بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 20-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 426 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ن. ع. ك.
مطعون ضده:
إ. ع. ف. ا. ا.
ش. ب. س. ل. ش. م. ح.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2282 استئناف تجاري بتاريخ 05-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر د/ سيف الحداد الحازمي وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 2622 لسنة 2024 تجاري بطلب الحكم بفسخ الاتفاق المؤرخ 27-1-2022 وإلزام المطعون ضده برد مبلغ 10,000,000 درهم وإلزامه بالفائدة الربحية بواقع 8% من تاريخ الإخلال بتنفيذ هذا العقد بتاريخ 27-2-2022 حتى السداد التام والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الامتناع عن رد المبلغ . على سند من أنه بموجب هذه الاتفاقية اتفقا على إدخال الطاعن في الشركة المطعون ضدها الثانية على أن يكون نصيبه 10% من حصصها مقابل مبلغ 10,000,000درهم. وأنه حوَّل هذا المبلغ إليه، إلا أن المطعون ضده الأول نكل عن تنفيذ التزامه وامتنع عن رد المبلغ، مما أضاع عليه فرصة استثماره. فأقام الدعوى . أدخل الطاعن المطعون ضدها الثانية للحكم عليها بالطلبات، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 19-11-2024 بإلزام المطعون ضده الأول أن يؤدي إلى الطاعن مبلغ 10,000,000درهم وفائدة قانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد . استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 2282 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 5-3-2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى . طعن الطاعن على هذا الحكم بالتمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة اشتملت على أسباب الطعن بطلب نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. قدم محامي المطعون ضده الأول مذكرة بالرد. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة للفصل فيه.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيانهما يقول إنه أقام قضاءه استناداً إلى أن المطعون ضده الأول وإن تأخر في تنفيذ التزامه إلا أنه توقي الحكم بالفسخ بتنفيذ التزاماته التعاقدية، رغم أن البند الخامس من الاتفاق سند الدعوى نص على أنه في حالة تعذر إدخال شركة الإحسان في الشركة المطعون ضدها الثانية واستحواذها على أسهمها خلال شهر من تاريخ تأسيس شركة الإحسان -وهي المدة المبينة في البند الرابع من العقد- يلتزم المطعون ضده الأول برد المبلغ محل المطالبة إلى الطاعن دون تحمله أي التزامات وتعتبر الاتفاقية لاغية، وهو شرط فاسخ صريح، وبتخلف المطعون ضدهما عن تنفيذ هذا الالتزام فإن الجزاء هو فسخ التعاقد ورد المبلغ المسدد من الطاعن دون الحاجة إلى حكم قضائي، وهو ما حكمت به محكمة أول درجة. وإذ خالف الحكم المطعون عليه هذا النظر واعتد بما قدمه المطعون ضده الأول من تعديل لشكل المطعون ضدها الثانية بعد أن خالف نصوص العقد وتأخر في تنفيذ التزامه مما أضر بالطاعن وأثر على مكاسبه وأرباحه خاصة وأنه تم إلغاء المطعون ضدها الثانية بعد توقيع العقد بين الطاعن والمطعون ضده الأول وفقاً للثابت من استعلامات محكمة أول درجة، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك بأن من المقرر أنه ولئن كان القانون لا يشترط ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح الذي يسلب محكمة الموضوع كل سلطة في تقدير أسباب فسخ العقد، إلا أنه يلزم أن يرد هذا الشرط بصيغة صريحة قاطعة الدلالة على وقوع فسخ العقد حتماً ومن تلقاء نفسه بمجرد حصول المخالفة الموجبة لـه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزام، كما وأن الفسخ لا يعتبر صريحاً في حكم المادة 271 من قانون المعاملات المدنية إلا إذا كان يفيد انفساخ العقد من تلقاء نفسه دون حاجة لحكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزام. ومن المقرر أيضاً أن مناط تحقق الشرط الصريح الفاسخ أو الحكم بالفسخ إعمالاً للشرط الضمني هو ثبوت إخلال المدين بالوفاء المرتب للفسخ، وأن الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني المقرر في القانون لجميع العقود الملزمة للجانبين -على ما تفيده المادة 272 من قانون المعاملات المدنية- يخول المدين دائماً أن يتوقى الفسخ بالوفاء بالدين إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى طالما لم يتبين أن هذا الوفاء المتأخر هو مما يضار به الدائن بما مؤداه أنه يشترط لإجابة طلب الفسخ في هذه الحالة أن يظل الطرف الآخر في العقد متخلفاً عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي بالفسخ كما وأن شرط الفسخ الضمني لا يستوجب الفسخ حتماً بمجرد حصول الإخلال بالالتزام، بل هو يخضع لتقدير القاضي الذي لـه إمهال المدين الذي يستطيع دائماً توقى الفسخ على النحو سالف بيانه- وتقدير القاضي في هذا الخصوص لا يخضع لرقابة محكمة التمييز، طالما أقام حكمه على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق- وأن الفسخ المبني على الشرط الفاسخ الضمني المقرر في القانون لجميع العقود الملزمة للجانبين يخول للمدين دائما أن يتوقى الفسخ بالوفاء بالدين إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى طالما لم يثبت الدائن أن هذا الوفاء المتأخر لا يتناسب مع استمرار العقد وفقاً لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود، ومؤدى ذلك أنه يشترط لإجابة طلب الفسخ في هذه الحالة أن يظل المدين في العقد متخلفاً عن الوفاء بالتزامه حتى صدور الحكم النهائي بالفسخ أو أن يثبت الدائن أنه أضير ضرراً لا يتناسب مع استمرار العقد بالرغم من تمام التنفيذ، وأن ذلك كله يعود لتقدير محكمة الموضوع متى أقامت حكمها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما خلص إليه من أن الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعن أبرم مع المطعون ضده الأول الاتفاقية المؤرخة 27-1-2022 بشأن بيع حصص الشركة المطعون ضدها الثانية والتي ورد بها صدور ترخيص من المنطقة الحرة بجبل علي أسس بموجبه المطعون ضده الأول مع آخرين هذه الشركة وُسجلت برقم 188752 سجل تجاري رقم 230153 ونشاطها تجارة مثلجات، يمتلك المطعون ضده الأول نسبة 75% من أسهمها، واتفق الطرفان على تنازل المطعون ضده الأول عن 10% من إجمالي هذه الأسهم إلى الطاعن نظير مبلغ 10.000,000 درهم تسلمه المطعون ضده الأول، وتلاقت إرادة الطرفين على نقل مليكة هذه الحصص إلى شركة الإحسان للاستثمار، وبما يجعل شركة الإحسان مالكة لنسبة 75% من إجمالي أسهم المطعون ضدها الثانية، وأن تصبح حصة الطاعن في شركة الإحسان للاستثمار 13% من جملة أسهمها، واتفق الطرفان على أن يقوم المطعون ضده الأول بتأسيس شركة تحمل الاسم التجاري "الإحسان للاستثمار" تكون ملكيتها للطرفين بنسبة 87% للمطعون ضده الأول و13% للطاعن من إجمالي أسهمها، وأن تستحوذ شركة الإحسان بعد تأسيسها على حصة الطرفين بالمطعون ضدها الثانية والبالغة 75% من أسهمها وتظل حصص بقية الشركاء فيها كما هي بنسبة 25%، وتعهد المطعون ضده الأول بتعديل رخصة المطعون ضدها الثانية بإدخال شركة الإحسان للاستثمار خلال شهر من تاريخ تأسيسها بحيث يكون الطاعن شريكاً بنسبة 10% في المطعون ضدها الثانية وذلك في كافة الفروع المملوكة لها في جميع أنحاء العالم حاضراً أو مستقبلاً، وفي حالة تعذر إدخال شركة الإحسان في المطعون ضدها الثانية واستحواذها على أسهمها في المدة المذكورة يلتزم المطعون ضده الأول برد المبلغ المسلم إليه والبالغ 10,000,000 درهم إلى الطاعن دون تحمل الأخير أي التزامات وتعتبر الاتفاقية لاغية. وأن الثابت من المستندات التي قدمها المطعون ضده الأول التزامه بما تم الاتفاق عليه بالعقد سند الدعوى بإتمام بيع حصص المطعون ضدها الثانية وكافة فروعها الحالية والمستقبلية إلى الطاعن بتاريخ 17-1-2025 وفقاً لسجل الشركاء الصادر عن المنطقة الحرة بجبل علي وبذلك يكون شريكاً بنسبة 10% في الشركة المطعون ضدها الثانية، وأن رخصتها لازالت سارية حتي 23-9-2025، وأن عملية البيع واستحواذ شركة الإحسان على حصة وقدرها 75% من المطعون ضدها الثانية وانتقال ملكية تلك الحصة لها تمت بشكل قانوني ورسمي موثق ووفقاً لما جاء بالاتفاقية، وذلك بلا خلاف بين الطرفين، وأقر الطاعن بمذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بتنفيذ المطعون ضده الأول لالتزاماته ولكنه تمسك بالتأخير في تنفيذ الالتزام، بما مُفاده أن المطعون ضده الأول وإن تأخر في تنفيذ التزامه إلا أنه توقي الحكم بالفسخ بتنفيذ التزاماته التعاقدية، وانتهى الحكم إلى رفض الدعوى، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصلٌ ثابتٌ في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ويشتمل على الرد الضمني لكل ما أثاره الطاعن، لا ينال من ذلك ما يعتصم به من أن البند الخامس من العقد سند الدعوى تضمن شرطاً فاسخاً صريحاً بالنص على أنه في حالة تعذر إدخال شركة الإحسان في المطعون ضدها الثانية واستحواذها على أسهمها في المدة المذكورة في العقد يلتزم المطعون ضده الأول برد المبلغ المسلم إليه والبالغ 10,000,000 درهم إلى الطاعن دون تحمل الأخير أي التزامات وتعتبر الاتفاقية لاغية، إذ لا يُعد هذا البند شرطاً صريحاً فاسخاً فلم يرد بصيغة صريحة قاطعة الدلالة على وقوع الفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه بمجرد حصول المخالفة الموجبة له دون حكم قضائي وإنما هو ترديد للقواعد العامة بشأن إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته في العقود الملزمة للجانبين. ولا يجدي الطاعن ما يثيره من أن ضرراً لحقه جراء التأخر في التنفيذ باعتبار أن الثابت أنه لم يطلب في دعواه التعويض واقتصر على طلب الفسخ ورد المبلغ الذي دفعه وفوائده فإن التنفيذ المتأخر للالتزام مما لا يضار به الطاعن، وهو وشأنه في طلب التعويض إن كان له مقتضى. فإن النعي على الحكم بسببي الطعن لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى، وهو مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز، ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وبإلزام الطاعن بالمصروفات وبمبلغ الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة للمطعون ضده الأول مع مصادرة مبلغ التامين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق