بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 08-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 401 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
أ. ا. س. ك. . . م.
مطعون ضده:
و. ع. م. ع.
ي. ل. م.
ب. ف. ش.
ك. ا. ش.
ع. ع. م. ع.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2279 استئناف تجاري بتاريخ 05-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على الملف الرقمي للطعن ومرفقاته وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر / سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة: -
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر المرفقات ? تتحصل في أن الطاعنة ? المدعية - ( أو ام سي كو - م.م.ح ) أقامت على المدعى عليهم (1- بريستول فونز ش.م.ح ، 2- كراون اليكترونيك ش.م.ح ، 3- على عظمت محمد عظمت ،4- وحيد عظمت محمد عظمت ،5- يونيون لوجيستيكس م.م.ح ) ? على التوالي - الدعوى رقم 3554 لسنة 2023 تجارى بطلب الحكم بإلزام المدعى عليها الخامسة بتقديم ما تحت يدها من مستندات خاصة بالتحويلات والمبالغ التي تسلمتها المدعى عليهما الأولى والثانية بواسطتها وبواسطة موظفيها وإلزام المدعى عليهم من الأولى وحتى الرابع بالتضامن والتضامم بأن يؤدوا للمدعية مبلغ وقدره ( 5,771,780 ) درهم بالإضافة للفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ سداد المبالغ وحتى السداد التام ، وذلك على سند من القول إن طالبت المدعية المدعى عليهما بمدها بالهواتف المتحركة وبعض لوازمها ، وقد قام المدعى عليهما بإبلاغ المدعية بالمبالغ المطلوبة منها تمهيداً لإصدار الفواتير الضريبية بالبضائع المطلوبة والمسدد عنها ثمنها ، حيث قامت المدعية بإيداع قيمة تلك البضائع وتحويلها إلى المدعى عليهما وباسم العاملين بها بواسطة المدعى عليها الخامسة وقد تم استلام تلك المبالغ عن طريق موظفي المدعى عليهما وهما المدعى عليهما الثالث والرابع ، على أثر تلك التحويلات قام المدعى عليهما بإصدار الفواتير بالبضائع المطلوبة منهما من قبل المدعية والمبالغ التي تم سدادها من الأخيرة ، إلا انه وبعد اتمام التحويلات عن البضائع المطلوبة من قبل المدعية لم يقم المدعى عليهما بتنفيذ وعودهما وتوريد الاجهزة المطلوبة منهما ورفضت اعادة الاموال إلى المدعية ، ولدى مطالبة المدعية للمدعي عليهما بالمبالغ المترصدة في ذمتهم سالفة الذكر لم يفوا بها وامتنعوا دون حق عن السداد ولايزالون ممتنعين حتى تاريخه ، على أثر ذلك قامت المدعية بتوجيه عدة رسائل اليهم لحثهم علي سداد المبالغ إلا انهم استمروا في التعنت بأداء المبالغ المستحقة عليهم مما اضطرت معه المدعية للجوء إلى المحكمة لإلزامهم بالتضامن والتضامم بأداء المبالغ المستحقة في ذمتهم ، الأمر الذى حدا بالمدعية إلى إقامة الدعوى بغية الحكم لها بطلباتها سالفة البيان ، إذ ندبت محكمة أول درجة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريريه الأصلي والتكميلي ، حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المدعية الحكم بالإستئناف رقم 2279 لسنة 2024 تجاري ، وبجلسة 5-3-2025 ، قضت المحكمة في موضوعه بالرفض وتأييد الحكم المستأنف. طعنت المدعية على الحكم بالتمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 29-3-2025 بطلب نقض الحكم المطعون فيه ، وقدم محامي المطعون ضدهم الاربعة الأول مذكرة بجوابه على الطعن وطلب فيها رفضه ، كما قدم محامي المطعون ضدها الخامسة مذكرة بجوابه وطلب فيها رفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره. حيث إن الطعن أقيم على سببين ، تنعى الطاعنة في السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة والقاضي برفض استرداد الوديعة التأمينية والسابق لها سدادها استنادًا لما انتهى إليه خبير الدعوى بتقريره من أن مبلغ الوديعة والبالغ مليون درهم كان من بين الأموال التي تم تصفيتها - بعد انتهاء العلاقة التجارية بين الأطراف - بموجب اتفاقية التسوية المؤرخة 6 يونيو 2023، مع أن ما انتهى إليه الخبير في تقريره وسايره فيه الحكم المطعون فيه هو تفسير خاطئ لما ورد بهذه الاتفاقية ، حيث إن عباراتها لا تشير إلى تعلقها بمبلغ الوديعة التأمينية المشار إليه ، كما أن مسألة تفسير بنود هذه الاتفاقية تعد من مسألة قانونية تخرج عن نطاق عمل الخبرة ، وإذ ساير الحكم المطعون فيه ما انتهى إليه الخبير بتقريريه من عدم استحقاق الطاعنة لمبلغ الوديعة رغم ما اثبته بهما من أن إتفاقية التسوية لم تتضمن مبلغ تلك الوديعة فأنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة ? أن تفسير العقود والمحررات وسائر الاتفاقات مسألة قانونية الفصل فيها من اختصاص محكمة الموضوع، ويجب أن تتصدى لها من تلقاء نفسها، وأن مخالفة ذلك مخالفة للقانون، وأنه يتعين على المحكمة تسبيب حكمها تسبيبًا كافيًا يمكن محكمة التمييز من بسط رقابتها عليه، فإن هي قصرت في ذلك وأبدت أسبابًا مقتضبة مجملة بما يعجز محكمة التمييز عن التحقق من صحة تطبيق القانون ، فإن الحكم يكون مشوبًا بعيب القصور في التسبيب ، ومن المقرر أنه ولئن كان تفسير صيغ العقود والاتفاقيات والشروط المختلف عليها واستخلاص النية المشتركة للطرفين مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغًا له أصلٌ ثابت بالأوراق، بحيث يكون استدلال الحكم مؤديًا إلى النتيجة التي بنى قضاءه عليها ، ومن المقرر أيضا - في قضاء هذه المحكمة - أن تعويل المحكمة في قضائها على واقعة استخلصتها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو كانت أسبابه قد انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك باستخلاص واقعة أو نتيجة لا تؤدي إليها، فإن حكمها يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وأنه إذا أخذت المحكمة بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في أسباب حكمها إليه، وكانت أسبابه لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح ردًا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم ، فإن حكمها يكون معيبًا بالقصور والإخلال بحق الدفاع ، وأنه يتعين على محكمة الموضوع أن تقيم قضاءها على عناصر مستقاة من أصل ثابت لها في الأوراق وأن يشمل حكمها في ذاته على ما يطمئن المطلع عليه أنها قد محصت الأدلة والمستندات وتقارير الخبراء المنتدبين من المحكمة أو من أحد الخصوم ، بحيث يكون الحكم مؤديًا إلى النتيجة التي بنى قضاءه عليها، فإذا لم تتفحص المحكمة المستندات وتقارير الخبرة المؤثرة في الدعوى والتي تمسك الخصم بدلالتها، أو لم ترد على أوجه الدفاع الجوهري التي طرحها عليها بما يفيد أنها قد أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى ، واقتصرت على مجرد الإشارة إلى تقرير الخبرة المقدم دون بيان وجه ما استدلت به من ذلك على ثبوت الحقيقة التي أسست عليها قضاءها أو نفيها، مكتفية في أسبابها بعبارات مقتضبة ومجملة لا تكشف عما استقرت عليه عقيدتها في هذا الدفاع ، بما يعجز محكمة التمييز عن رقابتها في هذا الخصوص ، فإن حكمها يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ومن المقرر كذلك أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها إلا أن ذلك مشروطا أن تكون أسبابها سائغه ولها أصل ثابت بالأوراق ، لما كان ذلك ، وكان الخبير المنتدب في الدعوى قد أورد بتقريريه الأصلي والتكميلي المودعين فيها أن المطعون ضدهم لم ينازعوا الشركة الطاعنة في سدادها لمبلغ مليون درهم كوديعة تأمينية عن المعاملات التجارية التي كانت قائمة بينهم ، وأن اتفاقية التسوية التي تمت بين الطرفين بتاريخ 6 يونيو 2023 قد خلت من أي إشارة من قريب أو بعيد إلى هذه الوديعة ، ومع ذلك انتهى بنتيجته إلى أن الاتفاقية المشار إليه قد شملت تسوية كافة التعاملات السابقة ما بين طرفي النزاع بما فيها مبلغ الوديعة التأمينية ، وأن دليل ذلك هو عدم وجود أي معاملات ما بين الطرفين بعد تاريخ هذه الاتفاقية ، وإذ كان هذا الذي انتهى إليه الخبير في تقريريه بشأن الوديعة التأمينية ما هو إلا محض افتراض احتمالي لا يجوز بناء الحكم عليه ، فإن الحكم المطعون فيه إذ اتخذه كدعامة أسس عليها قضاءه بعدم أحقية الشركة الطاعنة في استرداد قيمة هذه الوديعة ، فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق مما يبطله ويوجب نقضه في هذا الخصوص ، على أن يكون مع النقض الإحالة.
وحيث تنعي الطاعنة في السبب الثاني ( الأخير ) على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ، إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة والقاضي برفض طلب التعويض وعدم أحقية الطاعنة فيه ، دون أن يعن ببحث ما قدمته من مستندات تؤيد أحقيتها فيه ، والتي تمثلت في إصدار شركة "تي بي سي تكنولوجي" اعتراض مكتوب على الهواتف المحمولة المباعة إليها منها لعدم مطابقتها للمواصفات ، وإنقاص الثمن الوارد بفاتورة البيع الصادرة عنها من مبلغ2,160,312 درهمًا إلى مبلغ 1,003,002 بواقع مبلغ 1,157,310 درهمًا كخسارة محققة ، كما أن العيوب الجوهرية في الهواتف كانت سببًا في قطع العلاقة بينها وبين شركة "لاندوتيك موبايل" وفوات الفرصة في تحقيق أرباح تقدر بمبلغ 123,881 درهمًا، كما أنها قامت برد مبلغ 491,743 درهمًا إلى شركة "ميتريون" قيمة بضاعة سبق وأن وردتها إليها بعد أن ثبت من خلال تقرير صادر عن مركز الخدمة لأجهزة تكنولوجيا المعلومات بدولة روسيا وجود عيوب جوهرية بالهواتف المباعة ، كما أن الثابت من التقرير الفني للشركة المطعون ضدها الخامسة ? ذاتها - وجود عيوب جوهرية بعدد 576 هاتفًا محمولًا بقيمة 761,841 درهمًا ، وهي الأمور جميعها التي تثبت أحقيتها في تعويض مادي وأدبي نتيجة زعزعه مركزها وسمعتها التجارية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى برفض طلب التعويض ، فأنه يكون معيبا مما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة ? أنه ولئن كان ثبوت أو نفى توافر الضرر هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ، بمالها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات ، إلا أن شرط ذلك أن تكون أسبابها في هذا الخصوص سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق ، وأنه إذا اكتفت محكمة الموضوع في تسبيب حكمها بأسباب مجملة مقتضبة لا تعين على فهمه وتعجز محكمة التمييز عن رقابتها، فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور في التسبيب ، ومن المقرر كذلك أنه يتعين على محكمة الموضوع عندما تعرض للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها أن تقيم قضاءها على عناصر مستقاة من أصل ثابت لها في الأوراق ، وأن تمحص كافة المستندات المقدمة أمامها والمؤثرة في الدعوى والتي تم التمسك بدلالتها، وأن يشمل حكمها في ذاته على ما يطمئن المطلع عليه أنها محصت الأدلة والأوراق والمستندات المطروحة عليها وصولًا إلى ما تراه أنه الواقع الثابت في الدعوى ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بقضائه إلى رفض طلب الطاعنة التعويض مجتزأ القول إنها لم تقدم الدليل على ثبوت الضرر، وهي أسباب مقتضبة ومجملة لا تعين على فهم الحكم وتعجز هذه المحكمة عن إعمال رقابتها عليه ، لا سيما وأنه لم يعن ببحث المستندات المنوه عنها بسبب النعي المقدمة من الطاعنة أمام خبير الدعوى قبل إعداد تقريره التكميلي ، مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه في هذا الخصوص ، على أن يكون مع النقض الإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه ، وبإحالة الدعوى إلى محكمة الإستئناف لتفصل فيها من جديد ، وألزمت المطعون ضدهم الأربعة الأول المصروفات وألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق