بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 30-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 422، 423 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ط. ا. ح. م.
مطعون ضده:
ش. ا. ا. ذ.
س. ا. ح. م.
ب. ا. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/136 استئناف تجاري بتاريخ 19-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر / عبدالسلام المزاحي ، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول في كلا الطعنين أقام على الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالث في الطعن الأول، الدعوى رقم 686 لسنة 2024 تجاري مصارف أمام محكمة دبي الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن والتضامم بأن يؤدوا إليه مبلغ 2,651,088.52 درهماً والفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، وقال بياناً لذلك: أنه بتاريخ 9-1-2012 تقدمت المطعون ضدها الأولى بطلب لفتح حساب لدى البنك موقع من الطاعن والمطعون ضده الثالث بصفتيهما المخولين بالتوقيع عنها، وبتاريخ 26-2-2020 أُبرمت اتفاقية تسهيلات بينها وبين البنك بكفالة شخصية غير معلقة على شرط من المذكورين، وأنه منحها تسهيلات ائتمانية ترصد عنها المبلغ محل المطالبة، إلا أنهم تخلفوا عن سداده، فأقام الدعوى، ندب القاضي المشرف خبيراً وبعد أن أودع تقريره، وجهت الشركة المطعون ضدها الثانية دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام البنك المطعون ضده الأول بأن يرد إليها شيك الضمان رقم 000394 المسحوب على بنك الفجيرة الوطني بمبلغ12,819,500 درهماً وعدد 48 شيك ضمان تسلمهم منها، وبتاريخ 31-12-2024 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالث أن يؤدوا إلى البنك المطعون ضده الأول مبلغ 2,471,810.21 درهماً والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، ورفضت الدعوى الفرعية، استأنفت الشركة المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 136 لسنة 2025 تجاري، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 137 لسنة 2025 تجاري، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الاستئناف الأول، قضت بتاريخ 19-3-2025 -في غرفة مشورة- بتأييد الحكم المستأنف، طعن المدعى عليه الثالث في هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم 422 لسنة 2025 بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 7 إبريل 2025 بطلب نقضه ، كما طعنت الشركة المدعى عليها الأول في هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم 423 لسنة 2025 بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 8 إبريل 2025 بطلب نقضه، وقدم محامي البنك المطعون ضده الأول في كلا الطعنين مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط ، وليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول في الطعن الأول وبالسبب الثاني في الطعن الثاني بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان: إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم قبول الدعوى المقامة من البنك المطعون ضده الأول في مواجهتهما لرفعها بالمخالفة لنص المادة 121 مكرراً المضافة بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 23 لسنة 2022 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون الاتحادي رقم 14 لسنة 2018 في شأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة، باعتباره جزاء قرره القانون عند عدم كفاية الضمانات وبحسبان أن البنك اكتفى بضمانات شخصية مقابل منح التسهيلات، مع أن القانون أوجب على المنشآت المالية الحصول على ضمانات وكفالات عينية، فضلاً عن أن التعميم التوضيحى رقم 3 لسنة 2023 الملحق بالتعميم رقم 9 لسنة 2022 الصادر بتاريخ 28-2-2023 من الأمانة العامة لمجلس القضاء قصر التنفيذ في حدود الضمان المقبول من المنشأة المالية بخصوص التسهيلات المالية الائتمانية، بما مقتضاه أن دعوى البنك غير مقبولة، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع استناداً إلى أن اتفاقية التسهيلات موضوع الدعوى أُبرمت بتاريخ 26-2-2020 قبل العمل بالمرسوم سالف البيان والمعمول به اعتباراً من 2-1-2023 دون أن يكون له أثر رجعي على الدعاوى التي رُفعت قبل صدوره ومن ثم لا يسري عليها، وهو ما يتناقض مع ما قُضي به الحكم الصادر من محكمة النقض بأبوظبى في الطعن بالنقض رقم 1286 لسنة 2024 تجاري عن واقعة مشابهة تماماً عن دعوى أُقيمت من البنك على الطاعنين وقٌضي بعدم قبولها لسريان القانون المذكور بأثر رجعي على كافة المعاملات السابقة واللاحقة على صدوره على السواء، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن الأصل في أحكام القوانين أنها لا تسري إلا على ما يقع من تصرفات أو عقود بعد نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع منها قبل إنفاذها إعمالا لقاعدة عدم رجعية القوانين، إلا إذا وجد نص في القانون بتقرير الأثر الرجعي أو كانت أحكامه متعلقة بالنظام العام، وفي هاتين الحالتين فإن القانون يسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه الوقائع والتصرفات والعقود طالما بقيت سارية عند العمل به حتى وإن كانت قد أُبرمت قبل العمل بأحكامه. وأنه وفق ما تقضي به المادة 104 من الدستور المؤقت لدولة الإمارات العربية المتحدة أن لكل إمارة قضاءٌ مستقل عن الإمارة الأخرى فيما عدا المسائل القضائية التي يُعهد بها إلى القضاء الاتحادي، وأن القضاء في إمارة دبي يشكل جهة قضائية مستقلة عن القضاء الاتحادي، وعن القضاء المحلي الخاص بكل إمارة على حدة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعنين بعدم قبول الدعوي لمخالفة البنك للمرسوم بقانون اتحادي رقم 23 لسنة 2022 في شأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنظمة المالية على ما خلص إليه من أن الثابت أن اتفاقية التسهيلات موضوع الدعوى أُبرمت بتاريخ 26-2-2020 قبل العمل بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 23 لسنة 2022 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون الاتحادي رقم 14 لسنة 2018 في شأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية والمعمول به اعتباراً من 2-1-2023، فلا أثر لما استحدثه من شروط وقواعد لم تكن مقررة من قبل على الدعاوى التي رُفعت قبل صدوره، أو العلاقات التي نشأت ونفذت قبل إعمال أحكامه، فضلاً عن أن أحكام المرسوم المشار إليه تتعلق بالتسهيلات المقدمة للعملاء من الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات الفردية الخاصة، والثابت أن المطعون ضدها الثانية (في الطعن الأول) -المقترضة- شركة ذات مسئولية محدودة لها ذمة مالية وشخصية اعتبارية أي أنها شخص اعتباري ولا تخضع للقيود المنصوص عليها فيه، كما أن البنك تحصل بالفعل علي ضمانات عبارة عن تنازل ثانوي عن أرصدة حسابات جارية لكل من الطاعن والمطعون ضده الثالث، ورهن منقولات مسجل على آلات ومعدات، وتنازُل عن بوليصة التأمين التي تغطي هذه الآلات وتلك المعدات، وتنازُل عن بوليصة التأمين على المخزن، وضمان شخصي من الطاعن والمطعون ضده الثالث، وشيكات ضمان بإجمالي مبلغ التسهيلات والأقساط، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه سائغاً وصحيحاً وله أصلٌ ثابتٌ بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، ولا ينال من ذلك ما أقرته محكمة النقض بإمارة أبوظبي في الطعن المشار إليه بوجه النعي يخالف هذا النظر، باعتبار أن القضاء بإمارة دبي يشكل جهة قضائية مستقلة عن جهة القضاء الاتحادي وعن جهة القضاء في إمارة أبوظبي، ولا قيد عليه في الأخذ بأحكامهما، كما لا يجدي الطاعنين تمسكهما بما جاء بالتعميم الصادر عن مجلس القضاء بدائرة القضاء بإمارة أبوظبي، ذلك أن ما جاء به إنما يقتصر تطبيقه على المعنيين به داخل إمارة أبوظبي، بما يضحى معه النعي برمته قائماً على غير أساس .
وحيث إن الطاعن في الطعن الأول رقم 422 لسنة 2025 تجاري ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بالتضامن مع المطعون ضدهما الثاني والثالث بالمبالغ المقضي بها للبنك المطعون ضده الأول، رغم انتفاء صفته في الدعوى، لكون التسهيلات الائتمانية محل التداعي تم منحها للشركة المطعون ضدها الثانية وهي شركة ذات مسؤولية محدودة لها شخصية اعتبارية منفصلة عن الشركاء فيها، بما لا يجوز معه مطالبته كشريك عن ديونها إلا في حدود حصته في رأسمال مالها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بإنه ولئن كان من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة لا يسأل عن ديونها إلا في حدود حصته في رأسمالها دون أمواله الخاصة، فليس للدائنين من ضمان إلا ذمة الشركة نفسها دون ذمم الشركاء الشخصية، وأنه متى قدم الشريك حصته فإنه يكون بمأمن من المطالبة بالتزامات الشركة ولا يجوز مساءلته عنها إذ هو لا يلتزم بأكثر من حصته فمسئوليته محدودة في مقدارها فقط ولا يجوز لدائني الشركة أن يوجهوا مطالبتهم للشركاء وأن يرجعوا عليهم بما هو مستحق لهم في ذمة الشركة، إلا أن هذا الشريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة يُسأل عن التزاماتها في أمواله الخاصة، إذا كفل للدائن تنفيذ هذه الالتزامات، كما أنه من المقرر ? أيضاً ? أن الكفالة هي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المدين في تنفيذ التزامه، ويكفي في انعقادها وتنفيذها إيجاب الكفيل ما لم يردها المكفول له، وللدائن مطالبة المدين أو الكفيل بالدين المكفول أو مطالبتهما معًا، وأن استخلاص الكفالة وتحديد نطاقها والدين الذي تكلفه وتفسيرها هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ولم يخرج في تفسيره للكفالة عن المعنى الذي تحتمله عباراتها في مجملها وما قصد طرفاها منها مستهدياً بظروف تحريرها؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بإلزام الطاعن بالتضامن مع الشركة المطعون ضدها الثانية والمطعون ضده الثالث بالمبلغ المقضي به، ورفض الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعن، تأسيسًا على ما استخلصه الحكم من أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب المقدم فيها من أن الثابت أن الطاعن وقع على عقد كفالة مؤرخ 1-3-2022 كفل فيه التزامات المطعون ضدها الثانية على نحو غير قابل للإلغاء وغير مشروط بسداد كافة الأموال إلى البنك المطعون ضده الأول عند الطلب والوفاء بجميع الالتزامات والمديونيات سواء كانت فعلية أو عرضية، حالياً أو في أي وقت فيما بعد، المستحقة أو المتكبدة إلى البنك على المقترض بأي عملة كانت على أي حساب مصرفي أو أي حساب آخر أو بأي طريقة كانت سواء بمفردها أو بشكل مشترك وبأي اسم أو شكل وسواء كأصيل أو كفيل بما في ذلك جميع الالتزامات المدرجة في خطاب التسهيلات، وأي تجديدات لاحقة أو إعادة جدولة للمبالغ مستحقة الدفع بموجب هذه الاتفاقية، بالإضافة إلى الفوائد حتى تاريخ السداد وفقاً لمعدلات وشروط استحقاق سدادها من وقت لآخر من قبل المقترض، بالإضافة إلى العمولة والرسوم والتكاليف الأخرى والمصاريف والنفقات القانونية التي يتكبدها البنك فيما يتعلق بالمقترض أو بهذا الضمان على أساس التعويض الكامل، وأن كل كشف حساب للمقترض موقع على صحته من قبل مسؤول مفوض لدى البنك يعتبر دليلاً قاطعاً قِبل الكفيل بشأن مديونية المقترض لدى البنك، ويعتبر هذا الضمان ضماناً مستمراً، فيما يتعلق بجميع التزامات المقترض تجاه البنك، ويبقى ساريا ًحتى يحين الوقت الذي يتم فيه السداد والوفاء بكامل الدفعات بموجب التسهيلات الائتمانية والمصرفية وأي تعديلات عليها، ويستمر هذا الضمان ساري المفعول بكامل آثاره ولن يتأثر أو يتم المساس به أو يتم إنهاؤه بسبب وفاة أو إفلاس أو إعسار، أو تصفية المقترض، وأن هذه النصوص واضحة في أن نية المتعاقدين اتجهت إلى التزام الطاعن ككفيل بسداد المديونية وهو التزام مطلق وغير محدد بمدة بموجب كفالة نافذة ومستمرة وغير قابل للإلغاء إلى حين السداد، ورتب الحكم على ذلك توافر الصفة في حق الطاعن، وإذ كانت تلك الأسباب سائغة ومستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضائه وليس فيها خروج عن المعنى الذي تحتمله عبارات عقد الكفالة وما قصده طرفا كلًا منها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز .
وحيث إن الشركة الطاعنة في الطعن الثاني رقم 423 لسنة 2025 تجاري تنعى بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول: إنها أقامت دعواها الفرعية بطلب رد شيك الضمان رقم 000394 بمبلغ 12,819,500درهم والمسحوب على البنك المطعون ضده الأول والموضح به ما يفيد استلام هذا البنك له، وعدد 48 شيك مسحوبة من المقترض وتغطي أقساط القرض، بعد لجوء البنك إلى القضاء للحصول على سند تنفيذى بالمبالغ التى يدعيها، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الطلب استناداً إلى أن الحكم المستأنف الصادر بالإلزام بالمديونية لم يصبح نهائياً، وأنه سيصير كذلك بصدور الحكم فى الاستئناف وثبوت الدين، وبعد ذلك يصبح سنداً تنفيذياً، وأن بقاء الشيكات بحوزة البنك ليس قضاء بالدين مرتين، إذ بمجرد أن يصبح الدين واجب السداد وحصول السداد الفعلي من الطاعنة يحق لها استرداد الشيكات، رغم أحقيتها في استرداد هذه الشيكات أخذاً بما أثبتته الخبرة من وجودها لدى البنك وأن عدم تقديمه لها لا يعني عدم وجودها بعد ثبوت استلامه لها، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بإنه وفق ما تقضي به المادة 247 من قانون المعاملات المدنية -أنه في العقود الملزمة للجانبين يكون تنفيذ الالتزامات المتقابلة مرتبطاً على وجه التبادل فيجوز لأي من المتعاقدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه المقابل والمرتبط به في الموعد المتفق عليه، ووفقاً لنص المادة 414 من قانون المعاملات المدنية أنه "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطا به"، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تقتنع به منها وإطراح ما عداها طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض طلب الطاعنة رد الشيكات على ما خلص إليه من أن الثابت وبما لا خلاف عليه بين الطرفين أن الشيكات المطالب باستردادها هي شيكات ضمان لسداد قيمة القرض وأقساطه، فإنها تفقد طبيعتها وتصبح بمثابة كفالة تدور وجوداً وعدماً مع الدين المكفول وتخضع عندئذ لأحكام الكفالة، وقد توقفت الطاعنة عن سداد الأقساط المستحقة عليها والمحرر عنها تلك الشيكات، ولم يثبُت أن البنك قد طالب بقيمتها أو قدمها للمطالبة في أي نزاع قضائي، كما لم يثبُت أنه قام بصرفها خاصة وأنها مسحوبة عليه ولصالحه كمستفيد، ولم توف الطاعنة بالمترصد في ذمتها حتي الآن حتي يتحقق زوال السبب الذي حررت الشيكات من أجله، مما حدى بالبنك إلى المطالبة بهذه المستحقات في هذا الدعوى والتي مازالت محل منازعة من الطاعنة، فإن المطالبة باسترداد تلك الشيكات قد جاءت قبل الأوان، خاصة وأن الحكم بالإلزام بالمديونية لن يصبح نهائياً إلا بصدور الحكم بثبوت الدين واعتباره سنداً تنفيذياً وتقديمه للتنفيذ والسداد الفعلي، وإذ كان ذلك من محكمة الموضوع سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائها ولا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد المسقط لكل حُجج ودفاع الطاعنة، لا ينال من ذلك ما أثارته بوجه النعي من ثبوت حقها في الاسترداد باعتبار أن الثابت بعقد الكفالة المؤرخ 1-3-2020 حق البنك في الامتناع عن رد أي من الضمانات المقدمة للحصول على التسهيلات موضوع الدعوى إلا بتمام الوفاء بالمديونية، فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة التمييز، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس .
وحيث إن الشركة الطاعنة في الطعن الثاني رقم 423 لسنة 2025 تجاري تنعى بالسبب الثالث والوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول: إنها اعترضت على تقرير الخبرة وطلبت إعادة الدعوى إليها لما شاب تقريرها من خطأ حسابي وعدم إيراد بيانات الشيكات المسلمة إلى البنك وبيان مدى أحقيتها في استردادها، ولم تحتسب الخبرة الفائدة البسيطة، بل احتسبت فوائد مركبة ومصاريف إدارية وغرامات تأخير غير مستحقة، وأثبتت سداد الطاعنة لمبلغ 344,671.53 درهماً إلا أنها لم تحوله لسداد أصل المديونية وحولته لسداد الفوائد، ولم تنتقل لتطلع أو تلزم البنك بتقديم المستندات والضمانات وعلى الأخص كشف بالشيكات المسلمة إليه وبيان ما تم صرفه منها تنفيذاً للمأمورية التي كُلفت بها، ولم تطبق الخبرة القواعد المحاسبية المصرفية منذ بداية الاتفاقية في 9-1-2012 على كافة التعاملات بين الطرفين منذ بدء العلاقة باستبعاد الفوائد المركبة وإعادة احتسابها وفق نظام الفوائد البسيطة وتصفية الحسابات بين الطرفين على هذا الأساس. ولم تخصم مبالغ كانت مستحقة للطاعنة لدى الغير حوُّلت عن طريق القضاء إلى المطعون ضده الأول. كما لم تبحث الأضرار التي تسبب فيها المطعون ضده الأول بسبب مخالفته لشروط العقد ودمج الاعتمادات المستندية مع الحساب الجاري بالمخالفة للعقد، وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى هذا التقرير رغم الاعتراضات المار بيانها فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك بإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد التسهيلات المصرفية هو اتفاق بين البنك وعمليه يتعهد فيه البنك بأن يضع تحت تصرف عمليه مبلغاً من المال موضوع التسهيلات خلال مدة معينة مقابل إلزام العميل بأداء الفائدة والعمولة المتفق عليها، وإذا اقترنت هذه التسهيلات بحسابٍ جارٍ لدى البنك فإن الحقوق والالتزامات الناشئة عنها تتحول إلى قيود في الحساب تتقاص فيما بينها بحيث يكون الرصيد النهائي عند غلق الحساب ديناً على العميل مستحق الأداء للبنك، فالتسهيلات المصرفية التي يمنحها البنك للعميل صاحب الحساب الجاري وقبول الأخير هذه التسهيلات باستخدامه لها وسحب مبالغ منها يترتب عليه التزامه بما قد يسفر عنه الحساب من مديونيه للبنك، وأن الفائدة الاتفاقية التي تجري على الحساب قبل قفله بالنسبة المتفق عليها، هي خلاف الفائدة التي تُحسب على رصيد الدين بعد قفل الحساب، وهي خلاف الفائدة التأخيرية المستحقة على مبلغ الدين التي يطالب بها الدائن من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد. ومن المقرر كذلك استناداً إلى العرف المصرفي في شأن الفوائد في الحسابات الجارية، أن زوال صفة الحساب الجاري تكون بإقفاله اتفاقاً أو بفعل أحد طرفيه أو بقفله نتيجة توقف حركه الحساب سحباً وإيداعاً، ويترتب على ذلك صيرورة الرصيد المدين في الحساب ديناً عادياً تسري بشأنه الفائدة البسيطة ابتداءً من تاريخ الإقفال إلى تاريخ رفع الدعوى وتضاف إلى أصل الرصيد المدين في الحساب ومن المقرر كذلك أن العرف المصرفي جرى على أن يتقاضى المصرف فائدة على مقدار الرصيد المكشوف وتُحسب هذه الفائدة مركبة بسعرها المتفق عليه أو بسعر السوق إذا لم يُتفق على تحديد سعرها وذلك في الفترة السابقة عن تاريخ قفل الحساب ما لم يتفق على احتسابها بسيطة، ويترتب على زوال صفة الحساب الجاري بإقفاله صيرورة الرصيد المدين فيه ديناً عادياً تسري بشأنه الفائدة البسيطة التي جرى العرف القضائي على احتسابها بنسبة 5% سنوياً ابتداءً من تاريخ إقفال الحساب إلى تاريخ رفع الدعوى، وهذه الفائدة بخلاف الفائدة التأخيرية التي تُستحق من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، والمقرر أيضاً أن حظر تقاضي الفوائد مقصور على كل شخص طبيعي مع شخص طبيعي آخر يتعامل بربا النسيئة في أي نوع من أنواع المعاملات المدنية والتجارية، مما مؤداه أن هذا الحظر مقصور على الأشخاص الطبيعيين فيما بينهم ولا يمتد إلى التعامل فيما بين الأشخاص الاعتبارية بعضها البعض ولا التعامل فيما بينها وبين الأشخاص الطبيعيين، مما يدل على أنه يجوز اتفاق هؤلاء الأشخاص الاعتبارية مع غيرها اعتبارية أو طبيعية على تقاضي الفوائد الاتفاقية، والتي تعتبر بمثابة تعويض عن تأخر المدين في تنفيذ التزامه، كما أنه يجوز في المسائل التجارية تقاضي فوائد على متجمد الفوائد وأن تتجاوز الفائدة رأس المال، ومن المقرر أيضا أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة عليها بما في ذلك تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والأخذ به متى اطمأنت إليه وإلى الأسباب التي أُقيم عليها وأنها متى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد على الاعتراضات التي يوجهها الخصوم إليه متى كان التقرير قد تولى الرد عليها ومتى وجدت المحكمة في تقريره وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها في الدعوى ؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بإلزام الشركة الطاعنة بالتضامن مع المطعون ضدهما الثاني والثالث بأن يؤديا للبنك المطعون ضده مبلغ ( 2,471,810.21 ) درهم قيمة المبالغ المترصدة في ذمتهم الناشئة عن عقود التسهيلات الإئتمانية الممنوحة من البنك، على ما ثبت لديه من أوراق الدعوى ومستنداتها تقرير الخبير المنتدب فيها والذي خلص إلى أن العلاقة بين طرفي الدعوى تمثلت في حصول الطاعنة على تسهيل -قرض- من البنك المطعون ضده الأول بكفالة المطعون ضدهما الثاني والثالث حيث وافق البنك على منحها القرض بتاريخ في 20-6-2022 بمبلغ 2,600,000 درهم، وأنها تخلفت عن سداد الأرصدة المدينة المستحقة عليه، وأن تاريخ آخر حركة سداد -إغلاق الحساب- في 24-6-2024، وبلغ إجمالي المبالغ المسددة 129,029.79 درهماً والمترصد في ذمتها مبلغ 2,471,810.21 درهماً، وتم احتساب الفوائد وفقاً لكشف الحساب وجدول الأقساط المقدم من البنك، وأنه تم احتساب الفائدة الاتفاقية حتى تاريخ إقفال الحساب بتوقف المدفوعات في 24-6-2024، ولم تقدم الطاعنة دليل علي سدادها أي مبالغ تزيد عما توصل إليه الخبير، وانتهى الحكم إلى إلزامها كمدينة والمطعون ضدهما الثاني والثالث باعتبارهما كفيلين لها بالمبلغ المقضي به وبفائدة قانونية عنه بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية، وكان ما خلص الحكم سائغاً ومستمداً مما له أصلٌ ثابتٌ بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعنة، لا ينال من ذلك ما أثارته في نعيها من احتساب فوائد مركبة، باعتبار أن ذلك جائز في المواد التجارية ومنها أعمال البنوك التي تُعد أعمالاً تجارية ولو تمت لصالح شخص غير تاجر، فإن النعي على الحكم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره لا يجوز التحدي به أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس .
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة في الطعنين رقمي 422، 423 لسنة 2025 تجاري دبي برفضهما وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بمصادرة التأمين في كليهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق