بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 09-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 419، 451 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ا. ش. ..
مطعون ضده:
ا. ب. ل. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/484 استئناف تجاري بتاريخ 13-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر / طارق عبد العظيم ? وبعد المداولة.
حيث ان الطعنين قد استوفيا اوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الاندلس باور للأعمال الكهروميكانيكية (ش.ذ.م.م)أقامت على الشعفار الهندسية (ش. ذ.م.م ) الدعوى رقم 2671 لسنة 2023 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم - وفق طلباتها الختامية- بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 10/ 23,405,300 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد ، وقالت بياناً لذلك إنه بموجب عقد مقاولة من الباطن مؤرخ 29-12-2020 أسندت إليها المدعي عليها - بصفتها المقاول الرئيسي- تنفيذ أعمال التوريد والتركيب والتشغيل للأعمال الميكانيكية والكهربائية وأعمال السباكة، وفقاً للمخططات المعتمدة في المشروع الذي تتولى تنفيذه - مشروع إنشاء مركز إدارة المباني لمياه ديوا والتقسيم المدني المرحلة الأولى- مقابل مبلغ إجمالي 31,826,380 درهماً، وقد طرأ تعديل على قيمة العقد لاحقاً بناءً على طلب المدعي عليها بإضافة أعمال أخرى، وقد نفذت ما يزيد على 86% من قيمة الأعمال الأصلية والإضافية والتغييرية، وفقاً للمواصفات وشروط العقد، إلا أن الأخيرة أصدرت خطاب مؤرخ 12-7-2022، بإنهاء الأعمال وفسخ العقد دون مبرر قانوني، وامتنعت عن سداد باقي مستحقاتها رغم التزامها بتنفيذ الأعمال وفقاً للجدول الزمني المتفق عليه، مما ألحق بها أضراراً نتيجة تعسف المدعي عليها يستوجب التعويض، ولذا فقد اقامت الدعوى ، وجهت ( المدعي عليها ) دعوى فرعية بطلب الحكم برفض الدعوى الأصلية وبإلزام ( المدعية اصليا ) بأن تؤدي إليها مبلغ 25,289,476 درهماً والفائدة القانونية بواقع 12% بالإضافة إلى 5% تمثل قيمة الضريبة المضافة، على سند من إخلالها بتنفيذ بنود عقد المقاولة من الباطن محل الدعوى وعدم التزامها بالجدول الزمني ونسب الإنجاز المتفق عليها مما أصابها بأضرار، ندبت المحكمة خبيراً هندسياً وبعد أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي حكمت برفض الدعوي الفرعية و في الدعوى الأصلية بإلزام المدعي عليها بأن تؤدي للمدعية مبلغ 85/ 11,953,776 درهماً، والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، ومبلغ 1,200,000 درهم على سبيل التعويض ، استأنفت ( المدعي عليها ) هذا الحكم بالاستئناف رقم 484 لسنة 2024 تجاري، ندبت المحكمة لجنة ثلاثية ثم خبيراً في الهندسة الكهربائية، وبعد أن أودعت الخبرة تقاريرها قضت المحكمة بتاريخ 13-3-2025 بتعديل الحكم المستأنف بشأن المبلغ المقضي به في الدعوى الأصلية بجعله مبلغ 42/ 4,315,078 درهماً والتأييد فيما عدا ذلك ، طعنت (المدعي عليها ) في هذا القضاء بطريق التمييز بالطعن رقم 419 لسنة 2025 تجاري، بموجب صحيفه اودعت الكترونيا مكتب إدارة الدعوي لهذه المحكمة بتاريخ 7-4- 2025بطلب نقضه ولم تستعمل المطعون ضدها حق الرد ، كما طعنت فيه ( المدعية ) بذات الطريق بالطعن رقم 451 لسنة 2025 تجاري - بموجب صحيفه اودعت الكترونيا مكتب إدارة الدعوي لهذه المحكمة بتاريخ 12-3- 2025بطلب نقضه ولم تستعمل المطعون ضدها حق الرد ، ، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشوره حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت بضم الطعنين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد .
أولا ?الطعن رقم 419 لسنة 2025 تجاري -
وحيث ان الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب و الفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ، وفي بيان ذلك تقول إنها قدمت مذكرة بدفاعها أمام محكمة الاستئناف اعترضت فيها على ما انتهى إليه تقرير الخبير الأخير بشأن طريقة احتسابه لقيمة الأعمال التغييرية، إذ احتسب كامل قيمة تلك الأعمال وفقاً للأوامر التغييرية المعتمدة من استشاري المشروع بمبلغ 73/ 992,178 درهماً، في حين أنه قد انتهى في تقريريه إلى أن نسبة إنجاز تلك الأعمال لا تتجاوز 74,18% مما كان يقتضي معه أن يحتسب الخبير المستحق من قيمة هذه الأعمال وفقاً لتلك النسبة، كما اعترضت على ما انتهى إليه الخبير بشأن تقديره لقيمة المواد المتبقية في الموقع بمبلغ 72/ 2,940,433 درهماً، وذلك بالمخالفة لقائمة الجرد والفواتير المعتمدة المقدمة من الطاعنة، والتي تثبت الكمية الفعلية للمواد المتبقية في الموقع وقيمتها الحقيقية، وقد استند الخبير في أبحاثه على كشف معدّ من المطعون ضدها غير معتمد من الطاعنة، اشتمل على أسعار مبالغ فيها وتضمن مواد إضافية غير مدرجة في محضر الجرد المعتمد وغير موجودة فعلياً في الموقع وقت فسخ التعاقد، كما تمسكت بأنها هي من قامت بشراء وتوريد جميع المواد إلى الموقع وتسعيرها طبقاً لأوامر الشراء والفواتير الصادرة من الموردين، وأن الخبير قد أخطأ في تقديره لقيمة المواد التي وردتها، إذ احتسب قيمتها بمبلغ 82/ 19,603,009 دراهم فضلاً عن احتسابه مبلغ 53/ 830,098 درهماً قيمة مواد مزعوم توريدها من المطعون ضدها، وذلك بالمخالفة للفواتير وإشعارات التوريد وأوامر الشراء وسندات التسليم في الموقع، والتي تثبت جميعها أن القيمة الحقيقية للمواد التي تم توريدها من قبل الطاعنة وقت فسخ التعاقد هو مبلغ 93/ 22,496,454 درهماً وأن المطعون ضدها لم تقم بتوريد أي مواد للموقع وهو ما أكدته تقارير الخبراء السابق ندبهم، كما أنها اعترضت على نتيجة تقرير الخبير بشأن تحديد قيمة المبالغ التي سددتها لمقاولي الباطن، والتي قدرها بمبلغ 05/ 1،704،619 درهماً في حين أن المطعون ضدها أقرت بأن المبلغ المسدد هو 1,789,850 درهماً، واعترضت كذلك على ما انتهى إليه تقرير الخبير من إغفاله خصم نسبة 5% من قيمة الأعمال المعتمدة، باعتبارها تمثل ضماناً للأعمال المنفذة وعقود الصيانة وذلك وفقاً لمواصفات المشروع، هذا الي انها أقامت دعواها الفرعية بطلب إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إليها مبلغ 66/ 25,590,138 درهماً، وذلك عن غرامات التأخير لمدة 128 يوماً، وقيمة المواد والمعدات الموردة من قبلها لتنفيذ الأعمال المتفق عليها وفقاً للبرنامج الزمني، بالإضافة إلى ما قامت بسداده لمقاولي الباطن الذين تم تعيينهم لاستكمال الأعمال، فضلاً عن إخلال المطعون ضدها بتعهداتها بتقديم ضمان بنكي عن الدفعة المقدمة وضمان حسن تنفيذ الأعمال، إلا أن الحكم رفض دعواها الفرعية استناداً إلى تقرير الخبير الأخير المنتدب من محكمة الاستئناف رغم أنه اقتصر في أبحاثه على موضوع الدعوى الأصلية دون أن يتناول طلباتها في الدعوى الفرعية مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة انه وفقاً لنصوص المواد 872، 877/1، 878 من قانون المعاملات المدنية أن المقاولة عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، ويجب على المقاول إنجاز العمل وفقاً لشروط العقد، ويلتزم صاحب العمل بدفع البدل عند تسليم المعقود عليه إلا إذا نص القانون أو الاتفاق على غير ذلك، وأن تقدير ما إذا كان المقاول قد أنجز الأعمال المعهودة إليه وفقاً للمواصفات المتفق عليها وفي المدة المحددة، وما إذا كان التأخير في الإنجاز أو التوقف عن الأعمال يرجع إلى فعل المقاول أو إلى سبب أجنبي لا يد له فيه أو إلى رب العمل، هو من مسائل الواقع التي يجوز لمحكمة الموضوع تكليف الخبير بتحقيقها وتستقل بتقديرها متى كانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة وكافية لحمل قضائها ولها أصلها الثابت في الأوراق. وأنه من المقرر أيضا ان مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ولكنه تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عن الميعاد المحدد له بما مؤداه أنه لا مجال لإلزام المقاول إذا لم ينفذ أصلاً أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر، ومن المقرر كذلك اذ فسخ عقد المقاولة فإن الشرط الجزائي الذي تضمنه أو الذي اتفق عليه لاحقاً يسقط تبعاً لسقوط الالتزام الأصلي بفسخ العقد، وبالتالي فلا يعتد بالتعويض المتفق عليه ولا يكون لصاحب العمل عندئذ إلا مطالبة المقاول بالتعويض إن كان قد لحقته أضرار من عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي. وأن تحديد الضرر وتقدير التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع والتي لها السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه، ومن المقرر أيضا ان محكمة الموضوع لها تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى وتخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوى، وأنها إذا رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءاً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه، لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم ترِ في دفاع الخصوم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير، وطالما أن الخبير قد تناول نقاط الخلاف المثارة بين الطرفين ودلل عليها بأسباب سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، وله في سبيل تكوين رأيه الأخذ بالمستندات المقدمة له من الخصوم، ولا يؤثر على عمل الخبير عدم استرساله في أداء مأموريته على النحو الذي يروق للخصوم طالما أنه فصل الأمر تفصيلاً أقنع المحكمة بما رأت معه وضوح الحقيقة دون حاجة لتحقيق ما طلبه هؤلاء الخصوم في دفاعهم، وهي غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات أو قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك المستندات والأقوال والحجج والطلبات . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما اطمأن إليه من تقرير الخبير الأخير المنتدب من محكمة الاستئناف والذي أوضح فيه أن قيمة الأعمال التغييرية التي نُفذت فعلياً من قبل المطعون ضدها والمعتمدة من مالك المشروع -ديوا- هي مبلغ 73/ 992,179 درهماً، كما انتهى إلى أحقية المطعون ضدها في احتساب قيمة المواد المتبقية في الموقع بمبلغ 72/ 2,940,433 درهماً وذلك استناداً إلى محضر جرد المواد المتبقية المؤرخ 16-7-2022 والمتضمن تفصيل المواد وعدد كل بند وقيمته، كما انتهت الخبرة إلى أحقية الطاعنة في خصم قيمة المواد الموردة من قبلها بناء على طلب المطعون ضدها بمبلغ 82/ 19,603,009 دراهم استناداً إلى الخطاب الصادر عن الطاعنة بتاريخ 30-6-2022، واستبعد من نتيجته مبلغ 53/ 830,089 درهماً من مستحقات المطعون ضدها، يمثل قيمة المواد التي ادعت توريدها لعدم اعتماد قائمة التوريد من الطاعنة أو من استشاري أو مالك المشروع، أما بشأن المبالغ التي سددتها الطاعنة لمقاولي الباطن التابعين للمطعون ضدها فإن الثابت من المستندات أن المبلغ المسدد فعلياً هو 54/ 761,718 درهماً ولم تقدم الطاعنة مستندات تثبت سداد مبالغ تزيد عن هذا المبلغ، إلا أن المطعون ضدها أقرت في مذكرتها الختامية بقيام الطاعنة بسداد مبلغ 05/ 1,704,619 درهماً فتم اعتماد هذا المبلغ، كما قرر الخبير أنه لا يحق للطاعنة حجز نسبة 5% من قيمة الأعمال المنفذة كضمان لفترة الصيانة، إذ تم فسخ التعاقد بتاريخ 12-7-2022 ومن ثم فإن فترة مسئولية المطعون ضدها عن العيوب والصيانة باحتسابها من هذا التاريخ تكون قد انتهت ولا محل لحجز تلك النسبة، وقد توصل الخبير كذلك إلى وجود إخلال من جانب الطرفين أدى إلى تأخيرات في تنفيذ المشروع وتمثل إخلال الطاعنة في تأخير سداد المستحقات المالية للمطعون ضدها ولمقاولي الباطن، وتمثل إخلال المطعون ضدها في التأخر في وتيرة العمل وعدم توفير العمالة الكافية لتنفيذ أعمال المشروع، وبالتالي لا تستحق الطاعنة المطالبة بغرامات التأخير، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به في الدعوى الأصلية وبرفض الدعوى الفرعية، وهو من الحكم استخلاص سائغ يكفي لحمل قضائه، ولا محل لما تثيره الطاعنة من أن الخبير الذي عوّل الحكم على تقريره لم يبحث طلباتها في دعواها الفرعية، إذ إن ما اشتملت عليه تلك الدعوى لا يخرج عن مضمون دفاعها الذي تمسكت به أمام الخبير، وقد تناوله بالبحث وصولاً إلى تحديد الطرف المقصر في عقد المقاولة من الباطن وبيان التزامات كل منهما وتصفية الحساب بين طرفي الدعوى وبالتالي فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز .
وحيث تنعي الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم ألزمها بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالمطعون ضدها والمتمثل في الكسب الفائت بزعم أن فسخها للعقد تم بإرادتها المنفردة دون مبرر، على الرغم من انتفاء عناصر المسئولية التعاقدية في حقها، لثبوت تأخر المطعون ضدها في إنجاز الأعمال المتفق عليها عن الموعد المحدد في العقد، ذلك أن جميع الخبراء الذين سبق ندبهم في الدعوى -بما فيهم الخبير الأخير الذي عول الحكم قضائه عليه- قد أجمعوا على أن فسخ التعاقد لم يكن تعسفياً نظراً لوجود تأخير في تنفيذ الأعمال من جانب المطعون ضدها، وبالتالي تكون الطاعنة قد استعملت حقها في فسخ العقد نتيجة لإخلال المطعون ضدها بالتزاماتها التعاقدية، ولا يُسأل من استعمل حقاً مشروعاً عن التعويض مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية وما إذا كان المتعاقد قد أخل بما فرضه عليه العقد من التزامات والتعويض المستحق عنه هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأنه وفقاً للمادتين (267)، (272) من قانون المعاملات المدنية أنه إذا كان العقد صحيحاً ولازماً فلا يجوز لأحد طرفيه أن يستقل بالرجوع عنه ولا تعديله ولا فسخه إلا برضاء المتعاقد الآخر أو بمقتضى نص القانون، وإذ انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد وإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض، وأن عقد المقاولة من العقود المستمرة التي لا أثر للفسخ فيها على ما سبق تقديمه من أعمال . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاه بإلزام الطاعنة بأن تؤدى إلى المطعون ضدها مبلغ 560,675 درهماً على سبيل التعويض عن الضرر الذي أصابها نتيجة الكسب الفائت بسبب فسخ الطاعنة للعقد بإرادتها المنفردة، وذلك على ما اطمأن إليه من تقرير الخبير الأخير المنتدب في الدعوى الذي خلص إلى وجود إخلال متبادل من طرفي العقد وأن الطاعنة قد قامت بفسخ العقد من تلقاء نفسها وبإرادتها المنفردة دون مبرر وهو ما يُعد خطأ من جانبها يوجب مسئوليتها عن تعويض المطعون ضدها عما لحق بها من أضرار، وإذ كان هذا من الحكم سائغاً ويكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز .
ثانيا ?الطعن رقم 451 لسنة 2025 تجاري.
وحيث ان الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعي الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قد قضى بتعديل الحكم الابتدائي بتخفيض مبلغ التعويض المقضي به لصالحها من مبلغ 1,200,000 درهم بجعله 560,000 درهم، باعتباره تعويضاً عن الكسب الفائت فقط، نتيجة فسخ العقد من جانب المطعون ضدها بالإرادة المنفردة دون أن يأخذ في الاعتبار أن محكمة أول درجة قد أوضحت أن هناك عنصرين للتعويض أولهما عدم سداد مستحقاتها دون وجه حق وثانيهما الأضرار الناشئة عن فسخ العقد وبالتالي فإن الطاعنة تتمسك بتعديل المبلغ المقضي به ليصبح 1,200,000 درهم ليتضمن التعويض عن عدم سداد مستحقاتها، كما أن الحكم أغفل تقدير التعويض عن الضرر الأدبي في حين أن الأضرار التي لحقت بها تتجاوز بكثير التعويض المقضي به، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه، ولها تقدير عمل الخبير والأخذ بأي من تقارير الخبرة المقدمة فيها أو ببعضه ما تضمنه متى أطمأنت إليه وأحالت إلى أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد على كل ما يقدم إليها من مستندات أو الاعتراضات التي يوجهها الخصوم له متى كان التقرير قد تناول نقاط الخلاف وتولى الرد عليها وانتهى بشأنها إلى نتيجة سليمة ودلل عليها بأسباب سائغة، ومن المقرر أيضا أن تحديد الضرر وتقدير التعويض الجابر له من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام أنه لا يوجد نص في القانون يلزمه باتباع معايير معينة . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الطاعنة مبلغ 560,675 درهماً على سبيل التعويض عن الضرر الذي لحق بها نتيجة فسخ المطعون ضدها لعقد المقاولة المبرم بينهما بإرادتها المنفردة، على ما اطمأن إليه من تقرير الخبير الأخير المقدم أمام محكمة الاستئناف الذي خلص إلى أن هذا المبلغ يمثل نسبة 10% من قيمة الأعمال غير المنفذة وهو تعويض جابر لكافة الأضرار التي لحقت بها، ولا يجوز تعويضها عن التأخير الزمني في سداد مستحقاتها لوجود إخلال من الطرفين بشأن التأخير في المستحقات والتأخير في تنفيذ الأعمال، وإذ كان هذا من الحكم سائغاً ويكفي لحمل قضائه، ولا ينال من ذلك ما أثارته الطاعنة بشأن إغفال الحكم القضاء لها بالتعويض عن الضرر الأدبي، إذ إن عناصر التعويض التي طالبت بها الطاعنة قد اقتصرت على ما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة نتيجة فسخ العقد وهي عناصر تندرج ضمن مفهوم الضرر المادي الذي تم تقدير التعويض الجابر عنه بالمبلغ المقضي به . ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز .
وحيث تنعي الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه احتسب مستحقاتها استناداً إلى تقرير الخبير الأخير المنتدب من محكمة الاستئناف، رغم تمسكها بأن تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة هو أصلح التقارير في الدعوى للتعويل عليه ، وطلبت تصفية الحساب استناداً إلى هذا التقرير، لما اتسم به من دقة في فحص المستندات المقدمة إليه، إذ احتسب نسبة إنجاز الأعمال المنفذة فعلياً بنسبة 89,216% وذلك وفقاً لمراجعته للدفعة رقم 15، كما أن هذا الخبير قد بحث كافة الأوراق المقدمة في الدعوى المتعلقة بالأعمال التغييرية، وتوصل إلى أحقيتها في قيمة تلك الأعمال بمبلغ 33 / 3,559,886 درهماً، في حين أن الخبير الأخير لم يجر ذات الفحص واكتفى برد مقتضب قرر فيه أحقيتها لمبلغ 992,197 درهماً فقط عن قيمة هذه الأعمال، دون أن يبين الأسس التي استند إليها في الوصول إلى هذه النتيجة، كما لم يبد رأيه في الأوامر التغيرية المقدمة منها وعددها أربعة عشر أمراً تغييرياً ولم يفصل في أي منها بل اكتفى بالقول إنه يعتمد ما تم اعتماده من قبل استشاري المشروع، على الرغم من أن هذا الاستشاري معين من قبل المالك وقد أبدى موقفاً مجاملاً له وللمطعون ضدها في كافة مراحل النزاع دون إبداء رأي محايد أو فني سليم في جوهر الخلاف، فإن اعتماد الخبير الأخير على رأي هذا الاستشاري يُعد أمراً غير مقبول، لا سيما أن الخبير قد زعم أن الاستشاري ومالك المشروع اعتمدا قيمة الأعمال التغييرية بالمبلغ الذي انتهى إليه، ورغم أن الثابت من المستندات أن استشاري المشروع والمالك لم يصدران أي اعتمادات خاصة بمقاولي الباطن، كما أن ما أورده الخبير لا أصل له في المستندات المعتمدة من الاستشاري بل أن تلك المستندات تثبت اعتماد الاستشاري والمالك لمبلغ 59/ 4,586,805 درهماً قيمة الأعمال الكهروميكانيكية التي نفذتها، هذا الي إنها اعترضت على تقرير الخبير الأخير الذي أقام الحكم قضاءه عليه، إذ انتهى إلى أن قيمة الأعمال التغييرية المستحقة لها هي مبلغ 73/ 992,179 درهماً مستنداً في ذلك إلى مستندات مقدمة من المطعون ضدها، رغم أنها طعنت بالتزوير على تلك المستندات وقد زعمت المطعون ضدها أن ما اعتمده المالك من أعمال تغييرية لصالحها -أي الطاعنة- هو المبلغ الذي خلص إليه الخبير وقد قامت المطعون ضدها بتغيير حقيقة المستندات المعتمدة من قبل المالك واستشاري المشروع، وهو ما يتضح جلياً من مطالعة المستندات المؤرخة 13-3-2021 وقد أضافت المطعون ضدها بيانات بخط اليد غير موقعة من المالك زعمت فيها -بغير وجه حق- أن قيمة الأعمال التغييرية المستحقة لها هي مبلغ 73/ 992,179 درهماً فقط بدلاً من المبلغ الصحيح وهو 59/ 4,586,805 درهماً، ومن شواهد التزوير ما ورد في المستند المطعون عليه إذ يتكوّن من 32 صفحة، في حين أن المستند الأصلي لا يتجاوز 8 صفحات، ولا يتضمن أي إشارة إلى الطاعنة بل هو عبارة عن "طلب شراء رقم 3092400032" مؤرخ 1-7-2024 صادر من المالك إلى المقاول الرئيس المطعون ضدها بقيمة الأعمال التغييرية بمبلغ 4,610,499 درهماً، كما تمسكت الطاعنة بأن قيمة الأعمال التغييرية المستحقة لها هي مبلغ 65/ 8,352,204 درهماً، إذ إنها نفذت كافة الأوامر التغييرية وقدّمت جميع المستندات المؤيدة لذلك إلى الخبير، والتي تؤكد أن نسبة الإنجاز لتلك الأعمال هي ذات نسبة إنجاز الأعمال الأصلية وهي 89.216% وذلك وفقاً لشهادة الدفع رقم 16 التي يتعين الأخذ بها وليس النسبة التي خلص إليها الخبير وهي 74,18% وفقاً لشهادة الدفع رقم 15، وقد اعترضت على تقرير الخبير الأخير الذي لم يبين كيفية توصله إلى المبلغ المشار إليه، رغم تقديمها مستندات قاطعة تثبت أحقيتها في قيمة جميع الأوامر التغييرية المنفذة فعلياً في موقع المشروع، والتي نُفذت بناءً على تعليمات واضحة وصريحة من استشاري المشروع، ورغم أن عدد الأوامر التغييرية 14 أمراً إلا أن الخبير لم يبحث كل أمر على حدة ويبين ما إذا كان قد تم تنفيذه فعلياً على الطبيعة من عدمه، مكتفياً بالاعتماد على ما قدمته المطعون ضدها من مستندات مطعون عليها بالتزوير، هذا وقد خلصت الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجة إلى أن قيمة الأعمال التغييرية هي مبلغ 93/ 5,108,479 درهماً، كما اعترضت على التقرير الأخير لعدم احتسابه مبلغ 622,550 درهماً قيمة الآلات والمعدات التي استولت عليها المطعون ضدها دون وجه حق والتي استخدمت في مشاريع أخرى تخصها لأكثر من عامين، وفقاً لما هو ثابت من محضر الجرد المؤرخ 16-7-2022 والموقع من المطعون ضدها وقد قامت الخبرة المنتدبة من محكمة أول درجة بمراجعة أعداد الآلات والمعدات وتأكدت من وجودها بمحضر الجرد، كما اعترضت كذلك على الخبير الأخير الذي خصم مبلغ 53/ 830,098 درهماً من مستحقاتها قيمة المواد الموردة من قبلها دون أن يبيّن الأساس الذي استند إليه في هذا الخصم، كما أن الخبير مقدم هذا التقرير لم يلتزم الحيادية فضلاً عن أنه غير متخصص في الهندسة الكهروميكانيكية هذا فضلا إنها تمسكت في دفاعها بعدم صلاحية الخبير الأخير الذي عوّل الحكم قضاءه على تقريره، وذلك لافتقاده الحيادية، إذ إن مقره هو ذات مقر الخبير / محمد رضا الذي سبق له أن اعتذر عن مباشرة المأمورية لوجود علاقة تربطه بالمطعون ضدها، كما أن لهما ذات الموظفين والمساعدين، مما يلقي بظلال من الشك على استقلالية الخبير المنتدب، وقد انتهى الخبير في نتيجته المبدئية إلى أحقيتها في مبلغ 47/ 9,531,789 درهماً ومنح الطرفين مهلة أسبوع للتعقيب على تلك النتيجة حتى 24-1-2025 إلا أنه وبعد انقضاء هذه المهلة وتحديداً بتاريخ 29-1-2025 أبدى من تلقاء نفسه استعداده لاستقبال مستندات إضافية دون طلب من الخصوم هو ما يثير الريبة والشكوك بشأن حيادتيه ثم انتهى في نتيجته النهائية إلى أن مستحقاتها تبلغ فقط 7/ 3,754,402 درهماً بما يفيد أنه خصم ما يزيد على 7,000,000 درهم من مستحقاتها دون مبرر، وقد عوّل الحكم في قضائه على هذا التقرير الأخير رغم عدم التزام الخبير بالحيادية ملتفتاً عن طلبها ندب خبير آخر محايد من ديوان سمو الحكم كما ان الحكم رفض طلبها بالطعن بالتزوير على المستندات المقدمة من المطعون ضدها والتي استند إليها الخبير الأخير في تصفية الحساب بشأن الأعمال التغييرية، وذلك تأسيساً على أن الطاعنة -المستأنفة- سبق لها مناقشة موضوع هذه المستندات، في حين أنها هي المستأنف ضدها ولم يسبق لها مناقشة موضوع تلك المستندات قبل طعنها بالتزوير عليها، كما تمسكت بأن طعنها بالتزوير على تلك المستندات يُعد دليلها الوحيد لإثبات عدم صحة النتيجة التي انتهى إليها الخبير الأخير بشأن قيمة الأعمال التغييرية، إلا أن الحكم عوّل في قضائه على نتيجة هذا التقرير رافضاً طعنها بالتزوير مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي جميعه مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة انه وفقاً لنصوص المواد 872، 873، 874، 875، 878 من قانون المعاملات المدنية أن عقد المقاولة هو عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه أن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، ويكون تقدير ما إذا كان المقاول قد قام بتنفيذ الأعمال الموكلة إليه وفقاً للمواصفات المتفق عليها في العقد ووفقاً لبنوده وشروطه وفي المدة المحددة أم لا هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى كانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة وكافية لحمل قضائها ولها أصلها الثابت في الأوراق، ومن المقرر أيضاً أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها واطراح ما عداها وتقدير عمل أهل الخبرة والمفاضلة بينها والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير طالما اطمأنت إليه واقتنعت بصحة أسبابه وسلامة الأسس والأبحاث التي بُني عليها، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصوم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم، ولا بأن تتبعهـم في مختلف أقوالهم وحججهم، وترد استقلالاً على كل منها، كما لا تلتزم بإعادة المأمورية للخبير مرة أخرى أو ندب خبير آخر كطلب الخصم بعد أن قدم الخبير تقريره ورأت المحكمة أنه قد فصل الأمر تفصيلاً أقنع المحكمة بما رأت معه وضوح الحقيقة التي أقامت عليها قضاءها ما دام أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيها الرد المسقط لتلك الأقوال والحجج، والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله ،ومن المقرر أيضا أنه لا يجوز للخصم أن يطعن بعدم حياد الخبير أو انحيازه بعد إكماله مأموريته وتقديم تقريره بعد أن سكت عن ذلك عند تعيينه ولم يتخذ حياله الإجراءات القانونية لرده ومن المقرر كذلك وفقاً لما تقضي به المادتان (39-44) من قانون الإثبات الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 أن من يطعن بالتزوير في المحرر إثبات طعنة كما عليه أن يحدد مواضع التزوير المدعى به وأدلته وإجراءات التحقيق التي يطلب إثبات التزوير عن طريقها مما مؤداه أن مناط التزام محكمة الموضوع بإجراء التحقيق بشأن الطعن بالتزوير والتحشير لإثبات مواضع التزوير أن يكون الطعن بالتزوير والتحشير منتجاً في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لإقناع المحكمة بصحة المحرر أو تزويره أي أن الادعاء بالتزوير والتحشير لا يكون مقبولاً إلا بعد أن تقف المحكمة على ما يكون له من أثر في النزاع المطروح فإن وجدته منتجاً قبلته وإلا قضت بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده وتقدير ما إذا كان الطعن بالتزوير منتجاً في النزاع من عدمه من سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها من محكمة التمييز طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه -المعدل لحكم أول درجة- قد أقام قضاءه على ما اطمأن إليه من تقرير الخبير الأخير المنتدب من محكمة الاستئناف، والذي أوضح في تقريره أن قيمة الأعمال التغييرية المعتمدة لكامل المشروع هي مبلغ 4,610,499 درهماً وأن قيمة الأعمال المنفذة فعلياً من قبل الطاعنة والمعتمدة من مالك المشروع -ديوا- هي مبلغ 73/ 992,179 درهماً، كما توصلت الخبرة إلى أن نسبة الإنجاز الفعلية للمشروع هي 74.18% وفقاً للمستندات المرفقة بشهادة الدفع رقم 15 المعتمدة من استشاري المشروع ولم يُعتمد من قبله أي مبالغ أو أعمال لاحقة لتاريخ هذه الشهادة، فإنه يتم اعتماد هذه النسبة حيث لم تتمكن الخبرة من الانتقال لمعاينة المشروع والأعمال المنفذة على الطبيعة نظراً لاكتمال الأعمال من قبل مقاولين آخرين، فضلاً عن أن شهادة الدفع رقم 16 غير معتمدة من أي من الجهات المعنية بالمشروع، أما بخصوص ما أثارته الطاعنة بشأن استيلاء المطعون ضدها على معداتها فقد خلصت الخبرة إلى عدم وجود مخاطبات تثبت هذا الادعاء، وقد عجزت الطاعنة عن إثبات ذلك ولا ينال من ذلك أنه قد ورد بمحضر الجرد المؤرخ 16-7-2022 والموقع عليه من المطعون ضدها بيانات تتعلق بعدد وأصناف وكميات الآلات والمعدات إذ إن الخبرة أخذت به واحتسبته في تصفية الحساب بين الطرفين ضمن كشف مستقل مرفق بمحضر الجرد، ولا يجوز احتساب ذات القيمة تحت بند آخر بمسمى المواد التي تم الاستيلاء عليها، كما أن الخبرة استبعدت من النتيجة مبلغ 53/ 830,089 درهماً من مستحقات الطاعنة قيمة المواد المدعى بتوريدها لعدم اعتماد قائمة التوريد من المطعون ضدها أو من استشاري المشروع أو مالكه، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بإلزام المطعون ضدها بالمبلغ المقضي به في الدعوى الأصلية وبرفض الدعوى الفرعية، وهو من الحكم استخلاص سائغ يكفي لحمل قضائه، ولا ينال من ذلك ما أثارته الطاعنة بشأن طعنها بالتزوير على المستندات المقدمة من المطعون ضدها والمنسوب صدورها إلى مالك المشروع، إذ إن الحكم قد تناول هذا الدفع منتهياً إلى عدم قبوله كونه غير منتج، لعدم صدور تلك المستندات المطعون عليها من الطاعنة والتي بفرض عدم صحتها كان في وسع الطاعنة تقديم مستندات أخرى صادرة عن ذات الجهة تتضمن البيانات الصحيحة التي تدّعيها، ومن ثم فإن النعي على الحكم في جملته لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز .
وحيث انه ? ولما تقدم ? يتعين رفض الطعنين
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: - برفض الطعنين رقمي 419، 451 لسنة 2025 تجاري وألزمت كل طاعنه بمصروفات طعنها مع مصادرة مبلغ التأمين في الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق