بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 26-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1006 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ر. س. ل. ا. ش. ..
مطعون ضده:
ب. ا. ا. ب. س. ا. ا. ا.
أ. د. ل. ش. ..
و. ا. ا.
ش. ع. ق. و. ل. و. ف. د. ..
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1089 استئناف تجاري بتاريخ 26-06-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع علي الملف الالكتروني للطعن وسماع تقرير التخليص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر ـــ حازم محمد أبوسديرة ـــ والمداولة قانوناً :
حيث إن الطعن ــ فيما عدا ما تقدم ــ استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 2644 لسنة 2023 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية ــ بطلب ختامي ــ الحكم أولا: بإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بالتضـامن والتضامم بأن يؤديا إليها مبلغ 446950 درهم بالإضافـة إلى الفائدة القانونيـة بواقع 9% ، وذلك على أن تكون الفائدة عن مبلغ 317276.70 درهما من تاريـخ الاستحقاق الحاصل في 9-10-2022 وحتى تمام السـداد ، وعن مبلغ 129673.3 درهم من تاريخ 9-10-2023 وحتي تمام السداد ، ثانيا: بإلزام البنك المطعون ضده الرابع بوقف الكفالة البنكية رقم PEBDUB213292 ، وقيمتها 100688.90 درهم وعدم تسييلها لصالح المستفيد أو الغير، واعتبارها كأن لم تكن وإلغاء العمل بها ، وذلك للانتهاء من تنفيذ الأعمال وتسليمها وفق الأصول . ، علي سند من إنها بتاريخ 22-12-2020 تعاقدت مع المطعون ضدها الثانية ، وذلك لكون الأخيرة هي المقاول الرئيسي للمشروع الخاص بالطاعنة ، وتم الاتفاق بينهما على أن تقوم بتنفيذ أعمال العزل ، وذلك لقاء مبلغ 1391073 درهم ، إلا أن المطعون ضدها الثانية تراخت في تنفيذ التزامها التعاقدي بسداد الدفعات المالية المستحقة في ذمتها لصالحها ، وامتنعت عن سداد جزء من الدفعات والمستحقات المالية الخاصة بها ، والناتجة عن الأعمال التي قامت بها ، وعقدت المطعون ضدها الثالثة بصفتها استشاري المشروع وممثل المالك اجتماعاً بين كافة أطراف المشروع ، وتم الاتفاق على أن المبالغ المالية المستحقة لصالح المطعون ضدها الأولي في ذمة المطعون ضدها الثانية سوف يتم سدادها من حساب الطاعنة ، مقابل استمرارها في تنفيذ التزاماتها التعاقدية ، وقد نفذت كافة الأعمال الموكلة إليها وسلمتها ولم تحصل على باقي مستحقاتها ، وكانت قد قدمت الكفالة البنكية المطالب بوقفها ضمانا لحُسن التنفيذ ، وحيث أن مدة الكفالة البنكية ما زالت سارية ، كما أنها نفذت التزامها التعاقدي ، الأمر الذي يحق لها معه المطالبة بباقي مستحقاتها ومطالبة البنك المطعون ضده الرابع بوقف الكفالة البنكية وإلغائها ، وعدم السماح بتسييلها لصالح المستفيد ، فكانت الدعوي.، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي ، ندبت لجنة ثلاثية من الخبراء وعقب إيداع تقريرها ، حكمت المحكمة بتاريخ 26-6-2025 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها الأولى مبلغ 446950 درهم شاملا قيمة الضريبة المضافة، والفائدة القانونية عن المبلغ المقضي به بواقع 5% اعتبارا من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 9-10-2023 وحتى تمام السداد ، وبإلزام البنك المطعون ضده الرابع بإلغاء الكفالة البنكية رقم PEBDUB213292 المؤرخة 24-1-2021 والبالغ قيمتها 100688 درهم واعتبارها كأن لم تكن لانتهاء مدة سريان الضمان.، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1089 لسنة 2025 تجاري ، وبتاريخ 26-6-2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . ، طعنت الطاعنة في هذا القضاء الأخير بالتمييز برقم 1006 لسنة 2025 بصحيفة قُيدت إلكترونياً بتاريخ 25/7/2025 طلبت في ختامها نقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة ، وإذ عرض الطعن علي هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره .
وحيث إن أُقيم الطعن على أربعة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ، ذلك أن خطاب ترسية الأعمال محل المقاولة من الباطن للبنية التحتية صادر من المطعون ضدها الثانية كونها المقاول الرئيسي إلى المطعون ضدها الأولى المقاول من الباطن بتاريخ 22-12-2020، ومن ثم فإن التعاقد من الباطن موضوع الدعوى ينحصر بين المطعون ضدهما الأولى والثانية، ولما كان لا يجوز للمقاول من الباطن الرجوع على صاحب العمل بمستحقاته قِبل المقاول الرئيسي إلا إذا أحالها الأخير على صاحب العمل، وهو ما خلت منه الأوراق فإنه لا يجوز للمطعون ضدها الأولى الرجوع على صاحب العمل (الطاعنة) بمستحقاتها المترصدة في ذمة المطعون ضدها الثانية ، ولا ينال من ذلك الرسالة المقدمة من المطعون ضدها الأولى ، إذ أنها مرسلة للأخيرة من قبل استشاري المشروع ومضمونها هو الإفراج عن دفعات محددة على سبيل الحصر والبيان ، وهي الدفعات المشروطة بالاعتماد والتوقيع والختم من قبل استشاري المشروع مقابل العمل المنجز والمعتمد من قبل استشاري المشروع فقط ، وخلت أوراق الدعوى من شهادة الدفع أو الفاتورة المعتمدة من قبل استشاري المشروع (المطعون ضدها الثالثة) مقابل العمل المنجز، وأن الفاتورة المقدمة من المطعون ضدها الأولى مذيلة فقط بتوقيع المقاول الرئيسي (المطعون ضدها الثانية) ، وغير معتمدة من قِبل استشاري المشروع فيكون المسؤول عن سداد هذه الدفعات هو المقاول الرئيسي، لانحصار التعاقد من الباطن بين المطعون ضدهما الأولى (المقاول من الباطن)، والثانية (المقاول الرئيسي)، الأمر الذي لا يجوز معه اعتبار الرسالة المذكورة بمثابة الإحالة القانونية والتي تجيز للمقاول من الباطن الرجوع مباشرة على صاحب العمل، وهو ما تنتفي معه صفتها في الدعوى، كما أن الحكم أقام قضاءه تأسيسا على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى على الرغم مما شابه من قصور وعوار وتعرضه لمسألة قانونية بحتة ليست من اختصاصه وهي تفسير النص الوارد بخطاب استشاري المشروع المؤرخ 14-9-2021 ، والتدخل في تفسير اتجاه إرادة أطراف الدعوى، كما التفت عن اعتراضاتها على ذلك التقرير، وعن حقيقة أن خطاب استشاري المشروع المار ذكره قد علق سدادها مستحقات المقاول من الباطن مباشرة إليه على اعتماد استشاري المشروع للفواتير الصادرة للمقاول الرئيسي من قِبل المقاول من الباطن، وأن الفاتورة موضوع الدعوى الماثلة قد خلت من أي اعتماد أو موافقة من قبل استشاري المشروع، وأنها تمسكت بعدم مديونيتها للمطعون ضدها الأولى (المقاول من الباطن) بأية مبالغ، كما أنها تمسكت باستجواب ممثل ومدير المطعون ضدها الثالثة ، أو إحالة الدعوى للتحقيق لسماع شهادته حول حقيقة ما ورد بخطابه المؤرخ 14-9-2021، إلا أن الحكم لم يجب طلبها والتفت عن دفاعه، وهوما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين فإذا ما تم صحيحا غير مشوب بعيب من عيوب الرضا ودون أن يتضمن مخالفة للنظام العام أو الآداب وجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات ومتى أثبت المدعي قيام الالتزام في جانب المدعى عليه فإن هذا الأخير هو الذي يقع عليه عبء إثبات الوفاء بالتزامه ، وأن عقد المقاولة وحسبما عرفته المادة 872 من قانون المعاملات المدنية بأنه عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر ويجوز للمقاول وعلى ما تفيده المادة 890 من ذات القانون أن يكل تنفيذ العمل كله أو بعضه إلى مقاول آخر إذا لم يمنعه شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل تقتضي أن يقوم به بنفسه . ، وأن التزام المتعاقدين ليس مقصورا على ما ورد في العقد ولكنه يشمل أيضا كل ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف وطبيعة التصرف، بما مؤداه أن تنفيذ الالتزامات التي أنشأها العقد تتم وفقا لطبيعة التصرف ومقتضيات تنفيذه بحسن نية، وأن استخلاص مدى تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للالتزامات التي التزم بها في العقد هو، مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغا له ما يسانده في الأوراق، بما لها من سلطة في فهم وتحصيل الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها بما في ذلك تقرير الخبير المنتدب في الدعوى والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها محمولة على الأسباب التي بُني عليها وذلك متى اطمأنت المحكمة إلى هذه النتيجة والأسباب التي بُنيت عليها ورأت كفايتها لتكوين عقيدتها في الدعوى مضافا إليها باقي العناصر المقدمة في الدعوى لأن في أخذها بما اطمأنت إليه ما يفيد أنها رأت كفاية تقرير الخبرة الذي اقتنعت به . ، وأنه لا إلزام في القانون على الخبير بأداء عمله على وجه معين وحسبه أن يقوم بما ندب للقيام به على النحو الذي تتحقق به الغاية التي هدفت إليها المحكمة من ندبه وأن يستقي معلوماته من أية أوراق تقدم له من كلا الخصمين باعتبار أن عمله في النهاية هو مما يخضع لتقدير محكمة الموضوع، وأن استجواب الخصم يدخل في سلطة محكمة الموضوع فاذا كانت المحكمة قد استخلصت من وقائع الدعوي وظروفها ما يكفي لتكوين رأيها دون حاجة إلى الاستجواب فإنها لا تكون ملزمة باستجواب الخصم ولا تكون بذلك قد أخلت بدفاع الخصم إذا رفضت طلبه استجواب خصم آخر في الدعوى . وأن طلب إجراء التحقيق ليس حقا للخصوم متعينا على المحكمة إجابته وإنما هو من الرخص التي تملك محكمة الموضوع الالتفات عنها وعدم الاستجابة إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء ودون أن تلتزم بإبداء الأسباب طالما كان حكمها قد أُقيم على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق ومؤدية للنتيجة التي انتهت إليها . ، كما أنه من المقرر أن المهندس الاستشاري الذي يعينه صاحب العمل فيما يتعلق بعقود المقاولات ينوب عن الأخير في الإشراف على تنفيذ أعمال المقاولة وفي احتساب مستحقات المقاول، وأن آثار تصرفاته في هذا الشأن تضاف إلى صاحب العمل ، وأن له أن يطلب بهذه الصفة من المقاول تنفيذ أعمال إضافية، ولذا فإن الشهادة التي يصدرها هذا الاستشاري باستحقاق المقاول مبلغ معين أو بإنجازه الأعمال المكلف بها دون تأخير تكون داخلة في حدود نيابته عن صاحب العمل بما لا يجوز معه للأخير المنازعة فيها أو التنصل منها ما لم يقع من الاستشاري المذكور غش أو تواطؤ ويقع على صاحب العمل عبء إثبات ذلك . ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضي بتأييد الحكم الابتدائي الذي قضي في الدعوي علي ما اطمأن إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبرة التكميلي المنتدبة فيها أن قيمة الأعمال المنفذة من قبل المطعون ضدها الأولى والتي تعتمدها لجنة الخبرة قد أصبحت مبلغ 1391073 درهم ، وبالتالي استحقاقها لمبلغ 446950 درهما استنادا إلى أن قيمة الأعمال المنفذة شاملة قيمة الضريبة المضافة هي مبلغ 1460627 درهم ، وبالتالي يكون الفرق شامل قيمة الضريبة المضافة هو مبلغ 44950 درهم ، وأن تاريخ الاستحقاق هو 9-10-2023، كما استخلص الحكم من سائر الأوراق والتفسير المشترك لما تم مناقشته في الاجتماع المنعقد بتاريخ 6-9-2021 في موقع المشروع ، بحضور المقاول الرئيسي (المطعون ضدها الثانية) والطاعنة من موافقة الأخيرة على سداد مستحقات المطعون ضدها الأولى من قبلها ، مقابل العمل منها المنجز ليكون السداد مباشرة من الطاعنة ضمن حساب العقد الرئيسي مع المقاول الرئيسي، وكذلك من خطاب المطعون ضدها الثالثة استشاري المشروع المؤرخ 14-9-2022 إلى المطعون ضدها الأولى بشأن الدفعات المتبقية للأخيرة، أنه قد ورد به مطالبة الإفراج عن المدفوعات مقابل العمل المنجز مباشرة من الطاعنة ، وأنه تم تحرير الدفعة الأولى وقيمتها 100000 درهم للمطعون ضدها الأولي ، مقابل أرصدة دائنة على الفور من خلال شيك ، وأنه سيتم تحرير الدفعة التالية بمبلغ 50000 درهم بعد 20 يوما ، كما سيتم تحرير المبلغ الإجمالي للرصيد المعتمد من قبل المقاول الرئيسي على خمسة أقساط متساوية على أساس شهري ، مقابل الحصول على شهادة سداد المقاولين الرئيسيين، وخلص الحكم من جماع مما تقدم أن جميع المبالغ المستحقة لصالح المطعون ضدها الأولى في ذمة المطعون ضدها الثانية ، سيتم سدادها مباشرة من حساب مالك المشروع (الطاعنة)، أخذا في الاعتبار سبق قيام الأخيرة بالسداد، وتعهدها بسداد الدفعات اللاحقة، وهو ما استخلص منه الحكم التزام الطاعنة بإداء المبلغ المقضي به إلى المطعون ضدها الأولى لانشغال ذمتها به .، وكان ما خلص إليه الحكم سائغا وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد الضمني المُسقط لكل حجة مخالفة، فلا عليه إن التفت عن طلب الطاعنة باستجواب مدير المطعون ضدها الثالثة أو بإحالة الدعوى إلى التحقيق بعد أن وجد في أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبرة المنتدبة فيها ما يكفي لتكوين عقيدته والفصل فيها، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها وتقدير أعمال الخبير مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز . ،ومن ثم يضحي النعي على الحكم المطعون فيه برمته علي غير أساس .
وحيث انه ــ ولما تقدم ــ فإنه يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وبالزام الطاعنة بالمصروفات ، مع مصادرة مبلغ التأمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق