواتير سابقة عن الشركة مالكة الطائرة بالرغم من أن الطاعنة تمسكت طوال مراحل الدعوى بعدم سدادها لأى مبالغ وأنها مجرد نائب وقد أثبت ذلك تقرير الخبير المنتدب بالدعوى، فضلا عن أن الطاعنة تمسكت بدلالة رسالة صادرة عن مالكة الطائرة - المستند رقم (5) من صحيفة الاستئناف - تقر فيها بمسئوليتها منفردة عن قيمة الفواتير مما يؤكد أن الطاعنة إنما كانت تحث تلك الشركة على السداد لا بوصفها كفيلة ولكن بوصفها نائبة عنها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن نصت المادة (186) من قانون الاجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 في عجزها على أنه (وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بحكم النقض في النقاط التي فصل فيها) إلا أنه لما كان المقصود بالنقاط التي فصلت فيها محكمة التمييز وعلى ما جرى به فضاء هذه المحكمة أن تكون هذه النقاط قد طرحت على محكمة التمييز وأدلت فيها برأيها القانوني عن بصر وبصيرة فاكتسب حكمها بذلك قوة الشيء المحكوم فيه في حدود هذه النقاط بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، أما ما عدا ذلك فتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض ويكون لمحكمة الإحالة أن تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى تحصله من جميع عناصرها، مما مؤداه أن نقض الحكم للقصور في التسبيب لا يحوز أي حجية مانعة من إعادة نظر الخصومة برمتها على ضوء فهم جديد لجميع عناصرها ولا يحول دون أن تحكم محكمة الإحالة فيها على هذا الأساس، وأنه من المقرر وفق نصوص المواد (1056)، (1060) و(1061) و(1067) و(1077) و(1078) و(1080) من قانون المعاملات المدنية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الكفالة هي ضم ذمة شخص وهو الكفيل إلى ذمة المدين في تنفيذ التزاماته، وتصح الكفالة بدين مستقبل بشرط أن يكون الدين المكفول مضموناً من المدين، وتشمل الكفالة ملحقات الدين المكفول ما لم يتفق على غير ذلك، وعلى الكفيل أن يفي بالتزامه عند حلول الأجل، ويجوز للدائن مطالبة الأصيل (وهو المدين) أو الكفيل أو مطالبتهما معاً بالوفاء بالدين المكفول، واستخلاص الكفالة وشمولها للدين الذي تكفله هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بغير معقب متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، وإن القاعدة التي تقضي بها المادة (1092) من قانون المعاملات المدنية من خروج الكفيل من الكفالة إذا لم يطالب الدائن المدين بالدين المكفول خلال ستة أشهر من تاريخ استحقاقه ليست متعلقة بالنظام العام إذ هي تتعلق بمصلحة الكفيل الخاصة، ولذلك فإنه يجوز الاتفاق على مخالفتها بموافقة الكفيل على التنازل عنها وقبوله أن تكون كفالته مستمرة لمدة أطول من ستة أشهر، كما من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تفسير الكفالة وتحديد نطاقها والدين الذي تكفله وتقدير انقضائها هو من مسائل الواقع والتي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لم يخرج من تفسيره للكفالة عن المعنى الذي تحتمله عباراتها في مجملها وما قصده طرفاها منها مستهدياً بظروف تحريرها، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن تقدير تقابل الالتزامات في العقود الملزمة للجانبين واستخلاص الوفاء بها أو الاخلال في تنفيذها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه واستخلاص جدية الادعاء بالمديونية والتحقق من انشغال الذمة المالية بها، هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع في نطاق سلطتها في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن القضائية والمستندات والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها، وحسبها أن تُقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما أنه من المقرر أيضا في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والاقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الاثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وأنه إذا رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءا من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب أو الرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه أو إعادة المأمورية للخبير أو ندب غيره لمباشرتها، كما أنها لا تكون ملزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به، تأسيساً على ما أورده بأسبابه من أنه ((لما كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 3/3/2023 أرسل مالك الشركة المستأنف ضدها " ساكر شيخ " رسالة إلى موظفي الشركة - وأرسل نسخة للشركة المستأنف ضدها - عن طريق بريده الإلكترونى يطالبهم فيها بسداد قيمة الفاتورة المستحقة في ذمة شركة إيردريفن أفيشين لصالح المستأنف ضدها لإبراء ذمة شركته، وتضمنت الرسالة أن الشركة المستأنف ضدها قامت بتقديم الخدمات للطائرة إرتكانا إلى ضمان شركته. فإن المحكمة تستخلص من هذه الرسالة وما سبقها من تعاقد المستأنفة بالنيابة عن شركة إيردريفن أفيشين مع المستأنف ضدها وسلوكها في سداد فواتير سابقة مستحقة عنها لصالح المستأنف ضدها، أن الشركة المستأنف ضدها ما كانت لتقدم الخدمات لصالح طائرات شركة إيردريفن أفيشين دون ضمان المستأنفة لها، وأن مالك المستأنفة - وهى مؤسسة فردية تتحد ذمتها المالية مع ذمة مالكها - قصد الإلتزام بالوفاء بالدين المستحق للمستأنف ضدها في ذمة شركة إيردريفن أفيشين موضوع المطالبة الماثلة، دون أن يحدد ميعادا لانقضاء إلتزامه بالسداد بحيث لا ينقضي إلا بالوفاء بالدين المطالب به، ولما كان ما سلف، وكان تقرير الخبير المنتدب المودع ملف الدعوى والذي تطمئن إليه المحكمة قد انتهى إلى انشغال ذمة شركة إيردريفن أفيشين لصالح المستأنف ضدها بمبلغ 515,634,60 دولار أمريكى وكانت المحكمة قد انتهت سلفا إلى التزام المستأنفة بسداد هذا الدين بصفتها ضامنة لها في سداده ، فإنها تقضي بإلزامها بأدائه، وإذ انتهى الحكم المستأنف إلى إلزامها بأن تؤدي للمستأنف ضدها مبلغ 1,892,379,20 درهم " ما يعادل 515,634,60 دولار أمريكى " والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد ، فإن المحكمة تقضي بتأييده لما انتهى من أسباب دون أسبابه)) وإذ كان هذا الذي أورده الحكم سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لما يخالفه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وحيث إنه قد سبق للطاعنة رفع الطعن بالتمييز رقم 1234 لسنة 2024 طعن تجاري عن ذات الدعوى فإنه لا يستوفى منها رسم عن الطعن الماثل عملاً بنص المادة (33) من القانون رقم (21) لسنة 2015 بشأن الرسوم القضائية في محاكم دبي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن، وبإلزام الطاعنة بمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق