بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 20-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 335 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ن. ن. ن.
ا. ل. ش.
مطعون ضده:
ا. ا. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/105 استئناف تجاري بتاريخ 12-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر -أحمد محمد عامر- والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 1217 لسنة 2023 تجاري مصارف أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إليه مبلغ 78,720,174 درهمًا والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. وذلك تأسيساً على أنه بموجب اتفاقية تسهيلات ائتمانية مؤرخة 4/11/2019 منح شركة ايفرساندي بيرهاد كوربوريشن -غير مختصمة- (ومقرها بدولة ماليزيا) تسهيلات ائتمانية بمبلغ 20,000000 دولار أمريكي بضمان وكفالة تجارية من الطاعنة الأولي وشخصية من الثاني ، وإذ امتنعا عن سداد المبلغ المطالب به بعد أن تقاعست المدينة المقترضة عن السداد، ومن ثم أقام الدعوي. ندبت المحكمة خبيرًا ، دفع الطاعنان بعدم قبول الدعوى للاتفاق باتفاقية التسهيلات المؤرخة في 4/11/2019 والمعدلة بتاريخ 20/10/2021 للجوء للتحكيم ب مركز دبي المالي العالمي ، وبتاريخ 19/12/2024 حكمت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ، وأشارت في أسبابها بقبول دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحكمة للاتفاق علي التحكيم بالعقد سند الدعوى . استأنف البنك المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 105 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 12/3/2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها ، طعن الطاعنين في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 21/3/2025 طلبا فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم علي سببين ينعي بهما الطاعنان علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والأخلال بحق الدفاع إذ قضي بإلغاء الحكم المستأنف الذي اعتد بشرط التحكيم منتهياً لانعقاد الاختصاص لمحاكم دبي تأسيساً علي عدول أطراف الدعوي عن شرط التحكيم الوارد باتفاقية التسهيلات الائتمانية المؤرخة 4/11/2019 وكافة تعديلاتها وفق ما جاء بال بند التاسع باتفاقية التسوية المؤرخ 29/2/2024 وما نص عليه في ملحق إتفاقية إعادة الهيكلة المؤرخة 12/8/2024 من الاتفاق بانعقاد الاختصاص القضائي لمحاكم دبي ، في حين أن ما جاء بهاتين الإتفاقيتين من أنه "في حالة فشل عملية إعادة الهيكلة قبل 15/7/2024 يحق للبنك إعادة جميع إجراءات التقاضي المنصوص عليها في البندين 4.5 و4.6 أعلاه والمتعلقة بوثيقة التمويل واتفاقية مشاركة المخاطر أمام محكمة دولة الإمارات العربية المتحدة" وفي بند " تسوية المنازعات: إتفق الطرفان على أن أي إجراء قانوني أو دعوى ناشئة عن أو فيما يتصل بهذه الإتفاقية تخضع للإختصاص الحصري لمحاكم دبي" هو ليس تعديلاً لشرط التحكيم -كما قرر الحكم- الوارد بعقد التسهيلات الأساسية وتعديلاته لاختلاف أطرافهما وغايتهم فهما -اتفاقيتي التسوية- معنونتان بعبارة "إتفاقية تسوية" وليس إتفاقية إعادة هيكلة ، والغاية منهما وقف الإجراءات القضائية السارية بين طرفي الدعوى أمام المحكمة الإبتدائية، وصولاً بينهم والبنوك المُقرضة الأخرى لإتفاق حول إعادة هيكلة الدين خاص إتفاقية التسهيلات الأساسية وتعديلاتها ، وهو ما يعني أنه في حال فشل المفاوضات مع كافة البنوك حول إعادة الهيكلة يكون للمطعون ضده الحق بمتابعة إجراءاته القضائية التي تم الاتفاق على وقفها تراضيا أمام محكمة دولة الإمارات العربية المتحدة ، وهو ما لا يُعد تنازلاً عن شرط التحكيم الوارد في إتفاقية التسهيلات الأصلية وتعديلاتها الذي لا يكون إلا بموافقة جميع أطرافها ، فالإختصاص الحصرى لمحاكم دبي مٌحدد بالدعاوى والنزاعات التي قد تنشأ عن إتفاقيتي التسوية بشأن وقف الإجراءات القضائية وإتاحة الفرصة لإعادة هيكلة شاملة لجميع أطراف إتفاقية التسهيلات الأساسية المؤرخة 4/11/2019 وتعديلاتها، وبقية المقرضين ووكيلهم وعدد من البنوك غير ممثلين في إتفاقية التسوية تلك ، ولا يمكن أن تتعداه لإتفاقية التسهيلات الأساسية التي نص بها صراحة في البند 12 وفي البند 44.1 و 44.2 من اتفاقية التعديل المؤرخة 20/10/2021 -وكيل التسهيلات المشتركة- بإحالة وحل أي نزاع ينشأ عن هذه الاتفاقية بالتحكيم بموجب قواعد مركز التحكيم التابع لمركز دبي المالي العالمي ومحكمة لندن للتحكيم الدولي ، وهو ما يتعين معه الاستجابة لدفعهما والقضاء بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم ، فإذا ما خالف الحكم ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن تحديد مدى قابلية الحكم للطعن عليه بطريق التمييز هو من المسائل المتعلقة بالنظام العام التي تقضي فيها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يثرها أي من الخصوم. وأن مُفاد المادة 152 من قانون الإجراءات المدنية أنه لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى قبل الحكم المنهي للخصومة كلها فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص وكذلك الأحكام الصادرة بالاختصاص إذا لم يكن للمحكمة ولاية الحكم في الدعوى. وأنه يشترط لجواز الطعن في الأحكام الصادرة بالاختصاص على استقلال ثبوت انتفاء ولاية المحكمة بالحكم في الدعوى كأن تنتزع المحكمة ولاية جهة قضائية أخرى أو بالمخالفة لقواعد الاختصاص المقررة قانونًا، وهو ما لا يتأتى الوقوف عليه إلا إذا تصدت المحكمة للدفع بعدم الاختصاص وقضت برفضه وباختصاصها بنظر الدعوى أو قضت ضمنيًا باختصاصها ولم يكن لها ولاية الحكم في الدعوى، بحيث إذا تخلف هذا الشرط فإن الطعن في هذه الأحكام يكون غير جائز. ومن المقرر أيضاً أنه وفقًا لنصوص المواد 1، 2، 4، 5، 6، 7 من قانون التحكيم رقم 6 لسنة 2018 أن التحكيم هو اتفاق الخصوم صراحة على اختصاص التحكيم دون المحاكم بالفصل في كل أو بعض ما قد يشجر بينهم من منازعات أو ما نشب بينهم بالفعل من منازعات ، وأن الاتفاق على التحكيم لا يثبت إلا بالكتابة ، وأن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم هو دفع شكلي من قبيل الدفوع بعدم الاختصاص ، لأن الهدف من التمسك به هو إنكار اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. ومن المقرر كذلك أن العقد اللاحق ينسخ العقد السابق فيما كان ينص عليه من شروط مخالفة متى كان العقد الجديد (اللاحق) قد أعاد تنظيم العلاقة بين الطرفين، لأن في إعادة تنظيم العلاقة بينهما من جديد بموجب العقد اللاحق يدل على أنهما قد قصدا استبعاد ما كان منصوصًا عليه في العقد السابق من شروط مخالفة. وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير الاتفاقات والعقود والمشارطات وسائر المحررات، واستخلاص أطراف شرط التحكيم والعدول عنه من عدمه والشروط المختلف عليها واستظهار النية المشتركة للمتعاقدين بما تراه أوفى بمقصودهما مستشهدة في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو العقد، على أن تقيم تفسيرها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالعقد. وأن تقدير ما إذا كان العقد اللاحق يسري عليه شرط التحكيم الوارد بالعقود السابقة، هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع، طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان البين من الملف الإلكتروني للدعوى أن البنك المطعون ضده وأخرين قد منح في 4/11/2019 المقترضة/ شركة ايفرساندي بيرهاد كوربوريشن -ومقرها بدولة ماليزيا- تسهيلات ائتمانية -وبلا خلاف بين الخصوم- بضمان وكفالة الطاعنين ، فأقام دعواه الراهنة مطالبهما بصفتهما كفلاء وضامنين بسداد المبلغ المطالب به بعد أن تقاعست المُقترضة عن سداده واستند في طلبه لعقدي الضمان والكفالة الصادرين منهما ، وكان الثابت من مطالعة عقد حوالة الضمان المؤرخ 4/11/2019 خاص الطاعنة الأولي قد نص بالبند 20 منه علي أنه ((القانون الحاكم : يخضع اتفاق الإحالة هذا ويفسر وفقاً لقوانين إمارة دبي والقوانين الاتحادية المعمول بها في دولة الإمارات العربية المتحدة علي النحو المُطبق من قبل المحاكم المدنية في إمارة دبي)) وجري نص البند 21 منها علي (( 21/1 الاختصاص القضائي: تتمتع محاكم إمارة دبي بسلطة قضائية غير حصرية لتسوية أي نزاع ينشأ عن اتفاق الإحالة هذا أو فيما يتعلق به ، بما في ذلك النزاع المتعلق بوجود اتفاق الإحالة أو صلاحيته أو إنهائه. 21/2 يتفق الطرفان علي أن محاكم إمارة دبي هي أنسب المحاكم وأكثرها ملاءمة لتسوية المنازعات وبالتالي لن يُجادل أي طرف بخلاف ذلك. 21/3 يكون هذا البند - 20 - لصالح المانح -المطعون ضده- فقط ووفقاً لذلك لا يجوز منع المانح من اتخاذ الإجراءات القضائية فيما يتعلق بالنزاع في أي محاكم أخرى ذات اختصاص قضائي ، وإلي الحد الذي يسمح به القانون ، ويجوز للمانح اتخاذ إجراءات قضائية متزامنة في أي عدد من الولايات القضائية)) ، كما جاء البند 18 من اتفاقية الضمان الشخصي المحررة من الطاعن الثاني في 4/11/2019 علي أنه ((القانون الحاكم والإنفاذ: 18/1 يخضع هذا الضمان وجميع الالتزامات غير التعاقدية الناشئة بأي شكل من الأشكال عن هذا الضمان أو فيما يتعلق به لقوانين دبي والقوانين الفيدرالية المعمول بها لدولة الإمارات العربية المتحدة ويخضع الضمان بشكل لا رجوع فيه إلي الاختصاص القضائي غير الحصري لمحاكم دبي)) بما مفاده الاتفاق بين طرفي الدعوي علي اللجوء لمحاكم دبي لتسوية وحسم أي نزاع ينشب بينهما بخصوص هذين العقدين -الضمان والكفالة- الذين جاءا خلواً من الاتفاق علي اللجوء للتحكيم لحسم أي نزاع بشئانهما ، ولا ينال من ذلك ما ورد باتفاقية التسهيلات وتعديلاتها -المار ذكرها- المحررة فيما بين المطعون ضده وأخرين والمقترضة/ شركة ايفرساندي بيرهاد كوربوريشن من الاتفاق بها على خضوعها وأي التزامات غير تعاقدية تنشأ عنها أو تتعلق بها للقانون الإنجليزي وتُفسر وفقًا له ، وبإحالة أي نزاع أو مطالبة أو اختلاف أو خلاف ينشأ أو يكون له أي صلة بهذه الاتفاقية ... إلى التحكيم بموجب قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي ومحكمة لندن للتحكيم الدولي علي أن يقع مقر التحكيم في مركز دبي المالي العالمي -الإمارات العربية المتحدة، وتكون اللغة المستخدمة في إجراءات التحكيم هي اللغة الإنجليزية. ذلك أن الثابت أنه بتاريخ 29/2/2024 أبرمت اتفاقية تسوية بين المقترضة والطاعنين والبنك المطعون ضده وأخرى غير مختصمة في الدعوى جاء بها وتعديلاتها اللاحقة من أنه بناءً على اقتراض المقترضة مبالغ مالية بموجب اتفاقية شروط مشتركة بتاريخ 4/11/2019 بقيمة 115 مليون دولار أمريكي، وأنه بمناسبة مطالبة البنك المطعون ضده بالمبلغ المطالب به في الدعوى الراهنة فقد تم الاتفاق على التسوية وفقًا للشروط الواردة بها، ونُص في البند الثامن منها على خضوع الاتفاقية وتفسيرها لقوانين إمارة دبي، وفي البند التاسع منها على خضوع تسوية النزاعات الناشئة عن هذه الاتفاقية للاختصاص الحصري لمحاكم دبي، وفي البند 12 منها على أن يشكل موضوع هذه الاتفاقية مجمل الاتفاق بين الطرفين، وأنها تحل محل وتلغي أي تعهدات أو شروط سابقة من أي نوع سواء كانت مكتوبة أو شفهية تتعلق بموضوع هذه الاتفاقية، كما أنه تم التأكيد في ملاحق تعديل اتفاقية التسوية سالفة البيان المؤرخة في 12/8/2024 ، 7/11/2024 ، 29/11/2024 ، 26/12/2024 على الاختصاص الحصري لمحاكم دبي في نظر أي نزاع ينشأ أو يتعلق باتفاقية التسوية سالفة البيان كما أعطت الحق للمطعون ضده بإعادة جميع إجراءات التقاضي بشأن الدعوى الراهنة - 1217 لسنة 2023 تجاري مصارف دبي- حال فشل إعادة الهيكلة. ولما كانت اتفاقية التسوية تلك وتعديلاتها قد جاءت لاحقة على اتفاقية التسهيلات المبرمة في 4/11/2019 ، وقد اتفق فيها أطراف الخصومة في الدعوى الراهنة على الاختصاص الحصري لمحاكم دبي بنظر أي نزاع يتعلق بحق البنك في المطالبة للطاعنين بقيمة المديونية المستحقة له بموجب خطابي الضمان -موضوع الدعوي- واتفاقية التسوية ، بما مؤداه أن الاتفاقية اللاحقة قد نسخت بالنسبة للطاعنين اتفاقية التسهيلات السابقة المتضمنة الإحالة للتحكيم بموجب قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي ومحكمة لندن للتحكيم الدولي، ونصت على انعقاد الاختصاص لمحاكم دبي بنظر الدعوى وأحقية المطعون ضده علي مولاة السير في الدعوى الراهنة في خصوص التزام الطاعنين بحدود الكفالة والتضامن موضوعي الدعوي . وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، فإن النعي عليه يكون على غير أساس، وإذ كان هذا الحكم غير مُنهٍ للخصومة برمتها، فإنه يتعين القضاء بعدم جواز الطعن إعمالًا لحكم المادة 152 من قانون الإجراءات المدنية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن وألزمت الطاعنين بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق