الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 4 سبتمبر 2025

الطعن 634 لسنة 2025 تمييز دبي تجاري جلسة 16 / 7 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 634 لسنة 2025 طعن تجاري

طاعن:
ع. ح. ح. خ.
ص. ه. ا.
م. ع. م. خ. ب.
م. ا. ش. .. ذ. م. م.

الخصم المدخل:
ج. إ. ق.
ج. س. خ.
ف. إ. ق.
ن. إ. ق.
ش. إ. ق.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/326 استئناف تجاري بتاريخ 30-04-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة. 
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم الأولى (جوليت سريو خوري) والثاني (فؤاد إبراهيم قبرصي) والثالث (نجا إبراهيم قبرصي) والرابع ) جاد إبراهيم قبرصي) والخامسة (شدا إبراهيم قبرصي) أقاموا أمام محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقم 3516 لسنة 2023 تجاري قبل الطاعنين الأولى (شركة مشروعات المعدات ش.ذ.م.م) والثاني (محمد عبد الله محمد خلفان بوخاطر) والثالث (عبد الرحمن حسن حسين خواجة) والرابع (صلاح هشام الحلو) طلبوا في ختامها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليهم مبلغ (4،806،855) درهماً يمثل قيمة الأرباح المرحلة عن الفترة 2017/10/31 وأرباح الفترة من 2018/10/31 حتى 2023/10/31 مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد، وقال المطعون ضدهم بياناً لدعواهم، إنه بتاريخ 2019/7/4 آلت إليهم بالميراث عن والدهم (إبراهيم قبرصي) نسبة 25% من حصص الشركة الطاعنة الأولى، وأنه منذ وفاة مورثهم استحوذ الطاعنون من الثاني حتى الرابع على مقرات الشركة وإدارتها وامتنعوا عن إخطارهم بالميزانيات المدققة للشركة وتسليمهم نصيبهم من الأرباح، مما حدا بهم لإقامة دعواهم الراهنة، ندب القاضي المشرف خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره الأصلي، أعادت المحكمة لذات الخبير المهمة لبحث بعض المهام وبعد أن أودع تقريره التكميلي، حكمت المحكمة بتاريخ 2025/1/13 بإلزام الطاعنين بأن يؤدوا إلى المطعون ضدهم مبلغ (4،365،543,76) درهماً قيمة نصيبهم في الأرباح في الشركة الطاعنة الأولى عن السنوات المالية من 2018 حتى 2021، والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 2021/10/31 وحتى تمام السداد، وبرفض طلب المطعون ضدهم الأرباح عن الفترة اللاحقة من عام 2021 وحتى 2023/10/31 بحالته، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 336 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 2025/4/30 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/5/26 طلبوا فيها نقضه، قدم محامي المطعون ضدهم مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره. 
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، إذ احتسب المبلغ المقضي به لصالح المطعون ضدهم على أساس نسبة 25% من الأرباح وهي النسبة التي كانت مخصصة لمورثهم، وصرفت له بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 33 لسنة 2020 والذي صار نهائياً باتاً، على الرغم من أن الثابت من الحكم الصادر في الدعوى رقم 121 لسنة 2019 تركات غير المسلمين أن حصة مورثهم في رأسمال الشركة الطاعنة الأولى لا تتجاوز 16% وقد جرى تعديل عقد تأسيس الشركة ليحل المطعون ضدهم محل مورثهم وفقاً لتلك النسبة، وكان ما يتحصل عليه مورثهم من أرباح بنسبة 25% من إجمالي الأرباح -وفقاً للميزانيات السابقة وبرضاء وموافقة سائر الشركاء - نظراً لتولّيه إدارة الشركة وما يرتبه ذلك من أعباء ومسؤوليات جسام، ومن ثم فإنه بوفاته تنتفي العلة التي كانت تُبرر حصوله على نسبة أرباح تزيد عن حصته في رأس المال، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
وحيث أن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقاً للمادة (49) من قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية - المقابلة للمادة 87 من قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 35 لسنة 2022- أن الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي فيه تكون حُجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز إعادة طرح النزاع الذي فصلت فيه المحكمة مرة أخرى على القضاء إلا عن طريق الطعن فيه بالطرق المقررة قانوناً للطعن على الأحكام، وأن مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها بين الخصوم أنفسهم أن يكون هذا الحكم قد قطع بصفة صريحة أو ضمنية في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة بالمنطوق في مسألة أساسية استقرت حقيقتها بين الخصوم استقراراً جامعاً يمنع نفس الخصوم والمحكمة من العودة إلى مناقشة ذات المسألة التي فصل فيها ولا بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، وأنه لمعرفة ما إذا كان موضوع الدعوى متحداً في الدعويين أن يتحقق القاضي من أن قضاءه في الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق فلا يكون هناك فائدة منه أو أن يكون مناقضاً للحكم السابق سواء بإقرار حق أنكره أو إنكار حق أقره فيكون هناك حكمان متناقضان، وأن وحدة المحل تكون متوافرة بين الدعويين متى كان الأساس فيهما واحداً حتى لو تغيرت الطلبات بينهما إذ إن العبرة في حجية الشيء المحكوم فيه تكون بطبيعة الدعوى وأن المسألة تكون واحدة بعينها إذا كان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى وأن صدور حكم في هذه المسألة الأساسية يحوز قوة الأمر المقضي فيه في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف على ثبوت أو انتفاء ذات المسألة السابق الفصل فيها بينهم، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم سبق أن أقاموا على الطاعنين الدعوى رقم 33 لسنة 2020 مدني، بطلب الحكم بإلزامهم بنصيبهم من أرباح الشركة الطاعنة الأولى عن عام 2017، وقد قُضي في تلك الدعوى بحكم نهائي وبات بأحقيتهم في مبلغ (350،000) درهم، يُمثل نسبة 25% من أرباح الشركة عن ذات العام، ومن ثم فقد حاز هذا الحكم قوة الأمر المقضي فيه في شأن استحقاقهم لتلك النسبة من الأرباح، وإذ كان قضاء الحكم في الدعوى السابقة بشأن هذه المسألة يُعد مانعاً من إعادة التنازع بشأنها في الدعوى الراهنة ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى السابقة، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم وانتهى إلى أحقية المطعون ضدهم في نسبة 25% من أرباح الشركة الطاعنة الأولى استناداً إلى حجية الحكم السابق، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس . 
وحيث ينعى الطاعنون (من الثاني حتى الرابع) بالسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم ألزمهم بالمبلغ المقضي به مع الشركة الطاعنة الأولى، تأسيساً على أنهم بصفتهم مديري الشركة امتنعوا من إعداد الميزانيات وعرضها على الجمعيـة العمومية، وتوزيع الأرباح على الشركاء وذلك بالمخالفة لأحكام قانون الشركات التجارية، على الرغم من انتفاء الخطأ الشخصي في جانبهم، إذ أن الثابت من جميع محاضر اجتماعات الجمعية العمومية للشركة الطاعنة الأولى أن التأخير في المصادقة على الميزانيات عن السنوات السابقة، يرجع إلى أسباب خارجة عن إرادتهم ومن أهمها الظروف العامة التي تولوا فيها إدارة الشركة خلال فترة تفشي وباء "كوفيد-19"، وما ترتب عليه من تأثيرات سلبية شاملة، إلى جانب تعذر المدقق الخارجي المعيّن من استكمال مهمته، نتيجة وجود معوقات تضمنها كتابه الموجّه إلى الشركة، والتي حالت دون تدقيق القوائم المالية للسنوات المنتهية بعد 2018/10/31، كما أنهم قد اتخذوا جميع الاجراءات القانونية اللازمة لتجاوز تلك المعوقات، وصولاً إلى تدقيق حسابات الشركة وقوائمها المالية كافة، والمصادقة على الميزانيات وحسابات الأرباح والخسائر على وجه صحيح، بما ينتفي معه أي تقصير من جانبهم، ويؤكد ذلك أن الجمعية العمومية للشركة في اجتماعها المنعقد بتاريخ 2025/3/25، صادقت على الميزانية وحساب الأرباح والخسائر عن السنة المالية المنتهية في 2024/10/31، وناقشت مقترح المدير العام بشأن توزيع الأرباح عن الفترات السابقة التي لم تشملها التوزيعات، وبعد الموافقة على المقترح، قررت الجمعية العمومية توزيع الأرباح على الشركاء بمبلغ (1،400،000) درهم عن الفترة التي لم تشملها التوزيعات من 2017/10/31 حتى 2024/10/31، وذلك طبقاً لمقتضى قرار الجمعية العمومية المبين في محضر اجتماعها، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر ومما يعيبه ويستوجب نقضه . 
وحيث أن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها، وأن استخلاص الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى، مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة التمييز في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ومقبولة ولها أصلها الثابت بالأوراق، كما من المقرر بقضاء هذه المحكمة أيضاً أنه إذا أخل المدير في الشركة ذات المسئولية المحدودة بواجب من واجبات الإدارة أو خالف القانون أو نصوص عقد الشركة ونظامها الأساسي، فإنه يكون مسولاً عن أخطائه الشخصية أو عن أي أعمال تنطوي على الغش والتدليس أو الخطأ الجسيم وتكون الشركة في هذه الحالة مسئولة بدورها عن أفعال وتصرفات مديرها طبقاً لقواعد المسئولية عن الفعل الضار، وأنه وإن كان الأصل عدم مسئولية الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة عن ديونها إلا بقدر حصته في رأسمالها إلا أنه استثناءً من هذا الأصل، لا يُعتد بمبدأ تحديد مسئولية الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة بقدر حصته في رأسمالها متى كان الشريك قد استغل مبدأ استقلالية ذمة الشركة المحدودة عن ذمة الشركاء فيها كوسيلة أو ستار لما يقوم به من تصرفات مخالفة لعقد الشركة، مما من شأنه الإضرار بشركائه أو بالدائنين طالما كانت تلك الأفعال أو التصرفات تنطوي على الغش والاحتيال أو الخطأ الجسيم، ففي هذه الحالة لا يُعتد بمبدأ مسئولية الشريك في حدود حصته في رأس المال، وإنما يكون مسئولاً بصفته الشخصية عن تلك التصرفات بحيث يمتد أثرها إلى أمواله الخاصة، وأن استخلاص مسئولية المدير والشريك من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعنين من الثاني حتى الرابع بعدم قبول الدعوى قبلهم، وبثبوت مسئوليتهم الشخصية عن المبالغ المطالب بها - وتأييداً منه للحكم المستأنف - على ما أورده بأسبابه من أنه ((لما كان الثابت بتقرير الخبير المنتدب بالدعوى ، من أن الطاعنون من الثاني للرابع بصفتهم الممثلين القانونين للشركة الطاعنة الأولى قد أخلّوا بواجباتهم في إدارة الشركة خلال فترة المطالبة، وتمثّل ذلك في امتناعهم عن إعداد الميزانية، وعدم دعوتهم الجمعية العمومية للشركة للانعقاد لمناقشة الميزانية وحساب الأرباح والخسائر، وتحديد حصص الشركاء تمهيداً لتوزيعها عليهم بعد اعتمادها من الجمعية العمومية، ومن ثم فانهم يسألوا في ذمتهم الشخصية عن ديون الشركة نتيجة هذا الاخلال الذي ثبت في مواجهتهم من تقرير الخبرة وهو ما تقضي معه المحكمة بإلزامهم بأدائها مع المدعى عليها الأولى/ الطاعنة الأولى للمدعيين/ المطعون ضدهم مما يضحى النعي المذكور في غير محله جديرا برفضه )) وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ويشتمل على الرد الضمني لكل ما أثاره الطاعنون، فيكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص صفتهم وخطئهم في إدارة الشركة المذكورة، وهو مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. 
وحيث إن مما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون أن الخبير المنتدب في الدعوى لم يتقيد بالنطاق الزمني للأرباح التراكمية المطالب بها ابتداءً من تاريخ 2017/10/31 إذ قام بتوزيع كامل الأرباح التراكمية للشركة الطاعنة الأولى، دون استثناء، مستنداً إلى القوائم المالية المدققة والمعتمدة من الجمعية العمومية للشركة عن سنة 2021 والتي بلغ فيها إجمالي الأرباح المرحلة مبلغ (17،462،175,04) درهماً، دون أن يحلل هذه الأرباح ويحدد الجزء المتعلق منها بالفترة المطالب بها في الدعوى، بما يكون معه الخبير قد شمل حسابه أرباحاً تراكمية تعود لفترات سابقة لم تكن محل طلب من المطعون ضدهم، وهي أرباح تحققت منذ تأسيس الشركة وحتى تاريخ وفاة مورثهم، وكانت تُستخدم في تمويل أصول الشركة، وهو ما أكده تقرير الخبير الاستشاري المقدم منهم والذي بين أن الأرباح المتراكمة في القوائم المالية المعتمدة في عام 2021 هي أرباح متراكمة منذ السنة المالية المنتهية في 2011/10/31 وحتى السنة المالية المنتهية في 2023/10/31 ، إلا أن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه -على فهم خاطئ منه- أن الأرباح التي قدّرها الخبير للمطعون ضدهم تمثل أرباحاً مرحلة عن السنوات المالية من 2018 حتى 2021 وأن تلك الأرباح لم تكن محسوبة من إجمالي الأرباح المتراكمة منذ تأسيس الشركة الطاعنة الأولى حتى عام 2021 بما يكون معه الحكم قد قضى بما لم يطلبه الخصوم ، سيما وإن تقرير الخبير الاستشاري المقدم منهم قد انتهى في نتيجته إلى أن رصيد الأرباح المتراكمة وفقاً لآخر ميزانية مدققة في 2023/10/31، تبلغ (18،767،488) درهماً، وأن هذا الرصيد ظل محتجزاً ومتراكماً منذ أكثر من عشر سنوات، حيث دأبت الشركة الطاعنة الأولى منذ تأسيسها على الاحتفاظ بتلك الأرباح المتراكمة واستخدامها في الاستثمار في الأصول طويلة الأجل وتمويل المخزون بهدف الحفاظ على استمرارية ونموها، وقد اشتمل التقرير على بيان مفصل بالأرباح المتراكمة، مستنداً إلى قوائم المركز المالي للشركة من السنة المالية المنتهية في 2011/10/31 حتى السنة المالية المنتهية في 2023/10/31، والتي يبين منها أن تلك الأرباح تُعد أرباحاً دفترية وليست نقدية، ويتم توظيفها في شراء الأصول وعمليات التشغيل بما يخدم استدامة النشاط التجاري للشركة، كما انتهى التقرير إلى أنه ووفقاً للأصول الفنية والمحاسبية فإن الشركة الطاعنة الأولى لا تملك القدرة المالية على توزيع كامل رصيد الأرباح المتراكمة، وأن القيام بذلك من شأنه أن يُهدد استمرارية الشركة ويُلحق الضرر بالشركاء بل قد يؤدي إلى تصفية الشركة حال الاخلال بتوازنها المالي، إلا أن الحكم التفت عن هذا التقرير الاستشاري وتجاهل ما ورد فيه من نتائج وأسس علمية وفنية، وأقام قضاءه بإلزامهم بالمبلغ المقضي به مرتكزاً على ما ورد بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، كما خالف الحكم المطعون فيه ما درجت عليه الشركة، باتفاق ورضاء جميع الشركاء من عدم توزيع كافة الأرباح، والاكتفاء بتوزيع جزء منها، مع ترحيل الجزء المتبقي لتنمية الشركة وتعزيز مركزها المالي، وهو ما يظهر جلياً في القوائم المالية عن عام 2017 التي أعدها مورث المطعون ضدهم قبل وفاته. وقد قضي لصالح المطعون ضدهم سابقاً بنصيب مورثهم من الأرباح في الاستئناف رقم 1406 لسنة 2020 مدني بناءً على ذات الأساس، بما يدل على أن ما تم توزيعه هو جزء من الأرباح، فيما أُضيف الباقي إلى الأرباح المتراكمة، وظلت تُشكل جزءاً من أصول الشركة ومصدر تمويل لنشاطها التجاري وتُستخدم في تنفيذ التزاماتها المالية، ويتم زيادتها كلما تحقق فائض في صافي الأرباح السنوية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما يعيبه ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك نه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن المشرع قد جعل الهدف من ندب الخبير -كإحدى وسائل الاثبات في الدعوى- هو الاستعانة به في تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصائها بنفسه دون المسائل القانونية التي يتعين على المحكمة أن تقول كلمتها فيها بنفسها ولا تستعين فيها بالرأي الذي ينتهي إليه الخبير، كما أن مناط اعتماد محكمة الموضوع على النتيجة التي ينتهي إليها الخبير في تقريره والأخذ به محمولاً على أسبابه يشترط فيه أن يكون الخبير قد أدلى برأيه في نقاط الخلاف بين الطرفين وتكون الأسباب التي بنى عليها تقريره تتفق مع القانون ولها أصل ثابت بالأوراق، وبحيث إنه يجب أن يفصح الخبير عن المصدر الذي يستقي منه ما انتهى إليه ودليله على ذلك، كما أنه يجب على الحكم أن يولي اهتمامه بالرد على اعتراضات الخصم على تقرير الخبير متى كانت هذه الاعتراضات جوهرية وتؤثر في النتيجة التي ينتهي إليها التقرير، وإلا كان الحكم معيباً بالقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك أن أحكام المحاكم يجب أن تكون مبينة على أسباب واضحة جلية كافية تحمل الدليل على أن القاضي بحث النزاع المطروح أمامه بحثاً دقيقاً وأن المحكمة قد محصت الأدلة التي قُدمت إليها توصلاً إلى ما ترى أنه الواقع في الدعوى وأن الحقيقة التي استخلصتها واقتنعت بها قد قام عليها الدليل الذي يتطلبه القانون ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وبحيث إنه لا يجوز للمحكمة أن تبني حكمها على وقائع غير مؤكدة مبنية على الظاهر وليس على اليقين أو تبني حكمها على أمور مفترضة دون دليل يؤكدها، كما من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن كل طلب أو دفاع يدلي به الخصم لدى محكمة الموضوع ويطلب منها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى فإنه يجب على المحكمة أن تبحثه وترد عليه في أسباب حكمها، وأنه يتعين على محكمة الموضوع أن تقيم قضاءها على عناصر مستقاة من أصل ثابت بالأوراق وأن يشتمل حكمها في ذاته على ما يطمئن المطلع عليه أنها محصت الأدلة المقدمة لها وبذلت في سبيل ذلك الوسائل الممكنة التي من شأنها أن توصلها إلى ما ترى أنه الواقع الثابت في الدعوى بحيث تكون أسبابه مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها فإذا اكتفت في تسبيب حكمها بأسباب مجملة مقتضبة لا تعين على فهمه وتعجز محكمة التمييز عن إعمال رقابتها فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضاً أنه ولئن كان تقدير الأدلة والقرائن هو من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع، وأن تأخذ بما ترتاح إليه منها وإطراح ما عداه، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن تكون الأسباب التي أوردتها في هذا الخصوص من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، ومن المقرر أيضاً أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الاغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعن قد تمسك بدفاعه الوارد بوجه النعي، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يحقق هذا الدفاع اكتفاء بالقول بأنه ((تبين من تقرير الخبرة المنتدبة الأصلي والتكميلي من قيام الشركة المدعى عليها الأولى/ الطاعنة الأولى بتعيين مدقق الحسابات / مكتب / غسان الصاحب - محاسبون قانونيون لتدقيق الحسابات عن السنوات المالية 2018-2021 والذى قام بدوره بالتدقيق على القوائم المالية عن تلك السنوات وتم اعتماد تلك القوائم بموجب قرارات الجمعية العمومية للشركة المدعى عليها الأولى بتواريخ في عامي 2023/2024 وفقا لآخر قوائم مالية مدققة ومعتمدة من الجمعية للشركة المدعى عليها الأولى عن سنة 2021 بلغت الأرباح المرحلة بمبلغ 17,462,175.04 درهم ومن ثم تكون حصة المدعين في تلك الأرباح وفقا لما تنتهى إليه المحكمة بشأن النسبة التي آلت للمدعين عن مورثهم من تلك الأرباح من أن الحصة التي آلت للمدعين عن مورثهم في أرباح الشركة المدعى عليها الأولى بواقع 25% ... فتكون قيمة الأرباح التي تخص المدعين من تلك الأرباح المرحلة حتى نهاية السنة المالية 2021 بمبلغ 4,365,543.76 درهم ؛ ومن ثم فإن الحكم المستأنف إذ قضى للمستأنف ضدهم بالأرباح المستحقة لهم عن السنوات المالية من 2018-2021 لم يخالف صحيح القانون ولم يكن ذلك محسوبا عن مجموع الأرباح المتراكمة منذ نشأة الشركة حتى سنة 2021، ولم يخالف القواعد المحاسبية وصدر في حدود طلبات المدعيين ولم يخرج عن النطاق الزمني لطلبات المستأنف ضدهم بأكثر مما طلبوا طبقا لما ورد في صحيفة دعواهم مما يضحى هذا النعي في غير محله)) وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن سالف الذكر بما يصلح ردا عليه، حال أن الثابت من تقريري الخبير الأصلي والتكميلي أنه لم يبين على وجه التحديد السنوات المرحل عنها الأرباح المشار إليها، كما أبان التقرير أنه وفقاً للقوائم المالية فإن الأرباح المحققة عن عام 2018 مبلغ (803،645) درهماً، وأن الأرباح المتراكمة عن ذات العام مبلغ (17،537،161) درهماً، دون تحديد السنوات التي رُحلت منها تلك الأرباح، إذ لا يتصور بأي حال أن تكون الأرباح المرحلة عن أحد الأعوام أزيد من الأرباح المحققة فيه، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة. 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين، وألزمت المطعون ضدهم بالمصروفات وألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق