بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 14-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 421 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ز. ا. ب. ل. ا. ا. ل. ش.
مطعون ضده:
ب. ا. ش. .. . ف. د.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/240 استئناف تجاري بتاريخ 19-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع علي الأوراق و سماع تقرير التلخيص الذي اعده القاضي المقرر / محمد المرسى و بعد المداوله
وحيث ان الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث ان الوقائع علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في ان الشركة الطاعنة أقامت على البنك المطعون ضده الدعوى رقم 5279 لسنة 2023 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم -حسب الطلبات الختامية- بإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ 55/ 1,849,539 درهماً، والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام، مع إلزامه بتسليم المولد الكهربائي المملوك لشركة كريتف لاند والذي تم الحجز عليه بناء على طلبه إضراراً بها . وقالت بياناً لذلك، إنه بموجب عقد إدارة عقار مؤرخ 1-2-2021 أسند البنك إليها إدارة مخيمين عمال، وقد ترصد لصالحها في ذمته مبالغ مالية نظير تلك الإدارة، وأنها سبق وأن أقامت ضده دعوى برقم 563 لسنة 2021 تجاري جزئي مصارف للمطالبة بتلك المبالغ وقضي لها فيها بحكم صار باتاً بإلزامه بمبلغ 32/ 1.821.332 درهماً استناداً إلى تقرير الخبرة المودع في تلك الدعوى والذي احتسب هذا المبلغ نظير الإدارة حتى تاريخ قيد تلك الدعوى فقط، وإذ استمرت في إدارة المخيمين أثناء نظر تلك الدعوى الأخيرة وظلت تتولى الصرف عليهما حتى إخلائهما في شهر مايو 2022 بموجب الحكم الصادر في الدعوى 14466 لسنة 2021 إيجارات دبي الصادر ضد الشركة المستأجرة، وقد ترصد في ذمة البنك مبالغ جديدة نظير استمرار الإدارة، ولم تكن ضمن ما قُضي به في الدعوى السابقة، كما احتجز البنك دون وجه حق مولد كهربائي كانت قد استأجرته بناء على طلبه لإنارة المخيمين ورفض تسليمه إليها أو إلى الشركة مؤجرة المولد، فكانت الدعوى الماثلة . ندب القاضي المشرف خبيراً محاسبياً في الدعوى وبعد أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي، حكمت المحكمة بتاريخ 31-12-2024 برفض الدعوى . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 240 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 19-3-2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الشركة المدعية في هذا الحكم بالتمييز بصحيفة اودعت الكترونياً بتاريخ 8/4/2025 بطلب نقضة وقدم البنك المطعون ضده مذكرة شارحة بالرد التمس في ختامها الحكم برفض الطعن الذي عرض علي هذه المحكمة في غرفة مشوره فحددت جلسة لنظره.
وحيث ان حاصل ما تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن التكييف القانوني الصحيح للعقد موضوع الدعوى هو أنه عقد فضالة في شق منه، وعقد وكالة في الشق الآخر، إذ إن البنك المطعون ضده لم يثبت أنه تسلم المخيمين محل العقد منها، ولم يتخذ أي إجراء قانوني لتسلمهما بل أخطرها فقط بإنهاء العقد في 10-8-2021 دون طلب التسليم وأنها لم تستطع التخلي عن التزاماتها العقدية في الإدارة حتى أثناء وجود منازعة قضائية بينهما بموجب الدعوى رقم 563 لسنة 2022 تجاري مصارف جزئي وذلك من مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود، وأنها استمرت في الإدارة والإنفاق على المخيمين ظناً منها أن الإنفاق واجب عليها، وأنها تمسكت في دفاعها بأن المطعون ضده لم يسدد ما ترتب لها في ذمته من مبالغ مالية في تلك الدعوى الأخيرة بما يحق لها أن تمتنع عن تسليمه المخيمين وحبسهما تحت يدها والاستمرار في أعمال الإدارة لحين تسلمهما وحتى سداده ما عليه من ديون حالة الأداء نشأت بسبب إنفاقها مصروفات على المخيمين لصالحه، وثبتت بموجب الحكم الصادر في تلك الدعوى سالفة البيان، كما أن الثابت من تقرير الخبرة في تلك الدعوى الأخيرة ومحضر إخلاء المخيمين وبإقرار المطعون ضده ذاته استمرار الطاعنة في الإدارة حتى تاريخ 22-5-2022، وأنها قدمت لمحكمة الموضوع فواتير عن الفترة من نوفمبر 2021 وحتى مايو 2022 تثبت إنفاقها على إنارة المخيمين وسداد فواتير الماء والصرف الصحي والتخلص من المخلفات والوفاء نيابة عنه بمبالغ مالية لجهات حكومية لاستمرار عمل المخيمين وحفظ نظافتهما واستمرار الانتفاع بهما والحيلولة دون تخريبهما وكل ذلك يعد من أعمال الفضالة الضرورية لصالح المطعون ضده ويحق لها استردادها ولو لم يتم تحقيق ربح له، كما أن الثابت من الحكم الصادر في الدعوى السابقة أن المطعون ضده هو من أخل بتنفيذ التزاماته العقدية المفروضة عليه بموجب بنود عقد الإدارة موضوع الدعوى رغم التزام الطاعنة بتنفيذ كامل التزاماتها العقدية ولا يحق للمطعون ضده إنهاء العقد بالإرادة المنفردة بإخطار الطاعنة بإنهاء العقد بموجب الإخطار المؤرخ 10-8-2021 وأنها ردت على هذا الإخطار بضرورة سداد ما ترتب بذمته من مبالغ مالية حتي تقوم بتسليمه المخيمين محل عقد الإدارة، وبالتالي يكون إنفاقها على المخيمين من بعد الإنهاء على سبيل الفضالة، كما أنها تمسكت بأنها قيدت الدعوي 563 لسنة 2021 قبل انتهاء مدة ال 60 يوماً المنصوص عليها في حال رغب أحد طرفي العقد في إنهائه لأي سبب قبل نهاية مدته وبالتالي فإن استمرارها في أعمال الإدارة يكون له سنده من الواقع والقانون، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن كل هذا الدفاع وعن دلالة المستندات المؤيدة له، وكيف الدعوى خطأ على أنها علاقة تجارية تقوم على عقد الإدارة المبرم بين الطرفين، ورفض دعواها بما لا يصلح رداً عليها، فانه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والمشارطات وسائر المحررات، واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح في الدعوى، ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسير العقود عما تحتمله عباراتها أو تجاوز المعنى الواضح، وأن المسئولية -سواء كانت عقدية أو تقصيرية- لا تقوم إلا بتوافر أركانها من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث إذا انقضى ركن منها انقضت المسئولية بكاملها فلا يُقضى بالتعويض، ومن يدعي أن ضرراً لحقه من جراء خطأ الغير يقع عليه عبء إثبات هذا الخطأ اللازم لقيام المسئولية، وما لحقه من جرائه من ضرر، وأن استخلاص ثبوت أو نفي الضرر مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مما له أصل ثابت في الأوراق . وأن استخلاص مدى مديونية كل طرف من طرفي الدعوى للآخر من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة التمييز، طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمل، وأن مُفاد نص المادتين 113، 117 من قانون المعاملات المدنية، والمادة الأولى من قانون الإثبات أن يتناوب الخصمان عبء الإثبات في الدعوى تبعاً لما يدعيه كل منهما فعلى من يدعي حقاً على آخر أن يقيم الدليل على ما يدعيه بخلاف الأصل وهو براءة الذمة بينما انشغالها عارض، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها تقارير الخبرة والقرائن والمستندات المقدمة في الدعوى والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها واستخلاص الواقع الصحيح الثابت منها وما تراه متفقا مع الواقع فيها، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله، وهي غير مُلزمه بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات غير مؤثرة في الدعوى، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها، ولا بأن تتتبعهم في شتى مناحي دفاعهم وأقوالهم وحججهم وترد استقلالا على كل منها ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لما عداها . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة إلزام المطعون ضده بالمبلغ المطالب به من قبلها نظير إدارتها للمخيمين محل النزاع عن الفترة من نوفمبر 2021 وحتى مايو 2022، تأسيساً على ما استخلصه من عقد الإدارة المبرم بين الطرفين ومن تقرير الخبرة المنتدبة في الدعوى ومن سائر الأوراق من أن العلاقة التي تربط بين الطرفين هي علاقة تعاقدية بموجب الاتفاقية المؤرخة 1-2-2021 والتي أسند البنك المطعون ضده بموجبها إلى الطاعنة إدارة مخيمين العمال المبينين وصفاً بالأوراق، وأنه نُص فيها على أنها سارية اعتباراً من 1-2-2021 ولمدة عام وتجدد تلقائيا في تاريخ انتهاء الصلاحية ما لم يتفق الطرفان بشكل متبادل على انهائها قبل انتهاء صلاحيتها، وأن الاتفاقية منحت الحق لكل من الطرفين في إنهاء العقد لأي سبب مهما كان قبل تاريخ انتهاء صلاحيتها بموجب إشعار إنهاء كتابي قبل شهرين (60 يوما)، وأن البنك المطعون ضده أخطر الطاعنة بالفعل بإنهاء الاتفاقية بموجب الإخطار المؤرخ 10-8-2021 المعلن لها في ذات التاريخ، وبالتالي فقد تم انهاء الاتفاقية وتُصبح يد الطاعنة بعد هذا الإنهاء مغلولة عن إدارة المخيمين ولا سند لها في الاستمرار بالإدارة من تاريخ الإنهاء النافذ اعتباراً من 10-10-2021، وأنه وبفرض استمرارها فلم تثبت أن إدارتها عادت بأي منفعة على البنك المطعون ضده، وخلت الأوراق من تحقق أي أرباح عن الإدارة لصالح البنك من تاريخ الإلغاء، وأن الفواتير محل المطالبة والمبلغ الخاص بإيجار مولد الكهرباء عن الفترة من 6-6-2022 حتى 5-9-2023 جميعها مستحقة عن فترة لاحقة على تاريخ نفاذ إلغاء الاتفاقية، وأن المولد الكهربائي التي تطالب بتسليمه فإنه محجوز عليه تنفيذياً لصالح البنك استيفاءً لحقوقه في مواجهة الشاغلة الفعلية والمستأجرة للمخيمين، وأنه ليس للطاعنة صفة في المطالبة بتسليمه، وهو من الحكم تسبيب سائغ له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لكل حُجة مخالفة، فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتفسير العقود وتقدير الأدلة والمستندات، وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. ولا ينال من ذلك تحدي الطاعنة بأنها عندما أنفقت مصاريف الإدارة المطالب بها منها كانت فضولية، إذ لا قيام لأحكام الفضالة حيث يقوم بين طرفي الخصومة رابطة عقدية بل يكون العقد وحده هو مناط تحديد حقوق كل منهما والتزاماته قبل الآخر خاصةً وأن الطاعنة أصبحت منهية عن أعمال الإدارة بموجب إخطار المطعون ضده لها بذلك بموجب إنذار الفسخ سالف البيان، كما لا يجديها التحدي بأحقيتها في حبس المخيمين محل النزاع نفاذاً لمديونية لها قبل البنك المطعون ضده، إذ إنه وبفرض أن لها حقاً في حبس حيازة المخيمين، فلا يمنحها ذلك حقاً في إدارتهما دون إرادة البنك المطعون ضده ثم مطالبته بمصاريف الإدارة وعن فترة لاحقة على انتهاء العقد، فلا يعد التفات الحكم عن الرد على ادعائها بحق الحبس قصوراً مبطلاً للحكم باعتباره دفاعاً ظاهر الفساد ويكون الطعن برمته على غير أساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن والزام الطاعنة المصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق