الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 9 يونيو 2023

الطعن 19 لسنة 37 ق جلسة 19 / 5 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 أحوال شخصية ق 105 ص 644

جلسة 19 من مايو سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وعثمان زكريا علي، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(105)
الطعن رقم 19 لسنة 37 ق "أحوال شخصية"

(أ) وقف. "الاستحقاق في الوقف".
إنشاء الوقف. دلالته على أنه مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً. مقتضاه. استحقاق الفرع بعد أصله يكون استحقاقاًَ أصلياً لا ينتزع منه ولا وجه معه لنقض القسمة.
(ب) وقف. "تفسير شرط الواقف".
وجوب حمل كلام الواقف على المعنى الذي أراده وإن لم يوافق القواعد اللغوية.

-----------------
1 - إذا كان ظاهر إنشاء الوقف يدل على أن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً فإن لازم ذلك ومقتضاه أن يكون استحقاق الفرع بعد أصله استحقاقاً أصلياً لا ينتزع منه ولا وجه معه لنقض القسمة (1).
2 - طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 - بشأن الوقف - يحمل كلام الواقف على المعنى الذي يظهر أنه أراده وإن لم يوافق القواعد اللغوية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن أحمد إبراهيم أحمد الشيخ أقام الدعوى رقم 29 لسنة 1963 أحوال شخصية كفر الشيخ الابتدائية ضد عبد الفتاح محمد حسن الشيخ وآخرين يطلب الحكم باستحقاقه لحصته في وقف المرحوم سعيد محمد المساح وإلزام الحراس على الوقف بتسليمه نصيبه وبأن يؤدوا له مبلغ أربعمائة جنيه قيمة الريع عن سنة 1962 الزراعية وما يستجد حتى تاريخ التسليم ومنع تعرض باقي المدعى عليهم له في ذلك وإلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب الإشهاد الشرعي الصادر أمام محكمة طنطا الشرعية بتاريخ 19 ربيع الثاني سنة 1303 هجرية وقف المرحوم سعيد محمد المساح الأطيان المبينة به على نفسه حال حياته ثم من بعده على أخيه الشقيق أحمد وأخوته لأبيه حسن وعبد الجليل ومحمد وإبراهيم وزنوبه وعلى زوجته آمنة محمد غريب وابنته عيوشة ومعتوقته فاطمة السوداء وعلى ما سيحدثه له الله من الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين ثم على أولاد الظهور منهم دون أولاد البطون ثم على أولاد أولادهم ثم على أولاد أولاد أولادهم الذكور منهم دون أولاد البطون وعلى نسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه في الاستحقاق واستحق ما كان يستحق أصله لو كان حياً ومن مات ولم يعقب ولداً ذكراً انتقل نصيبه لمن في درجته من إخوته الذكور فقط دون الإناث يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى حين انقراضهم جميعاً فإذا انقرضوا جميعاً يكون وقفاً مصروفاً ريعه لمن يكون موجوداً من أولاد البطون من أولاد الموقوف عليهم و نسلهم و عقيهم طبقة بعد طبقة و جيلاً بعد جيل على النص والترتيب المشروحين أعلاه، فإذا انقرضوا جميعاً بأسرهم يكون ذلك وقفاً مصروفاً على العلماء والمجاورين... إلخ، وقد توفى الواقف والوقف باق على حاله وآل الاستحقاق من بعده لإخوته وباقي أفراد الطبقة الأولى، وتوفوا جميعاً وكان آخرهم موتاً إبراهيم الذي مات سنة 1933 وآل ربع الوقف إلى أولاد أخوته الأربعة أحمد الأخ الشقيق وحسن وعبد الجليل ومحمد واستحق كل منه ربع ريع الوقف وتوفى أحمد عن أولاده إبراهيم ومحمد وهانم وصديقة ونبيهه، وتوفيت البنات الثلاث وآل نصيبهم إلى إبراهيم ومحمد وتوفى إبراهيم في سنة 1953 عن ولده أحمد - المدعي - وتوفى محمد عن أولاده سعد وزكيه وهانم وشوق وآل نصيبه وهو 1/ 8 ريع الوقف لأولاده بالفريضة الشرعية وتوفى حسن محمد الشيخ عن ولديه محمد وتفيده وتوفيت تفيده وآل نصيبها لأخيها محمد وتوفى محمد حسن الشيخ عن أولاده عبد الفتاح وحسن وشوقي ونظيره وزهيره وانشراح ووداد وفكرية وآل إليهم نصيبه بالفريضة الشرعية وتوفى عبد الجليل عن أولاده زنوبه ومنى وزكيه وهانم وعبد العزيز وتوفيت ابنته هانم وابنه عبد العزيز وآل نصيبهما لأخوتهما، ثم توفى إبراهيم عن ابنته نجية وتوفى محمد عن ابنته بديعه. ولما كان المدعي يستحق 1/ 8 الوقف وهو نصيب والده أصلاً وآيلاً باعتبار الوقف مرتباً ترتيباً أفرادياً، وقد قضي نهائياً من محكمة استئناف طنطا في الاستئناف رقم 22 سنة 1 قضائية بأن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً، ولامتناع الحراس وباقي المستحقين عن تسليمه نصيبه فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، كما أقام عبد الستار محمد محمد أحمد الشيخ الدعوى رقم 30 سنة 1963 أحوال شخصية كفر الشيخ الابتدائية، وقال شرحاً لها إن والده يستحق 1/ 4 ريع الوقف باعتباره أحد الأخوة الأربعة الذين آل إليهم الاستحقاق في الوقف بعد وفاة باقي أفراد الطبقة الأولى وتوفى والده عن سبعة أولاد ذكور وأربع إناث، وقد توفى الأخوة الأربعة المكونين للطبقة الأولى عن أولاد ذكور كثيرين لم يبق منه سوى ثلاثة هم إبراهيم ومحمد من أولاد أحمد محمد الشيخ أخ الواقف ومحمد من أولاد حسن محمد الشيخ وبذلك يكون عدد أفراد الطبقة الثانية سبعة عشر منه 11 أولاد محمد محمد بن حسن محمد الشيخ وإبراهيم محمد ولدي الأخ أحمد محمد الشيخ وينقسم عليهم الوقف فيخص كل منهم 1 و7/ 16 قيراطاً من 24 قيراطاً باعتبار أن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً جملياً وانتهى إلى طلب الحكم باستحقاقه لهذه الحصة وإلزام الحراس بتسليمه غلتها ومنع تعرض باقي المدعى عليهم له في ذلك، وأقامت انشراح بنت محمد بن حسن محمد أحمد الشيخ الدعوى رقم 59 سنة 1963 كفر الشيخ الابتدائية للأحوال الشخصية، وقالت شرحاً لها إن والدها قد آل إليه نصيب والده في الوقف وقدره 6 قراريط من 24 قيراطاً وتوفى والدها ويوزع نصيبه على أولاده وهم عبد الفتاح وحسن وشوقي ونظيره وزهيره وانشراح ووداد وفكرية، وقالت إن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً وإن نصيبها 3/ 4 قيراط وانتهت إلى طلب الحكم باستحقاقها لهذه الحصة وريعها عن سنة 1962، كما أقام أخوتها زهيرة ووداد وفكرية الدعوى رقم 60 سنة 1963 أحوال شخصية كفر الشيخ الابتدائية وطلب كل منهم الحكم باستحقاقها لحصة قدرها 3/ 4 قيراط، وأقام حسن وشوقي ونظيره أولاد حسن محمد أحمد الشيخ الدعوى رقم 72 سنة 1962 أحوال شخصية كفر الشيخ الابتدائية يطلب كل منهم نصيبه في الوقف على أساس التفاضل بين الذكر والأنثى. وأمرت المحكمة بضم الدعاوى الأربع الأخيرة إلى الدعوى الأولى رقم 29 لسنة 1963، ودفع أحمد إبراهيم الشيخ بعدم جواز نظر الدعاوى رقم 30 و59 و60 سنة 1963 لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 45 لسنة 1956 أحوال شخصية كفر الشيخ الابتدائية واستئنافها رقم 9 قضائية. وبتاريخ 14/ 12/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) في الدعوى رقم 29 سنة 1963 أحوال شخصية كفر الشيخ الابتدائية ( أ ) باستحقاق المدعي أحمد إبراهيم أحمد الشيخ لثلاثة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً في أعيان الوقف موضوع الدعوى وألزمت المدعى عليهم المصروفات المناسبة ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ب) بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى في شأن طلب التسليم ومنع التعرض والريع إحالة هذه الطلبات بحالتها إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية بهيئة مدنية لجلسة 2/ 3/ 1966 (ثالثاً) في الدعوى رقم 30 سنة 1963 أحوال شخصية كفر الشيخ الابتدائية ( أ ) برفض الدفع بعدم قبولها لسبق الفصل فيها وبقبولها وفي موضوعها باستحقاق المدعي عبد الستار محمد محمد الشيخ لقدر يوازي ثلاثة أخماس قيراط من 24 قيراط في أعيان الوقف موضوع الدعوى (ب) بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى في خصوص طلب التسليم ومنع التعرض (ثالثاً) في الدعوى رقم 59 لسنة 1963 ( أ ) باستحقاق المدعية انشراح محمد حسن الشيخ إلى 3/ 4 قيراط من أعيان الوقف (ب) بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى في صدد طلب التسليم ومنع التعرض والريع (رابعاً) في الدعوى رقم 60 سنة 1963 باستحقاق كل من زهيرة وفكرية ووداد محمد حسن الشيخ لنصيب يوازي ثلاثة أرباع القيراط من 24 قيراطاً من أعيان الوقف (ب) بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر طلب التسليم ومنع التعرض والريع (خامساً) في الدعوى رقم 72 لسنة 1963 ( أ ) باستحقاق كل من شوقي وحسن محمد حسن الشيخ المدعيين الأول والثاني إلى حصة قدرها ثلاثة أرباع القيراط من 24 قيراطاً واستحقاق المدعية الثالثة نظيرة محمد حسن الشيخ لحصة توازي 24/ 55 من القيراط من 24 قيراطاً (ب) بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى فيما يتعلق بطلب التسليم ومنع التعرض والريع. واستأنف عبده وصادق ومحمود وبهية وسنية وهانم وعزيزة أولاد محمد محمد الشيخ الأخ الرابع للواقف وكذا نجية بنت إبراهيم محمد محمد الشيخ وبديعة محمد محمد محمد الشيخ هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبين إلغاءه والحكم بتفسير شرط الواقف على أساس أن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً جملياً، وتنقض القسمة فيه لوفاة إبراهيم أخ الواقف لأنه آخر الطبقة الأولى موتاً وبموته ينقسم ريع الوقف على رءوس الطبقة التي تليها وعددها 17 بعد وفاة من مات منهم قبل صدور القانون رقم 48 لسنة 1946، وقيد هذا الاستئناف برقم 3 سنة 19 قضائية. كما استأنفه كل من حسن وشوقي ولدا محمد بن حسن محمد الشيخ طالبين تعديله والحكم باستحقاق كل منهما لنصيب وقدره 1 و1/ 11 ط من 24 ط على أساس التفاضل بين الذكر والأنثى ورفض دعوى باقي أخواتهما فيما زاد عن نصيبهن الشرعي وقيد هذا الاستئناف برقم 4 سنة 16 قضائية، واستأنفه كذلك عبد الفتاح محمد حسن الشيخ طالباً إلغاءه في الدعويين رقمي 59 و60 سنة 1963 وتعديل الأنصباء بما يتفق وحجة الوقف بجعل نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين، وقيد هذا الاستئناف برقم 5 سنة 16 قضائية، وقررت المحكمة ضم هذه الاستئنافات الثلاثة ليصدر فيها حكم واحد. وبتاريخ 24/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافات الثلاثة رقم 3 و4 و5 سنة 16 قضائية شكلاً وفي موضوعها بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من استحقاق عبد الستار محمد محمد الشيخ المدعي في الدعوى رقم 30 سنة 1963 بجعل هذا النصيب 6/ 11 قيراط من 24 قيراطاً أي 13 و1/ 11 سهماً بدلاً من 6/ 11 قيراط وبرفض الاستئنافات المذكورة وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك مع إلزام كل مستأنف بمصروفات استئنافه مع المقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما الأول والثاني ولم يبديا دفاعاً وطلب باقي المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً لا تنقض فيه القسمة بعد انقراض الطبقة العليا وهو خطأ ومخالفة للقانون إذ تنص المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 على "أن تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية" وقد نصت هذه المادة الأخيرة على أن تصدر الأحكام طبقاً لأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة، والمنصوص عليه في هذا المذهب أو للواقف أن يرتب بين الطبقات في الاستحقاق، وله أن يجعل الترتيب جملياً أو أفرادياً فإذا دل كلام الواقف على أن الترتيب بين الطبقات جملي كان كذلك وإن دلت عباراته على أنه إنفرادي كان أفرادياً، والواضح من كتاب الوقف موضوع النزاع أن الترتيب الوارد فيه من قبيل الترتيب الجملي إذ لم يعبر الواقف بعبارة "من بعد كل" بل يذكر عبارة "ثم على أولاد الذكور منهم ثم على أولاد أولادهم ثم على أولاد أولاد أولادهم طبقة بعد طبقة... إلخ" أما النص على الشرط الجملي أو على انتقال نصيب من يموت بعد الاستحقاق إلى ولده، فإنه لا يجعل الوقف مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً بل يتبقى جملياً على حالة ويتعين معه نقض القسمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النص واعتبر الترتيب أفرادياً وقال بعدم نقض القسمة، فإنه يكون قد خالف الراجح من مذهب أبي حنيفة وأخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الإشهاد المؤرخ 19 ربيع الثاني سنة 1303 هجرية يبين أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه مدة حياته ثم من بعد وفاته يكون ذلك وقفاً مصروفاً ريعه على أخيه شقيقه أحمد محمد الشيخ وعلى إخوته لأبيه وهم إبراهيم محمد ومحسن محمد وزنوبة وعبد الجليل محمد ومحمد محمد أولاد المرحوم محمد محمد الشيخ وعلى الست آمنة بنت المرحوم محمد غريب زوجة حضرة الواقف وعلى ابنته الست عيوشه وعلى فاطمة السوداء بنت عبد الله معتوق حضرة الواقف وعلى من سيحدثه الله له من الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين ثم على أولاد الذكور منهم دون أولاد البطون ثم على أولاد أولادهم ثم على أولاد أولاد أولادهم، أولاد الذكور منهم دون أولاد البطون ثم على نسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلي عن نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره.... على أن من مات منهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه في الاستحقاق واستحق نصيب أصله ولو كان حياً باقياً" وظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً أفرادياً لازمه ومقتضاه أن يكون استحقاق الفرع بعد أصله استحقاقاً أصلياً لا ينتزع منه ولا وجه معه لنقض القسمة، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه في الدعوى على أن الترتيب بين الطبقات أفرادي فإنه لا يكون قد أخطأ في القانون أو خالف شرط الواقف.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعنين كانوا قد تمسكوا في مذكرتهم المؤرخة 11/ 1/ 1969 بدفاع جوهري جدير بالنظر، ولكن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على هذا الدفاع بأن الواقف إذا جعل الفرد يستحق نصيب أصله ويقوم مقامه في الاستحقاق مع وجود من هم في طبقة أصله فإن الوقف يكون مرتباً ترتيباً أفرادياً، ولما كان المتفق عليه بين فقهاء الحنفية أن شرط الواقف قيام الفرع مقام أصله واستحقاقه ما كان يستحقه مع وجود طبقة أصله إنما هو استثناء من حكم الترتيب الجملي يجب العمل به إلى أن تنقرض طبقة الأصل فإن انقرضت انقسم ريع الوقف على جميع رءوس الطبقة التالية وأصبح كل فرع مستحقاً لنصيب أصله استحقاقاً أصلياً لا استثنائياً، وكان الحكم المطعون فيه مع مخالفته للمتفق عليه بين فقهاء الحنفية لم يبين السند القانوني الذي أقام عليه قضاءه فإنه يكون قاصراً بما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه طبقاًً للمادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 يحمل كلام الواقف على المعنى الذي يظهر أنه أراده وإن لم يوافق القواعد اللغوية. وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض دفاع الطاعنين الوارد بصحيفة الاستنئاف وفي المذكرات وبعد أن أورد أسانيد حكم محكمة أول درجة أضاف أنه "بالنسبة لما أثاره المستأنفون في الاستئناف رقم 3 سنة 16 من القول بتفسير شروط حجة الوقف على أساس أن الوقف مرتب ترتيباً جملياً لا أفرادياً بدليل عطف الواقف بكلمة ثم أربع مرات إلى الطبقة الرابعة وبدليل قوله بعبارة - طبقة بعد طبقة وجيلاً بعد جيل - فإن هذه المحكمة ترى أنه يبين لها من مراجعة عبارات الواقف في حجة وقفه أنه قصد أن يكون ترتيب الوقف ترتيباً أفرادياً لا ترتيباً جملياً مما يؤيد محكمة أول درجة فيما انتهت إليه للأسباب التي وردت بالحكم المستأنف وتضيف هذه الهيئة إليها رداً على ما جاء بأسباب الاستئناف أن هذا الرأي هو الذي يقتضيه التفسير الصحيح لنص عبارات إنشاء الوقف والتي بينتها المحكمة في صدر هذا الحكم، ويؤكد هذا النظر قول الواقف إن الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره ويستقل الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان عند الاجتماع، فإن عبارة "بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره" واضحة الدلالة على أن الترتيب يكون بين كل فرد من أفراد الطبقة الواحدة وبين فرعه هو ترتيباً خاصاً بين الأصل والفرع وليس ترتيباً بين هذا الأصل وفرع غيره الذي لا يحجبه وكذلك يؤكد هذا النظر قول الواقف (الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها) "وأن عطف الواقف بكلمة ثم" وقوله طبقة بعد طبقة فإن ذلك لا يغير من المعنى الواضح الذي حدده ذلك الواقف في حجة وقفه بعد أن نص على أن "كل أصل لا يحجب إلا فرعه فقط دون فرع غيره" وهي أسباب كافية لحمل قضائه في هذا الخصوص وفيها الرد على دفاع الطاعنين، فإنه لا يكون مشوباً بالقصور.


(1) نقض 22/ 6/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1429.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق